أحمد أبوالعينين يكتب..مع الأيام العجاف .. المصريون وجدوا ما يشكونه من السيسي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أحمد أبوالعينين يكتب..مع الأيام العجاف .. المصريون وجدوا ما يشكونه من السيسي


(12 مارس 2016)

سيادتك مش شغال

"سيادتك مش شغال" كان هذا تعليق مذيعة التلفزيون عزة الحناوي وهي تنظر إلى الكاميرا موجهة حديثها للرئيس المصري، "مفيش ملف واحد اتحل من يوم ما جيت". بعد سنوات تكاد لم تردد وسائل الإعلام فيها سوى الإشادة الحماسية بالرئيس عبد الفتاح السيسي والانتقاص من خصومه، وجد عشرات الملايين من المصريين من متابعي البرامج الحوارية أنفسهم فجأة يستمعون لشكاوى من أداء الرئيس.

بات قائد الجيش السابق الذي أبعد الإخوان المسلمين عن السلطة عام 2013 يواجه انتقادًا عامًا واحدًا تلو الآخر على حكمه. وفتح تلفزيون الدولة المعروف بولائه الشديد للسيسي تحقيقًا داخليًا يوم الأربعاء الماضي مع عزة الحناوي بسبب تعليقها، لكن هذا التعليق لم يكن منفردًا.

فبعد سنوات من تبجيل السيسي كمنقذ للأمة خرج عدد من أكثر الشخصيات المؤثرة في البلاد ليلقوا باللائمة عليه في أزمة الاقتصاد واستمرار تمرد الإسلاميين في شبه جزيرة سيناء وعنف الشرطة المفرط.في الشهر الماضي كتب الصحفي والإعلامي البارز إبراهيم عيسى على الصفحة الأولى لجريدة "المقال" التي يرأس تحريرها: "دولة السيسي الدينية تحبس الأدباء" وذلك بعد الحكم بسجن روائي شاب بسبب رواية تضمنت عبارات جنسية.

وكتب عيسى مخاطبًا الرئيس "بعد ثلاثين يونيو دولتك تسجن الناس من أجل أفكارهم ورواياتهم، ما الذى جرى بالضبط جعل وطنًا يستدير معك إلى عصر تفتيش الضمائر ومحاكمة العقل وسجن الكتاب والأدباء؟"."دولتك وأجهزتك كما دولة سلفك وأجهزة سلفك تكره المثقفين وتكره الفكر وتكره الإبداع وتهوى فقط المنافقين والمتزلّفين وناظمي قصائد المديح والمبايعة."

لم يكن إبراهيم عيسى من عتاة المنتقدين بل إنه أشاد في البداية بصعود السيسي وقال "هذا يوم الفرحة، هذا يوم النصرة، هذا يوم الفوز، هذا يوم الكرامة، هذا يوم الكبرياء، هذا يوم العزة، يوم انتصرت مصر، انتصر الشعب المصري"، وحتى قبل ثلاثة أشهر فقط وصف السيسي بأنه "أكثر رئيس في العالم يحظى بتأييد شعبي".

ومن مكتبه الواقع على مشارف القاهرة قال لرويترز إن وسائل الإعلام لم تتغير وإن ما تغير هو أداء الحكومة، قال "هو الانتقاد مازادش، الأخطاء هي اللي زادت".

هالة وضاءة

أنهى صعود السيسي على الساحة السياسية بمصر منذ ما يقرب من ثلاث سنوات تجربة شهدت انقسامًا شديدًا لحكم الإخوان المسلمين واضطرابات على مدى عامين بعد سقوط حسني مبارك.

امتلأت قلوب قطاع عريض من الشعب بالإعجاب لذلك القائد العسكري بنظارته الشمسية الداكنة الذي وعدهم بإعادة الاستقرار لبلد يئن من الفوضى، لم تكن محلات الحلوى لتلاحق الطلب على منتجاتها التي تحمل صورته، وبعد عام واحد انتخبه ما يقرب من 97% رئيسًا وحصل على عدد من الأصوات تجاوز ما ناله سلفه محمد مرسي - الذي عزله السيسي عن الحكم - بعشرة ملايين صوت.

قال هشام هيليار الباحث غير المقيم بالمجلس الأطلسي في واشنطن "جاء السيسي للسلطة بمستويات شعبية هائلة، لم يكن هذا ليستمر، تلك الهالة الوضاءة لا يمكن أن تصمد". وخلال كلمة ألقاها الشهر الماضي بدا السيسي غاضبًا وشكا من أن المصريين يركزون على الأخطاء لا الإنجازات. وبعد الكلمة أغرق طوفان غير مسبوق من تعليقات المصريين الساخرة مواقع الإنترنت حتى إن بعض التعليقات شبهته بالزعيم الليبي المخلوع غريب الأطوار معمر القذافي.

وكتب محمد أبو الغار العلماني البارز ومؤيد السيسي السابق في مقال الأسبوع الماضي "أيقنت الآن أن الفرص ضئيلة، وفي وسط ذلك كله أرى وطنًا تفتتت أوصاله، من شرطة لا تحميه بل تضربه وتعذبه ووزراء وجودهم شرفي، واقتصاد منهار أصبح فيه الدولار يقارب العشرة جنيهات".

وفي مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء الماضي قال عمرو موسى الذي تولى وزارة الخارجية في عهد مبارك ورأس لجنة صاغت دستورًا جديدًا بعد أن تولى السيسي السلطة إن قوانين أجازها السيسي تتعارض مع الدستور.

وأطلق حمدين صباحي - السياسي اليساري الذي أيد في البداية حملة السيسي على الإسلاميين ثم رشح نفسه أمامه في انتخابات 2014 - مبادرة في الأيام الأخيرة لجمع أحزاب المعارضة وتقديم بديل يعول عليه للحكومة الحالية وهو أمر لم يكن متصورًا قبل عام واحد.وقال لرويترز "مصر تعبر بحصار مقيد على الرأي، موت للسياسة، شيطنة البدائل، اصطفاف بطريقة عمياء".

توافق عام

من المسائل التي كانت محل تجاهل يومًا مسألة حقوق الإنسان، مئات الإسلاميين قتلوا في يوم واحد على أيدي قوات الأمن بعد أسابيع من عزل مرسي، وتم إلقاء القبض على آلاف واتسعت دائرة الاعتقالات لتشمل نشطاء علمانيين، لكن قلة هي التي كانت تشكو حسبما قال عيسى.

قال "كان حاصل رضى وقد يكون توافق عام بين المصريين على تجاهل انتهاك حقوق الإنسان متى كان موجهًا للإرهابيين، ياكش يولعوا (دعهم يحترقون)، ومساحة كبيرة من المصريين ماكنش (لم يكن) عندهم مشكلة مع التنكيل بالنشطاء"."لكن فجأة اكتشفوا: لا ده إحنا!" مشيرًا إلى أن الناس شعروا أنهم أيضًا يتعرضون لنفس الشيء فبدأوا يخرجون في احتجاجات.

وفي الشهر الماضي شارك أكثر من عشرة آلاف طبيب في احتجاج على عنف الشرطة بعدما ضرب أفراد من الشرطة طبيبين في مستشفى عام، كانت أكبر مظاهرة منذ فرضت السلطات قيودًا على حق التظاهر في أواخر 2013، وشبه بعض الأطباء الواقعة بما حدث عام 2010 لخالد سعيد الذي كانت وفاته من بين أسباب الانتفاضة التي أسقطت مبارك.

وقال مؤمن عبد العظيم وهو أحد الطبيبين اللذين تعرضا للضرب في تصريحات لرويترز "مفيش حد متعلم مهم في البلد دي، أنا بفكر جديًا في الهجرة، على الأقل عشان بنتي اللي عندها سنة". وبعد أسبوع من احتجاج الأطباء قتل شرطي سائقًا بالرصاص في شارع مزدحم من شوارع القاهرة بعد خلاف على الأجرة.

أصاب الطبقة المتوسطة بذعر

لكن ربما كان الأكثر إضرارًا بصورة السيسي هو فشل الاقتصاد رغم وعوده بحياة أفضل الآن بعد أن تمكن من إنهاء الاضطرابات. يشيد السيسي بشق تفريعة جديدة لقناة السويس خلال عام واحد فقط ويصف ذلك بأنه إنجاز رئيسي، لكن المشروع الذي تكلف ثمانية مليارات دولار اقترضتها الدولة من خلال طرح سندات عامة في أوج شعبية السيسي فشل حتى الآن في تعزيز دخل البلاد.

في الوقت ذاته نقصت سلع مستوردة مثل زيت الطعام من المنافذ التي تبيع بأسعار مدعمة لمحدودي الدخل وذلك بسبب أزمة العملة الأجنبية التي صعبت على الشركات الحكومية المستوردة ضمان إمدادات منتظمة.وأخفقت الحكومة في إعادة ملء صوامع الأرز المتاح الآن بأسعار السوق في أغلب الأحوال وهي أسعار أعلى كثيرًا مما اعتاد عليه المصريون، وتشكو المؤسسات التجارية من ارتفاع الأسعار وانخفاض الأرباح والشكوك المحيطة بمصير الجنيه المصري.

واضطرت شركات تصنيع منها شركة جنرال موتورز للتوقف عن الإنتاج في فترات بسبب ما تجده من عناء في الحصول على المكونات المستوردة من الخارج والتي تكدست في الموانئ، أما صغار المستوردين فيقولون إنه يجري إخراجهم من السوق من خلال اللوائح التي تهدف للحد من العجز التجاري.

وسرى الغضب بين عاملي القطاع العام في نوفمبر عندما أصدر السيسي قانونًا جديدًا للخدمة المدنية كان من شأنه أن يحد من الوظائف، وحاول آلاف الموظفين - وهي فئة تتردد عادة في معارضة الحكومة - القيام باحتجاج لكن الشرطة منعتهم، وألغى البرلمان المنتخب حديثًا القانون في تعبير نادر عن الرفض من جانب كيان يهيمن عليه موالون للسيسي.

وقال إبراهيم عيسى "قانون الخدمة المدنية أصاب الطبقة المتوسطة الحكومية في مصر بذعر، إنه هذا الذي اخترناه وبنحبه بيعمل قانون ضدنا".

المصدر