أحمد الشرقاوي يكتب: "بص العصفورة" .. كلاكيت للمرة الألف!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أحمد الشرقاوي يكتب: "بص العصفورة".. كلاكيت للمرة الألف!


(25 يونيو 2016)

في زحمة الأحداث، ننسى بعض الأمور.. هذا شيء طبيعي، لكن غير الطبيعي هو استحداث أمور جديدة عن عمد ومع سبق الإصرار لدفع الناس للتركيز على الأحداث الجديدة وصرف النظر أو حتى نسيان الأحداث السابقة أو التي باتت قديمة نسبيا.. على سبيل المثال فإن أحداث الأسبوع الماضي في مصر، جعلت المصريين ينسون -إلى حد ما- أحداث الأسبوع السابق عليه، وكذلك الحال بالنسبة للشهر الماضي والعام الماضي.. وهكذا!!

نظام الحكم الانقلابي في مصر بزعامة السيسي يعرف تلك السمة من سمات المصريين، ويجيد استغلالها وفقا لنظرية: "بص العصفورة!!". تقوم تلك النظرية المشهورة بين المصريين على أسلوب الإلهاء أو التشويش وصرف الانتباه بالتركيز على موضوع مختلف عن الموضوع الذي يراد التعتيم عليه بهدف تضليل الرأي العام.

مشاهد كثيرة في أفلام السينما المصرية القديمة لخصت نظرية: "بص العصفورة"، والمشهد يأتي في وسط تجمع كبير من الناس: في مهرجان على أرض الكنانة. يبدأ المشهد بظهور الرجل المخادع مرتديا فانلة أو تنورة مخططة، معتمرا قبعة لها شكل عجيب، لا تكاد تميزه، هل هو ساحر أم مهرج في السيرك

تكتشف حقيقته عندما يبدأ بعملية احتيال أو سرقة ضد أحد البسطاء عن طريق مبادرته بأن طائرا يطير فوق رأسه، وربما يصطدم بأنفه أو عينه، ويحذره منه، وقد يتمادى فيتقمص دور من استغرب من أمر هذا الطائر أو العصفورة، فيقوم بتنبيه المخدوع لكي ينظر إلى هذا الشيء العجيب الذي أتت به العصفورة، فيقول لصاحبه وهو يخادعه: بص -أي انظر باللهجة العامية المصرية- العصفورة!!

وعندما يلتفت المخدوع ليرى ماذا يحدث من تلك العصفورة فإن المخادع أو اللص يقوم بنشل أشيائه وسرقتها دون أن يراه. هذا ما يحدث في مصر منذ شهور وسنوات طوال.. بص العصفورة.. والشعب يركز مع العصفورة بينما النظام يقوم بسرقته وخداعه واستغلاله..

كتبت في الأسبوع الماضي عن قائمة ضحايا الطائرة المصرية المنكوبة التي سقطت فوق البحر المتوسط يوم 19 مايو الماضي وعلى متنها 66 شخصا، بمن فيهم طاقم الطائرة، وخلال الأسبوع تحركت الأمور قليلا وأعلنت سلطة الانقلاب في مصر عن العثور على الصندوقين الأسودين، لكنها في الوقت نفسه قالت إن حالتهما سيئة "لا تسر عدوا ولا حبيبا"

وإنها قد تستعين في التعرف على محتوياتهما بمعامل متخصصة في الخارج، مما يعني أن اللجنة الفنية المكلفة بالتعامل مع محتويات الصندوقين اللذين يضمان كل المحادثات التي دارت داخل قمرة القيادة وكل مؤشرات العمليات الحيوية في الطائرة مثل معدل الحرارة والوقود وغيرها، ربما لا يتم التعامل مع اللجنة بطريقة شفافة تماما، لأن الخبراء سيقومون بعملهم في إصلاح الخلل قبل تفريغ محتويات الصندوقين.

الأهم من هذا كله، أن سلطات الانقلاب في مصر تجاهلت تماما قائمة الركاب الذين كانوا على متن الطائرة، 56 راكبا بخلاف الطاقم، وكل راكب منهم وراءه قصة وحكاية وحدوتة. في الحوادث المماثلة، تجد الصحافة والإعلام مادة بالغة الإثارة عندما تروي قصص بعض الركاب وحياتهم وأعمالهم وعلاقاتهم بما حولهم ومن حولهم.

إخفاء قائمة أسماء الركاب من كافة حواسب شركة مصر للطيران داخل مصر وخارجها، والبعض يشير إلى أنه تم محو القائمة بناء على أوامر من جهة سيادية!! هذا الإخفاء يعكس نوعا من الفزع والهلع بشأن قصص بعض الركاب وأسباب سفرهم وماذا فعلوا وعلى أي شيء اعترضوا..

قائمة الركاب سوف تفسر أسباب إسقاط الطائرة.. ولن تنسينا أحكام تيران وصنافير أو إلغاء التحفظ على أموال أبو تريكة، المطالبة بكشف قائمة الركاب على متن الطائرة المصرية المنكوبة، ولن ننخدع بنظرية: "بص العصفورة"!

المصدر