استمسك واثبت .. بقلم فؤاد الهجرسي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
استمسك واثبت .. بقلم فؤاد الهجرسي

بتاريخ : الاثنين 23 سبتمبر 2013

أخي في الله ...

اثبت ... واستمسك ، فأنت على الحق ، وإن صرخ الكذابون بغير ذلك ، وطريقك في الثبات ملازمة القرآن الكريم ، فيه شفاءُ سِقَم نفسك وعافية ايمان قلبك.

قال الله تعالى لنبيه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم في أحلك الظروف ﴿فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [43 - الزخرف] ؛ وأنت التابع لنبيك ، الوارث لدينه الخاتم إلى يوم القيامة ؛ والقائم على تبليغ رسالته للعالمين .

استمسك واثبت: عش بالقرآن في شأنك كله ، امزج القرآن بروحك ؛ فهو الهواء الذي لا حياة لقلوب المؤمنين إلا به ، وأنت منهم ، اختارك الله لذلك واصطفاك واجتباك ، فكن عند حسن ظن ربك بك.

استمسك واثبت: التزم القرآن ؛ فهو حبل الله المتين ، الواصل بك اليه جل جلاله ، تستأنس به ، وتجد أمانك وتعرف طريقك ، اخلط القرآن بوجدانك ليلك ونهارك ، تُحل حلاله وتُحرم حرامه ، قال بن كثير رضى الله عنه « ذلك عهد الله إلينا ، نوقن به ، حين لا نرى انتقام الله العاجل من المجرمين أو حين نراه ونشهده ، ويشفي الله بالنصر قلوب قوم مؤمنين» ... القرآن عهد الله إليك في الحالين وأنت .. أنت من صفوة المؤمنين.

تدبر وتأمل: يلزمك في مثل هذه الآونة أن نتدبر الآيات .. واليك ﴿ كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ﴾ [29 - ص] ، ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [24 - محمد]

ويقول صاحب الظلال رضى الله عنه حول هذه الآية .. وفي النقل تصرف:

« اثبت على ما أنت فيه ، وسر في طريقك لا تحفل ما كان منهم وما يكون ، سر في طريقك مطمئن القلب ﴿ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾. . لا يلتوي بك ولا ينحرف ولا يحيد ».

﴿ فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ﴾ إنه الإسلام .. دين الله الخاتم .. الجامع لكل دين.

قال الله تعالى ﴿ وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ ﴾ [31- فاطر] .. أي الذي جمع في طياته كل وحيٍ سبق.

أخي في الله ... اثبت ... استمسك ، إنه الإسلام ، دين الله الخاتم ، الجامع لكل دين سبق ، وأنت جدير بحمل أمانة هذا الدين ، تجمع على منهجه عباد الله الموحدين.

قالوا: في الثبات على هموم الدعوة ... استمرارية مسير الدعوة.

الثبات ... الثبات

هو أن تثبت في موطن الحق ليقينك أنه حق ، ولأن الحق هو الأبقى مهما تناوشته خفافيش الباطل .

ومن لوازم الثبات على الحق حسن الفقه فيه والفهم له ، مع الاطمئنان لسلامة الغاية وشرف المقصد .

وأنت اليوم ـ أخي في الله ـ فقيه برسالتك فاهم لها ؛ فهي رسالة الإسلام ، وأنت مطمئن لسلامة الغاية وهي حمل هذه الرسالة للدنيا ، وعالم بشرف القصد وهو رضوان الله عنك في الآخرة ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [33- فصلت] .

أخي في الله : أنت تحقق المطلوب .. فتثبت على الحق الذي تعلم ، وعلى الحقيقة الواضحة لديك ، وغايتك رضوان الله عنك في الدنيا والآخرة ، وتنوشك الآن البلايا من كل جانب .. هل تثبت ؟ .. وهل تصبر ؟ .. وهل تحتسب ؟!! ، يلزم ذلك ... والعاقبة الحسنة بين يديك.

كن نموذجا في الثبات والصبر والاحتساب مثل الصحابي الأسير في دولة الروم ، وكن على يقين أن الله سيحقق وعده .. وقد قال ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ ﴾ [من الآية 55 – النور]

روي أن ملك الروم طلب واحدا من أسرى المسلمين ليفاوضه على دينه ؛ قال له :« لك نصف ملكي على أن تترك دين محمد » ، فقال الصحابي : «لو كان لي ملكك وسبعة أمثاله على أن أترك دين محمد ما تركته» ؛ غضب المك وصاح: «يا جنود : أذيقوه ألوان العذاب» وعادوا بعد تعذيبه واهن القوى وما زال جوابه: «كلا والله لن أن أترك دين محمد ولو أزهقت روحي»

فغضب الملك وصاح : «يا جنود : ألقوه في قدر ماء يغلي» .. وساروا به نحو القدر ، واقتربوا به من ، حتى رأى شدة غليانه وفورانه ، ولما أوثقوه بالحبال ، بكى بكاءً شديداً ، فظنوه قد تخوف من الموت بهذه الصورة البشعة ، وأَمَّلُوا أن يستجيب للملك ، فعادوا به .

قال الملك : «هل تركت دين محمد؟!» .. قال الصحابي :«لا والله ولو أُزهقت روحي» .. قال المك : «إذن ما يبكيك؟» .. قال الصحابي : «أعلم أن لي نفساً واحدة تموت في سبيل الله شهيدة ، وتمنيت أن لو كان لي بعدد شعري أَنْفُساً تموت شهيدة في سبيل الله الواحدة تلو الأخرى».

فلما رأى الملك ثباته قال له : «قبل رأسي وأنا أطلق سراحك» .. قال الصحابي الثابت على دينه : «لا والله حتى تطلق سراح جميع أسرى المسلمين» .. فأذعن الملك لإصرار الصامد وأطلق الجميع .

ألا إن الثبات على الحق ، هو من دقة الفهم وعمق اليقين ... ألا إن دعوة الإسلام عالمية ، فرض عين على جميع المسلمين ، ومشوارها طويل .. فليثبت الدعاة ؛ رجاء الفوز عند الله .

المصدر