الإخوان المسلمون: ثمانون عاماً من الصُـمودِ والتحدِّي (حقبة عبد الناصر) (الحلقة الرابعة)

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
الإخوان المسلمون: ثمانون عاماً من الصُـمودِ والتحدِّي (حقبة عبد الناصر)


(الحلقة الرابعة)


زياد أبو غنيمة

شهادة الدكتور يوسف القرضاوي عن دور الإخوان في حركة 23 يوليو

يذكر الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي في كتابه (إبن القرية والكـُـتـَّـاب) أن رجال الجيش كانوا يعدُّون الإخوان سندهم الشعبي فاعتمدوا عليهم في حراسة المنشآت ، ومراقبة أي تحرك مريب ، ولقد طلب منا نحن الإخوان أن نحرس المنشآت الأجنبية من احتمال تحرك أية أيد مُخرِّبة تحاول أن تصطاد في الماء العكر ، فقد كان الوضع جد حسَّـاس لا يحتمل وقوع أي حادث يكدِّر صفو الأمن ويظهر وجود معارضة لحركة الجيش .

شهادة كامل الشريف

وفي كتابه (المقاومة السرية في قناة السويس) يذكر القيادي الإخواني الأستاذ كامل الشريف الذي قاد كتائب مجاهدي الإخوان المسلمين المصريين في حرب فلسطين 47 / 48 وقاد مجموعة من مجاهدي الإخوان المصريين في المقاومة المسلحة ضدَّ القوات البريطانية في قناة السويس أن قيادة الجماعة كلَّفته بقيادة مجموعة مسلحة من الإخوان بلباس مدني لتأمين الطريق المؤدِّي من الإسماعيلية إلى القاهرة لمنع تدفق الجنود البريطانيين لنصرة الملك فاروق ضد حركة الجيش .

شهادة عبد المنعم عبد الرؤوف

وعن دوره في حركة 23 يوليو يقول ممثل ضبَّـاط الإخوان في قيادة تنظيم الضباط الأحرار اليوزباشي عبد المنعم عبد الرؤوف في كتابه (أرغمت فاروق على التنازل عن العرش):

إستدعاني قائد مجموعة اللواء السابع العقيد أحمد شوقي وسلمني قطعة من ورق النشاط كتب عليها الغرض المطلوب منى تنفيذه , وكان الغرض هو محاصرة قصر رأس التين ومنع دخول وخروج أي شخص ومنع الإحتكاك ، فاتجهت بقوتي صوب قصر رأس التين , وعلى بعد 300 ياردة من القصر جمعت الضباط وضباط الصف والجنود وشرحت لهم خـُطتي لمحاصرة القصر
وبعد تبادل بسيط لإطلاق النار استسلم اللواء عبد الله باشا النجومي ومعه أربعة من الضباط وسلموا أسلحتهم ، ثمَّ استسلم كل من بالقصر وتوقف إطلاق النار ، وتوجهت إلى قصر رأس التين حوالي الساعة 1000 من نفس اليوم , وقابلت الملك فاروق حيث كان مجتمعاً مع رجال الحاشية يتحدَّثون في الموقف
وقال الملك فاروق: إنه قد وافق على التنازل رغبة في إنقاذ الموقف لأنه يعتقد أن حكم البلد في صورة الأحزاب القائمة لا يأتي بخير ، ولأنه لم يتمكـَّـن هو من توجيه الحكم التوجيه السليم ، وحوالي الساعة 1245 حضر المستشار سليمان حافظ ومعه ورقة التنازل لإمضائها من الملك ، وفى 28 تموز ـ يوليو 1952 م بعد نجاحي في محاصرة قصر رأس التين وتنازل الملك عدت إلى القاهرة واشتركت في محاصرة قصر عابدين .

شهادة حسين حموده

وتكتسب شهادة حسين محمد أحمد حموده وهو أحد ضبَّـاط الإخوان في تنظيم الضباط الأحرار أهمية خاصة لأنها تحمل بين سطورها اعترافا صريحا من البكباشي جمال عبد الناصر بدور الإخوان المسلمين في حركة الجيش وهو الدور الذي عاد فأنكره بعد غدره بالإخوان وبطشه بهم كما سنرى في حلقات قادمة ، كما تحملُ اعترافا بأن ضبَّـاط الإخوان كانوا يُشكِّـلون كتلة كبيرة داخل تنظيم الضباط الأحرار

ففي كتابه (أسرار حركة الضباط الأحرار والإخوان المسلمون) أكـَّـد حسين حموده على دور الإخوان المسلمين واشتراكهم في أحداث الثورة ومساندتها بشهادة جمال عبد الناصر نفسه حيث يقول حموده :

"وقد اشترك الإخوان المسلمون في ثورة يوليو 1952م بواسطة الضباط المنتمين للجماعة ، والذين كانوا يُشكـِّـلون أغلبية في تنظيم الضباط الأحرار الذي قام بالثورة ليلة 22- 23 يوليو 1952 م ، فلقد نفذت الثورة بواسطة 99 ضابطاً من ضباط الجيش كان معظمهم من الإخوان المسلمين ، كما اشترك النظام الخاص المدني للإخوان المسلمين في ثورة يوليو 1952م
وقد علمت ذلك من جمال عبد الناصر شخصياً حينما توجَّهت لمكتبه في قيادة الجيش يوم 27 يوليو 1952 م أحمل إليه رسالة شفوية من اللواء أحمد طلعت حكمدار بوليس العاصمة بعد أن اعتقلته الثورة طلب فيها مني إخطار المسئولين عن الثورة بضرورة المحافظة على حياة إبراهيم عبد الهادي رئيس الوزراء من انتقام الإخوان المسلمين
فقال لي جمال عبد الناصر: اطمئن جداً من ناحية الإخوان المسلمين فأنا متصل بحسن الهضيبي ، وأخذت موافقته قبل قيام الثورة ، وأنا متفاهم مع الإخوان المسلمين على كل شيء ، والإخوان يتعاونون معنا الآن ، ويقومون بحراسة مرافق البلاد الحيوية ، والسفارات الأجنبية ، ولهم عناصر مسلحة على طريق القاهرة السويس وطريق الإسماعيلية القاهرة ، وفي منطقة قناة السويس لمراقبة تحركات القوات البريطانية أولاً بأول ، وإبلاغنا بأي شيء يرونه" .

ويذكر حسين حموده في كتابه (أسرار حركة الضباط الأحرار والإخوان المسلمون)

أن أول نواة لتنظيم الضباط الأحرار الذي قام بحركة 23 يوليو تشكَّـلت في منزل عبد المنعم عبد الرؤوف بالسيدة زينب في مطلع عام 1944 م من سبعة من ضبَّـاط التنظيم السري لجماعة الإخوان المسلمين داخل الجيش المصري وأورد أسماءهم حسب أقدميتهم
وهم : اليوزباشي عبد المنعم عبد الرؤوف واليوزباشي جمال عبد الناصر حسين ، والملازم أول كمال الدين حسين ، والملازم أول سعد حسن توفيق ، والملازم أول خالد محي الدين ، والملازم أول حسين حموده ، والملازم أول صلاح الدين خليفة ، ويذكر حموده أن الصاغ محمود لبيب وكيل جماعة الإخوان المسلمين ترأس اللقاء ، وتكرَّرت اجتماعاتنا مرة كل أسبوع متنقلة بين منزل عبد المنعم عبد الرؤوف بالسيدة زينب ومنزل جمال عبد الناصر في منطقة تقاطع شارع أحمد سعيد بشارع رمسيس (الملكة نازلي سابقاً)
ومنزل كمال الدين حسين بالسيدة زينب ومنزل خالد محي الدين بشارع الخليج المصري بالحلمية ثم بمنيل الروضة ومنزل حسين حموده بحمَّامات القبة ، واستمرَّت هذه الخلية تعمل سراً ، واتسع نطاق تنظيم الضبَّـاط الإخواني وتكونت خلايا جديدة فرعية منبثقة من الخلية الرئيسية فشكَّل كل فرد من أفراد الخلية الرئيسية خلية فرعية وكل خلية فرعية لا تزيد عن سبعة أفراد ، وكان الصاغ محمود لبيب يحضر الاجتماع الأسبوعي للخلية الرئيسية ويحضر أيضاً الإجتماعات نصف الشهرية للخلايا الفرعية المنبثقة من الخلية الرئيسية
وكان هو الشخص الوحيد مع الإمام البنا اللذين يعرفان أسماء جميع أعضاء التنظيم ، وعندما ساءت حالته الصحية في عام 1949 م استدعى الصاغ محمود لبيب عبد المنعم عبد الرؤوف وجمال عبد الناصر ليكشف لهم عن أسماء جميع أعضاء تنظيم الضبَّـاط الإخوان ، وشاءت إرادة الله أن يتخلف عبد المنعم عبد الرؤوف عن الذهاب وذهب جمال عبد الناصر فأعطاه محمود لبيب كافة أسماء الضباط الأحرار في كل الأسلحة واقترح الصاغ لبيب إسما جديدا للتنظيم هو إسم (الضباط الأحرار)
ويذكر حسين حموده أن جمال عبد الناصر أخبره أنه بموت حسن البنا ومحمود لبيب انقطعت صلة الإخوان المسلمين بالتنظيم السري لضباط الجيش الذي بدأه محمود لبيب سنة 1943 ، وقال عبد الناصر إنه اتفق مع محمود لبيب قبل موته على أن يكون إسم التنظيم (الضباط الأحرار) لإبعاد الشبهة عن الإخوان المسلمين

وقد اكد اللواء جمال حماد كاتب البيان الاول لثورة يوليو هذه الرواية

حيث قال في كتابه (أسرار ثورة يوليو) إن نواة تنظيم الضباط الأحرار كانوا الضباط المنضمِّين للإخوان المسلمين وعندما كثر عدد الضباط المنضمِّين للإخوان المسلمين أضطر حسن البنا لعمل جناح خاص لهم في الإخوان المسلمين وجعل اتصالاتهم كلها بالصاغ محمود لبيب ، فهو الوحيد الذي كان يتعامل معهم ، ويذكر حسين حموده إنه بموت حسن البنا ومحمود لبيب انقطعت صلة الإخوان المسلمين بالتنظيم السري لضباط الجيش الذي بدأه محمود لبيب سنة 1943م.

بيان المرشد العام تأييداً لحركة 23 يوليو

جاء البيان الذي أصدره المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين المستشار حسن إسماعيل الهضيبي بعد عودته من الإسكندرية في 29 تموز ـ يوليو 1952 ليؤكِّـد على دور الجماعة في إنجاح حركة الجيش ، وقد نشرت البيان مجلة (الدعوة) الإخوانية في عددها الصادر في 12 آب 1952 م

وجاء في البيان بعد بسم الله الرحمن الرحيم :

"في الوقت الذي تستقبل البلاد فيه مرحلة حاسمة من تاريخها بفضل هذه الحركة المباركة التي قام بها جيش مصر العظيم ، أهيب بالإخوان المسلمين في أنحاء الوادي أن يستشعروا ما يُلقي عليهم الوطن من تبعات في إقرار الأمن ، وإشاعة الطمأنينة ، وأخذ السبيل على الناكثين ودعاة الفتنة ، ووقاية هذه النهضة الصادقة من أن تمسَّ روعتها وجلالها بأقل أذى أو تشويه ، وذلك بأن يستهدفوا على الدوام مثلهم العليا ، وأن يكونوا على تمام الأهبة لمواجهة كل احتمال ، والإخوان المسلمون بطبيعة دعوتهم خير سند لهذه الحركة يظاهرونها ويشدُّون أزرها حتى تبلغ مداها من الإصلاح
وتحقق للبلاد ما تصبو إليه من عزة وإسعاد ، وإن حالة الأمن لتتطلب منكم أيها الإخوان بوجه خاص أعيناً ساهرة ويقظة دائمة ، فلقد أعدتكم دعوتكم الكريمة رجالاً يُعرفون عند الشدة ، ويُلبُّون عند أول دعوة ، فكونوا عند العهد بكم ، والله معكم ، وستجتمع الهيئة التأسيسية للجماعة في نهاية هذا الأسبوع بإذن الله لتقرِّر رأي الإخوان فيما يجب أن تقترن به هذه النهضة المباركة من خطوات الإصلاح الشامل ليدرك بها الوطن آماله ، ويستكمل بها مجده "وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾" (الحج : 40)، والله أكبر ولله الحمد.

مؤتمر طلبة الإخوان تأييداً لحركة 23 يوليو

وتتابعت بيانات التأييد من قطاعات الجماعة وتشكيلاتها المختلفة ، وجاء تأييد طلبة الإخوان لحركة الجيش في يوم الخميس 7 آب 1952 م في مؤتمر الجامعات الذي عقد بقاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة فؤاد وحضره آلاف الطلاب والأساتذة وضباط الجيش ، وتولى سكرتارية المؤتمر الأخ الأستاذ محمود الفوال ، وافتتح المؤتمر الدكتور أحمد حسام الدين السكرتير العام لجامعة فؤاد الأول ، ثم تحدث فيه الأخ جمال السنهوري مندوباً عن طلبة إخوان السودان

ومما جاء في كلمته: نريد نظاماً غير النظام ، ومنهاجاً غير المنهاج ، ودستوراً غير الدستور ، نريد دستور السماء وشريعة الأنبياء ، أما أنصاف الحلول ، أما التردُّد في كلمة الحق فلن يقيم عثرة أو يقيم نهضة ، وتقدم بعده القيادي الطلابي الإخواني حسن دوح فألقى كلمةً حماسيةً ضافيةً تأييداً لحركة الجيش ، وطالب الأستاذ حسن دوح في كلمته بتطبيق حكم القرآن الكريم ، وبالإفراج عن المسجونين ، وبالتحقيق في قضايا الشهداء حسن البنا ، وعبد القادر طه ، وأحمد فؤاد ، وأحمد شرف الدين

وانتهى المؤتمر بتلاوةِ القرارات التالية:

  • يبعث المؤتمر بتأييده للحركة المباركة التي قام بها جيشُنا الباسل ، ويحيِّي اللواء محمد نجيب ، ويتمنَّى له السداد والتوفيق .
  • يحمد المؤتمرون للمسؤولين اتجاههم السليم نحو الإفراج عن الشباب الواعي الذي كان في طليعة الجيش الباسل في مقاومة الفساد ، وكان جزاؤهم التعذيب والسجن مع الأشغال الشاقة ، ويأملون أن يتم إطلاق سراحهم فوراً .
  • تعبئة جميع قوى الشباب وكتائب الجامعة للحركة الوطنية والنهضة الجديدة ، وفتح المعسكرات التدريبية للشباب ، ونطالب بعدم تسمية الجامعات بأسماء الأشخاص ، ونعلن أن اسم جامعة فؤاد من الآن هو جامعة القاهرة أو الجامعة المصرية .
  • يعلن المؤتمرون إصرارَهم على إجلاء القوات الأجنبية من وادي النيل ، ومقاومة أيَّ نفوذ أو ارتباط بحلف إقليمي ، كما يناصرون فلسطين في محنتها ، ويتمنَّون أن تُحَل قضيتُها حلاًّ عادلاً يتفق وكرامة أهلها .
  • محاكمة مجرمي حرب فلسطين والمرتشين ومستغلي النفوذ بما يليق بهم من جزاء .
  • إعادة التحقيق في جميع القضايا التي شوَّهها العهد البائد وحفظها لدوافع تتعارض وأحكام القانون .
  • يبارك المؤتمر الخطوة الموفقة في جعل قانون (من أين لك هذا؟) واقعاً مطبقاً من الآن ، ويأمل أن يكون قانون محاكمة الوزراء بأثر رجعي حتى يتحقق التطهير المنشود .
  • إلغاء ألقاب الأمراء والنبلاء من الأسرة المالكة أسوةً بباقي الشعب .
  • تحديد الملكية الزراعية ، وفرض الضرائب التصاعدية .
  • يطالب المؤتمر بعقد جمعية تأسيسية في أقرب فرصة لوضع دستور جديد تُحدَّد فيه حقوق الأمة ، ويتحقق معه التوازن بين السلطات بحيث لا تطغى إحداها على الأخرى ، وإقرار قانون للانتخابات يضمن إجراءها في حرية تامة .