إخفاقات أولمرت... الحلقة الأخيرة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
إخفاقات أولمرت... الحلقة الأخيرة
شعار حماس.jpg


بقلم : جاكسون ديل

/كاتب ومحلل سياسي أميركي

تعني الحرب الجديدة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة أن حكومة إيهود أولمرت الإسرائيلية سيذكرها التاريخ باعتبارها الحكومة التي خاضت حربين دمويتين فاشلتين خلال أقل من ثلاث سنوات.

كانت أولاهما في لبنان في صيف عام 2006. وكانت تلك الحرب بمثابة عقوبة أرادت إسرائيل إنزالها بـ"حزب الله"، إلا أنها لم تتمكن من هزيمة الحزب أو حتى من إلحاق أذى جسيم به.

وبالنتيجة فها هو الحزب أقوى عسكرياً وسياسياً اليوم مما كان عليه لحظة تسلم أولمرت لمهام رئاسة وزراء بلاده.

أما ثانيتهما فتتمثل في الهجوم العسكري الإسرائيلي الواسع والمستمر حتى الآن على قطاع غزة.

ويتوقع لهذه الحرب أن تترك الأثر نفسه على حركة حماس ، التي يرجح أن تواصل سيطرتها على القطاع إلى جانب الإبقاء على قدرتها على شن العمليات العسكرية المضادة لإسرائيل، في حين يتوقع لأولمرت أن يغادر منصبه بعد أشهر قليلة من الآن.

على أن الجانب الأكثر إثارة في كل هذا، هو أن أولمرت -اليميني المتشدد شديد التمسك بفكرة دولة إسرائيل الكبرى- بدا اليوم أكثر التزاماً من أي رئيس وزراء إسرائيلي سابق بوضع حد نهائي لنزاعات بلاده مع الفلسطينيين و لبنان و سوريا .

وبسبب العلة التي أصابت إرييل شارون ، نصب بدلاً منه إيهود أولمرت في يناير من عام 2006 ، إثر فوزه بالانتخابات على وعده بالانسحاب العسكري أحادي الجانب وإخلاء الجزء الأعظم من أراضي الضفة الغربية من المستوطنات.

وما أن أحبط ذلك الوعد بسبب الحرب التي خاضتها إسرائيل ضد "حزب الله" اللبناني، حتى أطلق أولمرت مساعي مفاوضات مباشرة مع محمود عباس "أبو مازن" رئيس السلطة الفلسطينية بهدف التوصل إلى تسوية للنزاع بينهما على أساس حل الدولتين المستقلتين، فيما يبدو أنه المسعى الذي مضى شوطاً أبعد من غيره من أي من المساعي السابقة التي بذلتها الحكومة الإسرائيلية في هذا الاتجاه.

وفي الوقت نفسه شرع أولمرت في إجراء محادثات غير مباشرة مع دمشق، بهدف التوصل إلى حل سلمي معها حول هضبة الجولان، على رغم اعتراض إدارة بوش على هذه الخطوة.

ولأولمرت دوافعه التي تفسر حماسه الشخصي لفكرة حل الدولتين.

فهو على قناعة تامة بأنه وفيما لو فشلت إسرائيل في فصل نفسها ومواطنيها عن فلسطينيي القطاع والضفة الغربية في المستقبل القريب المنظور، فلا مناص من أن يتغلب عليها الفلسطينيون ديموغرافياً، ما يلزمها إما بالتخلي عن نهج حكمها الديمقراطي أو التخلي عن هويتها اليهودية.

وقد واصل أولمرت الدفع في هذا الاتجاه حتى أثناء زيارته الأخيرة لواشنطن في شهر نوفمبر المنصرم، إذ صعد مطالبته بالضغط من أجل التوصل إلى إطار اتفاق عام بينه وبين عباس، من شأنه تحديد الشروط التي يمكن أن تؤسس عليها صفقة السلام التي سيصادق عليها مجلس الأمن الدولي.

غير أنه لم يحصل في نهاية الأمر سوى على صدور قرار من الأمم المتحدة رقم 1850 صادر بتاريخ 16 ديسمبر الجاري، وهو القرار الذي نص على حل الدولتين المستقلتين، دون أن يحدد أي شروط أو كيفية محددة لتنفيذ الحل.

وبدلاً من التوصل إلى صفقة سلام تاريخية مع عباس، يرجح أن يخلف أولمرت حطاماً شاملاً في غزة، وجبهة لبنانية تئز فيها صواريخ "حزب الله"، إلى جانب وجود إسرائيلي اتسع نطاقه كثيراً بدلاً من أن يتقلص خلال العامين الماضيين، نتيجة للتوسع في إنشاء آلاف المستوطنات اليهودية هناك.

ومما يزيد الطين بلة احتمال دخول أولمرت نفسه السجن تحت طائلة اتهامات الفساد التي لاحقته مؤخراً حتى أطاحت به من منصب رئاسة الوزراء.

وتمثل خيبة أولمرت الأخيرة هذه، إهدار فرصة أخرى لسلام الشرق الأوسط، إلى جانب رجوح احتمال وراثة إدارة أوباما الجديدة -شأنها في ذلك شأن إدارة بوش لدى توليها مقاليد البيت الأبيض في عام 2001 - لدورة جديدة من العنف الإسرائيلي/ الفلسطيني الدموي، وكذلك حكومة إسرائيلية جديدة تستنكف عن تقديم أي تنازلات للطرف الفلسطيني.

ذلك أن المرشح الرئيسي لانتخاب رئيس الوزراء المتوقع في شهر فبراير المقبل، هو بنيامين نتانياهو ، المعروف بتطلعه إلى تأجيل الإعلان عن قيام الدولة الفلسطينية إلى أجل غير معلوم، إلى جانب عزمه على استخدام القوة العسكرية ضد البرنامج النووي الإيراني.

وفي حال فوز نتانياهو ، فإن المرجح أن ينشغل الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما بحل النزاع الأميركي الإسرائيلي، أكثر من انشغاله بعملية سلام الشرق الأوسط.

وإذا كان أولمرت قد أخطأ خطأً فادحاً بشنه للعدوان العسكري الواسع على "حزب الله" في صيف عام 2006 ، فها هو يكرر الخطأ نفسه بشنه للعدوان الأخير على قطاع غزة .

فإلى جانب ما يثيره هذا العدوان الأخير من استنكار وانتقاد دوليين لحكومته، فإنه يصرف النظر والاهتمام عن الخطر الأكبر والأهم، المتمثل في تطلعات إيران النووية.

وبدلاً من التوصل إلى صفقة سلام تاريخية مع عباس، يرجح أن يخلف أولمرت حطاماً شاملاً في غزة ، وجبهة لبنانية تئز بصواريخ "حزب الله".

غير أن اللوم لا يقع على أولمرت وحده، بل لابد له أن يطال الرئيس بوش الذي بادر بعقد قمة أنابوليس لسلام الشرق الأوسط، ولكن دون أن يخطو خطوة واحدة نحو أولمرت الذي دشن محادثات سلام مباشرة مع الزعيم الفلسطيني عباس.

وعلى رغم أن وزيرة خارجية بوش، كوندوليزا رايس ، سجلت 16 زيارة متتالية للمنطقة خلال 21 شهراً، إلا أن زياراتها هذه لم تجعل منها وسيطاً أميركياً مثمراً وفاعلاً بين طرفي النزاع.

إلى ذلك أعلنت الدول العربية التزامها بمشروع حل الدولتين، إلا أنها لم تخطُ كثيراً نحو ترجمة هذا الالتزام بما يساعد على تحقيق حلم السلام.

وهكذا ينهي إيهود أولمرت ولايته بقصف الفلسطينيين بدلاً من تحريرهم كما وعد!

جاكسون ديل

كاتب ومحلل سياسي أميركي

المصدر