تاريخ الإخوان في تونس

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٢٢:٠٢، ١٠ يونيو ٢٠١١ بواسطة Rod (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
تاريخ الإخوان المسلمون في تونس

إعداد: ويكيبيديا الإخوان المسلمين

مقدمة

علم تونس.png

تونس بلد يقع في شمال أفريقيا يحده من الشمال والشرق البحر الأبيض المتوسط، ومن الغرب الجزائر، ومن الجنوب الشرقي ليبيا.

عاصمتها مدينة تونس، واسمها الرسمي الجمهورية التونسية. تبلغ مساحة الجمهورية التونسية 162.155 كم2، وتمتد الصحراء الكبرى على 30 % من الأراضي التونسية بينما تغطي باقي المساحة تربة خصبة محاذية للبحر.

لعبت تونس أدوارا هامة في التاريخ القديم منذ عهد الأمازيغ والفينيقيين والقرطاجيين وقد عرفت باسم مقاطعة أفريقيا إبان الحكم الروماني لها. وقد دارت حروب بين قرطاج وروما لا تزال إلى الآن أحد أهم حروب العهد القديم كما كانت تسمى مطمور روما لما كانت توفره من منتجات فلاحية. فتحها المسلمون في القرن السابع الميلادي وأسسوا فيها مدينة القيروان سنة 50 هـ لتكون أول مدينة إسلامية في شمال أفريقيا.

أهم مدنها: تونس، صفاقس، سوسة، قابس، بنزرت، القيروان، باجة، قفصة

الإخوان وعلاقتهم بتونس

لقد وقعت تونس تحت الاحتلال الفرنسي كالجزائر والمغرب ولقد سعت فرنسا منذ أن استتب لها الأمر بالجزائر إلى السيطرة على البلاد التونسية، وقد تمكنت بالفعل من تحقيق ذلك سنة 1881. إذ تذرعت بهجوم بعض القبائل التونسية على الحدود مع الجزائر لتتدخل عسكريا في البلاد التونسية وتحاصر قصر الباي بباردو يوم 12 مايو 1881م، ومنذ نشأة الإخوان وهم يعملون على تحرر الوطن الإسلامي من كل مستعمر.

حتى أن الإمام البنا أنشأ قسم الاتصال بالعالم الخارجي ليساعد هذه البلاد على ايجاد وسيلة للتحرر من المحتل.

فقد قام القسم بعقد مؤتمر دعا إليه مندوبى الهيئات العربية والإسلامية ولفيفًا من أبناء الأقطار الشقيقة بمصر؛ وذلك لبحث قضايا طرابلس والجزائر وتونس ومراكش وفلسطين ؛ وذلك بسبب موقف دول الحلفاء من تلك القضايا ومناهضتهم لحقوق تلك الدول.

وتحدث فى الاجتماع لفيف من أصحاب الرأي وأبناء تلك الدول، وكان من كبار المتحدثين فى هذا الاجتماع سعادة عبد المجيد إبراهيم صالح باشا، وفى نهاية الاجتماع اتخذ الحاضرون تلك القرارات:

أولا: تأييد الشعب الليبى وزعمائه فيما يطالبون به من الاستقلال والوحدة للقطر الليبى، والانضمام إلى الجامعة العربية.

ثانيًا: استنكار أعمال الاعتداء الوحشية التى ترتكبها فرنسا فى بلاد تونس ومراكش من تقتيل وتخريب، وزج للأحرار فى السجون، وخنق للحريات، وإباحة للأعراض والأرزاق والأرواح، وكذلك ما تفعله أسبانيا فى منطقتها بمراكش.

ثالثًا: إنذار فرنسا بأن العالم العربى والإسلامى قد ملّ تكرار الاحتجاجات والاستنكارات، وإنه إذا لم ينته أسلوبها الوحشى الذى لا يعترف بأقل الحقوق الإنسانية نحو هؤلاء المنكوبين بحكمها فإن غضبه لن يقتصر على المقاطعة الاقتصادية والثقافية.

ولقد حرص زعماء هذه البلاد على عرض قضيتهم من فوق منبر الإخوان، ويحكي الأستاذ عبد الحكيم عابدين في مذكراته ذلك حيث يقول: "زارني الدكتور حسني عباس -ذات يوم، ودعاني للعشاء عنده لمقابلة الحبيب بورقيبة رئيس الحزب التونسي الدستوري الحر.

قلت له: هذا الرجل ما سمعنا عنه أبدًا.

قال: لقد ذهب إلى فرنسا يدافع عن الحركة التونسية ويحارب الفرنسيين في عقر دارهم، ولما علم أني ذاهب لمصر قال: ليتني أستطيع أن أذهب معك لأتعرف على الإخوان المسلمين.

قلت له: وماذا يعنيك من الإخوان المسلمين. قال: ليس هناك دعوة يمكن أن تنجح إلا إذا جاءت من مصر، ومصر ليس فيها أحد مهتم بالقضايا الإسلامية إلا الإخوان".

كما يؤكد الأستاذ عبد الحكيم عابدين حرص الإخوان على احتضان زعماء جميع الحركات التحررية في العالم الإسلامي فيقول: "بدأنا نستقبل شخصيات شمال إفريقيا، وبدأنا نقدمها للخطابة في دار الإخوان المسلمين والتحدث في الدار عن قضاياهم في مركز الإخوان المسلمين، فكان القادم من ليبيا ومن تونس ومن الجزائر ومن المغرب لا يجد مطمعًا من أن يسمع صوته في طلب تحرير بلاده إلا من دار الإخوان المسلمين، فجاءنا يومئذ ممثلاً عن تونس وهو الرجل العالم التقي النقي الشيخ محيي الدين القليبي وغيره".

ولقد دعم الإخوان المؤتمرات والهيئات المطالبة بالاستقلال، والمناهضة للاحتلال، وما يمارسه على الشعوب من ظلم وطغيان، ومن هذه المؤتمرات: مؤتمر الهيئات العربية للدفاع عن بلاد المغرب، والذي عقد في دار جمعية الشبان المسلمين في يوليو 1945م، وحضره الإخوان المسلمون ومنظمات إسلامية عديدة منها: الاتحاد العربي، والوحدة الإسلامية، وشباب محمد، والهداية الإسلامية، وجبهة الدفاع عن إفريقيا الشمالية، والشباب القومي، وهيئة الوعظ والإرشاد بالأزهر، ولجنة الدفاع عن طرابلس، كما حضره عبد المجيد صالح باشا، ومنصور فهمي باشا، والشيوخ محمد الخضري، وعبد الرحمن نصير، وسعد اللبان.

وقد أصدر المؤتمر بالإجماع القرارات الآتية:

أولاً: إن المأساة المؤلمة التي ترتكبها فرنسا في هذه الأيام في بلاد إفريقيا الشمالية الشقيقة: تونس والجزائر ومراكش بمختلف وسائل الإرهاب من قتل وسجن وتجويع، وبالحصار الذي ضربته على هذه البلاد حتى تنفذ كارثة إدماجها في فرنسا رغم إرادتها -في غيبة عن العالم المتمدين- مما يخالف أصول الإنسانية المجردة، فضلاً عن قوانين العدالة فيها، لذلك نستنكر -باسم الشعوب العربية والإسلامية وباسم الضمير الإنساني- هذا التصرف الوحشي، ونطلب من الدول العربية والدول المتحالفة التي زودت فرنسا بالأسلحة التي تستعملها الآن في هذا الإرهاب أن تتدخل سريعًا لإيقاف هذه السياسة الهمجية التي أثارت نفوس النواب الفرنسيين أنفسهم، ونددوا بها في جلسات الجمعية الاستشارية الأخيرة.

ثانيًا: مطالبة الحكومات العربية والديمقراطية بالعمل السريع على إنقاذ أرواح المحكوم عليهم بالإعدام، وإعادة المبعدين والمنفيين، وإطلاق سراح المسجونين من زعماء تلك البلاد، وكذلك إرسال لجان تحقيق دولية للكشف عن الفظائع التي ارتكبها الفرنسيون المستعمرون في تلك البلاد.

ثالثًا: العمل على إيفاد بعثة تمثل الهيئات العربية الممثلة في هذا المؤتمر للإعراب عن توثيق روابط الأخوة بين تلك الأقطار وبين الشعب المصري.

رابعًا: مطالبة الحكومة المصرية وجمعية الهلال الأحمر ومبرة محمد علي بإرسال بعثات طبية لإنقاذ منكوبي الثورة الأخيرة في الجزائر، وكذلك إيفاد بعثة طبية على نفقة الهيئات الممثلة في هذا المؤتمر.

خامسًا: تأييد إخواننا العرب في مراكش والجزائر وتونس في مطالبهم، وهي الاستقلال التام لهذه الأقطار، وانضمامها للجامعة العربية بناء على حقها الطبيعي في تقرير المصير.

سادسا: مطالبة الحكومات العربية والديمقراطية بالاعتراف باستقلال هذه الأقطار ومساعدتها فعليًا في تحقيق حريتها واستقلالها، وشكر الصحافة العربية على اهتمامها بهذه الأقطار، مع رجاء زيادة العناية بقضيتها وتنبيه العالم إلى حقوقها.

سابعا: العمل على عقد مؤتمر عام للدعاية لقضية هذه البلاد، وإطلاع العالم على حقيقتها، وتكوين لجنة لتنفيذ هذه القرارات، والتمهيد لهذا المؤتمر وإعداد برامجه.

كما أن المركز العام للإخوان المسلمين عقد يوم الثلاثاء الموافق 28 رجب 1366هـ -27 يونيه 1947 م مؤتمرًا إسلاميًا جامعًا بمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج ودعا إليه ممثلي الهيئات الإسلامية وكبار الشخصيات العربية والشرقية.

ثم أصدر المجتمعون بدار الإخوان المسلمين في حفل تكريم زعماء أقطار الغرب وفلسطين وسوريا وطرابلس وأندونسيا وبمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج عدة قرارات هامة نذكرها على النحو التالي:

1- يعلن الحاضرون أن حق ليبيا والأقطار الغربية (تونس والجزائر ومراكش) في الحرية كاملة والاستقلال التام ثابت مقدس مهما أنكره المستعمرون وحاولوا كبت الشعور الوطني بالحديد والنار وإن الوحدة العربية لن تكون وحدة كاملة حتى ينضم إليها جناح العروبة الأيسر من أقطار المغرب حرة مستقلة، كما يستنكرون بكل شدة ما يرتكب الفرنسيون والأسبان من فظائع في هذه الأوطان العزيزة.

2- ويحيي المجتمعون حضرة صاحب الجلالة ملك المراكش العظيم سيدي محمد بن يوسف باعث النهضة الوطنية في المغرب الأقصى. كما يتوجهون بالتحية والإجلال إلى حضرة صاحب السمو محمد ناصف باي تونس وملكها الشرعي في منفاه بفرنسا.

حركة النهضة التونسية

هي الحركة التاريخية التي تمثل التيار الإسلامي في تونس وتمثل تيار الإخوان المسلمين في تونس . ترجع بدايات الحركة إلى أواخر الستينات تحت اسم الجماعة الإسلامية التي أقامت أول لقاءاتها التنظيمية بصفة سرية في أبريل 1972 م. من أبرز مؤسسيها أستاذ الفلسفة راشد الغنوشي والمحامي عبد الفتاح مورو وانضم إليهم لاحقا عدد من النشطاء من أبرزهم صالح كركر، حبيب المكني، علي العريّض. اقتصر نشاط الجماعة في البداية على الجانب الفكري من خلال إقامة حلقات في المساجد ومن خلال الانخراط بجمعيات المحافظة على القرآن الكريم. لقي نشاط الجماعة في الأول ترحيبا ضمنيا من طرف الحزب الاشتراكي الدستوري (الحزب الواحد آنذاك)، الذي رأى في الحركة الإسلامية سندا في مواجهة اليسار المهيمن وقتها على المعارضة. وفي عام 1974 سمح لأعضاء الجماعة بإصدار مجلة (المعرفة) التي أصبحت المنبر الفعلي لأفكار الحركة. وفي أغسطس من عام 1979 م أقيم بشكل سري المؤتمر المؤسس للجماعة الإسلامية تمت فيه المصادقة على قانونها الأساسي الذي انبنت على أساسه هيكلة التنظيم.

صدامات الثمانينات

أقامت الجماعة مؤتمرها الثاني (بشكل سري أيضا) في مدينة سوسة يومي 9 و10 أبريل 1981 في نفس الفترة الذي عقد فيها الحزب الاشتراكي الدستوري مؤتمره الاستثنائي الذي أعلن فيه الرئيس الحبيب بورقيبة أنه لا يرى مانعا في وجود أحزاب أخرى إلى جانب الحزب الحاكم. أقر المؤتمر الثاني للحركة ضرورة اللجوء إلى العمل العلني كما أقر تغيير الاسم ليصبح "حركة الاتجاه الإسلامي". تم الإعلان عن الحركة بصفة علنية في 6 يونيو 1981 م أثناء مؤتمر صحفي عقده الغنوشي وعبد الفتاح مورو. تقدمّت الحركة في اليوم نفسه بطلب إلى للحصول على اعتماد رسمي دون أن تتلقى أي رد من السلطات.

في 18 يوليو 1981م ألقت السلطات القبض على قيادات الحركة ليقدموا في شهر سبتمبر للمحاكمة بتهم: الانتماء إلى جمعية غير مرخص بها، النيل من كرامة رئيس الجمهورية‏، نشر أنباء كاذبة، توزيع منشورات معادية.

حكم على الغنوشي ومورو بالسجن لعشر سنوات ولم يفرج عن الأول إلا في أغسطس 1984 م إثر وساطة من الوزير الأول محمد مزالي في حين أطلق سراح الثاني عام 1983.

شهدت منتصف الثمانينات صعودا للحركة وتناميا للصدامات مع السلطة. شهدت الصدامات أوجها سنة 1987 مع الحكم على الغنوشي بالأشغال الشاقة مدى الحياة وإتهام الحكومة للحركة بالتورط في التفجيرات التي إستهدفت 4 نزل في جهة الساحل.

ولقد رحبت الحركة بالإطاحة بالرئيس بورقيبة في 7 نوفمبر 1987م، فيما قام النظام الجديد منذ الأشهر الأولى بالإفراج على أغلب أعضاء الحركة المسجونين. وفي 7 نوفمبر 1988 كانت الحركة من الممضين على وثيقة الميثاق الوطني التي دعى إليها الرئيس بن علي كقاعدة لتنظيم العمل السياسي في البلاد.

شاركت الحركة في الانتخابات التشريعية في أبريل 1989 تحت لوائح مستقلة متحصلة (حسب النتائج المعلنة) على حوالي 13% من الأصوات.

وفي فبراير 1989م غيرت الحركة اسمها إلى "حركة النهضة" للتقيد بقانون الأحزاب الذي يمنع "إقامة أحزاب على أساس ديني" إلا أن طلبها بالترخيص جوبه بالرفض من طرف السلطة.

وفي 28 مايو 1989 م غادر راشد الغنوشي البلاد في إتجاه الجزائر، وقد تولى الصادق شورو رئاسة المكتب السياسي للحركة منذ أبريل 1988.

و بداية من سنة 1990 اصطدمت الحركة بعنف مع السلطة وقد بلغت المواجهة أوجها أثناء أزمة حرب الخليج، ولقد شنت قوات الأمن حملة شديدة على أعضاء الحركة ومؤيديها وقد بلغ عدد الموقوفين 8000 شخص.

في أغسطس 1992م حكمت محكمة عسكرية على 256 قياديا وعضوا في الحركة بأحكام وصلت إلى السجن مدى الحياة. واصلت السلطة في السنوات التالية ملاحقتها للمنتمين للحركة وسط انتقادات واسعة لجمعيات حقوق الإنسان، ورغم الإفراج عن أغلب عناصرها المسجونين تبقى نشاطات الحركة محظورة بشكل كلي في تونس ويقتصر نشاطها المعروف على أوروبا وأمريكا الشمالية في أوساط التونسيين في الخارج. يرأسها حاليا راشد الغنوشي الذي يعيش في المنفى في لندن وينوبه وليد البناني.

النهضة والإخوان

الحركة لم تعلن نفسها في بيانها التأسيسي أنها مرتبطة بالإخوان ولم تنفي ذلك أيضا، و تقول بعض المصادر أن الحركة قامت على منهج وفكر الإخوان المسلمين، لكن الصحفي صلاح الدين الجورشي يذكر أن رئيس الحركة راشد الغنوشي يعتبر حركة الإخوان حليف ولكنها ليست مرجعية، لكن تصنفها مصادر على إنها إخوان تونس، كما أن رئيس الحركة ومؤسسها راشد الغنوشي عضو مكتب الإرشاد العالمي لجماعة الإخوان المسلمين.

رؤساء الحركة

البيان التأسيسي لحركة الاتجاه الإسلامي في 6- 6- 1981

يشهد العالم الإسلامي ـ وبلادنا جزء منه ـ أبشع أنواع الاستلاب والغربة عن ذاته ومصالحه فمنذ التاريخ الوسيط وأسباب الانحطاط تفعل فعلها في كيان امتنا وتدفع بها إلى التخلي عن مهمة الريادة والإشعاع، طوراً لفائدة غرب مستعمر وآخر لصالح أقليات داخلية متحكمة انفصلت عن أصولها وصادمت مطامح شعوبها.

وكان المستهدف الأول طوال هذه الأطوار كلها هو الإسلام، محور شخصيتنا الحضارية وعصب ضميرنا الجمعي. فقد عزل بصورة تدريجية بطيئة، وأحياناً بشكل جريء سافر عن مواقع التوجيه والتيسير الفعلي لواقعنا. فهو رغم بروزه عاملا محددا في صنع الجوانب المشرقة من حضارتنا وفي جهاد بلادنا لطرد المستعمر، قد بات اليوم أو يكاد مجرد رمز تحدّق به المخاطر ثقافيا وأخلاقيا وسياسيا نتيجة ما تعرض له في المرحلة المعاصرة والأخيرة خاصة من إهمال واعتداء على قيمه وعلى مؤسساته ورجاله.

وإضافة إلى هذه المعطيات الحضارية التي تشترك فيها بلادنا مع سائر بلاد العالم الإسلامي، عرفت تونس في أواخر الخمسينات وطيلة عشريتي الستينات والسبعينات ـ رغم حصولها على وثيقة الاستقلال- أوضاعا خصوصية اتسمت بالتأزم واحتداد الصراع الاجتماعي وتعطل سبل النمو الشامل. وقد تكرّس هذا الوضع نتيجة أحادية الاتجاه السياسي المتحكم "الحزب الدستوري" وتدرّجه المتصاعد نحو الهيمنة على السلطة والمؤسسات والمنظمات الجماهيريّة من ناحية، ونتيجة ارتجالية الاختبارات الاقتصادية والاجتماعيّة وتقلبها وارتباطها بمصالح دوليّة تتعارض مع مصالح شعبنا الوطنية من ناحية أخرى.

في هذا المناخ ظهر الاتجاه الإسلامي بتونس في بداية السبعينات بعد أن توفرت له كل أسباب الوجود، وتأكدت ضرورته، وقد ساهم هذا الاتجاه من مواقعه في إعادة الاعتبار للإسلام فكرا وثقافة وسلوكا، وإعادة الاعتبار للمسجد. كما ساهم في تنشيط الحياة الثقافية والسياسية فأدخل عليها لأول مرّة نفساً جديداً في اتجاه تأصيل الهوية والوعي بالمصلحة وتأكيد التعدد بتجسيمه واقعياً.

وقد عبر الاتجاه الإسلامي من خلال نشاطه ومواقفه العديدة عن التحامه بذات أمته وتجسيده آمال شعبه وتطلعاته فالتفت حوله قطاعات عريضة من المحرومين والشباب والمثقفين. وكان نموه السريع مجلبة لاهتمام الملاحظين وترصد القوى والأنظمة السياسية في الداخل والخارج. ورغم سعيه الرصين المتعقل لتلمّس أنجع سبل التطوّر والتغيير فقد تعرّض هذا الاتجاه إلى سلسلة من التهم الباطلة والحملات الدعائيّة المغرضة نظمتها ضدّه السلطة الحاكمة ووسائل الإعلام الرسميّة وشبه الرسمية، بلغت هذه الحملات حد الاعتداء تعسفا على وسائل إعلامه قصد منعه من إبلاغ صوته وتطورت بعد ذلك إلى أشكال أشد قهرا فقدمت عناصره إلى المحاكمات وتكثفت ضد أفراده التتبعات والتحقيقات وفتحت أمام شبابه السجون والمعتقلات حيث الضرب والتعذيب والإهانة.

إن استمرار أسباب تخلف الوضع السياسي والاقتصادي والثقافي في مجتمعنا يرسخ لدى الإسلاميين شعورهم المشروع بمسؤوليتهم الربانية الوطنية والإنسانية في ضرورة مواصلة مساعيهم وتطويرها من أجل تحرر البلاد الفعلي وتقدمها على أسس الإسلام العادلة وفي ظل نهجه القويم.

وقد يذهب البعض إلى أن هذا العمل هو من باب إقحام الدين في دنيا السياسة وأنه مدخل إلى احتكار الصفة الإسلامية ونفيها بالتالي عن الآخرين. إن هذا الفهم فضلا عن كونه يعبر عن تصور كنسي دخيل على ثقافتنا الأصلية يكرس استمرارية "حديثة" لواقع الضياع التاريخي الذي عاشته أمتنا.

على أن "حركة الاتجاه الإسلامي" لا تقدم نفسها ناطقا رسميا باسم الإسلام في تونس ولا تطمع يوما في أن ينسب هذا اللقب إليها. فهي مع إقرارها حق جميع التونسيين في التعامل الصادق المسؤول مع الدين، ترى من حقها تبني تصور للإسلام يكون من الشمول بحيث يشكل الأرضية العقائدية التي منها تنبثق مختلف الرؤى الفكرية والاختيارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تحدد هوية هذه الحركة وتضبط توجهاتها الاستراتيجية ومواقفها الظرفية. وبهذا المعنى تكون "حركة الاتجاه الإسلامي" واضحة الحدود محددة المسؤولية غير ملزمة بكل صنوف التحركات والمواقف التي قد تبرز هنا وهناك ـ إلا ما يقع تبنيه منها بصورة رسمية ـ مهما أضفى أصحاب هذه التحركات على أنفسهم من براقع التدين ورفعوا رايات الإسلام. وتأكيدا لهذا الوضع من ناحية، وتكافؤا مع جسامة المهمة ومقتضيات المرحلة من ناحية أخرى، فإنه يتعين على الإسلاميين دخول طور جديد من العمل والتنظيم يسمح لهم بتجميع الطاقات وتوعيتها وتربيتها وتوظيفها في خدمة قضايا شعبنا وأمتنا. ولا بد هذا العمل أن يكون ضمن حركة مبلورة الأهداف مضبوطة الوسائل ذات هياكل واضحة وقيادات ممثلة.

إن "حركة الاتجاه الإسلامي" التي حالت بينها وبين جماهيرها المسلمة العريضة ظروف القهر والإرهاب، لتأمل أن تكون مساهمة جماهيرها أعمق وأشمل في مستقبل الأيام.

المهام

تعمل هذه الحركة على تحقيق المهام التالية:

أ ـ بعث الشخصية الإسلامية ل تونس حتى تستعيد مهمتها كقاعدة كبرى للحضارة الإسلامية بأفريقيا ووضع حد لحالة التبعية والاغتراب والضلال.

ب ـ تجديد الفكر الإسلامي على ضوء أصول الإسلام الثابتة ومقتضيات الحياة المتطورة وتنقيته من رواسب عصور الانحطاط وآثار التغريب.

ج ـ أن تستعيد الجماهير حقها المشروع في تقرير مصيرها بعيدا عن كل وصاية داخلية أو هيمنة خارجية.

د ـ إعادة بناء الحياة الاقتصادية على أسس إنسانية وتوزيع الثروة بالبلاد توزيعا عادلا على ضوء المبدأ الإسلامي "الرجل وبلاؤه، الرجل وحاجته" أي (من حق كل فرد أن يتمتع بثمار جهده في حدود مصلحة الجماعة وأن يحصل على حاجته في كل الأحوال) حتى تتمكن الجماهير من حقها الشرعي المسلوب في العيش الكريم بعيدا عن كل ضروب الاستغلال والدوران في فلك القوى الاقتصادية الدولية.

هـ ـ المساهمة في بعث الكيان السياسي والحضاري للإسلام على المستوى المحلي والمغربي والعربي والعالمي حتى يتم إنقاذ شعوبنا والبشرية جمعاء مما تردت فيه من ضياع نفسي وحيف اجتماعي وتسلط دولي.

الوسائل

لتحقيق هذه المهام تعتمد الحركة الوسائل التالية:

- إعادة الحياة إلى المسجد كمركز للتعبد والتعبئة الجماهيرية الشاملة أسوة بالمسجد في العهد النبوي وامتداد لما كان يقوم به الجامع الأعظم، جامع الزيتونة، من صيانة للشخصية الإسلامية ودعما لمكانة بلادنا كمركز عالمي للإشعاع الحضاري.

- تنشيط الحركة الفكرية والثقافية، من ذلك: إقامة الندوات، تشجيع حركة التأليف والنشر، تجذير وبلورة المفاهيم والقيم الإسلامية في مجالات الأدب والثقافة عامة وتشجيع البحث العلمي ودعم الإعلام الملتزم حتى يكون بديلا عن إعلام الميوعة والنفاق.

- دعم التعريب في مجال التعليم والإدارة مع التفتح على اللغات الأجنبية.

- رفض العنف كأداة للتغيير، وتركيز الصراع على أسس شورية تكون هي أسلوب الحسم في مجالات الفكر والثقافة والسياسة.

- رفض مبدأ الانفراد بالسلطة "الأحادية" لما يتضمنه من إعدام لإرادة الإنسان وتعطيل لطاقات الشعب ودفع للبلاد في طريق العنف. وفي المقابل إقرار حق كل القوى الشعبية في ممارسة حرية التعبير والتجمع وسائر الحقوق الشرعية والتعاون في ذلك مع كل القوى الوطنية.

- بلورة مفاهيم الإسلام الاجتماعي في صيغ معاصرة وتحليل الواقع الاقتصادي التونسي حتى يتم تحديد مظاهر الحيف وأسبابه والوصول إلى بلورة الحلول البديلة.

- الانحياز إلى صفوف المستضعفين من العمال والفلاحين وسائر المحرومين في صراعهم مع المستكبرين والمترفين.

- دعم العمل النقابي بما يضمن استقلاله وقدرته على تحقيق التحرر الوطني بجميع أبعاده الاجتماعية والسياسية والثقافية.

- اعتماد التصور الشمولي للإسلام، والتزام العمل السياسي بعيدا عن اللائكية والانتهازية.

- تحرير الضمير المسلم من الانهزام الحضاري إزاء الغرب.

- بلورة وتجسيم الصورة المعاصرة لنظام الحكم الإسلامي بما يضمن طرح القضايا الوطنية في إطارها التاريخي والعقائدي والموضوعي مغربيا وعربيا وإسلاميا وضمن عالم المستضعفين عامة.

- توثيق علاقات الأخوة والتعاون مع المسلمين كافة: في تونس وعلى صعيد المغرب والعالم الإسلامي كله.

- دعم ومناصرة حركات التحرر في العالم

أبرز الشخصيات

تأسست حركة الاتجاه الإسلامي في 1969 م ب تونس بعد سلسلة من الأحداث كان هدفها محو الشخصية الإسلامية ل تونس ، ومن أبرز شخصيات هذه الحركة:

• الدكتور راشد الغنوشي: مؤسس حركة الاتجاه الإسلامي.

ـ ولد في مدينة الحامة بولاية قابس بالجنوب الشرقي ل تونس سنة 1939 م، ودرس في دمشق.

ـ أتم دراسته العليا في الفلسفة والتربية في فرنسا، اعتقل مرات كثيرة في أواخر السبعينات وحوكم في صائفة سنة 1981 م وحكم عليه بعشر سنوات سجناً، ثم أطلق سراحه سنة 1984 م ثم اعتقل في 9 مارس 1987 م وعندما أفرج عنه خرج من البلاد ويعيش الآن في الخارج.

• الشيخ عبد الفتاح مورو:الأمين العام لحركة الاتجاه الإسلامي.

ـ من مواليد سنة 1948 م في تونس ـ حصل على إجازة الحقوق سنة 1970 م وتولى مهنة القضاء حتى سنة 1977 م ثم التحق بالمحاماة.

ـ التقى مع راشد الغنوشي سنة 1969 م وتعاهدا على العمل والدعوة للإسلام، وتأثر الاثنان بفكر سيد قطب ـ رحمه الله.

ـ وخلال تعرض الحركة للمحنة في عهد ابن علي (خليفة بورقيبة) في 1412هـ ـ 1992 م انشق عن الحركة وشكل جماعة جديدة.

الانتشار ومواقع النفوذ

• انتشر فكر الحركة في تونس بشكل خاص وأعلنت الحركة عام 1985 م عن مكتبها التنفيذي الثالث برئاسة الأستاذ راشد الغنوشي والأستاذ عبد الفتاح مورو أميناً عاماً، وعضوية السادة حمادي الجبالي والحبيب اللور والحبيب السويسي واعتُرف بالحركة رسمياً عندما استقبلهم الوزير الأول محمد المزالي في قصر الحكومة، واعترفت كل الأطراف بالوجود السياسي الفعلي لحركة الاتجاه الإسلامي واضطرت للتعامل معها.

وكانت جريدة الرأي وسيلة النشر لمؤلفات بعض مفكري الحركة مثل الدكتور عبد المجيد النجار ومحسن الميلي وعندما تولى ابن علي السلطة أفرج عن رموز الحركة في البداية واضطر قادتها في 8 فبراير 1989 م أن يتقدموا بطلب تأشيرة للسماح للحركة بمزاولة نشاطها تحت اسم جديد هو "حزب النهضة" تمشياً مع قانون الأحزاب ولكن سرعان ما غيرت السلطة موقفها وقلبت لهم ظهر المجنَّ، وسارعت إلى القبض على الكثير من شباب الحزب وأودعتهم السجون واضطر الكثيرون من رموز الحركة إلى الفرار بدينهم إلى خارج البلاد بعد مصادرة نشاطها.


المواقع الرسمية لإخوان تونس

المراجع

1- جمعة أمين عبدالعزيز، أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين، دار التوزيع والنشر الإسلامية.

2- توفيق الشاوي، نصف قرن من العمل الإسلامي، دار الشروق،الطبعة الأولى، 1998م.

3- جريدة الإخوان المسلمين اليومية– العدد 346 – السنة الثانية –29 رجب 1366هـ - 18 يونية1947م.

4- تدرجات راشد الغنوشي ، سليمان الخراشي ، بحث منشور في موقع ( موقع صيد الفوائد ) .

5- معلومات عن حركة الاتجاه الإسلامي بتونس ـ (نشرة موسعة باللغة العربية عن الحركة).

6- تصريحات ومقابلات كل من الشيخ راشد الغنوشي والشيخ عبد الفتاح مورو ـ في كل من:

ـ مجلة المجتمع الكويتية في 15/1/1985م ـ 4/10/1981م.

ـ مجلة الإصلاح العدد 113 و114 في 1/6/1981م.

ـ مجلة الغرباء رمضان 1407هـ آيار 1987م.

ـ مجلة البلاغ في 12/9/1984 و23/8/1981م.

ـ البيان التأسيسي للحركة في 6/6/1981م.

7- حركة الاتجاه الإسلامي في تونس، راشد الغنوشي، نشر دار القلم، الكويت 1409هـ/1989م.


للمزيد عن الإخوان في تونس

روابط داخلية

كتب متعلقة

ملفات متعلقة

.

مقالات متعلقة

.

تابع مقالات متعلقة

أخبار متعلقة

أهم أعلام الإخوان في تونس

وصلات فيديو

.

تابع وصلات فيديو