إسماعيل حامد يكتب: مصر التي يريدها الانقلاب

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
إسماعيل حامد يكتب: مصر التي يريدها الانقلاب

بتاريخ : الجمعة 13 سبتمبر 2013

منذ قيام الانقلاب في الثالث من يوليو الماضي يحاول قادته السير على خطى من سبقهم من الطغاة عبر العصور، ويريدون أن يعيدوا مصر إلى عصر الفرعنة، وتتراءى أمامهم صورة مصر الفرعونية، مصر الطاغوتية، والتي لا يرون غيرها، ولذلك صرح كبيرهم: "بكره تشوفوا مصر" ونحاول في هذه العجالة أن نوضح ملامح هذه الصورة التي يريد قادة الانقلاب وأتباعهم أن يرسموها لمصر، والتي تمثلها هذه النقاط العشر:

1- مصر الديكتاتورية المطلقة: حيث يتم تأليه الحاكم "ما علمت لكم من إله غيري"، ويتغنى بحياته السذج من القوم، ويعلقون صوره في كل مكان، ويعود زمن العبيد من جديد، وتهب بعض النساء نفسها له زوجة، إنه زمن الحاكم الطاغية المتكبر الذي أغلق كل مساحة للرأي الحر، فلا مجال لمعارضة ولا سماع لرأي ولا نقاش ولا حوار، بل خارطة طريق واحدة لا يرى غيرها، ومن خالفه فلا مكان له هنا، شعاره ما قاله سيده: "ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد".

2- مصر التفويض بالقتل: هكذا سعى الطغاة أن يقننوا القتل من خلال طلب التفويض، كما قال سيدهم من قبل: "ذروني أقتل موسى"، فتحرك العبيد المفوضون وأعطوا سيدهم التفويض بالقتل وسفك الدماء، وشعارهم "أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك" فقامت آلة القتل بواجبها في الشعب المصري، حتى قام آخرون يقولون له: "كمل جميلك".

3- مصر التتار الجدد: حيث الحاكم المتكبر الذي علا في الأرض هو ومن معه، واستكبروا فيها بغير الحق، واستباحوا سفك الدماء، سواء للركع السجود أو الأطفال الرضع أو النساء، وقتلوا أكثر من 5 آلاف، ولم يراعوا حرمة الموتى، وقاموا بحرق جثثهم وحصدوها بالجرافات العسكرية، ثم قاموا بتصوير أنفسهم بتباهٍ أمام الجثث والمسجد المحروق، وقاموا بانتهاك حرمات النساء واعتقالهن والتعرض لهن بالإيذاء بلا مراعاة لقيم المجتمع وخطوطه الحمراء، وشعارهم ما قال سيدهم: "سنذبِّح أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون".

4- مصر الممزقة شيعا: فلا يريد المجرمون لمصر أن تبقى موحدة، بل جعلوها شعبين، وقسموا أهلها إلى طائفتين "من معي ومن ضدي" تقسيما حقيقيا قائما على الولاء والتبعية للانقلاب أو التطرف والإرهاب والعمالة للمعارضين، وهكذا تغنى عبيد البيادة بذلك ونجح الانقلاب في تقسيم مصر، وتحققت فيهم أخلاق فرعون "وجعل أهلها شيعا".

5- مصر الاستضعاف والمذلة: هكذا حول الطغاة مصر وأدخلوا أهلها مرحلة الاستضعاف والذل والهوان، فقاموا باعتقال أكثر من 15 ألفا، منهم 240 من النساء، إضافة إلى الأطفال والقصر، وفتحوا السجون والمعتقلات على أوسع نطاق، بل ويخططون لبناء سجون جديدة، وأصبحت مصر سجنا كبيرا لكل شريف حر يطالب بالكرامة والعزة والحرية، وشعار المجرمين في ذلك "لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين".

6- مصر الاستخفاف بالعقول: واستخدم الطغاة في ذلك أدوات الإعلام وقنواته وأجهزته وإعلامييهم ومفكريهم ومثقفيهم من أجل التلاعب بعقول الناس، إنها مرحلة تغييب العقل وطمس الحقائق والاستهزاء والسخرية والاستخفاف غير المسبوقة، وقلب الحقائق وتزييفها حتى تصبح الأمة فاقدة للوعي، حتى أصبحت المرحلة كما قال الحبيب: "سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة"، وشعارهم في ذلك ما فعله سيدهم من قبل "فاستخف قومه فأطاعوه".

7- مصر منهوبة الخيرات: فالعسكر الذين كانوا يسيطرون على ثلث اقتصاد مصر، ومعهم 30 عائلة اقتصادية تسيطر على الباقي، يريدون الآن السيطرة الكاملة على كل ما في مصر، هي إذاً مرحلة نهب الأموال والمقدرات والخيرات في هذا البلد الطيب والتحكم بها والسيطرة عليها، وشعارهم في ذلك "أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي".

8- مصر مسلوبة الحريات: فلا حرية لأحد، وتضييق كل مساحة للرأي الحر في مصر، وأغلقت فيها القنوات الدينية، ويتم التشويش فيها على القنوات الشريفة، ويقتل فيها المصورون أمثال أحمد عاصم ومصعب الشامي، ويعتقل فيها الصحفيون أمثال محمد بدر وعبد الله الشامي، فلا مجال لمعارضة ولا سماع لرأي ولا نقاش ولا حوار غير ما يريد الطغاة، شعارهم "ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونا من الصاغرين".

9- مصر مسلوبة الإرادة: فقد حولها الطغاة إلى دولة بلا إرادة تسير في فلك التبعية المطلقة للمشروع الصهيوأمريكي، ولا تملك من أمرها شيئا، وتستجدي هذا وذاك وتمد يدها هنا وهناك وتكون تحت طوع المستعمر الغربي من جديد، وتخضع لإملاءاته وشروطه وتفقد ريادتها للأمة .

10- مصر فاقدة الهوية: فقد أعلن الانقلاب وأذياله الحرب على هوية الأمة الإسلامية، بمحاصرة المساجد واقتحامها وتدنيسها وحرقها وقتل المصلين الساجدين ومنع الصلاة فيها، ومنع 55 ألف خطيب مسجد من اعتلاء المنبر، بما يعني غلق تلك المساجد في صلاة الجمعة، ومنع الصلاة في الزوايا الصغيرة، والتلاعب ببنود الهوية في الدستور، والسعي لوضع دستور علماني يساري، فهي حرب على الهوية والإسلام "يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم".

مسك الختام: هذه هي مصر التي يريدونها، مصر القهر والظلم والطغيان، مصر الديكتاتورية والتتار الجدد والسجن الكبير، مصر المستباحة في هويتها ودينها وكرامتها وشعبها ونسائها وخيراتها ومقدراتها، مصر مسلوبة الحرية والإرادة، وهكذا تصبح المعركة علنية واضحة بين الحق والباطل، إنه صراع على الهوية، ولن ينجحوا في ذلك بإذن الله، وهكذا يجب أن يعي الجميع حجم المؤامرة على مصر وهويتها، ويثوروا في وجه الانقلاب وأهله ويستمروا في فعالياتهم وجهادهم السلمي ومقارعتهم للباطل، حينئذ يتحقق وعد الله "ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون"، وإذا بلغ الصراع هذا الحد فأبشروا بنصر الله القادم "ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون" ..

والله أكبر ولله الحمد.

المصدر