إمامنا الشهيد دليلنا على الدرب

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
إمامنا الشهيد دليلنا على الدرب


الإمام حسن البنا

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله- صلى الله عليه وسلم..

في ذكرى استشهاد الإمام "حسن البنا"، ندعو الله- سبحانه وتعالى- له بالمغفرة والرضوان، وأن يتقبله الله في الصالحين، وألا يفتنا بعده، وألا يحرمنا أجره، وأن يلحقنا به مع النبيين والشهداء والصديقين، وحسن أولئك رفيقًا.

الإمام الشهيد "حسن البنا" منشئ دعوة (الإخوان المسلمين)؛ مَن سار على درب الرسول- صلى الله عليه وسلم- من أعاد إلى الأمة فهمها الصحيح عن الإسلام، من خطَّ الطريق، الذي به تستطيع الأمة أن تطبق الإسلام كمنهج حياة، من وقف وحده ليعلن للدنيا بأسرها أن الله- سبحانه وتعالى- هو الغاية، وأن القرآن هو الدستور، وأن الرسول- صلى الله عليه وسلم- هو الزعيم وهو القائد، وأن سبيل هذه الأمة لاسترداد عزها هو الجهاد، وأن الموت والاستشهاد في سبيل الله غاية لا ينالها إلا من سعى لها؛ لا ينالها إلا من رضي الله عنه، ورضي بمنهج الله- عز وجل- رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدًا- صلى الله عليه وسلم- نبيًّا ورسولاً.

الإمام الشهيد المربي، الإمام الشهيد العالم الوقور، الإمام الشهيد من يجد عند كل ذي مأرب عنده مأربه؛ فتراه محدثًا لأهل الحديث، وتراه فقيهًا لأهل الفقه، وتراه دليلاً لأهل الرياضة، وتراه مثلاً يُحتذى كما نقل عنه تلاميذه ومن عاصروه، وكما قرأنا عنه واستمعنا لمن عاش معه وعاصره، يجد عنده العابد المتنسك، يجد عنده المثل والقدوة والاقتداء، وحسن السير في طريق الحق خلف محمد- صلى الله عليه وسلم.

الإمام الشهيد "حسن البنا" ذو العقل الكبير، ذو القلب الكبير، الذي اتسع لكل من خالفه، كما اتسع لكل من سار معه.. الإمام الشهيد "حسن البنا"، الذي أوقد هذه الجذوة، وأوجد هذه الدعوة بفضل الله- عز وجل- فكانت كالشجرة الوارفة الظلال، أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.. شجرة الحق، شجرة الإسلام، رواها بدمه؛ فأينعت في عصرنا هذا.

ورغم مرور السنين، ورغم المحن، ورغم الابتلاءات، فإن الدعوة بفضل الله- عز وجل- تسير بخطى ثابتة وبأقدام راسخة، ونحسب أن إخلاص الإمام المؤسس، وحسن سيره على طريق محمد- صلى الله عليه وسلم- وحسن تمسكه بكتاب الله- عز وجل- وتطبيقه ذلك على نفسه قولاً وفعلاً وعملاً وسلوكًا، نحسب أن هذه الأعمال، ونحسب أن هذه الأفهام، ونحسب أن هذا الجهد بإخلاصه- ولا نزكيه على الله- هو الذي أثمر، وهو الذي بفضل الله- عز وجل- تستمر ثماره.

وما زالت تعطي وتمنح هذه الدعوة المباركة، دعوة الإسلام.. إسلامنا فيه عز هذه الأمة، إسلامنا المنهج المتكامل، إسلامنا دليلنا إلى ربنا، إسلامنا عزنا في حياتنا، إسلامنا فوزنا في أُخرانا إن نحن أحسنا الاقتداء برسول الله، واتبعنا القرآن الكريم والسنة الصحيحة.

هذا ما جاء به "حسن البنا"، هذا ما دلنا عليه الإمام "حسن البنا"؛ الإمام المؤسس لهذه الدعوة، الذي وقفت الدنيا كلها أمامه، فكان كالرواسي الشمَّ، وكان كالطود في ثباته، وعلَّم إخوانه الثبات، وعلم إخوانه التضحية، وعلم إخوانه الإخلاص، وعلم إخوانه التجرد، وعلم إخوانه كيف يكون المسلم في حياته.. في يومه.. في ليله.. في بيته.. في المتجر.. في الشارع.. في المدرسة.. في المؤسسة.. في السياسة.. في الاقتصاد..

لقد كان "حسن البنا"- رحمة الله عليه، تقبله الله في الصالحين- لقد كان ولا نزكيه على الله، لقد كان مؤسسة بكل معاني الكلمة.. لقد قال فأوجز، وقد دل فكفى، فجزاه الله عنا خير الجزاء، رحمه الله رحمة واسعة؛ إنما عندما تمر ذكرى استشهاد يكون النموذج، وتكون القدوة، ويكون المثل الطيب لنا جميعًا.. كيف أن صاحب الدعوة الصحيحة صاحب الدعوة الحقيقية يدفع دمه ثمنًا لدعوته، هذه دعوة لا تقوم إلا بتضحيات أبنائها، ولا تترعرع إلا في ظل تضحيات أصحابها.. هذه الدعوة التي سار عليها رجال عُذِّبوا وأوذوا وضيق عليهم، وكانوا خير مثل، وخير نموذج، وخير قدوة للشباب في جيلنا هذا؛ فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلاً، ولا نزكيهم على الله، حوربوا وغيبوا وعذبوا، فما لانت للرجال قناة، فإنما تذكروا ما تعلموا من إمامهم الشهيد- رضوان الله عليه- وما تعلمه هو من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ومن قرآن ربنا سبحانه وتعالى، هذا الذي دل الناس على الخير بالخير، هذا الذي دل الناس على الإسلام الصحيح بالإسلام كما تعلمه هو، وكما فهمه عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عن التابعين، وعن أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من مصدريه الصحيحين من القرآن والسنة.

إسلامنا الاعتدال، إسلامنا الوسطية، إسلامنا الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، إسلامنا الصمود، إسلامنا الثبات، إسلامنا التضحية، إسلامنا العمل الدءوب ليل نهار من أجل إعلاء كلمة الحق، من أجل راية الحق، من أجل خير الناس أجمعين، وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين.

هذا ما تعلمناه جميعًا من سيرته، ومن تلاميذه، ومن إخوانه؛ هؤلاء الذين مضوا على الدرب، فأوجدوا جيلاً، وأوجدوا مدرسة، وأوجدوا حركة، وأوجدوا حياة، ودلوا الناس على الإسلام الصحيح؛ فصارت مظاهر الإسلام في كل مكان في الكرة الأرضية، وتحرك الرجال والنساء، الكبار والصغار، الأغنياء والفقراء؛ ليبحثوا، ليتعلموا الإسلام الصحيح كما يجب أن يكون.. وهاهي الحركة تزداد نموًّا وازدهارًا، وهاهي الحركة تزداد انتشارًا، وتزداد قوة وتمنعًا على أعداءها، وعزًّا بفضل الله- عز وجل.

رحم الله إمامنا الشهيد، وجعل له من الأجر مثل ما يفعل أتباعه، كمن سن سنة طيبة كما قال الرسول- صلى الله عليه وسلم- فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا.

إمامنا الشهيد دليلنا على درب الإسلام.. التواصل مع التابعين.. التواصل مع السلف الصالح.. التواصل مع الأنبياء والمرسلين، مع محمد- صلى الله عليه وسلم- حلقات في سلسلة محكمة، يُحكِمها ربنا- سبحانه وتعالى- فتنتقل الدعوة من جيل إلى جيل، وينتقل الإسلام الصحيح لهؤلاء، وبجهد أمثالهم يحفظ الله الدين.

تعهد الله- سبحانه وتعالى- بحفظ القرآن والسنة، بحفظ الدين من خلال هؤلاء الرجال، ومن خلال جهد البشر؛ هؤلاء القائمين على الحق، ولا نزكيهم على الله، الواقفين في خندق الحق، المدافعين عن الحق وأهل الحق.. مهما أوذوا لا يقصروا، ومهما غُيِّبوا لا يغيبوا، ومهما بذل من جهد من أهل الباطل فإنه يكون هباءً منثورًا، ﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا﴾ (الإسراء: 81)، ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ..﴾ (الأنفال : 36).


نعم، سيُغلبون.. موعود الله للذين آمنوا، موعود الله للذين استمسكوا بالإسلام، الذين ساروا خلف محمد- صلى الله عليه وسلم- لا استعلاءً على الناس، ولكن تحدثًا بنعمة الله، ونشرًا للحق وللخيرية في الناس أجمعين: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ (الأنبياء: 107).

هذه دعوتنا، هذا ديننا، هذا إسلامنا وسطية سمحة لا إفراط ولا تفريط، هذا ما تعلمناه من الإمام المؤسس لهذه الجماعة، هذا ما تعلمه الإمام من سنة محمد- صلى الله عليه وسلم- فوصل الماضي بالحاضر، واتصل المستقبل بالحاضر، وعلى الدرب صارت جموع الشباب، صار الرجال والنساء، ومازالوا كذلك إلى أن يلقوا ربهم غير مبدلين ولا مغيرين، لا مبدلين ولا مغيرين، ومحتسبين عند الله كل ما يلاقون من عنت، وكل ما يلاقون من قرح، محتسبين ذلك عند الله، ولنصبرن على جلادينا، كما كان يعلم الإمام المؤسس إخوانه، كما كان يعلمهم كيف يصبرون على الناس، وكيف يكونون مع الناس كالشجر؛ يرميه الناس بالحجر، فيرميهم بالثمر.

هكذا المسلم يجب أن يكون مع المسلمين ومع غير المسلمين : ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾، رحمة الله المهداة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وأتباعه ومن يسيرون على دربه.. نرجو الله- عز وجل- أن نكون من هؤلاء، وأن يوفقنا ربنا إلى الثبات، وإلى الاستمرار..

أيها الشباب، أيها الإخوان في كل مكان.. هذه دعوتكم، هذا إسلامكم، استمسكوا به، عضُّو على دعوتكم بالنواجذ، فإن فيها عزنا، وإن فيها الخير كل الخير لأمة الإسلام ولغير المسلمين.. إن الخيرية والعدل في الإسلام للمسلمين ولغير المسلمن.. نحن دعاة سلام، ولكننا أبدًا لن نكون أذلة، نحن دعاة سلام ولكننا أبدًا لن نخاف أبدًا إلا من الله؛ لأن الله- عز وجل- قادر قاهر فوق عباده: ﴿وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾ (النور: 55).

الأرض- بفضل الله- تتحدث الآن بنعمة ربها.. الإسلام في كل مكان، والدعوة في كل مكان، والإخوان لا يبدلون ولا يفرطون ولا ينحرفون، ولا يأخذون طريق العنف ولا التطرف ولا التقصير ولا الطرق؛ وإنما يتوسطون سيرًا على درب إمامهم، سيرًا على درب رسولهم- صلى الله عليه وسلم.

رحم الله إمامنا الشهيد رحمة واسعة، وأسكنه في عليين مع النبيين والصديقين والشهداء، وحسن أولئك رفيقًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


المصدر : إخوان اون لاين