اذكروا غزوة أحد

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
اذكروا غزوة أحد

أ.د/جابر قميحة

خرج زعماء من بني النضير إلى قريش في مكة، ودعوهم إلى حرب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقالوا لهم ضمن ما قالوا: "... إن دينكم أحق من دينه، وأنتم أولى بالحق منه .

وكما حرضوا قريشًا حرضوا غَطَفان..وفي شوال من العام الخامس للهجرة خرجت قريش في عشرة آلاف من أحابيشهم ومن تبعهم من بني كنانة وأهل تهامة، وأقبلت غطفان ومن تبعهم من أهل نجد، ونزلوا إلى جانب "أُحُد" .. وخرج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والمسلمون حتى جعلوا ظهورهم إلى سَلْع ـ وهو جبل بالمدينة ـ في ثلاثة آلاف من المسلمين، فضرب هنالك عسكره، والخندق بينه وبين القوم.

وما زال حُيَيُّ بن أخطب النضري ببني قُرَيْظَة حتى نقضوا عهدهم مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ واشتد الكرب بالمسلمين، وظل حصار المشركين قرابة شهر.. ولم يكن قتال اللهم إلا تناوش في فترات متفرقة بالنبال.

كانت قوة الأعداء أضعاف قوة المسلمين ... قريش .. غطفان .. بنو النضير .. بنو قريظة .. ثم المنافقون الذين دأبوا على الغدر واهتبال الفرص في ساعات الحرب والكروب.

وطال أمد الحصار، فأراد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يجرب "حلاًّ سياسيًّا" يقسم به "وحدة الأحزاب " ويخذل به عن قريش، فبعث إلى عيينه بن حصن، وإلى الحارث بن عوف، وفاوضهما على "ثلث ثمار المدينة" مقابل خروج غطفان وأهل نجد من حلف قريش، وفك الحصار عن المدينة والرجوع إلى بلادهم، وكتب مشروع الاتفاق، ولم يبق إلا التوقيع والإشهاد.

وبعث النبي ـ عليه السلام ـ إلى سعد بن معاذ سيد الأوس، وسعد بن عبادة سيد الخزرج ليستشيرهما في الأمر، فغُرْم المعاهدة اقتصاديًّا لا يقع إلا على الأنصار؛ لأنهم أصحاب الأرض والنخل والثمار، وهم "أصحاب المصلحة الحقيقية" في مثل هذه الحال، وهذا هو السر في أنه لم يستشر أحدًا من المهاجرين.

قال السعدان: يا رسول الله: أَمرًا تحبه فنصنعه، أم شيئًا أمرك الله به لا بد لنا من العمل به؟ أم شيئًا تصنعه لنا؟

وجاء جواب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ مقرونًا بشرح البواعث إلى مثل هذا العمل.

ـ بل شيء أصنعه لكم، والله ما أصنع ذلك إلا لأنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة، وكالبوكم من كل جانب، فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمرٍ ما. فقال سعد بن معاذ.

ـ يا رسول الله قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان، لا نعبد الله ولا نعرفه، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها تمرة إلا قِرى أو بيعًا , أفحين أكرمنا الله بالإسلام، وهدانا له، وأعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا؟! والله ما لنا بهذا من حاجة، والله لا نعطيهم إلا السيف، حتى يحكم الله بيننا وبينهم.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "فأنت وذاك" فتناول سعد بن معاذ الصحيفة فمحا ما فيها من الكتاب .

إن هذه الواقعة التاريخية ـ كما يقول الدكتور عمارة ـ قامت وتقوم شاهدًا على مشروعية المعارضة، بل وعلى ضرورتها، فلقد سعى الرسول صلي الله عليه وسلم وقبل إبرام المعاهدة إلى مشاورة أصحاب المصلحة، ولم يكتف بانتظار مبادرتهم هم للمشاورة والمعارضة، بل بحث عن المشورة والمعارضة في مصادرها وفي مظانها... لأن هذا هو شأن السياسة والمعارضة السياسية في نهج الإسلام، ولو كان الأمر دينًا لما كانت الشورى واردة، ولا كانت المعارضة والاعتراض .

المصدر:رابطة أدباء الشام