الفرق بين المراجعتين لصفحة: «أحمد سحنون»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
 
(٨ مراجعات متوسطة بواسطة ٤ مستخدمين غير معروضة)
سطر ١: سطر ١:
'''<center><font color="blue"><font size=5>الشيخ أحمد سحنون</font></font></center>'''
== '''مولده ونشأته''' ==
== '''مولده ونشأته''' ==
[[ملف:الشيخ أحمد سحنون.jpg|إطار|<center>'''الشيخ أحمد سحنون'''</center>]]
[[ملف:الشيخ أحمد سحنون.jpg|إطار|<center>الشيخ [[أحمد سحنون]]</center>]]
ولد الشيخ [[أحمد سحنون]] رحمه الله عام 1907 ميلادية ببلدة ليشانة قرب مدينة بسكرة، توفيت أمه وهو رضيع، وتولى والده الذي كان معلما للقرآن الكريم تربيته، فحفظ كتاب الله وعمره 12 سنة كما تعلم مبادئ اللغة العربية والشريعة الإسلامية على يد مجموعة من المشايخ والعلماء أبرزهم الشيخ أحمد خير الدين والشيخ محمد الدراجي والشيخ عبد الله بن مبروك. ومنذ نعومته أظافره كان الشيخ رحمه الله مولعا بكتب الأدب، فدرس وطالع منها الكثير قديمها وحديثها.
ولد الشيخ أحمد سحنون رحمه الله عام [[1907]] ميلادية ببلدة ليشانة قرب مدينة بسكرة، توفيت أمه وهو رضيع، وتولى والده الذي كان معلما للقرآن الكريم تربيته، فحفظ كتاب الله وعمره 12 سنة كما تعلم مبادئ اللغة العربية والشريعة الإسلامية على يد مجموعة من المشايخ والعلماء أبرزهم الشيخ [[أحمد خير الدين]] والشيخ [[محمد الدراجي]] والشيخ [[عبد الله بن مبروك]]. ومنذ نعومته أظافره كان الشيخ رحمه الله مولعا بكتب الأدب، فدرس وطالع منها الكثير قديمها وحديثها.
 
 
في سنة 1936م التقى لأول مرة مع رائد الإصلاح والنهضة في الجزائر العلامة عبدالحميد بن باديس رحمه الله، وفي ذلك يقول: "وذكرت- عندما كتبت فصلا عن ابن باديس الموجه- بمناسبة ذكراه أنه جمعني به أول مجلس فبادرني بسؤاله: ماذا طالعت من الكتب ؟ فأخذت أسرد له – لسوء حظي أو لحسنه- قائمة حافلة بمختلف القصص والروايات، فنظر إلي نظرة عاتبة غاضبة وقال: هلا طالعت العقد الفريد لابن عبد ربه، هلا طالعت الكامل للمبرد بشرح المرصفي، واستمر في سرد قائمة من الكتب النافعة المكونة، فكانت تلك الكلمة القيمة خير توجيه لي في هذا الباب".
 


وهكذا كان هذا اللقاء نقطة تحول كبرى في حياة الشيخ أحمد سحنون، حيث انضم إلى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وأصبح من أعضائها الفاعلين. يقول في هذا المجال في مقدمة كتابه "توجيهات إسلامية":
في سنة [[1936]]م التقى لأول مرة مع رائد الإصلاح والنهضة في [[الجزائر]] العلامة [[عبدالحميد بن باديس]] رحمه الله، وفي ذلك يقول: "وذكرت- عندما كتبت فصلا عن ابن باديس الموجه- بمناسبة ذكراه أنه جمعني به أول مجلس فبادرني بسؤاله: ماذا طالعت من الكتب ؟ فأخذت أسرد له – لسوء حظي أو لحسنه- قائمة حافلة بمختلف القصص والروايات، فنظر إلي نظرة عاتبة غاضبة وقال: هلا طالعت [[العقد الفريد]] لابن عبد ربه، هلا طالعت الكامل للمبرد بشرح المرصفي، واستمر في سرد قائمة من الكتب النافعة المكونة، فكانت تلك الكلمة القيمة خير توجيه لي في هذا الباب".


"إن كل شيء كنا نعمله لهذا الشعب، وكل ما نبذله لهذا الوطن، إنما كان بوحي من روح الجمعية، ووفق الخطة التي رسمتها لتطهير هذه الأرض العربية المسلمة من وجود الاستعمار ومن سيطرة الأجنبي، ومن عار الحكم بغير ما أنزل الله" وبالإضافة إلى الخطابة والتعليم والشعر، اقتحم الشيخ رحمه الله ميدان الصحف والمجلات، فكتب في العديد منها كالشهاب والبصائر، حتى أن الإبراهيمي علق على كتاباته قائلا:"إن ما تكتبه في البصائر هو حلة البصائر" وهي شهادة كانت أعز عليه من كل وصف، ذلك أنها صدرت من رجل كان يعتبره قدوة له وعظيما من عظماء الأمة، فقد وصفه ذات مرة فقال:"ولاعجب، فقد كان الإمام الإبراهيمي من بناة النهضة الكبار الذين عاشوا كل حياتهم، وأعظم همهم تكوين عدد ضخم من حملة الأقلام وإنشاء جيل قوي يحسن التعبير باللسان والقلم، يكون الغرة الوضاءة في جبين الجزائر، والكتيبة الأولى في معركة تحريرها".
وهكذا كان هذا اللقاء نقطة تحول كبرى في حياة الشيخ أحمد سحنون، حيث انضم إلى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وأصبح من أعضائها الفاعلين. يقول في هذا المجال في مقدمة كتابه "[[توجيهات إسلامية]]":


"إن كل شيء كنا نعمله لهذا الشعب، وكل ما نبذله لهذا الوطن، إنما كان بوحي من روح الجمعية، ووفق الخطة التي رسمتها لتطهير هذه الأرض العربية المسلمة من وجود الاستعمار ومن سيطرة الأجنبي، ومن عار الحكم بغير ما أنزل الله" وبالإضافة إلى الخطابة والتعليم والشعر، اقتحم الشيخ رحمه الله ميدان الصحف والمجلات، فكتب في العديد منها ك[[مجلة الشهاب|الشهاب]] و[[مجلة البصائر|البصائر]]، حتى أن الإبراهيمي علق على كتاباته قائلا:'''"إن ما تكتبه في البصائر هو حلة البصائر"''' وهي شهادة كانت أعز عليه من كل وصف، ذلك أنها صدرت من رجل كان يعتبره قدوة له وعظيما من عظماء الأمة، فقد وصفه ذات مرة فقال:'''"ولاعجب، فقد كان الإمام الإبراهيمي من بناة النهضة الكبار الذين عاشوا كل حياتهم، وأعظم همهم تكوين عدد ضخم من حملة الأقلام وإنشاء جيل قوي يحسن التعبير باللسان والقلم، يكون الغرة الوضاءة في جبين [[الجزائر]]، والكتيبة الأولى في معركة تحريرها"'''.


في سنة [[1947]] اشترك في المجلس الإداري للجمعية، وقام بكتابة نشيدها الذي يقول في مطلعه:
'''في سنة [[1947]] اشترك في المجلس الإداري للجمعية، وقام بكتابة نشيدها الذي يقول في مطلعه:'''
يابني شعب الأباة... للمعالي أنتم نسل الأمازيغ الكماة... في النزال كل من ضحى بنفسه فمات... لا يبالي
يابني شعب الأباة... للمعالي أنتم نسل الأمازيغ الكماة... في النزال كل من ضحى بنفسه فمات... لا يبالي


كما عينته الجمعية في نفس السنة معلما في مدرسة التهذيب الحرة في بولوغين ثم أصبح مديرا لها بعد عام واحد. ويشهد الجميع للشيخ بقوة خطابه وبلاغته وفصاحته، حيث كان يقصده جمع غفير من الناس يؤدون عنده صلاة الجمعة في مسجد الأمة ببولوغين، فكان يحث الشباب على الإعتزاز بماضيهم والتمسك بالحرية والسعي نحو الإنعتاق من نير الإستعمار.
كما عينته الجمعية في نفس السنة معلما في مدرسة التهذيب الحرة في بولوغين ثم أصبح مديرا لها بعد عام واحد. ويشهد الجميع للشيخ بقوة خطابه وبلاغته وفصاحته، حيث كان يقصده جمع غفير من الناس يؤدون عنده صلاة الجمعة في مسجد الأمة ببولوغين، فكان يحث الشباب على الإعتزاز بماضيهم والتمسك بالحرية والسعي نحو الإنعتاق من نير الإستعمار.


== الشيخ سحنون والثورة التحريرية ==
== الشيخ سحنون والثورة التحريرية ==
سطر ٢٣: سطر ٢٠:
أدرك الشيخ رحمه الله منذ اللحظة الأولى حقيقة المستعمر، فكان دائم التحذير من مكائده والتنبيه إلى أساليبه وساهم مع إخوانه العلماء في نشر الوعي الديني والوطني في أوساط الشعب وبعث الثقة في نفسه، ليرفع لواء الحرية والاستقلال ويطهر وطنه من رجس المستعمرين.
أدرك الشيخ رحمه الله منذ اللحظة الأولى حقيقة المستعمر، فكان دائم التحذير من مكائده والتنبيه إلى أساليبه وساهم مع إخوانه العلماء في نشر الوعي الديني والوطني في أوساط الشعب وبعث الثقة في نفسه، ليرفع لواء الحرية والاستقلال ويطهر وطنه من رجس المستعمرين.


وكان رحمه الله قد كون تنظيما فدائيا سريا انطلاقا من مسجد الأمة عام [[1953]]، وبعد اندلاع الثورة لم يتردد في مساندتها مما أدى إلى سجنه عام [[1956]] وحاول المستعمر استغلال مكانة الشيخ عند الشعب الجزائري وتأثيره فيه فطلب منه أن يحذر الناس من المجاهدين ويبعدهم عن احتضان الثورة ودعمها، فرد عليه قائلا:


وكان رحمه الله قد كون تنظيما فدائيا سريا انطلاقا من مسجد الأمة عام [[1953]]، وبعد اندلاع الثورة لم يتردد في مساندتها مما أدى إلى سجنه عام 1956 وحاول المستعمر استغلال مكانة الشيخ عند الشعب الجزائري وتأثيره فيه فطلب منه أن يحذر الناس من المجاهدين ويبعدهم عن احتضان الثورة ودعمها، فرد عليه قائلا:
'''"أنا الآن في حكم الميت، إذا نفذت ما طلبتم مني يقتلني إخواني وإذا لم أنفذ تقتلونني أنتم، ومادمت ميتا فليكن موتي على أيديكم أفضل"'''. فحكم عليه بالإعدام، ثم أطلق سراحه بعد ثلاث سنوات لأسباب صحية، فقام المجاهدون بتهريبه إلى منطقة باتنة بالشرق الجزائري ثم إلى مدينة سطيف ليواصل عمله وجهاده بين أفراد شعبه. وخلال تواجده بالسجن كان مواظبا على متابعة ما يصدره الأستاذ [[سيد قطب]] رحمه الله من تفسيره [[في ظلال القرآن]] وكان يقول: '''"كان الظلال يخرج من السجن في [[مصر]] ويدخل السجن في [[الجزائر]]"'''.
 
"أنا الآن في حكم الميت، إذا نفذت ما طلبتم مني يقتلني إخواني وإذا لم أنفذ تقتلونني أنتم، ومادمت ميتا فليكن موتي على أيديكم أفضل". فحكم عليه بالإعدام، ثم أطلق سراحه بعد ثلاث سنوات لأسباب صحية، فقام المجاهدون بتهريبه إلى منطقة باتنة بالشرق الجزائري ثم إلى مدينة سطيف ليواصل عمله وجهاده بين أفراد شعبه. وخلال تواجده بالسجن كان مواظبا على متابعة ما يصدره الأستاذ سيد قطب رحمه الله من تفسيره في ظلال القرآن وكان يقول: "كان الظلال يخرج من السجن في مصر ويدخل السجن في الجزائر".
 


== الشيخ سحنون والدعوة بعد الاستقلال ==
== الشيخ سحنون والدعوة بعد الاستقلال ==
[[ملف:والدعوة بعد الإستقلال.jpg|تصغير|<center>'''الشيخ سحنون وسط إخوانه من رجال الدعوة'''</center>]]
[[ملف:والدعوة بعد الإستقلال.jpg|تصغير|<center>الشيخ سحنون وسط إخوانه من رجال الدعوة</center>]]
 
بعد نيل الجزائر استقلالها، عين الشيخ أحمد سحنون إماما خطيبا بالجامع الكبير بالعاصمة وعضوا بالمجلس الإسلامي الأعلى، فواصل عمله الدعوي التربوي بكل إخلاص واستقلالية، فكان أحرص ما يحرص عليه حرية الكلمة وخاصة إذا كانت تخرج من المنبر، فلم يكن يهادن في دينه ولا يقبل المساومة في مبادئه من غير جبن ولا تهور أو انفعال، شعاره في ذلك قول الباري عز وجل:" ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " حتى استطاع بمنهجه أن يصبح منبرا للتعقل والحكمة ومرجعا لوحدة الشعب الجزائري والتفافه حول ثوابته.


بعد نيل [[الجزائر]] استقلالها، عين الشيخ أحمد سحنون إماما خطيبا بالجامع الكبير بالعاصمة وعضوا بالمجلس الإسلامي الأعلى، فواصل عمله الدعوي التربوي بكل إخلاص واستقلالية، فكان أحرص ما يحرص عليه حرية الكلمة وخاصة إذا كانت تخرج من المنبر، فلم يكن يهادن في دينه ولا يقبل المساومة في مبادئه من غير جبن ولا تهور أو انفعال، شعاره في ذلك قول الباري عز وجل:'''" ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن "''' حتى استطاع بمنهجه أن يصبح منبرا للتعقل والحكمة ومرجعا لوحدة الشعب الجزائري والتفافه حول ثوابته.


وقد كان يقول رحمه الله: ( فليست الدعوة إلى الله – إذن- كلاما مجردا عاديا، يستطيع أن يملأ به شدقيه كل من لا حظ له من دين أو خلق، ولا خلاق له من إيمان أو استقامة، إنما هي كفاح مرير ينبغي أن لا يخوض غماره إلا من تسلح له بسعة الصدر ولين القول واستقامة السيرة وبلاغة المنطق وقوة الحجة ).
'''وقد كان يقول رحمه الله:'''


:'''( فليست الدعوة إلى الله – إذن- كلاما مجردا عاديا، يستطيع أن يملأ به شدقيه كل من لا حظ له من دين أو خلق، ولا خلاق له من إيمان أو استقامة، إنما هي كفاح مرير ينبغي أن لا يخوض غماره إلا من تسلح له بسعة الصدر ولين القول واستقامة السيرة وبلاغة المنطق وقوة الحجة )'''.


'''وكتب ذات مرة مقالا بعنوان "الدعوة إلى الله" ومما جاء فيه:'''
'''وكتب ذات مرة مقالا بعنوان "الدعوة إلى الله" ومما جاء فيه:'''


:'''"وإذا كانت الكلمة اللينة والصدر الرحب من خير أدوات الدعوات بحيث تجعل العدو صديقا كما تشير إليه الآية، فبعكس ذلك تكون الكلمة الجافية والصدر الضيق من شر أسباب النفور بحيث يجعلان الصديق عدوا"'''.


"وإذا كانت الكلمة اللينة والصدر الرحب من خير أدوات الدعوات بحيث تجعل العدو صديقا كما تشير إليه الآية، فبعكس ذلك تكون الكلمة الجافية والصدر الضيق من شر أسباب النفور بحيث يجعلان الصديق عدوا".
هكذا إذن كان منهجه في الدعوة إلى الله كما كان منهج الأنبياء بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، ولكن إذا انتهكت حرمات الله أو حورب الله ورسوله وهدد [[الإسلام]] في عقر داره فإنه يرفع لواء التصدي والذود عن دين الله كما فعل رحمه الله لما حاولت شرذمة من النسوة بدافع من اللائكيين وبقايا أذناب المستعمر في [[الجزائر]] أن تستبدل قانون الأسرة المستمد من الشريعة الإسلامية بآخر علماني لاديني، فخرج مع غيره من الدعاة في مسيرة حاشدة حضرها زهاء مليون إمرأة مسلمة جزائرية أصيلة ليقول لا لمحاولات العبث بدين الأمة وثوابتها.
 
 
هكذا إذن كان منهجه في الدعوة إلى الله كما كان منهج الأنبياء بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، ولكن إذا انتهكت حرمات الله أو حورب الله ورسوله وهدد الإسلام في عقر داره فإنه يرفع لواء التصدي والذود عن دين الله كما فعل رحمه الله لما حاولت شرذمة من النسوة بدافع من اللائكيين وبقايا أذناب المستعمر في الجزائر أن تستبدل قانون الأسرة المستمد من الشريعة الإسلامية بآخر علماني لاديني، فخرج مع غيره من الدعاة في مسيرة حاشدة حضرها زهاء مليون إمرأة مسلمة جزائرية أصيلة ليقول لا لمحاولات العبث بدين الأمة وثوابتها.
 
 
وكان قبل ذلك نصح وعمل على منع القيام بمسيرة خلال أحداث أكتوبر 1988 الدموية خشية الوقوع في فخ أعداء الصحوة الإسلامية والزج بشباب الدعوة في برك من الدماء.


وكان قبل ذلك نصح وعمل على منع القيام بمسيرة خلال أحداث [[أكتوبر]] [[1988]] الدموية خشية الوقوع في فخ أعداء الصحوة [[الإسلام]]ية والزج بشباب الدعوة في برك من الدماء.


ومن الجهود المباركة التي قام بها الشيخ رحمه الله، محاولته تأسيس رابطة الدعوة الإسلامية وهي إطار دعوي يجمع كافة أطياف الحركة الإسلامية لتوجيه العمل الدعوي وتوجيه جهود العاملين بعد توحيدها وتنسيقها لاجتناب التناحر والشقاقات داخل صفوف الحركة الإسلامية، كان ذلك سنة 1989م، وقد كانت محاولة رائدة لو كتب لها الله النجاح والاستمرار.
ومن الجهود المباركة التي قام بها الشيخ رحمه الله، محاولته تأسيس '''رابطة الدعوة الإسلامية''' وهي إطار دعوي يجمع كافة أطياف الحركة الإسلامية لتوجيه العمل الدعوي وتوجيه جهود العاملين بعد توحيدها وتنسيقها لاجتناب التناحر والشقاقات داخل صفوف الحركة الإسلامية، كان ذلك سنة [[1989]]م، وقد كانت محاولة رائدة لو كتب لها الله النجاح والاستمرار.


 
ولما دخلت [[الجزائر]] في محنتها وسالت دماء أبنائها حاول مخلصا جاهدا أن يجنب الشعب ويلات تلك المحنة وآلامها، فكان جزاؤه محاولة اغتياله وهو في ساحة المسجد متوجها للصلاة مما ترك في نفسه الأثر العميق لما وصلت إليه [[الجزائر]]، فعكف في بيته يدعو الله ويعبده ويطالع الكتب ويدرس إلى أن لقي الله ولم يبدل تبديلا.
ولما دخلت الجزائر في محنتها وسالت دماء أبنائها حاول مخلصا جاهدا أن يجنب الشعب ويلات تلك المحنة وآلامها، فكان جزاؤه محاولة اغتياله وهو في ساحة المسجد متوجها للصلاة مما ترك في نفسه الأثر العميق لما وصلت إليه الجزائر، فعكف في بيته يدعو الله ويعبده ويطالع الكتب ويدرس إلى أن لقي الله ولم يبدل تبديلا.


== وفاته ==
== وفاته ==


و انتقل إلى رحمة الله ليلة الإثنين 08 ديسمبر 2003 م الموافق لـ 14 شوال 1424 هـ، وقد كان لهذا النبأ وقع أليم على نفوس كل الجزائريين، ووفاته مصاب كبير وخسارة فادحة للجزائر، التي فقدت في ذات السنة فضيلة الشيخ محفوظ نحناح رحمة الله عليهما.
وانتقل إلى رحمة الله ليلة الإثنين 08 [[ديسمبر]] [[2003]] م الموافق لـ 14 شوال 1424 هـ، وقد كان لهذا النبأ وقع أليم على نفوس كل الجزائريين، ووفاته مصاب كبير وخسارة فادحة [[الجزائر|للجزائر]]، التي فقدت في ذات السنة فضيلة الشيخ [[محفوظ نحناح]] رحمة الله عليهما.
 
 
لقد مات الشيخ سحنون وهو يتألم مما وصل إليه حال الجزائر من انهيار وتفكك وفرقة، مات وفي قلبه أمل أن يرى الدعاة إلى الله على قلب رجل واحد.


لقد مات الشيخ سحنون وهو يتألم مما وصل إليه حال [[الجزائر]] من انهيار وتفكك وفرقة، مات وفي قلبه أمل أن يرى الدعاة إلى الله على قلب رجل واحد.


== آثار الشيخ ==
== آثار الشيخ ==


*ترك الشيخ بعض الآثار المخطوطة والمطبوعة أهمها''':
'''ترك الشيخ بعض الآثار المخطوطة والمطبوعة أهمها:'''
 
*كتاب دراسات وتوجيهات إسلامية.
 
*كتاب كنوزنا ويقع في 300 صفحة احتوى تراجم لبعض الصحابة وهو لم يطبع بعد.
 
*ديوان شعر بعنوان" حصاد السجن" يضم 196 قصيدة
 
*ديوان شعر" تساؤل وأمل " وهو لم يطبع بعد
 
*إلى جانب عشرات المقالات في العديد من الجرائد والمجلات كالبصائر والشهاب
 
*فرحم الله الشيخ أحمد سحنون وأسكنه فسيح جنانه مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وإنا لله وإنا إليه راجعون.
 
 
== روابط ذات صلة ==


* [[الإخوان المسلمين في الجزائر]]
:#كتاب [[دراسات وتوجيهات إسلامية]].
:#كتاب [[كنوزنا]] ويقع في 300 صفحة احتوى تراجم لبعض الصحابة وهو لم يطبع بعد.
:#ديوان شعر بعنوان'''" حصاد السجن"''' يضم 196 قصيدة
:#ديوان شعر '''" تساؤل وأمل "''' وهو لم يطبع بعد
:#إلى جانب عشرات المقالات في العديد من الجرائد والمجلات ك[[مجلة البصائر|البصائر]] و[[مجلة الشهاب|الشهاب]]


* [[فلسطين في الشعر الجزائري]]
فرحم الله الشيخ أحمد سحنون وأسكنه فسيح جنانه مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وإنا لله وإنا إليه راجعون.


* [[أسلمة الجزائر.. مخاض عنيف قبل الصدام]]
== لمزيد من الروابط ==


{| class="wikitable" border="0"
|
<font color="green">
<font size=4>
'''من مؤلفاته'''
</font>
</font>
<font size=2>
* '''كتاب''': [[دراسات وتوجيهات إسلامية]]
* '''كتاب''': [[كنوزنا]]
* '''ديوان''': [[حصاد السجن]]
* '''ديوان''': [[تساؤل وأمل]]
</font>
<font color="green">
<font size=4>
'''روابط داخلية'''
</font>
</font>


<font color="green">
<font size=4>
'''كتب متعلقة'''
</font>
</font>
<font size=2>
* '''قسم:''' [[:تصنيف:الإخوان في الجزائر|الإخوان في الجزائر]]
* '''مقال''': [[الإخوان المسلمين في الجزائر]]
* '''مقال''': [[فلسطين في الشعر الجزائري]]
* '''مقال''': [[أسلمة الجزائر.. مخاض عنيف قبل الصدام]]
* '''مقال:''' [[تاريخ الإخوان المسلمون في الجزائر]]
* '''ترجمة:''' [[محفوظ نحناح]]
* '''مقال''': [[الحلقة التاسعة والعشرون: أول زيارة للجزائر]]
* '''مواليد شهر''': [[ديسمبر]]
* '''مواليد سنة''': [[1907]]
</font>
<font color="green">
<font size=4>
'''روابط خارجية'''
</font>
</font>


'''المصدر : مجلة أسرة المختار - العدد:22 (ذو الحجة 1428هـ/ ديسمبر 2007م)"'''
<font color="green">
<font size=4>
'''مقالات متعلقة'''
</font>
</font>
<font size=2>
* '''مقال''': [http://www.alasr.ws/index.cfm?method=home.con&contentID=4803 وفاة الشيخ أحمد سحنون الزعيم الروحي للتيار الإصلاحي في الجزائر: الرجل الذي تخلى عنه الجميع] ،'''موقع مجلة العصر'''
* '''مقال''': [http://www.chihab.net/modules.php?name=News&file=article&sid=388  الشيخ أحمد سحنون.. الاستقلال مجسدا في أسمى أبعاده] ،'''موقع الشهاب'''
* '''مقال''': [http://chihab.net/modules.php?name=News&new_topic=22 في ذكرى وفاة العلامة الشيخ احمد سحنون لا يعرف أقدار الرجال إلا الرجال] ،'''موقع الشهاب'''
* '''مقال''': [http://djazairess.com/aps/97763 الشيخ احمد سحنون.. حياة زاخرة في خدمة الإسلام و الوطن] ،'''موقع جزايرس'''
* '''مقال''': [http://www.echoroukonline.com/ara/choroukiat/58863.html الشيخ أحمد سحنون .. الحكيم الذي عصته أمته] ،'''موقع الشروق أون لاين'''
* '''مقال''': [http://www.assala-dz.net/ar/index.php?option=com_content&view=article&id=432:2010-11-01-19-08-32&catid=15:2010-08-17-10-21-37&Itemid=19 الشيخ أحمد سحنون رجل الدعوة والإصلاح] ،'''مركز الأصالة للدراسات'''
* '''مقال''': [http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=70799 العلامة أحمد سحنون رحمه الله] ،'''ملتقى أهل الحديث'''
* '''مقال''': [http://www.radioalgerie.dz/ar/index.php?option=com_content&view=article&id=2715:2010-12-11-17-53-37&catid=60:2010-05-20-09-26-38&Itemid=104 فرنسا ساومت الشيخ احمد سحنون بين التعاون معها أو الإعدام] ،'''موقع الإذاعة الجزائرية'''
* '''مقال''': [http://www.mesbah-dz.com/?p=186 الشيخ أحمد سحنون رجل الدعوة والإصلاح] ،'''موقع مصباح'''
* '''مقال''': [http://www.nashiri.net/articles/social/1835.html?task=view في ذكرى رحيل أب الحركة الإسلامية في الجزائر الشيخ أحمد سحنون] ،'''موقع ناشري'''
|
<font color="green">
<font size=4>
'''تابع مقالات متعلقة'''
</font>
</font>
* '''مقال''': [http://www.nfaes.net/showthread.php?t=3483 الشيخ أحمد سحنون رجل الدعوة والإصلاح بالجزائر] ،'''شبكة نفائس'''
* '''مقال''': [http://www.tafsir.net/vb/showthread.php?s=28e5c47be76a600edbd6fd55d11cd232&p=135810#post135810 الخصائص الفنية والموضوعية في شعر أحمد سحنون الجزائري] ،'''ملتقى أهل التفسير'''
* '''مقال''': [http://www.assala-dz.net/ar/index.php?option=com_content&view=article&id=290:-1988&catid=12:2010-08-15-10-18-46&Itemid=21 وثائق/ الشيخ أحمد سحنون وأحداث الخامس أكتوبر 1988] ،'''مركز الأصالة للدراسات'''
* '''مقال''': [http://cb.rayaheen.net/showthread.php?tid=27956&page=1#p172068 العلامة الأديب الفقيه أحمد سحنون الجزائري] ،'''شبكة روض الرياحين'''
* '''مقال''': [http://www.aljazeera.net/News/archive/archive?ArchiveId=66286 وفاة الداعية الإسلامي الجزائري أحمد سحنون] ،'''موقع الجزيرة نت'''
* '''مقال''': [http://www.djazairess.com/elbilad/24960 بعد ملتقى مالك بن نبي ومولود قاسم:الإصلاح تتذكر الشيخ أحمد سحنون] ،'''موقع جزايرس'''
* '''مقال''': [http://www.benbadis.org/vb/showthread.php?t=13866 الشيخ أحمد سحنون .. الحكيم الذي عصته أمته] ،'''موقع بن باديس'''
* '''مقال''': [http://www.akhbarelyoum-dz.com/ar/2010-02-20-10-52-15/2010-02-20-10-56-01/13960-2010-12-12-225320.html على شباب اليوم الاقتداء بالشيخ سحنون] ،'''موقع أخبار اليوم'''
* '''مقال''': [http://www1.albassair.org/modules.php?name=News&file=article&sid=851 خاطرة في ذكرى الإمام المرحوم الشيخ أحمد سحنون] ،'''موقع البصائر'''
* '''مقال''': [http://www.science-collector.com/vb/t7975.html ما مات من علم الناس الحياة.. الشيخ أحمد سحنون] ،'''منتدى جامع العلوم'''
* '''مقال''': [http://www.lakhdaria.net/vb/showthread.php?t=12515&page=1 في ذكرى رحيل العلامة الشيخ احمد سحنون] ،'''منتدى الأخضرية'''
* '''مقال''': [http://majles.alukah.net/showthread.php?t=19154 العلامة الأديب الفقيه أحمد سحنون الجزائري] ،'''منتدى الألوكة'''
</font>
<font color="green">
<font size=4>
'''وصلات فيديو'''
</font>
</font>
<font size=2>
* '''فيديو''': [http://www.youtube.com/watch?v=dULuvSWtCpM&feature=related الشيخ أحمد سحنون في تجمع 1990 توأمة الجزائر والقدس] ،'''موقع يو تيوب'''
* '''فيديو''': [http://www.youtube.com/watch?v=KuBKem2zCqY الشروق تكرم الشيخ احمد سحنون رحمه الله] ،'''موقع يو تيوب'''
* '''فيديو''': [http://www.youtube.com/watch?v=k-_wJJ_nzDI الشروق تكرم الشيخ احمد سحنون ] ،'''موقع يو تيوب'''
</font>
|}
'''المصدر : مجلة أسرة المختار - العدد:22 (ذو الحجة 1428هـ/ [[ديسمبر]] [[2007]]م)"'''


[[تصنيف:أعلام الحركة الإسلامية]]
[[تصنيف:أعلام الحركة الإسلامية]]

المراجعة الحالية بتاريخ ١١:٤٠، ٧ أبريل ٢٠١٣

الشيخ أحمد سحنون

مولده ونشأته

ولد الشيخ أحمد سحنون رحمه الله عام 1907 ميلادية ببلدة ليشانة قرب مدينة بسكرة، توفيت أمه وهو رضيع، وتولى والده الذي كان معلما للقرآن الكريم تربيته، فحفظ كتاب الله وعمره 12 سنة كما تعلم مبادئ اللغة العربية والشريعة الإسلامية على يد مجموعة من المشايخ والعلماء أبرزهم الشيخ أحمد خير الدين والشيخ محمد الدراجي والشيخ عبد الله بن مبروك. ومنذ نعومته أظافره كان الشيخ رحمه الله مولعا بكتب الأدب، فدرس وطالع منها الكثير قديمها وحديثها.

في سنة 1936م التقى لأول مرة مع رائد الإصلاح والنهضة في الجزائر العلامة عبدالحميد بن باديس رحمه الله، وفي ذلك يقول: "وذكرت- عندما كتبت فصلا عن ابن باديس الموجه- بمناسبة ذكراه أنه جمعني به أول مجلس فبادرني بسؤاله: ماذا طالعت من الكتب ؟ فأخذت أسرد له – لسوء حظي أو لحسنه- قائمة حافلة بمختلف القصص والروايات، فنظر إلي نظرة عاتبة غاضبة وقال: هلا طالعت العقد الفريد لابن عبد ربه، هلا طالعت الكامل للمبرد بشرح المرصفي، واستمر في سرد قائمة من الكتب النافعة المكونة، فكانت تلك الكلمة القيمة خير توجيه لي في هذا الباب".

وهكذا كان هذا اللقاء نقطة تحول كبرى في حياة الشيخ أحمد سحنون، حيث انضم إلى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وأصبح من أعضائها الفاعلين. يقول في هذا المجال في مقدمة كتابه "توجيهات إسلامية":

"إن كل شيء كنا نعمله لهذا الشعب، وكل ما نبذله لهذا الوطن، إنما كان بوحي من روح الجمعية، ووفق الخطة التي رسمتها لتطهير هذه الأرض العربية المسلمة من وجود الاستعمار ومن سيطرة الأجنبي، ومن عار الحكم بغير ما أنزل الله" وبالإضافة إلى الخطابة والتعليم والشعر، اقتحم الشيخ رحمه الله ميدان الصحف والمجلات، فكتب في العديد منها كالشهاب والبصائر، حتى أن الإبراهيمي علق على كتاباته قائلا:"إن ما تكتبه في البصائر هو حلة البصائر" وهي شهادة كانت أعز عليه من كل وصف، ذلك أنها صدرت من رجل كان يعتبره قدوة له وعظيما من عظماء الأمة، فقد وصفه ذات مرة فقال:"ولاعجب، فقد كان الإمام الإبراهيمي من بناة النهضة الكبار الذين عاشوا كل حياتهم، وأعظم همهم تكوين عدد ضخم من حملة الأقلام وإنشاء جيل قوي يحسن التعبير باللسان والقلم، يكون الغرة الوضاءة في جبين الجزائر، والكتيبة الأولى في معركة تحريرها".

في سنة 1947 اشترك في المجلس الإداري للجمعية، وقام بكتابة نشيدها الذي يقول في مطلعه: يابني شعب الأباة... للمعالي أنتم نسل الأمازيغ الكماة... في النزال كل من ضحى بنفسه فمات... لا يبالي

كما عينته الجمعية في نفس السنة معلما في مدرسة التهذيب الحرة في بولوغين ثم أصبح مديرا لها بعد عام واحد. ويشهد الجميع للشيخ بقوة خطابه وبلاغته وفصاحته، حيث كان يقصده جمع غفير من الناس يؤدون عنده صلاة الجمعة في مسجد الأمة ببولوغين، فكان يحث الشباب على الإعتزاز بماضيهم والتمسك بالحرية والسعي نحو الإنعتاق من نير الإستعمار.

الشيخ سحنون والثورة التحريرية

أدرك الشيخ رحمه الله منذ اللحظة الأولى حقيقة المستعمر، فكان دائم التحذير من مكائده والتنبيه إلى أساليبه وساهم مع إخوانه العلماء في نشر الوعي الديني والوطني في أوساط الشعب وبعث الثقة في نفسه، ليرفع لواء الحرية والاستقلال ويطهر وطنه من رجس المستعمرين.

وكان رحمه الله قد كون تنظيما فدائيا سريا انطلاقا من مسجد الأمة عام 1953، وبعد اندلاع الثورة لم يتردد في مساندتها مما أدى إلى سجنه عام 1956 وحاول المستعمر استغلال مكانة الشيخ عند الشعب الجزائري وتأثيره فيه فطلب منه أن يحذر الناس من المجاهدين ويبعدهم عن احتضان الثورة ودعمها، فرد عليه قائلا:

"أنا الآن في حكم الميت، إذا نفذت ما طلبتم مني يقتلني إخواني وإذا لم أنفذ تقتلونني أنتم، ومادمت ميتا فليكن موتي على أيديكم أفضل". فحكم عليه بالإعدام، ثم أطلق سراحه بعد ثلاث سنوات لأسباب صحية، فقام المجاهدون بتهريبه إلى منطقة باتنة بالشرق الجزائري ثم إلى مدينة سطيف ليواصل عمله وجهاده بين أفراد شعبه. وخلال تواجده بالسجن كان مواظبا على متابعة ما يصدره الأستاذ سيد قطب رحمه الله من تفسيره في ظلال القرآن وكان يقول: "كان الظلال يخرج من السجن في مصر ويدخل السجن في الجزائر".

الشيخ سحنون والدعوة بعد الاستقلال

الشيخ سحنون وسط إخوانه من رجال الدعوة

بعد نيل الجزائر استقلالها، عين الشيخ أحمد سحنون إماما خطيبا بالجامع الكبير بالعاصمة وعضوا بالمجلس الإسلامي الأعلى، فواصل عمله الدعوي التربوي بكل إخلاص واستقلالية، فكان أحرص ما يحرص عليه حرية الكلمة وخاصة إذا كانت تخرج من المنبر، فلم يكن يهادن في دينه ولا يقبل المساومة في مبادئه من غير جبن ولا تهور أو انفعال، شعاره في ذلك قول الباري عز وجل:" ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " حتى استطاع بمنهجه أن يصبح منبرا للتعقل والحكمة ومرجعا لوحدة الشعب الجزائري والتفافه حول ثوابته.

وقد كان يقول رحمه الله:

( فليست الدعوة إلى الله – إذن- كلاما مجردا عاديا، يستطيع أن يملأ به شدقيه كل من لا حظ له من دين أو خلق، ولا خلاق له من إيمان أو استقامة، إنما هي كفاح مرير ينبغي أن لا يخوض غماره إلا من تسلح له بسعة الصدر ولين القول واستقامة السيرة وبلاغة المنطق وقوة الحجة ).

وكتب ذات مرة مقالا بعنوان "الدعوة إلى الله" ومما جاء فيه:

"وإذا كانت الكلمة اللينة والصدر الرحب من خير أدوات الدعوات بحيث تجعل العدو صديقا كما تشير إليه الآية، فبعكس ذلك تكون الكلمة الجافية والصدر الضيق من شر أسباب النفور بحيث يجعلان الصديق عدوا".

هكذا إذن كان منهجه في الدعوة إلى الله كما كان منهج الأنبياء بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن، ولكن إذا انتهكت حرمات الله أو حورب الله ورسوله وهدد الإسلام في عقر داره فإنه يرفع لواء التصدي والذود عن دين الله كما فعل رحمه الله لما حاولت شرذمة من النسوة بدافع من اللائكيين وبقايا أذناب المستعمر في الجزائر أن تستبدل قانون الأسرة المستمد من الشريعة الإسلامية بآخر علماني لاديني، فخرج مع غيره من الدعاة في مسيرة حاشدة حضرها زهاء مليون إمرأة مسلمة جزائرية أصيلة ليقول لا لمحاولات العبث بدين الأمة وثوابتها.

وكان قبل ذلك نصح وعمل على منع القيام بمسيرة خلال أحداث أكتوبر 1988 الدموية خشية الوقوع في فخ أعداء الصحوة الإسلامية والزج بشباب الدعوة في برك من الدماء.

ومن الجهود المباركة التي قام بها الشيخ رحمه الله، محاولته تأسيس رابطة الدعوة الإسلامية وهي إطار دعوي يجمع كافة أطياف الحركة الإسلامية لتوجيه العمل الدعوي وتوجيه جهود العاملين بعد توحيدها وتنسيقها لاجتناب التناحر والشقاقات داخل صفوف الحركة الإسلامية، كان ذلك سنة 1989م، وقد كانت محاولة رائدة لو كتب لها الله النجاح والاستمرار.

ولما دخلت الجزائر في محنتها وسالت دماء أبنائها حاول مخلصا جاهدا أن يجنب الشعب ويلات تلك المحنة وآلامها، فكان جزاؤه محاولة اغتياله وهو في ساحة المسجد متوجها للصلاة مما ترك في نفسه الأثر العميق لما وصلت إليه الجزائر، فعكف في بيته يدعو الله ويعبده ويطالع الكتب ويدرس إلى أن لقي الله ولم يبدل تبديلا.

وفاته

وانتقل إلى رحمة الله ليلة الإثنين 08 ديسمبر 2003 م الموافق لـ 14 شوال 1424 هـ، وقد كان لهذا النبأ وقع أليم على نفوس كل الجزائريين، ووفاته مصاب كبير وخسارة فادحة للجزائر، التي فقدت في ذات السنة فضيلة الشيخ محفوظ نحناح رحمة الله عليهما.

لقد مات الشيخ سحنون وهو يتألم مما وصل إليه حال الجزائر من انهيار وتفكك وفرقة، مات وفي قلبه أمل أن يرى الدعاة إلى الله على قلب رجل واحد.

آثار الشيخ

ترك الشيخ بعض الآثار المخطوطة والمطبوعة أهمها:

  1. كتاب دراسات وتوجيهات إسلامية.
  2. كتاب كنوزنا ويقع في 300 صفحة احتوى تراجم لبعض الصحابة وهو لم يطبع بعد.
  3. ديوان شعر بعنوان" حصاد السجن" يضم 196 قصيدة
  4. ديوان شعر " تساؤل وأمل " وهو لم يطبع بعد
  5. إلى جانب عشرات المقالات في العديد من الجرائد والمجلات كالبصائر والشهاب

فرحم الله الشيخ أحمد سحنون وأسكنه فسيح جنانه مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا وإنا لله وإنا إليه راجعون.

لمزيد من الروابط

من مؤلفاته

روابط داخلية

كتب متعلقة

روابط خارجية

مقالات متعلقة

تابع مقالات متعلقة

وصلات فيديو

المصدر : مجلة أسرة المختار - العدد:22 (ذو الحجة 1428هـ/ ديسمبر 2007م)"