الأزمة الصومالية المستمرة ورؤية حركة الإصلاح في الصومال

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ٢١:٠٠، ١٤ نوفمبر ٢٠١١ بواسطة Rod (نقاش | مساهمات) (←‏دور العالم العربي والإسلامي في الصومال)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
الأزمة الصومالية المستمرة ورؤية حركة الإصلاح في الصومال


المقدمة

حركة الاصلاح في الصومال.jpg

عندما انهارت الدولة الصومالية انتقلت حركة الإصلاح من وضع سياسي استبدادي كانت الظروف فيه تحتم عليها السرية التامة، إلى وضع مغاير تعم فيه الفوضى والحرب وغياب القانون. وفي أول مؤتمر للحركة بعد الانهيار عام 1992 أعدت الحركة استراتيجية واضحة المعالم للتعامل مع الأزمة الصومالية من ناحية وتفعيل المشروع الإسلامي الوطني من الناحية الأخرى. ومن أبرز معالم هذه الإستراتيجية المراجعة والتطوير الشامل لهياكلها وأجهزتها المختلفة، ورفض كل أشكال العنف بين الأشقاء الصوماليين، مع التركيز على الخدمات الإجتماعية والمصالحة الوطنية.

و بناءا على ذلك، شرعت الحركة منذ عام 1992م بتفعيل دورها في المجتمع والعمل العام لملء الفراغ الناجم عن غياب حكومة تهتم بالشعب وترعى شؤونه ؛ وكان عملها يرتكز على المحاور التالية:

  • 1 - اتخاذ مواقف صارمة من فتنة التناحر حيث أعلنت رفضها القاطع لأية مشاركة في الحرب الأهلية، معتبرة ذلك فتنة عمياء تأكل الأخضر واليابس، وأعلنت موقفها للجميع بمن فيهم الأطراف المشاركة في الحرب.
  • 2 - تبني سياسة "الحيادية" بين الجبهات والفصائل المتحاربة وإبعاد المشروع الإسلامي من الوقوع في مستنقع الحروب القبلية.
  • 3 - التركيز على المصالحة بين القبائل والشرائح الاجتماعية وذلك بتأسيس المجلس الصومالي للمصالحة بالتعاون مع زعماء العشائر والعلماء والطبقة المثقفة ليشرف على الأعمال اليومية للمصالحة الوطنية وأنشطتها.
  • 4 – العمل على توفير الخدمات الضرورية للمجتمع وخاصة التعليم بمراحله المختلفة واتخاذ اللغة العربية لغة الدراسة في المدارس باعتبارها لغة القرآن الكريم وتراث الشعب الصومالي المسلم.
  • 5- التعاون الوثيق مع العلماء والفقهاء و العشائر والعمل معهم على المصالحة بين الأطراف المتناحرة.
  • 6 - نهج سياسة "التعامل مع الواقع" المتمثلة في التعاون مع الكيانات والسلطات القائمة وزعماء القبائل والعشائر في المناطق المختلفة من البلاد من أجل تحقيق مصالح المجتمع وتوجيهه نحو الخير والتعاون ونبذ العنف وغرس قيم السلام والمحبة في النفوس.


الحركة والمصالحة السياسية

وفي عام 1999م اتخذت الحركة قرارا تاريخيا تمثل في السعي والعمل على إعادة كيان الدولة الصومالية بعد فشل جهود 12 مؤتمرا للمصالحة بين الجبهات المسلحة، وذلك بالتعاون مع كافة القوى الوطنية بمختلف توجهاتها، وكثفت جهودها في هذا الاتجاه.

وبناءا على ذلك شاركت الحركة بفعالية في مؤتمر المصالحة الصومالية بجيبوتي في عام 2000م، ونجح هذا المؤتمر وتمخضت عنه نتائج مرضية تمثلت في بروز مسار وطني ذو توجه إسلامي، وعودة مؤسسات الدولة المركزية مثل: البرلمان، والحكومة والرئاسة، واشتهرت تلك الحكومة بحكومة "عرتا".

ويعود هذا الفضل بعد الله إلى موقف رئيس جمهورية جيبوتي الرافض لتدخلات القوى الدولية التي كانت تسعى لإخفاق المؤتمر، مما ساعد الصوماليين على تحقيق هذا الإنجاز التاريخي، بالإضافة إلى التعاون الوثيق بين الحركة والقوى الوطنية الأخرى من جهة، وبين جمهورية جيبوتي الشقيقة من جهة أخرى. ورغم تلك الجهود الجبارة، فإن ذلك المشروع للمصالحة لم يحقق أهدافه المنشودة في اعادة الدولة [الصومال]ية لأسباب عديدة، في مقدمتها:

  • (1)الضعف الداخلي للحكومة الإنتقالية التي انبثقت عنه، والتي عرفت بعدم التجانس فيما بين أجنحتها وقياداتها، مما أفقدها ثقة القوى المتعاونة معها في الداخل والخارج.
  • (2)بروز جبهات صومالية مسلحة بتحريض من القوى المتربصة بمشروع الدولة الصومالية، وبدعم من قبل القوى الإقليمية المؤثرة على الساحة الصومالية، والتي لم ترق لها نتائج مؤتمر "عرتا".
  • (3)رفض القوى الدولية التعاون مع الحكومة الإنتقالية ووضع العراقيل أمامها أيا كانت الأسباب التي أدت إلى تلك المواقف السلبية.

بعد فشل حكومة " عرتا " عُقد مؤتمر آخر للمصالحة الوطنية في كينيا في الفترة 2002-2004م بقيادة الهيئة الاقليمي لدول شرق افريقيا للتنمية ومحاربة التصحر (IGAD) وبتأثير إثيوبي قوي، ودعم من المجتمع الدولي. وتشكلت أغلبية الوفود المشاركة فيه من زعماء الفصائل المسلحة وأنصارهم، بينما استبعد معظم أبناء الحركة وقوى المجتمع المدني والعناصر الوطنية الأخرى من الوفود المشاركة في المؤتمر ناهيك عن التأثير فيه.

انبثق عن هذا المؤتمر برلمان أغلب أعضائه من الجبهات والفصائل المسلحة وأنصارهم، مفتقرين إلى الدعامتين الأساسيتين للحكم الرشيد (الكفاءة والنزاهة). وبالرغم من ذالك فإن معظم الصوماليين تقبلوا نتائج المؤتمر من باب عدم وجود البديل الأفضل، وطمعا في تحسين النطام السياسي فيما بعد.

لم تكن الحركة طرفا في تشكيلة الحكومة الفيدرالية المؤقتة التي أسفر عنها مؤتمر "إمبكاثي" في كينيا، كما أن للحركة ملاحظات ومآخذ على المواقف الوطنية للحكومة الفيدرالية المؤقتة وعلى أداء عناصرها، ومع ذلك فهي تؤيد مشروع الوفاق الوطني الذي بدونه لن تزداد الأزمة الصومالية إلا تفاقما واستفحالا.


المحاكم الإسلامية بين الصعود والنزول

تأسست أول محكمة في مقديشو عام 1991م للتعامل مع حالات الانهيار الأمني الذي حصل آنذاك، ومنذ ذلك التاريخ وحتى عام 2004م كانت المحاكم تقوم بأدوار أمنية متواضعة بعيدة عن السياسة والعسكرة ، خاضعة للنفوذ القبلي البحت، ولم يكن بينها أية علاقات تستحق الذكر. بيد أن نفوذها قد سجل تصاعدا مفاجئا خاصة بعد أن توافرت لديها عوامل وظروف ساعدتها على التغلب على أعدائها. إذ ظهر في الساحة الصومالية تحالف مؤلف من بعض زعماء الفصائل وتجار الحرب، مدعوم من قبل الولايات المتحدة، تحت اسم "تحالف السلام ومحاربة الإرهاب" والرامي إلى إلقاء القبض على بعض رموز المحاكم المطلوبة أمريكيا وتسليمها إلى المخابرات الأمريكية.

النتائج البارزة المترتبة عن سيطرة المحاكم الإسلامية على العاصمة والمدن المحيطة بها:

  • (1) ارتياح أمني عام في العاصمة حيث أصبح السلاح بأيدي قوات المحاكم فقط في مدة وجيزة ولم تعد هناك مليشيات خارجة عن المحاكم .
  • (2) فتح مطار وميناء العاصمة مما أحيى الأمل في إمكانية تشغيل المرافق الأساسية مرة أخرى.
  • (3) بذل جهود محلية ودولية للتقريب بين المحاكم وبين الحكومة الفدرالية ، وكان أبرزها ما قامت به السودان بالتعاون مع الجامعة العربية، وما قامت به كل من جمهورية مصر العربية ودولة قطر والإمارات العربية المتحدة والجمهورية العربية اليمنية.
  • (4) توتر العلاقات بين الحكومة والمحاكم بعد سيطرة الأخيرة على مدينة "جوهر" المقر السابق للحكومة وخاصة بعد الاتفاق في الجولة الأولى من المفاوضات في الخرطوم على وقف الانتشار .
  • (5) موافقة البرلمان الصومالي في منتصف يونيو 2006م على نشر قوات تدخل إفريقية لحفظ السلام في الصومال خلافا لرأيه السابق المعترض عليها، خوفا من أن تزحف قوات المحاكم الإسلامية للسيطرة على مقر الحكومة في "بيدوه"، وسماح البرلمان بتدخل قوات الدول المجاورة في الظروف الطارئة تمهيدا للتدخل الإثيوبي. (صوت لصالح القرار 125 نائبا ورفض 73 نائبا من 199 نائبا حضر الجلسة)
  • (6) ارتفاع وتيرة الصراع والاستقطاب الإقليمي وظهور بوادر الحرب بين إثيوبيا والحكومة الفدرالية من ناحية، وبين المحاكم الإسلامية وأريتريا من ناحية أخرى بعد أن فشلت كافة الجهود المبذولة في الساحة من أجل احتواء الموقف.
  • (7) اتخاذ مجلس الأمن الإفريقي قرارًا بالتدخل في الصومال وإرسال قوات أفريقية إليه لدعم الحكومة الفدرالية .
  • (8) اتخاذ مجلس الأمن الدولي قرارًا بالتدخل في الصومال تأييدا لقرار المجلس الإفريقي بحجة تقوية مؤسسات الدولة الصومالية وتمكينها من بسط السيطرة على أراضيها.

كل تلك العوامل السابقة وغيرها أعطت إثيوبيا المبررات والذرائع لاجتياح الأراضي الصومالية .


مراحل تعاملت الحركة مع المحاكم

المرحلة الأولى :

عندما بدأت المواجهات بينها وبين أمراء الحرب كان أعضاء المحاكم مظلومين وبالتالي تعاطفت الحركة معهم إنسانيا كباقي القوى الصومالية، انطلاقا من القناعة بأنهم مطاردون ويدافعون عن أنفسهم . وقد أدى هذا التعاطف الشعبي الكاسح إلى سيطرة المحاكم على العاصمة وماحولها.

المرحلة الثانية :

عندما سيطر اتحاد المحاكم الإسلامية على العاصمة وما حولها شكلت المحاكم نفسها كجبهة إسلامية مسلحة لها مجالسها الشوروية والتنفيذية، واتبعت المحاكم الإسلامية سياسة الإقصاء والتهميش والإذابة لجميع التنظيمات والقوى السياسية الأخرى بما فيها حركة الإصلاح ومنظمات المجتمع المدني. غير أن حركة الإصلاح تحاورت مع قيادات المحاكم وعقدت معها 17 جلسة ، وقدمت لها مقترحات عملية كانت تتركز على التالي :
  • (1) التحاور مع الحكومة الفدرالية لتجنيب البلاد خوض حرب جديدة مدمرة تجلب الويلات على المجتمع الصومالي من جديد.
  • (2) إشراك القوى الوطنية المؤثرة في تحديد مصير البلاد وهو أمر يشترك في تحمل مسئوليته المجتمع الصومالي برمته .
  • (3) وقف الزحف العسكري تجاه مدينة بيدوا وتهدئة الأمور والتركيز على تشكيل إدارات محلية تتولى إدارة المناطق التي تسيطر عليها المحاكم والقوى المساندة لها.
  • (4) تكوين حركة الإصلاح لجنة خاصة للوساطة والمصالحة بين المحاكم والحكومة لتقريب وجهات النظر ومحاولة إنقاذ الموقف. والجدير بالذكر أن الحكومة قبلت هذا العرض في حين رفضت المحاكم مقابلة لجنة الوساطة والمصالحة بدون مبرر منطقي يستحق الذكر.
هذا ولم تنقطع اتصالات الحركة بقيادات المحاكم طوال تلك الفترة لمعالجة المستجدات وتقديم النصائح و عرض الأفكار بشأن مختلف القضايا، إضافة إلى تحملنا الجزء الأكبر من الأضرار التي كانت تلحق بالمجتمع المدني من جراء سياساتهم الظرفية، بكون مؤسساتنا تمثل الثقل الأكبر في مؤسسات المجتمع المدني.
وعقب صعود نجم المحاكم الإسلامية وسيطرتها على العاصمة ، اتسمت العلاقة بين المحاكم والحكومة بالقلق والشك المتبادل، وتطورت الأمور إلى توتر شديد انتهى بحصار مدينة "بيدوة" مقر الحكومة من قبل المحاكم الإسلامية. واستنجدت الحكومة الصومالية بقوات إثيوبية لإنقاذها من ضربة المحاكم الإسلامية، وانتهت المواجهة بهزيمة المحاكم الإسلامية على يد القوات الحكومية والقوات الإثيوبية المساندة لها في يناير 2007 م. كما انتهت محاولة المعارضة لاستئناف أعمالها المسلحة في العاصمة وسط المناطق الآهلة بالسكان في مارس بهزيمة أخرى في أبريل 2007م محدثة كارثة إنسانية في البلاد، بعد ذلك انتقلت المحاكم إلى سياسة عدم المواجهة وانتهاج حرب العصابات.
وللأسف الشديد أن آلافا من الشباب المتحمس للإسلام والمستعد للدفاع عن أرضه وكرامة وطنه واجه الموت دون إعدادهم الضروري لمواجهة مثل هذه الظروف الصعبة أمام جيش إثيوبي جرار، مدجج بأحدث أنواع الأسلحة الفتاكة ، في حين لم يكن واضحا في الشارع الصومالي من الذي أصدر أوامر الحرب بسبب غياب معظم قيادات المحاكم عن الساحة الصومالية حيث تفيد المعلومات أن قرابة نصف قيادات المحاكم سافروا لأداء فريضة الحج!


انتشار القوات الإثيوبية في المحافظات الجنوبية

انتشرت القوات الإثيوبية في المحافظات الجنوبية للصومال؛ مناطق نفوذ المحاكم الإسلامية سابقا. وفيما يلي قراءة سريعة لمواقف فئات المجتمع الصومالي المختلفة من هذه التطورات الأليمة، لنسلط الضوء على المواقف المتباينة من التدخل الإثيوبي لابد من الوقوف على الخارطة السياسية والاجتماعية الصومالية:

(1) أرض الصومال ( الشمال):

ولقد أعلنت الانفصال عن الجنوب منذ عام 1991م، ويعتبر النظام الحاكم ما يحدث في الجنوب شأنا خارجيا لا علاقة له به. ويتمتع النظام بعلاقات متميزة مع إثيوبيا، وبالتالي ينأى بنفسه عن اتخاذ مواقف سياسية قد تعكر صفو هذه العلاقات، إلا أن الشعب لا يخفي انزعاجه عن التدخل الإثيوبي عموما.

(2) ولاية بونت لاند: ( شمال شرق الصومال):

ولاية بونت لاند في شمال شرقي الصومال تتمتع بقدر من الاستقرار النسبي وبحكم ذاتي، وتدعم غالبية سكان هذه المنطقة الحكومة الفيدرالية وتؤيد استعانتها بالقوات الإثيوبية بصورة مؤقتة ريثما يستتب الأمن في البلاد علما بأن هذه المنطقة شهدت حروبا طاحنة عام 1992 بين الاتحاد الإسلامي وبين مليشيات العشائر في الولاية ولديهم حساسية مفرطة من المحاكم بهذا السبب.

(3) جنوب الصومال:

شهدت هذه المناطق أشرس الصراعات الدموية التي دارت رحاها بين الفئات الصومالية المتناحرة منذ بداية التسعينات، كما وقعت فيها أفظع الكوارث الطبيعية مثل القحط والجفاف والفيضانات والمجاعة مما أفضى إلى نزوح جماعي رهيب وهجرة متواصلة إلى الدول المجاورة وإلى جميع أصقاع المعمورة.
ارتكبت المليشيات المدججة بالسلاح في جنوب الصومال انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان طيلة عمر الأزمة الصومالية، وفشلت زعامات الفصائل المتناحرة في إيجاد صيغة وفاقية تؤسس نوعا من الإدارة.
وكانت زعامات الفصائل في هذه المناطق تمثل معول هدم لأي مشروع وفاقي قد يؤدي إلى ميلاد الدولة الصومالية من جديد، وتقع هذه المناطق حاليا من الناحية النظرية تحت حكم الحكومة الفيدرالية الانتقالية رغم عدم سيطرتها الفعلية على مناطقه المختلفة بصورة عامة.
ونتيجة لتراكمات الأزمات والكوارث والصراعات السياسية المزمنة فإن سكان هذه المناطق قلما يتخذون مواقف موحدة حيال التطورات والمستجدات في الساحة الصومالية، وعليه فإنهم إزاء التدخل الإثيوبي منقسمون إلى معارض ومؤيد ومحايد، وينظرون إليها من زاوية المصالح الآنية.
من ناحية أخرى ظهرت معارضة مسلحة للحكومة الانتقالية ومواقفها، وتتكون من جماعات ساخطة غير متجانسة، تختلف في الأفكار والأهداف والأساليب والتنظيم، وتتبنى بعض الجماعات في منظومة المعارضة افكارا متشددة تصل إلى تكفير من لا يوافقهم على نهجهم وحكم الآخر المخالف بالردة فورا، وتصفية كل من تتهمه بتأييد الحكومة أو من توظف في مؤسساتها.

رؤية حركة الإصلاح في كيفية خروج الصومال من أزمتها الراهنة

في المرحلة الراهنة والنستقبل القريب يبدو أن الوضع العام يتمثل في "حكومة صومالية ضعيفة تحت حماية إثيوبية ودولية تحاول النمو والتقدم ويساندها العالم في بناء مقوماتها الذاتية، مع استمرار معارضة مسلحة تتكون من فصائل مختلفة تراهن على ضعف الحكومة".

وتعتبر الحركة أن ما يحدث في الساحة الصومالية هو امتداد للحرب الأهلية المستمرة منذ فترة، تلك الحرب التي كانت من سماتها القاتلة الاستقواء بالأجنبي، والصراع على السلطة والمصالح الذاتية بين الأشقاء والإخوة في الدين وإن اختلفت أعمالهم ومدى التزامهم به، مع تدخلات من قوىخارجية أبرزها إثيوبيا وأمريكا لتحقيق مصالحهما القومية الإستراتيجية؛ وبالتالي فهي ترى أن الحل يكمن في :

(1) الحوار والمصالحة:

الحوار والمصالحة هما السبيل الوحيد للوفاق الوطني وحل الأزمة من غير تهميش أية قوة وطنية سواء أكانت أفرادا أو جماعات. وترى الحركة أن الاستقواء بالأجنبي واستخدام القوة لحل الخلافات بين الأشقاء قد أدى وسيؤدي إلى فشل ذريع حسب التجارب السابقةِِِِِ.

(2) إعادة اللحمة الوطنية والنسيج الاجتماعي:

ولتحقيق المصالحة الشاملة والكاملة وديمومتها لا بد من إعادة اللحمة الوطنية والوئام الاجتماعي والتعايش الأخوي. وترى الحركة وتعمل لـ:
  • إنهاء العداوات أيا كان نوعها وإعلان الهدنة الشاملة بين الفرقاء بأسرع وقت ممكن.
  • رد المظالم وإعادة الممتلكات إلى أصحابها الأمر الذي يفتح الطريق إلى المصالحة الحقيقية.
  • إعادة النازحين إلى مدنهم وقراهم وتمكين الجميع من العودة إلى منازلهم وضمان سلامتهم.
  • إزالة أسباب التوتر وكل ما من شأنه إشعال فتيل الحرب من جديد أو ديمومة أسبابها.
  • حماية حقوق الإنسان وتقديم المتهمين بإرتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال العقود الثلاثة الماضية للمحاكمة.

(3) رفض الاستقواء بالقوى الأجنبية:

ترفض حركة الإصلاح الاستقواء بالأجنبي من طرف صومالي ضد طرف صومالي آخر، وهذا موقفها الثابت منذ أن حمل الصوماليون السلاح ضد نظام الرئيس الراحل محمد سياد بري، مستقوين عليه بالأجانب في الثمانينيات وما تلاها من انهيار الدولة وقيام الحرب الأهلية. وتجدد الحركة اليوم ثوابتها برفض الاستقواء بقوات أجنبية ضد طرف صومالي آخر، لأن ذلك لا يؤدي إلا إلى مزيد من إراقة الدماء وتجدد الحرب الأهلية.

(4) خروج القوات الإثيوبية واستبدالها بقوات أممية:

تندد الحركة بوجود القوات الإثيوبية في الصومال وترى ضرورة انسحابها، ونشر قوات أممية مكانها، مع دور عربي وإسلامي بارز فيها لحفظ الأمن ودعم جهود المصالحة. ولقد أوضحت الحركة سابقا مواقفها المبدئية والثابتة تجاه الوجود الإثيوبي في الأراضي الصومالية، وأكدت على ذلك مرارا وتكرارا. وترى الحركة أن التدخل العسكري الإثيوبي ما هو إلا نتيجة للأهداف الإستراتيجية الإثيوبية، والصراعات الصومالية المستمرة هي السبب المباشر لنكبتنا الأليمة.
ولإخراج القوات الإثيوبية من الصومال ترى الحركة ضرورة العمل على إزالة الأسباب والمبررات المعلنة لتواجدها ، وذلك بالإسراع في إعادة النظام والاستقرار ، وتفعيل الحوار والمصالحة لتحقيق الوفاق الوطني ، وتقوية مؤسسات الدولة وفي مقدمتها القوات المسلحة الصومالية.
أما الخوض في معركة غير متكافئة لا ينتج عنها إلا إعطاء مزيد من المبررات لاستمرارية تواجد القوات الإثيوبية في البلد، إضافة إلى أن ذلك يجر إلى مواجهة مباشرة مع القوات الصومالية ومزيد من الدمار والنزوح كما هو الوضع حاليا.


مسئولية المجتمع الدولي تجاه القضية الصومالية

تستنكر حركة الإصلاح في الصومال تجاهل المجتمع الدولي للأزمة الصومالية وتقزيمها في حين تلقى أزمات أخرى في أنحاء مختلفة من العالم، أقل حجما من القضية الصومالية، اهتماما بالغا ودعما قويا وتناولا إيجابيا في الساحات الدولية، ولا يقف الأمر عند حد الإهمال والتهميش فحسب، بل إن بعض الجهات الدولية والإقليمية دأبت على عرقلة جهود المصالحة والوفاق الوطني عبر تحالفات واستقطابات لهذه الفئات الصومالية أو تلك.

ترى الحركة ضرورة تضافر جهود كافة الجهات المعنية بالشأن الصومالي المحلية منها والدولية، وتناشد المجتمع الدولي باتخاذ مواقف إيجابية وتبني سياسات بناءة مثل:

  • (1) مساعدة الصوماليين على استعادة الأمن والاستقرار في بلادهم.
  • (2) دعم جهود المصالحة والوفاق الوطني بين الفرقاء الصوماليين.
  • (3) تقديم الدعم والعون لملايين المتضررين والنازحين بسبب الحروب والكوارث الطبيعية.
  • (4) عقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار الصومال ودفع عجلة التنمية وإرساء قواعدها.
  • (5) العمل على إخراج القوات الإثيوبية واستبدالها بقوات إفريقية وعربية وإسلامية تساعد الصوماليين على حل خلافاتهم، وبناء جسور الثقة بينهم، وإعادة بناء دولتهم التي تلبي طموحاتهم ورغباتهم لكي يحددوا نظام الحكم الذي يرغبون في إقامته على بلادهم .


دور العالم العربي والإسلامي في الصومال

بما أن الصومال يمثل الخاصرة الجنوبية للعالمين العربي والإسلامي فإنه يحتل موقعا استراتيجيا خطيرا للأمن العربي، وضياعه يمثل خطرا داهما على قلب العالم العربي، و تحديدا دول مجلس التعاون الخليجي العربي و مصر و اليمن و الشام.

إن الصومال ضائع بين انعكاسات انتمائه العربي والإسلامي وبين مؤثرات بعده الإقليمي الأفريقي، حيث أن انتماءه العربي والإسلامي يخلق له عداوات من جهات إقليمية ودولية لا ترتاح لعروبة الصومال وإسلامها لأسباب استراتيجية كثيرة. ومن المؤسف حقا أن تتعامل الدول العربية ومجتمعاتها مع الأزمة الصومالية وكأنها شأن لا يعنيها، إذ أن الملف الصومالي لدى الدول العربية لا يلقى أية عناية تذكر. هذا التهميش العربي شكل معضلة تاريخية خطيرة بالنسبة للشعب الصومالي بكافة أطيافه السياسية والثقافية، مما أتاح للقوى الخارجية، وفي مقدمتها إثيوبيا، فرصة الانفراد والهيمنة على شئونه، وما كان ينبغي أن يحدث هذا في مثل هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ شعب عربي مسلم ضحى كثيرا من أجل الدفاع عن القضية العربية منذ بروز الصراع العربي الإسرائيلي في أواسط القرن الماضي.

وفي ظل هذه التطورات الجديدة في الساحة السياسية الصومالية وما تحمله من مستجدات خطيرة قد تغير الثوابت الثقافية والوطنية وانتمائه العربي وخاصة في ظل هذا التوجه الدولي، فإن حركة الإصلاح في الصومال انطلاقا من رسالتها الإسلامية والإنسانية تناشد المجتمع العربي والإسلامي حكومات وشعوبا وتطلب منهم ما يلي:

  • (1) أن تراجع الدول العربية والإسلامية مواقفها تجاه الصومال، وألا تبقى مكتوفة الأيادي أمام المسار الخطير والمنعطف التاريخي الذي تأخذه القضية الصومالية.
  • (2) أن ترفع الحصار الجائر المضروب منذ عقدين من الزمن على استيراد المواشي الصومالية، الأمر الذي ألحق أضرارا جسيمة بالحياة الاقتصادية في البلاد. كما ترجو أن تفتح أسواقها أمام الثروة الحيوانية والثروة السمكية والمحاصيل الزراعية الصومالية.
  • (3) أن تدافع عن القضية الصومالية في المحافل الدولية والإقليمية كواحدة من القضايا القومية.
  • (4) وإذا لم تستطع أن ترعى مشروع مصالحة فليس أقل من أن تشارك بصورة فعالة في مشروع المصالحة والوفاق الوطني بين الفرقاء الصوماليين، و أن تدعم الجهود الدولية الرامية إلى إعادة كيان الدولة الصومالية المنشودة.
  • (5) أن تلعب دورا رائدا في مشروع إعادة إعمار الصومال، ودفع عجلة التنمية المستدامة في البلاد.
  • (6) أن تتعامل مع الحالة الإنسانية بجدية وإيجابية وفعالية لتخفيف معاناة الملايين من النازحين والمشردين بسبب الكوارث والمشاكل التي تهلك الحرث والنسل في البلاد.
  • (7) أن تساند الجهود التعليمية والتحولات الثقافية التي تجري في الساحة المحلية، الأمر الذي يضمن المحافظة على الهوية الإسلامية والعربية.

وختاماً:

فإن حركة الإصلاح حركة إسلامية تغييرية سلمية، لها منهجها وسياساتها واستراتيجيتها الواضحة، انطلاقا من ثوابتها الإسلامية والوطنية، وقناعاتها المبدأية الراسخة، والتي تنأى بالحركة من التزمت والجمود من ناحية، وركوب الموجات أو الاصطدام بها من ناحية أخرى، ما حفظ الحركة من التخبطات السياسية والتهورات الفكرية التي تورطت بها أطراف صومالية عديدة. هذا المنهج المتأني الذي سارت عليه الحركة في تعاملها مع الأزمة الصومالية المستمرة، على اختلاف مراحلها وأشكالها، إنما هو من صميم هذا الدين الحنيف، مقتبس من الفهم الشمولي المعتدل الذي اشتهرت به أمتنا المباركة بقيادة العلماء العاملين والدعاة المتبصرين عبر القرون. كما هو من صميم الفكر الإسلامي الوسطي، الذي عرفت به مدرسة الإخوان المسلمين في العصر الحديث، وهذا هو الشهيد الإمام حسن البنا يقول مخاطبا إخوانه الدعاة: "لا تصادموا نواميس الكون فإنها غلابة". وفي خضم هذا الغليان الذي يشهده الواقع الصومالي، تؤكد الحركة التزامها المستمر والمتواصل بخدمة شعبها المنكوب، والمشاركة في بناء أمتها حسبما تتيحه لها طاقاتها وإمكانياتها.
وبالنسبة لرؤية حركة الإصلاح للخلاف الدائر بين الأشقاء الصوماليين، فإن الحركة مقتنعة بأن الصوماليين كافة شركاء في الدين والوطن ومشروع الدولة الصومالية، ومن هذا المنطلق فجميع أبناء الشعب الصومالي متساوون في الحقوق والواجبات، ولا يحق لأي طرف كائنا من كان، أن يستفرد بمصير الأمة جمعاء. كما لا يحق لأي طرف أن يستخدم القوة العسكرية أو يستقوي بقوى خارجية لحل هذا الخلاف، أو لتحقيق مكاسب ذاتية، بل على النقيض من ذالك، لابد من تكاتف الجهود لإنجاح مشروع الدولة الصومالية وتحقيق السلام، عبر الحوار والمصالحة والتسامح وعدم إقصاء أي طرف صومالي، مهما كانت توجهاته ومواقفه. كما تجدد الحركة نداءها لكافة الأطراف الإقليمية والدولية بعدم المشاركة في إشعال مزيد من الحرائق داخل هذا الوطن المطحون، وأن تنأى بنفسها عن موجات العنف والعنف المضاد أيا كان شكلها، من أجل استعادة السلام والإستقرار في ربوع الصومال

الخلاصة

انفجرت الأزمة الصومالية الراهنة في أواخر الثمانينيات من القرن المنصرم، وبلغت ذروتها بانهيار الدولة الصومالية ومؤسساتها المختلفة في يناير 1991م.حيث انزلقت البلاد حينها إلى أتون حرب أهلية مدمرة، وانقسم الشعب الواحد إلى فئات ومجموعات بشرية متناحرة. وبالجملة فإنه يمكن وصف تلك الأزمة بالهرج والمرج وغياب القانون. واعتبرت الحركة هذه الأحداث من قبيل الفتن التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ستكون فتن، القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، من تشرف لها تستشرفه ومن وجد فيها ملجأ أو معاذا فليعذ به". رواه أحمد والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه.

واقتنعت الحركة – منذ ذلك الوقت- أن الأسلوب الوحيد لحل الخلافات الصومالية إنما هو الحوار والمصالحة بين الأشقاء الصوماليين، وأن ترتيب البيت الصومالي من الداخل وإعادة كيان الدولة الصومالية وأجهزتها المركزية من جديد وتفعيل تلك الأجهزة هي أكبر الواجبات الإسلامية والوطنية وأول خطوة في الإتجاه الصحيح لحل الأزمة.

قررت الحركة الإمتناع عن المشاركة في الحروب والدعوة إلى المصالحة من جهة، والعمل على ملء الفراغ الناجم عن غياب الحكومة في حدود طاقتها في مجال الخدمات من جهة أخرى "فاتقوا الله ما استطعتم". كما استنكرت الحركة بشدة اقحام المشروع الإسلامي في النزاعات العشائرية وصراعات الحرب الأهلية التي كانت أطراف إسلامية طرفا فيها.

وانطلاقا من هذا الموقف اتخذت الحركة السياسات التالية حيال تلك الأحداث:

  • 1. حماية أفرادها ومؤسساتها من التورط في تلك الفتنة الهوجاء والوقوع في حبائلها الشائكة ومنزلقاتها القاتلة، في مرحلة خطرة تتسم بالدموية وبموجات من العنف والتشرذم وتمزيق وحدة المجتمع وتقسيمه إلى فئات متناحرة.
  • 2. العمل على وقف النزيف الدموي وتحقيق الوفاق الوطني وإعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي .
  • 3. العمل على تقديم برامج عملية وملموسة يستفيد منها المجتمع الصومالي، و تقديم الإغاثة العاجلة وتوفير الخدمات الضرورية من تعليم وصحة وغيرهما للنازحين والمتضررين.
  • 4. اتباع أساليب الحوار والتفاوض في المجال السياسي والابتعاد عن العنف بكل أشكاله، لقناعتها الراسخة بأن هذا هو السبيل الموصل لحل ناجح للأزمة. ومنطلقا من هذه القناعة فضلت الحركة خيار المصالحة في وقت اتجهت جل القوى الصومالية نحو خيار القوة العسكرية، مما جلب على البلاد الكوارث وأنهك قواها.

وتعاونت الحركة في مجال المصالحة مع الخيرين من أعيان ووجهاء المجتمع الصومالي ومع مؤسسات المجتمع المدني. ومن أبرز معالم هذه الجهود المصالحة التي اشتهرت بمصالحة العاصمة عام 1999م والتي أدت إلى وفاق عام بين القوى المتناحرة في مقديشو آنذاك، ومهدت لمبادرة السلام التي قادها رئيس جمهورية جيبوتي في عام 2000م، وانبثقت عنها أول حكومة انتقالية منذ عام 1991.

وفي المرحلة الراهنة ترى الحركة أن هناك حكومة انتقالية انبثقت من مؤتمر المصالحة الصومالية في كينيا عام 2004م، ومدعومة من القوى الإقليمية والدولية أبرزها إثيوبيا والولايات المتحدة، كما توجد أطراف صومالية ترفض وجود هذه الحكومة لأسباب متنوعة من بينها استعانتها بالقوات الإثيوبية. وتعاني الحكومة من ضعف داخلي وقلة الإمكانات الذاتية، كما تعانى المعارضة من اختلاف في الرؤى والبرامج ولا يجمعها برنامج سياسي واضح إلا رفضها للحكومة.

وعلى الرغم من ذلك فإن الحركة تعتقد أن فرصة سانحة مازالت أمام الصوماليين لإنجاح مشروع الدولة، وتحقيق السلام والمصالحة والخروج من دوامة العنف والعنف المضاد أيا كان شكلها وأسبابها. ولا شك أن ذلك يتطلب توافر إرادة سياسية قوية لدى جميع الأطراف الصومالية.

وتدعو الحركة الحكومة المؤقتة على وجه الخصوص أن تزيد تواصلها مع المعارضة والمجموعات المنشقة عنها، وأن لا تؤدي العمليات العسكرية والمواقف المناوئة للجماعات المعارضة إلى عدم إشراك جميع أطراف المعارضة في العملية السياسية. وفي الوقت نفسه تناشد الحركة المجموعات المعارضة نبذ العنف ووقف أعمال القتال، والانخراط في العملية السياسية للخروج من الوضع المتأزم.

كما تدعو الحركة كافة القوى السياسية والاقتصادية والإجتماعية والثقافية إلى المساهمة في حل مشاكل البلاد بالحوار والمصالحة ونبذ العنف، رافضة تهميش أية قوة وطنية مهما كانت مواقفها السياسية في الماضي، بما في ذالك المحاكم الإسلامية.

تندد الحركة تواجد القوات الإثيوبية في الصومال وترى ضرورة انسحابها. ولتحقيق ذلك ترى الحركة ضرورة إزالة أسباب هذا التواجد ومبرراته الحالية. وتوافق على نشر قوات أممية مع دور عربي وإسلامي بارز فيها، لإزالة مبررات تواجد القوات الإثيوبية. كما لا تمانع نشر القوات الإفريقية، وتفضل تبديل القوات الإثيوبية بها من باب أخف الضررين.

وأخيرا، تتعامل الحركة مع هذا الوضع السياسي الشائك بحكمة وتأني، مع التمسك بثوابتها الإسلامية والوطنية، والحذر من ركوب الموجات أو الاصطدام بها، وعدم الانشغال عن البناء الحضاري والتنمية البشرية للمجتمع، وتقديم كل ما يمكن تقديمه من عمل نافع إلى المجتمع الصومالي، اعتقادا منها بأن ذلك فريضة شرعية وضرورة وطنية في مجتمع منكوب أنهكته الخلافات الداخلية والحرب الأهلية قبل التدخلات الخارجية السافرة وبعدها، لينهض من كبوته الحالية ويقف على قدميه إن شاء الله تعالى.


الوضع العام الراهن في الصومال 10 فبراير 2009

إن الصومال يمر بمرحلة حرجة من تاريخه حيث أنه ما زال يرزح في الأزمة السياسة والاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن الحروب الأهلية التي أدت إلى انهيار الدولة ومؤسساتها منذ 1991م ، وكذا الآثار التي خلفها هذا الانهيار من تمزق اجتماعي وأفسح المجال إلى التدخلات الأجنبية باجنداتها المتناقضة .

وبعد مرور عشرين عاما تقريبا منذ انهيار الحكومة المركزية في الصومال عرف هذا البلد العديد من المحاولات للملمة صفه الداخلي وعقد في سبيل هذا العديد من مؤتمرات للمصالحة الوطنية ، انبثقت عنها حكومات هشة أهمها ؛ الحكومة الانتقالية الصومالية المنبثقة من مؤتمر عرتا في جيبوتي عام 2000م ، ثم تلتها الحكومة الفيدرالية الصومالية الحالية ، التي اتسمت ولا سيما بعد رحيل القوات الإثيوبية التي كانت تدعمها بالضعف وضمور نفوذها في الساحة الصومالية، ويلاحظ في الوقت الراهن تنامي المعارضة المسلحة ضد النظام الحالي ، كما أن الساحة عرفت في الآونة الأخيرة مواجهات عسكرية تحت شعارات دينية مختلفة ، فتارة كان الشعار هو تحرير البلاد من العدو الغاصب ومحاربة المرتدين المتحالفين معه بالساعد والسلاح واستبعاد أي بديل آخر لإخراج البلاد من أزمتها الهالكة ، وتارة تحت شعار رفض التطرف والدفاع عن حرمة قبور الصالحين ومزارات الطرق الصوفية.

وتزامنت هذه الأزمة الفكرية والاجتماعية ذات الأبعاد السياسية مع تجاهل دولي متخبط في تفاعله مع القضية الصومالية، حيث أنه يمكن القول بأن تعاطي المجتمع الدولي والإقليمي مع الوضع الصومالي قد اتسم بالبرغماتية ورعاية مصالحه الخاصة ، كما أن مواقفه في معالجة الشئون الصومالية بدت غير منسجمة ، وخير دليل على ذلك ظاهرة القرصنة البحرية وكيف حاول المجتمع الدولي معالجتها ، إذ أن جهوده قد اقتصرت على توفير الحماية لسفنه البحرية التي تمر قبالة السواحل الصومالية دون إبداء أي اهتمام بالمساهمة في حل جذور هذه الأزمة ، ألا وهو غياب دور الدولة المركزية التي يفترض منها أن تحمي مياهها الإقليمية.

ونتج عن كل ذلك أوضاع اجتماع مزرية من نزوح وتهريب وأوبئة أهلكت الأخضر واليابس ، وفوضى عارمة أدت إلى تخريب بيئي ونفسي.

وفي الوقت الراهن يبدو أن الأزمة السياسية الصومالية التي هي أصل للمشكلات الصومالية الأخرى قد دخلت منعطفا جديدا تتجاذبها الآمال والمخاوف حول مآلاتها المستقبلية ، وذلك بعد اتفاق جيبوتي الأخير في هذا الشهر والذي أبرمته الحكومة الفيدرالية الصومالية وأحد أجنحة المعارضة المتمثل بـ (تحالف إعادة تحرير الصومال) بقياد الشيخ شريف الشيخ أحمد ، وعلى خلفيته تكون برلمان وطني موحد الذي اختار بدوره الشيخ شريف الشيخ أحمد رئيسا لجمهورية الصومال.

إن انتخاب الشيخ شريف الشيخ أحمد رئيسا للحكومة الفيدرالية الصومالية بناء على اتفاق جيبوتي بين الحكومة الفيدرالية وتحالف إعادة تحرير الصومال ، ومن قبل البرلمان الوطني الموحد الذي تكون من أعضاء البرلمان الفيدرالي السابق ونواب التحالف الذين انضموا إليه لاحقا هو حدث تاريخي ترحب به الحركة ، وذلك إيمانا منها بأن المعضلة السياسية الصومالية لا يمكن حلها إلا في ظل إيجاد لكيان الدولة الصومالية وتقوية مؤسساتها من خلال توسيع دائرة المصالحة السياسية لتستوعب الفئات والاتجاهات المختلفة. وانتخاب الرئيس الجديد الشيخ شريف الشيخ أحمد يعتبر خطوة نحو هذا الاتجاه ، نرجو له ولأعوانه كل السداد والتوفيق في أداء هذه المسئولية الجسيمة ، سائلين الله أن يعينه على ذلك إنه ولي ذلك والقادر عليه.


للمزيد عن الإخوان في الصومال

ملفات متعلقة

أبحاث ومقالات متعلقة

الموقع الرسمي لإخوان الصومال

أخبار متعلقة

من بيانات حركة الإصلاح في الصومال

من أعلام الإخوان في الصومال