"الحصاد المر".. 9 محطات تفضح عجز "صحة السيسي"

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
"الحصاد المر".. 9 محطات تفضح عجز "صحة السيسي"


الصحة بعهد الانقلاب لا ترى الفقراء.JPG

كتب:هيثم العابد

(28/05/2015)

مقدمة

  • جهاز "كفتة عبدالعاطي" أبرز معجزات السيسي الطبية
  • اختفاء 830 دواءً من السوق المصريv
  • 7% من الأدوية المغشوشة على مستوى العالم يتم إنتاجها في مصر
  • 8% فقط حصلوا على عقار سوفالدي.. وسعر العقار 2400 جنيه
  • بنوك الدم في مصر لا تغطي سوى ثلث الاحتياجات.. والكيس يتجاوز 800 جنيه
  • إضرابات الأطباء لم تجد آذانا.. وميزانية الصحة 3%
  • مصادرة مستشفيات الجمعيات الأهلية.. وحرمان 4 ملايين من العلاج
  • 205 أطباء معتقلين.. ومقتل وإصابة 135 بـ نيران السيسي
  • 1823 مريضا بالغدة النكافية.. و1115 بالجديرى.. و1356 بالحصبة.. و15 بإنفلونزا الطيور

5 يونيو ليست ذكرى "النكسة" التي عاشها الشعب المصري في ستينيات القرن الماضي على وقع الاحتلال الصهيوني وحسب، وإنما ذكرى "النكبة" التي يعيشها الجيل الحالي بعد الانقلاب العسكري على ثورة 25 يناير ومرور 365 يومًا على وصول دبابة عبدالفتاح السيسي إلى قصر الرئاسة.

عام بالتمام والكمال مر على احتلال قائد الانقلاب العسكري لمقعد الرئيس، ليقود البلاد نحو الانهيار في شتى المجالات الأمنية والاقتصادية والخدمية والاجتماعية والسياسية، ويعود بالبلاد إلى حقب الظلام الفاشية، ويعيد الدولة البوليسية في أقبح صورها القمعية، وترجع مصر في عهد السيسي إلى ما قبل 25 يناير 2011.

"الحرية والعدالة" تقدم الحصاد المر لعام "رسمي" من اغتصاب السيسي، سبقه عام لإدارة البلاد من خلف الكواليس في مشهد تصدره "الطرطور" ومر عليه مرور الكرام، وتفتح في ثالث حلقات الحصاد ملف "الصحة"، الذي أتى على رأس أولويات قائد الانقلاب قبيل هزلية الانتخابات الرئاسية.

كفتة عبد العاطي

على طريقة معجزات ستينيات القرن الماضي، كشفت دولة السيسي العسكرية على وقع الانقلاب عن "ظافر" و"قاهر" القرن الـ 21 بإعلان الهيئة الهندسية للقوات المسلحة عن ابتكارها جهاز لعلاج فيروس سي والإيدز في فبراير 2014، واستقبل قائد الانقلاب الكشف عن "جهاز الكفتة" بالدموع مستبشرا بتلك المعجزة العلمية التي تستخلص الفيروس من جسد المريض لتعيده إليه "صباع كفتة يتغذى عليه".

وأجلت دولة السيسي الكشف عن علاج الكفتة لعلاج فيروس سي والإيدز 6 أشهر الذي اخترعه اللواء الشرفي إبراهيم عبدالعاطي –قبل أن يختفي في ظروف غامضة-، مشيرة إلى أن عدم الكشف عن تفاصيل الجهاز أو نشر الأبحاث في أي من المحكمات الدولية لسرية المشروع واندراج الجهاز تحت لافتة الأمن القومي.

الانتقادات الحادة التي وجهت إلى الكشف العملي السحري، دفعت اللجنة الهندسية للقوات المسلحة بتأجيل استخدام جهاز كومبليت كيور " Complete Cure Device" لعلاج فيروس سي، بناءً على أمر من عبد الفتاح السيسي لتشكيل لجنة علمية من أطباء وأساتذة الجامعات المصرية لإعادة دراسة الجهاز للخروج بنتائج علمية أكثر دقة.

وتبنت الهيئة الهندسية الدفاع عن الجهاز أمام سخرية وانتقادات وتهكمات الهيئات الطبية في الداخل والخارج، وزعم قال د. مصطفى العوضي -أستاذ الفيروسات الكبدية بالمركز القومي للبحوث، وأحد أعضاء الفريق البحثي المشارك في جهاز القوات المسلحة للقضاء على فيروس "سي"- في فبراير الماضي، إن الجهاز يخضع للتجارب البحثية، ويشرف على ذلك قطاع الخدمات الطبية للقوات المسلحة، معلنًا أنه سيتم كشف النقاب عنه بعد انتهاء التجارب، مرجحا انتهاء التجارب بعد عام.

ومع تكشف أن مخترع الجهاز ليس طبيبا ولم يحصل على شهادة علمية في هذا المضمار، ولكنه نجح في التغرير بالسيسي وعصابته وتبين أن "جهاز الكفتة" أحد فناكيش قائد السيسي، قررت النقابة العامة للأطباء إحالة 9 أعضاء جدد، من المروجين لجهاز الكشف عن الأمراض الفيروسية "سى فاست" الشهير بـ"جهاز الكفتة"، إلى لجنة آداب المهنة وملاحقة اثنين من غير الأطباء بتهمة انتحال صفة طبيب، أحدهما اللواء إبراهيم عبدالعاطى، وذلك بناء على مذكرة أعدتها مجموعة من الأطباء، بتكليف من هيئة مكتب النقابة.

أزمة سوفالدي

ومع فضيحة علاج "الكفتة" وتذمر الملايين من مرضي فيروس سي بسبب تلاعب دولة السيسي بهم والمتاجرة بمعاناتهم، أعلنت صحة الانقلاب عن استيراد عقار سوفالدي لعلاق مرضى الكبد، لتضاف إلى متاعب المرض معاناة الترقب في قوائم الانتظار بالمستشفيات المخصصة لصرف العقار والتي وصلت إلى أعدادهم بالآلاف لم يصرف منهم الدواء سوي نسبة 8% فقط بينما ينتظر الباقون مصيرهم المحتوم.

وقررت منظومة السيسي الصحية مضاعفة معاناة المرضي رغم تطبيل إعلام العسكر لصفقة سوفالدي، حيث أصدرت وزارة صحة الانقلاب قرارا أثار أزمة في سوق الدواء حمل رقم 192 لسنة 2015، بأنه لا يجوز صرف المستحضر إلا بشروط محددة أهمها: وجود تذكرة طبية من طبيب متخصص مختومة وبها بروتوكول العلاج ويحتفظ الصيدلي بصورة منها بعد اطلاعه على الأصل، وبعد اعتماد الطلب يقوم الصيدلي باستلام الكمية المطلوبة من فرع شركة التوزيع، ويكون الصرف بواقع علبة واحدة، ولا يجوز صرف علبة آخري قبل انقضاء 25 يوما.

د.أسامة -رستم عضو الغرفة ونائب رئيس واحدة من أكبر الشركات المصرية- أكد أنه حتى من الناحية العلمية يعتبر القرار خاطئاً فكيف نصرف للمريض علبة واحدة؟ في حين أن كورس العلاج هو ست علب كاملة لماذا لا يسمح له بشراء كل الجرعة إذا كان قادرا لضمان استمرار العلاج؟.

ولأن الشعب المصري أخيرا وجد "من يحنو عليه" أكد د. أحمد العزب رئيس غرفة صناعة الدواء أنه تم تخفيض سعر السوفالدى المصري إلى 2400 جنيه في الصيدليات بدلا من 2670 جنيها، ما يكشف بجلاء شعور السيسي بمعاناة الشعب المصري المادية قبل الصحية وتوفيرها العلاج اللازمة بأسعار في متناول الجميع.

وما بين "الكفتة" و"سوفالدي" حصدت مصر المركز الأول في معدلات الإصابة بفيروس سى، بحسب أحدث الإحصائيات التي رصدتها "منظمة الصحة العالمية" في نهاية العام الماضي؛ حيث جاءت مصر على رأس قائمة الدول الأكثر إصابة بالفيروس، بنسبة 22% من الشعب المصري مصابين بالفيروس.

وحذرت المنظمة من دخول مصر في نفق تحول هذا الفيروس إلى وباء قاتل في حالة استمرار الوضع كما هو عليه، كما أنها احتلت أيضًا المرتبة الأولى عالميا في عدد المصابين بأمراض القولون، ووقفت في مقدمة قائمة الدول الأسوأ في الرعاية الصحية على مستوى العالم.

مفيش دم

زيارة واحدة إلى المصل واللقاح؛ حيث ثلاجات "بنك الدم" الخاوية على عروشها، كفيلة بأن تكشف المأساة الحقيقية التي تحاصر مئات المرضى في كل يوم لاستجداء "كيس دم" قد ينقذ مريضًا من موت محقق، أو يسعف مصاب في غرفة طوارئ، بينما باءت محاولات حملات التبرع بالدم بالفشل في ظل انعدام الثقة بين المواطن وبنوك الدم ما بين قناعته بمتاجرة تلك الجهات بدماء البسطاء أو جهله بمصير "ما تبرع به".. وهل ذهب لمن يستحق أم لمن يدفع أكثر؟ وبين مشاهد دموع وتوسل "الغلابة" من أجل "كيس واحد".

رئيس الجمعية المصرية لخدمات الدم "فاتن مفتاح" اعترفت أن هناك بالفعل عمليات يتم تأجيلها لحين توافر أكياس الدم التي تحتاج إليها مما يدل أن هناك نقصا في توافرها ولكن لم نصل لمرحلة موت احد نتيجة النقص. وأرجعت فاتن الحالة إلى نقص التبرع بالدم طوال السنة بسبب عدم وجود وعي صحي عند المواطنين، والمفهوم السائد أن التبرع بالدم يكون أوقات الطوارئ أو عند وجود حالات تحتاجه، وهذا مفهوم خاطئ لأن الحالات التي تحتاج إلى الدم موجودة طوال العام وفي جميع المستشفيات، ولا تقتصر فقط على الحالات الطارئة.

وشددت المدير العام السابق لخدمات الدم بوزارة الصحة على أن التبرع بالدم يذهب لمن يستحقه، وفي الأغلب بدون مقابل، والحالات التي تأخذ الدم بمقابل في المستشفيات الخاصة لا يعني الاتجار به، ولكنه فقط لتغطية تكاليف الفحوصات التي يمر بها هذا الدم قبل استخدامه للمريض، إلا أن الواقع يعكس وصول سعر كيس الدم إلى 800 جنيه.

أفرز النقص الحاد في أكياس الدم، ظاهرتين في المستشفيات: الأولى: تتعلق بانتظار المرضي لفترات طويلة في انتظار أكياس دم خاصة من أصحاب الفصائل النادرة، والمترددين باستمرار من مرضى الغسيل الكلوي والهيموفيليا وأنيميا البحر المتوسط والأنيميا المنجلية والسرطان وتليف الكبد وفقر الدم وغيرها، وهو ما أسفر عن ظهور ظاهرة اشتراط إدارة المستشفى والأطباء تبرع الأهالي بالدم قبل التعامل مع ذويهم.

من جانبها أكدت د. هالة عدلي حسين -رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب بشركة خدمات الدم "فاكسيرا"- أنَّ مصر تعاني نقصًا في مشتقات الدم وخاصة الألبومين وفاكتور 8، فاكتور 9 والأنتي أر إتش وغيرهم، لعدم وجود مصنع لإنتاج مشتقات الدم.

بدوره، كشف د. إيهاب سمير -مدير عام بنك الدم- أن بنوك الدم في مصر لا تغطي سوى ثلث احتياجاتنا، مشيرا إلى أن هناك نقصا حقيقيا بالمخزون الاستراتيجي من الدم ومشتقاته، فضلًا عن تدني مستوى الوعي المجتمعي عن أهمية التبرع وفوائده، كما أن هناك قصورًا بأطقم العمل لاستهداف مناطق جغرافية أكبر بحملات التبرع وخدمات نقل الدم.

مديرة مركز صرف الدم ومشتقاته د.رانيا عبد القادر، اعترفت بأن المركز يعاني نقصًا بفصائل الدم السالبة، لأنها نادرة وقليلة مقارنة بالفصائل الموجبة، ومن ثم لا تغطي كافة احتياجات المرضى، مؤكدة أن سعر كيس الدم ذات الفصيلة الموجبة 335 جنيهًا، والفصيلة السالبة 360 جنيهًا.

إضراب البالطو الأبيض

على مدار عام من حكم السفاح بح صوت الأطباء من أجل الحصول على كادر يضمن لهم حياة مستقرة ويتناسب مع المخاطر التي يتعرضون لها، إلا أنه شأنهم شأن باقي المطالب العمالية التي لم تجد حياة لدى النظام العسكري الفاشي، وانتهت إلى إصدار قانون بتجريم الإضراب.

وما بين إضراب جزئي وكلي، ومؤتمرات وندوات ولقاءات عجز الأطباء عن الوصول إلى صيغة تفاهم، رغم مشروعة المطالب التي تتمثل في رفع موازنة الصحة بما يتوازى مع المعدلات العالمية والتي تصل في العديد من الدول إلى نحو 15% من الناتج المحلي، بينما لا تتجاوز في مصر 3% فقط، مما يجعل الخدمة الطبية شكلية، وتحديث هيكل الأجور للأطباء، وتطبيق الكادر الخاص حتى يتسنى لهم إصلاح المنظومة الطبية، علاوة على ضرورة رفع بدل العدوى وبدل المهن الطبية وبدل المخاطر وبدل التفرغ

إذ ليس من المعقول أن يتقاضى الطبيب 14 جنيهاً بدل عدوى، و29 جنيهاً بدل تفرغ، ومن ثم فإن هذه المبالغ الهزيلة لا تنشئ منظومة طبيبة سليمة على الإطلاق، والاهتمام بالمنظومة التعليمية والتدريبية للأطباء، وحماية المستشفيات من البلطجة، ومراجعة المعاش الهزيل الذي يتقاضاه الطبيب والذي يقدر ما بين 800 أو 900 جنيه، فضلاً عن مكافأة نهاية الخدمة التي تبلغ 18 ألف جنيه، بينما تصل هذه المكافأة إلى 40 أو 50 ألف جنيه للعديد من العاملين بالجهاز الإداري للدولة.

وتوالى دخول الأطباء بالمستشفيات الحكومية في إضرابات عن العمل بالمستشفيات التابعة لوزارة الصحة، تنفيذا لقرار الجمعية العمومية لنقابة الأطباء، بسبب تجاهل الحكومة مطالبهم الخاصة بإنشاء منظومة صحية تضمن للأطباء حياة كريمة، لاسيما أنهم أكثر الفئات التي تتعرض للعدوى من المرضي بأخطر الأمراض وإقرار كادر للأطباء.

ونجحت وعود الانقلاب في تعليق الأطباء لإضراباتهم لبعض الوقت، قبل أن تعود من جديد لتطفو على السطح، حيث عادت الانتفاضة من جديد لعدد من الأطباء وأطقم العاملين بالمستشفيات التابعة للمؤسسة العلاجية وعدد من القطاعات الأخرى بالمستشفيات التابعة لوزارة الصحة، وذلك بعد العديد من المطالبات بصرف الحوافز الخاصة بهم والتي ينص عليها قانون 14 ولم يتم تنفيذها حتى هذه اللحظة.

وقال د. حسام كمال، المتحدث باسم نقابة الأطباء، إن السبب الرئيسي في اشتعال حالة الغضب مرة أخرى لدى الأطباء هو “الكتاب الدوري” الصادر من وزارة المالية، والذي أعلن رسميًّا عدم وجود حوافز للأطباء، وهو ما يعد تنصلاً من جميع الوعود التي جاءت في اجتماع رئيس الوزراء، والذي كان قد تمت الموافقة فيه على صرف الحوافز، مؤكدًا أن “تعامل المسئولين في وزارة الصحة مع الأزمات لم يتغير عن عصر وزير الصحة الأسبق حاتم الجبلي، فيمكنك أن تطالب بأبسط حقوقك لشهور دون آذان مصغية، طالما لم يكن لديك القدرة على التصعيد.

وفي ذات السياق قال د. أحمد فتحي، عضو نقابة الأطباء، إنه يجب على الأطباء استخدام اللغة التي لا تفهم غيرها وزارة الصحة حتى الآن، وهى الإضراب، مطالبًا المسئولين بمنح الأطباء حقوقهم؛ لأنها ببساطة حقوقهم، وليست لأنهم مقبلون على إضراب تحميه النقابة، متمنيًا تغييرًا جذريًّا في عقلية الإدارة في مصر.

الجمعيات الطبية

وفى الوقت الذي ظن السيسي أنه يحاصر الإخوان بمصادرة الجمعيات الأهلية، كان يذبح دون أن يدري المواطن البسيط الذي وجد علاجه في مستشفيات الجمعيات الأهلية وبأسعار تشعر بمعاناة المواطن البسيط، وراحت دولة العسكر تغلق وتتحفظ وتحاصر المستشفيات وطرد المرضى والأطفال في خطوة بدأتها لجنة التحفظ على أموال الإخوان بـ33 مستشفى وكيان طبي.

وحرمت لجنة "السيسي" 4 مليون مواطن يمثلون -ثلث مرضى الجمهورية بحسب تقرير وزارة الصحة عام 2008- من العلاج بالتحفظ على أموال وممتلكات الجمعية الطبية الإسلامية، وتجميد ومصادرة 138 فرعا من فروع الجمعية الشرعية، والتي تقدم مستشفياتها والمراكز الطبية التابعة لها، العديد من الخدمات الطبية، وأبرزها توفير حضانات بأسعار رمزية للأطفال المبتسرين؛

حيث تمتلك 1090 حضانة منتشرة في 18 محافظة، جعلها تحتل المرتبة الأولى من حيث عدد الحضانات على مستوى العالم، في الوقت الذي لم تتجاوز فيه عدد الحضانات بمستشفى قصر العيني 25 حضانة تتكلف الليلة الواحدة فيها حوالي ألف جنيه، وتقدمها الجمعية مجانًا.

وتمتلك الجمعية الشرعية 90 جهازا لغسيل الكلى؛ حيث تقدم خدمة الغسيل الكلوي لأكثر من 1200 حالة شهريا، كما تقوم بعمل توصيل شريان بوريد بعدد 300 حالة شهرية وعملية قسطرة بعدد 100 حالة شهرية بالإضافة لمعامل التحاليل اللازمة لفحص الفيروسات للمريض.

اعتقال الأطباء

وفى جريمة لم يرتكبها أشد الأنظمة قمعية، شنت دولة السيسي حملة قتل واعتقالات واسعة بحق الأطباء كأبرز النقابات الطبية والتي حصلت على المركز الأول في عدد المعتقلين من أبنائها، بعد أن تجاوز عدد المعتقلين من الأطباء إلى 205 أطباء، بينما بلغ عدد القتلى 35، والمصابين أكثر من 100 طبيبًا.

ومن أبرز المعتقلين د. جمال عبد السلام الأمين العام السابق لنقابة الأطباء وهو من أبرز الأسماء المشهود لهم في العمل الإغاثي داخل مصر وخارجها، حيث شغل منصب أمين عام مساعد اتحاد الأطباء العرب، ويرأس لجنة الإغاثة الإنسانية بالاتحاد ومدير لجنة القدس، وقد تم اعتقاله بتهمة الانتماء إلى تنظيم سياسي محظور والتحريض على أعمال عنف.

ود. عصام العريان، ود. أسامة ياسين وزير الشباب السابق، ود. حسن البرنس نائب محافظ الإسكندرية، ود. محمد البلتاجي، ود. ة أمل باغوغو، ود. حمدي عبيد أمين عام نقابة الأطباء بالبحيرة السابق، ود.عبد الناصر صقر نقيب أطباء الجيزة، ود.أحمد الصروي عضو مجلس نقابة أطباء القاهرة السابق، ود. محمد الزناتي منسق المستشفى الميداني برابعة العدوية.

ولم يسلم الأطباء من نيران العسكر فلقي 25 طبيبًا مصرعهم، منهم الطبيب محمود صبري أبو العينين بطلق ناري في الصدر، وخالد كمال رياض طبيب الرمد ببني سويف، بطلق ناري في الصدر، ومصطفى أسامة عبد الحميد، ومعتز محفوظ سليمان أبو بكر، وباسم أحمد عبد الفتاح، وعبده السيد عبده، وماجد أحمد يوسف وآدم حاتم آدم، وياسر طه، وياسر السعيد، ومن لم يمت بالرصاص مات من الإهمال داخل السجون وعلى رأسهم د. طارق الغندور أستاذ الأمراض الجلدية بجامعة عين شمس، وقد توفى أيضًا داخل سجن مزرعة طره، بعدما تعرض في سجنه لنزيف حاد استمر ثماني ساعات.

وأصدرت نقابة الأطباء بيانًا خاطبت فيه النيابة العامة، قالت فيه إنه على مدار تاريخ مصر لم يحدث أن تم القبض على هذا العدد الكبير من الأطباء باتهامات جنائية لا يقابلها دليل، مشيرة إلى أن خلو الأوراق من أدلة الاتهام تشعرهم وكأن الأطباء مستهدفون من قبل أجهزة الأمن دون سبب أو مبرر.

وأكد البيان أن الأطباء المحبوسين احتياطيًا معظمهم تم القبض عليهم أثناء تأدية واجبهم المهني والإنساني خلال العمل داخل المستشفيات الميدانية التي أقيمت أثناء التظاهرات أو الاعتصامات، لإغاثة المصابين والجرحى أو من عياداتهم الخاصة أو من منازلهم أو أثناء انتقالهم إلى أماكن.

طرد المرضي

وفى عهد الزعيم الملهم لم يجد المرضي أسرة لتلقي العلاج بعدما ضاقت بهم مستشفيات الانقلاب الأمر الذي أجبر سيدة بوضع مولودها على رصيف مستشفى كفر الدوار العام بمحافظة البحيرة، بعد أن قام طبيب بطردها من المستشفى، لعدم امتلاك زوجها ثمن عملية الولادة القيصرية. ولم يتردد "ملائكة الرحمة" في طرد المرضى خارج المستشفيات بسبب عدم توافر المال اللازم لاستكمال العلاج، لتنقل الكاميرات في غير مرة صور لمرضي يفترشون أسوار الوحدات الصحية في الإسكندرية وأسوان والشرقية والقليوبية.

وتمتلك مصر 660 مستشفى حكوميا، تعانى نقصا خطيرا في الخدمة الصحية والأدوية، يبلغ 52% في الحضر و82% في الريف، كما يصل نقص المعدات إلى 51% في الحضر و70% في الريف والأخصائيين بنسبة 36% في الحضر و80% في الريف، وذلك بحسب إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء.

تلك الأرقام ربما وجدت معها منظومة السيسي مبررا لإلقاء المرضى في الشارع، فألقى مسئولو قسم الأمراض العصبية والنفسية في مستشفى جامعة طنطا مريضًا يعاني من جلطة دماغية، في الشارع لمدة 15 يومًا، دون أيّة رعاية، بدعوى عدم وجود مرافق يتعامل مع إدارة المستشفى، فيما قرَّر د. طارق خليفة، القائم بأعمال مدير المستشفى الأميري الجامعي بالإسكندرية، التحقيق في واقعة طرد مريض يعاني نزيفًا بالمخ من وحدة العناية المركزة بالمستشفى.

وقامت مستشفي الأحرار بالزقازيق بطرد مواطنا يدعي "إبراهيم" مريضا ب تليف في الكبد، وفيروس سي، ودوالي في المريء، بعدما رفض الطبيب إجراء الكشف الطبي عليه وأمر أمن المستشفي بإلقائه في الخارج.

الأوبئة والتسمم

ارتفعت في عهد السيسي نسب انتشار الأوبئة والأمراض المعدية إلى معدلات غير مسبوقة في مصر، ما ينذر بكارثة صحية في الأفق المنظور، حيث أعلنت وزارة الصحة في ديسمبر المنصرم عن إصابة 1823 حالة بمرض الغدة النكافية، و1115 بالجديري المائي، و1356 بالحصبة، و15 بإنفلونزا الطيور خلال العام الماضي.

كما ارتفعت حالات الإصابة خلال 2014 فقط إلى 26 حالة، توفى منهم 10 حالات على الأقل، وشفى 12 حالة شفاء، بحسب البيانات الرسمية لوزارة الصحة. وسادت حالة من الرعب والقلق بين أهالي "سيوة"، في شهر ديسمبر الماضي، بعدما حصد مرض "الحصبة" أرواح 8 أطفال، وارتفاع حالات الإصابة بالمرض لأكثر من 200 حالة؛ بسبب انعدام الرعاية الصحية وعدم توفير التطعيمات اللازمة للوقاية من المرض.

وفى محافظة الشرقية، أصيب ما يتراوح بين خمسمائة إلى ألف مواطن بحالات تسمم جماعي من مياه الشرب، في شهر إبريل الماضي، حسب التصريحات الحكومية وغير الحكومية، وقد سبقتها حالات تسمم بين الطلاب بالمدينة الجامعية بجامعة الأزهر؛ حيث وصلت حالات تسمم طالبات جامعة الأزهر بمحافظة أسيوط إلى 1600 طالبة، في شهر يناير الماضي، فيما تعددت إصابات طلاب المدارس في أكثر من مناسبة بالتسمم جراء وجبات غذائية فاسدة.

مأساة الأدوية

وكما وجد مريض فيروس سي ضالته في عقار يتجاوز سعره 2400 جنيه "بعد التخفيض"، وجد المواطن البسيط دواره في متناول جيبه، بعدما ارتفعت أسعار الأدوية بصورة مفاجئة وبشكل غير مسبوق؛ بنسبة بلغت من 100% إلى 300%.

وخالفت شركات الأدوية قرار رقم 499 الخاص بتسعير الدواء، والذي ينص على: هامش ربح الصيدلي في المحلى والمصنع والمعبأ بمصر 25%، والمستورد وسعره أقل من 500 جنيه 18%، والمستورد وسعره أكثر من 500 جنيه 15%، المدعم 8%، السداد النقدي 4.5% إضافي من سعر بيع المصنع، زيادة الربح تسرى للأدوية المسجلة بعد 1- 7- 2012، الأدوية المسجلة حاليا ستزيد تدريجيا بواقع 1% سنويا حتى تصل لنفس نسب هامش الربح السالفة الذكر، 1% زيادة في خصم كل الفواتير لتعويض التواريخ التالفة مع الاحتفاظ بحق الصيدلي في الارتجاع إذا زادت النسبة عن ذلك بنسبة مماثلة، جميع الأدوية المصنعة ذات الربح 25% يبقى ربحها 25% إذا تم استيرادها بعد ذلك.

د. محمود فتوح -رئيس اللجنة النقابية للصيادلة الحكوميين- توقع أن تشهد الأيام المقبلة موجة جديدة فيما يتعلق برفع أسعار الأدوية، مؤكدًا أن أى زيادة في أسعار الأدوية تكون معتمدة من وزير الصحة، بعد موافقة لجنة التسعير بالوزارة على الطلب المقدم من شركات الأدوية.

بدوره، د. محمد سعودي -وكيل نقابة الصيادلة- أرجع زيادة الأسعار مؤخرا بصورة مفاجأة إلى فشل الحكومة في تسعير الأدوية بطريقة تصاعدية، موضحا أن حكومة العسكر وضعت كل الأحمال على الصيادلة دون شركات القطاع الخاص والحكومي، في مقابل زيادة تسعيرة العمالة والضرائب والتأمينات وما يتعلق بالغرف التجارية.

ومن ارتفاع الأسعار إلى اختفاء 830 دواء من السوق، إلى كارثة وجود أكثر من 7% من الأدوية المغشوشة على مستوى العالم يتم إنتاجها في مصر وفقاً لنقابة الصيادلة المصرية، بينما يتراوح حجمها بين 15 و20% على مستوى تجارة الدواء في مصر. كافة الأرقام والإحصاءات تكشف عن حصاد مر لعام من حكم السفاح لم ينج خلاله أى من أطراف المنظوممة من مقصلة غياب الرؤية والعجز والفشل في إدارة الملف، فمات المريض وأضرب الطبيب واختفي الدواء، ولازال المجتمع في انتظار "كفتة عبد العاطي".

المصدر