أهو متبجحٌ أم واقعيٌّ؟ / د. فايز أبو شمالة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أهو متبجحٌ أم واقعيٌّ؟


بقلم:د. فايز أبو شمالة


ابتعدي عنا يا روسيا، وابتعدي عنا يا أمريكا، اتركونا نحن والفلسطينيين نقلع شوكنا بأيدينا، لا تتدخلوا في أمرنا، اتركونا نعالج خلافاتنا، ونزاعاتنا مع الفلسطينيين بطريقتنا، فنحن أدرى منكم في العلاج، لا تضخموا الأمور، ولا تعقدوها، لأن المشكلة بيننا وبين الفلسطينيين هي مشكلة اقتصاديه وأمنية، وهي في طريقها للحل! هذا ما يردده بجلاء ووضوح وزير خارجية الكيان الصهيوني "أفيقدور ليبرمان" بكل تبجح أو بكل واقعية!..

لو كنت أحد المسئولين في السلطة الفلسطينية لقلت: هذا الرجل معتوه، ومتخلف، هذا رجل البارات لا يفقه في السياسة شيئا، عليه أن يرجع إلى حانات الخمر التي جاء منها، لأن القضية الفلسطيني قضية سياسية تفرض نفسها على المجتمع الدولي، وهي أسبق من قدوم هذا الرجل المتبجح إلى فلسطين مغتصباً مستوطناً صهيونياً.

ولكن هذا الكلام الفلسطيني لا يؤثر على قناعة ليبرمان السياسية من قريب أو بعيد، ولا يغير من سلوكه التوسعي الاستيطاني على الأرض، ولا يحرف مواقفه المبدئية. وذلك لأن "ليبرمان" واقعي، ويتحدث بموضوعية، فهو يعرف مقابله الفلسطيني، ويعرف أن أقصى ما يمكن فعله هو الشتم، والتهديد بمواصلة توقف المفاوضات، وهو يعرف أن الأمور تسير حتى الآن على ما يرام، وأن الأمن مستتب، والسلطة تقوم بواجبها في التنسيق و تأمين سلامة حركة المستوطنين على الطرق، وقد أعلن رئيس السلطة بملء فيه، لا خيار لنا آخر غير خيار المفاوضات، لن نقاوم إسرائيل عسكرياً، لا حرب مع إسرائيل، ولن نطلق رصاصة على أقدام مستوطن حتى ولو كانت للتهويش!

ضمن هذه المعادلة الناعمة الموجودة على أرض الضفة الغربية، لماذا لا يسخر "ليبرمان" من التدخل الروسي والأوربي والأمريكي، لماذا لا يقول لهم؟ اتركونا، لا تخافوا من تطور الأحداث إلى ما لا يرضيكم، ونحن أدرى منكم في حل المشاكل الاقتصادية لسكان الضفة الغربية، ولا تنزعجوا من ردة فعل فلسطينية مقاومة خارج السيطرة.

مساء يوم الخميس ضحكت وأنا استمع لفضائية الجزيرة، وهي تجري لقاء مع دكتور جامعي يدير أحد مراكز الأبحاث في مدينة بيت لحم. لقد سألته الفضائية عن موقف الفلسطينيين من الاستيطان الذي ما زال يتوسع، وعن المصير البائس للأرض، فقال الأكاديمي الفلسطيني: على أمريكا أن تثور لكرامتها، وأن تضغط على إسرائيل، على أمريكا أن تتحرك ضد إسرائيل، على أمريكا أن لا تظل صامته، وهي ترى التوسع الاستيطاني الذي لا يتوقف، على أمريكا أن تعالج الأمر، على أمريكا أن تخجل من ضعفها أمام إسرائيل.

الأكاديمي السياسي الفلسطيني لم يشر إلى ما يتوجب أن تفعله السلطة الفلسطينية صاحبة الولاية على الأرض؟ ولم يتحدث عن واجباتها في مقاومة الغاصبين، واكتفى بلوم أمريكا، وكأن الخلاف القائم على أراضي الضفة الغربية يخص أمريكا وإسرائيل، ولا علاقة للسلطة الفلسطينية بهذه الأرض، لأنها مشغولة في توفير التمويل المالي لعشرات آلاف الموظفين، وللمؤسسات والجمعيات والمراكز التي يجني ثمارها أمثال هذا الأكاديمي.