إن للحرية ثمنا فمتى ندفع الثمن ؟!!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
إن للحرية ثمنا فمتى ندفع الثمن ؟!!

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

لقد وضعنا العدوان الأمريكي على العراق وجها لوجه أمام واقعنا المخيف، استخذاء ..

ضعف ..

خيانة ..

موات ..

ثم استمراء على المستوى الرسمي للهزيمة والذل، وأما على صعيد الشعوب فألم ..

ومرارة ..

وغضب ..

وانفعال شديد ..

وثورة ..

وغليان.

لقد افتضح أمر المتسلطين على رقاب الشعوب في عالمنا العربي والإسلامي، الذين يصورون لشعوبهم أن الهزيمة قدر محتوم علينا أن نتقبلها صاغرين، لقد قتلوا فينا رجولتنا، وصنعوا منا نعالا للنعال، وتفننوا في قهرنا وإذلالنا حتى نروض على القبول بالإذلال الأمريكي والإذلال الصهيوني، وفي الوقت الذي غابت جيوشهم الجرارة عن ساحات الشرف نراها تملأ ميادين العواصم والمدن لقمع النخوة التي تحركت في ضمائر الشعوب المقهورة، فإلى متى تبقى جيوشنا صامتة على هذا الواقع؟

أما آن لها أن تنتصر لكرامتها؟

أما آن لها أن تبحث عن دورها الحقيقي؟

ألم تتحرك فيها نخوة المعتصم لنصرة العراق بدلا من إذلال الشعوب المسلمة التي كان يسعدها أن تودع رجال الأمة وهم يتسابقون إلى ميادين الشرف؟ تودعهم بكبرياء، وتودعهم بدموع الفرح والشموخ.

ألم يدرك قادة الجيش أصحاب النياشين أنهم مسئولون أمام شعوبهم؟

ألم يعلموا أنهم مسئولون أمام ضمائرهم؟ أم أنه لم تعد هناك ضمائر؟

ألم يعلموا أنهم وهذا هو الأهم مسئولون غدا أمام ربهم؟

فماذا ينتظرون؟

أيقبلون بذل لا تمحوه الأيام؟

أيرضون بأن تلعنهم أجيال المسلمين إلى يوم القيامة؟

( يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل* إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا).

فإذا أبى القادة أن يغيروا واقعهم، وإذا أبت الجيوش أن تنتفض على واقعها المهين، فلم يعد أمام الشعوب إلا أن تتحرك في ثورة عارمة تقتلع أسباب الوهن والذل والهزيمة، وعليها أن توطن النفس على دفع ثمن ثورتها هذه من دمائها وقوتها ورفاهيتها، فإن ذلك خير لها من أن تقتل في أوطانها وهي تستمرئ الذل وتتجرع كؤوس الهوان، نعلم أن المتسلطين على رقاب الشعوب سيدافعون عن مكتسباتهم التي ظنوا مع طول الأيام أيام التسلط أنها خلقت لهم وأنهم خلقوا لها، فبات في عرفهم أن كل شريف يسعى إلى إنقاذ الأمة إنما ينازعهم هذا الموروث، ولذا فلن يترددوا في اتهام كل من يتحرك لإنقاذ الأمة بالخيانة العظمى تحت دعوى أنه إنما يريد الاستيلاء على السلطة، .

والحكم عليه في مثل هذه الحالة جاهز إنه الإعدام شنقا أو رميا بالرصاص، ولكن رغم ذلك فعلى الشعوب أن تتحرك، لأن الشعوب تتحمل الوزر الأكبر في استمرار هذا الواقع المهين، لأنها هي التي تملك التغيير إن أرادت، وإلا فستبقى هي التي تمكن لمن فرضوا هذا الواقع الأليم على الأمة وصدق الله إذ يقول ( فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوما فاسقين) فماذا كانت نتيجة قبول الشعوب بهذا الاستخفاف (وأضل فرعون قومه وما هدى) ولهذا الإضلال كانت تبعات مؤلمة (فأغرقناه ومن معه جميعا).

لقد آن للشعوب أن تتحرك وألا تخشى آلة القمع الوطني، فإذا تحركت الجيوش التي يعلوها الصدأ لتقمع الشعوب، فإن ذلك سيكون إلى حين، لأن الجيوش ستكتشف عاجلا أم آجلا أنها تقف في المربع الخطأ، وأنها إنما تواجه الآباء والأبناء والإخوة والأهل والوطن، وحينها حتما ستبدأ في تصحيح مسارها، وتعود إلى حقيقتها وأصالتها، إن الصراع مع واقع الذل سيفتح عيونا أعمتها الغشاوة، وسينير قلوبا غلفا ران عليها ظلام التعبئة المضللة، وعندها سينتبه السادرون إلى ما يحيق بهم وما يدبر لهم فيبدأ التغيير المطلوب، فإذا تغير مستمرئو الذل سيتغير واقع الأمة من ضلال إلى هدى، ومن تشرذم إلى وحدة، ومن ضعف إلى قوة، ومن هزيمة إلى نصر، ومن أمة تابعة لأعدائها إلى أمة متبوعة.

على الشعوب ألا تخشى الطغاة، إذا أرادت الحرية والأمن والرخاء والعزة والكرامة، على الشعوب أن تتحرر من عقدة الخوف التي استبدت بالقلوب، ألا ترون أن أطفال فلسطين يلاحقون الدبابات بالحجارة؟

إن هذا المشهد الفريد لم يأت إلا بعد آلاف المشاهد من الدم الذي صبغ كل حياتنا، حتى أن أطفالنا ألفوا لون الدم، وألفوا مشاهدة تناثر الأشلاء، فلم يعد يرعبهم ذلك أبدا، إننا نصارع في فلسطين أقذر أمة عرفها التاريخ (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود)، وإن الصراع بيننا وبينهم صراع بقاء، أي أنهم يخشون على وجودهم كما يخشى المتسلطون على رقاب الأمة على كراسيهم وأشد، ومن هنا معركتنا في فلسطين تبقى أكثر إيلاما للشعب الفلسطيني من أي معركة قد يخوضها شعب من شعوبنا العربية والإسلامية، لأن الجيش الذي نواجه هو جيش عدونا فلا أمل أن ينحاز يوما إلى جانبنا، ولكن شعوبنا العربية والإسلامية أملها كبير في انحياز جيوش الأمة لصالحها ولو بعد حين، إن جيوشنا اليوم تدفع الشعوب ولكنها غدا ستدافع عنها بإذن الله، فجيوشنا لا تقل عن جيوش العدو حبا للنصر، وانتصارا للكرامة.

إننا اليوم أمام منعطف خطير وآن لنا أن نرتقي إلى مستوى التحدي ولن يكون ذلك إلا بانتفاضة الشعوب على هذا الواقع المؤلم، وإن للحرية ثمن فمتى ندفع الثمن؟

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.