أم معاذ .. زوجة الأستاذ عباس السيسي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٤:٤٦، ٢ سبتمبر ٢٠١٨ بواسطة Man89 (نقاش | مساهمات) (حمى "أم معاذ .. زوجة الأستاذ عباس السيسي" ([تعديل=السماح للإداريين فقط] (غير محدد) [النقل=السماح للإداريين فقط] (غير محدد)))
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أم معاذ .. زوجة الأستاذ عباس السيسي ..المرأة الممتحنة

المولد والنشأة

زوجها الحاج عباس السيسي

لقد راعى الإسلام تهذيب خلق المرأة وتربيتها على الفضائل والكمالات النفسانية منذ النشأة، وحث الآباء وأولياء أمور الفتيات على هذا، ووعدهم بالثواب الجزيل من الله.

والمرأة هي المدرسة الأولى التي تكوّن الأجيال وتصوغ الناشئة، ويتوقف مصير الشعوب واتجاه الأمم على ما يتلقاه الطفل من أمه.

ولقد كانت أم معاذ زوجة الأستاذ عباس السيسي مثالاً للأم التي أنجبت رجالاً صالحين نفعوا وطنهم وأمتهم، وكانت عونًا لزوجها وأخواتها السائرات على طريق رب العالمين.

مولد الزهرة

ولدت السيدة أم معاذ في مدينة رشيد، بمحافظة البحيرة، واسمها الحقيقي نعناعة السيسي وهى ابنة عم الأستاذ عباس السيسي وزوجته فيما بعد ولدت في أسرة مكونة من ثلاثة عشر فردًا: الأب والأم والإخوة، وقد نشأت في بيت يحف جوانبه الكرم والتدين والطيبة.

أصيبت في صغرها بحمى شديدة شأنها شأن كثير من أطفال المصريين الذين كانوا يعيشون في هذا الزمن؛ حيث ضعف الرعاية الصحية، ووقوع البلاد تحت سيطرة الاحتلال، وقد تركت هذه الحمى أثرًا على سمعها مما أدى لضعفه، وقد ترعرعت هذه الزهرة داخل بيت تمسك بالتقاليد الإسلامية، وأينعت هذه الزهرة وحان وقت قطفها.

زواجها

بحث الشاب عباس السيسي على من يعينه على عوائق الطريق، فلم يجد خيرًا من إحدى زهرات أولاد عمه، فأسرع يطلب من أهله الزواج من ابنة عمه نعناعة، فأقيمت الأفراح وأضيئت الأنوار وفرح الأحباب، وعم البشر في أرجاء البلاد ابتهاجا بهذا الزواج المبارك، وتم الزفاف في مساء أول صفر 1367هـ الموافق 14/ 12 /1947م، وشاركهما الإخوان الفرحة، وألقى الأخ الأستاذ محمد رشاد عبد العزيز قصيدة بهذه المناسبة جاء فيها:

عباس قد غمر السرور جوانحي
فأثار من عزماتها وأتى بي

وطويت للعرس البهيج فراسخًا

وطوى فؤادي فرحة الأحباب

فاضت من القلب الوفي فقرضت

شعرًا يفيض بصادق الإعراب

لم لا يكون وأنت أول من يرى

عند النداء مجيب كل طلاب

يا جامعًا رمز الشباب على الهدى

ومفتحًا قلب الشرود النابي

وتؤسس البيت الرشيد مع التقى

ونقاوة الأعراق والأنساب

عباس حملت التهاني جمة

من إخوة بهم لعرسك ما بي

حرس الإله خطاكم ووقاكما

عين الحسود وغيرة الأتراب

وأطال في عمريكما وحباكما

حلل الفتى ومبارك الأنجاب

ولقد أرسل الإمام حسن البنا برقية تهنئة للعروسين.

وتقول الزوجة عن زوجها: "فالزوج ابن عمي معروف بيننا بحسن الخلق وشهامة الرجال وفتوة الشباب له تطلعات كبار لذا رحبت به الأسرة، وفرحت أنا به، كما بادلني الفرحة؛ لأنه يعلم عني الكثير، خاصة أني من أسرته التي تسير على أحكام الكتاب وسنة رسول الله .

وبني البيت المسلم الذي أنبت زهورًا فاح عبيرها ليملأ الدنيا، ورزق الزوجين بخمسة من الأبناء وهم: عبد المنعم ومحاسن ومجدي ومعاذ ومنى.

أم معاذ الزوجة والأم

كانت أم معاذ نعم الزوجة لزوجها في حضوره ووقت غيابه، فكانت بمثابة الأم لزوجها وكانت الزوجة والصديقة، كما كانت مثالاً للأمومة؛ فقد رعت أبناءها خير رعاية، فغرست فيهم معنى الرجولة الحقة، وتحمل مسئوليات الحياة، ومما قالته لابنها الأكبر عبد المنعم بعد اعتقال زوجها عام 1965م: "استمع إليّ جيدًا، إن أباك غائب ولابد له من عودة في يوم ما فعندما يعود يجب أن يراكم رجالا يفخر بكم، أريده أن يرى فيكم المستقبل، أريد أن تكون أنت من الآن رجل البيت وتكون أبا لإخوتك، وتكون رجلي في غيبة أبيك وأخ لأبيك في غربته، وأريد أن تتابع أخبار أبيك وهو داخل السجن ولا ننقطع نحن عن زيارته ما حيينا حتى يأتي الله بالفرج ويخرج أبوك من السجن، وأن تهتموا بدراستكم.

لقد حكم على أبيكم بخمسة عشر عاما فإن كان في العمر بقية وخرج أبوكم فيجب أن يراكم كما يراكم في أحسن حال، فهذه أمنيتي وأمنية والدكم، فقال لها: اطمئني يا ماما سوف أكون عند حسن ظنك"، وقالت أيضًا لابنتها عندما كانت في إحدى الزيارات ووجدت الضباط يتهكمون على والدها: "اسمعي يا غالية إن أباك من خيرة الرجال والآباء وأنت تعلمين جيدًا أنه دائمًا نموذج للمجاهد الحر الأصيل، والإرادة الصلبة، فمثله يكره التزلف والنفاق الذي يورث الذل والمهانة؛ لذا تجدينه يلوذ بالصمت أحيانًا أمام من يهاجمه من أمثال الذين سمعتيهم بأذنيك الآن لا عجزًا منه ولكن لأنه دائمًا يكره الجدل، إن أباك يؤثر العمل على الجدال والثرثرة، وهذه شيمة العقلاء"، وهكذا ربت أبناءها وغرست فيهم معاني العزة والكرامة.

فراق وحنين

منذ أن ارتبطت أم معاذ بزوجها وهى تعيش في محن متتالية وكانت مثالاً للمرأة الصابرة التي إذا غاب عنها زوجها حفظته في نفسها وماله وأولاده، فبعد زفافها بخمسة أشهر اختطف زوجها من أحضانها ونقل إلى غزة أواخر مايو 1948م للعمل في سلاح الصيانة بها، فما كان منها إلا أن صبرت وترقبت عودة البلبل الغائب حتى عاد إليها، لكن ما كاد القلب أن يفرح بعودة الحبيب حتى صدر قرار في ديسمبر 1948م بنقل زوجها لأسيوط، لكنها صحبته في سفره هذه المرة وهناك اختطف منها مرة أخرى لكن هذه المرة إلى غياهب السجون، فاجتمع عليها همُّ الفراق وهمًّ الغربة، وظلت في انتظار عودته حتى أفرج عنه بعد إقالة الملك لوزارة إبراهيم عبدالهادي عام 1949م، لكن ما كاد يجتمعا ويفرحا بنصر ثورة يوليو عام 1952م حتى أصدر جمال عبد الناصر قرارًا بنقل زوجها وكل العسكريين الإخوان إلى مناطق نائية فنقل الأستاذ عباس إلى رفح، وعادت الزوجة إلى بيت أهلها تنتظر عودة الزوج الكريم.

ابتلاؤها في زوجها وأهلها

ما كاد البلبلان يجتمعان في عشهما حتى فرقتهم محنة 1954م، وهم مع ذلك صابرون محتسبون، وظل الزوج في المعتقل حتى أفرج عنه عام 1956م، غير أنهم عاشوا في قلق واضطراب بسبب مضايقة المباحث العامة لهم واستدعائهم للاستجواب بين الحين والآخر، وظل الحال على ذلك حتى جاء الفراق الطويل باعتقال زوجها يوم 24 أغسطس 1965م، وتغييبه خلف الأسوار في أتون جحيم السجن الحربي بعد الحكم عليه بخمسة عشر عاما قضى منها تسعة أعوام حتى أفرج عنه يوم 11 ربيع الأول 1394هـ الموافق 14 /4/ 1974م، ليعود لتكملة مسيرة الحياة.

وكما ابتليت في زوجها فقد ابتليت في أهلها، ففي محنة عام 1965م وتعرض زوجها للاعتقال مات والدها، ثم سرعان ما لحقت به أمها في فترة متقاربة، وبعد اعتقالها مات أخوها الأكبر، وبعد خروجها من المعتقل لحق به أخوها الأصغر والذي كان يحنو عليها ويواسيها في مصيبتها ويرعى أولادها، فما كان منها في كل مصيبة إلا أن تتوجه إلى الله بالدعاء وتقول: "اللهم ثبت قلبي بالإيمان، وارزقني حبك وحب من ينفعني حبه عندك، اللهم ما رزقتني مما أحب فاجعله قوة لي فيما تحب، اللهم يا ذا المن ولا يمن عليه يا ذا الجلال والإكرام يا محيطا بالليالي والأيام نسألك يا أرحم الراحمين أن تجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا ونور أبصارنا وجلاء حزننا وذهاب همنا فأنت ربنا القادر على كل شيء".

ابتلاؤها في أولادها

لم يسلم أبناؤها من البلاء فصبرت وشكرت؛ فقد ابتليت بموت ابنها البكر محمد فداء الدين وهو في عامه الأول بعد أن أصيب بالحصبة فمات، كما ابتليت بإصابة ابنها معاذ بشلل أطفال فما كان منها إلا أن صبرت، وكان مصابها عظيمًا في مرض ابنتها الكبرى محاسن والتي أصيبت بمرض الحمى الشوكية حتى شرفت على الموت بعد أن كانت زهرة متفتحة، فصبرت الأم وسألت ربها أن يعافي لها ابنتها ففرج الله عنها وشفيت ابنتها وخرج زوجها.

ابتلاؤها في نفسها

بالرغم من كل هذه المحن والابتلاءات التي تعرضت لها، إلا أنها كانت كالجبال الرواسي في ثباتها، ففي أواخر عام 1965م، وأول أيام عيد الفطر المبارك، كانت المباحث العامة تزورها في بيتها، ليس هذه المرة من أجل زوجها لكن من أجل القبض عليها وترحيلها وسط صراخ أبنائها إلى السجن الحربي، بتهمة حيازة قنابل، وهى تهمة لا تعرف عنها شيئًا، وتعرضت على مدار أسبوعين قضتهم داخل السجن للتعذيب البدني والنفسي والعصبي، ولاقت ما لم يحتمله بشر، حتى أنهم ساوموها للإفراج عنها مقابل أن تطلب الطلاق من زوجها، فما كان منها إلا أن أعطتهم درسًا في الوفاء.

فصاحت في الضباط الذين كانوا يساومونها قائلة: "كيف تطلب من زوجة عاهدت زوجها على الوفاء إلى آخر العمر أن تطلب منه الطلاق لمجرد تهمة، إن زوجي رجل صالح وأب أولادي وهذا يكفي"، وجاءوا بالسيدة زينب الغزالي وحميدة قطب ليتعرفوا عليها لكي تدان في القضية فأنكروا معرفتهم بها، تقول زينب الغزالي:" وبعد أيام طلبوني لمكتب رياض - ثانية - وواجهني بسيدات لم أرهن من قبل ، وسألني عمن تكون زوجة السيسي من بينهن قلت لا أعرفها، وإذا بهم يدخلون شابا صغير السن والعسكري خلفه بالسوط ويسألون : أين هي زينب الغزالي ؟ فنظر الشاب وقال : لا أعرف. ولما سألوه ثانية عن زوجة عباس السيسي أجاب ثانية : لا أعرف . فسألوه عمن قابلته من السيدات الموجودات فأجاب : لم يقابلني أحدها فأخرجوه كما أدخلوه بالسوط يلسع ظهره .

ثم فوجئت بحميدة قطب تدخل وخلفها صفوت . وسألوها عن زوجة السيسي قالت : "لا أعرفها" .

ثم أخرجوا السيدات الأربع وأخرجواحميدة وبقيت مع رياض . قال : اسمعي يا بنت يا زينب . . ألا تعرفين واحدا من الإخوان متزوجا من أربعة ؟ قلت : لا. . قال : هل تعتقدين أنى أقول لك فزورة ؟ ! هناك واحد من الإخوان متزوج أربعة . إن لم تقولي من هو ستضربين . قلت : افعل ما تشاء فما كان منهم إلا أن أفرجوا عنها بعد أسبوعين، لتعود إلى أهلها وأولادها بجراح مثخنة في القلب مما لاقت ومما رأت من تعذيب لرجال الدعوة داخل سجونعبد الناصر.

وليت جراحنا في الجسم لكن جراح القلب أذهب للرجال .

وبعد خروجها ظلت الزوجة صابرة محتسبة، مواظبة على زيارة زوجها وعدم إشعاره بما يعانون، فقد عملت بالحياكة والتريكو لتكفى مؤنة بيتها، وافتتح ابنها محل الألبان ليساعد والدته في تربية إخوته حتى خرج الزوج فكان يوم فرح وسرور، واجتمع البلبلان مرة أخرى بعد طول فراق.

لقد ضربت أم معاذ للمرأة المسلمة وكل نساء البشر أروع الأمثلة في الصبر على تحمل البلاء والاحتساب لله رب العالمين، وسارت على نهج التربية التي تربت عليها وظلت تحيا وشعارها: أن المرء إن لم يستطع أن يكون نجمًا في السماء فلا أقل من أن يكون شمعة على الأرض يضيء بها طريق المارة.

وفي 8 من رمضان 1425هـ الموافق 22 من أكتوبر 2004م : توفي الأستاذ عباس السيسي.

المراجع

  1. سعيدة القطيط : أم معاذ فى السجن، الطبعة الأولى، دار الطباعة والنشر والصوتيات، 1988م.
  2. عباس السيسي : في قافلة الإخوان المسلمين، الطبعة الأولى، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 2003م.
  3. زينب الغزالى : أيام من حياتى، دار التوزيع والنشر الإسلامية،الطبعة الأولي، 1999م.

للمزيد

روابط داخلية

مؤلفاته

ملفات وأبحاث متعلقة

متعلقات أخري

وصلات خارجية

تابع وصلات خارجية

أخبار متعلقة

وصلات فيديو

.


للمزيد عن الإخوان المسلمون والمرأة

من أعلام الأخوات المسلمات

.

.

أقرأ-أيضًا.png

روابط داخلية

كتب متعلقة

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة

تابع مقالات متعلقة

متعلقات أخرى

وصلات فيديو

.