أزمة اللاجئين السوريين: إحصائيات مخجلة.. ومواقف مشينة!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أزمة اللاجئين السوريين: إحصائيات مخجلة.. ومواقف مشينة!


أحمد نصار

الثلاثاء 01 سبتمبر 2015

بقلم : أحمد نصار

مشاهد اللاجئين السوريين وهم يفترشون الشوارع ومحطات المترو والقطارات في دول غرب البلقان، جنوب شرق القارة الأوروبية، يتوسلون ويتسولون اللجوء وبعض كسر الخبز، ليس الحلقة الأولى في مسلسل أزمة اللاجئين السوريين، الذين فروا من براميل الموت المتفجرة في سوريا، وإرهاب مسلحي داعش، أملا في العبور من النمسا أو المجر إلى دول غرب أوروبا (ألمانيا وفرنسا وربما عبر المانش إلى إنجلترا).

بداية الأزمة تعود إلى العام 2011، مع اندلاع الثورة السورية وتحولها إلى حرب مسلحة بسبب لجوء النظام للقوة العسكرية كحل وحيد لمواجهة التظاهرات المطالبة بالإصلاح، مما دفع ملايين اللاجئين السوريين إلى ترك منازلهم والنزوح إلى مناطق أخرى داخل سوريا!

لكن مع اتساع دائرة المعارك، وازدياد وتيرة العنف من قبل النظام الذي استخدم السلاح الكيماوي أربع مرات، مع عدم وجود ضمانات بعدم استخدامه مجددا، واستمراره في الحصول على دعم عسكري من روسيا وإيران ومصر، فقد لجأ السوريين إلى اللجوء خارج سوريا بدلا من النزوح داخل أراضيها.

1 - إحصائيات مخجلة!

تقول الإحصائيات إن هناك 7.6 مليون سوري نازح داخل سوريا، بينما عدد اللاجئين السوريين الذين فروا إلى الدول المجاورة بلغ 4 ملايين لاجئ وسيصل إلى 4.27 مليون لاجئ بنهاية عام 2015، حسبما كشفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

منذ البداية، كانت تركيا الدولة التي لها نصيب الأسد في استقبال ضحايا بشار الأسد؛ حيث استقبلت خلال الأعوام الأربعة الماضية 1.8 مليون سوري بما يقارب 45% من إجمالي عدد اللاجئين.

بينما توزع بقية اللاجئين على دول الجوار السوري كالتالي:

1.1 مليون في لبنان
628 ألفا في الأردن
249 ألفا في العراق
134 ألفا في مصر

وقال بيان المفوضية إن نحو 86 بالمائة من نحو 630 ألف لاجيء سوري في الأردن يعيشون تحت خط الفقر البالغ 3.2 دولار يوميًا، وأكثر من نصف السوريين اللاجئين في لبنان وعدهم 1.173 مليون يعيشون في أماكن إيواء دون المستوى المطلوب.

هذه الإحصائيات تكشف من جهة عن حجم الدمار الذي ألم بالشعب السوري، وعن الدور المخجل الذي لعبته الدول العربية في عدم مد يد العون بشكل كاف للسوريين!

2 - مواقف مشينة للدول العربية!

في الدول العربية لم ينصف المواطن السوري الشقيق، الذي يواجه صعوبات في الحصول على تأشيرة دخول و إقامة للعيش في بعض الدول. ففي لبنان صدر قرار هذا العام يوضح الشروط المطلوبة من اللاجئ السوري كي يجدد إقامته أو ليسمح له بالدخول إلى لبنان.

ومن بين هذه الشروط إيجاد كفيل لبناني أو تقديم عقد استئجار منزل، حتى صار البحث عن كفيل لبناني هما يوميا بالنسبة إلى العديد من الشباب السوريين الذين وجدوا فيه الحل الوحيد لتجديد الإقامة.

أما في الأردن، فقد اتهمت منظمات حقوقية الأردن بالتخلي عن استقبال اللاجئين الجدد وقالت إن السلطات الأردنية فرضت قيودًا صارمة على المعابر الحدودية غير الرسمية في المنطقة الشرقية منذ أواخر مارس/آذار 2015، ما تسبب في عزل مئات السوريين في مناطق صحراوية داخل الحدود الأردنية.

أما عن دول الخليج فقالت منظمة العفو الدولية في تقرير نشرته في كانون الاول/ديسمبر العام الماضي "إن دول الخليج الغنية تقاعست عن استضافة لاجئين من سوريا في تجاهل مخجل بشكل خاص من جانب دول كان واجبا عليها أن تكون في طليعة من يقدمون المأوى للسوريين"، في الوقت الذي تبرعت فيه قطر بمبلغ 100 مليون دولار لضحايا إعصار كاترينا في الولايات المتحدة الأميركية منذ عشر سنين، وقدمت السعودية 24 منزلا لأهالي ضحايا هذا الإعصار!

وإذا كانت قطر والكويت والبحرين لا تستطيع مساعدة اللاجئين إلا بالمال ولا يمكنها استضافتهم لصغر مساحة هذه الدول، فإن السعودية لا يوجد لها عذر وأراضيها الشاسعة تمتد من اليمن حتى حدود الشام الجنوبية! أما دعم الإمارات لبشار بالمال، ودعم مصر له بالسلاح فقد فاق كل الحدود الإنسانية والأخلاقية!

3- اللاجئون يطرقون أبواب أوربا!

عدد اللاجئين السوريين الذين وصلوا إلى حدود الاتحاد الأوربي خلال الأشهر السبعة الأولى من هذا العام بلغ 340 ألف لاجئ مقابل 123 ألفا خلال الفترة ذاتها من العام 2014، بحسب وكالة "فرونتيكس" المكلفة بالحدود الخارجية لمنطقة "شنغن".

ويعمد اللاجئون السوريون الى طرق عدة للدخول الى اوروبا قد تكلف الكثيرين منهم حياتهم فقد قالت صحيفة الغارديان البريطانية انهم يتوجهون الى الدائرة القطبية الشمالية للولوج من قرية صغيرة في روسيا الى النرويج بلدة كوركينز النرويجية ا لتي تبعد عن دمشق أكثر من 5000 كيلو متر، ومعدل درجات الحرارة اليومي فيها تحت الصفر، للهروب من جحيم الحرب الذي يرونه على يد ميليشيات النظام وإيران وحزب الله وأبي الفضل العباس والمقاتلين الشيعة من أفغانستان وباكستان!

4- - الغرب يدفع ثمن دعمه لبشار الأسد!

منذ وقت مبكر طالبت تركيا بمنطقة حظر طيران في شمال سوريا، يمنع فيها طيران النظام من قصف المدنيين، وهو السبب الذي عجل بنهاية القذافي في ليبيا! هذا إن حدث لخفف كثير من حدة أزمة اللاجئين السوريين!

إلا أن الغرب رفض بشكل قاطع، رغم الإلحاح التركي المستمر، رغبة من الغرب ومن الولايات المتحدة تحديدا في إطالة أمد الصراع في سوريا، وعدم انتصار أحد الأطراف على الآخر عسكريا.

سقوط بشار كان يعني وجود فصائل إسلامية مسلحة على حدود إسرائيل وهو ما دفع كلا من واشنطن وتل أبيب إلى الوقوف في خندق واحد مع طهران وموسكو في التمسك ببشار الأسد، حتى إعداد بديل!

ومع استقبال تركيا للعدد الأكبر من اللاجئين، ومعاملتهم بشكل لائق أكثر من غيرها من الدول، فقد ظنت دول أوربية عديدة أنها بمنأى عن أزمة اللاجئين، حتى كاد عدد اللاجئين في تركيا أن يصل إلى المليونين، وفاق عددهم في بعض المدن التركية (مثل كلس) عدد الأتراك أنفسهم، مما قلل من الطاقة الاستيعابية لتركيا لاستقبال مزيد من اللاجئين السوريين، ودفع اللاجئين رغم كل المخاطر إلى ركوب البحر إلى أقرب الجزر اليونانية، ومنها إلى دول البلقان بوابتهم إلى وسط وغرب أوربا!

الآن فقط؛ وعندما وصلت جحافل اللاجئين إلى المجر والنمسا وألمانيا، انتبهت أوربا إلى أزمة اللاجئين العميقة، وإلى الدور التركي في تحمل عبء هذه الأزمة طيلة 4 أعوام، مما دفع المستشارة الألمانية إلى الإثناء على الدور التركي في مؤتمر صحفي في العاصمة الألمانية برلين بقولها "تركيا قدمت الكثير خلال السنوات الأخيرة في سبيل حل أزمة اللاجئين السوريين، وما زالت تقدم المزيد في هذا السبيل"!

5- مسؤولية الغرب لا يمكن تجاهلها!

الغرب لعب دورا كبير في هذه الأزمة، فبقاء بشار في السلطة حتى الآن تقع مسؤوليته على الغرب، والسماح له باستخدام السلاح الكيماوي أربع مرات يقع مسؤوليته على الغرب كذلك.

لعل أوربا بدأت تفطن إلى تبعات السير في ذيل الولايات المتحدة، التي تبعد كثيرا في أقصى الغرب عن مناطق الصراع، يحدها المحيطات من الجانبين، وليس لها احتكاك مع دولة واحدة عدوة لها، لكنها تجني ثمار الحروب والصراعات في المنطقة، التي يدفع تكاليفها دول الجوار!

حتى وإن استقبلت النرويج 8 آلاف لاجئ، واستقبلت بقية الدول الاوربية بضعة آلاف آخرين، فإن هذا يبقى نقطة في بحر، لا يمحو مسؤولية الغرب في إبقاء هذه الأزمة مشتعلة طيلة 4 سنوات، وعدم فرض القيود المناسبة على طيران النظام وسلاحه الكيماوي!

المصدر