"عمرو حمزاوي" يكتب .. البحث عن دولة طبيعية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٥:٠٢، ٢٦ يوليو ٢٠١٦ بواسطة Man89 (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب''''<center><font color="blue"><font size=5>"عمرو حمزاوي" يكتب .. البحث عن دولة طبيعية</font></font></center>''' '''(12 مايو 2016)''...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
"عمرو حمزاوي" يكتب .. البحث عن دولة طبيعية


(12 مايو 2016)

يتناقض مع الإدارة المسؤولة لشؤون المجتمع وأحوال الدولة أن يهدد الحكم من خلال الأجهزة الأمنية وأجهزة أخرى بتعقب من يختلفون معه، وأن يتعقبهم بالفعل وينزل بهم صنوف العقاب ما أن يجهر البعض بالانتقاد أو المعارضة أو بالرغبة في البحث عن بديل.

لم يرتكب الطلاب والشباب الذين أرادوا التظاهر السلمي والتعبير العلني عن رفضهم لقرارات وسياسات رسمية ما يستدعي سلب الحرية والإلقاء وراء الأسوار وتحريك إجراءات التقاضي والمحاكمات العاجلة. تماما كما لم تتجاوز القيادات العمالية التي تطالب بتحسين شروط العمل ومستويات الأجور، ولم يبتعد عن الصواب الصحفيون الذين رفضوا الاقتحام الأمني لنقابتهم وتمسكوا برفض قرارات "حظر النشر" التي تهدد حرية الصحافة وتفرغ من المضمون حق المواطن في الحصول على المعلومات.

وليس في الأعمال الفنية، إن تلك التي تخترق مناطق المحرمات السياسية كأغاني فريق أطفال الشوارع أو تلك التي تواجه المحرمات الاجتماعية ككتابات أحمد ناجي وغيره، ما يبرر التعقب وسلب الحرية في مجتمع يبحث عن العقل والتقدم ودولة تخال نفسها "طبيعية" وترغب في الامتناع عن الاستعداء المستمر لقطاعات متنوعة من مواطنيها.

الأمر، إذا، هو إننا لم نعد مجتمعا يبحث عن العقل والتقدم. ما أن ارتضت أغلبية من المصريات والمصريين أن تقبل التبرير الفاسد للجرائم والانتهاكات والمظالم الواسعة التي تورط بها الحكم منذ صيف ٢٠١٣ أو أن تصمت عن إدانتها القاطعة، إلا وزج بمجتمعنا إلى خانات الاحتفاء بالجنون والجهل وهيستيريا الجموع التي ترقص فوق الحقوق والحريات المنتهكة طلبا لإنقاذ متوهم وتماهيا مع مخلص منتظر.

ما أن شارك الكثير من المصريات والمصريين في "التفويض الشعبي لمواجهة الإرهاب" وأيدوا إماتة السياسة واختزال إدارة شؤون المجتمع وأحوال الدولة في حديث "الضرورة ومرشحها ورئيسها"، إلا وفتحت في مجتمعنا بوابات جحيم إهدار كرامة المواطن وتعريضه للتهديد والتعقب والقمع ومساومته على حريته باسم مقتضيات الأمن والاستقرار. وليست الموجات المتتالية اليوم لسلب حرية شباب وطلاب وعمال وصحفيين وفنانين سوى الامتداد المتوقع لكافة الجرائم والانتهاكات والمظالم التي بدأت في صيف ٢٠١٣ وصمت عن إدانتها بعض ضحايا اليوم.

الأمر، إذا، هو إننا لم نصبح بعد دولة طبيعية تمتنع عن استعداء مواطنيها، وتبحث عن سبل لصون حقوقهم وحرياتهم ولحماية السلم الأهلي في إطار تنظيم ديمقراطي قواعده الشفافية والمساءلة والمحاسبة والمشاركة الشعبية. ما أن ارتضت أغلبية المصريات والمصريين تغول الأجهزة الأمنية وهيمنتها على صناعة القرارات والسياسات الرسمية واستتباعها - مؤيدة بإرادة الحكم - للمؤسسات والأجهزة الأخرى من البرلمان إلى وسائل الإعلام والجامعات

إلا ودفعت الدولة المصرية إلى هاوية "جمهورية الخوف" التي لا ترى في المواطن المتمسك بحقوقه وحرياته سوى مصدر إزعاج محتمل يستحق الإسكات وفي الفعاليات المستقلة من منظمات مجتمع مدني ونقابات غير ساحات لتحدي سلطتها تستحق الإخضاع والقمع. ما أن تجاهل الكثير من المصريات والمصريين التعبير العلني عن رفض التبرير الفاسد للانتهاكات والمظالم التي ألحقت بغيرهم من المواطنين

إما تماهيا مع هيستيريا الجموع أو استسلاما لا أخلاق به لمعايير مزدوجة تقر الكرامة والحقوق والحريات فقط لمن "يتشابهون معنا"، إلا وأطلقت اليد القمعية للأجهزة الأمنية بطول البلاد وعرضها دون رقيب أو مساءل أو حسيب. والنتيجة هي جرائم متراكمة من القتل خارج القانون (كقتل من زعم كونهم أفراد عصابة خطف الأجانب) والموت داخل أماكن الاحتجاز والاختفاء القسري والتعذيب.

لسنا مجتمعا يبحث عن العقل والتقدم أو دولة طبيعية ولن نكون، ما لم تراجع الأغلبية مواقفها وتفضيلاتها وتستخلص العبر اللازمة.

المصدر