Sdgfdghfhj

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

مقترحات جمعية الإخوان المسلمين

الإمام-الشهيد-حسن-البنا-في-تابلوه.jpg

أولاً: الدفاع عن فلسطين :

أمر الدفاع عن فلسطين والمقدسات الإسلامية عامةً أمرٌ يهم المسلمين جميعًا، ولسنا بصدد استعراض أدوار قضية العدوان والدفاع؛ فذلك شيء ألممتم به حضراتكم كل الإلمام، ولكن المهم الآن أن تفكروا في الوسيلة العملية لكف المعتدين وشل حركاتهم في حدود السلم والقوانين.

لقد علمنا أن الخُطَب والاحتجاجات لا تُجدي ولا تُسمع، وترى الجمعية أن من واجب المؤتمرين أن يعالجوا:

1- مسألة شراء الأرض بفلسطين: إن اليهود يحاربون الفكرة الإسلامية بذهبهم، وإذا تمكنوا من شراء أرض فلسطين صار لهم حق الملكية، فقوي مركزهم، وزاد عددهم، وبتوالي الأيام تأخذ المسألة شكلاً آخرَ، وقد نظَّم اليهودهذه الحركة وجعلوا لها صندوقًا خاصًّا يجمعون فيه الاكتتابات لهذه الغاية.


فحبذا لو وُفِّق المؤتمر إلى إيجاد نواةٍ لصندوقٍ ماليٍّ إسلاميٍّ، أو شركةٍ لشراء أرض فلسطين المستغنى عنها، وتنظيم رأس المال وطريق جمع الاكتتابات وسهوم هذه الشركة.. إلخ.

والجمعية تكتتب مبدئيًّا في هذه الفكرة بخمسة جنيهاتٍ مصريةٍ ترسلها إذا قرر المؤتمر ذلك على أن تتوالى بعدها الاكتتابات، ولا يضحك حضراتكم هذا التبرع الضئيل؛ فالجمعية تقدِّر الفكرة، وتعلم أنها تحتاج إلى الآلاف من الجنيهات، ولكنها جرأت على ذلك إظهارًا لشدة الرغبة في إبراز الفكرة من حيِّز القول إلى حيِّز العمل.

2- تأليف اللجان في كل البلاد الإسلامية للدفاع عن المقدسات: كذلك تقترح الجمعية أن يعالج المؤتمر موضوع تأسيس لجانٍ فرعيةٍ لجمعية رئيسيةٍ مركزها القدس أو مكة، وغايتها الدفاع عن المقدسات الإسلامية في كل أنحاء الأرض، وتكون هذه اللجان الفرعية كلها مرتبطةً تمام الارتباط بالمركز العام.

ثانيًا: نشر الثقافة الإسلامية:

المسلمون الآن فوضى في ثقافتهم، وهذه الفوضى في الثقافة تؤدي إلى فوضى فكرية وتباين في العقائد والأفكار، والمشارب والأخلاق، فإذا دام الحال فسيأتي يومٌ يتنكر فيه المسلم للمسلم من التنافر والتناكر، فلا يفهم أحدهما الآخر، واعتبر ذلك بما تراه بين أبناء المعاهد التي تربي أبناءها تربيةً دينيةً، والتي تربي أبناءها تربيةً يسمونها علمانيةً في البلد الواحد.

فليفكر المؤتمرون في الوسائل التي تؤدي إلى توحيد الثقافة الإسلامية وتقريب مسافة الخُلف بين أنواعها، وجعلها مؤسسةً على الفكرة الإسلامية، ونصيرة لها شاملة للتوفيق بين هذه الفكرة وبين الأفكار الحديثة، وترى جمعية الإخوان أن من الوسائل إلى هذه الغاية:

1- إنشاء جامعة فلسطين: على نحو كلية "عليكرة" بالهند تجمع بين العلوم العصرية والعلوم الدينية، وترفرف عليها روح الإسلام وتصطبغ بصبغته، مع احتوائها على الكليات العلمانية في العلوم والآداب، والسياسة والقانون، والتجارة والاقتصاد، والطب والفلسفة، وغير ذلك.

2- إنشاء جامعةٍ أخرى: بمكة على هذا النحو؛ حتى ينجح مشروع جامعة القدس إن شاء الله تعالى.

3- نداء علماء المسلمين: أن يؤلفوا لجانًا فنيةً لتهذيب الكتب الإسلامية القديمة، وتصنيف كتب جديدة تفي بحالة العصر الجديد، مع التفكير في مناهج التعليم بأنواعه.

4- نداء أغنياء المسلمين للاكتتاب: في صحيفةٍ عامةٍ يوميةٍ إسلاميةٍ تصدر في القاهرة، ويكون لها مثيلاتٌ في الحواضر الإسلامية تحمل فكرة القادة الإسلامية إلى الشعوب؛ فإن الصحافة الشرقية تقف من الشئون الإسلامية موقفًا لا يرتاح إليه الضمير.

5- العناية بالوعظ والإرشاد: والتفكير في أنجع الوسائل لتخريج الوعاظ.

وترى الجمعية أن من أهم الوسائل تربية الوعاظ تربيةً دينيةً عمليةً تكون أشبه بتربية الصوفية المحققين في الجمع بين العلم والعمل، ويكون ذلك بالسعي لدى أولي الأمر في الأقطار الإسلامية لافتتاح أقسام الوعظ، وتعديل مناهجه تعديلاً صالحًا.

ثالثًا: لربط الشعوب الشرقية:

لا سلاحَ للشرق يُرهب غاصبيه إلا الاتحاد والتكاتف، وقد أدركت أمم المطامع ذلك؛ فهي دائمًا تحول دون هذه الوحدة بمختلف الوسائل، إما بتسميتها تعصبًا، أو بإفهام البسطاء أنها تنافي الوطنية والقومية، وإما بمغالطة الناس بأنها فكرةٌ عتيقةٌ يجب التبرؤ منها، وكل ذلك غير صحيح، فهذه أوروبا تنادي بالوحدة وتنشرها بين أممها، وعصبة الأمم صورةٌ مصغرةٌ لذلك، ولم يقل أحد في الدنيا: إن التفكك والانقسام أفضل من الوحدة والوئام، ولكنها مطامعٌ وأهواءٌ تُلبس الأمر غير حقيقته.

فالوحدة ضروريةٌ لحياة الشرق ضرورةَ الهواء والماء والغذاء لحياة الشخص، وترى الجمعية أن من الوسائل التي تؤدي إلى ذلك:

1- تقوية رابطة التعارف بين المؤتمرين أنفسهم.

2- تأليف لجانٍ لهذا التعارف في كل بلدٍ فيه أجناسٌ مختلفةٌ من الشرقيين، كالقاهرة وبغداد وغيرهما.

3- دعوة زعماء الشعوب الشرقية إلى طرح المطامع، وتقدير الموقف الدقيق الذي يحيط بهم في هذه الأيام.

رابعًا: للدفاع عن العقيدة الإسلامية:

إن أعداء الإسلام من الملاحدة والمبشرين يجدّون في تشويه عقائده، وإدخال الشكوك على أبنائه، ويبتكرون الوسائل المختلفة لذلك، ومن ورائهم أغنياؤهم يمدونهم بالغي، وفي طغيانهم يعمهون.

ومن واجب المؤتمر التفكير في أنجع الوسائل لدفع عدوانهم ودرء خطرهم.

وترى الجمعية أن من الوسائل الناجعة في ذلك:

1- أن ينشر أعضاء المؤتمر فكرة تأليف اللجان التي تتولى تحذير الناس من دسائسهم، والرد عليهم بما يكفهم.

2- أن تشجع الجمعيات الإسلامية التي أرصدت نفسها لهذه الغاية.

3- أن يعنى الوعاظ بدراسة هذه الناحية ويحذروا الناس منها.

مشروعاتٌ إسلاميةٌ أخرى

1- مشروع سكة الحديد الحجازية.

2- مشروع مكتب الاستعلامات الإسلامي.

تقترح الجمعية أن يفكر المؤتمر في إنقاذ سكة الحديد الحجازية من اليد الأجنبية، ويعمل على بدء العمل في تنميتها؛ حتى ينتفع المسلمون بها في أقرب فرصةٍ ممكنةٍ.

وتقترح كذلك أن يدرس المؤتمر مشروع مكتب الاستعلامات الأوروبي، ويوقف الناس على مبلغ الفائدة التي تعود على المسلمين من ورائه، ثم تجمع الاكتتابات مبدئيًّا له، وتؤلف اللجان التي تقوم بأداء هذه المهمة.

وختامًا فالمؤتمر الإسلامي خطوةٌ واسعةٌ في طريق الإصلاح المنشود للإسلام والمسلمين، ترجو الجمعية أن يكون لها أثرها، وأن يتجدد انعقاد المؤتمر بعد مدةٍ معلومةٍ.

ولتثقوا أيها السادة بأن العالم الإسلامي من ورائكم يجود بالنفس والمال في سبيل إعادة مجد الإسلام، ووصول الأمم الإسلامية إلى حقوقها المنقوصة مصداق قول الله- تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنْ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمْ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ... التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنْ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ) (التوبة: 111 – 112).

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نداء

لم يَكْتَفَ الإمام الشهيد والإخوان بذلك في هذه المرحلة فحسب، بل وجَّه مكتب إرشاد الإخوان المسلمين نداءً إلى شُعَب الجماعة بالقُطْر المصري وإلى الشعوب الإسلامية عامةً وإلى مواطنينا المسيحيين الأعزاء؛ جاء فيه: "أيها الإخوان .. هذا يوم من أيام الله؛ يختبر الله به العزائم، ويبتلي به الهمم، ويمحِّص به الصادقين، ويُظهر فيه قول الله تعالى: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) (آل عمران: 142).

هؤلاء إخوانكم الفلسطينيون البواسل وقفوا صفًّا واحدًا، وقلبًا واحدًا، وكلمة واحدة، وكتلة صامدة؛ يعاهدون الله وإخوانهم ووطنهم ألا يضعوا راية الجهاد إلا مكللةً بالنصر محفوفةً بالفوز، أو يموتوا دون الغاية، وفداء للوطن ومقدساته.

أيها الإخوان .. ثمانمائة ألف عربي ما بين مسلم ومسيحي وقفوا يذودون عن المقدسات العزيزة والتراث الخالد، وينوبون عن مسلمي الأرض ومسيحيي الأرض في حفظ المسجد المقدس والدفاع عن فلسطين بلد الذكريات والأنبياء، ويدفعون عنها حيف اليهود وظلم الإنجليز، ويقاومون يد الاستعمار الباطشة الفاتكة، وهم في هذا يقومون بالواجب عنكم، ويحتملون آلام الجهاد دونكم، وأنتم جميعًا آمنون وادعون.

أيها الإخوان .. إن وطنكم لا تنتهي حدوده بحدود مصر، بل تمتد إلى كل شبر أرض فيه مسلم يقول: لا إله إلا الله، وإن قلوبكم التي تخفق لمصر وتحنو عليها وتعمل لها بحكم البر بالوطن يجب أن تخفق لفلسطين، وتحنوَ عليها، وتعمل لها بحكم الدين والجوار والإنسانية والوطن أيضًا.

لقد وقفتم بالأمس إلى جانب الحبشة موقفًا كريمًا، فقفوا اليوم بجانب فلسطين مثل ذلك الموقف أو أسمى؛ فإن فلسطين ألصق بكم جميعًا وأقرب إليكم جميعًا، وقد وقع عليها من الظلم ما لا يعلم مداه إلا الله.

أيها الإخوان .. إخوانكم الفلسطينيون الآن في الميدان يجوعون ويجهدون ويخرجون ويقتلون ويسجنون في سبيل الله وفي سبيل البلد المقدس، وهم إلى الآن في أشرف المواقف يقومون بأمجد الأعمال، ويُبدون من ضروب البسالة ما هو فوق الاحتمال والطاقة؛ فهم قد أعذروا إلى الله وإلى التاريخ، فإذا ضعفت هذه الحركة أو وهنت فأنتم المسئولون عن هذا الضعف وهذا الوهن، وهي جريرةٌ يؤاخذ بها الله أشد المؤاخذة، ويحصيها التاريخ في أسود صحائفه، فانتهزوا الفرصة وقوموا بواجبكم إلى جانب إخوانكم، والله معكم ولن يتركم أعمالكم.

وإن مكتب الإرشاد العام للإخوان المسلمين، وقد أقضَّت هذه الحوادث مضجعه في الوقت الذي يهيب فيه بالشعوب العربية مسلمها ومسيحيها أن يمدوا يد المعونة لفلسطين المجاهدة الباسلة؛ يقرر ما يأتي:

أولاً: تأليف لجنة مركزية من أعضائه لتلقِّي تبرعات الإخوان وإرسالها إلى اللجنة العربية العليا.

ثانيًا: تأليف لجانٍ في شُعَب الإخوان لتلقِّي التبرعات وإرسالها إلى اللجنة المركزية.

ثالثًا: شكر [[|فلسطين|الشعب الفلسطيني]] الباسل على موقفه المشرف وتأييده فيه كل التأييد.

رابعًا: إرسال برقية احتجاج إلى المندوب السامي بفلسطين ووزير خارجية إنجلترا وسكرتارية عصبة الأمم.

خامسًا: دعوة سمو الأمير عمر طوسون والهيئات العاملة بمصر إلى العمل على مساعدة فلسطين.

سادسًا: رجاء لجنة مساعدة الحبشة في أن تحوِّل وجهها شطر فلسطين، وأن تمدَّها بما بقي عندها من أموال.

سابعًا: موالاة الكتابة تذكيرًا بالواجب نحو فلسطين، وحث التجار الذين يساعدون اليهود على التضامن مع العرب في مقاطعة المعتدين الغاصبين".

ووصل الحال بالإمام البنا أن ناشد الأمير عمر طوسون قال له فيه:

"حضرة صاحب السمو الأمير الجليل عمر طوسون:

تألفت اللجنة المركزية لمساعدة فلسطين من شباب جمعية الإخوان المسلمين الذين بايعوا الله على التقوى والإيمان والفناء في سبيل إعزاز الدين، وقد تكوَّنت من بينهم اللجان للخطابة في المساجد، وجمع ما يجود به المسلمون، وبث الدعاية الواسعة لنجاح هذا المقصد الجليل.

وقد توجَّهنا إلى سموكم بهذا، راجين أن تجد فلسطين الجريحة من بركم وعطفكم - ما وجدته الحبشة - الآسي الرقيق، والبلسم الشافي، ولنا رجاء آخر أن تتفضلوا بصفتكم أحد رئيسي لجنة مساعدة الحبشة بإرسال ما تبقَّى من الأموال التي جُمعت لغرض مساعدة الأحباش إلى اللجنة العربية في فلسطين، وسيجزيكم الله الجزاء الأوفى".

ولقد أصدر الإمام البنا بيانًا إلى الأمة المسلمة بأن يجعلوا احتفالهم بالمولد النبوي احتفالاً بيوم ذكرى لفلسطين، وقد جاء فيه:

"أيها المسلمون .. ستحتفلون قريبًا بذكرى المولد النبوي الشريف، وما أحراكم أن تذكروا فيه فيما تذكرون من حوادث جسام ابتُلي بها العالم الإسلامي الحالةَ الداميةَ في فلسطين الشهيدة وما آلت إليه بعد جهادٍ استمر عشرين عامًا!، وكيف أنها باتت على شفا التهويد، بعد أن أَعمل فيها الاستعمارُ المسلحُ النارَ والحديدَ.

ستذكرون شهداء فيها عُلِّقوا بالعشرات على أعواد المشانق، وبينهم الشيخ الذي جاوز الثمانين .. ستذكرون حرمات الدين المقدسة التي انتُهكَت شرَّ انتهاك .. ستذكرون المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وقد احتله جند الاستعمار يحول فيه بين العبد وربه، ويقطع على المصلِّي تضرعه ودعاءه، ويختلط فيه صوت المؤذن بصلصلة السلاح .. ستذكرون قضاة الشرع الشريف يؤخذون من دور القضاء، ويعتقلون وهم في مجالس الحكم، ثم يرسلون إلى السجون كالمجرمين .. ستذكرون المئات من المعتقلين مكبَّلين بالحديد يستعذبون رنين القيود .. ستذكرون المئات من المجاهدين الذين هُجِّروا بيوتهم وعائلاتهم، وهبُّوا خفافًا وثقالاً يذودون عن شرف الإسلام الرفيع بالدم النجيع، ويدفعون عن الدين والوطن الدنايا بأكرم المنايا، ويحرسون المسجد الأقصي المبارك والأماكن الإسلامية المقدسة بدمائهم وأرواحهم التي بذلوها رخيصةً في سبيل المحافظة على بقائها إسلاميةً عربيةً .. ستذكرون النساء يعتدي عليهن الجند في خدورهن، ويسلب حليّهن من أعناقهن ومعاصمهن، ويقود عددًا منهن إلى ظلمات السجون .. ستذكرون هذا في يوم المولد النبوي الشريف، وأكثر من ذلك مما ابتليت به فلسطين المقدسة من أفانين العذاب، ولكن ما فائدة الذكرى إذا لم يعقبها عمل نافع يصد الأذى ويوقف المعتدي عند حده؟! وما قيمة الأنات التي يصعِّدها المسلمون بكرةً وعشيًّا على الحالة في فلسطين إذا لم يتفاهموا فيما بينهم على طريقةٍ يتبعونها لتخفيف الويلات عن البلاد المقدسة، وشد أزر سكانها المسلمين، وحماتها المجاهدين؟!.

إذن فالواجب على المسلمين كافةً أن يجعلوا من يوم المولد النبوي الشريف يومًا لفلسطين؛ يقدمون فيه الاحتجاجات على السياسة الظالمة فيها، ويقيمون صلاة الغائب على شهدائهم في المساجد، ويعقدون الاجتماعات لنصرتهم، ويجمعون الإعانات لتخفيف الويلات عن الألوف من منكوبيهم، وهذا بعض ما يجب على المسلمين نحو فلسطين في مثل هذا اليوم الذي ترتبط ذكرياته الخالدة بتاريخ البلاد المقدسة وأمجادها.

هذه صرخة من أعماق القلوب؛ يوجِّهها المركز العام لجمعية الإخوان المسلمين في القُطْر المصري إلى كل مسلم ومسلمة في العالم، بل إلى كل رجل ذي وجدان حي وضمير شريف؛ ليساهم قدر طاقته في يوم المولد النبوي الشريف في إنقاذ فلسطين مما يحيق بها من أذى وبلاء.

وعسى أن يُثبت المسلمون في هذا اليوم أنهم بنيانٌ ذو أساس متين، وكتلةٌ واحدة لا يتطرَّق الوهن إلى صفوفها، فيؤكدون للعالم بأسره أن قضية فلسطين هي قضية المسلمين عامةً، وأنهم لا يفرطون بمثقال ذرة من حقوقها (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) (ق)".

كما أرسل الإمام البنا برسالة إلى سعادة علوبة باشا؛ جاء فيها:

"الإخوان المسلمون يؤيدون قرارات اللجنة البرلمانية لإنقاذ فلسطين، وينتظرون عملاً جديًّا وموقفًا حازمًا قويًّا، ويضعون دماءهم وأموالهم وأوقاتهم تحت تصرف اللجنة في سبيل فلسطين العربية المجاهدة".

وأرسل أخرى إلى صاحب الغبطة الأنبا يؤنس قال فيها:

حضرة صاحب الغبطة الأنبا يؤنس، رئيس لجنة مساعدة الحبشة:

بكل احترام يتشرَّف رئيس لجنة مساعدة فلسطين بجمعية الإخوان المسلمين بالقاهرة بأن يرفع إلى غبطتكم هذا الرجاء الحارِّ، يحفزه إليه ما يعهد في غبطتكم من أسمى عواطف الرحمة النبيلة والبر بالإنسانية المعذَّبة، تلك العواطف التي حدت بكم إلى تجشُّم المتاعب في سبيل مساعدة الحبشة.

وتعلمون - يا صاحب الغبطة - أن فلسطين الشقيقة العزيزة، مهدُ الشرائع والأنبياء، قد بطشت بها القوة الغاشمة؛ فأسالت دماء أبنائها من المسلمين والمسيحيين على السَّواء، وخرَّبت ديارهم، وعطَّلت مصالحهم، وقضَت على موارد أرزاقهم، وإن بيت المقدس هو بيت القصيد من هذا العدوان الصارخ، ويحاول اليهود بكل عملهم هذا أن يستولوا عليه وعلى غيره من الأماكن المقدسة التي أجمع المسلمون والمسيحيون على تقديسها وإكبارها والذَّود عنها.

ونحن في مصر - مع الأسف الشديد - لا نملك إلا أن نقدِّم ما تسخو به الأكفُّ من مال لمساعدة هؤلاء الأبطال الذين ألمَّت بهم الفاقة، حتى إن لجنة التموين والإغاثة (التموين) بالقدس وحدها تصرف يوميًّا (140) مائة وأربعين قنطارًا من الدقيق لإطعام الجائعين، وذلك عدا ما يصرفه غيرها من اللجان الكثيرة.

ومن أجل ذلك توجَّهنا إلى غبطتكم راجين أن تشملوا هؤلاء المجاهدين الأبطال بعطفكم الأبوي، فتأمروا بإمداد أبناء فلسطين ما تبقَّى من أموال لجنة مساعدة الأحباش إلى اللجنة العربية العليا بالقدس، ونعتقد أن حضرات أعضاء اللجنة الكرام يسرُّهم أن يحقِّقوا هذا الرجاء؛ فيكونوا بذلك قد قاموا بخدمة الجارتَين العزيزَتَين في وقت واحد، وفي محنة متشابهة، وإن رأيتم فضلاً عن ذلك أن تتكرَّموا بدعوة المحسنين من المصريين بالتبرُّع لهذا الغرض النبيل فهو العهد بكم، والمأمول فيكم، وكان لكم الشكر مضاعفًا.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام.

كان هذا بعض ما تضمنته أحاديث ومقالات الإمام الشهيد حسن البنا، ومن خلالها يظهر مدى سيطرة قضية فلسطين على خوالج وقلب الإمام الشهيد والتي دفعته إلى الحديث عنها في كل أوقاته، في الوقت الذي تخلَّى فيه زعماء الأمة وملوكها عن هذه القضية، معتبرين أن ذلك شأن داخلي يقوم به أبناء فلسطين.

الإمام البنا يفتح باب التطوع للجهاد فى فلسطين 1948م

إضغط على الصورة للتكبير

عندما أعلن الامام الشهيد حسن البنا عن فتح بقاب التطوع لسفر المجاهدين إلى فلسطين سنة 1948م حدد أسبقية التطوع بالشروط الآتية:

1- أن يكون شابا غير متزوج.

2- ألا يكون مسئولا عن كفالة أسرة.

3- ألا يقبل من الأسرة غير فردا واحدا.

وقد تقدم للتطوع الشقيقان عبد السميع علي قنديل وعبد المنعم علي قـنديل من قرية أولاد علام - جيزة - وعندما عرض الأمر علىالإمام الشهيد قال لهم: اتفقا على سفر واحد منكما حتى نسمح له بالتطوع فاختلف الشقيقان وتمسك كل منهما بحقه فى التطوع فطلب منهما إحضار والدهما ليختار واحدا منهما.

فحضر الوالد علي قنديل وكان يعمل ساعيا بالمتحف الزراعي بالدقي فلم يستطع إقناع أحدهما بالتنازل ثم توسل للإمام الشهيد وألح عليه في قبولهما للسفر للجهاد في سبيل الله لأنه لا يريد أن يكسر بخاطر مجاهد ولا يحب حرمان أي منهما من تحقيق أمنيته في الاستشهاد .. وأمام توسل الرجل وإلحاحه ورغبة ابنيه الصادقة وافق الإمام على سفرهما معا استثناء من القاعدة وكانت أولى المعارك دير البلح استشهد فيها من شباب الإخوان ثلاثة عشر مجاهدا كان من بينهم الشهيد عبد السميع علي قنديل ولمسئوليتي عن المنطقة بلغت تليفونيا بمقابلة الإمام الشهيد للذهاب لتقديم العزاء للأسرة وقبل وصولنا لمنزل الشهيد لقينا والده الحاج علي قنديل بالتهليل والتكبير والترحيب والدعاء للمرشد الذي أتاح الفرصة لأسرته ليكون منها شهيدا في سبيل الله.

وقال لفضيلة المرشد: لقد شرفتنا ورفعت رأسنا عاليا وجعلت لنا شأنا رفع الله شأنك ونصر الإسلام بك وبإخوانك وجزاك عنا خير ما يجزي قائد عن جنوده .. وما إن وصلنا المنزل حتى قوبلنا بالتهليل والتكبير من الرجال والزغاريد من النساء وكان واضحا البشر والفرح على كل الوجوه مع الدعاء للمرشد والإخوان والنصر للإسلام .. وبعد أن هدأت عاصفة الاستقبال وتناولنا الشربات أمرني فضيلة المرشد باستدعاء الأخ عبد المنعم علي قنديل من جبهة القتال وكفى العائلة بشهيد واحد منهم فصاح الأخ علي قنديل : أرجوك يا فضيلة المرشد دعه فى الميدان فإن استشهد لحق بأخيه وازددنا شرفا وقربا إلى الله وإن كان له أجل يظل يحاسبنا طول حياته على حرمانه من الشهادة بطلب عودته وألح الوالد على بقاء ابنه عبد المنعم فى المعركة ليلحق بشقيقه الشهيد عبد السميع .. هكذا كانت روح الجهاد والاستشهاد سارية فى الإخوان وأسرهم وكانوا صادقين فى ندائهم (.. والجهاد سبيلنا والموت فى سبيل الله أسمى أمانينا)، وقد لفت صدق جهادهم نظر اليهود وأعداء الإسلام من هذا التاريخ وتوالت عليهم المحن فما ضعفوا ولا وهنوا وظلوا متمسكين بشعارهم (الله غايتنا والرسول قدوتنا والقرآن دستورنا والجهاد سبيلنا والموت فى سبيل الله أسمى أمانينا)، واستمرت المحن فزادت الإخوان صلابة وتدرجت المحن من صعب إلى أصعب حتى أصبحت أصلا من أصول الدعوة فى سبيل الله .. هذا هو الشعار وهذه هي المبادىء .. والله غالب على أمره وما النصر إلا من عند الله. من ذكريات المهندس حلمي عبدالمجيد

"البنا" شهيد يرثي الشهداء السابقين

حين استشهدت أول مجموعة من الإخوان المجاهدين في فلسطين، كانت للأستاذ "البنا" هذه الكلمة المشرقة في حفل تأبينهم وفي رثائهم:

من وحي الشهداء .. وجهًا لوجه

(أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) (آل عمران: 142).

أمام حقائق الدعاية وجهًا لوجه لابد من امتحانٍ لحقيقة إيمان المؤمنين، ودعوى الإيمان وحدها لا تكفي في قليل أو كثير، (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الآَخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ) (البقرة:8) وهذا ناموس من الله الذي لا يتغير، وسنته التي لا تتخلف، (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ) (محمد:31).

وهؤلاء المؤمنون هم الذين يستطيعون أن يتمثلوا معنى الإيمان، ويحسنوا التعبير عنه لأنفسهم وللناس، ومن هؤلاء من يصدق فيه معنى الإيمان حتى يتذوق حلاوته ويجد طعمه، ويستشعر برده على فؤاده، كما يحس بحرارته ودفئه ونوره وإشراقه، ولكن هذا كله لا يكفي، حتى يقف المرء وجهًا لوجه أمام حقائق الإيمان العملية، وأوضح هذه الحقائق: ما اتصل بالجهاد والشهادة والموت في سبيل الله، والعزوف عن متع الحياة الدنيا؛ إيثارًا لما عند الله.

وهؤلاء الشهداء الاثنى عشر، ومن قبلهم الشهيد العزيز السيد الأخ "حسين الحلوس" الذي اختاره الله لجواره في حادث انقلاب سيارة المؤن والمهمات بسيناء .. قد أوقفونا نحن الإخوان وأوقفوا أسرهم الكريمة، وأوقفوا الأمة المصرية كلها أمام حقائق الإيمان وجهًا لوجه.

إن من حقائق الإيمان الأولى أن الموت حق، وأن الأجل محتوم، وأن العمر واحد، لا ينقص ولا يزيد (فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ) (الأعراف:34) وأن الجبن لن يؤخر الوفاة، وأن الشجاعة لن تُدني الموت، وأن قدر الله من وراء ذلك كله، ولا رادَّ لقضائه ولا معقب لحكمه (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ) (النساء: 78) (الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (آل عمران:168)، ولن يستطيعوا أن يدرأوا طبعًا، ومن لم يمت بالسيف مات بغيره.

ومن حقائق الإيمان الأولى أن الله تبارك وتعالى كتب على المؤمنين كتابًا لازمًا، فريضة محكمة أن يقاتلوا في سبيل الحق، وأن يدافعوا، وأن يجاهدوا في سبيل الله تعالى، حتى تعلوَ كلمته وترفع رايته، وأنَّ مَن نكص عن ذلك فله عذابٌ أليمٌ في الدنيا بالصغار، وفي الآخرة بالجحيم والنار (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) (البقرة:216) (إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (التوبة: 111).

ومن حقائق الإيمان الأولى أن مَن مات في سبيل الله أو قُتل مجاهدًا فهو شهيد، حي يرزق عند الله تبارك وتعالى، وأنه لا يجد من الموت إلا كما يجد الإنسان الحي الحساس من قرصة نملة فإنه لا يفتن في موته، وأنه يبعث يوم القيامة بكلْمه وجروحه ودمائه الطاهرة الزكية، اللون لون الدم والريح ريح المسك، وأن له عند الله تبارك وتعالى من المثوبة والأجر أفضل مما عند الله لسائر الذين ماتوا بغير شهادة (لاَ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا* دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) (النساء: 95).

الملوك والزعماء يشهدون ببسالة الإخوان في فلسطين

هذه عينة مختارة من الشهادات التي أجمعت فيها الأمة على الاعتراف بالدور البطولي الرائع لمجاهدي الإخوان المسلمين في نصرة فلسطين، ومن الغريب أنه رغم هذا التاريخ الناصع لدعوة الإخوان المسلمين يزعُم البعض - دون دليل أو برهان - أن الإخوان لم يقدموا شيئًا لفلسطين، وليست لهم أية مساهمة في نصرة شعبها المجاهد.

أولاً: شهادة الأمير فيصل بن عبد العزيز آل سعود - جلالة ملك السعودية فيما بعد

نشرت مجلة (الدعوة) القاهرية بعددها رقم 4 بتاريخ 30/2/1951 ما نصه: حضر مندوب الدعوة المؤتمر الصحفي، الذي دُعي إليه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل - وزير خارجية المملكة العربية السعودية - بدار المفوضية بالقاهرة في مساء يوم الجمعة الماضي، وقد انتهز مندوب الدعوة هذه الفرصة، وسأل الأمير فيصل عن رأيه في المجاهدين من الإخوان في حرب فلسطين، وقد لاحظ المندوب أثر المفاجأة على وجه سموه؛ لأنه في الواقع كان لا يتصور أن يوجَّه إليه مثل هذا السؤال، ورغم هذا ابتسم الأمير، وأجاب على سؤال مندوبنا قائلاً: "ماذا تريد يا أخي مني أن أقوله عن أبطال جاهدوا بأنفسهم وأموالهم في سبيل الله، أما يكفيك وعد الله لهم: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (العنكبوت: 69)، ولقد سمعنا أخي عن جهادهم وما قاموا به من دور البطولة التي لم نسمع عنها إلا في صدر الدعوة الأولى".

ثانيًا: شهادة الملك عبد الله - ملك الأردن

في حديثه مع الصحفي المصري زكريا لطفي جمعة دار الآتي: "هل تقول لي أين حارب جيشكم؟! عفوًا.. بل جيش فاروق في عام 1948؟! لقد دخلتم غزة وهي مدينة عربية ليس فيها أي يهودي واحد، ثم وفقتم عند مجدل عسقلان حتى جاء اليهود وأخذوها منكم، وجعلتم من قائد جيشكم الضبع الأسود أسطورةً عسكريةً، بينما هو لم يدخل معركة واحدة، ولم ينتصر على اليهود في اشتباك واحد، ولولا الأعمال الفدائية للإخوان المسلمين بجوار الخليل وبيت لحم لكان سجِلُّ فاروق في حرب فلسطين لا يشرفه كثيرًا" (مذكرات الزعماء والسياسيين: عبد العظيم رمضان، ص 304).

ثالثًا: شهادة الحاج محمد أمين الحسيني - مفتي فلسطين

وأمام المحكمة التي كانت تحاكم الإخوان المسلمين في قضية السيارة الجيب وقف الشيخ محمد أمين الحسيني - مفتي فلسطين - ليدلي بالشهادة التالية:

س: هل كان لجماعة الإخوان المسلمين حركة مشاركة في حرب فلسطين؟

ج: نعم .. كان للإخوان المسلمين حركة مشاركة في حرب فلسطين منذ البدء، وقاموا بدعاية لها، ثم شاركوا بأنفسهم في سنة 1936م أثناء الجهاد هناك، وجمعوا أسلحةً وذخيرةً، وذهب فريق منهم إلى الجهاد هناك، واستمروا على ذلك يعنون بالقضية ويخدمونها بأنفسهم وبجهودهم حتى النهاية.

س: هل كان بعض رجال الهيئة العربية - كالمرحوم عبدالقادر الحسيني أو غيره - يستعينون ببعض الإخوان في جمع الأسلحة وشرائها؟

ج: نعم .. كان عبدالقادر الحسيني بك وغيره يستعينون بالإخوان المسلمين في شراء الأسلحة والذخيرة، ويدفعون ثمن هذه الأسلحة.

س: هل كان الإخوان المسلمون في أول جهادهم على صلة بعبدالقادر الحسيني بك قبل دخول الجيوش النظامية؟

ج: نعم .. كان لهم صلة، وحارب فريق منهم معه، وبعضهم استشهد في معركة القسطل.

س: وهل استمروا يجاهدون بعد دخول الجيوش العربية؟

ج: نعم.

(قضية السيارة الجيب- أقوال كبار الشهود- حقيقة النظام الخاص ص 172 – 179).

وفي شهادة أخرى يقول: "لقد كان للشيخ حسن البنا وأتباعه ومريديه في نصرة فلسطين والدفاع عنها جهود مشكورة وأعمال مبرورة، كلها مآثر ومفاخر، سجلها لهم التاريخ بحروف من نور، وقد بذلوا على ثرى فلسطين مع إخوانهم المجاهدين من أبناء الأمة العربية والإسلامية دماءً زكيةً، ومهجًا غالية، واستشهد منهم عصبة كريمة كانت من الرعيل الأول الذين نفروا خفافًا وثقالاً لنجدة فلسطين، وسلكوا الطريق الذي سلكه المجاهد الكبير الشهيدأحمد عبدالعزيز وصحبه الأبطال الأحرار، وكان ثباتهم في مقارعة العدو ومقاومته واستماتتهم في صد عاديته مضرب المثل في قوة الشكيمة ومضاء العزيمة، فكانوا كما قال الله تعالى في وصف عباده المؤمنين المجاهدين المخلصين .. (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) (الأحزاب: 23) (مجلة الدعوة القاهرية- بتاريخ 13/12/1951م).

رابعًا: شهادة اللواء محمد نجيب- أول رئيس لجمهورية مصر العربية

وقف الرئيس نجيب على قبر الشهيد حسن البنا يوم 13/2/1953م وراح يقول: "ولست أنسى - ما حييت - هذا الشباب المؤمن القوي في معارك فلسطين، يقتحم على العدو أقوى الحصون، ويسلك في قتاله أعصى السبل، ويتربص بقواته وجحافله كل طريق، ويحتمل في ذلك من المشاق والصعاب وما لا يستطيع احتماله إلا من امتلأت نفسه بعظمة الأحد الخالد، ووجد قلبه حلاوة الإيمان" (مجلة الدعوة المصرية).

خامسًا: شهادة السياسي المصري الكبير "فتحي رضوان" - الحزب الوطني

من بيان للجنة العليا للحزب الوطني بمناسبة حل الإخوان: "إن النقراشي باشا الحاكم العسكري في فترة الحرب مع الصهاينة هو الذي يحل هيئة الإخوان المسلمين الذين حاربوا في فلسطين ضد الصهاينة كأشجع وأقوى ما يكون المحاربون". (من قتل حسن البنا - محسن محمد - ص 424).

سادسًا: شهادة مكرم عبيد باشا - زعيم حزب الكتلة السعدية

في صحيفة الكتلة الصادرة في 3/9/1949م أرسل رسالةً مفتوحة للحاكم العسكري المصري آنذاك قال فيها: "مائة وأربعة من متطوعة الإخوان المسلمين المنضمين إلى قوات الجامعة العربية لإنقاذ فلسطين دخلوا أرض الميعاد قبل دخول الجيوش العربية ببضعة أشهر، تولَّوا خلالها حماية كل شبر من قرى العرب وأراضيهم في جبهة تمتد شمالاً من رفح إلى المجدل؛ أي أكثر من سبعين كيلو مترًا حتى إذا وثبت جيوشنا البواسل كانوا هم الفدائيين في المقدمة .. سَلْ قادة الجيوش وحماة القدس مَن حمل لأبطال الفالوجا المؤن والإمداد وهم محاصرون غير هؤلاء؟! وكان اليهود يطلقون عليهم شياطين النقب".

سابعاً: شهادة الأستاذ أحمد حسين - رئيس حزب مصر الفتاة

من برقية له لأسرة المستشار حسن الهضيبي - المرشد العام للإخوان المسلمين بعد الإمام البنا -: "لقد سألني صحفي قال إنه سينشر حديثي في مجلة (الجديد).. سألني: ما رأيك في دور الإخوان المسلمين في معركة فلسطين؟ فأجبته بأنه كان أعظم الأدوار، حتى لقد كانوا هم الذين أنقذوا الجيش المصري من الوقوع في كارثة عندما حموا مؤخرته وهو يتراجع". (الهضيبي .. الإمام الممتحن - جابر رزق - ص 143).

ثامنًا: شهادة د. محمد حسين هيكل - وزير المعارف وبحزب الأحرار الدستوريين

بحلول نهاية عام 1948م تمت شعبية جماعة الإخوان المسلمين بتأييدها للثورة الفلسطينية، فقد بادر فدائيو الجماعة بالتطوع، معتبرين الحرب بين العرب واليهود حربًا دينية، فاشتركوا فيها، وخاضوا غمارها". (من قتل حسن البنا - محسن محمد - ص 290).

تاسعًا: شهادة د. مصطفى الفقي - مدير مكتب رئيس مصر للمعلومات

"ويردد الإسلاميون في معرض الحديث عن الصراع العربي الإسرائيلي (الصهيوني) حقيقة تاريخية؛ هي أن طلائع المتطوعين من الإخوان المسلمين بادرت قبل غيرها بالمشاركة الفعلية في أول حرب عربية صهيونية عام 1948، مؤكدين بذلك أن إسهامهم القومي يأتي تلقائيًّا من خلال رؤية إسلامية". (تجديد الفكر العربي، ص: 16).

"دخلت الجيوش العربية كما تعلمون إلى فلسطين سنة 1948م، وسبقتها مجموعات من فدائيي ومتطوعي الدول، وفي مقدمتهم الإخوان المسلمين في مصر". (تجديد الفكري العربي- ص: 94).

"إن للتيار الإسلامي ول جماعة الإخوان المسلمين في تاريخهم بعض النقاط التي تحسب لهم، فهم الذين بادروا للمشاركة في الحرب الفلسطينية الأولى عام 1948م، وكان الفدائيون أثناء الحرب من الإخوان المسلمين " . (مجلة منبر الإسلام، إبريل 1990، ص: 52).

عاشرًا: شهادة منيف الرزاز - القيادي بحزب البعث العراقي

"لا يمكن أن نتصور أن هناك حركة دينية إسلامية حقيقية ومنصفة، تقبل أن تقف موقف المهادن من الإمبريالية والعدو الصهيوني .. وفي الواقع فإننا نجد في تراث الحركات الدينية كحركة حسن البنا نضالاً شديدًا ضد الصهيونية في فلسطين وضد الإخوان والعمالة للإنجليزالإنجليز في قناة السويس". (مجلة الدستور بتاريخ 7/1/1979م؛ وانظر الحركة الإسلامية وقضية فلسطين، زياد أبوغنيمة، ص: 132).

المصدر

رسالة الإخوان إصدار: المركز الإعلامي للإخوان المسلمين 13-2-2009/ 17 صفر 1430 هـ العدد 581 جميع الحقوق محفوظة للمركز الإعلامي للإخوان المسلمين

روابط ذات صلة