أبو مرزوق: سلاح المقاومة باق طالما وُجد الاحتلال

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أبو مرزوق: سلاح المقاومة باق طالما وُجد الاحتلال
18-08-2005

أجرى الحوار- عبد المعز محمد


مقدمة

- من حقنا أن نتكلم عن الشعب الفلسطيني وندافع عنه لأنه منحنا ثقته

- اتفقنا على لجنةٍ لمتابعة الانسحاب وأخرى لضبط المرجعية الفلسطينية

- سلاحنا للمقاومة ولن نستخدمه في غير ذلك وعلى الجميع سلوك نفس الطريق

دخلت القضية الفلسطينية منحنًى جديدًا بعد الانسحاب الصهيوني من قطاع غزة، وهو الانسحاب الذي سبقه تلاسن من حركة فتح تجاه حركة حماس؛ بعد أن طلبت الأخيرة إشرافًا جماعيًا على القطاع، وهي القضية التي مازالت محل خلاف بين الفصيلين، مما دفع بمصر لإرسال مسئولين بارزين في جهاز المخابرات العامة- المشرف على ملف فلسطين-، لإنهاء أية خلافات تطرأ في محاولةٍ للم الشمل.

الانسحاب إذن له حساباته؛ فهو نتيجة جهاد ونضال لحركة حماس تحديدًا فقدت فيه بجانب آلاف الشهداء اثنين من أبرز قادتها هما: الشيخ أحمد ياسين، والدكتور عبد العزيز الرنتيسي، يأتي هذا في الوقت الذي رحبت الحركة بالانسحاب ورأته ثمرة لجهادها ونضال الشعب الفلسطيني، ودعت فيه كافة الفصائل الفلسطينية- وأولهم حركة فتح- إلى ضبط النفس والعمل الجماعي من أجل الاستفادة من نتائج هذا الانسحاب، إلا أن هناك أسئلة كثيرة تتعلق بموقف حماس من الانسحاب، وهل سيكون ذلك مدخلاً للرضوخ للضغوط الداخلية من قِبل السلطة الفلسطينية وخارجيًا من المجتمع الدولي بإلقاء سلاحها؟ وما رؤية الحركة في غزة بعد الانسحاب؟ وردها على الانتقادات التي وجهتها فتح بأنها تتحدث باسم الشعب، وهو ما يعد سلطة داخل السلطة، أسئلة أخرى طرحناها على الدكتور موسى أبو مرزوق- نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس- والذي انتهز (إخوان أون لاين) وجوده في القاهرة وأجرى معه هذا اللقاء الخاص.

  • د. موسي نبارك لكم أولاً على الانسحاب الصهيوني من غزة، ونتمنى أن يكون ذلك مقدمة لانسحابات أخرى تتوج نضال الشعب الفلسطيني، إلا أن هناك تساؤلاً مهمًا يفرضه الظرف الحالي عن رؤيتكم لغزة بعد الانسحاب :الصهيوني؟!
بداية أشكرك على هذه التهنئة، وأؤكد أن الانسحاب من غزة ليس نصرًا للشعب الفلسطيني أو لحركة حماس فقط، وإنما هو نصر لكل من ناصر القضية الفلسطينية ودعمها، والإخوة في مصر يستحقون الإشادة والشكر أيضًا؛ فقد كانوا في مقدمة الداعمين لنا والمناصرين لقضيتنا.
وأريد أن أقول أن الانسحاب من غزة ليس معناه نهاية المطاف وليس معناه نهاية الاحتلال، وإن كان انسحابًا من جزء عزيز وغالي علينا لكنه ليس انسحابًا عن كل الأرض الفلسطينية.
ولا بد ثانيًا من التذكير- وبقوة- بأنه مازال هناك شعب فلسطيني تحت الاحتلال يعاني من كل ويلات الاحتلال، وبالتالي فإن الانسحاب من غزة ليس نهاية القضية وإنما هو بدايتها حتى يأخذ الشعب الفلسطيني حقه كاملاً، وإذا كان اليوم انسحابًا من غزة فغدًا إن شاء الله سيكون الانسحاب من الضفة الغربية والقدس، وهكذا حتى يحقق الشعب الفلسطيني حلمه وكامل حقه إن شاء الله.
النقطة الثانية أنه لا بد من الإشارة إلى أن شعبنا الفلسطيني إذا ذهب عنه الاحتلال فلا بد أن يتعامل فيما بينه وبين بعضه البعض تعاملاً حضاريًا مسئولاً وألا يكون هناك استئثار بسلطة ولا مسئولية؛ فالشعب الفلسطيني كله يتحمل المسئولية.
أما النقطة الثالثة فإن هناك تحديات كبيرة تواجه برنامج المقاومة وفي نفس الوقت تواجه العيش المشترك، وهناك مسئولية الارتقاء بالشعب الفلسطيني خاصة في قطاع غزة بعد أن رحل عنه الاحتلال ليعيش حياة أفضل كثيرًا من التي كان يعيشها تحت الاحتلال.

إدارة جماعية

  • تحدثت عن ضرورة أن تكون هناك مشاركة في إدارة غزة وألا يكون هناك استئثار بالسلطة، فهل هي رسالة موجهة لحركة فتح تحديدًا بعد الهجوم الذي شنَّه صائب عريقات على حركة حماس واتهمها بأنها تريد أن تستأثر بإدارة القطاع وهو ما يعني أن تكون هناك سلطة موازية أو سلطة داخل السلطة؟
أولاً لا بد من حديثٍ مسئول من جميع الأطراف بضرورة عدم التصعيد حتى لا يكون هناك احتقان داخل الشعب الفلسطيني؛ لأنه إذا وصل الاحتقان للشارع فإنه قد يحدث ما لا يُحمد عقباه، ولذلك نحن نريد حديثًا مسئولاً من الجميع وللجميع، هذا الحديث يبني على لغةٍ سياسية مشتركة، فنحن نريد أن تكون السلطة لكل الشعب الفلسطيني وأن يصل إلى هذه السلطة من يرتضيه الشعب الفلسطيني ليتولى مهامه ويتولى مسئوليته في هذه السلطة.
فإذا كانت السلطة الفلسطينية سلطة حزبٍ أو فئة من الناس فلن تجد في مقابل هذه السلطة احترامًا ولا تجاوبًا من الشعب، وبالتالي إذا أردنا أن تكون هناك سلطة واحدة ونكون قانونًا واحدًا وأن يكون هناك نظامًا سياسيًا واحدًا فلتكن السلطة سلطة الشعب، فالوسيلة الحضارية والحقيقية للوصول لهذه السلطة من خلال الانتخابات، لكننا في الواقع نواجه مشكلة في الساحة الفلسطينية وهي أن معظم الاتفاقيات التي وافقنا عليها يكون وعد الالتزام بها أمام وسائل الإعلام فقط، ويكون هناك حديث جميل عن نقاط الاتفاق ووعود التنفيذ، لكننا حينما ننزل على الأرض لا نجد شيئًا فعليًا تم تطبيقه، وهو ما نريد أن نعكسه ونقلبه في المرحلة القادمة؛ بأن ما يتم الاتفاق عليه ينعكس على الأرض، فمستقبل المقاومة ومستقبل الضفة ومستقبل قطاع غزة بيدنا جميعًا نبنيه وبطرقٍ صحيحة حتى نجنب شعبنا الفلسطيني أي مساوئ مستقبلية، وفي نفس الوقت نحافظ على حقوقنا وإنجازاتنا في طريق ما يحلم به الشعب الفلسطيني.
  • د. أبو مرزوق هذا ما تحلمون بتحقيقيه ولكن هل تستطيع أن تنفي أن هناك نقاطَ خلافٍ واضحةً بينكم وبين السلطة، نحن نريد أن نعرف هذه النقاط؟
أنا لم أقل أنه لا توجد نقاط خلاف بل هي موجودة وكثيرة، وتحديدًا في مستقبل غزة بعد الانسحاب، فمعروف مثلاًً أن الأرض التي سينسحب عنها العدو الصهيوني تقارب 40% من مساحة القطاع، وهي مناطق صناعية وزراعية ومناطق ملكية عامة وهناك مناطق ملكية خاصة، وإذا أضفنا لذلك أن هناك حالة من عدم الثقة نشأت بين الشارع الفلسطيني وبين السلطة نتيجة تصرفاتٍ معلومةً للجميع للأخوة في السلطة كشفها قادة السلطة أنفسهم؛ منها ما تكلم عنه اللواء نصر يوسف- وزير الداخلية- عندما قال إن هناك اتصالات خارج إطار الجهات الرسمية مع ضباط كبار في الأمن وهي اتصالات متعلقة بقضايا فساد، وهو ما كشفته أيضًا تقارير المجلس التشريعي، بل إن برنامج أبو مازن نفسه في الانتخابات الرئاسية والذي نزل به للشارع الفلسطيني كان قائمًا على إصلاح السلطة ومقاومة الفساد بها.
ولذلك فإن عدم الثقة التي نشأت عند الشارع الفلسطيني جعلت هناك تساؤلاً لدي الشارع وهو ما مستقبل كل ما يتعلق بالانسحاب؟ ولذلك طرحنا ومعنا باقي الفصائل طرحًا لقي قبولاً وهو أن نشكل لجنة وطنية باعتبار أن هذا الموضوع موضوع وطني وشأن عام يهم كل المواطنين وكل الفصائل، على أن تهتم هذه اللجنة بمعالجة كل ما يتعلق بالانسحاب ووضع السياسات ووسائل الرقابة، وإن كانت هناك رؤى أخرى تعرض على هذه اللجنة الوطنية لمعالجة كافة القضايا الإشكالية بين الفصائل الفلسطينية وبين الشعب الفلسطيني نفسه وما قد يحدث مستقبلاً.
إلا أن الإخوة في فتح أصروا على أن السلطة واحدة ويجب أن تكون الأمور في غزة تحت أيديهم، ونحن كحماس نقول إن هذه اللجنة ليست بديلاً عن فتح أو السلطة أو الوزارات التنفيذية، وإنما هي لجنة وطنية لها مرجعية وطنية تتعلق بوضع السياسات والإشراف على كل ما اتفقنا عليه في إعلان القاهرة وفي لقائنا مع الأخ أبو مازن، وهي الأمور التي لم توضع حتى الآن موضع التنفيذ.

لجنتان

  • هل معنى ذلك أن هذا الاتفاق وهذه اللجنة كانت مشروعًا وانتهى؟!
لا أستطيع أن أجزم بذلك لأننا اتفقنا أخيرًا على أن تكون لجنة المتابعة التي انبثقت عن اتفاق القاهرة هي اللجنة المكلفة بمراقبة هذا الشأن الوطني بكلياته، لأنه يوجد الآن كثير من الرؤى المختلفة وإن لم يكن هناك حوار ولغة مشتركة ونقاط مشتركة بين كل الأطراف والفصائل، فبالتأكيد سيكون هناك صورة غير لائقة ممكن أن تحدث، ولذلك فإننا نرى أن لجنة المتابعة ضرورية وهامة، كما أننا اتفقنا أخيرًا على تشكيل لجنتين، الأولى: لمتابعة وضع الانسحاب ووضع الأسس لذلك ومراقبة كل ما يتعلق بهذا الأمر، واللجنة الأخرى لمعالجة كل القضايا المتعلقة بالمرجعية الفلسطينية الكلية في منظمة التحرير.
وما نرجوه الآن أن يكون هذا الوضع أول خطوة في الطريق حتى لا يكون هناك تنازع في الشارع الفلسطيني، وألا يكون هناك هذه التعبئة في الشارع الفلسطيني حتى لا يحدث أي صدام- لا قدر الله- سواء أثناء الانسحاب أو بعده.

متحدثون عن الشعب

  • هناك اتهام موجه لكم بأن حماس تنصب نفسها مدافعة ومتحدثة عن الشعب الفلسطيني، ألا يعد ذلك مخالفًا لما طرحته الآن وهل هذا الاتهام ممكن أن يعرقل كل الأمور المترتبة على الانسحاب الصهيوني من غزة؟
موضوع أننا مدافعون عن الشعب الفلسطيني أو لا هو في النهاية أمر متروك للشعب الفلسطيني نفسه، ونحن نريد أن ندافع بالفعل عن كل حق للشعب، ونريد أن نأخذ كل حق لكل مواطن فلسطيني، ولا نريد أن نجني شيئًا خاصًا لحماس، ونحن نعتقد أن جهادنا ونضالنا ومقاومتنا يجب أن تكون ثمرته لكل الشعب الفلسطيني وليس لفئةٍ دون غيرها، هم يتهموننا أن ننصب أنفسنا متحدثين عن الشعب، في الوقت الذي تستأثر فيه فتح بكل شيءٍ بدءًا من رئاسة السلطة وحتى رجل الأمن في الشارع، بل إن هناك ما يطلقون عليه في فتح السلامة الأمنية أو الرقابة الأمنية بمعنى أنهم يستبعدون أي شخص أو هيئة من غير فتح، ولذلك فإن هذا الاستئثار لفصيل واحد جعلهم يتحدثون عن وجود طرف آخر يريد منافستهم.
ونحن نريد أن يشعروا أنه إذا أرادوا فعلاً أن تكون هناك سلطة فلسطينية تنعكس بالاحترام على كل المواطنين يجب أن يكون هناك مشاركة حقيقية وعبر صناديق الانتخابات، وقد سبق لحماس وأن خاضت الانتخابات وتبين أن لها مكانةً متميزةً في قلب الشارع وهو ما يعطيها الحق بأن تتحدث باسم الشعب، إلا أنه يجب التوضيح بأن هذا الحق لا تقوم به حماس من أجل الحصول على قطعةٍ من الكعكة، وإنما هو من أجل تحقيق مطالب الشعب الفلسطيني.
وأؤكد مرة أخرى أننا في حماس نريد أن يكون هناك لغة تفاهمية بين الجميع والالتقاء في منتصف الطريق حتى نستطيع فعلاً أن نُظهر الشعب الفلسطيني كما يجب أن يكون، كما أننا نريد أن نبني سلطةً فلسطينية حقيقية هي للشعب عبر صناديق انتخابات وعبر احترام حق المواطنة وحق الشعب الفلسطيني بأن يختار طريقه كما يشاء.

سلاح المقاومة

مجاهدون منحماس
  • من القضايا التي دار حولها كثيرٌ من الضجيج موضوع السلاح فهل تفكر الحركة بأن تضع السلاح جانبًا مستغلةً الوضع الجديد بعد الانسحاب وحتى تهدئ من الضغوط الداخلية والخارجية عليها؟!
السلاح الفلسطيني هو في الأساس سلاحُ مقاومةٍ تسلحَ به أبناءُ الفصائل وأبناء الشعب الفلسطيني لمواجهة الاحتلال، ويجب ألا يستخدم هذا السلاح في خلاف ذلك أو في أي طريق غير مواجهة الاحتلال، ونحن نؤكد أن الاحتلال لم ينتهي، وحتى الانسحاب الصهيوني من غزة لم يتضح بعد شكله ومداه، وهو ما أكده الأخ نبيل شعث عندما قال عشية الانسحاب أنه غير كامل، وهو ما يعني أن هناك تبعات لهذا الانسحاب، فما بالك إذا أضفت لهذا الموضوع بأنه من الممكن أن يجتاح الاحتلال القطاع مرة أخرى ويحتله من جديد، فكيف تنزع إذن سلاح الشعب الفلسطيني من يديه فهل حتى لا يستطيع أن يدافع عن نفسه؟
بالإضافة لذلك فإنه مازالت المقاومة مشروعًا قائمًا؛ لأنها لم تنتهي باعتبار أن الاحتلال لم يرحل سواء في الضفة أو في القدس، فلماذا الحديث إذن عن هذا السلاح الآن وفي هذا التوقيت، وهو ما يدفعنا إلى التأكيد بأن السلطة الفلسطينية يجب أن تمارس دورها في كل ما يتعلق بمصالح وحقوق الشعب الفلسطيني لا أن تدافع وتتبنى وجهة نظر غيره، ويجب أن يكون هناك اتفاق عام بأن السلاح لا يستخدم إلا في موضعه، فلا يستخدم في استعراضات مثلاً ولا في أية مظاهر مسلحة ولا في أي قضية بخلاف المقاومة، ثم بعد ذلك نتحدث عن كل ما يتعلق بالسلطة وإجراءاتها على الأرض، ونتحدث عن القانون وتطبيقه.
ومرة أخرى فإننا لا نستطيع أن نقول بأن المقاومة انتهت فهي مازالت قائمة، ولا نقول إن الاحتلال رحل فهو باعتراف الجميع مازال موجودًا، وبالتالي ليس هناك معنًى للحديث عن نزع السلاح، ولاشك أن هذا الموضوع كما أشرت في سؤالك موضوع خلاف، لكن موقفنا واضح من ذلك عند جميع الأطراف، وما يجب أن نفكر فيه جميعًا هو أن نصل لوسيلة وطريقة نتجنب بها أي مشكلة قد تحدث فيما يتعلق بموضوع السلاح.

المصدر