اعتزال الملاكمـــة مبكرا

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

فهرس الكتاب

وفى مدرسة الالهامية بدأ شبابى وبدأ اهتمامى بمظهرى كما كنت مهتما بمخبرى فكان الحذاء دائم اللمعان والبنطلون كأنه خارج من تحت المكواه ذلك لأنى إذا عدت من المدرسة أخر النهار جلست فى غرفتى الخاصة وأخذت أنظف حذائى بالورنيش وأبخ البنطلون بشىء من الماء وأضعه بين مرتبتى السرير محافظة على استقامته وما عرفت فى المدرسة الثانوية شقاوة الشباب فلا أجرى كما يجرون وراء بعضهم بعضا ولا ألعب الكرة بحذائى وحاولت أن أتعلم الملاكمة ولكن معلمى إياها ضربنى " بوكسا " جعلنى أعتزلها الى الأبد ودخلت الكشافة المدرسية لكنى سئمتها ولم أباشر أى نوع من انواع الرياضة طوال دراستى الثانوية رغم اهتمامى بالأنباء الرياضية الداخلية منها والخارجية .

طوال دراستى الثانوية كنت تحت رقابة والدى وكانت رقابة دقيقة وشديدة . كان يعلم أن الحصة الأخيرة تنتهى الساعة كذا .

والمسافة بين الحلمية حيث تقيم تستغرق كذا دقيقة فلا بد إذن أن أكون الساعة كذا داخلا من بوابة المنزل لأجده جالسا فى السلالم والساعة فى يده . فأقبل اليد الكريمة وأصعد الى غرفتى . والويل كل الويل لى لو تأخرت عن الموعد المعتاد خمس دقائق أسمع من التقريع والتأنيب ما لا أستطيع معه أن أعترض أو أدفع أو أشرح . رغم ذلك فقد كنت سعيدا بهذه المعاملة التى كنت أشعر من ورائها بحب أبوى غامر تمنعه التقاليد أن يقول لأبنه إنه يحبه فلم يكن مستساغا فى ذلك الحين فالأب أب والإبن إبن ولكل منهما موضعه التقليدى مهما كان أحدهما يحب الآخر .

إنه كان ينتظرنى بالدقيقة إشفاقا على أن أتأخر بسبب حادث كانت لمعة الراحة تلمع فى عينيه لمجرد رؤيتى عائدا فى موعدى إنه ما كان يخشى علىالانحراف لأنه يعهد فى ابنه عمر استقامة وجدية وإقبالا علىا لدراسة .

وسواء أصحت فراسته فى أو لم تصح فقد كانت هذه عاطفته نحوى وخوفه على .

وأذكر أنه عقب ظهور نتيجة البكالوريا سنة 1924 أرسل الكثير من الطلبة الراسبين عدة شكاوى الى الأهرام فنشرت شكاواهم وطلبت من زملائهم أن يقروهم أو ينكروا عليهم فأرسلت ردا الى الأهرام نشر قلت فيه  : إن إمتحان اللغة الإنجليزية لم يكن صعبا ولكنه كان طويلا .

وما أن رأى أبى اسم إبنه ينشر فى الاهرام حتى استطار من الفرح وأمسك بالاهرام يعرضه على كل من يعرف مفاخرا فى صورة اللائم قائلا : شوف الولد العكروت كاتب إيه فى الأهرام وكأنه يريد أن يقول لمن يقرأ الخبر : ابنى أصبح يكتب فى الصحف كان يحبنى فعلا ولكنه لم يمتعنى بكلمة الحب يوما .

فهرس الكتاب