الفرق بين المراجعتين لصفحة: «"ياسين" يتساءل: من القعيد؟!»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
(أنشأ الصفحة ب'<center> <font size="5">"ياسين" يتساءل: من القعيد؟!</font></center> '''بقلم: محمد مصطفى حامد''' [[ملف:ياسين يتسائل من...')
 
ط (حمى ""ياسين" يتساءل: من القعيد؟!" ([edit=sysop] (غير محدد) [move=sysop] (غير محدد)))
 
(لا فرق)

المراجعة الحالية بتاريخ ١٢:٥٠، ٣٠ أبريل ٢٠١١

"ياسين" يتساءل: من القعيد؟!

بقلم: محمد مصطفى حامد

ياسين يتسائل من القعيد.jpg

حينما كان يردُّ شيخ فلسطين الشهيد "أحمد ياسين" على الأسئلة المتعلقة بالتهديدات الصهيونية باغتياله بأن الموت في سبيل الله هو أمنيته الأولى، وأن الشهادة مطلبه الأساسي من كل هذه الضجة التي غُلِّفت بها حياته، فإن ردودَ فعل الكثيرين منَّا تكون الدهشة والتعجب..!!

وتتوارد الأسئلة في أذهان آخرين: أنَّى لهذا الشيخ القعيد- أسير الكرسي المتحرك- أن ينال الشهادة، وهو يتطلَّب ممن يريده مطالبَ خاصة، حصرها الكثيرون منَّا في قوة البدن ووفرة الصحة؟! وأصبحت الصورة المرسومة في أذهاننا للشهيد أنه ذلك الشاب فارع الطول مفتول العضلات؛ لكنَّ استشهاد الشيخ "ياسين" جاء ضاربًا بجميع هذه الحسابات وبهذه الصورة عرض الحائط، وأصبحَ الشهيد هو من امتلك الإرادة والهمَّة للتغيير والتفعيل.

لقد جاء استشهاده ليوضِّح معنًى آخر للعجز والقعود غير الذي صورناه لأنفسنا، واتضحت لنا الحقيقة المرة، وهي أن العاجز ليس هو من حَرَمَه القدَر حاسَّةً أو عضوًا من أعضائه؛ لكن العاجز من فقد إرادته وهمَّته على التغيير والتفعيل، وبعد استشهاد شيخ فلسطين البطل ردَّد الكثيرون- وأغلبهم مسئلون كبار في بلادنا- مقولات جوفاء عن ظروف الشيخ الصحيَّة والجسدية، والإسهاب في التحدث عن عجز الشيخ.. وكبر سن الشيخ؛ بغيةَ كسب تعاطف أو شفقة الناس، أو ربما كسب استعطاف الصهاينة وكيف أنهم أقدموا على قتل شيخ عجوز قعيد!!

ولكن المتابع لحياة الشيخ منذ ولادته حتى ارتقائه شهيدًا يتضح له أن العجز والقعود ليس كرسيًّا متحركًا أو جسدًا عليلاً؛ ولكن العجز يكمُن في القلوب التي مُلئت بأمراض الوهن والجبن على مواجهة التحديات، فالشيخ الذى يُدَّعَى عليه زورًا وبهتانًا أنه عاجز وقعيد قدم لهذه الأمة ما لم يستطع الكثيرون من موفوري الصحة وسليمي البدن أن يقدموه، على الرغم من امتلاكهم مقدرات وإمكانات مادية لو قورنت بما كان لدى الشهيد من إمكانات لاتَّضح لنا أن ما قام به الشهيد من أفعال جليلة لهذه الأمة ما هي شهادة لهذه الأمة وحجة على قادتها وزعمائها، وأن هذه الأمه عندها الكثير لتقدمه للبشرية وأنها قادرة على مواجهة التحدياتها، على الرغم من قلة ما تملكه من إمكانات، وبالرغم من قوى التثبيط والتعجيز التي تحيط بكل من حاول المقاومة أو حتى الإصلاح..

ولله العزة.jpg

الشهيد "أحمد ياسين" خرَّج لهذه الأمة نماذج فذَّة من المجاهدين أشبه ما تكون بالأساطير، واجهت المحتل الغاصب، ويكفيه فخرًا أنه تزعَّم كتيبة المؤمنين المرابطة في خط الدفاع الأول مدافعة عن الأمة الإسلامية ضد التوغل الصهيوني الأمريكي، وضد أحلام اليهود في إقامة دولتهم المزعومة من النيل إلى الفرات، هذه الكتيبة الصامدة لم يضرهم من خذلهم من المثبطة والمحبطة من أبناء جلدتنا؛ بل إن الرجل كان يواجه هؤلاء دائمًا بالحلم واللين؛ لكي يحافظ على وحدة الأمة وتماسكها في سلوكٍ نادرًا ما يصدر ممن ابتلينا بهم من ولاة الأمور في بلادنا الإسلامية.

عُرف عنه- رحمه الله- رقة المشاعر وسمو نفسه عن الصغائر، فقد كان حنونًا على أبنائه، وقد اعتبر أن كل فلسطيني- بل كل مسلم- هو ابن له، وبموته تيتَّم الفلسطنيون والمسلمون جميعًا، فقد عرفوه رجلاً مجاهدًا مدافعًا عنهم وعن مقدساتهم؛ بل وعن أحلامهم في أن يكون لهم وطنٌ يضمهم جميعًا.

ولكن يموت الرجال ولا تموت الأفكار، فقد زرع "ياسين" وإخوانه العزة والكرامة في نفوس جميع المسلمين بقوة إيمانه وصدق توكله، ربَّى جيلاً فريدًا على الجهاد صابرًا مرابطًا، وربَّى كتيبةً من الشهداء، ونال أمنيتَه التي طالما تمنَّاها طوال حياته، فلحق إلى من سبقوه على درب الجهاد والتضحية، من قبله ذهب إلى "القسام" و"البنَّا" و"قطب"، ذهب إلى من تربوا على يديه من تلاميذه أمثال "عياش" و"الشريف"، ذهب إلى الشهيد "صلاح شحادة" رفيق دربه وشريكه في تأسيسه (حماس) الحركة التي لم تضنَّ على الأمة بالمجاهدين والمضحِّين في سبيل إرضاء ربهم وإعلاء كلمة التوحيد.

هؤلاء الرجال عرفوا طريقهم إلى الله، وإن كان غيرهم يُرثى لحالهم، وإن ظهروا علينا في وسائل الإعلام بحالاتهم الأنيقة، مستنكرين ومبدين الأسى على الشيخ القعيد، وعلى بشاعة الطريقة التي استُشهد بها؛ لكنا نرى أن من يستحق الشفقة أولئك الذين ماتت ضمائرهم ولم يراعوا حقَّ الله في عباده الذين استأمنهم الله عليهم.

ليس من الغريب أن يستشهد "أحمد ياسين".. هذا الرجل الذي رأيناه منذ أيام وقد مَزَّقت جسدَه صواريخُ الغدر الصهيوني.. هو الآن في روضات الجنات، ينعم بما أعده الله له ولإخوانه ممن سبقوه إلى الجنة على طريق الجهاد والاستشهاد، مصداقًا لقوله تعالى:﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ* فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ (آل عمران: 169-170).