الفرق بين المراجعتين لصفحة: «أيها المصريون.. أنقذوا العبَّارة مصر»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
(أنشأ الصفحة ب''''<center><font color="blue"><font size=5>أيها المصريون.. أنقذوا العبَّارةمصر</font></font></center>''' تلقيت- كما تلقى ا...')
 
ط (حمى "أيها المصريون.. أنقذوا العبَّارة مصر" ([edit=sysop] (غير محدد) [move=sysop] (غير محدد)))
 
(لا فرق)

المراجعة الحالية بتاريخ ٠٩:٤٨، ٢ فبراير ٢٠١٢

أيها المصريون.. أنقذوا العبَّارةمصر

تلقيت- كما تلقى المصريون- نبأ غرق العبارة (السلام 98) بقلبٍ مفطورٍ ينزفُ ألمًا وحُزنًا حتى رددتُ مع أمير الشعراء قوله:

لحاها الله أنباءً توالتْ على سمع الوليِ بما يَشقُّ

وسرح فكري إلى الوراء فاستحضرَ كارثة العبارة (سالم إكسبريس) والعبارة (السلام 95) والقطار المحترق في وقفةِ العيد، والمسرح المحترق في بني سويف، وأتوبيسات السيَّاحِ المقلوبة والتي يصعب حصرها، وحوادث الطرق التي أراقت دماء كثيرة- ولا تزال- على الأسفلت، ثم عُدتُ إلى الكارثةِ الحديثة وتخيلت الناسَ وهم يُصارعون الأمواجَ ويهربون من الأسماكِ المتوحشة ويتعلقون بالقش، ويفتدون أبناءهم بأنفسهم ثم تساءلت: وهل يستحق أهل مصر منَّا هذا الإهمال والتبلد والاستخفاف بأرواحِ البشر؟!

ثم لمعت في ذهني خاطرة ألا تُعاني مصر نفسها منَّا ما عاناه أهلها في العبارة، أليست مصر عبَّارتنا، إذا كانت العبَّارة تعبر براكبيها عبر المكان، فإنَّ مصر تعبر بنا عبرَ الزمان منذ أن نُولد وحتى نقضى، فماذا فعلنا بها؟ ألم نفعل بها ما فعله أصحاب العبَّارة المنكوبة بعبارتهم؟ كيف ذلك؟ وما أوجه الشبه؟!

لقد رفع أصحاب السفينة عليها علم بنما- دون عَلم الوطن- بعدما اشتروا منها- أي بنما- ترخيص الإبحار بثمنٍ بخسٍ هروبًا من القوانين الوطنيةِ التي تتوخى الصلاحية والكفاءة للعبَّارات وتحدد لها عمرًا افتراضيًّا لا يجوز تجاوزه واشتروا شهادات الجودة والصلاحية بالرشاوى من أجهزةِ الرقابة، وكانت الكارثة هي النتيجة.

ونحن زوَّرنا إرادة الشعب في انتخاباتٍ مُزيفة، وحملنا إلى مقاعد التشريع والرقابة مَن فقدوا ثقةَ الشعب، وهؤلاء يردُّون الجميلَ لمَن زوَّر لمصلحتهم بالموافقةِ على كلِّ التشريعاتِ التي تخدم أهل السلطة ولو كانت تتعارض مع مصالحِ غالبيةِ الناس ومصلحة البلد، كما ينحازون للدفاع عن الفسادِ إذا قام المخلصون لفضحه ومعاقبة أهله.

كما أنَّ ولاءنا السياسي لم يعد كاملاً للوطن وللأمة العربية والإسلامية، وإنما صار تبعية كاملة لأمريكا، وضعفًا أمام الكيان الصهيونى، الأمر الذي أفقدَ مصرَ مكانتها الإقليمية كشقيقة كُبرى للعرب، ومحورًا أساسيًّا في الأوضاعِ الأفريقية والإسلامية ودول العالم الثالث، وعَجْزُنا في مشكلاتِ العراق وفلسطين والسودان وسوريا ولبنان والصومال أوضح شاهد على ذلك.

لقد اختار أصحاب العبَّارة المنكوبة ربانًا وطاقمًا بحريًّا لقيادتها يؤكد الخبراء أنه لم يكن على المستوى المطلوب كفاءةً وأمانةً، فعلى مستوى الكفاءة عجز عن مواجهةِ الحدث، وتلقَّى أمرًا من صاحبِ السفينة- كما نشر في الصحف- ألا يعود إلى ميناء (ضبا)، وكان الأقرب خشية أن تتحفظ السلطات السعودية على العبَّارة- أي أنه آثر المصلحة الشخصية على مصالحِ الناس وأرواحهم- وكان الأولى بالطاقمِ أن يتصرَّف بمقتضى الخبرةِ والضمير وواجباتِ المهنة، وأما من حيث الأمانة، فقد هوَّنوا على الركابِ أمر الحريق زاعمين أنَّ كلَّ شيء تحت السيطرة، ولم يهتموا حتى بالاستعداد لمواجهةِ الكارثة من بابِ الاحتياط.

ونحن في مصر نتساءل: كم مسئولاً تولَّى منصبه عن كفاءةٍ وأمانةٍ وجدارةٍ ورضًا شعبي؟ ثُمَّ ألا يتحرك كبار المسئولين بالتوجيهاتِ الرئاسية العليا، ولو كانت في غير اختصاص الموجه، ثم ألا نتلقى الأوامر والتوجيهات من العم سام بتغيير المناهج والبرامج والسياسات والمواقف بما يتناسب مع مصالحه ولو كانت ضد مصالح الشعب والوطن؟!

وفي مجال الأمانة ماذا نُسمِّي تصريحات الحكومة؟ أليست تصريحات كاذبة في الأغلب الأعم حتى غدت مادةً للسخريةِ في كتاباتِ الكاتب الساخر أحمد رجب؟ ثم ما دور الإعلام الحكومي؟ أليس تضليل الشعب والكذب عليه، وتمجيد النظام والدفاع عن الفشل والفساد؟

ثم إنَّ أصحابَ السفينة قد اشتروا سفينةً متهالكةً عمرها الافتراضي قد انتهى، وأجروا فيها بعضَ الإصلاحات، واستخرجوا لها شهادات الصلاحية ممن لا ضميرَ لهم ولا ذمةَ وخاطروا بأرواحِ مئات البشر لتحقيق الربح الحرام، والثراء العاجل.

فإننا على العكسِ من ذلك وجدنا عبَّارتنا مصر تفيض بالخيرِ والثمرات، وتمنح- بفضل الله- أسباب الحياة للملايين من أبنائها على مدى ملايين السنين فعمدنا إلى أرضها الخصبة فبورناها وبنينا فوقها، وإلى أبنائها فقتلناهم بالمبيداتِ المسرطنة، وإلى عقولها العبقرية فحاصرناها بالبيروقراطية حتى هاجرت، وإلى شعبها فكبَّلناه بقوانين الطوارئ وألقينا زهرةَ شبابه في غياهبِ السجون والمعتقلات، وحرمناه المخلصين من أبنائه، وألقينا في قلوبهم الرعبَ بجحافل الشرطة، وأدرنا البلد ومؤسساته بأمنِ الدولة، وبعنا اقتصادَ البلدِ بثمنٍ بخسٍ، وبعنا أرضَ مصر لحيتان الأثرياء بالملاليم لينشئوا عليها المشاريع والمصانع التي تنعش الاقتصاد وتقضي على البطالة وترفع مستوى المعيشة وتعالج المشكلات الاجتماعية، فإذا بهم يبيعونها بعد (تسقيعها) بالملايين دون أن يضيفوا إليها شيئًا!! ألم نُهمل التعليم حتى انهار، والبحث العلمي حتى توقَّف، ألم نترك مرضى الفقراء عاجزين عن العلاج؟! ألم نُثقل كاهل البلد والأجيال القادمة إلى ما شاء الله بالديون التي تنوء بحملها الجبال، ألم تُنهب أموال البنوك وتُهَّرب إلى الخارج، ألم ينهش الفساد في أحشاء مؤسسات الحكم؟

ثم كيف عالجت السلطات أزمة غرق العبارة؟ أليس بالإهمال والاستخفاف بالأرواح والقصور في الإنقاذ، ثم عدم الاكتراث بمشاعر الأهالي لدرجة الاعتداء عليهم بالهراوات والقنابل المسيلة للدموع، وتركهم في العراء بغير مأوى ولا طعام إلا النزر اليسير، إضافةً إلى الارتباك الشديد في حصولهم على المعلومات بخصوص الناجين والغرقى ثم تشريح الجثث على رصيف الميناء دون مراعاة لحرمة الموتى، وتدويخ الناس بين مشارح المحافظات بحثًا عن جثث ذويهم؟، ولا ندري حتى الآن كيف سيتم التحقيق مع المسئولين عن هذه النكبة؟ وهل سيطبق عليهم القانون؟ أم سينتهى الأمر بالتصريحات الصارمة ثم ينسى كل شيء بعد حين كما حدث في المصائب السابقة؟

أيها المصريون... ألم أقل لكم إنَّ العبَّارة مصر تغرق فأنقذوها.. ولحكمة بالغة شبَّه النبي- صلى الله عليه وسلم- المجتمعَ بالسفينة، في معرض الحضِّ على الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فقال: "مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قومٍ استهموا على سفينة- أي اقترعوا- فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فقال الذين في أسفلها: لو أنَّا خرقنا في نصيبنا خرقًا لنستقي منه ولا نؤذي مَن فوقنا، فلو أنهم تركوهم لهلكوا وهلكوا جميعًا ولو أنهم أخذوا على أيديهم لنجو ونجوا جميعًا".

إذن فواجبكم جميعًا- أيها المصريون- أن تخلعوا رداء السلبية، وأن تنهضوا لاستعادة حقوقكم وإنقاذ بلدكم والتصدي للفساد والاستبداد الذي أوصلها إلى ما نحن فيه، عليكم أن تكونوا إيجابيين لاختيار أكفأ من يمثلكم ويلتزم بإرادتكم ويحقق مصالحكم، عليكم بالسعى للتغيير والإصلاح ﴿إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهُمْ﴾ (الرعد: من الآية 11)... هذا أو الطوفان.




المصدر