إستراتيجية السيسي للخروج من الورطة.. بقلم: م. محمد كمال

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
إستراتيجية السيسي للخروج من الورطة.. بقلم: م. محمد كمال


بتاريخ : الأحد 03 نوفمبر 2013

بعد عجز ذراع القتل الأمنية والعسكرية عن مواجهة طوفان البشر بكل أرجاء المحروسة، بقيت بعض الأذرع التي تحاول مستميتة أن ترمم الانهيار والشروخ والتصدعات التي لحقت بأركان الانقلاب، سواء بزعيمه "السيسي"، أو "بالمجلس العسكري"، أو "بمنظومة الحكم الصورية"، لذلك نرى أن (كافة) تحركات أذرع الانقلاب تسعى في إطار "إستراتيجية دفاعية"، أي أن "فاعليتها" موجهة لمحاولة الإقناع بصحة موقفه وسلامة مقصده.

وبالتالي فليس لدى الانقلاب من يفكر- ولا فكر سلفًا- في "إستراتيجية بناء دولة"، ومن المستحيل على الراصد أن يكتشف أي محاور واضحة لاستراتيجية الحكم الذي يمثل 33 مليون متظاهر!!.

انقلبوا على "رئيس" حدد إستراتيجيته من أول يوم وكانت: (الغذاء والدواء والسلاح)، ولأن "الأمريكان" فطنوا مبكرًا لقدوم رجل دولة يدرك مهام منصبه، فكان لا بد من التصدي له، لكن هذا ليس حديثنا، فحديثنا عن (المنقذ) الذي غنت له مصر (تسلم الأيادي) فنحن في الشهر الرابع ولا زالت الولادة الإستراتيجية متعثرة ومتعسرة، ولم نسمع من محاورها إلا:

1- أننا نور عيون السيد الفريق.
2- أن الجيش والشرطة على قلب رجل واحد في محاربة الإرهاب.
3- ثم علمنا من "الدكتور الببلاوي" أن الا قتصاد يتعافى (إي والله).

ولأن "الفريق" ليس له مستشارون مدنيون، فقد رأينا رجلاً بمستوى "ياسر رزق" هو الذي يشير عليه بماذا يفعل.

وماذا يقول، وهو الذي يتلقى منه الأسرار الخاصة بالرموز السياسية، وهو الذي يعلم أسرار تحركات "المنقذ"، وهل سيخوض الانتخابات أم لا، لذا فليس بمستغرب أن تكون "عملية إنقاذ الانقلاب" تجري في أطر إعلامية، باعتبار أن شعبنا طيب (كلمة توديه وكلمة تجيبه).

وباعتبار أن (سرهم باتع)، وقد ظهر في قدرتهم على تشويه "حاكم مخلص"، كما نجحوا في تزيين صورة قاتل وقدموه على أنه "المنقذ".

الآن يديرون "إستراتيجية دفاعية" لحماية (الوجود).. لا للمستقبل (فهو غامض)، ولا للشعب (فهو آخر المعتبرين)؛ مما يؤكد حجم الورطة التي يعانيها "السيسي".

وتتمثل محاور هذه الإستراتيجية في :

أولاً: استنهاض القوى السياسية المعادية والمختلفة مع الإسلاميين لكي يقوموا بدور سياسي فاعل، فتصبح المعركة بين قوتين، ويعلو مقام "السيسي" إلى "الأب" الذي سيفصل بين الخلافات، إتمامًا لنفس الدور الذي بدأه في إنذار 7/1 وأنهاه بانقلاب 7/3 والذي أفشله مؤيدو الشرعية.
لكن ولأن الخطة دفاعية، فهي تحاول لملمة ما تستطيع من الأدوات المتاحة لمواجهة الفشل والسقوط، راجع في ذلك مقالة "إبراهيم عيسى" بعنوان "أين أنتم؟" مخاطبًا القوى السياسية لتقوم بمساندة الرجل، بل ونصيحة "نوارة" بعنوان "أحثوا التراب"، التي تحذر من النفاق المستشري "للسيسي"، والذى أودى بالأنظمة السابقة، وتنذرهم بالخوف من زهق الناس، وعودتهم للثورة على القائمين.
هذا.. ناهيك عن تدشين الحملات الساذجة لترشيح "السيسي" رئيسًا، باعتبارها عملاً سياسيًّا (والسلام).
إذن.. قُتل العمل السياسي بعد الانقلاب، وأصبحت القوى السياسية الكرتونية والمصنوعة بانتظار تعليمات "المنقذ" للسير وراءها، في وقت يحتاجهم هو (ليحملوه) شعبيًّا لمواجهة الشعبية المتنامية ضد الانقلاب، ولكن لا هذا يستطيع الحمل ولا هذا يستطيع.
ثانيًا: التضحية بالحكومة والرئيس المؤقت.. يحاول الإعلام أن يتوازن ليظل مؤثرًا، ومن هنا فهو يتحول تحولاً ذكيًّا لترميم الانقلاب؛ لأنهم يعلمون أن "الإعلام الموالي" لا يثير الناس، وصوته لا يسمع، أما "الإعلام المعارض" فهو الشجاع والمثير والمؤثر، والمسموع دائمًا.
كذلك.. فإن الشعب قد طفح الوجبة المقررة يوميًّا وهي (الإخوان فاشلون وفاسدون وإرهابيون)، ولسان حال مؤيدي الانقلاب يقول: (طيب صدقنا خلاص وطلعنا في 30 يونيه و26 يوليه وفوضنا، وصدقنا إن الإخوان هم أباليس الكون، وبعدين بقى؟!).
لن يكون هنالك أى تقدم في الإصلاح الاقتصادي والسياسي، لقد دانت لهم مصر 60 عامًا ولم يتقدموا بها خطوة واستحقوا ثورة مجيدة عليهم، هم- إذن- لا يستطيعون، فقد سرقوا الألماس ولا يستطيعون التصرف فيه.
الحل: كبش فداء جديد، وهو الآن حكومة الببلاوي، وليس وزير الداخلية فقط، والرئيس المصنوع، ولا يضر الهجوم على صورة تساؤلات استنكارية من "محمود سعد"، أو شد شعر من "عمرو أديب"، مع نقد فلسفي من فيلسوف مصر العظيم "تامر أمين"، ما دام الصبيان الصغار في الصف الثاني والثالث ما زالوا يروجون الأكاذيب ويشتمون، "فالحسيني" و"رولا" و"فتيات المحور" و"أراجوزات" التحرير والفراعين، كومبارس صاخب يقول أي شيء في أي موضوع وينسب أي فعل لأي فاعل، والمثل يقول "لا معلم يحاسبني ولا شريك يعد المال".
أما الكبار فقد بدءوها بالهجوم على الحكومة التي لا تصل إنجازاتها إلى أحلام "المنقذ"، وبالتالي يكون تغيير بعض الوزراء، أو تغيير رئيس الحكومة أو الحكومة كلها حلاًّ ملهما يطبل له جوقة الإعلام شهرين أو ثلاثة، فهذا يعطي للشعب أملاً كاذبًا، وحينها ينهال الشكر على "المنقذ"؛ لأنه الذي يسمع لأنات شعبه ويستجيب لمطالبهم!.
أما "إصلاح الاقتصاد والسياسة" ومثل هذه الأمور البسيطة (!).. فقد حسمها المفكر العظيم "عمرو أديب" وقال "إحنا مستنيين معاك سنة سنتين مش مهم، المهم الإخوان ميرجعوش"، وطبعًا فالشعب المنكوس تحت خط الفقر سيطعم أبناءه "الإخوان ميرجعوش"، والطلبة في الجامعات بدلاً من الطب والهندسة سيتعلمون "الإخوان ميرجعوش".
وأهالي الشهداء سيأخذون القصاص "الإخوان ميرجعوش"، ونحن نصدق على ما قاله "صابر مشهور" بأن عودة "باسم يوسف" ستكون بالهجوم على الحكومة لتكبير "المنقذ"، والاستمرار في تشويه مؤيدي الشرعية الذين أسقطوا هيبة "الفريق" ودمروا مستقبله السياسي.
ثالثًا: مواجهة عزلة الدولة بعزل الشعب عن العالم!!.. بمعنى أن مواجهة مؤيدي الشرعية للانقلاب كان سببًا في عدم اعتراف العالم بحكومته، وهي مصيبة قد حلت على رءوس الانقلابيين جميعًا، وواضح أنها لم تكن في حسبانهم، ولذلك تخبطوا في مواجهتها، وبدءوا بالسباب والشتائم لكل من لم يعترفوا بالانقلاب، ثم ذهبت السكرة وجاءت الفكرة.
وأدركوا أنه لا حياة للدولة باعتبارها كائنًا حيًّا إلا بين الكائنات الحية أمثالها وهم الدول، وانسحاب أكثر من مائة دولة من كلمة وزير الخارجية المصرى بالأمم المتحدة، في حادثة استنكار دولي فريدة، أما صدمة قرار "البنك الدولي" برفض التفاوض مع حكومة الانقلاب فقد كانت لطمة كبرى ابتلعوها مع هذيان من محافظ البنك المركزي يزعم فيه أن "مصر" هي من قاطعت المفاوضات!.
وهم يعلمون مدى العناء في "المفاوضات المحترمة" التي أجرتها حكومة "قنديل" مع الصندوق، وكاد "قنديل" أن يتمم الصفقة، وتصوروا أن حكومة الانقلاب ستجني ثمرة جهد "قنديل" ولكن اللطمة كانت قاسية.

أما تعليق المعونة الأمريكية فهو بالغ الأهمية؛ لأنه يعطي الدلالة على عجز الإدارة الأمريكية أمام "الكونجرس" في الوقوف بجوار الانقلاب التي خططت له بنفسها .

أما مصيبة السد الإثيوبي والتسريع في إنجازه دون الالتزام بالشروط التي اتفق عليها الإثيوبيون مع "الرئيس الشرعي"، مع تخبط وزير الري الذي قال "وافقنا"، "وسندعم"، و"لن يضرنا"، ثم عاد وأسقط كل هذا الكلام الأبله، ثم سكت الكلام.

بجوار موقف "الاتحاد الإفريقي" الرافض للاعتراف بالانقلاب، ناهيك عن مواقف "تركيا" و"تونس"، بالإضافة "لقطر، وتردد "الكويت" الداعمة وحيرة "السعودية" المتآمرة، فما الحل؟

الحل : إرسال "علاء الأسواني" و"منى مكرم" "لباريس"، و"سلماوي" ووفد شعبي "لموسكو" ليقسموا على "رغيف العيش"، وعلى "الماء ليجمد" وعلى "النعمة الشريفة" أنها ثورة شعبية وليست انقلابًا!.

ولا بأس من شركة صهيونية تتوسط عند" الكونجرس" الأمريكي لينالوا الرضا عبر الدولارات، وليس بمعالم سياسة خارجية رصينة.

أي خيبة؟!

وأي عار حط على جبين الوطن بأن يقوده هؤلاء؟!

والشعب المسكين لا يعرف أن العالم وضعه في قفص ولن يتعامل معه إلا في حدود ضرورات مستقرة، والشعب المسكين ينتظر القائد الملهم، ولا قائد ملهم ثمَّت ولا يحزنون، ولكن إعلام ودعاية ونصب وتزيين .

رابعًا: فتح المجال لحلول الوسط.. وستبدأ الاستضافة الإعلامية لمن يحاول أن يكون في الصورة باعتباره حكيم الزمان، أو يحاول مخلصًا ولكنه لا يرى المشهد كاملاً، أو لمعارضين لا خوف منهم.

لذا نتوقع أن تمتلئ الشاشة بأشخاص مثل أبو المجد وأبو الفتوح، ثم المخلص "عبود الزمر"، ولا مانع من كبار أمثال د. العوا وآل مكي، وأ. هويدي، فكل هؤلاء يتحسبون لألفاظهم ولا يحبون أن يظهروا مناصرتهم لأحد رغم معرفة موقف كل واحد منهم، ولكنها خطوة، لعل وعسى تلين الأدمغة الناشفة لمؤيدي الشرعية .

وأخيرًا.. فالقضاء جاهز للردع بأحكام سريعة وسياسية، وبدأت بثلاث سنوات، ناهيك عن القضاء العسكري المتحفز تحت الطلب.

ليست هناك دولة- إذن- ولكن فقط هناك سلطة.

ليست هناك رؤية ولكن هناك نزوة حكم ورغبة سلطة .

ليست هناك إستراتيجية "بناء دولة" ولكن هناك "دولة مسروقة" وقرصان جاهل .

إذن لا رجوع، ولا سبيل إلا الاستمرار في إسقاط العصابة .

المصدر