الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الإخوان المسلمون أزمة نظم .. أم أزمة جماعة؟ إنه الإيقاع الأخير .. والإيقاع الكبير»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
(أنشأ الصفحة ب''''<center><font color="blue"><font size=5>الإخوان المسلمون أزمة نظم .. أم أزمة جماعة؟</font></font></center>''' '''<center><font co...')
 
 
(لا فرق)

المراجعة الحالية بتاريخ ١٧:٥٧، ٣١ مايو ٢٠١٥

الإخوان المسلمون أزمة نظم .. أم أزمة جماعة؟


إنه الإيقاع الأخير .. والإيقاع الكبير
شعار.jpg

اختلف البعض جماعات وأفرادا .. واختلفت الأنظمة مع جماعة الإخوان المسلمين في كل شيء .. سياساتها وتوجهاتها ونشاطاتها الاجتماعية أو الدعوية ..إلا أن أحدا لم يستطع أن يمسك على الجماعة وخصوصا رموزها وقادتها أن أحدهم قد أساء في حديثه إلى أحد أو أنه وصف مخالفا بعبارات قاسية حتى ولو كان للدفاع عن فكر الجماعة أو سلوكها معتمدا على رخصة شرعية جاءت في كتاب الله سبحانه وتعالى في سورة النساء (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظُلم .. وكان الله سميعا عليما) ..

فكم من المظالم والتجاوزات التي نالتها الجماعة وأفرادها ومع ذلك فقد ظل نهجها ونهج قادتها كما هو، ومع ذلك فالغريب والعجيب أن الذي خرج على هذه القاعدة دفاعا عن فكر الجماعة وفهمها لدين الله سبحانه وتعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم كان هو الإمام المؤسس الداعية المربي والقدوة الشهيد حسن البنا في بداية دعوته عام 1929م عندما واجه جهالة متعمدة وكيدا يتربص بدعوته بغير حق ولا دليل فوصف ذلك بقلمه وفي مذكراته بأنها (نماذج من الكيد الحقير).

المرة الأولى عندما اقترب شهر رمضان في ذلك العام على نهاياته وكان يعطي فيه درسا يوميا لرواد أهل المساجد يحضره كل الناس فاقترح عليهم وقد اقترب عيد الفطر إقامة صلاة العيد في ظاهر البلد (خارج المساكن) وأن يحضر الصلاة الرجال والنساء يشهدون الخير وجماعة المسلمين اتباعا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم

فكانت المفاجأة قيام بعض الذين كانوا يرون فيه منافسا لهم في تصدر الوعظ للناس بشن حرب عليه باعتبار أن هذا الأمر بدعة وفيه تعطيل للمساجد ومحاربة للإسلام وإفتاء بالباطل، وأخذوا يسوقون للناس مقولة ظاهرها التمسك بالمقدسات يتهمون فيه الإمام الشهيد أنه قد جعل الصلاة في الشارع أفضل من الصلاة في المسجد!!

والمرة الثانية عندما قام النظام الحاكم عام 1943م بتقديمه للمحاكمة بتهمة الخروج على القانون وتهديد النظام اعتمادا على مقتطفات من أحاديثه، وقدموه للنيابة العامة (جهة التحقيق) فكتب بعدها عن ما لاقه من عنت وسلوك المحققين الخارج عن القانون نفسه الذي يتهمونه بالخروج عليه فقال عنه: (تحميل للألفاظ غير ما تحتمل واستنباط النتائج التي لا تؤدي إليها المقدمات بحجة أن هذا السلوك هو مهمة النيابة العامة باعتبارها سلطة اتهام)!!

بين عامي 1929م و2015م قامت دول وأنظمة وحروب كونية وتوالت أجيال وانتفشت أيديولوجيات ملأت الدنيا ضجيجا ثم تبخرت ولم يبقى من زخارفها الخادعة إلا أطلالا وعلامات تؤكد زيفها، وخلال هذا الزمان كله ظلت السهام تنهال على جماعة الإخوان المسلمين من أصناف من الأنظمة وأصناف من البشر أشدهم قسوة من تقمصوا حالة أخوة يوسف عليه السلام ..

يلبسون عمائم أهل الدين ويرتقون المنابر ويصدرون من الفتاوى لسلاطينهم ما يغطون بها جرائمهم، لا يختلف فساد فتاويهم كبيرا عن ذلك الذي خرج في منبر إعلامي هذا العام يقسم بالله العظيم أن جماعة الإخوان المسلمين هي السبب في ضياع دولة الأندلس التي سقطت قبل قيام الجماعة بـ500 سنة

ومع كل ذلك قد بقيت الجماعة ثابتة على الأرض بفكرها وسلوكها والأجيال التي تلحق بركبها في كل الدنيا عزاؤهم بشرى حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم تلمس صدقه الأجيال بعد الأجيال بعد كل محنة في كل ركن من أركان الدنيا قال فيه ما معناه: (مثل المؤمنين كمثل خامة الزرع يفيئ ورقه من حيث أتتها الريح .. تكفئها فإذا سكنت اعتدلت، وكذلك المؤمن يكفأ بالبلاء .. ومثل غير المؤمن كمثل الأرزة صماء معتدلة حتى يقسمها الله إذا شاء) وهي رواية للبخاري، وقد جاء مثله في رواية أخرى يقول: (مثل المؤمن كمثل خامة من الزرع تفيئها الريح لتصرعها مرة .. وتعدلها أخرى .. حتى تهيج).

أحداث السنوات الأخيرة وجرائم الأنظمة وتجاوزات البشر أعادت مرة أخرى الحديث الذي يحلو للناس الكلام عنه أن جماعة الإخوان المسلمين قد انتهت وأنها في أزمة، وهي مقولة يُعاد تكرارها كل حين منذ بدأت الجماعة عملها وهي الآن في ختام المائة سنة الأولى من عمرها وما زالت بفضل الله قائمة لا تُخطئ مكانها عين مبصرة دون أخذ العبرة من زوال الأنظمة والأيديولوجيات التي كانت تحاربها، ولعل من عنده بصيرة أن يتجه سؤاله بعد هذه التجارب المريرة إلى الاتجاه الصحيح إذا التبس عليه الأمر وهو: هل هي أزمة أنظمة .. أم أزمة الجماعة؟.

الإيقاع الأخير .. والإيقاع الكبير

نقل بعض إخواننا في مصر الذين زاملوا الشهيد سيد قطب زنزانته في سجنه ومحنته أنه وقف كثيرا أمام سورة يوسف في القرآن الكريم يتأملها ويتفيأ ظلالها .. كيف يبدأ وماذا يكتب وكيف يتناول محنة نبي الله يوسف ومحنة أبيه النبي يعقوب عليهما السلام، وقد تشابهت الأيام وتشابه البغي والظلم (ولله ولرسله الكرام عليهم جميعا صلوات الله وسلامه المثل الأعلى) ومرت على الرجل أيام وليالي يعيش ظلال السورة جاءه في إحداها سيدنا يوسف في منامه فبدأ يكتب بعد أن امتلأت نفسه وروحه بنفحات الخير التي وهبها الله أياه التي جرت على قلبه

وقلمه فقال:

إن التعقيب الأول والمباشر يواجه تكذيب قريش بالوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بتقرير مأخوذ من هذا القصص الذي لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاضرا وقائعه: (ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك، وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون) ..

وهذا التعقيب يترابط مع التقديم للقصة في الاتجاه ذاته: (نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن، وإن كنت من قبله لمن الغافلين) .. والتقديم والتعقيب على هذا النحو يؤلفان مؤثرا موحيا من المؤثرات الكثيرة في سياق السورة، لتقرير الحقيقة التي يعرضانها، وتوكيدها في مواجهة الاعتراض والتكذيب.

ومن ثم يعقب ذلك التسرية عن قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتهوين أمر المكذبين على نفسه. وبيان مدى عنادهم وإصرارهم وعماهم عن الآيات المبثوثة في كتاب الكون، وهي حسب الفطرة السليمة في التنبه إلى دلائل الإيمان، والاستماع إلى الدعوة والبرهان.

ثم تهديدهم بعذاب الله الذي قد يفاجئهم وهم غافلون: (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين. وما تسألهم عليه من أجر، إن هو إلا ذكر للعالمين. وكأي من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون. وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون. أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون) ..

وهي إيقاعات مؤثرة بقدر ما تحمل من حقائق عميقة عن طبيعة الناس حين لا يدينون بدين الله الصحيح. وبخاصة في قوله تعالى: (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) .. فهذا هو التصوير العميق لكثير من النفوس التي يختلط فيها الإيمان بالشرك، لأنها لم تحسم في قضية التوحيد.

وهنا يجيء الإيقاع الكبير العميق المؤثر الموحي، بتوجيه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى تحديد طريقه وتميزها وإفرادها عن كل طريق، والمفاصلة على أساسها الواضح الفريد: (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني، وسبحان الله، وما أنا من المشركين) ..

ثم تختم السورة بإيقاع آخر يحمل عبرة القصص القرآني كله، في هذه السورة وفي سواها. يحملها للنبي صلى الله عليه وسلم والقلة المؤمنة معه، ومعها التثبيت والتسرية والبشرى، ويحملها للمشركين المعاندين، ومعها التذكير والعظة والنذير.

كما أن فيها للجميع تقريرا لصدق الوحي وصدق الرسول، وتقريرا لحقيقة الوحي وحقيقة الرسالة، مع تخليص هذه الحقيقة من الأوهام والأساطير:

(وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم من أهل القرى. أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم. ولدار الآخرة خير للذين اتقوا أفلا تعقلون. حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا، فنجي من نشاء، ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين. لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب، ما كان حديثا يفترى، ولكن تصديق الذي بين يديه، وتفصيل كل شيء، وهدى ورحمة لقوم يؤمنون).

إنه الإيقاع الأخير. والإيقاع الكبير.