أوراق فى الثورة المضادة - سقوط (المثقفين) .. في مكتب الوزير

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
أوراق فى الثورة المضادة .. سنة الرئيس مرسي


سقوط (المثقفين) .. في مكتب الوزير


المقدمة

تبقى قوة اى مجتمع مرهونة بقوة ثقافتها ومناعة مثقفيها .. فالثقافة هي الحارس الأول ضد الجهل والتخلف .. وكذلك ضد استبداد السلطة وفسادها .. ومنذ انشاء وزارة الثقافة المصرية في 1958 والى الان 2020 .. كان التيار اليسارى والعلمانى هو المتصدر لادارة المشهد الثقافي في مصر

وبقيام ثورة يناير 2011 والانقلاب عليها في 2013 ظهرت حقيقة تحكى محنة الثقافة الحقيقية والتي دخلت فيها منذ سقوطها في غواية السلطة .. وذلك من خلال نظرات ثلاث نجليها في هذا البحث: نظرة على موقفهم من نظام مبارك ، ثم نظرة على موقفهم من وزير ثقافة الثورة ، ثم نظرة على موقفهم من سلطة الانقلاب ..

وزير ثقافة .. (الحظيرة)

تولى فاروق حسنى وزارة الثقافة المصرية لاكثر من 20 عام منذ 1987 وحتى قيام الثورة المصرية في يناير 2011 ..

مثقفون يدخلون .. (الحظيرة)

رغم ان فترة فاروق حسنى كانت هي الأكثر فسادا ومحسوبية في تاريخ وزارة الثقافة .. الا ان اخطر مافيها هو ماحدث في 2003 ، عندما سبّ المثقفين وأهانهم ! ثم افتخر بانه هو من ادخلهم الى (حظيرة) وزارة الثقافة !. (1) والغريب .. ان المثقفين لم يتظاهروا حينها او يعتصموا او يعترضوا او يقتحموا – مثلا - مكتبه مطالبين باقالته ! ان لم يكن لاجل الثقافة ومبدعيها واستقلالها ، فلاجل كرامتهم وسمعتهم !

لماذا قبلوا الإهانة فسكتوا ورضخوا: كان هذا هو السؤال الذى طرحه كل من يعرف أحوال الثقافة والمثقفين في مصر ..

الجواب .. ان فاروق حسنى استطاع خلال 23 عاما (تدجين) المثقفين كما استطاع – كما قال بحق - ادخالهم الى (حظيرة) الدولة ! فلم يعد قلمُ المثقف وابداعه رهنٌ بما يؤمن به .. بل صار اسيرا للعطايا والمنح القادمة من .. صحب الحظيرة او حارس بوابتها !!

ففي حوار اجراه الصحفى عبد الله امام مع الوزير فاروق حسنى في 2003 سأله عن حقيقة قوله (انا من أدخل المثقفين الى حظيرة وزارة الثقافة) !

فقال الوزير: (نعم قلتها .. ولو قمنا بإغلاق هذه الحظيرة ، لكانوا أول من يطالبون بإعادة فتحها. لأن فتحها يعني فتح بيوتهم .. كانت جائزة الدولة التشجيعية أيام زمان خمسمائة جنيه لا غير. فكيف أصبحت؟ خمسة آلاف جنيه. جائزة الدولة التقديرية أيام زمان كانت 2500 جنيه. والآن يرفض واحد مبلغ مائة ألف جنيه ..)

ثم يتحدث عن الكاتب صنع الله ابراهيم كأنه مريض نفسيا فيقول: (نحن نعالجه من مرض الخوف، ونلعب في حياته دور التوعية والتقويم) !. (2) (وكان صنع الله إبراهيم هو صحاب الموقف الاستثنائى بين المثقفين حين رفض جائزة ملتقى القاهرة الثانى للرواية العربية عام 2003)

فلقد كان المتصور – ساعتها – ان تقوم قيامة المثقفين اعتراضا على ماقاله الوزير ووصفهم به .. الا انهم لم يغضبوا ولم يثوروا ! فلقد كانوا حينذاك داخل الحظيرة يتنعمون بما القاه اليهم صاحب الحظيرة او بالادق حارس بوابتها ..

وزير ثقافة .. الثورة

  • كانت وزارة الثقافة هي ساحة المواجهة الأكثر سخونة بين الثورة وبين نظام مبارك (حظيرة فاروق حسنى) .. فالوزير الجديد احد المغضوب عليهم من رجل مبارك (فاروق حسنى وحظيرته) ، وانحيازه الواضح – حسب تصريحاته - كان لثقافة (الشعب) وليس الى ثقافة (مهرجانات النخبة) التي تميزت بها فترة فاروق حسنى .. مواجهة استمرت شهرا واحدا .. لكنها نتائجها وماكشفت عنه كانت بمقدار سنوات طوال .

وزير الثقافة .. ثائراً

الكاتب (خالد طاهر) تحدث عن الوزير الجديد في مقال نشره بموقع (الحوار المتمدن) وهو يتبع لمؤسسة (يسارية علمانية ديمقراطية) وليست اخوانية بطبيعة الحال .. يقول:

  • في أوائل التسعينات قاد (علاء عبد العزيز) معركة ضد الفساد فى اكاديمية الفنون (برئاسة فوزى فهمى) ومعهد السينما (فى فترة عميده شوقى على)
  • ترتب على ذلك فصل (علاء) من المعهد .. كما تم تعليق تعيين أخوه (محمد) معيد فى قسم التصوير بالمعهد .
  • وبعد صراع طويل وممتد لعشرات السنوات فى القضاء الادارى استرد علاء عبد العزيز حقه كمعيد بالمعهد مما أخره عن إتمام رسالة الماجستير والدكتواره
  • لديه حس وتذوق فنى مبهر ظهر كمونتير فى مشروع تخرج فيلم (مسافة فى الزمن) للمخرج محمد الشناوى (إبن كمال الشناوى) لذلك حاربه وقتله وعرقله الفساد و أنصاف المتعلمين والجهلة واللصوص
  • عندما توفى والده قرب دوران شبرا لم يجرؤ احد من زملائه بالمعهد أن يحضر العزاء ! (3)
  • في 7/5/2013 تم تعديل وزاري شمل 9 حقائب وزارية اجراه هشام قنديل ، اُسندت وزارة الثقافة الى الدكتور علاء عبد العزيز عضو هيئة تدريس في المعهد العالى للسينما .

وزير يتحدث عن .. (الثقافة)

  1. ترجمة الفكر والأدب العربي إلى اللغات الأجنبية
  2. التوجه إلى العمق الأفريقي بترجمة الفكر العربي إلى اللغات الأفريقية المحلية
  3. التوجه بثقافتنا وإبداعاتنا إلى دول أميركا اللاتينية ودول شرق وغرب آسيا
  4. تجهيز أول دورية سينمائية محكمة من الهيئة العامة للكتاب
  5. الاهتمام بالمبدعين الشباب الموجودين في الأقاليم والذين لاينظر اليهم احد ! بسبب نظرة التعالى من ادباء العاصمة لادباء الأقاليم (4)
  6. الاهتمام بأصحاب الاحتياجات الخاصة من المبدعين الذين لايهتم لهم او بهم احد

هذه بعض أفكار الوزير الجديد والذى بقى في منصبه فقط اكثر قليلا من 6 اشهر .. ليس فيها بعد اخوانى او ايديولوجى ، فقط فيها (مصري) وهو وزير يرفض كذلك (الوصاية) تلك التي تحدد (من هو المثقف ومن هو غير المثقف). وعندما أراد ان يعرف نفسه قال : "أنا وزير ثقافة الشعب المصري، ولست وزير ثقافة النخبة ".

لكن الغريب : في تقرير لقناة المحور التي اجرت مع الوزير الجديد واستضافه على شاشتها عمرو الليثى .. في هذه التقرير عندما تحدث (المثقفون) تأففوا من وزير لايعرفونه (ليس من الشلة) بينما كان الجمهور اكثر وعياً وحصافةً من مثقفيه ! حيث سألوا الوزير عن برامجه وخططه لتطوير الثقافة في مصر .. وهو ماأثار استغراب الوزير وليس المذيع !!

كلما تكلم .. كشف الفضائح

اشتدت الحملات على الوزير الجديد ولم يمر عليه سوى شهر من تعيينه .. خرج الى الاعلام ليحدثنا عن السر .. فقط لانه واجه فساد (شلة المنتفعين) .. حيث تحدث بالاسماء والأرقام

فقال:

  • قصر ثقافة المنشأة في سوهاج مبنى من 15 سنة ، ومع ذلك لم يعمل ولم يفتتح ! ومطلوب ترميمه ! ومثلها قصور ثقافة الفيوم وكذلك قصور ثقافة الغردقة كلها معطلة !
  • رؤساء القطاعات يتقاضى كل واحد منهم 16000 شهريا .. و8000 كل ثلاث شهور !
  • اكتشفنا ان هناك احكام لصالح موظفين لاتنفذ .. (مستحقات مالية + درجة وظيفية) !
  • اكتشفت ان هناك من يسرب المعلومات والقرارات من الوزارة قبل ان يتم الاعلان عنها بالطرق الادارية المعتادة !
  • اكتشفت انه ليس هناك لوائح مالية تضبط المستحقات المالية للبيت المالى للمسرح والفنون الشعبية والاستعراضية وغيرها !
  • جريدة القاهرة توزع فقط 33% من جملة مايتم طباعته !
  • مجلة ابداع توزع فقط 7% من جملة ماتطبع ! ورئيس تحريرها يأخذ في العدد الواحد 18000 جنيه بينما ان المجلة لو بيعت بالكامل سيكون عائدها 6500 جنيه فقط (المسئول عنها الشاعر احمد عبد المعطى حجازى) .
  • موتور يتعمل له عمرة 57 الف جنيه في هيئة الكتاب
  • اكاديمية روما بلا أصول وبه حسابات غريبة
  • امام ذلك هناك كتاب مغمورين في قصور الثقافة يحققون نسبة مبيعات 75% فهذا يثير علامات استفهام أخرى
  • تذاكر مسرح سيد درويش بالإسكندرية المباع منها 8 من اصل 620 تذكرة
  • مجلة تتكلف 85 الف جنية وعائدها 2140 جنيه
  • هناك برنامج الأمم المتحدة لتطوير وزارة الثقافة كان (مخفى) مركونا في الوزارة ولم يفعل الى الان ! فلم تكن هناك خطة للتطوير او خطة لتنمية المهارات البشرية ! ولم يفعل هذا البرنامج الا مع الوزارة الجديدة فقط !
  • ادباء وفنانى الأقاليم لهم ابداعاتهم ولكن لااحد يهتم بهم وبابداعاتهم !

ملاحظة مهمة:

  • كان كل ماتحدث عنه الوزير مخالفات إدارية ومالية ولأسباب تتعلق بالفساد ، حيث قال: (لاتغيير الا باسباب ادارية او قانونية ... ومعيار التكليف عندى اثنان .. الكفاءة والامانة) ولم يكن فيما ذكره الوزير اى أسباب تتعلق بالتوجه الفكرى او الايديولوجى ، ولم يستطع احد – ممن عارضه – ان يأتي بدليل على ذلك. (5)

قرارات .. فض (الحظيرة)

اتخذ وزير الثقافة جملة من القرارات بناء على المخالفات المالية والإدارية التي راها والتي تحدث عن بعضها ، وكان منها :

  1. إقالة إيناس عبدالدايم رئيس الأوبرا المصرية
  2. انهاء انتداب رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب احمد مجاهد ، حيث انه جلس فى بيته وامتنع عن العمل لتصريح سمعه من التليفزيون !
  3. اقالة رئيس قطاع الفنون التشكيلية صلاح المليجي.

معارضون للوزير

عارض مثقفون - خاصة اليساريين منهم – قرارات الوزير .. واخذت المعارضة الاشكال الاتية :

  • الاستقالات الجماعية: وكان الناقد أسامة عفيفي قد استقال من رئاسة تحرير مجلة "المجلة"، كما استقال أعضاء مجلس أمناء بيت الشعر جميعا وهم - إضافة إلى حجازي - فاروق شوشة ومحمد إبراهيم أبوسنة وسيد حجاب ومحمد عبد المطلب ومحمد حماسة عبد اللطيف وحسن طلب وسعيد توفيق ومحمد سليمان والسماح عبد الله ... وبعد ساعات من اقالة رئيسة دار الأوبرا د.ايناس عبد الدايم صعد المايسترو ناير ناجي رئيس فرقة الأوركسترا بالدار في موعد رفع الستار لبدء عرض أوبرا "عايدة" ، كما اعلن العاملون بالأوبرا اضرابا لمدة ثلاثة أيام، فيما اعلن الكثير من المطربين مثل هاني شاكر وعمر خيرت وقف عروضهم وحفلاتهم بالأوبرا لذات السبب !
  • المغالطة: ان علاء الاسوانى قال بان وزارة الثقافة (تتعمد) الخسارة لانها مؤسسة غير ربحية فهدفها إشاعة الثقافة بين الناس ! مع ان كلام وزير الثقافة هو ان ماتطبعه الوزارة لايشتريها احد ! فكيف يستفيد الناس من كتاب لايشترونه او يقرأوونه !
  • التجاهل: وهذا مافعله جمال فهمى وفتحية العسال وبهاء طاهر .. وهؤلاء جميعا لم نعرفهم الا من خلال تليفزيون صفوت الشريف و (حظيرة) فاروق حسنى .. لكن علاء عبد العزيز أستاذ اكاديمى في معهد السينما وله ابحاثه وله كذلك مواقفه ضد الفساد منذ ان كان طالبا ولم يعين – رغم تفوقه – الا بحكم محكمة القضاء الادارى .. يعنى لم يكن يوما من (الشلة)
  • التشنيع: اتهامه ان له علاقات غير أخلاقية .. وقد رد الوزير على ذلك عندما تمت استضافته في قناة المحور ، حيث تسائل كما تسائلنا : لو عندهم دليل فلماذا سكتوا لمدة سنة عليه ؟! ولماذا لم يذهبوا بالدليل الى الجهة الإدارية المختصة ؟! وكالعادة لم نسمع لمن اتهمه جواب !!
  • اتهام الاخونة: وهذه كانت النغمة المتفق عليها بين كل من هاجموا الوزير وقراراته .. لكن كان السؤال : من من الاخوان تم تعييه بدل الموظفين الذين اقالهم الوزير ؟! وماهى القرارات التي اتخذها الوزير وتصب في خانة مصلحة فصيل معين وليس مصر ؟! .. وبطبيعة الحال لم نجد إجابة ممن ثاروا على الوزير !!

مؤيدون للثقافة

لكن هناك مثقفون اخرون ساندوا الوزير في قراراته وهؤلاء كانوا بطيبعة الحال من خارج (حظيرة) فاروق حسنى:

  • أستاذ الأدب والنقد بجامعة عين شمس د. حسام عقل
(أن وزارة الثقافة كانت من المواقع التي غزاها الفساد حتى النخاع، وقال شخصيا قمت بحملة ضد وزارة الثقافة لأكثر من ست سنوات، منذ عهد الوزير فاروق حسني وحتى عهد الدكتور محمد صابر عرب، وقدمت ما يزيد عن 100 مستند، تثبت فسادا صارخا في المجلس الأعلى للثقافة، وفي دار الكتب والوثائق القومية)
  • الكاتب والناقد المسرحي د. صلاح عدس
(أن وزارة الثقافة ظلت حظيرة للشيوعيين والعلمانيين، يرتعون في هيئاتها وميزانياتها ولجانها، وجوائزها التي يتقاسمونها بينهم). (6)
  • الدكتور خالد فهمي استاذ ورئيس أدب التاريخ
(الكتب والوثائق والتحف واللوحات والموسيقى والمسرحيات والقصص والحكايات لا معنى لها ولا قيمة إذا حفظت وخزنت ولم تقرأ أو تسمع أو تشاهد أو تحكى...". "ألا يدرك القائمون على الأوبرا وغيرها من مؤسساتنا الثقافية أن معيار النجاح الأهم والأول والأسمى والأنبل يتلخص في سؤال بسيط وأساسي: كام واحد زارك؟ كام تذكرة بعتها؟ كام واحد دخل على موقعك ع النت؟ كام كتاب بعته؟)
  • خبيرة الدعم الفني بوزارة الثقافة نجلاء فتحي
(الوزير الجديد وضع يديه على ملفات الفساد في الوزارة ، وحول معظمها حتى الآن للتحقيق، ولذا تشتد هجمة كبار موظفي الوزارة على قراراته الجريئة)

(الوزير الحالي بدأ في تفكيك شلة المنتفعين بالوزارة واحدا تلو الآخر، ومعظم القيادات المقالة انتهت مدة انتدابها قانونيا)

(معظم موظفي الوزارة سعداء بسبب ما سمتها "قرارات الوزير العادلة"، بينما يعترض عليها من جعلوها وزارة مهرجانات واحتفالات، وحولوها إلى "سبوبة" ونفحات لفئة معينة تكاثرت عن طريق توريث المناصب والوظائف). (7)
  • أستاذ النقد والبلاغة بجامعة طنطا حلمي القاعود
(أن رجال الحظيرة الثقافية الفاسدة هم الذين يثيرون الآن الزوابع حول تطهير وزارة الثقافة من الفساد المتجذر الذي صنعه فصيل واحد يتقن الإقصاء والتغييب والتهميش)
  • الكاتب خالد طاهر:
(طبيعى ان يشهد الوزير حمله منظمة ضده من مراكز قوى الفساد داخل الوزارة وأشباه المثقفين الذين يأكلون على كل الموائد)
  • موقف موظفي الوزارة:
نظم عدد من موظفي الهيئة العامة للكتاب والمجلس الأعلى للثقافة والفنون التشكيلية وقفة أمام وزارة الثقافة أيضًا، لتأييد قرارات وزير الثقافة، ومساندته في تطهر الوزارة من الفساد، وضخ دماء جديدة ..

اقتحام وزارة الثقافة

بعدما فشلت الاستقالات الجماعية في إثناء الوزير عن التغييرات التي طالت عددا من قيادات وزارة الثقافة .. ارتكب نفر من (المثقفين) اكبر خطأ يمكن ان يكون في تاريخ اى مثقف .. الا وهو (اقتحام) مكتب وزير الثقافة !!

اقتحام مكتب الوزير

بدأ الامر باعتصام امام الوزارة في 4 يونيو 2013 ، ثم قام بعد ذلك مجموعة من (المثقفين) باقتحام مكتب الوزير صباح 5/6/2013 !!

وكان على رأس المقتحمين كل من الكاتب بهاء طاهر والشاعر سيد حجاب، والفنان نبيل الحلفاوى، ومحمود قابيل، ومحمد العدل، ومحمد هاشم، وصنع الله إبراهيم ويوسف القعيد، والمخرج أحمد ماهر، وأحمد نوار، والمخرج محمد عبد الخالق، والسيناريست سيد فؤاد، ومحمد عبلة، وسامح الصريطى، وجلال الشرقاوى، والفنانة سهير المرشدى، والفنانة حنان مطاوع. (8)

ثورة مضادة .. فى مكتب الوزير

كان الاقتحام والتهديد والانذار .. سلوكا غريباً على مثقفين اعتادوا مخاطبة العقل والوجدان والشعور والذوق .. اذ كان بإمكانهم مخاطبة الرأي العام بما يريدون ، وبلغة لايستطيعها غيرهم ! ولم يحدث من قبل ان قام ذات من اقتحموا مكتب الوزير ان فعلوا ذلك مع من قال انه ادخلهم حظيرة وزارة الثقافة ! وانه يعالج واحدا منهم نفسيا (صنع الله إبراهيم) !!

مهلة لاقالة الوزير .. والا ..

وفى تجاوز واضح لمهمة المثقف وتعد سافر على سلطة الدولة وانحياز واضح لــ (الثورة المضادة) .. هدد المخرج خالد يوسف (الدولة) بان امامها 72 ساعة لاقالة وزير الثقافة وإلغاء كافة قراراته والا ستكون هناك خطوات تصعيدية .. ومنها فرض وزير للثقافة هم من سيقترحونه لكن اللافت للنظر ان بدأ كلامه بانهم لايعترفون بالرئيس المنتخب ديمقراطيا محمد مرسي رئيسا لمصر !

موظفوا الوزارة ينتصرون للوزير

وفى نفس الوقت كان هناك العشرات من العاملين بقطاع الفنون التشكيلية أمام مكتب الوزير علاء عبد العزيز تأييدا لقراراته والتي وصفوها بانها تطهيرا لفساد ملأ الوزارة.

رشا عزب بين المثقفين

كان طبيعيا اذا ان يكون بين معتصمى (المثقفين) رجل بوجه امرأة او فتاة تفتخر بانها ضربت احد الناشطين الذين جاءوا مؤيدين لسياسة الوزير .. ولم يبرأ منها (المثقفون) او من فعلها .. في واقعة هي الاغرب والتي تبين مستوى الانحدار الذى وصلت اليه مثقفوا فاروق حسنى !

بعد الانقلاب .. العودة الى الحظيرة

بعد الانقلاب عادت الأمور الى سابق عهدها .. فمن خرج من (حظيرة) الوزارة حنّ اليه .. ومن تمرد على سياسة الوزارة من قبل دافع عنها وسكت على فساد السلطة فيها .. والاغرب كان عودة الاحتفاء بمن ادخلهم الحظيرة !!

فضيحة المجلس الأعلى للثقافة !

  • ففي تعيينات المجلس الأعلي للثقافة تم ضم مجموعة من الشباب الذى ليس له اى علاقة بالثقافة سوى معارضة الرئيس مرسي ، ففي تجاهل لمئات المبدعين الشباب خاصة في المحافظات تم ضم كل من أحمد دومة وحسن شاهين المتحدث الرسمي باسم حركة تمرد وخالد تليمة نائب وزير الشباب !!
  • لم يعترض المثقفون او يقدموا استقالات جماعية احتجاجا على انتساب هؤلاء الى مجلسهم الأعلى ! او يقتحموا مكتب وزير الثقافة .. لقد انصاع الجميع لأوامر (الحظيرة) !
  • كانت الفضيحة كبيرة ، فضيحة التعيين في اعلى هيئة ثقافية وفضيحة السكوت على ذلك من قبل جمهرة المثقفين الذين ثاروا من قبل على وزيرهم .. وفى محاولة للتستر على الفضيحة تمت إقالة الشباب الثلاثة بعد شهر تقريبا من تعيينهم ليس لغضبة المثقفين انما فقط لـ (تغيبهم عن حضور جلسات اللجنة أكثر من مرة دون إذن مسبق) !

مثقفة من (الحظيرة) وزيرة

جرى في يناير 2018 تعديل وزارى في حكومة الانقلاب فتولت عازفة الفلوت ورئيسة دار الاوبرا المصرية ايناس عبد الدايم وزارة الثقافة

الاحتفاء بوزير (الحظيرة)

  • وفى تطورلافت قام مثقفوا الانقلاب بالاحتفاء بفاروق حسني الذى ظل لاكثر من 23 عاما وزير للثقافة في نظام المخلوع حسني مبارك
  • ففي عام 2019 تداعى عدد كبير من المثقفين الى مشاركة (وزير الحظيرة) فى افتتاح مؤسسة تحمل اسمه
  • وفى فبراير 2020 تم حفل لمجلة ديوان "إحدى إصدارات مؤسسة الأهرام" وفى حضور عدد كبير من (المثقفين) تم تكريم (وزير الحظيرة) فاروق حسنى الذى تحدث عن (نكسة) الثقافة فى الفترة الاخيرة ومحاولة استعادة عافيتها !

السقوط في الغواية

ظاهرة (مثقفون تحت الطلب) تكون حاضرة دوما مع الطغاة والاستبداد .. ومثلما كانت أيام مبارك ، كانت كذلك أيام الانقلاب .. وكان من ثاروا أيام الرئيس مرسي واقتحموا مكتب وزير الثقافة هم انفسهم من طبلوا لقائد الانقلاب بعدما ارتكب المذابح الواحدة تلو الأخرى ..

خيرى شلبى قبل الثورة: كتب تحت عنوان (مصر فى بعث جديد) .. ان اكبر واهم محصول خرجنا به من لقاء الرئيس هو الرئيس نفسه

خيرى شلبى بعد الثورة: "إننى اشدد على استمرار محاكمة مبارك. ولو انه حكم عليه بالاعدام فى حالة ادانته سيكون شيئا عظيما". (الاخبار 26/4/2011).

احمد عبدالمعطى حجازى قبل الثورة: عبر عن سعادته حين وجدت الرئيس فى كامل لياقته، موفور الصحة، حاضر البديهة، متوقد الذاكرة

احمد عبدالمعطى حجازى بعد الثورة: (طغيان مبارك والذين سبقوه قد انهك المصريين واذلهم وبدد ثرواتهم واستنفد قدرتهم على الاحتمال ودفعهم اخيرا الى الثورة). (الاهرام 30/3/2011).

جمال الغيطانى قبل الثورة: تحت عنوان "قائد القوات" مشيدا بالسيرة المباركية من صفاته "الإرادة الحديدية، والجلد، وسعة الأفق، والذكاء، والسمعة الطيبة والعلاقات الحسنة مع الآخرين .. لقد جنبت خصاله القيادية مصر الكثير من المخاطر"

جمال الغيطانى بعد الثورة: (إن نظام مبارك أسوأ نظام مر على مصر .. حتى من الاحتلال الاجنى، فالنظام السابق جرف البلاد، ونهبها بكل طاقته)

بهاء طاهر قبل الثورة: قبل هذه الجائزة في 2009 باعتبارها في المقام الأول جائزة الدولة المصرية. (9)

بهاء طاهر بعد الثورة: رفض جائزة مبارك للآداب - وهي أرفع الجوائز المصرية - لانها تحمل اسم الرئيس (وكان ذلك بعد ثمانية أيام من بدء ثورة 25 يناير)

بهاء طاهر بعد الانقلاب: قال الأديب الكبير بهاء طاهر للدستور (إن خطاب السيسي كان بمثابة هرم جديد يعطي دلالة عن قيمة وحضارة هذا الوطن العظيم، وكان بمثابة خط بارليف جديد لا يمكن اختراقه مهما بلغت قوة العدو)

الخاتمــــــــــــــــــــــــة

  • كانت واقعة اقتحام (مثقفون) لمكتب وزير الثقافة هي الواقعة الثانية – بعد اقتحام وكلاء نيابة لمكتب النائب العام – التي خسرت الثورة المضادة احد اهم ادواتها الناعمة .. (المثقفون)
  • رغم ان الاعتصامات كانت سمة من سمات الثورة ومابعدها .. الا ان اقتحام مؤسسات الدولة كانت استثناء .. فمن تظاهر واعتصم امام المحكمة الدستورية العليا لم يقتحمها ، ومن تظاهر امام مدينة الإنتاج الاعلامى لم يقتحمها ، وكلاهما لم يرهنا فض الاعتصام بفرض قرار معين على سلطة الدولة (المنتخبة) .. لكن اقتحام مكتب النائب العام من قبل وكلاء نيابة ! ثم اقتحام مكتب وزير الثقافة من قبل مثقفين ! .. كان إشارة حجة الاختراق الذى احدثته الغوغائية في جدر حماية الدولة .. فاذا كان هذا فعل حماة القانون ورعاة الثقافة ! فماذا بقى لرجل الشارع العادى ؟!!
  • رغم ان مدة دكتور علاء عبد العزيز في وزارة الثقافة كانت قصيرة جدا (شهر وبضعة أيام) .. الا انها كشفت للرأي العام امرين في غاية الخطورة:
ماآل اليه شأن بعض (المثقفين) القائمين على حماية الوعى ورعاية الذاكرة الوطنية لاكبر بلد عربى من أوضاع مزرية على مستوى القيمة والسلوك ..
حجم الفساد الهائل الذى حوّل وزارة الثقافة الى اقطاعيات موزعة بين بقايا اليسار وبين العلمانيين أصحاب الولاء الغربى ، بمامثّل في النهاية اختراقا خبيثا في جدار الحماية للوعى المصرى ..
  • هل كان يمكن للشعب المصرى ان يعرف حقيقة الفساد داخل وزارة الثقافة لو ان الوزير كان من شلة المنتفعين حول فاروق حسنى ؟
  • بحادثة اقتحام مكتب الوزير .. صارت الثقافة في محنة والحرية في محنة في داخل مكتب الوزير لم تعد الكلمة بريئة فقد اغتصبت ولم يعد الابداع رسولا فقد تسيس ولم الثقافة قيمة فقد استبيحت واهدرت وهذا يعنى - في الأخير - ان المعركة ستظل مستعرة بين دعاة الإصلاح من جهة وبين شلل المنتفعين وأصحاب الخصومة الأيديولوجية من المثقفين من جهة أخرى .. ومالم يتم فضح هذه الاختراقات واصحابها فلن تستطيع الثورة او اى محاولة لحماية وعى الشعب المصرى تحقيق اى تقدم الى الامام ..
  • كانت النتيجة الأخطر في القبول بدخول (حظيرة) وزارة الثقافة هو ان السلطة صارت هي من تحدد وتنعت من من المثقفين يكون كاتبا كبيرا او روائيا فحلا .. وبهذا انتقلت الوصاية (الطوعية) من السلطة المانحة على المثقفين الى وصاية ابشع على العقل الجمعى المصرى ووعيه الوطنى

المراجع

  1. امير العمرى – 12/8/2008، حياة في السينما
  2. حوار مع عبد الله امام، دنيا الوطن – 23/11/2003
  3. ثورة مثقفى مبارك ضد وزير الثقافة - خالد طاهر جلالة الحوار المتمدن – 8/6/2013
  4. وزير الثقافة المصري: لا وصيّ على الثقافة، الجزيرة – 21/6/2013
  5. علاء عبد العزيز وزير الثقافة على قناة المحور، 25/5/2013
  6. استمرار أزمة وزارة الثقافة بمصر، الجزيرة – 6/6/2013
  7. مَن يحدّد هوية الثقافة المصرية؟ السفير العربى – 12/6/2013
  8. المثقفون يحتلون مكتب وزير الثقافة، اليوم السابع - 5/6/2013
  9. يوميات ميدان التحرير – سعد القرش، مجلة الكلمة – العدد 137 سبتمبر 2018