الانتخابات السودانية.. بداية الوحدة أم الانفصال؟!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٠٨:٥٧، ٢٠ نوفمبر ٢٠١١ بواسطة Attea mostafa (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الانتخابات السودانية.. بداية الوحدة أم الانفصال؟!

تقرير- عبد العظيم الأنصاري:

مقدمة

أسابيع قليلة بقيت على موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية السودانية، والتي سترسم الملامح الجديدة للسودان، وما إذا كانت ستشكلها سمة الوحدة أم الانفصال؛ ما يضع البلاد كلها في مفترق طرق، وتحدد نتيجة الانتخابات طريق السودان القادم نحو المستقبل.

السيناريوهات السياسية تبحث عن احتمالات الوحدة والانفصال، وفي حالة الوحدة تحت أي راية يتحد السودان، وفي حالة الانفصال، هل يقتصر على الجنوب المشارك في الحكم أم سيتبعه انفصال دارفور في الغرب وإقليم شرق السودان والنوبة في الشمال؛ ليكون لسودان اليوم أربعة أو خمسة أقطار، لكل منها ملامحه الخاصة لتتغير الصورة بأكملها.

وهل إذا كان المآل إلى الانفصال سيحدث هذا الانفصال بشكل سلمي أم ستقوم حرب أخرى، وكيف ستكون طبيعة هذه الحرب، وهل يتحول السودان على إثر ذلك إلى صومال آخر؟

أحزاب

وبدأت الحملة الانتخابية الرئاسية رسميًّا السبت 13 فبراير، كما حددت ذلك المفوضية القومية، وسوف تستمر الحملة 56 يومًا قبل أن يتم الاقتراع في الفترة من 11 إلى 13 أبريل، وتكتسب هذه الانتخابات أهميتها ليس لمجرد أنها تأتي في مرحلة فارقة، مع اقتراب استفتاء الجنوب 2011م، والذي سيتم على أساسه تحديد ما إذا كان الجنوب سينفصل عن السودان أم لا، وخلاف ذلك من قضايا ذات أهمية كبرى لمستقبل السودان مثل قضية دارفور، ولكن أيضًا؛ لأنها أول انتخابات تُجرى في السودان منذ ربع قرن.

كما أن الانتخابات التشريعية تُعد الأولى التي تُجرى على أساس التعدد الحزبي منذ انتخابات عام 1986م؛ حيث يشارك فيها 66 حزبًا، ويأتي تنفيذًا لاتفاقية السلام الشامل الموقعة عام 2005م مع "الحركة الشعبية لتحرير السلام"، والتي خاضت حربًا في مواجهة الخرطوم قرابة الربع قرن، هذا بالإضافة إلى أن هذه الانتخابات رئاسية وتشريعية في وقت معًا، وسيصوت الناخب 6 مرات في الوقت نفسه، فسيصوت لانتخاب الرئيس والوالي وأعضاء البرلمان الوطني والبرلمان الولائي وحاكم الجنوب وبرلمان الجنوب.

مرشحو الرئاسة

وتشهد الانتخابات الرئاسية تنافسًا بين 12 مرشحًا، على رأسهم الرئيس الحالي عمر البشير (66 عامًا)، وهو رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم في الخرطوم، والذي تولى الحكم في انقلاب عسكري قاده بدعم من الإسلاميين، وشهد عهده الحرب الأهلية بين الخرطوم والجنوب واتفاقية السلام 2005م، والتي أنهت عقدين من الحرب التي يتخوف من تجددها بعيد الاستفتاء المزمع على انفصال الجنوب.

كما شهد عهده كذلك الحرب في إقليم دارفور 2003م، وظهور العديد من النزعات الانفصالية في الشرق والشمال، كما يعتبر البشير أول رئيس تصدر بحقه مذكرة توقيف دولية من المحكمة الجنائية الدولية، ورغم أن الولايات المتحدة والكيان الصهيوني وراء الكثير مما أصاب البلاد في عهد البشير، إلا أن سياساته في التعاطي مع الأزمات المختلفة فتحت الباب بشكل أو بآخر لهذه التدخلات غير المسبوقة في البلاد.

ورشَّحت الحركة الشعبية لتحرير السودان مرشحًا رئاسيًّا شماليًّا؛ وهو ياسر عرمان، وهو واحد من المئات من سكان الشمال الذين انضموا إلى حركة التمرد في الجنوب، كما التحق عدد من سكان الجنوب بالقوات الحكومية خلال الحرب الأهلية من 1983 وحتى 2005م، ويعد من أبرز الشماليين في الحكومة الشعبية إلى جانب الدكتور منصور خالد والراحل يوسف كوة والواثق كمير والدكتور محمد يوسف وياسر جعفر ومالك عقار وعبد العزيز الحلو، وهو متزوج من جنوبية، وهي ابنة زعيم قبيلة دينكا نقوك وشقيقة القيادي الجنوبي فرانسيس دينق، وله ثلاث بنات بأسماء شمالية.

وفي إحدى تصريحاته، قال عرمان إن اختيار الحركة الشعبية له كمرشح للرئاسة، يعطي فرصة أكبر لوحدة السودان، ولتحسين العلاقة بين الشمال والجنوب، ولكي يكون تصويت الجنوبيين في الاستفتاء المقرر مطلع عام 2011م لمصلحة الوحدة، وهذا ما يمكن أن يستشف من ورائه محاولة من الجنوبيين؛ للسيطرة على كامل البلاد، وبذلك يتم التصويت في الاستفتاء المزمع 2011م لصالح الوحدة وليس الانفصال؛ لأنه في هذه الحالة سوف يحكم الجنوبيون الخطوم ذاتها وليس فقط إقليم جنوب السودان.

ومن ضمن المرشحين كذلك الصادق المهدي (74 عامًا) وهو المرشح عن حزب الأمة الإسلامي، والذي تخرَّج في جامعة أكسفورد، وتولَّى رئاسة الوزراء مرتين، كان آخرها من العام 1986 إلى 1989م قبل أن يطيح به عمر البشير، وينحدر من عائلة المهدي أبرز الشخصيات في تاريخ السودان الحديث والمعاصر، والذي انتصر على الجنرال البريطاني جوردون سنة 1885م، ويُذكر أن حزب الأمة فاز في الانتخابات التشريعية سنة 1986م.

ويرشح حزب الأمة والإصلاح والتجديد مبارك عبد الله الفاضل المهدي، والذي انفصل عن حزب الأمة، وكون حزبه الجديد الأمة والإصلاح بعد خلاف مع الصادق المهدي، كما رشح الاتحاد الديمقراطي حاتم السر كينجو، والذي خرج إلى المنفى بعد إثر انقلاب البشير سنة 1989م، قبل أن يعود إلى البلاد سنة 2006م، والاتحاد الديمقراطي هو الجناح السياسي لطريقة الختمية الصوفية المشهورة في شرق السودان، وقد جاء في المرتبة الثانية في الانتخابات التشريعية سنة 1986م.

وعن حزب المؤتمر الشعبي، ترشح عبد الله دينق نيال أيوم المسلم المنحدر من الجنوب ذي الغالبية المسيحية الوثنية، والذي كان مدرسًا للغة العربية قبل أن يتولى عدة حقائب وزارية في حكومة البشير، وانسحب من الحكومة سنة 1999م ليشكل حزب المؤتمر الشعبي مع الإسلامي حسن الترابي.

الشيوعيون

وتشهد الانتخابات السودانية ظهورًا لكافة التيارات السياسية حتى الشيوعية منها- رغم إسلامية الدولة- حيث يدخل فيها الحزب الشيوعي بثقله، ويترشح عنه لخوض الانتخابات الرئاسية محمد إبراهيم منور (79 عامًا)، والذي قضى عمره لإقامة دولة علمانية في السودان منذ أن تخرَّج في كلية الاقتصاد في بلغاريا.

ولا يشكِّل الشيوعيون قوة حقيقية في الشارع السوداني، خاصة أن المنافسة الحقيقية التي تشهدها الانتخابات؛ سواء على المستوى الرئاسي أو التشريعي هي في الأساس بين الإسلاميين، بالإضافة إلى قوة الجنوبيين التي يستمدونها من نصوص اتفاق السلام، واستناد على الدعم الخارجي، وكذلك القوى السياسية على شاكلة الجنوبيين؛ سواء في الشرق أو في الغرب "دارفور"، والتي تستند إلى ارتفاع النزعات الانفصالية، وستخوض الانتخابات وفقًا لتحالفاتها، وفي ظل هذا لا يبدو للشيوعيين وأمثالهم مكان في هذا الصراع المحتدم بين قوى حقيقية تمس الواقع السوداني بقوة.

ويترشح عبد العزيز خالد عثمان عن التحالف الوطني السوداني، وكان عبد العزيز ضابطًا كبيرًا في الجيش السوداني، وشارك في انتفاضة كبيرة شرق السودان منتصف التسعينيات، ويرشح الحزب القومي الديمقراطي الجديد منير شيخ الدين جلاب الجندي السابق، وتشهد الانتخابات الرئاسية كذلك تشريح مستقلين أمثال كامل الطيب إدريس عبد الحفيظ مدير المنظمة العالمية للملكية الفكرية السابق، بالإضافة إلى محمود أحمد حجا محمد.

المرأة

وتشهد الانتخابات السودانية بروزًا للمرأة بشكل غير مسبوق؛ حيث تترشح للرئاسة السودانية فاطمة أحمد عبد المحمود محمد عن الاتحاد الاشتراكي السوداني الديمقراطي، والتي تُعد بذلك أول امرأة تترشح إلى الرئاسة في تاريخ السودان، وهي نفسها كانت أول امرأة وزيرة؛ حيث تولت وزارة الصحة سنة 1979م في عهد نظام جعفر النميري العسكري الاشتراكي، كما أن المرأة تشهد حضورًا بارزًا في الانتخابات التشريعية؛

حيث ترشح جماعة الإخوان المسلمين أكثر من 10 مرشحات، وهذا ما قال عنه المراقب العام للجماعة محمد الحبر إنه اتجاه عالمي لجماعة الإخوان المسلمين.

- الإخوان المسلمون في الانتخابات السودانية:

وعن جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات السودانية؛ فنجد أن الجماعة ولأول مرة تنزل إلى الانتخابات بشكل غير مسبوق من قبل؛ حيث أعلنت أنها ستشارك في الانتخابات التشريعية والولائية بـ140 مرشحًا، وكما أعلن عضو المكتب التنفيذي لجماعة الإخوان المسلمين في السودان عوض الله حسن أن الجماعة تؤيد الرئيس الحالي عمر حسن البشير في الانتخابات الرئاسية، وذلك لأنها ترى أنه الأصلح في هذه المرحلة والأفضل لاستمرار وحدة السودان.

وتخوض الجماعة الانتخابات تحت شعار "من أجل الشريعة والوحدة والإصلاح"، ومن أبرز المرشحين عن الإخوان في الانتخابات التشريعية المراقب العام للجماعة نفسه الدكتور يوسف نور، بالإضافة إلى رئيس القسم السياسي للجماعة الدكتور سامي عبد الدائم ياسين، والشيخ علي جاويش الدكتور عصام يوسف نائبه.

ومن أبرز المشاركات من النساء نفيسة عبد الرحمن زوجة المراقب العام السابق الشيخ الصادق عبد الماجد، وقد شجَّع نظام قوائم التمثيل للجماعة على المشاركة القوية للإخوان المسلمين في الانتخابات التشريعية؛ حيث يفضله المرشحون على نظام الدوائر الجغرافية.

ومن ناحية أخرى يبدو أن الجماعة تجد في مساندته مساندةً حقيقية لوحدة البلاد، بالإضافة إلى أن أغلب المنافسين إسلاميون، كما أن الدولة والحزب الحاكم إسلاميون كذلك، وهو ما يعكس وجود تقارب أيديولوجي بين المنافسين المختلفين.

ويبقى هناك أمل في أن تكون ملامح السودان المقبل أقرب إلى الوحدة منها إلى الانفصال؛ لكن يبدو أنها مجرد آمال تتبخر مع اقتراب الانتخابات واستفتاء 2011م، ويبدو كذلك أن رائحة الموت تقترب من بين صناديق الاقتراع.

المصدر