أهداف مصر في رأي الإخوان المسلمين

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أهداف مصر في رأي الإخوان المسلمين

بقلم: صالح عشماوي

أثار الحديث عن قرب انتهاء الحرب وبزوغ فجر السلام عقول الفكر وزعماء الأحزاب فانطلقت الأقلام تكتب عن مشاكل مصر الداخلية والخارجية، وترسم أهدافها وآمالها وقد يتوهم البعض أن هذا الحديث من صميم السياسة وهو بذلك وقف على زعماء الأحزاب السياسية ورجالاتها بعيد عن متناول الهيئات الدينية والجماعات الإسلامية وفي الحق لقد أتى على مصر حين من الدهر كان العرف الشائع فيها يفصل بين السياسة والدين.

ولعل مصدر هذا الخطأ هم أولئك الذين تخرجوا في معاهد أوروبا وممن تعلموا نظرية فصل "الكنيسة" عن "الدولة" وظنوا أن الإسلام كالمسيحية "يدع ما لقيصر لقيصر وما لله لله" ولم يدركوا بديهيات الإسلام من أن قيصر وما لقيصر لله الواحد القهار!.

ومن الحقائق الملموسة والظواهر المحسوسة تغير هذا العرف الشائع وتبدل هذا الفهم الخاطئ، فقد نادى خطباء الإخوان المسلمين من فوق المنابر حتى بحت أصواتهم، وسطر كتاب الإخوان في صحفهم وبياناتهم حتى انبرت أقلامهم، أن السياسة بمعنى الوطنية جزء من الإسلام.

وأن المسلم لن يتم إسلامه إلا إذا كان سياسيًا بعيد النظر في شئون أمته مهتما بها، غيورًا عليها، سواء في تلك السياسة الداخلية والخارجية "ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم"

وعلم الله أن الإخوان المسلمين ما كانوا في يوم من الأيام غير وطنيين، ولن يكونوا يومًا من الأيام غير مسلمين وما فرقت دعوتهم أبدًا بين السياسة والدين!.

وهنا يتساءل المتسائلون ما هو البرنامج الوطني للإخوان المسلمين؟ وما هي أهداف مصر ومطالبها في رأيهم، بعد أن قرأ الناس أهداف مصر في رأي الأحرار الدستوريين وغيرهم ولماذا يقصرون الكلام في دعاياتهم على "الإسلام" حتى عرفوا وتميزوا بأن دعوتهم "دينية" لا "وطنية".

أما أن يفهم البعض أن دعوة الإخوان المسلمين هي دعوة دينية تنحصر في تطبيق الحدود الإسلامية كقطع يد السارق وجلد الزاني فهو قصور في الفهم لا أدري له سببا بعد أن أبان الإخوان عن دعوتهم كل الإبانة وتحدثوا عن الإسلام بكل إفاضة وأقاموا أهدافه للناس في السياسة والاجتماع والاقتصاد والتعليم والتربية العسكرية والقواعد الصحيحة إلى غير ذلك من نظم الحياة وأوضاعها.

وإذا كان الإخوان لم يرددوا الحديث طويلا عن مطالب مصر القومية فذلك لأن هذا هو الجزء المتفق عليه بين الأحزاب جميعًا وبينها وبين دعوة الإخوان المسلمين.

وإذا كنا قد انفردنا وتميزنا بالحديث عن الإسلام فذلك لأنه الهدف الأول، والحجر الأساسي، والدستور الكامل الذي تتفرع منه كل الأهداف والمطالب.

أي خلاف يمكن أن يكون بين الإخوان وبين الأحزاب أو غير الأحزاب حول المطالبة عند انتهاء الحرب بجلاء كل قوة أجنبية عن أرض مصر إنجليزية أو غير إنجليزية؟

وبسيادة مصر التامة وسلطانها الكامل في حدودها وبتأمين هذه الحدود شرقية كانت أو غربية وبانفرادها في الإشراف على حرية الملاحة في قناة السويس وفي الدفاع عنها وبوحدة مصر والسودان وحدة قوامها تساوي المصريين والسودانيين في الحقوق والواجبات في ظل حكم واحد.

وأي خلاف كذلك يمكن أن يكون بيننا وبين غيرنا من الأحزاب السياسية أو غير الأحزاب السياسية حول محاربة الفقر والجهل والمرض ورفع مستوى المعيشة وتحقيق العدالة الاجتماعية والتقريب بين طبقات الأمة.

لا خلاف بيننا وبين أي مصري حول شيء من هذا كله وإنما نخالف هذه الأحزاب جميعًا، ونمتاز عنها، وننفرد دونها، بالدعوة إلى التربية الدينية والخلق الفاضل والطهر من الدنايا والشهوات والبعد عن المنكرات والانحلال الخلقي هذه واحدة ..

أما الهدف الأكبر والأول فهو ربط الاستقلال التام والسيادة الكاملة بالعزة الإسلامية "ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين" وإقامة كل إصلاح في نظمنا السياسية والتشريعية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية على أساس الإسلام الحنيف وعلى أسس من التشريع الإسلامي.

هدف واحد هو في رأينا نحن الإخوان المسلمين الهدف الذي يجب أن تتجه إليه الأنظار والقلوب أول ما تتجه، هذا الهدف هو "الإسلام" أجل على مصر أن تفصل أولا وقبل كل شيء وتقطع في وضوح وتأكيد هل تتجه في حضارتها ونظمها ونهضتها نحو الغرب المتداعي الذي فشلت نظمه ولم يجن من ورائها إلا الخراب والدمار؟ أم نحو الإسلام الذي أقام أعدل دولة وأسمى حضارة وأحكم نظام؟

أما نحن ففصلنا وصممنا على أن "يكون الإسلام" هدفنا ومحور دعوتنا وبهذا انفردنا وتميزنا، ولهذا نعمل ونجاهد "حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله".

المصدر

الإخوان المسلمون العدد (20) 20 شوال 1363هـ 7 أكتوبر 1944م.