أغلى ما نملك بعد العقيدة الوطنُ

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أغلى ما نملك بعد العقيدة الوطنُ

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

لقد كثر الحديث بعد الموافقة على تشكيل الوزارة الجديدة برئاسة "أبو مازن" عن مصير المقاومة والانتفاضة، وعن إمكانية الاقتتال الداخلي، وانفراط عقد الوحدة الوطنية، وكثير من المتسائلين تأتي تساؤلاتهم من باب الخوف على مستقبل الشعب الفلسطيني في ظل تشكيل هذه الحكومة الجديدة، والحرص على مواصلة المسيرة الجهادية التي أنهكت العدو الصهيوني واستنزفته على كافة الصعد.

والتخوف والقلق من وجهة نظر الكثير من المتابعين لما يجري في فلسطين من تطورات له ما يبرره، فالحكومة الجديدة جاءت بناء على ضغوط أمريكية صهيونية وهذا لم يعد سرا ولا خافيا خاصة بعد المعركة التي دارت في رام الله والتي مورست فيها كافة أشكال الضغوط على الرئيس ياسر عرفات حتى يعتمد التشكيلة الجديدة للحكومة المرتقبة، والجانب الأمريكي والجانب الصهيوني يعلنان بوضوح أن الهدف المطلوب تحقيقه على يد هذه الحكومة هو وقف الانتفاضة والمقاومة، .

فقد قال بوش في لقاء مع شبكة "إن بي سي" التلفزيونية الأمريكية (قال أبو مازن علنا أنه ضد الإرهاب وأنه سيستعمل كل السلطات الضرورية من أجل التصدي للنشاطات الإرهابية التي حالت فعلا دون تقدم السلام) كما أن رئيس الوزراء "أبو مازن" أعلن مرارا أنه ضد ما سماه عسكرة الانتفاضة، ولقد نقل عن "شارون" قوله (أن الحكومة برئاستي ستبذل الجهود للتوصل إلى تسوية سياسية تؤدي إلى السلام، شريطة أن يقف في الطرف الآخر شخص يوقف الإرهاب)، وفي اتصال من وزير خارجية الكيان الصهيوني " سلفان شالوم" مع " كولن باول " قال "شالوم" (هذا ويفترض بالحكومة الفلسطينية الجديدة أن تقاتل الإرهاب)، ويعني بالإرهاب طبعا المقاومة المشروعة للشعب الفلسطيني.

ومما يثير الدهشة أن الصهاينة يعلنون أنهم لن يعطوا الشعب الفلسطيني شيئا من حقوقه إذا ما أوقف المقاومة، مع أننا نقاوم من أجل نيل كامل حقوقنا غير منقوصة، ولا جديد في الموقف الصهيوني فالتاريخ الحديث خير شاهد على شدة التعنت الصهيوني رغم التنازلات المفجعة التي قامت بها السلطة الفلسطينية والتي كان من ضمنها ضرب الحركة الإسلامية، وزج عناصرها في السجون، وارتكاب مذبحة مسجد فلسطين، وتصفية الانتفاضة، وإجهاض العمليات الجهادية ضد الاحتلال، إلا أن المفاوضات بعد هذا الدمار الهائل الذي أحدثته السلطة برهنت على أن العدو لا يوجد في جيبه مكافئات سياسية لمن يستجيب لإملاءاته، فقد قال أكثر من مسؤول في السلطة الفلسطينية ومن بينهم "أبو مازن" نفسه والدكتور " نبيل شعث " أن ما عرض على الفلسطينيين في "كامب ديفيد" لا يمكن أن يقبل به أحد، مع أن العروض كانت تأتي من حزب العمل وليس من حزب الليكود الذي يعتبر ما عرض في "كامب ديفيد" خيانة وفقا لما قاله الدكتور "نبيل شعت".

ويكفي أن ننظر في وعود "شارون" السخية إذا ما قامت السلطة بإعلان الحرب على الشعب الفلسطيني ومقاومته وانتفاضته وذلك في قوله (إذا بذل أبو مازن مائة بالمائة جهدا للامتناع عن العنف، فإن الفلسطينيين سيرون قدرا أقل من الحواجز على الطرق، وسيتلقون تصاريح عمل أكثر، وسيكون أسهل عليهم التحرك)، وعندما سئل ما هي مائة بالمائة جهد؟ أجاب (إذا ما اعتقلوا، وحققوا، وقدموا إلى المحاكمة وحاكموا القتلة، إذا ما حلوا منظمات الإرهاب، وجمعوا السلاح غير القانوني ونقلوه إلى الأمريكيين، وأوقفوا التحريض).

من الواضح أن المطلوب هو القضاء على الوجود الفلسطيني بل وإشعال حرب أهلية ومقابل ذلك يعد "شارون" بتخفيف عدد الحواجز، والسماح لبعض الفلسطينيين بالحصول على عمل، وأي عمل فهناك إجماع من العمال الفلسطينيين أنه لم يعد إلا دربا من دروب الإذلال للشعب الفلسطيني، ولن تكون هناك مفاجئة على الإطلاق إذا ما قامت الحكومة الجديدة بتحقيق كل ما يريده "شارون" ثم فوجئت بطلب المزيد بدلا من تخفيف الحواجز،

واعتبار ما بذل لم يصل إلى مائة بالمائة، كما فعل ذلك "شارون" من قبل في أكثر من مناسبة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر عندما تم التصويت في 14 ديسمبر 1998 من قبل أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني، في أول زيارة للرئيس الأمريكي " بيل كلينتون " لمدينة غزة على إقرار إلغاء البنود الداعية للقضاء على ما يسمى "بإسرائيل" من الميثاق الوطني الفلسطيني، وذلك بهدف تحريك تنفيذ اتفاق واي ريفر الذي توقف بسبب تبادل الاتهامات بعدم تنفيذ بنود الاتفاق، وفي اليوم التالي 15 ديسمبر، بعد اجتماع زاد عن الساعة ونصف الساعة مع "نتنياهو" في حضور "شارون" أعلن الرئيس الأمريكي فشلة في إقناع نتنياهو في تنفيذ باقي بنود اتفاق واي ريفر المتعطل، .

وهكذا يغلق المسرح على ميثاق حكم عليه بالإعدام مقابل لا شيء، وبدا "بل كلينتون" كطفل صغير يثير الشفقة لأنه لم يستطع الإيفاء بوعوده التي قطعها على نفسه للسلطة الفلسطينية، بسبب التعنت الصهيوني أو ربما بسبب التوافق الصهيو أمريكي، الله وحده أعلم.

لقد مرت السلطة بتجربة مريرة أدت إلى عزلتها في ضمائر الأحرار من أبناء هذا الشعب المرابط، وآن لها أن تدرك أن أغلى ما نملك بعد العقيدة هو الوطن، ودون الوطن كل شيء يهون، فدماؤنا، وأموالنا، وراحتنا، واستقرارنا فداء الوطن، وهذا يعني أننا لن نفرط في الوطن ولا في شبر منه، ولن يحول بيننا وبين المحافظة على الوطن شيء مهما توهم البعض أنه شيء عظيم.

المصدر


للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.