"اقتل معارضيك".. من محمد علي إلى السيسي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
"اقتل معارضيك".. من محمد علي إلى السيسي


( الثلاثاء 27 يناير 2015)

مقدمة

"اقتل معارضيك".. من محمد علي إلى السيسي

"إن لم تكن معي فأنت ضدي، وإذا كنت خصمي فلا يحق لك أن أسمعك، وإن حاولت إذًا لا مفر من القتل".

بعض الحكام لم يكتفوا بظلم شعوبهم بطريقة واحدة وإنما فعلوها مرتين؛ المرة الأولى عندما حكموهم بغير إرادتهم ومارسوا عليهم أنواعًا من الظلم، والمرة الثانية، وهي الأسوأ، عندما قتلوا مجموعة منهم ظلمًا وعدوانًا ثم اتهموا مناوئيهم بقتلهم ليبرروا لأنفسهم الاستمرار في قتل المناوئين الذين خرجوا على القانون .

التاريخ المصري منذ الفراعنة إلى الآن يتخذ منوالاً واحدًا في تعامل السلطة مع المعارضة فتجد الاضطهادات والقتل هو الأسلوب الأمثل لديهم للتخلص من المعارضة وسنتناول في هذا التقرير لعرض توضيحي لتعامل السلطة في مصر مع المعارضة منذ محمد علي حتى الآن من محمد علي وبداية الجيش المصري الحديث، مرورًا بعبد الناصر وبداية الحكم العسكري لمصر، إلى السادات ومبارك وانكفاء المؤسسة العسكرية للداخل على حساب الخارج، حتى اليوم، صارت المؤسسة العسكرية في مصر دولة فوق الدولة، لا تقبل أي تهديد يمس وجودها ونفوذها.

محمد علي

على عكس ما تعلمه الطلاب في المدارس، فأن المصريون لم يقوموا بثورات فقط ضد المحتل الأجنبي، بل قاوموا الطغيان المحلي الذي تأسس في مصر على يد محمد على "ألباني الأصل".

كان لمحمد على سياسته الواضحة في التعامل مع المعارضة فكان ينبغي على محمد علي أن يتعامل مع القوى العسكرية الأخرى الموجودة في البلاد، لا سيما مع علمه بالمقاومة المتوقعة من هذه القوى أمام أية محاولات لإدخال تكتيكات وتدريبات حديثة على نظام الجيش.

فبدءًا من المماليك، الذين كانوا أمراء البلاد العسكريين لقرون مضت؛ تخلص محمد علي من نفوذهم بقتل قادتهم في ما عُرِف بـ “مذبحة المماليك”، ثم لاحق الجنود ومن استطاع الفرار منهم في أنحاء البلاد من خلال الحملات العسكرية والتي أسفرت عن مقتل ما يقارب الألفي مملوك.

ثم جاءت مرحلة التعامل مع الألبان الذين كانوا يشكلون العمود الفقري لقوته العسكرية، ففرض عليهم الباشا النظام بالقوة، وحين فشل في فرض القوة عليهم قام بإرسالهم إلى الصحراء العربية لقتال الوهابيين في شبه الجزيرة العربية، وهناك وفي خلال صراع سبع سنوات مع الوهابيين، لاقى الألبان حتفهم.

يقول دكتور خالد فهمى –أستاذ التاريخ السياسي بالجامعة الأمريكية –" في عام ١٨٢٢وفي أعقاب موجات متلاحقة من السخرة والتجنيد والضرائب هب المصريون في ثورة عارمة في الصعيد، من قنا لأسوان، في ثورة استغرقت شهورًا أربعة شارك فيها عشرون ألف فلاح وفلاحة وانتهت بقتل أربعة آلاف منهم. وفي العام التالي، ١٨٢٣، انتفضت الدلتا بأسرها ضد سياسات الدولة القمعية، واضطر محمد علي أن يذهب بنفسه لكي يدك القرى المتمردة بستة مدافع ميدان.

وفي عام ١٨٤٤ هبت المنوفية في ثورة عارمة أحُرقت فيها أجران الميري، وأخذ الفلاحون عمال الباشا كرهائن وقُلعت حقول القطن. وفي عام ١٨٦٣ اندلعت ثورة أخرى في الصعيد في نفس المناطق التي كانت قد اندلعت فيها ثورة ١٨٢٢."

ويكمل "فهمي " في مقال له "في ١٨٧٩-١٨٨٢ ثُرنا مرة أخرى، ولكن هذه المرة ثورتنا تجاوزت خطوطًا اجتماعية وسياسية واقتصادية عديدة، حتى أصبحت ثورة وطنية عمت البلاد من أدناها لأقصاها. وكان الغرض الأساسي للثورة، عكس ما علمونا في مدارسنا، ليس التخلص من المحتل الأجنبي، بل إخضاع ذلك الوحش الذي نشأ بين أكنافنا، أي الدولة، لرقابة دستورية. وبالتالي لم تكن صدفة أن رفعنا وقتها "شعار "مصر للمصريين" نؤكد به على حقنا كشعب في العيش بكرامة في وطننا.

وكانت فكرة الدستور هي ما أجمعت عليه قطاعات عديدة من الشعب كحل لتغول الدولة وبطشها. كانت الثورة على وشك النجاح لولا تدخل الإنجليز السافر مناصرة للخديوي حليفهم.

ففي١١ يوليو ١٨٨٢ دكت مدافع الأسطول الإنجليزي الإسكندرية وسرعان ما غزت القوات الإنجليزية البلاد ودشنت بذلك فترة احتلال دامت لأكثر من سبعين سنة."

الاحتلال الإنجليزي

اهتم المصريون في هذه الفترة بمقاومة الاحتلال الأجنبي وبعد هزيمة جيش عرابي بعقدين ونصف ثار المصريون مرة أخرى في ثورة عام ١٩١٩ مطالبين بالاستقلال وبالدستور معًا.

ولكن استمرارًا لسياسة تشتيت الجهود الثورية تدخل الإنجليز في عملية صياغة الدستور ونجحوا في أن يخرج دستور ١٩٢٣بالشكل الباهت الذي خرج به: صلاحيات ضخمة للملك على حساب البرلمان. وبالتالي جاء دستور ١٩٢٣ أقل كثيرًا من تطلعات ثورة ١٩١٩.

وبعد إقرار دستور 1923لم يوافق عليه المصريون الذين خرجوا بالآلاف الى ميدان التحرير "الإسماعيلية سابقًا" يوم ٢١ فبراير ١٩٤٦عندما احتشدت الجماهير في مظاهرة عارمة في طريقها للقنصلية البريطانية مطالبة بالجلاء، وهنا تحركت مدرعات الجيش البريطاني ليدهس المتظاهرين ويقتل ١٥ منهم، وبهذا رسخ طريقة جديدة ومبتكرة للتعامل مع المتظاهرين السلميين .

جمال عبد الناصر

ساهمت حركة الضباط الأحرار، والانقلاب العسكري على الملك فاروق في يوليو 1952م، في وصول المؤسسة العسكرية لمصر، وتعزيز حكمها، بل وتحويل مصر إلى "مجتمع عسكري".

أٌلغي النظام الملكي، وأٌعلِن النظام الجمهوري في يونيو 1953، وصار اللواء محمد نجيب، قائد تنظيم الضباط الأحرار؛ رئيسًا للجمهورية، لكن نشبت الصراعات بينه وبين جمال عبد الناصر بسبب رغبة نجيب في تسليم السلطة لسلطة مدنية منتخبة، لينتهي الأمر بعزل محمد نجيب وتحديد إقامته، وتولي ناصر رئاسة البلاد، وفي عام 1966 تم تثبيته رئيسًا للبلاد من خلال استفتاء شعبي.

منذ عهد جمال عبد الناصر بدأ استخدام هذه التكتيكات وكان أولها مسرحية اغتيال عبد الناصر في 26 أكتوبر 1954 الذي اتهم فيها أحد الإخوان المسلمين، وقيل إنه كان من أفضل الرماة وإنه أطلق على جمال ثماني طلقات من على بعد سبعة أمتار لكنه لم يصبه.

والطبيعى أن تكون ردة الفعل العادلة أن يحاكم الفاعل محاكمة عادلة ثم ينفذ فيه الحكم، لكن لأن الهدف من العملية كان شيئًا آخر، فقد تم اعتقال آلاف المعارضين من الإخوان والشيوعيين ، كما تم فصل مئات الضباط، وحكم على ثمانية من قادة الإخوان بالإعدام، ولكي يحقق عبد الناصر أوقف كل الصحف المعارضة، لأنها تسبب الفتنة كما أشرف بنفسه على حملة تحث المغنين والمسرحيين على عمل أغان ومسرحيات تمجده وتنتقص من خصومه.

ومن لم يُقتل أو يُسجن أو يُعذب أو يهاجر سار وراء عبدالناصر، وعندما انتبه المصريون وأفاقوا من الغيبوبة وجدوا أنفسهم فى هزيمة مروعة وهى نكسة 1967 فخرجوا إلى الشوارع في ١٩٦٨ منددين بالأحكام المخففة التي نالها ضباط الجيش المسئولين عن هذه النكسة .

أنور السادات

في عام 1970 اكتظت الجامعات المصرية بالمتظاهرين الذين نددوا بسياسة عدم الحسم الذي كان السادات ينتهجها تجاه العدو الإسرائيلي

وبعدها بخمس سنوات، وفي يناير ١٩٧٧، انطلقت انتفاضة الخبز في مصر احتجاجًا على ارتفاع أسعار السلع الغذائية نظرًا لتدهور الحالة الاقتصادية للبلاد، تدخل الجيش المصري لقمع هذه المظاهرات ومواجهة المدنيين، وأعلنت حالة طوارئ.

وبعدها بتسع سنوات، في ١٩٨٦، ثار الجنود في معسكرات الأمن المركزي ضد المعاملة غير الآدمية التي كانوا يتلقونها أثناد تأدية"خدمتهم الوطنية

لو عاودنا قراءة الصحف الرسمية في مصر الصادرة يوم 6 سبتمبر 1981، سنعرف خطورة الإعلام حين يزين طريق الخطأ للحاكم، وسنعرف صورة بالغة الدلالة عن حالة الكراهية المتبادلة بين الرئيس أنور السادات وكل أطياف المعارضة في مصر.

في يوم "5 سبتمبر 1981" قرر السادات تحفظه على 1536 من قيادات ورموز المعارضة، وألغى التراخيص الممنوحة بإصدار بعض الصحف والمطبوعات مع التحفظ على أموالها، وكانت عملية الاعتقالات بدأت من يوم 3 سبتمبر رغم الإعلان عنها بعدها بيومين.

وبالرغم مما أعلنه السادات بأن عدد المتحفظ عليهم " 1536"، إلا أن "هيكل" يذكر في كتابه "خريف الغضب" بأن عددهم يزيد عن 3 آلاف، كما صاحب هذه الخطوة، نقل عدد من الصحفيين وأساتذة الجامعات إلى وظائف أخرى.

امتد الأمر إلى البابا شنودة، بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية، ففي يوم 3 سبتمبر تم اعتقال مئات الأساقفة والرهبان والقس، وفي صباح 5 سبتمبر جرى تطويق الدير الذي كان يقيم فيه "البابا شنودة " بقوات الأمن، وطبقًا لكتاب "خريف الغضب"، ذهب الأنبا "أبشواي" إلى "البابا" يسأله إذا كان سيشاهد خطاب السادات في التليفزيون، فرد البابا بأنه لن يفعل وسوف يأوي إلى غرفته ليقرأ.

أعلن السادات فى خطابه، سحب اعتراف الدولة بانتخاب البابا، وتعيين لجنة بابوية مؤقتة من خمسة أعضاء لإدارة شئون الكنيسة، مما زاد من احتقان الأقباط.

حسني مبارك

بعد اغتيال السادات على يد خالد الإسلامبولي، كان على مبارك أن يواجه نمو الجماعات الإسلامية في مصر، واحتمالية توغلها لمؤسسات الدولة، لا سيما أكثرها حساسية وأهمية، المؤسسة العسكرية.

أدى ذلك إلى فرض العديد من الإجراءات الاحترازية داخل المؤسسة العسكرية التي تضمن عدم تسلل الجماعات الإسلامية إليها، وذلك بالبحث عن انتماءت الجنود وعائلاتهم، وعلاقتهم بالجماعات الإسلامية، وما زالت هذه الإجراءات أساسية في الجيش حتى اليوم.

عاد التعذيب الذي كان توقف في عهد السادات ليكون سياسة منهجية في عهد مبارك تمارس في أقسام الشرطة، وترافق ذلك مع اعتقال عشرات الآلاف بصورة إدارية متكررة ومع تزوير الانتخابات العامة.

ولذلك ظلت أحوال حقوق الإنسان في مصر متدهورة للغاية مع تطبيق قانون الطوارئ والتشريعات الاستثنائية الأخرى وشيوع انتهاكات حقوق الإنسان وتصاعدها منذ تولي الرئيس مبارك للحكم.

فصار التعذيب سياسة منهجية بعد أن كان توقف في ظل حكم السادات، وتم اعتقال عشرات الآلاف من المواطنين بصورة إدارية ومتكررة، فضلا عن استخدام المحاكم العسكرية والاستثنائية الأخرى وتزوير الانتخابات العامة، وإساءة معاملة المواطنين في أقسام الشرطة... إلخ.

واتسعت هذه الممارسات بصورة خاصة منذ عام 1986 وبعد أحداث تمرد الأمن المركزي، وتولي أكثر أجنحة وزارة الداخلية تشددًا وعنفًا ممثلة بالسيد زكي بدر ومن أعقبوه للسلطة في هذه الوزارة.

وحسب دراسة أعدها مركز الجزيرة للدراسات الاستراتيجية والسياسية فقد شهدت مصر انكماشًا مروعًا في الفضاء السياسي الرسمي، بل وغير الرسمي في ظل حكم الرئيس مبارك، وهي المشكلة التي برزت بوضوح أثناء المناقشات حول تعديل نص المادة 76 من الدستور.

حيث يتعذر التعرف على شخصيات عامة قادرة وراغبة في منافسة الرئيس مبارك أو أي مرشح آخر للدولة. ومع ذلك فمقابل انكماش الفضاء السياسي توسعت الدولة في ضم ودمج شرائح جديدة لنخبة الحكم، وبذلك جرت عمليات كبرى في الحياة السياسية والاجتماعية للبلاد خلال سني حكم الرئيس مبارك، كما يلي:

1- تواصل انكماش الفضاء السياسي

فمنذ أعلن الرئيس السادات التحول إلى نظام المنابر (1976) ثم الأحزاب (1977) وحصرها في ثلاثة بصورة اصطناعية رفضت لجنة الأحزاب التابعة للدولة قبول أي طلب لتأسيس الأحزاب سوى في حالة واحدة، وتشكلت جميع الأحزاب الأخرى بأحكام قضائية.

ومع ذلك فإن النظام الحزبي كله قد وضع في الثلاجة وتم إجهاض الحماس الأولي للحياة الحزبية بسبب تدخل الدولة في الانتخابات العامة، وحصر أنشطة الأحزاب داخل المقرات واختزالها عمليًا في الصحف الحزبية، مما وسمها بالتهميش والتقزم المتزايد.

وترتب على ذلك أن أنشط الكوادر السياسية في البلاد هجر الحياة الحزبية، وتحول بعضها إلى النشاطات المدنية. كما اتسعت المسافة الفاصلة بين الحياة السياسية الفعلية والبنية الرسمية للأحزاب، بما في ذلك الحزب الوطني. وجعلت هذه السمة من السياسة وظيفة بيروقراطية بصورة كلية.

2- الحرب ضد التيار الإسلامي

وقد نتجت هذه الظاهرة جزئيًا عن العنف والإرهاب الذي شنه القطاع المتطرف من التيار الإسلامي خلال الثمانينيات والتسعينيات. وفضلا عن ذلك بقي أهم فصيل سياسي في البلاد وهو حركة الإخوان المسلمين محجوبًا عن الشرعية ومعرضًا لضربات أمنية دورية. وحتى اليوم تستبعد الدولة إضفاء الشرعية على هذا التيار، رغم أنه يشكل أكبر تيارات المعارضة وأكثرها شعبية.

وصرح الرئيس مبارك في خطابه أمام مؤتمر الإصلاح العربي بالإسكندرية منذ أسابيع قليلة "بضرورة اتباع أسلوب إصلاحي لا يؤدي إلى زعزعة الاستقرار ولا يسمح بتولي قوى التطرف والتزمت لزمام الإصلاح وتوجيهه وجهة لا تتفق مع رؤى المجتمع"، وهو ما يعني الإصرار على إقصاء حتى الإخوان المسلمين.

3- تجميد الحراك الجيلي

واصل جيل الرئيس مبارك لنحو عقدين ونصف احتكار قيادة مؤسسات الدولة بالمعنى الواسع للكلمة، وحرمت الأجيال الشابة والوسيطة تمامًا تقريبًا وحتى شهور قليلة فقط من حقها في فرصة المشاركة القيادية. بل حرمت عناصر كثيرة من نخبة الحكم ذاتها من الحضور المستقل في الفضاء السياسي، مما ترتب عليه إخضاعها لعلاقة طاعة كاملة وعمياء للأوامر الفوقية.

4- تهميش الطبقتين المتوسطة والفقيرة

فقد توسعت الدولة في ضم شرائح مختارة من رجال الأعمال الكبار، وتشكل هذه الشريحة الآن نحو ثلث أعضاء مجلس الشعب.

وفي الأعوام الأخيرة توسعت الدولة أيضًا في ضم الشرائح العليا من تكنوقراط تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.

وهكذا كونت النخبة الأمنية والاستراتيجية الحاكمة حلقات إضافية واسعة نسبيًا حول نفسها وخاصة من هؤلاء الذين التفوا حول السيد جمال مبارك في لجنة السياسات.

ووقع تحالف أوثق بين الدولة والسوق، وبالمقابل فقدت الطبقة الوسطى والطبقات العاملة أي مقترب منهجي للتأثير على السياسات العامة.

ثورة يناير تهدد سلطة الجيش

ثورة يناير ليست ثورة فيسبوك، ولا هي مؤامرة أجنبية، ولا هي محاولة من "شوية عيال" مأجورين ومدربين في صربيا على إسقاط الدولة كما يدعي النظام الحالي وأبواقه الإعلامية.

وما ثورة ٢٥ يناير إلا آخر مرحلة من مراحل الكفاح لإجبار الدولة المستبدة على خدمتنا بدلا من أن تسخرنا نحن على خدمتها.

كان المجلس العسكري عاجزًا عن تصور أية سياسة تطلب إصلاحًا جوهريًا أو تغييرًا هيكليًا لا يمثل تهديدًا ضمنيًّا له، فكانت سمة المرحلة الانتقالية بقيادة المجلس العسكري هي الحفاظ على مصالحه من خلال اللجوء إلى سياسة الأبوية والسلطوية، واللجوء إلى العنف والقمع.

قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي

السيسي - الذي أشيع أنه يشبه عبد الناصر - حاول فعل تلك الممارسات نفسها ولكن بطريقة أكثر بشاعة؛ انقلب على رئيسه وأخفاه أشهرًا ثم لفق له العديد من التهم.

السيسي لم يكتف بقتل الآلاف في الميادين وإنما لجأ أيضًا إلى استخدام مسلسل التفجيرات واتهام الإخوان بها ليتسنى له إسكات كل المعارضين أو سجنهم.

عقب الانقلاب العسكري تحولت الأجهزة الأمنية والقضائية إلى أجهزة قمعية لا رقابة عليها وتحول دورها من أجهزة ترعى وتحفظ الأمن وتحقق العدالة للمواطنين إلى أجهزة تمارس إرهابًا ممنهجًا ضد كل المعارضين السياسيين للسلطة الحالية.

وكان من أثر ذلك فرض حالة الطوارئ في يوم مذبحة رابعة العدوية والنهضة في 14 أغسطس 2013 ومدها فترة شهرين آخرين في 12 سبتمبر 2013 بعد أن كانت قد رفعت مدة عام واحدة وذلك بعد استخدامها لثلاثين عامًا متصلة هي فترة حكم الرئيس مبارك.

وعادت القوانين الاستثنائية بموجب الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس المعين من قبل قادة الانقلاب العسكري وبدأ استخدامها بشكل واسع وإحالة المدنيين إلي محاكم عسكرية وقمع التظاهرات وقتل المتظاهرين واعتقالهم ومنع حرية الرأي والتعبير بشكل كامل وتام وفرض حظر التجوال في شتى أنحاء الجمهورية ومنع المواطنين من التنقل والحركة لفترة طويلة من اليوم مما قلص مساحة الحرية إلى أضيق ما يمكن أن يكون.

وقد كان الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس العسكري من خلال الرئيس المعين كارثيًا حيث ربط كل الحريات العامة المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الانسان بإجراءات قانونية معقدة ومقيدة، ولم ينص على أية مادة تجرم التعذيب أو الاعتقال التعسفي أو تعسف السلطة الأمنية تجاه المواطنين أو أى مادة تسمح بعقاب الجنود التابعين للقوات المسلحة عن انتهاكات تصدر منهم أثناء فترة تواجدهم فى الحياة المدنية بل وأصدر قانونًا يجعل فترة الحبس الاحتياطي لا سقف لها وفتح الباب أمام المحاكمات العسكرية للمدنيين بعد أن كانت قد حددت في دستور د. مرسي بالجرائم المتعلقة بالجيش فقط.

الفرق بين عبد الناصر والسيسي أن المواطن المصري ازداد وعيه، كما أن وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي تراقب الأحداث أولا بأول وتحللها ولا تسمح بتزييف الوعي المجتمعي، وهذا كله لم يسمح للسيسي بتمرير مشروعه كما رغب

المصدر