ألف قصة وألف فيلم .. عن الحرب

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
ألف قصة وألف فيلم .. عن الحرب

9 اكتوبر 2010

بقلم: حسن المستكاوي

● كان البيان رقم (7) الصادر عن القيادة العامة للقوات المسلحة عام 1973 يقول فى مضمونه أن الجيش المصرى عبر قناة السويس، ويقاتل فى الشرق بعد تدمير مواقع العدو الحصينة فى خط بارليف.. كانت البيانات هادئة ومتزنة.. بعيدة عن الانفعال، كما كان الحال فى حرب 67.. وكم كان مدهشا للملايين، أن 80 ألفا من القوات المصرية عبرت هذا المانع المائى الخطير فى ساعات وعبرت بمعداتها، واخترقت جبل الرمال على شط القناة بمدافع المياه، وهو أحد ابتكارات المهندس المصرى الذى لا يعجز أبدا عن إيجاد الحل لأعقد مشكلة.. وكانت توقعات أعتى المدارس العسكرية أن العبور يكاد يكون مستحيلا، وأنه لو تم فسيكون ثمنه آلاف الشهداء من القوات.. إلا أن قواتنا البحرية الخاصة، نجحت فى تدمير خطوط النابالم التى أعدها العدو كى يشتعل سطح القناة بالنار فى حالة عبور الجيش المصرى، وعبرت الموجة الأولى مكونة من 8 آلاف جندى وضابط، ثم توالت الموجات تحت ضرب النار وبصيحة الله أكبر التى هزت مياه القناة بقدر ما هزت الوجدان.

● من يقرأ نص التوجيه الاستراتيجى بخط الرئيس السادات والذى نشرته «الشروق» وموجه للقوات المسلحة، سوف يلمس دقة هذا التوجيه، فى عباراته وكلماته وفى تحديد الهدف. فقد كان العبور عملية عسكرية شديدة الصعوبة.. لكن القيادة نجحت فى تنفيذ عملية خداع غير مسبوقة، ووضعت الجانب الإسرائيلى فى موقع الحيرة بين الشك واليقين، من بدء المصريين للحرب.. ومن يقرأ هذا التوجيه يدرك أن الرئيس السادات كان قد قرر خوض الجيش المصرى وحده للحرب أو بمشاركة الجيش السورى.

● عبرنا هزيمة 67 فى ذلك اليوم المجيد، وبقى من حرب أكتوبر ذكرياتها، بطولاتها، لكنها مازالت محبوسة فى عقل جيل، بينما الأجيال التى لم تعش الحرب، باتت لا تعرف عنها سوى هذا الاحتفال السنوى، وبعضهم يختصر أكتوبر فى كوبرى ومدينة.. ومن مسئولية الجيل الحالى أن يترك للأجيال القادمة قصصا وبطولات حية ومرئية ومسجلة.. فالفن المصرى عليه مسئولية ضخمة.. كيف نسجل معارك صلاح الدين الأيوبى ونعجز عن تسجيل أهم انتصار مصرى فى العصر الحديث دون تسجيل يليق بقيمة الحدث؟!

● عندنا آلاف القصص، والبطولات.. من معركة رأس العش، التى أعلن فيها الجيش المصرى أنه لم ينكسر، إلى معارك الطيران، حين كانت المواجهات تجرى مباشرة بين الطيارين فيما يسمى «Dog Fight»، وهذا الشكل من معارك الطيران يعكس شجاعة وبراعة الطيارين، فى ذلك الوقت.. عندنا آلاف القصص وكل قصة منها تصلح لأن تكون عملا دراميا ممتعا.. عندنا قصة الكتيبة «143 صاعقة» التى منعت مدرعات العدو من التقدم نحو الجيش الثالث.. عندنا أيام التدريب على عبور الطائرات إلى الجانب الشرقى من قناة السويس بارتفاع 10 أمتار عن سطح الأرض، وكيف كان ذلك الأمر شديد الخطورة.. عندنا تفاصيل ولحظات العبور، ومواجهة آلاف القوات من المشاه لدبابات العدو بالصواريخ المحمولة، واقتحام خط بارليف.. عندنا فى ذاكرة الحرب قصة الشهيد إبراهيم الرفاعى قائد المجموعة 39 الذى قام بتنفيذ 72 عملية خلف خطوط العدو أثناء حرب الاستنزاف وقد حصل على 12 وساما واستشهد فى حرب أكتوبر.. عندنا حرب الاستنزاف كلها، ومعركة بناء حائط الصواريخ والتى شارك فيها أبطال من عمال الشركات المصرية.. عندنا قصة إغلاق القوات البحرية باب المندب.. عندنا فى ذاكرة الحرب ألف قصة وكل منها يصلح عملا دراميا يجسد بطولات الجيش المصرى فى هذه الحرب.

● بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية أنتجت السينما العالمية مئات الأفلام التى تصور معارك وبطولات قوات الحلفاء فى مواجهة ألمانيا وقوات المحور. وكان ذلك تقديرا للأبطال الذين ضحوا بحياتهم، ورسالة للأجيال التى تلت، لترسيخ معنى فداء الوطن والتراب الوطنى بالروح وبالدم وليس بالغناء والأناشيد.. ومن حق هذا الجيل الذى خاض حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر ومن حق القادة الذين تولوا المسئولية الجسيمة فى ذلك الوقت، من حقهم أن نسجل بطولاتهم وتضحياتهم.. كما أنه من حق الأجيال القادمة أن تعرف وترى هذه البطولات مجسدة على الشاشة، وفى أعمال درامية جيدة الصنع وغير ساذجة.. وهناك مواد لا حصر لها يمكن الاستعانة بها، ويبقى أن يبدع كتاب السيناريو، وأن يتسلح كل منهم بالمشاعر الوطنية الخالصة ويسترجع الذكريات والأيام.. ويكتب بدماء الشهداء الذين فدوا أبناء الوطن.

● إن الأعمال الدرامية والأفلام التى تحكى وتروى للأجيال القادمة قصص المجد والبطولات التى قام بها جيل مصرى عظيم، باتت حتمية وضرورية، ويجب أن يبدأ العمل فيها فورا.. فتلك الحرب وانتصاراتها وتضحياتها، وبطولاتها عندما تسجل للأجيال القادمة فإنها تساوى ما يتركه هذا الجيل من مصانع ومدن وطرق ومحطات نووية.. فتلك الحرب المجيدة هى إرادة وقوة وشجاعة وبراعة المواطن المصرى الذى كان.. والذى يجب أن يكون.

المصدر