الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الأب نسين: موقف الإخوان تجاه الأقباط أكثر سماحةً»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
(أنشأ الصفحة ب''''<center><font color="blue"><font size=5>الأب نسين: موقف الإخوان تجاه الأقباط أكثر سماحةً</font></font></center>''' '''<cente...')
 
ط (حمى "الأب نسين: موقف الإخوان تجاه الأقباط أكثر سماحةً" ([edit=sysop] (غير محدد) [move=sysop] (غير محدد)))
 
(لا فرق)

المراجعة الحالية بتاريخ ١٤:١٥، ٤ أكتوبر ٢٠١١

الأب نسين: موقف الإخوان تجاه الأقباط أكثر سماحةً
04-12-2005

خاص- إخوان أون لاين

مقدمة

الهلال والصليب

الأب الدكتور كرستيان فان نسين راهب في دير الآباء اليسوعيين في شبرا، هولندي الجنسية، ويقيم في مصر منذ عام 1962م، وهو معنيٌّ بالعلاقة الإسلامية المسيحية، ليس من الناحية السياسية ولكن من الناحية الاجتماعية والثقافية بصفته الدينية كراهب كاثوليكي والعلمية بحكم خبراته التي تراكمت لديه؛ باعتبار إقامته ومعايشته لمصر طوال هذه الفترة ولدراساته العلمية كأستاذ فلسفة في كلية العلوم الإنسانية واللاهوتية للأقباط الكاثوليك في المعادي، وشغله لعضوية لجنة الفلسفة في المجلس الأعلى للثقافة ولجنة الفلسفات والديانات بمكتبة الإسكندرية، وعضو هيئة تدريس معهد الدومينكان للدراسات الشرقية للأب جورج فتواي.

ويَعتبر كرستيان العلاقة الإيمانية بين المسيحيين والمسلمين هي قضية حياته ومحور دراساته، وهو ما عالجه باستفاضة في كتاب ألَّفه بالفرنسية بعنوان (مسيحيون ومسلمون إخوة أمام الله) مُهديًا كتابه لزميله الدكتور محمود رجب أستاذ فلسفة كاتبًا: "للذكرى محمود رجب أخي في الله الذي صداقته ينبوع هذا الكتاب".

ويحكي في سطورٍ خبراتِه وقناعاتِه في العلاقات المسيحية مع المسلمين، لا سيما أنه حصل على الدكتوراه في الفكر الإسلامي التي كانت بعنوان (مفهوم سنن الله في تفسير المنار للإمام محمد عبده)، وقد توصَّل الأب كرستيان إلى أنه لا قيام لعلاقة متوازنة بين المسلمين والأقباط ما لم ترتكز على أصول المواطنة والمشروع المشترك، وهذا لن يتم إلا عبر تفهمات عميقة وحوارات ولقاءات مستمرة؛ حيث يرى أنَّ هناك مناطقَ التقاء رُوحية مثل الصلاة، وما تُفرزه من ثمرات وتهذيب، كما أنَّ اللقاء بين الجانبين يعمل على إزاحةِ التحفظات الموجودة عند كل طرف، وكيف يمكن التغلب عليها، فأي مشكلة لا بد لها من حوار، وهذا لن يتأتى في رأيه إلا إذا آمنا بأنَّ الإسلام دينٌ له قِيَمُه الروحية والإيمانية، ويجب أن نبتعد عمَّا يُثار حوله من شُبهاتٍ وأفكارٍ سادت العالم بعد 11 سبتمبر.

وعندما سألتُه ولماذا لا تقول عن الإسلام إنه دين سماوي أجاب: مصطلح الديانة السماوية هو إسلامي الأصل وإيماني، فالإسلام على النحو الذي يرجوه البعض لا يعني إلا إخراجي من عقيدتي المسيحية، وهذا لا يُنقص من احترامي وتقديري له، وليس أدلَّ على ذلك دراساتي التي تحاول اكتشاف نقاط الالتقاء أمام الله الذي يجمعنا جميعًا دون إنكار للاختلافات، ولكن دعْنا ندير خلافَنا بطريقة إيجابية، فأنا أرى أنَّ المسلمين جزءٌ من الـ(نحن)، وكوني مسيحيًّا ليس معناه أن أكون في مواجهةٍ ضد المسلمين، فهم بالنسبة لي شيءٌ واحدٌ.

البحث عن الماضي

  • ماذا عن تقييمك للعلاقات بين المسلمين والأقباط الحالية؟
الأب كريستيان: مصر أساسًا وفي حكم تكوينها مجتمعٌ وثقافةٌ واحدةٌ، والعلاقة بين المسلمين والأقباط متداخلةٌ، فلا فواصلَ جغرافية ولا لغوية، ولكن بعد نكسة 67 حدثت تغيرات عميقة مسَّت الشارع المصري، فلأول مرة في التاريخ المصري يتحرك الريف مباشرةً في هجرات متتالية ليس للقاهرة أو الإسكندرية، ولكن إلى الدول العربية، وما ترتب على ذلك من آثارٍ عن دخول الكهرباء، والتليفزيون والفيديو، وكل هذه الأمور أحدثت انقلاباتٍ عميقةً في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وخلقت نوعًا من أزمة الهوية، وصارت للكثيرين قرينةٌ للدين؛ باعتباره العنصر الوحيد الجامع للهوية.
وبدأت تسود في المجتمع تصنيفات: هذا مسلم، وذاك مسيحي، بل وداخل المسلمين تصنيفات وداخل المسيحيين تصنيفات حسب الملل والمذاهب، ولكن مع ذلك ظلَّت وحدة المجتمع هي الأصل، ولكن لا يمكن تجاهل أنَّ هناك أزماتٍ داخلََ جماعات المسلمين والأقباط، وصارت كل جماعة تنغلق وتنعزل، وهذا مخالفٌ للحالة التي شاهدتها عام 1962م عندما جئتُ للدراسات العليا في جامعة عين شمس؛ حيث لم أكن أشعر بأي تصنيف أو تمييز، ولكن 20 سنة بعدها رأيت أحد الطلاب المسيحيين يحاول الاختلاط بزملائه فنهره زميلٌ له قائلاً: لماذا تُكلم المسلمين؟!
وهذا ليس معناه شيوع هذا النمط، ولكن لا يمكن إنكاره، ولمَّا حدثت التصادمات في بداية الثمانينيات زادت هذه النظرة وشاعت تلك الأحاسيس، ولحُسن الحظ كان هناك عقلاء في الطرفين يواجهون ذلك ويرفضونه، ويكافحون من أجل امتصاص هذه التوترات، وقد قامت جمعية العدالة والسلام التي أسسها الأب جورج قتواني بدور لهم في هذا الإطار من خلال عدة حوارات مع شخصيات بارزة في المجتمع المصري.
  • لكن لماذا انعزلت الكنيسة المصرية؟
داخل الكنيسة شيء من الخوف من الاحتكاك؛ خوفًا من محاولات تغيير الديانة، فهناك إحساسٌ بأنَّ بعض المسلمين يقومون بهذه المحاولات، وأنا على مستواي الشخصي غير متأكد من صدق هذه الأحداث، فليست هناك دراسةٌ توثِّق مثل هذه التصرفات، لكنَّ تصديقنا أو عدم تصديقنا لن يغير من الأمر شيئًا؛ حيث أدَّى هذا الإحساس إلى الانعزال وتقديم الرعاية الاجتماعية والخدمية وفصول التقوية لأبنائها، ونتيجةً لذلك يقل الاحتكاك.. نفس الأمر يمكن أن ينطبق على الأزهر الذي تجمعنا برجاله علاقةٌ حميمةٌ، ومع تقديرنا للمنهج الذي يسمح بدراسة المذاهب وما يعكسه ذلك من ترسيخ للتسامح، ومع فهمنا أن التعصب مبتعدٌ عن معاهدها إلا أنَّ عدم الاختلاط بين الشباب المسيحي والمسلم سيؤدي إلى مشاكل مستقبلية، وأنا لا أطالب أن تفتح المعاهد حتى يدرس بها المسيحيون، ولكن يمكن أن يتم ذلك في منتديات الحوار والاستضافات؛ لأن هذا يمكنهم من التغلب على مشاكلهم.
لأن انغلاق الكنيسة وانغلاق المسلمين يُثير الشكوك عند كل طرفٍ من الطرف الآخر لنصل في النهاية إلى خطاب مزدوج على المستوى الرسمي الذي يرى أنَّ كل شيء على ما يرام، والجميع حبايب، وقلة ثقة من ناحية أخرى تسود خطابَ بعض المسيحيين والمسلمين؛ فهناك بعض المسيحيين الذي يردد "لا نستطيع أن نثق في المسلمين"، ونفس الأمر يحدث عند مجموعة من المسلمين، وكل ذلك يمكن أن نلمسه أحيانًا في بعض الوظائف والتعيينات، وهي- للأمانة- ليست حالةً دائمةً.
  • هل هي تصرفاتٌ فردية؟!
أنا أرى أنَّ هذه الظواهر ليست شاملةً، ولكنها في نفس الوقت ليست قليلةً، ونفس الشيء يسود لدى قطاعات من المسيحيين الذين يودون أن يقوموا بالتمييز إذا كانت لديهم الإمكانية، الطرفان ينتابهم نفس الشعور ويتمنَّون أن يزيحوا الآخر من العمل والسكن، وهذه الظاهرة بهذا المعنى ليست مشكلة بين المسيحية والإسلام كديانتين، ولكن المشكلة اجتماعية، ومن الخطأ معالجة أوجاع الأقلية بعيدًا عن هموم الأغلبية، فلا بد من دراسة المجتمع ككل وليس كطوائف وأحزاب، وقد استضفنا في جمعية (العدالة والسلام) بعض الإسلاميين لنقف على الحواجز والتحفظات الموجودة لدى كل طرف، ثم نقوم بتحليل هذه الأمور؛ تمهيدًا لتجاوزها والحوار هو الأمل لعبور المصاعب.

مع الإسلاميين ممكن

  • وكيف ترى دور الإسلاميين وتأثيرهم على العلاقة بين المسيحيين والمسلمين في مصر؟
ليسوا سواءً، ودائمًا أُحذِّر من التعميم والتبسيط في تناول مثل هذه الأمور، فمن الإسلاميين مَن يقبل تمامًا بالمواطنة بكل معناها بين المسلمين وغير المسلمين، ومنهم مَن يُميِّز بين الإسلام كدين والإسلام كمشروع اجتماعي وثقافي واقتصادي، ويعتبرون هذا المشروع مفتوحًا، ويرحب بغير المسلمين داخله بل ويرحب بعضهم أن يكون غير المسلمين رئيسًا للجمهورية، ومعنى هذا أنه ليس كل الإسلاميين متشددين، فهناك درجة بالإحساس من الآخر تنمو، كما شهد هذا المفهوم تدعيمًا بطرق مختلفة.
ويمكن الإشارة إلى أن الشيخ رفاعة الطهطاوي في كتابه (المرشد الأمين) حاول أن يبرز مفهوم المواطنة بطريقة عجيبة؛ فحاول أن يبلوره استفادةً من مطالعاته الفرنسية والمفاهيم الإسلامية؛ حيث إنَّ المواطنة تستند على أن الإنسان ينتمي للأرض وهذه الثنائية (الأرض والدين) برغم أنه أشاع نوعًا من اللبس، إلا أنه سلَّم بدخول الانتماء للأرض داخل مفهوم المواطنة بجوار الدين، وفي ثورة 1919م تمَّ الترحيب بالانتمائين (الأرض والدين)، لا سيما "شعار الدين لله والوطن للجميع"؛ لذا نستطيع أنَّ نقول إنَّ الجميع عاشوا على دفعة ثورة 1919م فترةً تُعتبر من أزهى عصور المواطنة؛ حيث المساواة، وإنَّ المسيحي من الممكن أن ينتخب في دائرة مسلمين.
وبعد 50 سنة لم يعد الأمر بسهولة في انتخابات مجلس الشعب باستثناء وقوف الإخوان مع المرشح الوفدي فخري عبد النور، فهذه الفترة يمكن القول فيها بأن الإحساس الديني كان أقوى.. الأمر الذي يمكن فهمه أن هناك تمييزًا ضد غير المسلمين.
  • وتحديدًا كيف ترى موقف الإخوان من غير المسلمين؟
التمييز بين الإخوان والجماعات الأخرى مهم، لا سيما على مستوى العنف، فتلك الجماعات خصوصًا الجهادية لديها استبعاد للآخر، وأنا أشهد أنَّ الإخوان وإسلاميين آخرين مثلهم لديهم موقف مبدئي وصادق ضد العنف وتأكيد حقوق الآخرين، ولكن هذا لا ينفي وجود تساؤلات حول المشروع الإسلامي، ومكان الآخر داخله، وهل سيسمحون لغير المسلمين أن يكونوا فاعلين ويشاركونهم اجتماعيًّا وسياسيًّا، وهل ستلعب العقائد دورًا في التمييز ضد الآخرين أو ما رؤيتهم لحقوق المواطنة، وهل أنا مواطن لأنني منتمٍ لأرض مصر أم أنا مواطن لأنني مسلم؛ لأنه في اللحظات الحساسة تظهر مثل هذه الأقوال، وهذا ليس اتهامًا للنوايا.
وأذكر أنَّ الدكتور صلاح عبد المتعال (الباحث الإسلامي) قال ذات مرة: أنا مستعد أن أستبدل كلمة "مشروع إسلامي" إلى "مشروع إيماني"، وأن يبلور أفكارنا ومشاريعنا عن العدالة للإنسان، وأن نطبق مبادئ الإيمان.

المصدر