الفرق بين المراجعتين لصفحة: «احذروا غضب الحليم»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
 
سطر ١: سطر ١:
'''احذروا غضب الحليم ..... بقلم / أ. فهمي هويدي'''  
'''احذروا غضب الحليم ..... بقلم / أ. [[فهمي هويدي]]        '''  


[[ملف:فهمى-هويدى.png|left|إطار|<center>'''أ. فهمى هويدى'''</center>]]
[[ملف:فهمى-هويدى.png|left|إطار|<center>'''أ. فهمى هويدى'''</center>]]
سطر ٩: سطر ٩:




علماً بأننا لم نسمع أن أحداً من الذين حاولوا التسلل إلى "إسرائيل" وقعت عليهم هذه العقوبة.
علماً بأننا لم نسمع أن أحداً من الذين حاولوا التسلل إلى "[[إسرائيل]]" وقعت عليهم هذه العقوبة.


من الأمور المثيرة للانتباه والباعثة على الخزي في الوقت ذاته، أن هذا الاستقواء الأمني في مواجهة المواطنين المصريين والفلسطينيين أيضاً، يتراجع خطوات عديدة إلى الوراء حينما يكون الإسرائيليون هم الطرف الآخر، ولكي تتأكد من ذلك حاول أن تستدعي من الذاكرة مشهد الغضب الحكومي المصري العارم الذي قوبل به اختراق بعض الفلسطينيين لمعبر رفح،
من الأمور المثيرة للانتباه والباعثة على الخزي في الوقت ذاته، أن هذا الاستقواء الأمني في مواجهة المواطنين المصريين وال[[فلسطين]]يين أيضاً، يتراجع خطوات عديدة إلى الوراء حينما يكون ال[[إسرائيل]]يون هم الطرف الآخر، ولكي تتأكد من ذلك حاول أن تستدعي من الذاكرة مشهد الغضب الحكومي المصري العارم الذي قوبل به اختراق بعض ال[[فلسطين]]يين لمعبر [[رفح]]،




والتصريحات النارية التي أطلقها آنذاك وزير خارجيتنا التي هدد فيها بكسر رجل أو رقبة من يعبر الحدود، ثم ضع إلى جانبه عمليات القمع الشديدة التي ووجه بها الناشطون المتضامنون مع [[غزة]]، في مواجهة هذا الشريط «الساخن»، حاول أن تتتبع رد الفعل المصري على عشرات الاختراقات التي قامت بها الطائرات الإسرائيلية للمجال الجوي المصري والحدود، وهي تحاول قصف الأنفاق المستخدمة في تهريب البضائع عند رفح. حينئذ ستلاحظ أن مصر لم تفعل أكثر من رصد الاختراقات وتسجيلها أولاً بأول، ثم إبلاغ القوات الدولية بها بمنتهى الهدوء. وفي ظل ذلك الهدوء تبخر تماماً الكلام عن «كسر رجل» من يعبر الحدود، كما لم نسمع صوتاً لوزير الخارجية، ولا للأبواق الإعلامية الأمنية التي ملأت الدنيا ضجيجاً وغضباً لحرمة أرض مصر التي يعبأ الناس لأجلها تارة، ويغض الطرف عنها تارة أخرى.
والتصريحات النارية التي أطلقها آنذاك وزير خارجيتنا التي هدد فيها بكسر رجل أو رقبة من يعبر الحدود، ثم ضع إلى جانبه عمليات القمع الشديدة التي ووجه بها الناشطون المتضامنون مع [[غزة]]، في مواجهة هذا الشريط «الساخن»، حاول أن تتتبع رد الفعل المصري على عشرات الاختراقات التي قامت بها الطائرات ال[[إسرائيل]]ية للمجال الجوي المصري والحدود، وهي تحاول قصف الأنفاق المستخدمة في تهريب البضائع عند [[رفح]]. حينئذ ستلاحظ أن [[مصر]] لم تفعل أكثر من رصد الاختراقات وتسجيلها أولاً بأول، ثم إبلاغ القوات الدولية بها بمنتهى الهدوء. وفي ظل ذلك الهدوء تبخر تماماً الكلام عن «كسر رجل» من يعبر الحدود، كما لم نسمع صوتاً لوزير الخارجية، ولا للأبواق الإعلامية الأمنية التي ملأت الدنيا ضجيجاً وغضباً لحرمة أرض [[مصر]] التي يعبأ الناس لأجلها تارة، ويغض الطرف عنها تارة أخرى.




سطر ٢٥: سطر ٢٥:




ومن قبل هؤلاء قام أهالي برج البرلس في محافظة كفر الشيخ بقطع الطريق الدولي، بسبب مشكلة حدثت في توزيع الدقيق، إلى غير ذلك من «الانتفاضات» المحدودة التي تبعث إلى من يهمه الأمر برسائل تفصح عن الغضب المكتوم، ويتعين على هؤلاء تسلمها وقراءة محتواها جيداً قبل فوات الأوان
ومن قبل هؤلاء قام أهالي برج البرلس في محافظة [[كفر الشيخ]] بقطع الطريق الدولي، بسبب مشكلة حدثت في توزيع الدقيق، إلى غير ذلك من «الانتفاضات» المحدودة التي تبعث إلى من يهمه الأمر برسائل تفصح عن الغضب المكتوم، ويتعين على هؤلاء تسلمها وقراءة محتواها جيداً قبل فوات الأوان
   
   


'''المصدر : نافذة مصر'''
'''المصدر : نافذة [[مصر]]'''


[[تصنيف:أراء وأفكار]]
[[تصنيف:أراء وأفكار]]

المراجعة الحالية بتاريخ ١٦:٥٤، ٩ ديسمبر ٢٠١٠

احذروا غضب الحليم ..... بقلم / أ. فهمي هويدي

أ. فهمى هويدى

لا أعرف إن كان الذين لا يترددون في تحدي الرأي العام واستفزاز مشاعر المصريين بممارساتهم القمعية يدركون عاقبة أفعالهم تلك أم لا، لكنني أعرف جيداً أن تلك مغامرة تشعر الناس بالمهانة وتملؤهم بالغضب، الذي يحولهم تراكمه بمرور الوقت إلى قنابل موقوتة، مرشحة للانفجار في أي وقت.


لقد سمعنا مراراً وتكراراً أن قوانين الطوارئ لن تستخدم إلا في مواجهة الجماعات الإرهابية، وأعلن رئيس الوزراء أمام مجلس الشعب أن إحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية (الذي يخالف الدستور) لن تتم إلا في حالتي مكافحة الإرهاب وقضايا الاتجار في المخدرات. لكننا رأينا أن هذه الأساليب الاستثنائية والقمعية لا تستخدم إلا في التعامل مع الناشطين العاديين، الذين يحاولون التعبير عن أنفسهم من خلال الاحتجاجات السلمية والممارسات القانونية. وضحايا التضامن مع غزة الذين تحدث عنهم أمس نموذج حي بين أيدينا. ذلك أنهم لم يفعلوا أكثر من إعلان رفضهم للعدوان الإسرائيلي وتضامنهم مع الشعب الفلسطيني المحاصر والمنكوب. حتى الخطأ النسبي الذي نسب إلى زميلنا مجدي حسين، واتهم فيه بـ«التسلل» إلى غزة لإعلان تضامنه مع أهلها لم يقابل بأي تفهم أو أعذار، وإنما قوبل بإحالته إلى المحكمة العسكرية التي قررت سجنه سنتين جراء «الجريمة» التي ارتكبها.


علماً بأننا لم نسمع أن أحداً من الذين حاولوا التسلل إلى "إسرائيل" وقعت عليهم هذه العقوبة.

من الأمور المثيرة للانتباه والباعثة على الخزي في الوقت ذاته، أن هذا الاستقواء الأمني في مواجهة المواطنين المصريين والفلسطينيين أيضاً، يتراجع خطوات عديدة إلى الوراء حينما يكون الإسرائيليون هم الطرف الآخر، ولكي تتأكد من ذلك حاول أن تستدعي من الذاكرة مشهد الغضب الحكومي المصري العارم الذي قوبل به اختراق بعض الفلسطينيين لمعبر رفح،


والتصريحات النارية التي أطلقها آنذاك وزير خارجيتنا التي هدد فيها بكسر رجل أو رقبة من يعبر الحدود، ثم ضع إلى جانبه عمليات القمع الشديدة التي ووجه بها الناشطون المتضامنون مع غزة، في مواجهة هذا الشريط «الساخن»، حاول أن تتتبع رد الفعل المصري على عشرات الاختراقات التي قامت بها الطائرات الإسرائيلية للمجال الجوي المصري والحدود، وهي تحاول قصف الأنفاق المستخدمة في تهريب البضائع عند رفح. حينئذ ستلاحظ أن مصر لم تفعل أكثر من رصد الاختراقات وتسجيلها أولاً بأول، ثم إبلاغ القوات الدولية بها بمنتهى الهدوء. وفي ظل ذلك الهدوء تبخر تماماً الكلام عن «كسر رجل» من يعبر الحدود، كما لم نسمع صوتاً لوزير الخارجية، ولا للأبواق الإعلامية الأمنية التي ملأت الدنيا ضجيجاً وغضباً لحرمة أرض مصر التي يعبأ الناس لأجلها تارة، ويغض الطرف عنها تارة أخرى.


يخطئ من يظن أن تحدي الرأي العام والاستهانة بمشاعر الناس واستفزازهم من الأمور التي يمكن أن تمر بسهولة، فيبتلعوها ثم ينسوها. ذلك أنه في الأمور التي تتعلق بالكرامة، فإن المواطنين يختزنون ولا يبتلعون. وهذا الاختزان مما لا تؤمن عواقبه، وأكرر مرة أخرى، أنه يحول الناس إلى قنابل موقوتة مرشحة للانفجار في أي وقت.


وفي موروثنا الثقافي تحذير مستمر من غضب الحليم. والحلم وطول البال من الصفات التي اشتهر بها المصريون. وهو ما ينبغي التذكير به حتى لا ينخدع أحد بصبر المصريين وصمتهم، الذي لا ينبغي أن يستقبل بحسبانه من علامات الرضا. والشواهد التي لاحت في الفضاء المصري خلال العامين الأخيرين تدل على أن ثمة تململاً في المجتمع الذي فاض به الكيل، عبر عن نفسه بأشكال عدة لم تكن مألوفة من قبل.

ففي الأسبوع الماضي لجأ 800 مواطن من أهالي المحلة الكبرى إلى الجلوس على قضبان السكة الحديد في عز البرد، احتجاجاً على تدهور الخدمة بالقطارات.


ومن قبل هؤلاء قام أهالي برج البرلس في محافظة كفر الشيخ بقطع الطريق الدولي، بسبب مشكلة حدثت في توزيع الدقيق، إلى غير ذلك من «الانتفاضات» المحدودة التي تبعث إلى من يهمه الأمر برسائل تفصح عن الغضب المكتوم، ويتعين على هؤلاء تسلمها وقراءة محتواها جيداً قبل فوات الأوان


المصدر : نافذة مصر