الإخوان المسلمون: نقاط فوق الحروف.. مواقف واضحة في قضايا محددة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٢:٢١، ٧ يوليو ٢٠١٢ بواسطة Attea mostafa (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان المسلمون: نقاط فوق الحروف.. مواقف واضحة في قضايا محددة

رسالة من الأستاذ محمد مهدي عاكف - المرشد العام للإخوان المسلمين

الإخوان المسلمون: نقاط فوق الحروف.. مواقف واضحة في قضايا محددة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- ومن والاه، وبعد..

يقول الحق تبارك وتعالى: ﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ﴾ (الرعد: 17) صدق الله العظيم.

نعيش اليوم ظروفًا دقيقةً، تمر بها مصر والعالم العربي، الذي إذا أعزه الله أعز به الإسلام، والعالم الإسلامي كله أمتنا الواحدة، التي إذا اشتكى منه عضو يجب أن يتداعى سائر الأعضاء بالحمى والسهر، بل العالم كله الذي ينتظر مَن يحمل له مشعلَ الهداية وقارورة الدواء، بعد أن أمرضته المادية المفرطة، والعلمانية التي أبعدته عن نور الهداية وصحيح الوحي، فجلبت له أسلحة الدمار الشامل ومزَّقته القوميات والعرقيات، وأبعدته عن روح الإنسان ووحدة الخَلق التي يقول فيها الرسول- صلى الله عليه وسلم-:"الناس ولد آدم، وآدم من تراب".

وفي هذه الأحوال نحتاج إلى وضوح الرؤية، وتحديد المواقف، ليس فقط لنكمل المسيرة ونواصل العمل، بل أيضًا ليتعرف الناس على حقيقة ما نريد؛ حتى لا تلتبس المواقف، خاصةً مع تركيز الإعلام المحلي والعالمي اليوم على نشاط الإخوان الذي يتزايد ويتسع من القاهرة إلى كافة محافظات مصر، ولم يعد قاصرًا على طلاب الجامعات، بل يشارك فيه معظم الإخوان.

مَن نحن وماذا نريد؟

الإخوان جزء من تاريخ هذه الأمة في كفاحها المتصل ضد الاحتلال والهيمنة من أجل الاستقلال والحرية والعدل.. الإخوان أعلنوا منذ بداية نشاطهم أنَّ لهم هدفين أساسيين:

- أن يتحرر الوطن الإسلامي من كل سلطان أجنبي.

- أن تقوم في هذا الوطن الحر دولةٌ حرةٌ، تعمل بأحكام الإسلام وتطبق نظامه الاجتماعي، وتعلن مبادئه القويمة، وتبلغ دعوته الحكيمة للناس.

نريد تحقيق هذين الهدفين في وادي النيل، وفي بلاد العروبة، وفي كل أرضٍ أسعدها الله بعقيدة الإسلام.. دينًا وجنسيةً وعقيدةً توحد بين جميع المسلمين.

الإخوان المسلمون يعتقدون أنَّ أحكام الإسلام وتعاليمه شاملةٌ، تنتظم شئون الناس في الدنيا وفي الآخرة، وأن أساس هذه التعاليم ومَعينها هو كتاب الله تبارك وتعالى وسنة نبيه- صلى الله عليه وسلم- وأنَّ كثيرًا من الآراء والعلوم التي اتصلت بالإسلام وتلوَّنت بلونه تحمل لون العصور التي أوجدتها والشعوب التي عاصرتها، وإننا إذا وقفنا عند حدود هذا المَعين الصافي مَعين السهولة فلا نقيِّد أنفسنا بغير ما يقيِّدنا الناس به، ولا نلزم عصرنا لون عصرٍ لا يتفق معه.

و الإسلام دين البشرية جميعًا؛ لأننا نعتقد أنَّ الإسلام كدين عام انتظم كل شئون الحياة في كل الشعوب والأمم وكافة الأعصار والأزمان، جاء أكمل وأسمى من أن يعرض لجزئيات هذه الحياة، وخصوصًا في الأمور الدنيوية البحتة، فهو إنما يضع القواعد الكلية في كل شأن من هذه الشئون.. لذلك كانت فكرة الإخوان تضم كل المعاني الإصلاحية، وتوجه نشاطنا إلى كل مناحي الإصلاح في الأمة.

ومن هنا كانت غايتنا تستهدف تكوين جيل جديد من المؤمنين بتعاليم الإسلام الصحيح يعمل على صبغ الأمة بالصبغة الإسلامية الكاملة في كل مظاهر حياتها، وأنَّ وسليتنا تنحصر في تغيير العرف العام وتربية أنصار الدعوة على هذه التعاليم حتى يكونوا قدوةً لغيرهم.

أما وسائلنا العامة، فالإقناع ونشر الدعوة، واستخلاص العناصر الطيبة لتكون هي الدعائم الثابتة لفكرة الإصلاح، ثم النضال الدستوري حتى يرتفع صوت هذه الدعوة- دعوة الإصلاح- في الأندية الرسمية (البرلمانات والنقابات والهيئات) وتناصرها وتنحاز إليها القوة التنفيذية.

لنا هنا أهداف خاصة لا يصير المجتمع إسلاميًّا كاملاً إلا بتحقيقها، بمحاربة الفقر والجريمة وتنمية المجتمع واستقلال الاقتصاد الوطني ومحاربة الجهل والمرض ونشر التعليم.

الإخوان والمطالب الوطنية

Ikhwan-logo1.jpg

أعلن الإخوان مطالبهم الوطنية للإصلاح في مؤتمر صحفي عالمي يوم الأربعاء 23/3/2005م، كما أعلنوا مبادرتهم للإصلاح الشامل في 3/3/2004م، ونحن نذكر هنا بأهم هذه المطالب:

أولاً: تعديل حقيقي للمادة 76 من الدستور يكفل تكافؤ الفرص بين المواطنين للترشيح لموقع الرئاسة، وتكافؤ الفرص للمرشحين لنيل ثقة الشعب، وأن يكون موقع الرئاسة بعيدًا عن أي شبهات بعدم الدستورية.

ثانيًا: إطلاق الحريات العامة كافة لتهيئة مناخ صحي لإجراء الانتخابات الرئاسية؛ وذلك بإلغاء حالة الطوارئ، ورفع القيود عن تشكيل الأحزاب ونشاطها، وحرية إصدار الصحف ووسائل الإعلام، ورفع التجميد عن النقابات المهنية والعمالية والاتحادات الطلابية وأندية أساتذة الجامعات لتمارس نشاطها في إطار الدستور.

ثالثًا: التصدي للخطر الخارجي الداهم والخطر الداخلي الناجم عن الإحباط؛ وذلك ببناء جبهة وطنية عريضة تضم الجميع وحتى يتحمل الجميع عبء الإصلاح ومقاومة الفساد، وهنا أذكِّر الجميعَ أنَّ موقف الإخوان من شكل نظام الحكم الذي نرتضيه وجوهره ثابت وواضح، وألخصه في النقاط التالية:

1- نحن نعتقد أن نظام الحكم الدستوري هو أقرب نُظم الحكم القائمة في العالم كله إلى الإسلام، ونحن لا نعدل به بديلاً، ومبادؤه تتلخص في:

- المحافظة على الحرية الشخصية بكل أنواعها.

- الشورى واستمداد السلطة من الأمة.

- مسئولية الحكام أمام الشعوب ومحاسبتهم على أعمالهم.

- الفصل بين السلطات وبيان حدود كل سلطة.

2- نحن نؤمن بتعدد الأحزاب في المجتمع المسلم، وأنَّه يجب ألا تضع السلطة التنفيذية قيودًا على حرية تشكيل الأحزاب، وأنَّ المرجع في بقاء الأحزاب أو إلغائها مرجعه إلى أمرين: قضاء حر مستقل أو الرأي العام والتأييد الشعبي في الانتخابات الدورية.

وكما أنَّ الإخوان يحبون وطنهم ويعملون لرفعته ويحرصون على وحدته القومية فإنهم يعملون أيضًا لإحياء الوحدة العربية وتأييدها ومناصرتها، فالعربية في اعتبارنا هي اللسان وليس العرق والجنس، والإخوان إذا عملوا من أجل وحدة العرب فذلك لأنه أمر لا بد منه لإعادة مجد الإسلام وإقامة دولته وإعزاز سلطانه.

وهم يعتبرون المسلمين جميعًا أمة واحدة، ويؤمنون بالجامعة الإسلامية، ويعملون لجمع كلمة المسلمين وإعزاز أخوة الإسلام.

وهم أيضًا يريدون الخير للعالم كله، وينادون بالوحدة العالمية؛ لأن ذلك هو مرسى الإسلام وهدفه ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)﴾ (الأنبياء).

ونحن نعتقد أنَّ هناك كثيرًا من التمهيدات لا بد منها، والخطوات التي لا بد من إنجازها قبل التفكير في شعيرة الخلافة الإسلامية منها:

1) التعاون التام الثقافي والاجتماعي والاقتصادي بين الشعوب الإسلامية كلها.

2) تكوين الأحلاف: المعاهدات وعقد المجامع والمؤتمرات بين هذه البلاد.

3) السعي لتكوين عصبة الأمم الإسلامية.

ومن هنا أيها الإخوان كانت مراتب العمل المطلوبة منكم سبعة:

1. إصلاح النفس.

2. تكوين البيت المسلم.

3. إرشاد المجتمع.

4. تحرير الوطن.

5. إصلاح الحكومة.

6. إعادة الكيان الدولي للأمة الإسلامية.

7. أستاذية العالم.

موقفنا من الآخرين

أحبُّ في هذا الموقف أن أحدد للجميع موقفنا من القوى المختلفة التي نودُّ لها أن تلتقي على كلمةٍ سواء لمواجهة الأخطار التي تحدق بالوطن.

نحن لا نطلب لأنفسنا شيئًا من النظام الحاكم، بل نطالب بالحرية للجميع، وفي أجواء الحرية سنتخذ ما يمليه علينا واجبنا الشرعي وضميرنا الوطني، نحن لسنا في صدد عقد صفقات منفصلة مع الحكومة التي رفضت محاورتنا طوال 25 سنة وأصرَّت على معاملتنا كملفٍ أمني تتابعه أجهزة وزارة الداخلية ووزارة العدل، ولا زالت على هذا الموقف الشاذ.

نحن نريد أن تستجيب الحكومة والنظام لضغوط الشعب الذي ارتفع صوته يطالب بالإصلاح وينادي بالحرية.

نحن والأحزاب الرسمية والقوى الوطنية

لقد قمنا بزيارة الأحزاب الرئيسية الكبرى ثم التقينا بوفود من بقية الأحزاب والقوى الوطنية، كان هدفنا ولا يزال إيجاد جبهة وطنية عريضة تضغط بكل الطرق السلمية والحضارية لتحقيق آمال الشعب في الإصلاح الجاد، وفوجئنا بموقف الأحزاب التي سارعت وهرولت إلى حوارٍ مع الحزب الحاكم كانت نتيجة كما توقعناها، بإضاعة للوقت والجهد، أملى فيه الحزب الحاكم شروطه، ورفض مطالب الأحزاب، وحاول تحسين صورته أمام الرأي العام المحلي والعالمي، وإن لم ينجح في ذلك، فالشعب لم يعد تنطلي عليه تلك الألاعيب.

ما زلنا عند موقفنا ننادي الأحزاب جميعًا وكافة القوى الوطنية أن تلتقي على كلمة سواء، على الحدِّ الأدنى الذي وقَّعنا عليه معًا منذ فبراير 1987م ووثَّقناه في كثير من الوثائق الصادرة عن لجنة التنسيق بين الأحزاب والقوى السياسية".

نحن وأمريكا والاتحاد الأوربي

تصاعدت الدعوات والتسريبات إلى حوارٍ بين الغرب وبين الإخوان، وهنا أؤكد للجميع أنَّ الإخوان أول مَن دعوا إلى الحوارِ بين الشعوبِ الإسلامية وحركاته الحية وبين الشعوب الغربية والأمريكية بعيدًا عن نظريات "صدام الحضارات"، بل تأكيدًا لقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)﴾ (الحجرات).

ويشارك الكثير من الإخوان في حواراتٍ صحفية وإعلامية وندواتٍ بحثية ونقابية لشرح مواقف الإخوان وتوضيح رؤيتهم، ولكننا لا نقبل أن يكون هناك حوارٌ مع حكومات أجنبية بعيدًا عن نظر الحكومة المصرية وبعلمها وحضورها، ليكون حوارًا علنيًا صريحًا شفافًا، ولا نقبل أبدًا أن يُستغل مثل ذلك الحوار- إنْ تم- للضغط على حكوماتنا الوطنية، بل يجب أن يكون دعمًا للموقف الوطني الذي نتمنى أن يثبت عند رفض التدخل الأجنبي في شئوننا الداخلية.

ونحن نتحفظ على أي حوارٍ لا نُشارك في رسم حدوده ووضع جدول أعماله التي يجب أن تكون شاملةً لكل القضايا وفي مقدمتها قضايا فلسطين والعراق وأفغانستان، كما يشمل أيضًا وقف نزيف العقول والثروات، كما يشمل أيضًا حق العرب والمسلمين في امتلاك توازن القوى في العالم ليكون لهم شأنٌ في بناءِ الحضارة الإنسانية.

أيها الإخوان

إنَّ اعتمادكم على الله هو أصل كل نجاح، وإخلاصكم في التوجه إليه سر نجاحكم، إنَّ تمسككم بوحدتكم هو سر قوتكم ومنبع احترام الناس لكم، إن توجهكم بعد ذلك هو إلى الشعب الذي يجب أن تبذلوا معه جهدًا كبيرًا لِحثِّه على المشاركة في رسم مستقبل حياته والنضال من أجل تنمية مستقلة، وأن يتحمل التضحيات معكم حتى نواجه المخاطر التي يشعر بها الجميع.

إنَّ نجاحكم في العمل وسط الشعب سيحمي مصر من الأفكار الشاذة والغريبة التي يحاول البعض إلصاقها ب الإسلام.

إنَّ إصراركم على النضال الدستوري يفتح أبواب الأمل أمام مئات الشباب الذين يريدون خدمة الإسلام، فلا يجدون أمامهم منقذًا ولا سبيلاً ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ (108)﴾ (يوسف) صدق الله العظيم.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.