ابو عطاء الله المصري يكتب :بين الانتماء المشروع والتعصب المذموم

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ابو عطاء الله المصري يكتب :بين الانتماء المشروع والتعصب المذموم


الثلاثاء,07 أكتوبر 2014

ابو عطاء الله المصري

كفر الشيخ اون لاين | خاص

لا ينكر مسلم فريضة وضرورة العمل الجماعي في الإسلام؛ لأن الله يحب للمؤمن أن يكون لبنة في بنيان مرصوص؛ ولأن المؤمن الذي لا يكون في بنيان مرصوص ــ كما جاء في مطلع سورة الصف ــ عُرضة لمقت الله؛ ولأن تكاليف الإسلام في أصلها للجماعة وليست للأفراد، وحتى التكاليف العينية التي أوجب الإسلام على الأفراد أداءها بأعينهم كالصلاة والزكاة والصوم والحج جاء الخطاب فيها للجماعة وليس للأفراد ومن هذه التكاليف ما لا يمكن أداؤه إلا مع الجماعة ومنها ما جعل الإسلام ثواب أدائه الجماعي يفوق ثوابه أدائه الفردي بعشرات الدرجات.

لهذا، وغيره كثير من أدلة العمل الجماعي؛ فثواب العمل الجماعي عظيم في ذاته عظيم في أثره وفاعليته، لا ينكر ذلك إلا مَن تحكمت فيه الأنا وتضخمت ذاته؛ فصار أسيرا لشهواته عبدا لهواه عنصريا في تفكيره وتصرفه.

لكن الغير مشروع والمنهي عنه أن يتحول الانتماء للمؤسسة أو الجماعة إلى عصبية لجدران وحيطان وآراء ومذاهب تعوِّق مسيرة الدعوة وتنعطف بمسار البنيان.

ومن الآفات التي تضر بالعمل الإسلامي ـ خصوصا في الغرب ـ تلك الأعشاب المتعصبة الضارة التي نبتت في حقل العمل الإسلامي بين بعض العاملين للإسلام وصارت تغلب الأنا وتتمحور حول ذاتها وتعتبر الولاء لمؤسساتها وتنظيماتها مقدم على الولاء للإسلام ذاته؛ فصار الانتماء للمؤسسة أصل والانتماء للإسلام فرع.

والمصيبة الكبرى حين تتعارض مصلحة الإسلام مع مصلحة الجُدران فتكون الأولية ــ في نظر المتعصب ــ للجدران مخلفا وراء ظهره قول ربه: " ومَن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب "

لقد تعلمنا في الدعوة أن الانتماء للإسلام هو الأصل وهو المحور، وما تأسست الجماعة أو رُفعت قواعد بنيان إلا من أجل الإسلام.

ولقد بيَّن الله أن الولاء الجماعي صفة ودليل المؤمنين والمؤمنات من أجل إقامة شعائر الإسلام والحفاظ على شرعته، وطريق فوز المؤمنين والمؤمنات برضوان الله بعد رحمته، قال الله تعالى: " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم. وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم"

فالولاء الجماعي بين المؤمنين ــ كما جاء في الآية ـ فرع لأصل، وجزء من كل، وفريضة لإقامة شعائر وحماية شريعة وتحصيل موعود الله بالفوز العظيم، وليس غاية لذاته.

ولقد بيًّن الرسول صلى الله عليه وسلم وفصًّل الفرق بين الانتماء المشروع وبين التعصب المذموم في حديث بيِّن الخطوات مفصَّل المعالم، فقال صلى الله عليه وسلم، كما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه:

"مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ ثُمَّ مَاتَ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ قُتِلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِلْعَصَبَةِ وَيُقَاتِلُ لِلْعَصَبَةِ فَلَيْسَ مِنْ أُمَّتِى، وَمَنْ خَرَجَ مِنْ أُمَّتِى عَلَى أُمَّتِى يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا لاَ يَتَحَاشَ مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلاَ يَفِى بِذِى عَهْدِهَا فَلَيْسَ مِنِّي".

وعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعَا إِلَى عَصَبِيَّةٍ، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ قَاتَلَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ، وَلَيْسَ مِنَّا مَنْ مَاتَ عَلَى عَصَبِيَّةٍ ". وَرُوِيَ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْعَصَبِيَّةُ؟ قَال:" أَنْ تُعِينَ قَوْمَكَ عَلَى الظُّلْمِ". (البغوي: شرح السنة، حديث مرفوع)

فلنفارق التعصب للمؤسسة أوالجمعية أو الجماعة بخطوة؛ لنشاهد سعة الأفق الإسلامي، ونقف على حقيقة السعي المرجو، وندرك أبعاد الواجب المفروض، ونقطع مسافات في مسارنا المأمول، ونحقق المقصد من انتمائنا المشروع، ونحرر ذاتنا من التعصب المذموم.

المصدر