"تيران وصنافير".. حكم تاريخي جديد والتفاف انقلابى مرتقب

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
"تيران وصنافير".. حكم تاريخي جديد والتفاف انقلابى مرتقب


يران وصنافير.. حكم تاريخي جديد.jpg

(27/08/2016)

كتب: بكار النوبي

مقدمة

منعطف جديد تمر به "قضية تيران وصنافير"، وذلك بعد قبول المحكمة الإدارية العليا، اليوم السبت، في حكم تاريخي جديد، طلب رد هيئة المحكمة التي تنظر طعن الحكومة على بطلان اتفاقية ترسيم الحدود التي أبرمها قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، في شهر أبريل الماضي 2016.

وأصدرت محكمة القضاء الإداري، في 21 يونيو الماضي، حكما غير نهائي ببطلان الاتفاقية، وبطلان تسليم الجزيرتين للسعودية، كما قضت باستمرار تبعية الجزيرتين للسيادة المصرية؛ وهو الحكم الذي لاقى ترحيبا كبيرا من الشارع المصري بمختلف فئاته وأطيافه، ولكن هيئة قضايا الدولة- وهي الجهة الممثلة للحكومة- طعنت على الحكم.

ومع نظر طعن الحكومة، تقدم عدد من المحامين بطلب رد هيئة المحكمة التي تنظر طعن الحكومة، واتهموها بالانحياز للنظام، مقدمين أدلة على ندب أعضاء بالدائرة للعمل بجهات حكومية، إضافة إلى تصريحات المستشار مجدي العجاتي، وزير الشؤون القانونية والنيابة بالحكومة، التي اعتبرت تدخلا سافرا في عمل المحكمة، وهو ما يفقد هيئة المحكمة النزاهة والحيدة اللازمتين لنظر القضية وطعون الحكومة.

ومع طلب رد الدائرة التي تنظر طعون الحكومة، أوقفت المحكمة الإدارية، في يونيو الماضي، نظر طعن الحكومة المصرية على حكم بطلان الاتفاقية، لحين الفصل في طلب رد هيئة المحكمة، الذي تقدم به أحد المحامين بدعوى "رفع الحرج عن السلطة القضائية نتيجة لمحاولات السلطة التنفيذية الأخيرة التدخل في عملها، وتصريحات مجدي العجاتي وزير الدولة للشؤون النيابية، وزيارة ممدوح شاهين مساعد وزير الدفاع لمجلس الدولة".

وزعم وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب مجدي العجاتي، في تصريح سابق، أن "المستندات التي تملكها الدولة بشأن اتفاقية تيران وصنافير لم تكن أمام القاضي في حكم البطلان".

حكم تاريخي جديد للقضاء الإداري

وأكدت الدائرة السابعة بالمحكمة الإدارية العليا، في حيثيات حكمها اليوم السبت برد الدائرة التي تنظر طعن الحكومة على بطلان اتفاقية تيران وصنافير، أن الدائرة المطلوب ردها افتقدت الحيدة الواجبة في نظر الطعن المقام أمامها. وأكدت المحكمة أنه تبين لها وجود نوع من المودة بين الدائرة وأحد الخصوم، ما يجعلها لا تستطيع أن تحكم بغير ميل، ومن هنا وجب تنحيتها عن نظر هذا الطعن.

وأضافت المحكمة، في حيثيات حكم اليوم، أن "الدائرة المطلوب ردها لم ترد على ما جاء في طلب الرد بأن هناك نوعا من السرعة والتعجل في نظر الطعن، وقبل خروج رئيس المحكمة الذي ينظر الطعن للمعاش ببضعة أيام، وكذا ندب مستشارين لجهات حكومية".

وأضافت الحيثيات أنه تبين للمحكمة أن أعضاء الدائرة التى تم ردها وبالمخالفة للقانون، قاموا بالرد الجماعي على طلب الرد، في حين أن القانون ينص على أن يرد كل قاض على حدة في خطاب سري عن الأسباب المطلوب أن يرد على أساسها. وقالت المحكمة، إن الدائرة المطلوب ردها امتنعت عن تقديم المستندات الخاصة بالقضية، ما يضفي مصداقية حول ما جاء به طالب الرد بوجود أوراق أو توقيعات أو أسماء لأعضاء الدائرة المطلوب ردها في تلك الأوراق.

خفايا علاقة قضاة الدائرة بالحكومة

وكشف محامون من هيئة الدفاع بالقضية عن أن من أسباب حكم المحكمة أن وزير الدولة للشؤون القانونية المستشار مجدي العجاتي، الذي كان أحد أعضاء هيئة المحكمة الإدارية العليا، كان قد أصدر بيانا في نفس اليوم الذي صدر فيه حكم القضاء الإداري ببطلان الاتفاقية، قال فيه: إنه يجب على القضاء الإداري النظر على وجه السرعة في الطعن المقدم من الحكومة، وبالتالي ظهر الأمر وكأنه يعطي تعليمات لهذه المحكمة.

والسبب الآخر، بحسب السفير معضوم مرزوق عضو هيئة الدفاع، هو أن أحد أعضاء الدائرة التي طُعن عليها بالرد، كان يعمل مستشارا في منتدى بجامعة القاهرة، التي أعطت قلادة للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، في نفس توقيت منح الجزيرتين للسعودية، وأن هناك مستشارا آخر بالدائرة كان منتدبا في وزارة الخارجية التي كان لها أيضا دور في الاتفاقية.

التفاف حكومي مرتقب

ويؤكد خبراء وفقهاء قانون أن الحكومة سوف تلتف على الأحكام القضائية الصادرة ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود أو برد هيئة المحكمة التي تم اختيارها لنظر طعون الحكومة، وثبت ولاؤها للنظام بمصالح أكدها حكم الإدارية العليا اليوم السبت.

يعزز من هذه التوجسات والمخاوف تصريحات السيسي في حواره مع الصحف الحكومية، والذي تم نشره على ثلاثة أجزاء، حيث أكد أن المملكة العربية السعودية تتفهم الإجراءات القانونية والقضائية التي تتعلق باتفاقية ترسيم الحدود، وهو ما يمثل رسالة طمأنة من جانبه للمملكة، بأن كل شيء تمام ولا خوف من هذه المناوشات القضائية والقانونية.

وإثباتا لالتفاف الحكومة على الحكم الصادر اليوم، قال المستشار رفيق عمر الشريف، نائب رئيس هيئة قضايا الدولة، ممثل الحكومة أمام الجهات القضائية ومحامي النظام: إن قبول طلب رد الدائرة الأولى (فحص الطعون) بالمحكمة الإدارية العليا، عن نظر طعن الحكومة على حكم بطلان اتفاقية جزيرتي "تيران وصنافير"، منفصل تماما عن الاستشكالات المقدمة من الهيئة ومن الخصوم، والمحدد لنظرها جلسة 6 سبتمبر المقبل.

وأضاف الشريف أن الخطوة المقبلة ستتمثل فى إحالة أوراق القضية لرئيس مجلس الدولة؛ ليحدد دائرة أخرى لنظر الطعن الموضوعي المقام لإلغاء حكم القضاء الإداري ببطلان توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والمملكة العربية السعودية، وبالتالي فإن الدائرة الموضوعية الجديدة لنظر الطعن؛ ستستكمل سير الدعوى دون وقفها، أي أنها ليس لها علاقة بالاستشكالات المقدمة.

في نفس السياق، أكد مصدر رفيع المستوى بهيئة قضايا الدولة، بحسب صحيفة الشروق، أن الإشكال الذي قدمته الهيئة لوقف تنفيذ حكم أول درجة، ليس له علاقة بالطعن، وبالتالي لا يوقف سير الدعوى الموضوعية، مشيرا إلى أنه يمكن تحديد دائرة أخرى لنظر الطعن قبل يوم 6 سبتمبر المقبل، المقرر لنظر الإشكالات السلبية والايجابية المقدمة من الهيئة ومقيمي الدعوى.

وأضاف "إذا صدر حكم موضوعي في طعن الحكومة، فإنه يجُب كل ما قبله، وبالتالي يوقف أثر حكم القضاء الإداري الصادر ببطلان توقيع الاتفاقية، وتقف معه جميع الإشكالات المقدمة، وأيضا منازعة التنفيذ دون التقيد بمواعيد بت سواء في الإشكال أو في منازعة التنفيذ".

عودة إلى المربع صفر

ووصف عصام الإسلامبولي، الفقيه الدستوري، قبول طلب رد هيئة المحكمة بـ"الحكم التاريخي"، لافتا إلى أنه لأول مرة تقبل المحكمة الإدارية العليا طلب رد لدائرى أخرى بمجلس الدولة. وأشار الإسلامبولي إلى أن الخطوة المقبلة في "قضية تيران وصنافير" إحالة أوراقها إلى رئيس مجلس الدولة لتحديد الدائرة صاحبة الاختصاص بنظر الطعن المقدم من الحكومة على حكم القضاء الإداري الأول ببطلان الاتفاقية، وإما أن تقبل الطعن أو ترفضه.

وأكمل "في حالة قبول الطعن ستمر القضية بمرحلتين، الأولى إحالتها إلى دائرة الفحص للنظر في قبول الطعن شكلا، ثم مرحلة أخرى وهي قبول الطعن على "الموضوع" إذا ما قُوبل شكله، وبالتالي تعود القضية للمربع صفر، لافتا إلى أن الحكم الأول بالبطلان واجب النفاذ بقوة القانون ما لم تحكم دائرة الفحص بوقف تنفيذه.

وتستند دفوع هيئة قضايا الدولة في قضية تيران وصنافير بأن اتفاقية ترسيم الحدود عمل من أعمال السيادة التي لا ولاء للقضاء عليها، ولكن للبرلمان، وأنه لا بد من إحالة الاتفاقية إلى مجلس النواب لإقرارها أو رفضها أو تعديل بعض بنودها بحسب ما تسفر عنه مناقشات البرلمان، إلا أن الفقيه الدستوري المستشار طارق البشري فند هذه المزاعم، مؤكدا أنه ليس من أعمال السيادة التفريط في السيادة كما فعل السيسي وتنازل عن الجزيرتين، وهي أرض مصرية خالصة، تؤكد ذلك مئات الوثائق والمستندات.

ويؤكد طارق نجيدة، عضو هيئة الدفاع بالقضية، أن هناك إصرارا حكوميا لغل يد القضاء في النظر بهذه القضية، واستدل على ذلك بأن الحكومة لم ترسل نص الاتفاقية ولم يطلع عليها أحد ولم يناقشها أحد!!.

المصدر