إخوان لبنان وجماعة عباد الرحمن .. الأرضية المشتركة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٦:٠٢، ١٣ نوفمبر ٢٠١٨ بواسطة Man89 (نقاش | مساهمات) (حمى "إخوان لبنان وجماعة عباد الرحمن .. الأرضية المشتركة" ([تعديل=السماح للإداريين فقط] (غير محدد) [النقل=السماح للإداريين فقط] (غير محدد)))
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
إخوان لبنان وجماعة عباد الرحمن .. الأرضية المشتركة


إخوان ويكي

تعتبر الجماعة الإسلامية بلبنان هي الامتداد الفكري والتنظيمي لجماعة الإخوان المسلمين في لبنان، حيث نشأت على يدي بعض الشباب الذي اهتم بفكر الإخوان وتفاعل معه وتأثر بالشهيد حسن البنا، وكتابات سعيد رمضان ومصطفى السباعي، حيث كانوا حريصين كل الحرص على التزود من هذا الفكر.

يقول فتحي يكن:

كان الحصول على مجلة الدعوة سببًا لالتقاء الداعية فتحي يكن بالنواة الأولى، التي شكلت فيما بعد الجماعة الإسلامية وهم:
  1. عبد الرحمن القصاب
  2. والحاج مصطفى صالح موسى
  3. والحاج مدحت بلحوص
  4. ومديح الشامي
وأخذ الأربعة يلتقون في مركز جمعية مكارم الأخلاق الإسلامية، وانضم إليهم فيما بعد هشام قطان والشيخ سعيد شعبان أتاح اللقاء الأسبوعي لهذه المجموعة أن تتعرف على الكتب الدعوية التي كانت ترد من مصر مثل؛ كتابات محمد قطب، وفقه السنة لسيد سابق، وتذكرة الدعاة للبهي الخولي وغيرها وبعد ذلك، تكونت عندهم أرضية فكرية ودعوية، فانتقلوا إلى مرحلة نشر الدعوة عبر الخطب، وكان الداعية فتحي يكن الخطيب المفوه بينهم، الذي يجتذب الناس بقدرته على الخطابة، حتى إن المشايخ كانوا يلحون عليه أن يتقدم لخطبة الجمعة وهو ما زال شابًا يافعًا في سن أولادهم. (1)

وزاد هذا الأمر بعدما انتقل الدكتور مصطفى السباعي إلى لبنان بعد انقلاب أديب الشيشكلي وحل جماعة الإخوان واعتقال قادتها، حيث التف حوله عدد من الشباب.

يقول إبراهيم المصري:

كان المنعطف الأساسي التعرف المباشر على فكر الإخوان والتأثر به، هو قدوم الدكتور مصطفى السباعي إلى لبنان، إثر الانقلاب العسكري الذي قام به أديب الشيشكلي في سورية وقد أسهم الدكتور السباعي في وضع مناهج عباد الرحمن التربوية؛ حيث كان يضع نشرات مختلفة، مثل تراجم عظماء الإسلام، والسيرة النبوية، ومفاهيم دعوية وحركية، وكلها كانت عبارة عن نشرات صغيرة اعتمدتها جماعة عباد الرحمن كمناهج فكرية.
بعد ذلك تعرفت المجموعة الأولى على الدكتور مصطفى السباعي بشكل شخصي من خلال المحاضرات التي كان يلقيها في جمعية مكارم الأخلاق الإسلامية، ثم من بعد ذلك من خلال المخيمات التي كانت تنظمها جماعة عباد الرحمن. (2)

ففي أواخر الأربعينيات وبداية الخمسينات تعرضت الحركات الإسلامية لموجهة من القمع من اقبل الأنظمة التي خلفت الاستعمار في سدة الحكم – وهذا بطبيعة تربيتهم في أحضان المستعمر – ومن ثم شهدت صراع واستقطاب بين التيارات القومية والناصرية والبعثية والشيوعية من جهة، والحالة الإسلامية من جهة أخرى خاصة مع ارتفاع نبرة القمع والاضطهاد بعدما زعم النظام المصري بتعرض عبد الناصر لمحاولة اغتيال من قبل أفراد من جماعة الإخوان المسلمين عام 1954م، واتهام كل صاحب توجه إسلامي بالعمالة للغرب والتأمر على الوطن، والخيانة العظمي التي استخدمها نظام عبد الناصر في إسقاط جنسية بعض قيادات الإخوان المسلمين مثل سعيد رمضان وعبد الحكيم عابدين وسعد الدين الوليلي وغيرهم.

وقد انعكس ذلك سلبًا على الحالة الإسلامية في لبنان، حيث أصبحت موضع اتهام، وكان كل من له علاقة بالالتزام الديني متهمًا بالمشاركة في التآمر على جمال عبد الناصر، وبالخيانة والعمالة للاستعمار البريطاني ولعبت السفارة المصرية والبعثة الأزهرية المصرية برئاسة فهيم أبو عبيه دورًا كبيرًا في محاولة تقديم "الإسلام التقليدي" المتوافق مع رغبات الأنظمة في مواجهة "الإسلام الحركي" المنادي بالتغيير وقد اضطرت جماعة عباد الرحمن في هذه الظروف الصعبة إلى مسايرة الوضع

لكن ذلك أثار استياء أعداد من الشباب الحركي، الذي تبني الإسلام كمنهج حياة، والذي شكل طلاب المدارس والثانويات "منجمة" البشري الأهم، ورفده بمعظم القيادات التي لعبت دورًا بارزًا في الجماعة الإسلامية فيما بعد؛ فقد أخذت ملامح هذا التيار ترتسم بوضوح، من خلال التمايز الفكري بين جماعة عباد الرحمن في طرابلس، والجماعة في بيروت.

وأثمر ذلك عن تأسيس الجماعة الإسلامية، التي أخذت تضع أولى لبنات مشروعها الإسلامي، وبدأ مشروعها يتخطى عاصمة الشمال طرابلس إلى مناطق مختلفة من شمال لبنان، ثم امتد ليكون النواة الأولى للعمل الإسلامي في البقاع، وليؤسس لعمل إسلامي واسع في بيروت وصيدا وامتازت هذه المرحلة أيضًا بالتفاعل الحار مع قضايا العالم الإسلامي المختلفة. (3)

تأسست جماعة عباد الرحمن على يد الشيخ محمد عمر الداعوق والذي عاش فترة في فلسطين وتزوج بها قبل أن يعود إلى لبنان عام 1947م حيث كانت الأحداث في فلسطين لها تأثير عليه. وفي بيروت بدأ "أبو عمر" دعوته، فانطلق يحدث الناس ويحثهم على طاعة الله والعودة الى الدين ويدعوهم للتضامن والوحدة لئلا يصيبهم ما أصاب أهل فلسطين.

كان يستغل كل مناسبة وكل منبر وكل منتدى للدعوة، وكانت له دروس منتظمة في مسجدي الإمام علي بن أبي طالب في الطريق الجديدة والمسجد العمري في الوسط التجاري. كان خلوقاً طيباً صادقاً ومندفعاً، يتحلى بروح التسامح والشعور العالي بالمسؤولية تجاه المسلمين، وكانت أحاديثه تتسم بالطابع الروحي والأخلاقي، وكانت دعوته تتميز بالحكمة والبساطة والعفوية والاعتدال.

ولما شعر بإقبال الناس وتجاوبهم، فكّر مع مجموعة من إخوانه من أهل بيروت، في تأسيس "جماعة عباد الرحمن" بهدف نشر مكارم الأخلاق وتربية الشباب تربية مبنية على تعاليم الإسلام. عام 1951 حصل محمد عمر الداعوق على ترخيص رسمي وفتح مركزاً في محلة البسطة الفوقا. (4)

ويقول الأستاذ فتحي يكن:

وصل وهج دعوة الإخوان المسلمين إلى لبنان مع قيام محمد عمر الداعوق في عام 1950م بتأسيس جماعة عباد الرحمن. (5)

يقول الأستاذ زهير الشاويش:

أن الداعوق اختار اسم "عباد الرحمن" تأسيسًا بقوله تعالى ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا﴾ "الفرقان: 63"، من ناحية، ومن ناحية أخرى، تجنب اختيار اسم "جمعية الإخوان المسلمين"؛ لأن رجلًا كان يّدعي في ذلك الوقت أنه المراقب العام للإخوان في لبنان، واسمه الشيخ أحمد يوسف حمود. وكان من غريب أمره أنه كان يمدح الملك فاروق كثيرًا، على الرغم من أن سمعة الملك فاروق كانت في غاية السوء في بلاد الشام مصر، وقد لاحظ الشيخ زهير الشاويش أن الحق مع الداعوق وليس مع هذا الشخص. (6)

في هذا الوقت لم يكن في الساحة من عاملين ناشطين للدعوة سوى جماعة عباد الرحمن، والتي كانت تقدّم الإسلام بأسلوب جديد أو أسلوب غير معتاد، وكان كل مسلم يجد فيها ما لم يتعلمه أو يعرفه منذ طفولته. شكلت طروحات الداعوق نقلة نوعية في العمل الإسلامي في مقابل ممارسات إسلامية سادت في شمال لبنان.

غير أنه لم تكن جماعة عباد الرحمن امتداد لتنظيم الإخوان التنظيمي بل شكلت امتدادا فكريا، يقول محمد صالح عيتاني:

"وفي الحقيقة لم يكن هناك علاقة تنظيمية بين جماعة عباد الرحمن والإخوان المسلمين، بل كانت العلاقة محض أخوية إسلامية، تؤكدها صداقات الحاج أبو عمر الواسعة مع قادة وعلماء الإخوان وقد كان الإخوان أحيانًا يلقون محاضرات ودروسًا في مركز الجماعة". (7)

لكن ظهر من بين شبابها من حمل فكر جماعة الإخوان المسلمين بشمولة – خاصة الفكر التربوي والسياسي – ومنهم أحمد خالد الذي انضم إلى جماعة عباد الرحمن سنة 1952 من خلال قسم الأشبال في كشافة الجماعة، وبالفعل أنشيء أول مركز لجماعة في طرابلس عام 1956م، لكن الجماعة الأم ببيروت لم تنخرط في الشأن السياسي. (8)

وكانت الجماعة في بيروت تنشر فكرها وتوسع نطاق عضويتها دون أن تعتمد مساراً سياسياً محدداً، في حين كان مركز طرابلس يصدر مواقف سياسية من الصراع الداخلي اللبناني خلال فترة حكم الرئيس كميل شمعون ومن القضايا الإقليمية كالموقف من الوحدة العربية ومشروع إيزنهاور وحلف بغداد والصراع العربي الإسرائيلي

وأصدرت نشرات غير رسمية كمجلة "الفجر" عام 1957 و"الثائر" عام 1958، وعندما اندلعت أحداث 1958 وما صاحبها من فرز وطني وطائفي كان لجماعة عباد الرحمن بطرابلس موقع سياسي وعسكري واضح، فأنشأت معسكراً للتدريب وأقامت محطة إذاعة "صوت لبنان الحر" كانت هي الوحيدة في الشمال حتى الشهور الأخيرة للأزمة.. بينما اكتفت الجماعة في بيروت بدور اجتماعي إغاثي. (9)

وتجدر الإشارة هنا إلى أن مركز طرابلس أصدر أول مجلة إسلامية أسبوعية (المجتمع) في 5/1/1959 استمرت في الصدور حتى صيف 1965م كان على رأس الجمعية في طرابلس فتحي يكن، وتشكل هناك مجلس إدارة ووضعت خطة عمل، وصدرت عن المجموعة بيانات سياسية، وأصدرت أيضًا أكثر من مجلة معنية بالشأن الطلابي تولى إبراهيم المصري الإشراف على بعضها

ثم حصلت جماعة عباد الرحمن على رخصة لإصدار مجلة المجتمع، وكانت المجلة تصدر من طرابلس. ويعود التمايز بين جماعة عباد الرحمن في طرابلس والجماعة في بيروت إلى الاحتكاك المباشر لجماعة طرابلس بفكر الإخوان المسلمين بحكم الاتصال الجغرافي. (10)

يقول عدنان محمد سلمان الدليمي:

التقيت بالدكتور مصطفى السباعي في سوريا حيث شرحت له مهمتي ووضع الإخوان بالعراق، وأخذت منه توصية للإخوان في لبنان ومصر، فذهبت إلى لبنان وبعد أن وصلت بيروت واصلت السفر إلى طرابلس، وفي الصباح ذهبت إلى مقر جماعة عباد الرحمن وكان الأستاذ فتحي يكن هو رئيس الجماعة، وهذه الجماعة تتبنى منهج الإخوان المسلمين فبينت له عرضي من اللقاء
وتحدثنا حديث فياض عن وضع الإخوان في العراق ولبنان، ثم عدت إلى لبنان واتصلت بجمعية المقاصد الخيرية والتي تهتم بالتربية الإسلامية وقريبة من مبادئ الإخوان المسلمين، ثم سافرت للقاهرة في اليوم الذي وقع فيه انقلاب كيل شمعون الفاشل حينما أراد تجديد فترة ولايته الرئاسية إلا أنه جوبه برفض من بعض القوى اللبنانية. (11)

ظل فرع طرابلس يمارس العمل السياسي بجانب العمل التربوي والفكري والخدمي، حتى أنهم أصدروا نشرة مرخصة بعنوان (فلسطيننا) وذلك عام 1958م، ووقفوا مع الوحدة بين مصر وسورية، ودعموا الثورة الجزائرية، وأيدوا ثورة المسلمين في أريتريا، بالإضافة إلى وقوفهم ضد مشروع أيزنهاور، الذي كان يريد تكتيل المنطقة ضد الشيوعية، كما أنهم خرجوا في مظاهرات أثناء حرب السويس سنة 1956على مصر (12)

اهتم الشباب في جماعة عباد الرحمن بالمعسكرات الكشفية حيث لعبت دورًا تربويًا حركيًا كبيرًا، وأسهمت بشكل أساسي في صياغة الوعي الحركي وفي صقل شخصيات المشاركين فيها، وفي فتح الآفاق أمامهم للتعرف على تجارب الإخوان الدعوية، بالإضافة إلى تعزيز الجانب الروحي والتربوي في شخصياتهم، كما اهتمت بالجانب العسكري، لأن الطوائف والأحزاب الأخرى يجري تأهيلها عسكريًا، فكانت الكتائب اللبنانية تقيم عروضًا عسكرية، كما كانت تفعل غيرها من القوى – حسب فهم وفكر هؤلاء الشباب.

إرهاصات نشأة الجماعة الإسلامية

كان فكر الشباب وحيويتهم في عباد الرحمن – خاصة فرع طرابلس – يختلف عن منهج وفكر الشيخ محمد الداعوق ومن ثم كان لابد للصدام والانفصال في لحظة من اللحظات، خاصة بعد تبني هؤلاء الشباب الفكر السياسي في تربيتهم، حتى أنهم خرجوا في مظاهرة انطلقت في شوارع طرابلس وصولًا إلى مقر المحافظ في السراي الكبير على البوليفار نصرة لأحداث الجزائر وكان على رأسها الطالب محمد علي ضناوي.

بل أكثر من ذلك فقد طور هؤلاء المنهج التربوي الخاص بجماعة عباد الرحمن بما يتناسب مع المنهج التربوي لجماعة الإخوان المسلمين، حتى نظام الأسر أخذ الشكل التنظيمي الإخواني فكان مختلفًا عما كان عليه أمرها في بيروت، حيث رأى الشباب أن في الفكر التربوي صمام الأمان لمسيرتهم وتماسك جماعتهم، مما سرّع ذلك عملية المفاصلة مع عباد الرحمن. (13)

لقد كان العمل الطلابي في طرابلس يتميز بالحركة والنشاط وفتوة الشباب والذي اعتبر – فيما بعد – الذخيرة البشرية التي أمدّت الجماعة الإسلامية بالعناصر الفعالة، حتى أنه من الملاحظ أن الشباب القائمين على العمل أخذوا النهج الإخواني والتنظيمي في تشكيل الأقسام الداخلية، فقد استطاع فتحي يكن وإبراهيم المصري وعبد الله بابتي وغيرهم تشكيل أول قسم للطلبة داخل الجماعة في طرابلس، وكان هؤلاء يشكلون الجيل الأول.

وكان القسم يصدر نشرة توزع على الطلاب اسمها "الثائر"، التي كانت تصدر بشكل متقطع وفي المناسبات والأحداث، وكانت المجموعة تمارس العمل الطلابي، من خلال الأنشطة وتوزيع المنشورات والمشاركة في المناسبات الوطنية، في ظل وضع سياسي متأزم في ذلك الوقت. نجح القسم في التعامل مع شريحة الطلاب، واستطاع أن يجتذب عدد منهم شكلوا الجيل الثاني أمثال فيصل مولوي، ومحمد رشيد ميقاتي، وفؤاد حسين آغا، وفاروق الحاج.

لكن الناظر في الساحة اللبنانية يجد أن التيار الناصري في ذلك الوقت كان التيار السائد لشعبية عبد الناصر الجارفة في لبنان، مما شكل عقبة عظيمة في وجه العمل الإسلامي والذي كان يمر بأزمة حقيقة على الساحة المصرية والسورية في مواجهة أنصار عبد الناصر تركت انطباعها على الطلاب حتى شهدت ساحات المدارس كثير من التجاذبات والعراك. (14)

ظل الشباب يعملون على كافات المجالات دون التقييد بالمنهج الفكري لجماعة عباد الرحمن، إلا أن ذلك لم يرق للشيخ الداعوق حيث كان مخالفا لمنهجه الذي أرساه لعباد الرحمن، والاقتصار على الجانب الأخلاقي والوعظي والتربوي.

غير أن البعض يسوق أسباب أخرى غير اختلاف المنهج، ومنها:

  1. زيادة المد الناصري خاصة في المجتمع اللبناني وتوجسه خيفة من التيار الإسلامي، مما حدا بالشيخ الداعوق وجماعته للانزواء بل ومسايرة المد الناصري، وربما كان لنجيب جويفيل دور في زرع الخوف في جماعة عباد الرحمن – كان أحد الإخوان المصريين ثم استقطبه عبد الناصر وتعينه في المخابرات لضرب الصف الإخواني في الشام.
  2. تأثر الرعيل الأول للجماعة الإسلامية بفكر وطروحات الإخوان المسلمين، خاصة مع وجود الدكتور مصطفى السباعي فترة طويلة في طرابلس بالإضافة لعبد الحكيم عابدين وسعيد رمضان و الشيخ محمد محمود الصواف وغيرهم ناهيك عن زيارة المستشار الهضيبي إلى لبنان ولقاءه بالشباب في فندق بمنطقة بوحمدون لعدة أيام.
  3. موقف جماعة عباد الرحمن من العمل السياسي والحركي، حيث كان الداعوق لا يرى أهمية للعمل السياسي ولا يحبذه، وهذا بخلاف شباب الجماعة في طرابلس الذي نظروا إلى العمل السياسي والحركي على أنه جز من الإسلام. حيث اقتصر الداعوق على تربية النشء تربية دينية وأخلاقية دون الاهتمام بهم بعد ذلك، ودون وضع مستهدف للاستفادة من طاقتهم وعلمهم وتربيتهم، وهذا على غير الأسلوب الذي رعاه شباب الجماعة، حيث اعتنوا بالنشء والاهتمام به شابا وشيخا على طريقة ومنهج الإمام حسن البنا.
  4. أحداث سنة 1958: السبب المباشر للانفصال، حيث كان لشباب طرابلس دور في الأحداث فأسسوا إذاعة وأقاموا المعسكرات التدريبية والعسكرية ومراكز للمتطوعين، ودربوا أعدادًا كبيرة من الناس على حمل السلاح بل قام الشباب بتصنيع بعض قطع الأسلحة، ولم يكن هذا منهج عباد الرحمن.

ولذلك مال هؤلاء الشباب إلى الانفصال ليقوموا بدورهم، وتركوا لجماعة الرحمن القيام بدورها الذي ترغبه، وطلب الشيخ الداعوق انفصال بيروت عن طرابلس وأعمالها، وجاءت كلمته معبرة عن الوضع حيث قال: ليس بالإمكان أن نتابع مع بعض، نحن جمعية تربوية نعلم الناس الأخلاق والصلاة، ولكن أنتم تريدون أن تجاهدوا في سبيل الله، أنتم تريدون أن تقيموا دولة، أنتم لكم شأنكم ونحن لنا شأننا، على الرغم أن أواصر الود ظلت بينهم. (15)

انفصل الشباب وشكلوا جماعة جديدة تلبي تطلعات الحركة الإسلامية بشكلها الشمولي تحت مسمى الجماعة الإسلامية، وكان من قادة الجماعة أمينها العام المؤسس الشيخ محمود فتحي محمد عنايات شريف يكن، وفايز طه، وإبراهيم ناجي مصري، محمد حسن الدريعي، محمد سالم رأفت كريمة، وذلك بناء على المرسوم رقم 7996 بتاريخ 4/ 11/ 1961م، حينما نالت الجماعة موافقة وزارة الداخلية في عهد الوزير كمال جنبلاط والمؤرشفة بتاريخ 18 شباط - فبراير 1964م. (16)

وبجانب هذه الأسماء جاء بقية المؤسسين ومنهم القاضي المستشار الشيخ فيصل مولوي (الأمين العام ونائب رئيس المجلس الأوروبي للإفتاء)، والكاتب الإسلامي محمد علي الضناوي، وهكذا أبصرت الجماعة الإسلامية النور بشكل رسمي رغم العراقيل التي واجهوها من قبل السفارة المصرية بلبنان والحكومة اللبنانية والتي كانت تعتبرهم فلول لجماعة الإخوان المسلمين.

وفي عام 1964 برزت "الجماعة الإسلامية" بشكل رسمي، وافتتحت مركزها في بيروت، وأصدرت "مجلة الشهاب" في 1 كانون الأول - ديسمبر 1966م. (17) ويتحدث الشيخ فيصل مولوي عن اختيار تسمية الجماعة الإسلامية، فيقول إنه كان هناك خياران؛ فقد طرح بعض الإخوة تسمية الإخوان المسلمون، باعتبار "أنها تعبر عن هويتنا الحقيقة وامتدادنا"، وطرح آخرون تسمية الجماعة الإسلامية، على اعتبار أن هذه التسمية "تبعد عنا تهمة الانتماء إلى الإخوان المسلمين، مما يخفف عنا الضغط السياسي والأمني إلى حدٍّ ما". ويضيف أنه قد وقع الاختيار على التسمية الثانية بفارق بسيط في الأصوات.

انضمت كل المجموعات في طرابلس ما عدا القلمون، وتكونت لجنة تأسيسية للجماعة بلغت 40 أو 50 عضو من الرعيل الأول للجماعة، ثم أخذت الجماعة في الانتشار في ربوع لبنان ومدنها. فقد اجتمع أول مجلس شورى للجماعة في طرابلس عام 1969م وتكون من 15 عضوا، وكان أبرز عناصر هذا المجلس: فتحي يكن، وفيصل مولوي، ومحمد رشيد ميقاتي، ومحمد على ضناوي، وسعيد شعبان، وغسان حبلص، وعبد الله بابتي، وأحمد خالد، وزهير عبيدي، وهشام قطان، وعبد الفتاح زيادة، وإبراهيم المصري وانتخب محمد علي ضناوي رئيسًا لمجلس الشورى.

وتشكل أول مكتب تنفيذي للجماعة من فتحي يكن أمينا عاما، ومحمد رشيد ميقاتي أمين سر، وضم، مدحت بلحوص، وهشام قطان، وإبراهيم المصري، وفايز إيعالي. (18)

وجاء في أهداف الجماعة جاء التالي:

أولاً: تبليغ دعوة الإسلام إلى الناس نقية صافية متصلة بالعصر ومشكلاته.
ثانياً: تنظيم الذين استجابوا للدعوة إلى الإسلام وتثقيفهم به وتأهيلهم ليكونوا الطليعة.
ثالثاً: مواجهة تحدي الحضارة الغربية.
رابعاً: السعي إلى بناء مجتمع جديد يكون الإسلام فيه هو الميزان بتصرفات الأفراد.
خامساً: السعي لجمع شمل المذاهب الإسلامية بالرجوع إلى الأصول الإسلامية. (19)

ولقد تألف الهيكل التنظيمي للجماعة الإسلامية في لبنان من:

  1. الأمين العام
  2. مجلس الشورى
  3. المكتب العام ومجالس المحافظات
  4. المكاتب الإدارية في المجالس والشعب
  5. الإخوان العاملون والقياديون
  6. محكمة الجماعة.

وجاء في المادة 39 من التعديلات على النظام الداخلي:

يقسم أعضاء الجماعة إلى أربعة رتب (أخ منتسب – أخ ملتزم - أخ عامل - أخ قيادي) ولكل رتبه شروطها. (20) عانت الجماعة في بداية طريقها وكان انتشارها الأكثر في الشمال (طرابلس) ومع ذلك لم تسلم من التضييق سوا من قبل الناس – الذين تملك حب عبد الناصر في قلوبهم - أو من النظام القائم.

لكن ما بين 1967 و 1972م بدأ العمل الإسلامي ينتشر في مناطق الشمال، ويلقى القبول، وشهد النشاط الإسلامي للجماعة الإسلامية نهضة قوية، حيث تكونت عدة شعب، في منطقة الشمال، فكانت شعبة الضنية، وشعبة عكار، بالإضافة إلى انتشار العمل الدعوي في العديد من الأماكن. وفي هذه الفترة أيضا انتقلت الدعوة إلى مدينة صيدا حيث لاقت جوا إسلاميا بين الناس، خاصة على يد الشيخ خليل الصيفي، لكن مع ذلك لم تسلم هذه المجموعة من التهم التي روجت حولهم بأنهم ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين.

ساعدت دروس ومحاضرات الشيخ فيصل مولوي على ترسيخ العمل الدعوي في صيدا حتى ظهر تشكيل أول مكتب إداري للجماعة في مدينة صيدا في سنة 1972، لمدة سنتين، برئاسة إبراهيم المصري. لم يغب العمل الدعوي للجماعة عن الفلسطينيين الموجودين بلبنان، فقد اهتم الجميع بهم، وزاد الأمر مع نشأة الجماعة الإسلامية والتي أصبح لها أعضاء من الفلسطينيين الموجودين على أرض لبنان خاصة مع وجود الشيخ فضل عباس والذي كان قادما من الأزهر ويحمل الفكر الإخواني وذلك قبل أن تشدد عليه حملة الناصريين والقوميين ويغادر لبنان.

كان دور حركة الإخوان المسلمين في سورية وتأثيرها على تأسيس الجماعة الإسلامية في لبنان، يتجلى في أوضح مظاهره من خلال تجربة النواة المؤسسة لفرع الجماعة في البقاع أما وجه الخصوصية الثاني الذي تمتاز به تجربة الجماعة الإسلامية في البقاع، فهو أنها كانت الأكثر تأثرًا، وربما الأكثر تضررًا، من التأثير السلبي للمد الناصري على الساحة اللبنانية. (21) كان أهم ما يميز الجماعة الإسلامية هو سعيها الحثيث للتجديد بين الحين والأخر، للمستجدات التي كانت تطرأ على الساحة الداخلية والأقليمية.

لقد ساد إحساس داخل الجماعة الإسلامية بضرورة التجديد في الحركة الإسلامية حتى تجذب إليها الشباب، ولعل هذا كان سببًا من الأسباب التي دعت الجماعة الإسلامية إلى تبني الطروحات الداخلية والاقتراب أكثر من هموم الناس ومشاغلهم؛ وخاصة فيما يتعلق بالمطالب المعيشية

وفي هذا الإطار كتب إبراهيم المصري في مجلة الشهاب تحت عنوان "حتى يكون العمل الإسلامي ناجحًا" فقال:

لابد لكل حركة إصلاحية من قضية، كان لكل مراحل العمل الإسلامي قضية مرحلية الإسلاميون اليوم مطالبون بأن يخرجوا إلى الناس بجديد، ذلك أن مجتمع السبعينيات، لا يجوز أن يجتر فكر الخمسينيات أو الأربعينيات. والإسلاميون ملزمون بأن لا يفروا من المعركة، ويتخلوا عن دورهم في الوجود والأمر بحاجة إلى معاينة وممارسة في ميادين الصراع قبل قدح الذهن بالتفتيش عن حل، ذلك واجبهم بل فرصتهم في تحقيق وجودهم الفعلي. (22)

المراجع

  1. المرجع السابق.
  2. المرجع السابق.
  3. الجماعة الإسلامية في لبنان منذ النشأة حتى 1975م، مرجع سابق، صـ 25.
  4. إبراهيم، التجاني الطيب: ملحق موسوعة السياسة، مؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2004م، صـ298، 299.
  5. فتحي يكن: ليت قومي يعلمون، دار المنى، بيروت, 2009م، صـ 65.
  6. الجماعة الإسلامية في لبنان منذ النشأة حتى 1975م، مرجع سابق، صـ 17.
  7. عبد الغني عماد: الحركات الإسلامية في لبنان: إشكالية الدين والسياسة في مجتمع متنوع، دار الطليعة للطباعة والنشر، 2006م، الفصل الثاني، صـ 100.
  8. شوكت سليم أشتي: الشيوعيون والكتائب: تجربة التربية الحزبية في لبنان، مؤسسة الانتشار العربي، 1997م.
  9. مجلة الشئون العربية: وحدة الأمانة العامة في جامعة الدول العربية ، الأعداد 145، 146، 2011م- صـ210.
  10. الجماعة الإسلامية في لبنان منذ النشأة حتى 1975م، مرجع سابق، صـ 28.
  11. عدنان محمد سلمان الدليمي: آخر المطاف: سيرة و ذكريات، دار المأمون، الأردن، 2011م، صـ 88: 89.
  12. إحمود حرب بشير لصاصمه: لمستجدات السياسية والعسكرية على الساحة الأردنية، ١٩٦٧-١٩٧٤م، دار الخليج للنشر والتوزيع, 2003م
  13. الجماعة الإسلامية في لبنان منذ النشأة حتى 1975م، مرجع سابق، صـ 33.
  14. الجماعة الإسلامية في لبنان منذ النشأة حتى 1975م، مرجع سابق، صـ 31.
  15. الجماعة الإسلامية في لبنان منذ النشأة حتى 1975م، مرجع سابق، صـ 36- 42.
  16. وثيقة بعنوان علم وخبر رقم 224،تأسيس جمعية، من ضمن أوراق حصلت عليها من المركز العام للجماعة الإسلامية ببيروت عام 2011م.
  17. محمد أبي سمرا: طرابلس ساحة الله وميناء الحداثة، دار الساقي، بيروت، 2011م، 120، 121.
  18. الجماعة الإسلامية في لبنان منذ النشأة حتى 1975م، مرجع سابق، صـ 48، 49.
  19. كتيب بعنوان "الجماعة الإسلامية مبادئ وأهداف- 1389هـ"، صـ 6، 7- بمكتبة الأستاذ فتحي يكن بجامعة الجنان.
  20. ورقة التعديلات على النظام الداخلي: صـ2، 6، من ضمن أوراق حصلت عليها من المركز العام للجماعة الإسلامية ببيروت عام 2011م
  21. الجماعة الإسلامية في لبنان منذ النشأة حتى 1975م، مرجع سابق، صـ 55- 61.
  22. إبراهيم المصري: حتى يكون العمل الإسلامي ناجحا، مجلة الشهاب، العدد 5، 15/ 6/ 1972م، صـ 4.

للمزيد عن الإخوان في لبنان

أهم أعلام الإخوان في لبنان

روابط داخلية

كتب متعلقة

ملفات متعلقة

.

مقالات متعلقة

.

وثائق متعلقة

متعلقات أخري

وصلات خارجية

مقالات خارجية

تابع مقالات خارجية

وصلات فيديو