الإخوان السعوديون..التيار الذي لم يقل كلمته بعد!

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٥:٣٦، ٢٤ يونيو ٢٠١١ بواسطة Rod (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
الإخوان السعوديون..التيار الذي لم يقل كلمته بعد!

25-7-2004

للتاريخ نقول .. لم تحن الفرصة بعد لهذا التيار أن يقول كلمته في كثير من الأمور، ولم تسمح له الظروف بأن يدلو بدلوه في كثير من القضايا الحساسة، لكن الدلائل تشير إلى أن التيار سوف يظهر بقوة في الفترة المقبلة ، وسوف تكون له معارك كثيرة على جميع الأصعدة الداخلية والخارجية، والعلمانيون والليبراليون اليوم لا يخافون التيار السلفي أو التيار السروري وإنما يخشون التيار الذي لم يقل كلمته بعد!

بقلم: عمر العزي

ربما تكون السعودية هي الدولة الوحيدة التي يحدث فيها تداخل في مصطلح "الإخوان" بين تيارين مختلفين فكريا وتنظيميا ومتباعدين زمنيا.

فمصطلح "الإخوان" ظهر أول مرة في الجزيرة العربية وأطلق على مجموعات خاصة شاركت وقاتلت مع الملك عبد العزيز رحمه الله في مرحلة الاستيلاء على مناطق الجزيرة العربية، وأطلق عليهم "الإخوان الوهابيون" أو "الإخوان النجديون" نسبة إلى التيار الديني الذي تحالف مع آل سعود من اجل عودة الحكم بالإسلام في الجزيرة العربية.

تطور هذا التحالف إلى نزاع على الحكم وعلى الأهداف، فبعد أن توقف الملك عبد العزيز عن القتال لأن هدفه قد تحقق، أراد "الإخوان الوهابيون" الاستمرار في فتح البلاد خارج حدود الجزيرة العربية. ثم تطور هذا النزاع إلى قتال وتصفية، وانتهى الأمر بانتصار آل سعود على "الإخوان الوهابيون" تماما في عام 1930م.

لسنا في صدد السرد التاريخي لهذه المجموعة أو هذا التيار، وإنما كانت هذه المقدمة حتى يزول الالتباس عند الكثيرين في الخلط بين "الإخوان الوهابيون" الذين قاتلوا مع الملك عبد العزيز رحمه الله، وبين "الإخوان المسلمون السعوديون" الذين ينتمون إلى مدرسة وفكر الإمام حسن البنا رحمه الله .

يعتقد الكثيرون أن جماعة الإخوان المسلمين ليس لهم وجود في السعودية مثل بقية الدول، وهذا الاعتقاد الخاطئ تولد من عوامل وظروف كثيرة من أهمها:

- سيطرة التيار السلفي على مؤسسات الدولة الرسمية وعلى آليات التحرك وسط الجماهير، واعتماد الدولة على هذا التيار .

-اختفاء القيادات الإخوانية السعودية من الظهور الإعلامي والفكري بصفتهم الإخوانية.

- بروز التيار "السروري" (نسبة إلى الشيخ محمد سرور زين العابدين وهذا ما اصطلح عليه إعلاميا) وسيطرة هذا التيار على أوساط الشباب وشرائح كثيرة من المثقفين، والظهور العلني له، الذي دمج بين السلفية والجهادية.

- صعوبة الانسلاخ الكلي من العباءة السلفية والتي تغطي معظم الشعب السعودي، فكان ظهور تيار إسلامي حركي في مجتمع ملتزم بالمنهج السلفي، فيه نوع من الاستهجان وعدم القبول المباشر.

كل هذه العوامل وغيرها كثير، أدى إلى حالة الضمور لدى التيار الإخواني السعودي إعلاميا وجماهيريا. ولكنه في نفس الوقت كان ينمو عموديا وحركيا .

عانى التيار الإخواني صراعا طويلا وخفيا مع التيار "السروري" الذي كان يحاول الجمع بين عباءة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وبين "بنطال" سيد قطب ومحمد قطب .

وتنوع هذا الصراع بين تبادل التهم والتقارير الإستخبارية وبين جذب الشباب والشرائح الاجتماعية.

من حيث النشأة والتكوين، فالتيار الإخواني أقدم بكثير وأعمق من التيار السروري، بل إن التيار السروري تأسس على يد الإخوان السوريين بقيادة "الشيخ محمد سرور زين العابدين" والشيخ " منير الغضبان"، ثم انشق مرة أخرى الشيخ سرور وانفرد بقرار خالف فيه القيادة الإخوانية السورية بعدم الاندماج والعمل الحركي في المجتمع السعودي. فاستمر في اللقاءات والدروس بين السعوديين حتى تكون ونما هذا التيار الجديد وأصبح الشيخ سرور مرجعا حركيا للشباب السعودي، يجمع لهم بين "الظلال" وبين "كتاب التوحيد".

كان هذا الصراع من أهم عوامل ضمور التيار الإخواني السعودي، فقد كانت هناك حربا خفية في التجمعات الشبابية والفكرية والثقافية وفي أروقة الجامعات والمعاهد والمراكز الصيفية. وكانت الأفكار التي يتربى عليها التيار السروري تحمل نوعا من التحامل على التيار الإخواني وهي نتاج للتحامل الذي يحمله الشيخ سرور على الإخوان بشكل عام، حيث ترسخت لدى القواعد السرورية أن الإخوان ضد الجهاد ويحملون أفكار المرجئة ويشجعون الديموقراطية والبرلمانات والانتخابات، وهذه الأمور يرفضها التيار السروري.

وكان التيار السروري يجذب القواعد بأطروحات سيد قطب ومحمد قطب والأفكار الجهادية، رغم أن الشيخ سرور نفسه عندما حدثت "مجزرة حماة السورية" طلبت منه قيادة الإخوان أن يعلن الجهاد ويعبئ القواعد، ولكنه رفض لأسباب معينة، وكان الانفصال النهائي بين الطرفين.

إذن التيار السروري لا يتجاوز عمره ثلاثون عاما وهو نتاج تمازج بين التيار السلفي والإخواني. أما التيار الإخواني الأصيل فقد كان ضاربا في الأعماق في تلك الفترة، وتعتبر بداياته مع أول قدوم للإمام البنا للحج. ورغم أن الملك عبد العزيز رد على الإمام البنا ردا دبلوماسيا ومحنكا حول إتاحة الفرصة لفتح فرع للإخوان في السعودية، فقال له الملك عبد العزيز: كلنا إخوان وكلنا مسلمون! لكن هذا الجواب لم يكن شافيا للإمام البنا، فأبى أن يخرج قبل أن يزرع البذرة.

وتشكلت القيادة الإخوانية منذ ذلك الوقت، وتم إمدادها ببعض الشخصيات الإخوانية المصرية التي عملت على نشر الفكرة وترتيب التنظيم وتأسيس البنية التحتية البشرية والقيادية. وكان للإخوان السعوديين وجود مستمر في اجتماعات مكتب الإرشاد واجتماعات التنظيم العالمي.

هناك أسماء كثيرة للتيار الإخواني من قيادات ومنظرين وعلماء، ولولا أنني أتفهم رغبة التيار الإخواني بعدم ذكر الأسماء لسردت مجموعة من هذه الأسماء القديمة والجديدة، ولكننا ننتظر أن يعلنها التيار بنفسه.

كان للصراع الإخواني السروري أثر كبير على ترتيب البيت الإخواني السعودي وضموره إعلاميا واجتماعيا فقد كان التيار الإخواني يحارب على عدة جبهات داخلية وخارجية، أضف إلى ذلك التيار السلفي المؤسسي والتيار "الجامي المتأسلف".

لكن السؤال الذي يقفز إلى الواجهة مباشرة .. هل كانت هذه العوامل كافية لعدم ظهور التيار الإخواني على الساحة بشكل علني ؟

هناك نظرية يتداولها قواعد الإخوان وغيرهم من أن التيار الإخواني قد أبرم صفقة سرية مع الحكومة السعودية، يسمح له بموجبها بالتحرك الدعوي والفكري ويمنع عن النشاط السياسي وعن إعلان الرموز والقادة.

لكني أعتقد أن هذا هو نصف الإجابة على التساؤل السابق، أم النصف الثاني وهو الأهم في نظري أن التيار الإخواني كان من المستحيل أن يظهر علنا في بيئة مثل بيئة السعودية! فالعباءة السلفية تغطي الجميع ومفروضة مثل "الزي الرسمي"، وطريقة تعامل النظام مع المؤسسات الدينية لا تعطي مجالا للحركة أو الظهور بأيديولوجية جديدة على المجتمع السعودي، الذي ألف التحالف السلفي السعودي منذ أيام الشيخ محمد بن عبد الوهاب.

فالفرق كبير بين التيار الإخواني السعودي وبين تيارات الإخوان في بقية البلدان مثل مصر وسورية واليمن والكويت والأردن، فهذه التيارات كان لها مبرر قوي في الظهور تداخلت فيه البيئة والظروف السياسية وطريقة تعامل الدولة أو النظام الحاكم.

لكن البيئة السعودية المحكمة الإغلاق لم تعط التيار الإخواني أي مجال للظهور، فاكتفى التيار بالنمو عموديا وتكثيف البناء التربوي والفكري.

لكن الأوضاع الآن قد تغيرت، وأصبحت الأجواء مهيئة لأن يعلن التيار عن نفسه وعن أدبياته وعن مشروعه الحضاري .

فهناك انتخابات بلدية قادمة، وهناك مجالس شورى، وهناك مؤتمرات حوار وطني، وهناك تيارات علمانية وليبرالية تنشط في الساحة. فبقاء التيار الإخواني في ظلمة العمل السري يعرضه للتآكل والصدأ، ويعرضه للتهميش في أي مرحلة مشاركة قادمة.

لا يخفى على النظام السعودي وجود التيار الإخواني وطبيعة حركته ونظرته للأمور والأحداث، ورغم ذلك لم ينجو التيار من الهجوم الرسمي الذي تعرض له من خلال تصريحات الأمير نايف قبل أكثر من سنة، عندما اتهم الإخوان وخاصة في مصر وسوريا أنهم سبب البلاء وإفساد المجتمع السعودي وأنهم سبب للإرهاب.

رغم أن تصريحات الأمير لم تتوجه للتيار الإخواني السعودي مباشرة .. لكنها تحمل تهديدا مبطنا لهم بعدم القيام بأي تحرك أو نشاط.

من مصلحة النظام أن يكون هناك نوع من المهادنة بينه وبين التيار الإخواني ، فالنظام يعلم أن هذا التيار لا يمكن أن ينقلب عليه ولن يضر مصالحه ، وإنما قد يطالب بإصلاحات معينة ضمن هامش معين .

لا أحد يستطيع أن يلغي التيار الإخواني من أي حسابات داخلية أو خارجية ، فالتيار له تنظيمه الخاص وله أنشطته الدعوية والحركية ، ولديه طاقات شبابية هائلة تستعد لخوض تجارب مماثلة للتجارب الإخوانية في بقية البلدان .

يعاني التيار الإخواني – مثل بقية التيارات الإخوانية الأخرى– صراع أجيال وصراع رؤى تنظيمية، فلم تعد النظرة القديمة للأحداث هي المسيطرة، ولم يعد هناك رؤية واحدة تحكم التيار، فجيل الشباب أو جيل الإصلاح – كما يحلو لبعض الإخوانيين وصفه – آخذ في الانتشار والتمدد. لكن حالة السرية التي يعيشها العمل الإخواني منعته من التقدم خطوات كثيرة نحو ترسيخ التجربة في كيانات الجيل الجديد.

للتاريخ نقول .. لم تحن الفرصة بعد لهذا التيار أن يقول كلمته في كثير من الأمور، ولم تسمح له الظروف بأن يدلو بدلوه في كثير من القضايا الحساسة، لكن الدلائل تشير إلى أن التيار سوف يظهر بقوة في الفترة المقبلة ، وسوف تكون له معارك كثيرة على جميع الأصعدة الداخلية والخارجية، والعلمانيون والليبراليون اليوم لا يخافون التيار السلفي أو التيار السروري وإنما يخشون التيار الذي لم يقل كلمته بعد!

المصدر

مجلة العصر


للمزيد عن الإخوان في السعودية

ملفات وأبحاث متعلقة

من أعلام الإخوان بالسعودية

مقالات متعلقة

تابع مقالات متعلقة

وصلات فيديو

.