" نظرات .. في بدء الإعدامات "

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
"" نظرات .. في بدء الإعدامات "


الاحد 08 مارس 2015

كفر الشيخ اون لاين | خاص

نظرات .. في بدء الإعدامات

في الثلاثين من يونيو 2013 أحس الإنقلابيون أن " الحياة بقى لونها بمبي " وربما قال الوزير المعزول محمد ابراهيم وهو ينظر لقائد الإنقلاب : " أنا جنبك وانت جنبي " ، فلم يكن قائد الإنقلاب يظن وهو يتلقى يومئذ مكالمات أصحاب الفخامة والسمو والجلالة مؤكدين جميعا دعما غير محدود سواء على المستوى المالي أو السياسي أو الدولي أن نفس هؤلاء سيرفضون استقباله وسيقطعون دعمهم في منتصف الطريق فلا هو بقى على حاله قبل الإنقلاب ولا هو نجح في فرض أمر الإنقلاب الواقع .

وازاء تفجر الوضع الداخلي في مصر على المستوى السياسي حتى أنه لم يتحمل انتخابات برلمانية صورية تحمل بعض شخوص الإنقلاب إلى سلطة التشريع ، وانهيار اقتصادي مؤكد ، فضلا عن الضغط النفسي الناشئ عن امكانية الملاحقات الدولية الجنائية لكثير من ضباط الجيش والشرطة ، وأمام تلك الدائرة المحكمة من الضغوط والتي أحاطت بأشخاص الحكم في مصر الآن لا يجد الإنقلابيون سوى أن ينقلوا أثقال الضغط من على كاهلهم الي مركز تلك الدائرة الذي يمثله الشعب بكل طوائفه ... مسلمين ونصارى .. ثوار وفلول .. شرفاء ولصوص .. إلى آخر الموزاييك المصري الذي أظهرت ثورة يناير مفرداته أو أغلبها .

وبتنوع الضغوط على الإنقلابيين تتنوع الضغوط على الشعب المصري ، وقد بدا استبعاد وزير داخلية الإنقلاب محمد ابراهيم باكورة التنفيسات الإنقلابية ، فقد رأي الممسك بالسلطة أن انجاز الشرطة من البطش والتنكيل والعدوان غير كاف لوقف الحراك الجماهيري المناهض لإنقلابه ، وأن اطلاق النار على المسيرات قد أصبح عملا روتينيا خاليا من الإبداع ، وأن الحاجة ماسة إلى تطوير ثقافة " الرعب " عند الشعب حتى يهدأ ويرضى بالأمر الواقع وأن الوزير الجديد هو خير من يطبق النظرية الجديدة لقائد الإنقلاب " يا نحكمكم .. يا نقتلكم " ، وقد نقل الوزير الجديد الضغط الذي أُثقل كاهلة فورا إلى أول حاصل على حكم اعدام نهائي من المقبوض عليهم الشهيد محمود رمضان فقام بتنفيذ الحكم وأعلن اعلام الإنقلاب أن لقطات من تنفيذ الحكم ربما تذاع ، ولا يخفي أن الدافع إلى ذلك هو احداث حالة من الصدمة والرعب في نفوس المعارضين فيتوقفون عن التظاهر ، وربما يقوم الإنقلابيون بتنفيذ عدد أكبر من أحكام الإعدام املا منهم في وقف الحراك الثوري ، غير أن المدقق في الأمر سيدرك بعد عدد من الإعدامات أن المشهد قد أصبح معتادا ومألوفا وبالقياس يمكن القول أن الحراك الذي استمر وتصاعد بعد كل هذه الإعدامات الميدانية في رابعة والنهضة وكل ميداين مصر وشوارعها لن يفت فيه أبدا بعض مشاهد القتل ، بل يمكن القول أن تلك المناظر ستكون أكبر داعم للحراك الجماهيري إذا سلمنا بنظرية رياضية مضمونها " إذا كانت الثورة بسبب الظلم فإن زيادة الظلم تزيد من فعاليات الثورة " .

غير أن مسار حركة الضغط الذي سينقله الإنقلابيون إلى الشعب لن يقتصر على الإسلاميين بل إنه لا محالة سيطال كل الطوائف التي تمثل النسيج الوطني بما فيه النصاري والفلول والجيش والشرطة والإعلام والقضاء ورجال الأعمال ، فالضغط الإقتصادي الذي سينشأ بعد توقف " الرز " من دول الخليج لابد وستكون له شواهد في الميزانية المصرية ، وبعد " قصقصة " الدعم من جميع حوافه وجوانبه لم يعد يحتمل الفقراء مزيدا من " القصقصة " ، وأختلف هنا مع النظرية القائلة أن المصريين يحتملون الضغط إلى مالانهاية وأنهم يفضلون الموت جوعا على الموت في المظاهرات ، لأن تلك النظرية وإن كانت صحيحة بالكلية في أوقات السلم الأهلى والإسترخاء السياسي فهى محل شك إذا كانت المسيرات والمظاهرات ملأ السمع والبصر ، وإن الإلتحام الشعبي من قبل الطبقات العاطلة والفقيرة مع الثورة سيكون مؤكدا إذا زادت وتيرة الضغوط المعيشية إلى درجات الجوع والتشرد ، وأمام تلك التخوفات لن يكون أما الإنقلابيين إلا أحد حلين : إما اختيار المواجهات مع تلك الطبقات الكادحة واعتماد الحل الأمني في حالة انضمامها للثورة التي تتحرك في الشارع أو اللجوء إلى " قصقصة " ثروات رجال الأعمال مع الأخذ في الإعتبار دائما أن دوائر رجال الأعمال تدور في فلك الشرطة والجيش والقضاء والإعلام وقد أصبحوا جميعا رتقا يستحيل فتقه ، وحتى لو تجرأ الإنقلابيون انقاذا للموقف من التدهور على ثروات رجال الأعمال فإن ذلك لن يعدوا أن يكون حلا مؤقتا ربما يهدئ الموقف اسابيع معدودة ثم تعود الأزمة سيرتها الأولى وعندئذ لا مناص من التعرض لثروات رجال الأعمال والنتوءات المالية الكبيرة عند القضاة ورجال الجيش والشرطة إذا أراد الإنقلابيون أن يكون لهم عدة من أيام أخر .

بفشل المؤتمر الإقتصادي المنتظر - والذي هو فاشل حتى قبل انعقاده - تكون الحلول المطروحة قد أغلقت " من أربعة نواحي " مثل الدومينو فلا حل سياسي ولا معونات خليجية ولا انتاج داخلي ولا غطاء دولي ، وقد أضيفت أبعاد أخري للأزمة بعد فشل الإنقلاب في تصدير أزمته الي الحدود فلم يعد أمامه سوى مزيد من " الهلبشة " في الداخل غير مدرك عاقبة أمره ... لقد أصبح نزيف الإنقلاب الداخلي غير قابل للتوقف ليس فقط لفوات الوقت وإنما لرغبة الجميع - بما فيهم حلفاء الأمس - في موت المريض .

المصدر