أما وقد عاد الرئيس: الاحتمالات الواقعية لترشيحات الرئاسة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٤:٥٨، ١٢ أبريل ٢٠١١ بواسطة Moza (نقاش | مساهمات) (حمى "أما وقد عاد الرئيس: الاحتمالات الواقعية لترشيحات الرئاسة" ([edit=sysop] (غير محدد) [move=sysop] (غير محدد)))
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أما وقد عاد الرئيس: الاحتمالات الواقعية لترشيحات الرئاسة

29 مارس 2010

بقلم: ضياء رشوان

عند نشر هذا المقال، من المفترض أن يكون الرئيس حسنى مبارك قد عاد بسلامة الله إلى مصر بعد رحلة العلاج الأطول والأصعب خارج البلاد منذ توليه رئاستها قبل نحو ثلاثين عاما.

وقد كانت ظروف رحلة الرئيس العلاجية مناسبة لإثارة تساؤلات كثيرة وجادة حول مستقبل المنصب الرئاسى الأكثر أهمية فى النظام السياسى المصرى بأكمله، خاصة أنها ترافقت مع عديد من التحركات السياسية والإعلامية التى دارت حول قضية الترشيح لانتخابات الرئاسة القادمة والشروط التى يجب أن تتم ضمنها. وقد خاضت أقلام مصرية وغير مصرية كثيرة فى محاولة الإجابة عن هذه التساؤلات المهمة وقدمت عديدا من السيناريوهات الأكثر توقعا لمستقبل المنصب الأسمى فى البلاد.

وقد امتنعنا فى هذه المساحة عن الخوض بالتفصيل فى مناقشة هذا الموضوع خلال فترة غياب الرئيس عن البلاد من باب اللياقة والاحترام للظروف المرضية الصعبة التى كان يمر بها. أما الآن وقد عاد الرئيس، كما تقول البيانات الرسمية بصحة جيدة وقدرة طبيعية على ممارسة مهامه الرئاسية الكبيرة والكثيرة، فليس هناك بد من مناقشة كل القضايا الرئيسية والحساسة التى طرحها غيابه فيما يخص مستقبل المنصب الرئاسى. ولعل أولى هذه القضايا هو موضع مسألة التوريث أو ترشيح نجل الرئيس السيد جمال مبارك لمنصب الرئاسة سواء فى الانتخابات العادية المقررة فى نهاية أغسطس 2011 أو المبكرة التى يمكن أن تجرى لأسباب تتعلق بصحة الرئيس أو بغيابه المفاجئ. فالحقيقة أن مرض الرئيس وسفره إلى ألمانيا مع كل أفراد عائلته الصغيرة بمن فيهم ابنه الأصغر جمال كان بمثابة إشارة أولية أننا إزاء ممارسة اجتماعية مصرية لأسرة طبيعية حرصت على أن تكون بجانب عائلها فى ظروفه الصحية الصعبة.

ولأسباب مختلفة قد يكون أهمها يتعلق بحالة الرئيس الصحية الحرجة فى ذلك الوقت غاب نجله لأول مرة عن اجتماع المجلس الأعلى للسياسات الذى كان هو شخصيا الداعى إليه يوم الثلاثاء التالى مباشرة لإجراء العملية الجراحية لوالده الرئيس يوم السبت، ولم يهتم حتى اللحظة بمتابعة علنية لما جرى فيه ولم يصدر عنه أى تعليق يخص ما دار فيه من قضايا مهمة كان أبرزها إعلان الأمين العام للحزب الحاكم السيد صفوت الشريف رفض حزبه الحاسم لإجراء أى تعديلات فى الدستور كما تدعو كل فصائل وقوى المعارضة.

وليس هذا فقط، فقد ظل نجل الرئيس طوال الأسابيع التى قضاها والده فى ألمانيا والتى حفلت على المستوى المصرى الداخلى بعديد من القضايا والتطورات التى تتعلق بمستقبل البلاد السياسى خلال العامين الحاسمين الحالى والقادم، مثل تحركات الدكتور محمد البرادعى وأنصاره ومؤتمر ائتلاف الأحزاب الأربعة وغيرها، صامتا تجاهها دون أى تعليق قصير أو طويل على أى منها.

ولم يكن غياب نجل الرئيس فقط عن التطورات السياسية الداخلية المهمة التى تجرى فى بلده الذى يرى البعض أنه سيكون رئيسه القادم، بل غاب أيضا عن أى متابعات إعلامية حول الحالة الصحية لوالده رئيس الدولة المفترض بحسب هذه الرؤية أنه سيخلفه. وبعد ذلك كل هذا الغياب، فاجأ السيد جمال مبارك المصريين بتحرك رمزى له دلالاته السياسية المهمة على الرغم من كونه متعلقا بشأن شخصى، وهو انتقاله إلى لندن مع حرمه لكى تضع هناك مولودتها الأولى فريدة بعيدا عن البلد الذى سيكون رئيسه القادم بحسب بعض التوقعات.

والحقيقة أن كل هذا المشاهد معا تعكس رؤية بداخل مؤسسة الرئاسة وربما أجنحة أخرى فى الدولة حول فرص السيد جمال مبارك فى خلافة والده.

فلو أن هناك قرارا جادا من الرئيس ومن هذه الأجنحة القوية فى الدولة وفى مقدمتها القلب الصلب لها بالموافقة على أن يكون جمال هو الخليفة للرئيس لاختلفت المشاهد جميعها ولحظى بدرجة واضحة من الحضور السياسى والإعلامى خلال تلك الفترة الحرجة من مرض والده الرئيس سواء على صعيد التطورات السياسية المصرية الداخلية أو حتى على صعيد المتابعة الإعلامية لحالة الرئيس الصحية.

كذلك لو كان هناك تفكير جدى فى دفع نجل الرئيس لخلافة والده من جانبه شخصيا ومن جانب تلك الأجنحة لما وافق أحد منهم على أن تولد نجلة الرئيس القادم وحفيدة الرئيس الحالى بعيدا عن أرض بلاده وبالتحديد فى عاصمة الدولة التى احتلتها لأكثر من سبعين عاما، وخصوصا أنه لم تكن هناك من ضرورة طبية لذلك.

والأكثر ترجيحا هو أن حالة الرئيس الصحية بدت حرجة وخطيرة بصورة مفاجئة له ولأسرته الصغيرة وكذلك لأجهزة الدولة الرئيسية بما دفع إلى اتخاذ قرارات جادة فيما يخص مستقبل المنصب الرئاسى، وكان فى مقدمتها إبعاد نجله عن مقدمة المشهد السياسى بما يبعد أى احتمال لترشيحه خلفا لوالده وأن يكتفى مع أفراد أسرته بالدور الاجتماعى الطبيعى الذى تقوم به كل الأسر المصرية فى مثل تلك الظروف الصعبة. أى أن خلاصة أسابيع مرض الرئيس ثم عودته فيما يخص فرص نجله فى خلافته هى أن أجهزة الدولة الرئيسية وفى مقدمتها القلب الصلب والحزب الحاكم نفسه لديها قرار استراتيجى فيما يخص ترشيحات الرئيس القادم يستبعد السيد جمال مبارك منها بصورة تبدو كبيرة للغاية.

وهنا تظهر القضية الثانية الرئيسية فى هذا السياق وبعد عودة الرئيس سالما، وهى من سيكون مرشح الحزب الوطنى الحاكم فى انتخابات الرئاسة القادمة.

ونحن فى الإجابة عن هذا السؤال نتحدث فى وقت واحد عن حالة إجراء انتخابات الرئاسة فى موعدها الطبيعى العام القادم وعن احتمال إجراء انتخابات مبكرة لأسباب طارئة. فالأرجح هو أن الرئيس مبارك سيكون هو المرشح الوحيد لحزبه الوطنى فى الانتخابات العادية القادمة وحتى التالية لها إذا ما رأى هو شخصيا أن حالته الصحية تسمح له بممارسة المهام الرئاسية، فليس هناك من سبب أو مؤشر يدل على أن الرئيس سوف يتخلى عن ذلك الأمر لأى أسباب غير حالته الصحية.

وفى حالة إجراء انتخابات رئاسية مبكرة لأسباب قدرية مفاجئة أو عدم تمكن الرئيس لأسباب صحية من تجديد ترشيحه فى الانتخابات العادية، فإن المؤشرات المتوافرة حتى اليوم تدل على أن هناك سيناريوهين رئيسيين لمرشح الحزب الحاكم فيها.

ويقوم السيناريوهان فى جزء كبير منهما على الاستبعاد السابق ذكره لنجل الرئيس السيد جمال مبارك من المنافسة كما يقومان على التطورات الأخيرة التى عرفها الترشيح لمنصب الرئاسة. فقد بدا واضحا ودالا أن نشهد فى أسبوع واحد تقريبا طرح اسمى اثنين من القيادات الدبلوماسية والإدارية الكبيرة السابقة فى الدولة المصرية على اختلاف رؤيتهما السياسية والاجتماعية وخبرتهما الشخصية، وهما الدكتور محمد البرادعى والسيد عمرو موسى. ولم يكن هذا فقط هو ما يشتركان فيه، بل كان أيضا عمرهما المتقدم، فالأول فى الثامنة والستين والثانى فى الرابعة والسبعين، وكذلك عدم وجود أى خبرة سابقة لأى منهما فى المعارضة السياسية فى مصر فى مستويات أقل بكثير من المنافسة على المنصب الأسمى فيها.

وقد نقلت تلك الخصائص المشتركة، العمرية والعملية، للمرشحين المحتملين الجديدين لمنصب الرئاسة مستوى المنافسة وخصائص المرشحين لها إلى مستوى بعيد تماما عن نجل الرئيس السيد جمال مبارك من ناحية، كما فتحت الباب لما نسميه السيناريوهين الرئيسيين لمرشح الرئاسة من الحزب الحاكم بخلاف الرئيس مبارك. فقد بتنا أمام مرشحين محتملين لقوى المعارضة والتغيير أبرز خصائصهم هى الخبرة فى مجالهم والقدوم من جهاز الدولة والعمر المتقدم، الأمر الذى لا يجعل من توافر نفس هذه الخصائص فى مرشح الحزب والدولة القادم أمرا طبيعيا ومقبولا على الصعيدين الرسمى والمعارض.

هنا يظهر السيناريو الأول لمرشح الرئاسة الحكومى، وهو الأكثر ترجيحا حتى الآن، وهو يقوم على أن يأتى من داخل الهيئة العليا للحزب الوطنى كما تنص المادة 76 من الدستور بحيث يوفر ذلك استمرار الحزب فى إدارة البلاد وحكمها دون تغييرات جوهرية فى النظام السياسى والحزبى. وتوضح قائمة أسماء الهيئة العليا للحزب الوطنى أنه بخلاف نجل الرئيس الذى يبدو مستبعدا للأسباب السابقة وللخصائص الجديدة للمرشح الرئاسى التى لا يملكها، أن الأقوى ومن يمتلكون نفس الخصائص هما الأمين العام السيد صفوت الشريف (77 عاما) ويتلوه رئيس الديوان الجمهورى الدكتور زكريا عزمى (72 عاما) ولا يوجد بعدهما أحد آخر يتمتع بها ولا بما لديهما من روابط وثيقة بأجهزة الدولة الرئيسية وقلبها الصلب.

وهنا يظهر السيناريو الثانى وهو أن يأتى المرشح من هذا القلب الصلب وبموافقة من قياداته العليا، والذى يبدو فيه أبرز الأسماء السيد عمر سليمان (74 عاما) والذى يتمتع بكل الخصائص السابقة وأكثر منها بحكم خبرته الطويلة فى إدارة مختلف الملفات السياسية والأمنية المهمة الداخلية والخارجية خلال العقدين الأخيرين. ويمر هذا الترشيح الثانى بأحد طريقين لا ثالث لهما: الأول هو أن يقوم الحزب الوطنى بضم المرشح المتفق عليه إلى هيئته العليا وهو ما يجب أن يتم قبل نهاية يونيو القادم حتى يتوافر له الاستمرار لعام كامل متصل فى عضويتها وهو الشرط الذى يؤهله للترشيح عن الحزب بحسب المادة 76 من الدستور، والنتيجة الرئيسية لهذا الطريق هى احتفاظ الحزب الوطنى بكل صلاحياته وامتيازاته فى حكم البلاد باعتباره «حزب الرئيس».

ويتمثل الطريق الثانى فى ترشيح المرشح المختار من قلب الدولة الصلب كمستقل على أن يتكفل الحزب الوطنى بتوفير التوقيعات المزكية له المطلوبة فى المادة 76، وهو ما ستكون نتيجته الرئيسية هى تحلل الرئيس القادم من أى التزامات رسمية بالانضمام للحزب الوطنى، الأمر الذى سيضعف منه كثيرا، وقد يؤدى لانهياره إذا ما قرر الرئيس الجديد تشكيل حزب آخر له.

المصدر