"إعــــــــــادة تـــأهـــــيــــــــل" حـــركــــــة حمـــاس ؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١١:٠٤، ٦ يوليو ٢٠١١ بواسطة Do wiki3 (نقاش | مساهمات) (حمى ""إعــــــــــادة تـــأهـــــيــــــــل" حـــركــــــة حمـــاس ؟" ([edit=sysop] (غير محدد) [move=sysop] (غير محدد)))
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
"إعــــــــــادة تـــأهـــــيــــــــل" حـــركــــــة حمـــاس ؟

بقلم : معتصم حمادة

ينظر بعض الأوساط الفلسطينية إلى الوساطة السعودية بين "فتح" و"حماس" نظرة مركبة.

فهي ليست فحسب مجرد وساطة تقوم بها الرياض لجسر الهوة ووقف الإقتتال بين الحركتين الفلسطينيتين، وإزالة العقبات أمام قيام حكومة وحدة وطنية تنسجم واشتراطات اللجنة الرباعية وتوافق على المبادرة العربية، بل هي إعلان في الوقت نفسه عن دور جديد للسعودية في توجيه الملف الفلسطيني، الذي بقي لفترة غير قصيرة تحت رعاية الجانب المصري.

ويرى المراقبون أن الرياض مهدت لهذا الدور حين استقبل العاهل السعودي الوفد القيادي لحركة "حماس" في موسم الحج وعلى رأسه رئيس الحكومة الفلسطينية إسماعيل هنية، وأنها كانت تنتظر اللحظة المناسبة للإعلان عن هذا الدور، بحيث يبدو تلبية لحاجة فلسطينية أكثر منه رغبة سعودية في التدخل المباشر في الملف الفلسطيني.

ولعل الاقتتال الذي شهده قطاع غزة، شكل الفرصة المناسبة لتقدم السعودية نفسها كطوق إنقاذ للفلسطينيين، بعد أن بدا وكأن طوق الإنقاذ المصري، ممثلاً بالوفد الأمني المقيم في غزة لم يعد يقوى وحده على حمل أعباء الحالة الفلسطينية بتداعياتها المعروفة.

ويقول المراقبون إن الدور السعودي لن يكون رهناً بنجاح الوساطة بين "فتح" و"حماس"، بل من المتوقع أن يتواصل، بغض النظر عن مصير هذه الوساطة، علماً أن نجاحها، سيعطي لهذا الدور دفعة قوية، تعزز من قدرته على الفعل والتأثير، وإحداث التغيير المطلوب في الحالة الفلسطينية.

أما فشلها، فإنه سيزيد من إصرار الرياض على التدخل لأنها سترى في الفشل مؤشرات تعزز من ضرورة أن يكون لها دور فاعل في الإحاطة بالملف الفلسطيني، ليس فقط من موقع الحرص على الدم الفلسطيني، وعلى مصير القضية بل وكذلك إنطلاقاً من حسابات إقليمية، تحكم سياسة الرياض.

فالرياض تنظر نظرة إقليمية شاملة الى ما يجرى في فلسطين ولبنان والعراق.

وهي ترى نفسها معنية بهذه الملفات الثلاثة، وكأنها ملف واحد، دون إسقاط التمايزات في ما بينها.

أما القاسم المشترك الذي يضع هذه الملفات عند سوية واحدة، في نظر الرياض، فهو الدور الإيراني الإقليمي الذي تحولت من خلاله طهران إلى لاعب رئيس في ثلاث ساحات عربية ذات تأثير إستراتيجي على ميزان العلاقات العربية والإقليمية.

من هنا يفسر الدور السعودي في مواجهة الدور الايراني في كل من العراق ولبنان.

غير ان دور الرياض بقي شبه غائب، ومتواريا في فلسطين، ربما لأن المملكة كانت تراهن على الدور المصري، حليفها الابرز في المنطقة في اطار ثلاثي يجمع بينها وبين القاهرة وعمان.

والرياض، كما يبدو، تدرك جيداً أن الصراع في فلسطين لا يدور على تشكيل حكومة جديدة، أو على صياغة جملة هنا أو جملة هناك في كتاب التكليف، أو على توزيع الوزارات المسماة سيادية، وتقاسمها بين "فتح" و"حماس".

بل ترى إلى الأمر نظرة أبعد من ذلك بكثير.

وكما يقول مراقبون فلسطينيون فإن السعودية سجلت في دفتر ملاحظاتها عدداً من العلامات البارزة تحمل في طياتها مؤشرات تبعث على القلق الشديد.

فرئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل، وبعد الإعلان مباشرة عن فوزها في الإنتخابات التشريعية مطلع العام الماضي، أطلق في مؤتمر صحافي تصريحاً حمل موقفين أثارا انتباه الرياض.

الأول حين قال إن قطار "حماس" قد أقلع، وها هو اليوم يجتاز المجلس التشريعي، وغداً المجالس البلدية وبعدها قيادة منظمة التحرير الفلسطينية أما في التصريح الثاني فقد أهدى مشعل انتصار "حماس" لايران، متجاهلاً باقي الدول الإقليمية.

وفي هذا الإهداء ما يكفي من المعاني والتفسيرات.

بدوره رئيس الحكومة إسماعيل هنية، في جولته الخارجية الأخيرة وصف طهران، أنها العمق الإستراتيجي لحكومته.

فإذا كانت الخلفية السياسية لـ"حماس" هي حركة "الإخوان المسلمين" (وللسعودية موقف مبدئي واضح من هذه الحركة) فإن تحالفها الاستراتيجي مع إيران، يدفع بالرياض لتعيد النظر في شكل تحركها إزاء الملف الفلسطيني، بحيث يترجم التحذير السعودي من خطر التشيع في المنطقة تحت تأثير النفوذ الإيراني.

والتشيع هنا لا يقصد به الجانب المذهبي، بقدر ما يقصد به الجانب السياسي.

ولا يعتقد المراقبون أن دولة كالسعودية تستطيع أن تقف متفرجة على تعزيز "حماس" نفوذها في فلسطين، وتعزيز جهازها العسكري، وتغلغلها في الإدارات الرسمية، في الوقت الذي لا تكف فيه قيادتها عن المجاهرة، ليس بعلاقاتها الإيجابية مع إيران فحسب، بل كذلك بتحالفها الوثيق معها.

كما لا تستطيع السعودية أن تقف مكتوفة الأيدي وهي تلاحظ كيف تعمل حماس على إعادة صوغ المجتمع الفلسطيني في اتجاهات تنسجم ومفاهيم التشيع السياسي.

ويعتقد المراقبون أن التحرك السعودي هذا لم ينطلق بدون التنسيق مع الجانبين المصري والأردني، وبدون تشاور مسبق مع الجانبين الأوروبي والأميركي.

وفي هذا السياق تُذكر محاولة الملك الاردني جمع الرئيسين محمود عباس واسماعيل هنية في عمان كما تُذكر اللقاءات التي جمعت كبار المسؤولين السعوديين وكل من كوندوليزا رايس وزيرة خارجية الولايات المتحدة وأنغيلا ميركل مستشارة المانيا والرئيس الدوري للاتحاد الاوروبي.

وقد تناولت هذه اللقاءات الملف الفلسطيني والصراع بين فتح وحماس والدور السعودي في هذا السياق.

إذن، ماذا تريد الرياض من "حماس"؟

في محاولة للإجابة على هذا السؤال يعتقد المراقبون الفلسطينيون أن الرياض سوف تلعب دوراً رئيسياً في عملية "إعادة تأهيل" "حماس" سياسياًَ واستعادتها من أيدي طهران إلى "الحضن العربي"، أي بتعبير آخر، سوف تعمل الرياض على دفع حماس لفك ارتباطاتها بطهران، مع كل ما يستدعيه ذلك من مفاعيل سياسية تفتح لها الباب لدخول رحاب النظام السياسي العربي.

ويعتقد المراقبون أن ثمة تحركات في المنطقة تشير وتصب في مجرى التحرك السعودي منها استقبال الدوحة نائب رئيس الحكومة الإسرائيلية شمعون بيريس و"النصيحة" التي قدمها له أمير البلاد بضرورة الإنفتاح على "حماس" والتأكيد له أن الحركة الإسلامية مؤهلة للتجاوب مع هذا الإنفتاح، وأن ما تعلنه على الملأ، لأسباب ذات صلة بجمهورها ومعتقداته، يختلف عما تعلنه في الغرف المغلقة.

ومن هذه التحركات أيضاً "نصائح" مماثلة قدمها وزير خارجية اندونيسيا لمشعل بضرورة المشاركة بوفد رفيع المستوى في مؤتمر دولي يعقد في النصف الثاني من هذا الشهر في جاكرتا، سيخصص لدفع "حماس" لإتخاذ مواقف معتدلة تقترب من الشروط الدولية كما تتبناها اللجنة الرباعية.

ويقول العارفون إن فكرة المؤتمر ولدت بالتنسيق بين عدد من المبعوثين الدوليين، من بينهم موفد الحكومة السويسرية في الشرق الأوسط نيكولاس لانغ، والخبير البريطاني أليستر كروك.

والاثنان معروفان بالدور الذي لعباه في صوغ الوثيقة الشهيرة المعروفة بوثيقة أحمد يوسف المستشار السياسي لإسماعيل هنية، وشاركهما في ذلك خبراء إسرائيليون.

وفكرة المؤتمر تقوم كما يقول المراقبون، على الإفادة من كون أندونيسيا بلداً إسلامياً معتدلاً، لإقناع "حماس" باتخاذ المزيد من المواقف المعتدلة، بحيث يكون الأساس نقاش ورقة أحمد يوسف، وإعلان مشعل لـ"رويترز" أن إسرائيل أمر واقع، وأن الاعتراف بها مؤجل لما بعد الإستقلال.

ويضيف المراقبون أن "حماس" وافقت مبدئياً على حضور المؤتمر، بوفد يترأسه موسى أبو مرزوق نائب مشعل.

يبقى السؤال: هل تنجح السعودية في مسعاها لتأهيل "حماس" وفك ارتباطها بإيران والعودة بها إلى "البيت العربي".

العارفون بحقائق الأمور يستبعدون أن تثمر الجهود السعودية نتائج فورية، لمعرفتهم كيف تفكر قيادة "حماس" وكيف تتعامل مع العروض المقدمة لها.

ويضيفون أنها لن تغلق الباب أمام المسعى السعودي، بل سوف تستثمره حتى أبعد الحدود، دون أن تقدم له تنازلات ذات معنى.

وسوف تحاول أن تحافظ على قناتها مع الرياض (كما على قنواتها مع القاهرة والدوحة وغيرها) دون أن تسمح لقناتها مع طهران أن تتأثر سلباً.

وهي تأمل بذلك أن تعزز نفوذها فلسطينياً وإقليمياً، وأن تضعف الطرف الآخر، وأن تكرس نفسها جزءاً من المعادلة الإقليمية المعنية بتسوية الصراع مع إسرائيل.

ويتوقع المراقبون أن تحاول "حماس" أن تخطو عبر الإنفتاح السعودي عليها نحو إنفتاح أوروبي مماثل، يمهد هو الآخر لإنفتاح أميركي.

هل نحن إذن أمام إنقلاب فلسطيني إقليمي، أم أن حسابات حقل "حماس" لن تتطابق مع حسابات بيدرها، فتقع فريسة "التأهيل" العربي والدولي لها، كما وقعت من قبل قيادة منظمة التحرير على يد أساتذة التأهيل الأميركي: وزير الخارجية الأميركية الأسبق جورج شولتز، وخليفته جيمس بايكر، وتلميذهما النجيب السفير روبرت بيلليترو؟