"ترامب" والرعب المحتمل !

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
"ترامب" والرعب المحتمل !


عز الدين الكومي.jpg

عز الدين الكومي

( الجمعة, 11 نوفمبر 2016)


سيل من التصريحات والتحليلات مِن هنا وهناك صاحبت فوز "ترامب" برئاسة أمريكا.

وقد كانت تصريحات الأوربيين الأكثر رعبا وخوفا من هذا القادم النزق!!

فقد صرح أحد الوزراء الأوربيين قائلا: بفوز "ترامب" العالم سيزداد جنونا، وقالت وزيرة أوربية : إنها لصدمة كبرى، وقال وزير ثالث :سنواجه أوقاتا عصيبة!! كما أن تصريحات الرئيس الفرنسي "فرانسوا هولاند" الذي قال: إن فوز "ترامب" سيفتح الباب أمام سيل من الشكوك.

لذلك قررت دول الاتحاد الأوروبي عقد اجتماع طارئ مطلع الأسبوع القادم لبحث الموقف تجاه أمريكا و"ترامب"!!

كما أن الصحافة لم تبتعد كثيرا عن أجواء الرعب والخوف جراء فوز "ترامب"، فقد قالت صحيفة الجارديان: الأمريكيون فعلوا شيئا خطيرا جدا باختيارهم "ترامب" هذا الأسبوع لذلك فنحن جميعا مقبلون على أوقات مظلمة غير آمنة ومخيفة، لأن قدرة "ترامب" على زعزعة الاستقرار لا حدود لها، وأنه يستطيع دفع حالة العالم للأسوأ في جميع مجالات سياسته، سواء الدفاعية أو الدبلوماسية أو الأمن والبيئة والتجارة !!

وقد خيم الرعب والحزن على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، وتصدَّر هذه المواقعَ وسمٌ بعنوان: (لهذا نحزن اليوم!! ( ولكن فوز "ترامب" فى النهاية هو اختيار الشعب الأمريكي، لكن هل هو من اختياره فعلا، بالتأكيد لا؛ لأن الشعب الأمريكي ضحية الإعلام الموجه، والأجهزة المتنفذة واللوبي اليهود ي!!

ومع ذلك يمكننا القول: أن "ترامب" كشف عن الهوية المزاجية العنصرية لدى الأمريكيين، بدليل أن "ماري لوبان" زعيمة الحزب اليميني المتطرف وامتلأت في أقطار نفسها فرحا وطربا لفوز "ترامب" !!

"ترامب" لعب على وتر تهديد الهوية الأمريكية، وأنها في خطر عظيم جراء الهجرة المتزايدة، فدغدغ هاجس الخوف لدى الأمريكيين!!

كما أن الناخب الأمريكي استسلم لـ "ترامب" ولنظرية صدام الحضارات لـ "صموئيل هانتنغتون"،التي تقوم على الهويات الدينية والثقافية كمحرّك رئيس للعلاقات بين الشعوب!! كما أن الناخب الأمريكي الذي صار أسيرا لخطاب "ترامب"، خاصة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية الرافضة للعولمة، وضرورة الاهتمام بالداخل الأمريكي، فضلا عن طبيعة الأمريكيين التي تميل للأقوى، وأن "ترامب" سيعيد النظر في نظرية القيادة من الخلف التي انتهجها "أوباما"، وأنه يتبنى سياسة إلغاء الحماية العسكرية الأمريكية المجانية التي تقدمها أمريكا لكل من اليابان وكوريا الجنوبية ودول الخليج، وقيادة العالم بشكل إستراتيجي، لا يوقعه في فخ الصراعات الزمنية القصيرة، ولذلك كان يكرر دائمًا أن غزو العراق هو أكبر خطيئة في تاريخ أمريكا!! كما أن "ترامب" يؤيد الأنظمة العربية الدكتاتورية طالما تقوم بدورها فى حماية الكيان الصهيوني، وبالتالي لا مانع لديه من غض الطرف عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات!! لذلك فإن مَن صوّتوا لصالح "ترامب" اختاروه، لاعتماده الصراحة في تناول القضايا التي تهمهم، مثل البطالة وتدني مستوى وضعهم الاجتماعي وتذمرهم من ممارسة السياسة والدفاع عن قيمهم المجتمعية المحافظة، وكأنهم وجدوا في "ترامب" رغم سقطاته السياسية وتصريحاته النارية، ضالتهم المنشودة!!

لكن الحقيقة التي لا مرية فيها وبالرغم من التخوفات التي أبداها البعض من فوز "ترامب"؛ ليس هناك فارق كبير بينه وبين "هيلاري كلينتون"، فكلاهما داعم للكيان الصهيوني، ولكن الفارق الوحيد بينهما، هو أن "هيلاري" تريد ذبح المسلمين بطريقة خفية بينما "ترامب" كان واضحا ويتحدث بشكل مكشوف وصريح!!

"ترامب" كشف الوجه الحقيقي لأمريكا والذي حاولت الإدارات السابقة إخفاءه لعقود!! ومن يدري فإن "ترامب" ربما يكون هو من سيقود تفكيك الولايات المتحدة الأمريكية، كما قاد "جوربتشوف" تفكيك الاتحاد السوفيتي السابق، وذلك لأن الرجل أحمق ونزق !!

وقد كان الصهاينة أكثر المبتهجين بفوز "ترامب" بعد تدهور العلاقات بين "نتنياهو" و"أوباما" رغم المعونة العسكرية الضخمة التي قدمها "أوباما" للصهاينة كرشوة من الحزب الديمقراطي للصهاينة استعطافا للوبي الصهيوني ومحاولة الحصول على أصوات اليهود والمال والإعلام المساند!!

كما أن الذين حزنوا لفشل "كلينتون" من حكام العرب، فأمريكا دولة مؤسسات وسياستها واحدة تنبع من المصالح الأمريكية وعنصرية أمريكا فى التعامل مع العرب والمسلمين، ورأينا قانون "جاتسا" الذي صدر بتوافق تام بين أعضاء الكونجرس من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، وهذا خير دليل على توجه الأمريكان نحو التطرف والعنصرية البغيضة!!

أما لعبة مراكز استطلاع الرأي والتي انخدع بها العالم طوال السنتين الماضيتين، والتي أشارت كلها إلى تقدم "كلينتون" بفارق ثلاث نقاط كاملة إلى ما قبل الاقتراع بسويعات؛ فقد اتضح أنها فى حقيقتها ليست إلا نوعا من التخدير الذي تمارسه هذه المراكز !! فالناخب الأمريكي انحاز للمرشح الذي لعب على وتر إعادة الولايات المتحدة إلى مكانتها كقوة عسكرية واقتصادية عظمى يحق لها فرض هيمنتها على الجميع واستعادة دورها كشرطي العالم!!

ولقد شهدت الإمبراطورية الرومانية حالة مشابهة لما تشهده أمريكا اليوم بفوز "ترامب"؛ فقد تولى "كاليغولا" السلطة، ولكنه اكتشف أن العامة في الإمبراطورية الرومانية يستمتعون بما يفعله حتى أنه أراد جعل حِصانِه عضواً في مجلس الشيوخ الروماني، تماما كما يفعل "ترامب" !!

"ترامب" الذي يمجد ويمدح الطاغية الكوري الشمالي "كيم"، قائلا: أن الطريقة التي أعدم بها خصومه السياسيين تدل على أنه هو السيد، وأن "كيم" عندما جاء إلى السلطة في سن 28 عاماً، استطاع دعم حكمه من خلال سلسلة من العمليات التطهيرية، من بينها إعدام عمه، "جانغ سونغ ثايك" كل ذلك منحه ثقة، لقد سيطر على كل هؤلاء الجنرالات على حين غرة هذا أمر مدهش، كيف استطاع أن يفعل ذلك؟

ولقد هلل النظام الانقلابي بفوز "ترامب"، وكان قائد الانقلاب أول المهنئين لـ"ترامب"، كما أن الأذرع الإعلامية لنظام الانقلاب والإعلام الانقلابي اعتبرت فوز "ترامب" ضربة قاضية لجماعة الإخوان المسلمين  !! بالطبع لأن الأخت "هيلاري كلينتون" مسؤولة الأخوات بالأمريكتين فشلت في الانتخابات ، وبالتالي سيخسر الإخوان حليفتهم الديمقراطية!!

وأخيرا: للمتخوفين من فوز "ترامب" نقول لهم: ما عساها أمريكا والاتحاد الأوربي والصهاينة ومِن خلفهم روسيا وإيران أن يفعلوا أكثر مما فعلوا بالعرب والمسلمين؟؟!!

لتكن هذه فرصة لتوحد المسلمين.

{وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ} [البروج: 20] !!

المصدر