إخوان .. وإخوان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٨:٠٨، ٧ ديسمبر ٢٠١٠ بواسطة Helmy (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
إخوان .. وإخوان


أ.لاشين أبو شنب يكتب : "إخوان.. وإخوان"

أصابتني حالة من الحزن الشديد وأنا أسمع الأمير نايف بن عبد العزيز وهو يُصرِّح لأحد الصحفيين أن الإخوان المسلمين دمروا العالم العربي.. وشعرتُ أن في الرأي الكثير من المغالطات التي يجب تفنيدها لتتضح الصورة ويبدو الصواب.


ففي أحد مواسم الحج في أواخر الثمانينيات تمَّ توزيع منشور ضد حكومة المملكة ووقع في نهايته (الإخوان).. الغريب أن أحد الإخوان المسلمين بالمملكة العربية السعودية- وكان من قيادات الإخوان الذين لهم علاقات طيبة ووثيقة مع الملك والأمراء في المملكة- وقع في يده هذا المنشور وقال "ليس هذا أسلوب الإخوان المسلمين الذين يلزمهم منهجهم عدم تجريح الأشخاص أو الهيئات كما رسمه لهم مرشدهم الأول، وذهب إلى الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السعودي ليقف على حقيقة هذا المنشور، فقال له الأمير نايف: هؤلاء ليسوا الإخوان المسلمين، وإنما هم امتداد الإخوان الذين كانوا يجاهدون مع الملك عبد العزيز وخرجوا عليه.


وقصة ذلك كما رواها التاريخ أن الملك عبد العزيز آل سعود.. جمع جيشًا من المسلمين من أهل الجزيرة العربية حول فكرة الجهاد فيما سُمِّي هذا التجمع باسم "إخوان الملك عبد العزيز"، فوحَّد بهم الجزيرة العربية تحت راية التوحيد وفتح بهم الكثير من مناطق الجزيرة وتوقف عند ذلك الحد، لكن باقي أفراد جماعته لم يوافقوا على هذا التوقف، وطالبوه أن يتجه بجهاده للعراق والأردن وباقي بلاد الشام، وإخضاع هذه البلاد تحت راية التوحيد، فلم يوافقهم على ذلك؛ لأن هدفه الوحيد الذي لم يعلنه لهم هو توحيد المملكة فقط تحت سلطانه دون أن يتدخل في شئون الدول الأخرى، خاصةً أنها كانت خاضعة للانتداب والاحتلال الإنجليزي والفرنسي فاعتبروه خائنًا للأهداف والمبادئ التي جمَّعهم حولها.. وظلت غصة بين هؤلاء الإخوان وبين الملك عبد العزيز وأبنائه من بعده؛ فقد شعر الإخوان أنه تنكر لمبادئ الجهاد التي بدأها معهم، ولم يكمل المشوار، ومن هنا نستطيع تفسير أحداث الحرم في منتصف السبعينيات والتي قام بها بعض ورثة الإخوان الذين كانوا حول الملك عبد العزيز والذين يعتنقون فكرهم.


أما الإخوان المسلمون- مصريون وغير مصريين- فقد قاموا بدور مهم جدًا في تنمية المملكة، وخاصةً في مجال التربية والتعليم والثقافة الإسلامية.. منذ أيام الملك فيصل يرحمه الله وهم يخدمون المملكة.. وقد أدوا دورًا كبيرًا في إنشاء المعاهد والكليات والتدريس فيها وتأليف الكتب ووضع المناهج الدراسية لأبناء المملكة؛ مرضاةً لله عز وجل، في وقتٍ لم يكن في المملكة مَن يستطع القيام بهذا الواجب!!


وهناك أسماء تشهد المملكة وأجيالها لها بالخير منهم: مناع القطان، محمد الغزالي، سيد سابق، عشماوي سليمان، مصطفى العالم،محمد قطب،محمد خليل هراس، عبد الرزاق عفيفي، أحمد العسال، محمد الراوي، وغيرهم وغيرهم، ولا أبالغ إذا أعلنت أن الإخوان المسلمين هم أصحاب فكرة إنشاء الحرس الإسلامي للدفاع عن العقيدة والمقدسات، والذي تحول فيما بعد إلى الحرس الوطني بالمملكة العربية السعودية".


أقول ذلك لأننا اعتدنا في معظم الأحيان أن نهرب من واقعنا؛ لأننا نفتقد القدرة على مواجهة مشاكلنا، وما نراه الآن حولنا من غربة الأمة عن لغتها وثقافتها وحتى عقيدتها يتطلب منَّا الجدية في السعى لإيجاد حلول لمشاكلها بدلاً من الافتراء والتشهير بالأبرياء، وجعلهم شماعة نعلق عليها أخطاءنا ومصائبنا.


الإخوان المسلمون على المستوى الوطني والقومي والإسلامي تبنوا قضية أجيال يتم تغيير مفاهيمها وثقافتها وسلوكياتها بخطة محكمة الأركان على المستوى الثقافي والإعلامى والسلوكي.


الإخوان المسلمون تبنوا قضية شعوب تفقد مع الوقت مشاعر الولاء والانتماء والحرص على أوطانها أمام عمليات "غسيل مخ" يومية تتعرض لها من الإعلام الغربي والعربي على حد سواء، الإخوان المسلمون تبنوا قضية ثقافة أمة تفقد جذورها في أهم مقوماتها،الإخوان المسلمون تبنوا عقيدة أمة مستهدفة في أخص خصوصياتها وهي لغة القرآن الكريم.. إنها قضية عشرات الملايين الذين يفقدون تواصلهم مع ثقافتهم وجذورهم أمام قطع جسور التواصل مع كل شيء ينتمون إليه.


إنها قضية واقع سياسي عربي متشرذم يحاول أن ينقل عدواه بكل الوسائل إلى الشعوب وكل عمل جماعي منظم يهدف إلى الخير.. إنها قضية أمة تعاني ظروفًا سياسية واقتصادية وحضارية غاية في الصعوبة، وعليها الآن أن تتمسك بجذورها قبل أن يلحقها الطوفان، وألا تخضع إلى رغبات أعداء الإسلام في التشنيع على دعاة الإسلام والحق والحرية.


لماذا لا تتبنى الحكومات العربية هذه القضايا؟! ولا شك أن وجود الإخوان المسلمين سوف يفتح أبواب التعاون بينها وبين المخلصين الغيورين على حاضر ومستقبل هذه الأمة، وسوف يكون لها دورها المؤثر إن شاء الله.. إن هذه الجماعة تمثل عودة للجذور.. حتى نحافظ على ما بقى بين أيدينا من عوامل القوة، ولا شك أن دورها يعد حصنًا منيعًا من حصون العرب في معركة الصراع من أجل البقاء.


قد خذلتنا السياسة.. وفات علينا قطار الاقتصاد.. ونلهث بشدة خلف قطار التكنولوجيا لعلنا نلحق به.. وعلينا الآن أن نحافظ على ما بقي لنا من مصادر القوة.. ومازال عندي يقين أن منهج الإخوان المسلمين حصن حصين وقادر، ونستطيع الاحتماء به في هذه المواجهة الشرسة.. فالتسليم لأمريكا معناه الاستسلام للصهيونية العالمية والتنازل لللكيان الصهيوني عن كل شيء، وتحوير الفكر الإسلامي وتغييره لإرضاء الآخرين معناه تعميق تيارات التغريب والتطرف، وفقدان الهوية الإسلامية، وكلاهما خطر نراه ماثلاً أمام عيوننا في اللحظة الراهنة.


قد يبدو اقتراحي مجرد حلم، ولكن الأعمال العظيمة بدأت بأحلام صغيرة، وقد تخرج من ظهورنا في يوم من الأيام أجيال تؤمن بجذورها وثقافتها وتكون بحقٍ خير أمة أخرجت للناس.


المصدر :