ألاعيب أمريكا لوقف العمليات الاستشهادية لن تنجح

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ألاعيب أمريكا لوقف العمليات الاستشهادية لن تنجح

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

تؤمن أمريكا بأن العمليات الاستشهادية النوعية التي يقوم بها الشعب الفلسطيني قد تؤدي إلى ضرب مصالحها في منطقتنا العربية في الصميم، فأمريكا ترى في هذه العمليات –وهي محقة في ذلك- أقوى عوامل الاستنهاض للأمة الإسلامية العريقة التي تعيش حقبة سوداء من تاريخها، تمثلت بالتبعية للغرب المهيمن على مقدراتها، والناهب لثرواتها القومية، والمصادر لقرارها المستقل، والممزق لوحدتها، بما يملك من قوة غاشمة وظفها لقهر الشعوب المستضعفة.

وترى أمريكا أيضا في هذه العمليات النوعية ثقافة بدأت تتجذر في وجدان المقهورين وهم يواجهون معسكر الشر في ظل اختلال هائل في موازين القوى، مما سيعزز قدرة هؤلاء المقهورين على رفض الهيمنة الغربية المذلة، ويقوض سيطرة محور الشر وإحكام قبضته على العالم، فأمريكا تعتبر ما أصابها في الحادي عشر من سبتمبر ثمرة طبيعية لهذه الثقافة القادرة على تغيير وجه التاريخ.

كما أن أمريكا ترى في العمليات الاستشهادية خطورة بالغة على مستقبل الكيان الصهيوني الذي يمثل الأداة الأمريكية الرادعة ضد أي نظام في المنطقة يسعى إلى التخلص من الهيمنة الأمريكية والتمرد عليها، ولقد وصفت مجلة "فورن بولس" الأمريكية تأثير العمليات الاستشهادية على الكيان الصهيوني قائلة (إنها القنبلة الهيدروجينية الفلسطينية التي توازن الترسانة العسكرية الصهيونية الهائلة، خصوصا أن هذا السلاح الفلسطيني هو القادر على زعزعة أركان المجتمع الصهيوني ، وضرب الأمن الصهيوني ، وجعل جيش الاحتلال عاجزا عن وقف المقاومة وتكريس الاحتلال، كما أنه السلاح الوحيد الذي يذكر الصهاينة يوميا بأن لا مكان لهم على أرض فلسطين مهما طال الزمن).

لأجل ذلك أعلنت أمريكا حربها على المجاهدين في فلسطين، فأطلقت يد الصهاينة ليعيثوا في الضفة و قطاع غزة فسادا، وقررت تزويدهم بمائتي مليون دولار بعد مذبحة غزة مباشرة بدلا من أن تقوم بإدانتها، وذلك لارتكاب المزيد من المجازر تحت شعار مكافحة الإرهاب، ووفرت لهم غطاء كاملا ليغتالوا المجاهدين، ويقتلوا الأطفال والشيوخ والنساء بلا رحمة، ويحاصروا المدن والقرى والمخيمات، ويدمروا البيوت، ويجرفوا الأراضي الزراعية، ويقيموا الحواجز الأمنية، ويبنوا المستوطنات، ويشقوا الطرق الالتفافية، مما أدى إلى عزل الشعب الفلسطيني في مئات المعتقلات الكبيرة منها والصغيرة، ومارست ضغوطها على مجلس الأمن لمنعه من إصدار قرار يدين المذبحة، بل وأخذت تبرر الجرائم الصهيونية على أنها دفاع عن النفس، بما في ذلك المذبحة الكبرى التي جرت في جنين.

ثم أعلنت الحرب على حركة المقاومة الإسلامية حماس لإصرارها على أن خيار المقاومة هو الخيار الوحيد القادر على أن يعيد للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، بعد أن أثبتت بدماء شهدائها وعملياتها النوعية أنها قادرة على مواصلة حرب استنزاف طويلة الأمد ضد العدو الصهيوني، فقد عمدت أمريكا إلى وضع الخطط لضرب هذه الحركة، وشل قدرتها على المقاومة، وجندت لذلك أموالها ورجالها، وهي تعمل الآن جاهدة على تأليب العالم ضد المقاومة المشروعة حماية للاحتلال.

ومن أخبث الخطط التي وضعتها أمريكا لضرب الحركة الإسلامية في فلسطين هي تعزيز قوة الأجهزة الأمنية الفلسطينية، بتوحيدها في جهاز واحد، وتكليف جهاز المخابرات المركزية الأمريكية لتقديم كل أشكال الدعم لهذا الجهاز والإشراف عليه، ومطالبتها دولنا العربية مصر والأردن والسعودية القيام بتدريب عناصر الأمن الفلسطيني على أساليب التصدي للمقاومة الفلسطينية.

ولقد قامت أمريكا بتجنيد أصحاب المصالح والأهواء ليتصدوا للعمليات الاستشهادية، فمنهم من أصدر نداءات مدعومة باليورو، ومنهم من أجهد نفسه في تفصيل سلبيات العمليات الاستشهادية وتجريدها من أي إيجابية تذكر، ومنهم من وصفها بأنها عمليات تتنافى مع الأخلاق، وأقلهم سوءا من توجه إلى حماس يرجوها وقف هذه العمليات.

وفريق آخر لا ندري من يحركهم السي آي إيه أم الموساد ، ودور هؤلاء المرسوم لهم كان اختلاق الإشاعات، ومحاولة تشويه صورة الحركة الإسلامية، والافتراء على قادتها، فقبل استشهاد القائد صلاح شحادة بساعات قلائل صدر بيان باسم فتح -التي بدورها قامت باستنكاره- يتهجم على الشهيد، فكان استشهاده صفعة للبيان وكاتبيه من المندسين، وهناك صحيفة مشبوهة تصدر في مدينة غزة توزع على الدوائر الخاصة قد تخصصت في اختلاق الأكاذيب والتهجم على حماس .

ورأت أمريكا في محاربتها للمؤسسات الخيرية التي لعبت دورا في إنقاذ العديد من الأسر المعدمة من براثن الجوع ضربا للمقاومة، فشنت حربها على المؤسسات التي تقدم العون للأيتام والأرامل والفقراء، وكل همها خلق شرخ بين المقاومة والشعب وعزل المقاومة وحصارها جماهيريا كي يكفر الشعب بالمقاومة.

فهل نجحت أمريكا بوقف المقاومة أو عزلها أو سحب الشرعية عنها؟

الواقع يقول أن أمريكا فشلت فشلا ذريعا في ذلك، فأصالة الشعب الفلسطيني خيبت ظنهم، فبدلا من أن يوجه الاتهام للمقاومة كما ترغب أمريكا وجهه لعناصر الفساد التي نهبت الأموال، وهتكت الأعراض، وجعلت من قضية فلسطين مشروعا استثماريا لصالحها، فازداد تأييد الشارع الفلسطيني للعمليات الاستشهادية، مما دفع أمريكا والصهاينة إلى إعادة النظر في سياسة التضييق على الشعب الفلسطيني.

وأما الذين أجهدوا أنفسهم بالمطالبة بوقف العمليات الاستشهادية فلم يكن لهم دور في المقاومة، وكل همهم كان منصبا على تحقيق مصالحهم الشخصية، مما جعل أصواتهم لا تصل أبعد من حناجرهم، ولم يكن لدعوتهم أثر يذكر، خاصة أن الشعب قد نظر إليهم بعين الريبة والاتهام.

وأما أكاذيب المفسدين فسرعان ما تبخرت دون أن تحقق بغيتها، فوعي الشعب الفلسطيني صاحب التجربة الطويلة كان لها بالمرصاد، ولذا لم يكونوا أوفر حظا من غيرهم إذ فشلت محاولاتهم في النيل من سمعة الحركة التي تحظى بتأييد واسع ومصداقية عالية.

وأما الدول العربية فلا تملك بديلا لخيار المقاومة، ولا يمكنها إلا أن تحترم إرادة شعوبها التي تقف مع المقاومة، كما أنها تدرك تماما أن خيار المقاومة لن يقهر لأنه خيار الشعب الفلسطيني، ولذا ظهر عدم التعاطف من قبل دولنا العربية مع ما تريده أمريكا مما شكل صفعة هامة للمخططات الأمريكية التآمرية على حقوق شعبنا الفلسطيني.

ولقد فشل المخطط الأمريكي التآمري في وقف العمليات الاستشهادية، وكان من أهم عوامل الفشل إضافة لما ذكر، أن جذور المقاومة الضاربة في عمق الجماهير لا يمكن اجتثاثها أبدا.

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.