الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الإخوان المسلمون فى عصر مبارك.. من المهادنة إلى المواجهة ( الجزء التاسع)»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا ملخص تعديل
 
(مراجعتان متوسطتان بواسطة مستخدم واحد آخر غير معروضتين)
سطر ١: سطر ١:
'''<center><font color="blue"><font size=5>[[الإخوان المسلمون]] فى عصر [[محمد حسني مبارك|مبارك]].. من المهادنة إلى المواجهة
'''<center><font color="blue"><font size=5>[[الإخوان المسلمون]] فى عصر [[محمد حسني مبارك|مبارك]].. من المهادنة إلى المواجهة
( الجزء التاسع)</font></font></center>'''
( الجزء التاسع)</font></font></center>'''
'''بقلم:[[السعيد رمضان العبادى]].'''


'''موقع [[ويكيبيديا الإخوان المسلمين]] ([[إخوان ويكي]])'''
'''موقع [[ويكيبيديا الإخوان المسلمين]] ([[إخوان ويكي]])'''
سطر ٣٤١: سطر ٣٣٩:
:#[http://almoslim.net/node/86665 موقع المسلم، حوار مع د عبدالمنعم أبو الفتوح]
:#[http://almoslim.net/node/86665 موقع المسلم، حوار مع د عبدالمنعم أبو الفتوح]
:#[[عصام العريان]]،رجل المواقف الحاسمة،[http://goo.gl/ktPpI موقع اخوان الشرقية]
:#[[عصام العريان]]،رجل المواقف الحاسمة،[http://goo.gl/ktPpI موقع اخوان الشرقية]
==للمزيد عن [[الإخوان]] و[[محمد حسني مبارك|مبارك]]==
*[[الإخوان المسلمون ومبارك.. من المهادنة إلى المواجهة ( الجزء الأول)]]
*[[الإخوان المسلمون و مبارك.. من المهادنة إلى المواجهة ( الجزء الثانى)]]
*[[الاخوان المسلمون ومبارك.. من المهادنة إلى المواجهة (الجزء الثالث)]]
*[[الإخوان المسلمون ومبارك.. من المهادنة إلى المواجهة (الجزء الرابع)]]
*[[الاخوان المسلمون ومبارك.. من المهادنة إلى المواجهة (الجزء الخامس)]]
*[[الإخوان المسلمون ومبارك الجزء السادس]]
*[[الإخوان المسلمون ومبارك الجزء السابع]]
*[[الإخوان المسلمون فى عصر مبارك.. من المهادنة إلى المواجهة (الجزء الثامن)]]
*[[الإخوان المسلمون فى عصر مبارك.. من المهادنة إلى المواجهة (الجزء العاشر)]]
*[[الإخوان المسلمون فى عصر مبارك.. من المهادنة إلى المواجهة (الجزء الحادى عشر)]]
*[[أهم المحطات التاريخية فى العمل الطلابى في فترة مبارك]]
*[[الإخوان ونوادى أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية]]


[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]]
[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]]
[[تصنيف:أحداث صنعت التاريخ]]
[[تصنيف:أحداث صنعت التاريخ]]

المراجعة الحالية بتاريخ ١١:٥٧، ١٠ فبراير ٢٠١٤

الإخوان المسلمون فى عصر مبارك.. من المهادنة إلى المواجهة ( الجزء التاسع)

موقع ويكيبيديا الإخوان المسلمين (إخوان ويكي)

باحث بمركز نهضة ميديا للدراسات والأبحاث- مؤسسة إخوان ويب

الفصل السابع مرشدو الإخوان فى عهد مبارك

عاصر ستة من مرشدى جماعة الإخوان عهد مبارك وتباينت مواقف وتحركات الجماعة خلال تلك المدة وبالرغم من أن الجماعة تلتزم بالعمل المؤسسى بصورة كبيرة إلا أن شخصية المرشد ظلت لها دورها وانعكاساتها على سياسة الجماعة بصورة عامة فكانت فترة تولى الأستاذ عمر التلمساني.

ومن بعده الأستاذ محمد حامد أبو النصر ثم الأستاذ مصطفي مشهور و المستشار محمد المأمون الهضيبي والأستاذ مهدى عاكف والفترة الحالية د محمد بديع من أهم الفترات التى عاصرتها الجماعة خلال عهد مبارك وأعتقد أن السبب فى ذلك بالاضافة إلى المتغيرات الكثيرة التى حدثت خلال تلك الفترة سواء الداخلية أو الخارجية هى الطبيعة الشخصية لكلاً منهم وسنتناول خلال هذا الفصل نبذه عن كل مرشد خلال عهد مبارك وخلفية توليه لمكتب الإرشاد، وأهم الأحداث التى حدثت فى عهده.

المبحث الأول:عمر التلمساني: المرشد الثالث للجماعة (1973-1986)

تم تنصيب عمر التلمساني كمرشد عام ثالث بعد وفاة الهضيبي فى ظروف بدأت فيها الجماعة تتنسم نسمات الانفتاح على المجتمع وقبول من الرئيس السادات الذى سمح لقياداتها وأفرادها التحرك ، كذلك ساعد التلمساني فى توليه المنصب علاقته الجيدة بالرئيس السادات.

ويُطلق على التلمساني مرشد البناء الثانى للجماعة ، قال عنه جابر رزق المتحدث الرسمى باسم جماعة الإخوان وقتها

"لقد اختار الله الشيخ عمر التلمساني ليقود الجماعة فى سنوات ما بعد محنة السجون التى استمرت قرابة ربع قرن من الزمان، فاستطاع بحكمه الشيخ الذى حنكته السنون، وأنضجته السجون، وبميزات شخصه منحه الله إياه، وبأخلاق الإسلام التى صبغت سلوكه وتصرفاته أن يفرض " الوجود الفعلى" للجماعة على الواقع المصرى، والعربى، والعالمى.

ولد عمر عبد الفتاح عبد القادر مصطفى التلمساني فى 4 نوفمبر 1904، بالغورية فى الدرب الأحمر بالقاهرة واسمه بالكامل، جده لأبيه من بلدة تلمسان بالجزائر، جاء إلى القاهرة واشتغل بالتجارة، وأصبح من كبار الأغنياء، تزوج فى سن الثامنة عشرة وهو لا يزال طالبًا فى الثانوية العامة رزق بأربعة من الأولاد.

حصل على شهادة ليسانس الحقوق وعمل بالمحاماة فى شبين القناطر، وفى سنة 1933 التقى بالبنا فى منزله، وكان يسكن فى حارة عبد الله بك فى شارع اليكنية فى حى الخيامية، وبايعه، وأصبح من الإخوان المسلمين وكان أول محامٍ يعمل بتوكيل من الجماعة الذين قبض عليهم للدفاع عنهم فى المحاكم المصرية.

دخل السجن عام فى عام 1948 ثم 1954 وأفرج عنه فى آخر يونيو 1971 تم اختياره مرشدًا للجماعة بعد وفاة المستشار الهضيبى ثم قبض عليه السادات فى سبتمبر 1981، وتوفى يوم 22 مايو 1986 عن عُمْر يناهز 82 عامًا، كان تشييعه فى موكب مهيب شارك فيه أكثر من ربع مليون نسمة من الجماهير، فضلاً عن الوفود التى قدمت من خارج مصر، وحضر الجنازة رئيس الوزراء، وشيخ الأزهر، وأعضاء مجمع البحوث الإسلامية ورئيس مجلس الشعب، وبعض قيادات منظمة التحرير الفلسطينية، ووفد من الكنيسة المصرية برئاسة الأنبا جريجوريوس فى تشييع الجثمان.

شهدت الجماعة فى عهده انفتاحا وتغلغلا فى العمل العام وبدأ يحتضن جيل شباب السبعينات أمثال د. عبد المنعم أبو الفتوح وأبو العلا ماضى ومختار نوح وحلمي الجزار وإبراهيم الزعفرانى وعصام العريان وغيرهم وأطلقهم فى النقابات والجامعات والأندية، كما بدأ أول تحالفات الجماعة مع الأحزاب ودخل فى عهده الإخوان البرلمان.

واستطاع التلمساني أن يفرض "الوجود الفعلي" لجماعة الإخوان المسلمين على الواقع المصري، والعربي، والعالمي، فعلى مدى العقدين الأخيرين: عقد السبعينيات وعقد الثمانينيات كانت كلمات التلمساني، وتصريحاته وكتاباته تبرز في مقدمة وسائل الإعلام محليًّا وعربيًّا، وعالميًّا، والإذاعة ووكالات الأنباء من كل أنحاء العالم، وجاءه مندوبو الصحف حتى اعتبر عام 1980 صاحب أكبر عدد من الأحاديث الصحفية والتليفزيونيه على مستوى العالم.

وكانت شخصية التلمساني المنفتحه على الجميع عنوان لتلك المرحلة من تاريخ الإخوان والتى تميزت كما ذكرنا بالانتشار والتقارب مع الجميع وحقق فيها الإخوان نجاحات كثيرة على أرض الواقع.

أهم الأحداث فى عهد الأستاذ التلمساني

  1. 11 من نوفمبر 1973م: اختيار الأستاذ عمر التلمساني مرشدًا ثالثًا للجماعة خلفًا للمستشار حسن الهضيبي الذى توفى فى اليوم نفسه.
  2. 30 من مارس 1975م: حكم قضائى تاريخى أصدرته محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، فى القضية التى عُرفت بقضية تعذيب المستشار على جريشة بالتعويض المادى للمدعي، وإعلان براءة البلاد على لسان القضاء من كل من أسهم فى إذلال الشعب وتعذيب أفراده، وقد ناشدت المحكمة رئيس الجمهورية أن يأمر بهدم وإزالة مبنى السجن الحربى "الذى سيظل ما بقى قائمًا شاهدًا على إذلال الشعب وتعذيب أبنائه".
  3. 1 من يوليو 1976م: الإخوان يصدرون مجلة الدعوة (الإصدار الثانى الجديد)، بعد عشرين سنة من الصدور بلسان حال مؤسسها ورئيس تحريرها صالح عشماوي، إلى أن توقفت فى سبتمبر 1981م، بعد تعرضها للمصادرة على يد الرئيس أنور السادات، الذى أغلقت سلطاته مقرها وزج بالمرشد العام وعدد من قيادات الجماعة فى المعتقلات ضمن مجموعة كبيرة من المفكرين والسياسيين فيما عُرف بأحداث سبتمبر.
  4. 28 من أبريل 1984م: الإخوان يخوضون الانتخابات البرلمانية على قائمة حزب الوفد الجديد بعد الحكم بعودته أوائل عام 1984م. وقد فاز الإخوان لأول مرة فى تاريخهم بسبعة مقاعد، حصدها رموز الجماعة: محمد المسماري، محمد المراغي، محمد الشيتاني، محمد المطراوي، محفوظ حلمي، حسن جودة، صلاح أبو إسماعيل.

المبحث الثانى: محمد حامد أبو النصر: المرشد الرابع للجماعة (1986-1996)

محمد حامد أبو النصر تولى مهام منصبه بعد وفاة التلمساني فى ظروف صعبه على الجماعة، ولد 25 مارس 1913 فى منفلوط بمحافظة أسيوط، وتنتمى أسرته إلى الشيخ على أحمد أبو النصر أحد رواد الحركة الأدبية فى مصر، وأحد علماء الأزهر الشريف، حصل على شهادة إتمام الدراسة الثانوية العامة، ثم تفرغ لرعاية أملاك الأسرة التى كانت واسعة الثراء.

التقى بحسن البنا أواخر عام 1933،وبايعه وكان أول من انضم إلى صفوف الإخوان فى الصعيد، تدرج فى مواقع المسؤولية من نائب شعبة منفلوط حتى أصبح عضواً فى الهيئة التأسيسية (مجلس الشورى العام)، ثم عضواً فى مكتب الإرشاد، وتعرض للاعتقال والسجن وحكم عليه فى أحداث 1954 بالأشغال الشاقة المؤبدة لمدة (25) عاماً قضى منها عشرين عاماً فى السجون، عرف عنه العناد والتحمل والقوة وخرج منتصف 1974،وتم اختياره مرشداً عاماً للجماعة خلفاً للمرشد الثالث الأستاذ عمر التلمساني، فى مارس 1986.

كان من الرعيل الأول الذى لازم مؤسس الجماعة، عرفه المقربون بأنه صاحب حمية وحماس وحكمة بجانب رفقه بمن معه والمجاملة التى كان يتحلى بها وأدب يجعله مستمعا أكثر مما يتكلم متفاءلا دائما، حافظ على إرث التلمساني واجتهد ودخل فى تحالفات مع الأحزاب حتى أصبح لهم 36 عضوا بالبرلمان لأول مرة ،ودعم التواجد فى النقابات المهنية والجامعة ونوادى أعضاء هيئة التدريس، وعاشت الجماعة فى عهده أحداثاً بارزة على الصعيد السياسى، وظهرت لأول مرة الجماعة فى صورة قائد للمعارضة بشكل فعلي، كما خاضت الجماعة لأول مرة التجديد النصفى لمجلس الشورى 1989،وفى عام 1992 خاضت الجماعة أول انتخابات بالمجالس المحلية.

وفى عهده رفضت الجماعة منح التجديد للرئيس مبارك لفترة رئاسية ثالثة 1993، مما أثار غضب السلطة عليها، وأحال (82) عضوا من قياداتها إلى المحاكم العسكرية 1995 والتى قضت بسجن (54) عضواً من الرموز المعروفة فى محاكمة غير قانونية ثم شاركت الجماعة أيضاً فى انتخابات مجلس الشعب التى جرت فى 1995.

مثلت فترة تولى الاستاذ حامد أبو النصر مكتب الإرشاد منذ العام 1986 حتى العام 1996 استمرار فى نهج الجماعة فى تحقيق الانتشار المجتمعى وقد شهدت الجماعة أحداث كبيرة وضخمة خلال تلك الفترة كأن أهمها الانتخابات البرلمانية عام 1987 والتى كانت استمرار للتحالفات السياسية مع القوى السياسية الأخرى والتى بدأت بحزب الوفد عام 1984 واستمرت 1987 مع حزبى العمل والأحرار وهو ما أطلق عليه "التحالف الإسلامى" والذى حقق نتيجة طيبة سنتناوله بالتفصيل فى موضع آخر

كما شهدت تلك الفترة غزو العراق للكويت،ولقد كان للأستاذ أبي النصر مواقف مشرفة من الاعتداء على الكويت وغزوها من النظام البعثي الصدامي الغاشم، حيث كان أول المبادرين على مستوى العالم العربي والإسلامي في استنكار ذلك الغزو يوم 2-8-1990م ، بصدور بيان مكتب الإرشاد العام للإخوان المسلمين الذي أدان الغزو وطالب بالتصدي له.

وقد اطلعت على ذلك البيان من خلال الفاكس الذي وصل إلى الأخ عبدالله علي المطوع بالأردن من الإخوان بمصر، وذلك في نفس يوم الغزو مساء، وذلك قبل أن يصدر أي رد فعل من أي مسؤول أو حكومة أو منظمة على مستوى العالم العربي والإسلامي؛

فكان هذا الموقف من مرشد الإخوان المسلمين ، الأستاذ محمد حامد أبوالنصر يرحمه الله، من الصفحات البيضاء المشرقة التي يحاول خصوم الإسلام وأعداء الإخوان تشويهها، بالإعلام الكاذب، وبكتابات المرتزقة من المأجورين من حملة الأقلام الرخيصة، ذوي النفوس المريضة، والقلوب الحاقدة، الذين يعيشون على الملق والنفاق وترويج الإشاعات وتشويه صورة الإخوان.

وكذلك شهدت تلك الفترة قضية سلسبيل الشهيرة ومانتج عنها من حملات اعتقال استهدفت الإخوان وقيادتهم (سنتناولها بالتفصيل فى موضع آخر) وكانت نقطة التحول فى استراتيجية تعامل النظام مع جماعة الإخوان؛

كما تم ثلاث محاكمات عسكرية عام 1995 لمنع الإخوان من خوض الانتخابات التشريعية فى نفس العام، فكانت انتخابات مجلس الشعب لعام 1995 علي الابواب فاراد النظام ان يبطش بالإخوان لمنع العناصر النشطة ذات الشعبية منهم من الترشيح لمجلس الشعب وادانتهم باحكام تمنعهم من حق ممارسة العمل العام لعدة سنوات بعد قضاء مدة العقوبة؛

وكذلك كرد قوى على الانتخابات الداخلية التى تمت عام 1995 لانتخاب مكتب الإرشاد المكون من خمسة عشر عضوا من بين خمس وسبعون عضوا يمثلون مجلس شوري الجماعة العام بمصر وذلك بمقر الجماعة الرئيسي" 1ش التوفيقية القاهرة يوم 19 يناير 1995 مما أثارحفيظة النظام من وصول الجماعة لهذا المستوى من الدقه والتطور.

كيف تم اختيار أبو النصر مرشداً

يروى د. محمد حبيب فى مذكراته تفاصيل اختيار الأستاذ محمد حامد أبو النصر منصب المرشد العام عقب وفاة الاستاذ عمر التلمساني فيقول:

اشتد مرض الأستاذ عمر التلمساني، وأصبح يغيب عن الوعى سويعات.. هنا تكلم الأستاذ المأمون الهضيبى.. قال: إن صحة الأستاذ عمر لم تعد تمكنه من القيام بمسؤوليته كمرشد، وآن لنا أن نفكر بشكل جاد فى من يخلفه من الآن، خصوصا أن هناك رؤوسا تشرئب أو تتطلع إلى تولى هذا المنصب.
ولا ننسى تلك الحملة الإعلامية الشرسة التى تتحدث عن هذا الأمر، وخوفها من أن يؤول إلى الأستاذ مصطفي مشهور، ابن النظام الخاص، وكيف أن ذلك سيكون وبالا على الجماعة والمجتمع بشكل عام!
كانت هناك حجة تقال للرأى العام وهى أن موقع المرشدية هو من نصيب أكبر الأعضاء سنًّا فى مكتب الإرشاد.. هذه الحجة كانت كفيلة أن تُسكِت كثيرا من الألسنة التى تثير الغبار حول هذا الموضوع.. خشينا فى مثل هذه الظروف أن تندفع بعض الشخصيات، ممن لها تاريخ فى الإخوان، إلى الإعلان عن نفسها، أو يُعلن عنها بشكل ما أو آخر..
لذا كان علينا أن نتصرف بسرعة، تدارسنا الأمر فى اجتماع مصغر فى المكتب، واستقر رأينا بعد استعراض كثير من الشخصيات على شخص الأستاذ محمد حامد أبو النصر، فالرجل له تاريخه المشرف، وسبْقُه الذى لا ينكره أحد، وجهاده الذى يعرفه الجميع، وثباته وصلابته وحرصه على هذه الدعوة الذى يتفق عليه كل من عايشه، فضلا عن إخلاصه وتجرده وفهمه العميق للدعوة منهاجا وأهدافا.
كلف المكتب الأخوين الحاج حسنى عبد الباقى رحمه الله وكاتب هذه السطور، بالسفر إلى منفلوط، حيث مقر الأستاذ أبو النصر، وعرْض الأمر عليه.
سافرنا إلى أسيوط ومنها إلى منفلوط.. وصلنا إليها ليلا.. استقبَلنا السيد محمد حامد أبو النصر فى «ڤيلته».. تحدثنا إليه باستفاضة عن الموضوع الذى جئنا من أجله، وهو منصت إلينا بتركيز شديد، مطرقا رأسه إلى أسفل.. لم يقاطعنا..
وبعد أن انتهينا سأل بعض الأسئلة، وكان واضحا أنه مستوعب ومتابع للقضية بشكل مذهل.. ثم قال: يعنى المكتب اتفق على أن أتولى منصب المرشد؟ قلنا: نعم.. قال بعد أن أطرق قليلا: وأنا موافق.. وإذا كان اختياركم وقع على أبى النصر، فهو النصر إن شاء الله.
عدنا إلى المكتب فى القاهرة وأخطرناهم بما كان، وبالتالى بدأنا فى اتخاذ الإجراءات.. فاختيار المرشد لا بد أن يمر بعدة خطوات بيَّنتها اللائحة العامة والخاصة كما يلى:

طبقا للائحة العامة مادة (14): يتم اختيار المرشد العام وفق المراحل الآتية:

(أ) يقوم مكتب الإرشاد العام بعد استشارة المكاتب التنفيذية فى الأقطار أو المراقبين العامين أو ثُلث أعضاء مجلس الشورى، بترشيح أكثر اثنين قبولا لدى هذه المكاتب إذا لم يتم الإجماع على واحد ممن تتوفر فيهم الشروط المذكورة فى المادة (13).
(ب) بناء على ذلك وبقرار من مكتب الإرشاد العام يوجه نائب المرشد العام الدعوة إلى مجلس الشورى العام لاجتماع مدته أسبوع كحد أقصى يجرى فيه انتخاب المرشد العام الجديد، ويحدد فى الدعوة الزمان والمكان والموضوع والنصاب، وتوجه الدعوة قبل شهر على الأقل من الموعد المحدد.
(جـ) ينعقد اجتماع مجلس الشورى العام برئاسة نائب المرشد العام، فإن كان هو المرشح فأكبر الأعضاء سنًّا، ويجرى انتخاب المرشد العام بأكثرية ثلثى أعضاء المجلس (النصاب لا يقل عن الثلثين)، فإذا لم يتم ذلك أُجِّل الاجتماع إلى موعد آخر لا يقل عن شهر ولا يزيد على شهرين ولمدة أسبوع أيضا، ويجرى فيه انتخاب المرشد العام بالأكثرية المطلقة من أعضاء المجلس (النصاب لا يقل عن ذلك).

وطبقا للائحة الداخلية لجماعة الإخوان المسلمين مادة (16) فقرة (ط):

(1) مع مراعاة نصوص اللائحة العامة وفى حالة خلو منصب المرشد العام يحل محله نائبه الأول فى مصر، ويتولى مكتب الإرشاد دعوة مجلس الشورى للاجتماع خلال مدة لا تزيد على ثلاثين يوما للتداول فى اختيار من يُرشَّح لمنصب المرشد العام، ولا يكون اجتماع المجلس فى هذه الحالة صحيحا إلا بحضور ثلاثة أرباع عدد أعضائه، ويكون قراره بتزكية اسم المرشح لمنصب المرشد العام بأغلبية خمسة وخمسين عضوا من أعضائه.
(2) إذا لم تتوافر الأغلبية المشار إليها فى البند السابق، يؤجل الاجتماع مدة لا تقل عن خمسة عشر يوما ولا تزيد على ثلاثين يوما، ويعيد مكتب الإرشاد الدعوة لاجتماع ثان، يكون صحيحا بحضور أكثر من نصف عدد أعضاء مجلس الشورى، ويكون قرار التزكية صحيحا بموافقة خمسة وأربعين عضوا من أعضاء المجلس.
(3) فى حالة عدم توافر الأغلبية المشار إليها فى البند السابق يؤجل الاجتماع لمدة لا تقل عن خمسة عشر يوما ولا تزيد على ثلاثين يوما، ويكرر مكتب الإرشاد الدعوة لاجتماع ثالث، يكون صحيحا بحضور أكثر من نصف عدد أعضاء المجلس، ويكون قرار التزكية معتبرا بأغلبية أصوات الحاضرين.
عادت رسلنا من الخارج لتقول: إن أعضاء «الشورى العام» يقولون إنهم لا يعرفون من هو محمد حامد أبو النصر.. هم فقط يعرفون الأستاذ مصطفي مشهور، وأن الأستاذ أبو النصر غير ظاهر على الساحة وليس له أى نشاط، ولم نقرأ له أى كتابات أو مؤلفات، وعلى النقيض من ذلك الأستاذ مصطفي مشهور، ومن ثم نرجو إعادة النظر فى الاختيار.
دعوْنا الأستاذ محمد حامد أبو النصر لحضور جلسة المكتب، وأطلعناه على رأى أعضاء مجلس الشورى.. فكان رده: لقد عرضتم علىّ المنصب وأنا وافقت، وأقول لهؤلاء الإخوان إن الثقل الإخوانى هنا فى مصر وليس فى أى مكان آخر، مع تقديرنا وحبنا للإخوان فى الأقطار المختلفة، لقد نبتت الدعوة هنا فى مصر على يد الإمام الشهيد، هنا التاريخ، والمعاناة، والتضحية، والفداء، نحن لا نقلل من شأن إخواننا ولا نبخسهم تضحياتهم وجهادهم..
ثم قال بحسم: لن يستطيع تحمل هذه المسؤولية سوى إخوان مصر، وبالتالى هم الذين يختارون، وهم الذين يحددون مَن يتولى منصب المرشد.. وختم حديثه قائلا: واجبكم أن يعرف هؤلاء الإخوان من هو محمد حامد أبو النصر؟ وكيف دخل الدعوة؟ وماذا كانت صلته بالإمام الشهيد؟ وما الذى قدمه لهذه الدعوة عبر هذه العقود الطويلة؟ وما الذى يمكن أن يقدمه لها؟
كان الأستاذ أبو النصر يدافع عن مهد الدعوة دون أن ينتقص من حقوق الآخرين.. كان يدافع عن حق إخوان مصر فى اختيار وتحديد المرشد العام للإخوان.. صحيح أن المرشد ليس خاصًّا بمصر وحدها، لكن مصر بتاريخها ودورها المحورى والاستراتيجى على المستويين الإقليمى والدولى، هى القاطرة التى يمكن أن تشد من خلفها العالم العربى والإسلامى، يجب أن لا ننسى هذا.
نقطة أخرى مهمة كان يستهدفها الأستاذ أبو النصر بإصراره وهى قطع الطريق على من يريد استثمار مسألة وقوع الجماعة تحت سيطرة النظام الخاص لضرب الجماعة.
فى ألمانيا، كان مقررًا أن يجتمع مجلس الشورى العام، وكان الأساتذة: مصطفي مشهور، والدكتور أحمد الملط، ومحمد كمال إبراهيم، وعباس السيسي، وكاتب هذه السطور، حاضرين.
تكلم الأستاذ مصطفي مشهور طويلا عن الأستاذ محمد حامد أبو النصر وكذلك بقية الأساتذة، وأشهد أن الرجل بذل جهدًا خارقًا لإقناع أعضاء مجلس الشورى، وكان منهم علماء أفاضل، للموافقة على الأستاذ أبو النصر.. تكلم إلى المجلس، وإلى الأعضاء فردًا فردًا، لكن دون جدوى.. كانت الإجابة: نحن لا نعرف من هو محمد حامد أبو النصر، لكننا نعرفك أنت ونريدك أنت مرشدًا.
استثار ذلك الموقف أخانا وشيخنا الأستاذ عباس السيسي، وسمعته يقول: هؤلاء الإخوان لا يعرفون قامة هذا الرجل هو لا يمثل قيادة للإخوان فقط، لكنه يمثل قيادة عالمية.
تحدث معى الأستاذ مصطفى وقال: إذا كان لديك شىء تقوله، فلا تدّخر وسعًا.. قلت: أفعل إن شاء الله. وحين اجتمع المجلس، برئاسة الأستاذ مصطفى، وجه حديثه إلى الأعضاء قائلا: يا إخوان.. الأخ الدكتور حبيب لديه كلام يريد أن يقوله، ثم قدمنى..
بدأت الحديث بحمد الله والثناء عليه بما هو أهله، وقلت: لقد عايشت الأستاذ محمد حامد أبو النصر مدة عشر سنين، من عام 1975 إلى عام 1985، كنت خلالها أتردد عليه بصفة مستمرة ودائمة، وقد تعلمت على يديه كثيرا، وصحَّح لى كثيرا من المفاهيم، وكان عونا لى ولإخوانى فى أسيوط على حل كثير من المشكلات «التربوية والدعوية»؛
وأشهد أن الرجل يمتلك حسا ووعيا سياسيا عاليا، بالإضافة إلى فهمه دعوة الإخوان من حيث أصالة الفكرة، وطهارة المنهج ونبل الهدف، فهما غاية فى العمق والاتساع، عاش مع الأستاذ البنا، وكانت له منزلة فى قلبه، كما أن له تقديره واحترامه، ومكانته فى قلوب الإخوان جميعا فى مصر، إن أهم ما يميز الرجل انضباطه العالى، وجنديته الفائقة، وحبه الجارف لهذه الدعوة، فهو يعيش بها ولها.. وقد ارتضاه إخوانكم فى مصر مرشدا.. وأحسب إن شاء الله أنه اختيار موفق.
بدا التأثر على أعضاء الشورى وسأل الأستاذ مصطفى: هل بعد ذلك هناك اعتراض على الأستاذ محمد حامد أبو النصر؟ قالوا: لا. وتمت الموافقة على الاختيار بفضل الله.. ثم قالوا: نريد أن نراه.. قال الأستاذ مصطفى: إن شاء الله.. إن شاء الله.
هذه القصة تدل من زاوية أخرى على مدى صدق وإخلاص الأستاذ مصطفي مشهور.. فقد جاءه موقع المرشد، وهو أهل له بكل تأكيد، لكنه آثر تقديم الأستاذ أبو النصر على نفسه من منطلق:
  1. تاريخ الرجل،
  2. اختيار إخوان مصر له،
  3. طبيعة المرحلة التى تمر بها مصر فى هذه الفترة.
وغنىٌّ عن البيان أن تولى السيد محمد حامد أبو النصر منصب المرشد فى الفترة (1986-1996) قد منح الفرصة الكاملة للأستاذ مصطفي مشهور لكى يقوم بأهم وأجلّ الأدوار فى تاريخ الجماعة، من حيث الحركة، والتخطيط، والتربية، والتوجيه، والتأسيس.
فى 22 مايو من عام 1986 تُوفى الأستاذ عمر التلمساني.. كانت جنازته مَضْرب الأمثال، وغير مسبوقة.. فمن قائل إنها ضمت نصف مليون من البشر، ومن قائل إنها كانت أكثر من ذلك، وقد سار فى جنازته الذين اتفقوا مع الإخوان والذين اختلفوا معهم، كما كان هناك ممثلون عن السلطة، فضلا عن رجال الأحزاب والقوى السياسية والوطنية. (1)

أهم الأحداث فى عهد الأستاذ أبو النصر

  1. 6 من أبريل 1987م: الإخوان يفوزون بـ 36 مقعدًا من مقاعد مجلس الشعب، بعد معركة طاحنة بين المعارضة من ناحية والحزب الوطني من ناحية أخري. خاض الإخوان المعركة على قائمة التحالف التى جمعتهم مع حزبى العمل والأحرار. وقد اعتُقل فى هذه الانتخابات ما يزيد على 2500 من أعضاء الجماعة، فضلا عما وقع من جانب الحزب الحاكم من بلطجة وتزوير وأعمال عنف فاقت الخيال.
  2. 8 من يونيه 1989م: حكومة الحزب الوطني تزوِّر بشكل فاضح انتخابات الشورى التى شارك فيها الإخوان؛ حيث لم ينجح أحدٌ من مرشحى التحالف الإسلامي، واعتقلت السلطات ما يزيد على 2000 من أعضاء الإخوان.
  3. 29 من نوفمبر 1990م: الإخوان يقاطعون الانتخابات البرلمانية، ويصدرون بيانًا يعلنون فيه أسباب المقاطعة، وفى مقدمتها: عدم دستورية كثير من القوانين، وتقييد الديمقراطية، وفقدان الضمانات لإجراء انتخابات حرة ونظيفة.
  4. 12 من أكتوبر 1992م: زلزال عنيف يضرب القاهرة، ويخلِّف قتلى ومصابين بأعداد كبيرة.. وقد نجحت جماعة الإخوان المسلمين بحكم انتشارها الشعبى والمجتمعي فى الوصول إلى أماكن الكوارث قبل وصول السلطات الرسمية بساعات، وقد قامت بدور أساسى وفاعل فى إنقاذ العشرات من الموت، ومد يد العون للمشردين ممن تهدمت بيوتهم وصار الشارع مأوى لهم. وقد قررت الدولة منذ ذلك الوقت التدخل (لتقليم أظافر الجماعة)؛ حيث قامت بدور الحكومة، وصارت دولة داخل الدولة حسب زعم المسئولين.
  5. 17 من فبراير 1993م: صدور القانون 100 لسنة 1993م، المعروف بقانون النقابات المهنية، والذى جرى تعديله عام 1995م؛ للحيلولة دون وصول الإخوان إلى مجالس النقابات المهنية؛ حيث اشترط هذا القانون نصابًا قانونيا (50%) لإجراء الانتخابات، وفرض لجنة قضائية لإدارة العملية الانتخابية.
  6. مارس 1994م: الإخوان يصدرون (وثيقة المرأة والشوري) فى ورقتين تتضمنان موجزًا لأهم الأسس الفقهية للمبادئ التى تقرها جماعة الإخوان المسلمين بشأن وضع المرأة فى المجتمع وأهم حقوقها وواجباتها. وكذا بشأن تعدد الأحزاب.
  7. 2 من يناير 1995م: القبض على 49 من قيادات وأعضاء الإخوان، وذلك عقب اجتماع لمجلس شورى الجماعة بمركزها العام بالتوفيقية. وبعد عدة أشهر تم تحويل المجموعة إلى القضاء العسكرى بتهمة: إعادة إحياء جماعة محظورة. تعد هذه القضية هى أول محاكمة عسكرية للإخوان فى عهد الرئيس المخلوع، عُرفت بالقضية رقم (1995/8 جنايات عسكرية). انتهت القضية بالحكم على 43 ممن أحيلوا للقضاء العسكري، بالسجن لمدد تتراوح ما بين ثلاث وخمس سنوات، ونال 15شخصًا ممن أحيلوا للقضاء فى القضية ذاتها البراءة.
  8. 30 من أبريل 1995م: الإخوان يصدرون بيانًا تاريخيا تحت عنوان: «بيان للناس»؛ للتذكير بصحيح فكر الإخوان وسلامة منهجهم، مؤكدين أنهم يخوضون الحياة السياسية ملتزمين بالوسائل الشرعية والأساليب السلمية وحدها، وقد تطرق البيان إلى قضايا: الموقف العام من الناس جميعًا، مسلمين وغير مسلمين، السياسة والدين، العمل السلمى ورفض العنف واستنكار الإرهاب، حقوق الإنسان.
  9. 23 من نوفمبر 1995م: إحالة 33 قياديا فى الجماعة إلى القضاء العسكري، فى المحاكمة العسكرية الثانية للإخوان فى عهد الرئيس مبارك، رقم (1995/ 11 جنايات عسكرية)، حُكم على 20 منهم بالسجن بمدد تتراوح ما بين الثلاث والخمس سنوات، وحصل 13 معتقلا على البراءة، وكان الحكم بخمس سنوات من نصيب الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح والدكتور محمود عزت.
  10. 29 من نوفمبر 1995م: إقصاء الإخوان عن مجلس الشعب، وتزوير لجان الدوائر المائة التى شارك فيها الإخوان، واعتقال أكثر من 1700 مندوب من مندوبيهم من داخل هذه اللجان، فضلا عما صاحب ذلك من عنف وبلطجة لم تشهدهما البلاد من قبل. ولم ينجح من الإخوان سوى عضو واحد هو علي فتح الباب عن دائرة حلوان، من مجموع 152 مرشحًا واجهوا عراقيل أمنية شديدة أثناء تقدمهم بطلبات الترشح، سبقتها عمليات اعتقال واسعة لمئات من أعضاء .

المبحث الثالث: مصطفي مشهور: المرشد الخامس للجماعة (1996-2002)

نتيجة لفترة مرض محمد حامد أبو النصر التى استمرت طويلا كان مصطفي مشهور ومأمون الهضيبى مقربين وهما من يديران الجماعة فعليا ، تولى مصطفي مشهور مهام المرشد العام للإخوان المسلمين بعد وفاة مرشد الجماعة الرابع محمد حامد أبو النصر سنة 1996 بعد أن كان هاربا خارج مصر لفترة قبل أيام من اعتقالات سبتمبر 1981، وصاحب تأسيس التنظيم الدولي ومكاتب الإخوان فى الخليج وأوروبا.

ولد مصطفي مشهور فى 15 سبتمبر 1921،بمركز مينا القمح محافظة الشرقية،انتقل إلى القاهرة فأكمل بها المرحلة الثانوية، ثم التحق بالجامعة بكلية العلوم، ثم تخرج 1942،عُين فى الأرصاد الجوية بوظيفة "متنبئ جوى"، ونقل إلى الإسكندرية؛ ليقضى سنة تحت التمرين، ثم عاد إلى القاهرة لممارسة عمله.

تعرف مشهور على حسن البنا 1936 وانضم إلى الجماعة، وفى يونيو 1954 أُبعد عن العمل إلى مرسي مطروح بسبب انتمائه إلى الإخوان، واعتقل فيها بالسجن الحربى، وحكم عليه بعشر سنوات أشغال شاقة، ثم نقل إلى سجن ليمان طرة، ومنه إلى سجن الواحات.اعتقل مرة أخرى 1965؛ حتى أفرج عنه فى عهد الرئيس السادات.

ألف مشهور العديد من الكتب الدعوية والفكرية التى أراد من خلالها شرح وتبسيط فكرة الإخوان المسلمين حول الإسلام والحل الإسلامى الذى بات شعارا لهذه الجماعة، وتوفى 14 نوفمبر 2002، بعد غيبوبة إثر نزيف فى المخ دام أكثر من خمسة عشر يوما، وتوفى عن عمر ناهز 83 عاما.

تولى الأستاذ مصطفي مشهور منصب المرشد العام فى الفترة بين 1996 الى 2002,و كان الشيخ مصطفى يحمل أعباء المرشد ومكتب الإرشاد قبل أن يصبح هو المرشد ، فقد كان له دور كبير ومؤثر أيام سلفيه الشيخ أبي النصر والشيخ عمر التلمساني، وكان يتحمل المسؤولية كاملة عن تلك الفترة، وخاصة بعد أن غادر مصر إلى الكويت فألمانيا، ثم بعد تسوية وضعه، وعودته إلى بلاده.

وعندما تسلم منصب الإرشاد ، تابع مخططه الذي رسمه للجماعة مع أعضاء مكتب الإرشاد، وعمل بجد واجتهاد لتنفيذه، وقد لجأ إلى التحالفات السياسية مع بعض الأحزاب وخاضت الجماعة الانتخابات البرلمانية والنقابية، وحققت نجاحات رائعة.

ولقد اتسم عهده بالعقلانية المفرطة في ابتعاده عن أي صدام مع الدولة، مهما بلغت تجاوزات الحكومة والأجهزة الأمنية، وعده بعض المفكرين السياسيين والإعلاميين كالدكتور عبد الوهاب الأفندي، أفضل عهود الحركة، فلم تعد الإخوان جماعة هامشية على الساحة السياسية ، ولم تدخل في مواجهة شاملة مع الدولة ، ولم تتعرض قياداتها للقتل و الإعدام والتشريد و السجن ، فقد كان دائماً يرفض الاستدراج إلى المواجهة الشاملة.

لم تشغله السياسة عن الدعوة و التربية ، كما لم تبعده الدعوة و التربية عن العمل السياسي ، فقد كان يكتب في هذه المجالات كلها، ويصول ويجول في ميادينها بحنكة تدل على تجاربه العميقة في هذه المجالات التي كان يوازن بينها، بحيث لا تغطي إحداها على الأخريات، وإن كان العمل التربوي هو المقدم عنده، لأنه أمضى سنوات مديدة مع طلبة الجامعات ، يربيهم ويغرس غراس الإيمان والتضحية والبذل في نفوسهم، ليكونوا مؤهلين لتسلم العمل المناسب لكل منهم، وليكونوا قادة المستقبل وحملة الراية من بعد.

كان يعتبر تغليب العمل السياسي على العمل الدعوي و التربوي انحرافاً عن مسار الجماعة نحو أهدافها وغاياتها، مع أن العمل الدؤوب لإقامة الدولة التي تحكم بما أنزل الله ، لم يغب عن باله قط.

شيع جثمانه الطاهر عقب صلاة الجمعة (15/11/2002) من مسجد السيدة رابعة العدوية بمدينة نصر في القاهرة .

أهم الأحداث فى عهد الأستاذ مصطفي مشهور

  1. 4 من فبراير 1996م: اعتقال 13 من قيادات ورموز الجماعة على رأسهم الأستاذ محمد مهدي عاكف، وإحالتهم إلى القضاء العسكري، فى القضية رقم (1996/ 5 جنايات عسكرية)، والمعروفة باسم (قضية حزب الوسط)؛ إذ تم الاعتقال على إثر تقدم عدد من قادة الجماعة بأوراق تأسيس الحزب فى 10 من يناير 1996م والذى رفضته لجنة شئون الأحزاب فى 13 من مايو من العام ذاته. حُكم على ثمانية من المحالين للقضاء بثلاث سنوات، وأُطلق سراح 5 من المعتقلين على ذمة القضية.
  2. أغسطس 2000م: السيدة جيهان الحلفاوي تعلن ترشيحها فى انتخابات مجلس الشعب، وتعد بذلك أول مرشحة فى تاريخ الإخوان فى البرلمان، وقد فجّر هذا الإعلان مفاجأة كبيرة لدى الكثيرين من المهتمين بالعمل السياسى فى مصر وغيرها,
  3. 15 من نوفمبر 2000م: الإخوان يفوزون بسبعة عشر مقعدًا فى مجلس الشعب، فى الانتخابات التى خاضوها مستقلين، وتمت لأول مرة على ثلاث مراحل، وقد انتزعوا تلك المقاعد انتزاعًا من الحزب الحاكم الذى جنَّد سائر قواه الأمنية التى اعتقلت أكثر من 5000 عضو من الجماعة، وقامت بتزوير غالبية اللجان، وممارسة الإرهاب والعنف ضد الناخبين رافعة شعار (مفيش انتخابات).
  4. 6 من نوفمبر 2001م: اعتقال 22 من رموز وقيادات الجماعة، عقب مظاهرة إخوانية بالجامع الأزهر من أجل فلسطين، وبعد أسبوع واحد من الاعتقال صدر قرار جمهورى فى 13 من نوفمبر بإحالتهم إلى القضاء العسكرى فيما عُرف بقضية (أساتذة الجامعات)، التى تعد المحاكمة السادسة للإخوان فى عهد الرئيس مبارك، وهى القضية رقم (2001/ 29 جنايات عسكرية)، استغرقت جلسات المحاكمة ما يقرب من ثمانية أشهر؛ ثم صدر الحكم فى 30 من يوليو 2002م بالسجن بمدد تتراوح ما بين ثلاث وخمس سنوات على 16 من المعتقلين، بينما برأت المحكمة 6 منهم.

المبحث الرابع: محمد المأمون الهضيبي: المرشد السادس للجماعة (2002-2004)

مع مرض وغيبوبة المرشد العام لجماعة الإخوان الراحل مصطفي مشهور فى 29 أكتوبر 2002 إثر نزيف فى المخ أصبح مأمون الهضيبى القائم بأعمال المرشد العام‏ بالنيابة، وبعد الوفاة تم أخذ البيعة لمأمون الهضيبى.

ولد 28 مايو 1921، وهو نجل المستشار حسن الهضيبي ثانى مرشد لجماعة الإخوان المسلمين، تخرج مأمون الهضيبى فى كلية الحقوق وعمل بالنيابة وكان رئيسا لمحكمة غزة عام 1956، وشارك فى أعمال المقاومة الشعبية خلال العدوان الثلاثى على مصر 1956، واعتقله جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتم اعتقاله ‏1965‏ أثناء حضوره اجتماعا مع والده حسن الهضيبي، وتم إقالته إثر ذلك من منصبه القضائى ، وقدم إلى المحاكمة العسكرية وحكم عليه بالحبس سنة، وجدد اعتقاله لمدة خمس سنوات بعد انتهاء مدة الحبس وتم الإفراج عنه 1971.

عاد مأمون الهضيبى إلى القضاء بعد أن برئت ساحته ليصبح رئيسا لمحكمة استئناف القاهرة حتى أحيل للمعاش، ودخل انتخابات البرلمان عن دائرة الدقى بالجيزة 1987، ثم تولى مهام منصبه كمرشد عام بعد وفاة مشهور.

ورغم أن المستشار "الهضيبي" خرج من السجون عام 1971 م، ثم انتقل للعمل في السعودية، حتى عاد قبيل وفاة المرحوم "التلمساني" عام 1984م؛

أي أن دوره كان من عام 1984 م حتى 2004م، فإنَّ بصمته لم تختلف رغم أنه لم يتولَّ الدور الأول إلا أربعة عشر شهرًا، وكان المتحدث الرسمي للإخوان طوال عهد "أبو النصر"، ثمَّ نائبًا للمرشد في فترة "مشهور"، حتى أصبح مُرشدًا عامًّا في نوفمبر (رمضان) 2002م، وشغل موقع الناطق باسم كتلة الإخوان في البرلمان المصري (1987م 1990م)؛ أي أنَّ تأثيره امتد من عام 1987م إلى 2004م.

ويقول د.عبدالمنعم أبو الفتوح عن مرحلة المستشار مأمون الهضيبى:

في تقديري أن هذه المرحلة رغم قلة مدتها من عمر الجماعة قد اتسمت بعدة خصائص رئيسة، وهي:
  1. على مستوى البناء الداخلي للجماعة، فقد حدث مزيد من الاستقرار والتركيز والصلابة .
  2. وضوح وتعمق مواقف الجماعة السابقة من حيث قضايا المرأة والأقباط والتعددية السياسية.
  3. قدرة الجماعة على الصمود والحضور السياسي بين الجماهير، وقد تجلى ذلك واضحاً في حصول الجماعة على 17 مقعداً في البرلمان المصري في انتخابات عام 2000م ،رغم ما هو معروف من التضييق والتزوير والاعتقالات، وقد رد ذلك على الأصوات التي انطلقت تدعو الجماعة لعدم خوض الانتخابات مرة أخرى خوفا من أن تخرج الجماعة صفر اليدين، خاصة بعد اعتقال الدولة لأكثر من 5 آلاف من أبنائها قبل الانتخابات .
  4. تبلور البعد الوطني لدى الجماعة من خلال دعوتها للتوحد الوطني والالتحام مع الجماهير في مواجهة الحملة الأمريكية الظالمة على الشعب العراقي الشقيق، بدءاً من مظاهرة "الاستاد" التي اعتبرها المراقبون ملحمة إخوانية وطنية ، وانتهاءً المشاركة الجادة والفاعلة في المؤتمر الثاني لمناهضة الاحتلال، والذي عقد مؤخراً في مصر، وقد بدا هذا واضحاً من كلمة فضيلة المستشار الهضيبي عليه رحمة الله التي دعت كافة الشرفاء في العالم للتوحد تمهيداً للوقوف يداً واحدة في مواجهة الاحتلال الأمريكي الظالم للعراق الشقيق .

ويضيف د.أبو الفتوح

كان عليه رحمة الله مثالاً في الانضباط والحكمة، وكان متفانياً في عمله ما تأخر عن الحضور لمكتب الإرشاد يوماً إلا لمرض أو سفر، وكان محباً لإخوانه، يسأل عن أحوالهم ولا ينام حتى يطمئن عليهم، وكان بشوشاً مهتما بأحوال أمته، يتألم لآلامها ويفرح لأفرحها، وكان حريصاً على متابعة أخبار العالم كله، وخاصة تلك التي تهم المسلمين، وكان مناصراً للحق الفلسطيني مشغولاً بقضايا أمته الكبرى، وبحكم كونه رجل قضاء، فكان يميل إلى دراسة الأمور وتمحيصها والوقوف عند الدليل الشرعي والمصلحة العامة. (2)

ويروى د عصام العريان فى أحد مقالاته بعض من جوانب شخصية المستشار مأمون الهضيبى ودوره الدعوى والسياسى فيقول:

انشغل "الهضيبي" في إعادة ترتيب وجود الجماعة السياسي، ومحاولة الخروج من القيود القانونية والمتابعات الأمنية إلى الفضاء العام، واجتهد في إقناع قيادة الجماعة بقبول عرض من رئيس حزب الأحرار المرحوم "مصطفى كامل مراد"، حمله الشيخ "صلاح أبو إسماعيل" رحمه الله بأن يتولى الإخوان شئون الحزب كلها، وإعادة تشكيل قواعده وهياكله، فقط يحتفظ رئيس الحزب بموقعه، ويكون له نائبان، أحدهما من الإخوان؛
ثمَّ إن هناك فراغًا ضخمًا وهياكل ورقية يمكن للإخوان ملؤها جميعًا، ولهم الحق في إعادة صياغة برنامج الحزب وخطابه السياسي بما يتناسب مع أفكار برامج الإخوان ، وبعد مناقشات مستفيضة شابها بعض الحدة إلى الدرجة التي قال فيها البعض له: "لقد جاهد والدك للحفاظ على الجماعة والإبقاء عليها، وأنت تريد اليوم أن تعمل على هدمها وإذابتها"، وانتهت المناقشات إلى عدة قرارات هامة، ما زالت تؤثر في مسيرة الإخوان ، منها:
  1. رفض ذوبان الجماعة في أي حزب أو كيان آخر، حتى ولو كان الحزب الحاكم، وقد سبق أن عرض "السادات" على المستشار المرحوم "صالح أبو رقيق" انضمام الإخوان إلى حزب (مصر العربي الاشتراكي)، الذي أسسه "ممدوح سالم" رحمه الله رئيس الوزراء الأسبق، ورفض الإخوان ذلك.
  2. تحالف القوى السياسية التي تتفق مع الإخوان في البرامج والقواعد الأساسية، وهذا ما تم مع حزبي العمل والأحرار، مع التنسيق مع القوى والتيارات السياسية في قضايا الحريات العامة.
  3. العمل على تشكيل حزب خاص لـ(الإخوان) يضمن لهم المَظَلَّة القانونية، ويتيح لهم المشاركة السياسية في إطار القانون والدستور.
وقد تمَّ إعداد عدة برامج، واتخاذ كثير من الإجراءات منذ منتصف الثمانينيات، شارك فيها المرحوم "صلاح شادي"، وكثير من خارج الإخوان ، وانتهت بمشروع حزب (الوسط) وأزمته الشهيرة.

ويضيف د. العريان:

عندما شرعنا في رصد أكثر من ثلاثة عشر موضوعًا تستحق الدراسة والإعداد، وإعداد أوراق خلفية لعرضها على مؤسسات الجماعة ؛ لاتخاذ قرارات بشأنها، إمّا لجهة حسم خيار فقهي، أو طرح بدائل عديدة، أو تركها حرة لاختيارات الأقطار أو الأفراد، كما يقتضي مرونة منهج (الإخوان المسلمين)، كان "الهضيبي" رحمه الله عليه حاضرًا بذهنه المتوقد ومناقشاته المطولة في جلسات الإعداد، ثمَّ جلسات الحسم والقرار.
وأخرج الإخوان 3 أوراق معتمدة من هذه المسائل، كانت بصمة "المأمون الهضيبي" واضحة، وهي: "الشوري وتعدد الأحزاب في المجتمع المسلم"، و"المرأة المسلمة في المجتمع المسلم"، وصدرتا في مارس 1994م ، و"المشاركة في الحكومات الائتلافية".
وكان أهم ما تضمنته هذه الأوراق من ثبات أو تجديد:
  1. إقرار التعددية الحزبية في المجتمع المسلم وفي ظل حكومة إسلامية.
  2. القبول بتداول السلطة بين الأحزاب في الدولة الإسلامية.
  3. استمرار القبول بنظام الحكم الدستوري النيابي كأفضل نظم الحكم.
  4. التأكيد على المساواة بين المرأة والرجل في الحقوق والحريات، والواجبات العامة في التعليم والعمل، والتصويت والترشيح للمجالس النيابة، وتولي الوظائف العامة في إطار الشريعة الإسلامية.
  5. القبول بالمشاركة في حكومات ائتلافية في حال الضرورة أو حال تحقق مصلحة مؤكدة.
لقد كان دوره رئيسًا في إقناع شيوخ الجماعة بما نصل إليه نتيجة الحوارات، ولولا دوره كما أظنُّ لصعب إخراج مثل تلك الأوراق التي أصبحت الآن أفكارًا ثانية يتداولها الإخوان وغير الإخوان ، بل تحولت إلى سياسات واضحة يمارسها الإخوان في أكثر من بلد، وقد ترشحت أكثر من أخت، ونجحت إحداهن، واكتسبت عضوية البرلمان ، ولولا جهد "الهضييبي" ما تحقق مثل ذلك التطور في عمل الإخوان ، ولقد رأيت كيف أصر على أن يكون للأخوات كلمة في حفلات الإخوان للإفطار رغم تململ البعض، ورفض الآخرين.
كان "الهضيبي" واسع الثقافة، قوي الحجة، عنيدًا في مواقفه، صلبًا في الحق، لا يقبل أنصاف الحلول، معتزًّا بنفسه، شديدًا في المواجهة، وذلك لم يجعل له صداقات كثيرة في الوسط السياسي أو الفكري، بل جعل له عداوات مع بعض الشباب، الذين لم يقبلوا منه حسمه وتمسكه بسلامة الإجراءات في قضية "الوسط"، وشنوا عليه حملةً شعواء كانت تؤذيه نفسيًّا؛ لأنه كان يعتبرهم جميعًا أبناءه، ويرى أن له عليهم حقوقًا، وأنه لم يختلف معهم خلافًا شخصيًّا.
كان "الهضيبي" يؤمن بأهمية التطوير والتجديد الفكري، لكن ببطء، ودون تعجل، لم يكن من المقتنعين بسياسة الصدمات أو الفرقعات؛ لذلك لم يكن يقبل التصريحات الإعلامية التي تحدث دويًّا أو ضجيجًا، يراه مفتعلاً، واختلف مع بعض الإخوان في ذلك، لكنه في النهاية كان يقبل الحوار، ويحاول أن يصل إلى الإقناع، ويحرص على وحدة الصف، ولا يقبل الضغوط.
كما كان موقفه شديد الحسم في أزمة الحرب على العراق وكان هو مرشد الجماعة وقتها حيث رفض القبول بالتدخل الأمريكي وغزو العراق رغم إدانة نظام "صدام" وديكتاتوريته.
كان اعتزازه بشخصيته، وفخره بانتسابه وقيادته للجماعة ، سمة قوية في سلوكه، خاصة مع السياسيين.حاول مدَّ الجسور مع الدولة بطرق عديدة، وحرص على علاقة متوازنة مع كل القوى السياسية، ونجح في ترك بصمته على أفكار وآراء ومواقف الإخوان .. رحمه الله رحمة واسعة، وعوضنا فيه خيرًا.
في فتنة التكفير كان حاسمًا وقاطعًا، ولم يقبل أنصاف الحلول وهذا دأبه إلى آخر دقيقة من عمره وقيادته عندما بلغه أن بعض الإخوان في إحدى المحافظات أوصَوْا الإخوان بمدارسة أحد الفصول من كتاب إسلامي، اشتم فيه أحد الإخوة شبهة تكفيرية بين السطور، فسارع إلى استدعاء الأخ المسئول، وحاوره طويلاً حتى أقنعه الأخ أن هذه الشبهات لا أساس لها، وقد حضرت جزءًا من النقاش.
وعندما أبلغني بعض كبار الإخوان ممن فاصلوا الجماعة عند خروجهم من السجون في منتصف السبعينات برغبتهم في إيجاد صلة بالجماعة، كان رده حاسمًا: "ليتخلوا عن منهج التوقف أو التكفير، وعندئذ هم إخوان لنا".
وفي قضية العنف كان حاسمًا وواضحًا، لا يقبل إطلاقًا أي مبررات لعمليات العنف، وفور أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وبعد ساعات، أصدرت الجماعة بيانًا قاطعًا، أدانت فيه الأحداث رغم عدم وضوح الرؤية وقتها، وكان حاسمًا في قوله: "إن هذه العمليات لا يقرها شرع ولا خلق ولا عقل".
وعند احترام اللوائح التي كان له فضل كبير في إعادة العمل بها وتفعيلها كان حاسمًا؛ ولذلك كان موقفه من قضية حزب (الوسط)، الذي أغضب منه بعض الشباب، ولكن رؤيته رغم الحدة في التعامل أثبتت الأحداث صوابها، فلم يكن هناك فرصة لإقامة حزب، وكان هدف النظام هو إحداث فتنة داخل الإخوان،وللأسف ساهم بعض المخلصين في إذكاء الخلاف الذي كان يمكن أن يتم احتواؤه بسرعة.
كان حريصًا على علانية العمل، ووضوح المواقف، وعدم استفزاز النظام. (3)

المبحث الخامس: محمد مهدي عاكف:المرشد السابع (2004 -2010)

بعد عام وبضعة أشهر فقط من تولى الهضيبى منصبه توفى ولم يكن يدور بخلد عاكف أنه سيكون المرشد الجديد خاصة وأنه لم يكن نائبا للمرشد حيث لم يتخذ الهضيبى نوابا له، وحصل عاكف على أعلى أصوات مكتب الإرشاد وكان يفصله عن د. محمد حبيب صوت واحد ،وبضع أصوات عن خيرت الشاطر فعين كلاهما نائبين له.

وكان وقتها عمر عاكف 74 عاما ومواليد 14 يناير 2004، حيث ولد فى يوليو 1928،كفر عوض السنيطة بمركز أجا بالدقهلية عام تأسيس حركة الإخوان المسلمين، حصل على الابتدائية من مدرسة (المنصورة) الابتدائية؛

ثم التوجيهية من مدرسة (فؤاد الأول) الثانوية بالقاهرة، ثم التحق بالمعهد العالى للتربية الرياضية، وتخرج فى مايو 1950، وعمل بعد تخرجه مدرسًا بمدرسة (فؤاد الأول) الثانوية، انضم للإخوان 1940، رأس معسكرات جامعة إبراهيم (عين شمس حاليًا) فى الحرب ضد الإنجليز فى القناة حتى قامت الثورة، وسلَّم معسكرات الجامعة لـ "كمال الدين حسين" المسئول عن الحرس الوطنى آنذاك.

كان آخر موقع شغله فى الإخوان قبل صدور قرار بحل الجماعة 1954 رئاسة قسم الطلاب، كما أنه كان رئيسًا لقسم التربية الرياضية بالمركز العام للإخوان ، قُبض عليه أغسطس 1954، وتم محاكمته بتهمة تهريب اللواء "عبد المنعم عبد الرؤوف" أحد قيادات الجيش وشارك فى ثورة يوليو حُكم عليه بالإعدام، ثم خُفف الحكم إلى الأشغال الشاقة المؤبدة، وبعد خروجه من السجن سنة 1974 عمل مديراً عامًا للشباب بوزارة التعمير.

انتقل عاكف للعمل فى المملكة العربية السعودية مستشارًا للندوة العالمية للشباب الإسلامي، ومسئولاً عن مخيماتها الدولية ومؤتمراتها، كما أنه اشترك فى تنظيم أكبر المخيمات للشباب الإسلامى على الساحة العالمية بدءًا من السعودية، والأردن، وماليزيا، وبنجلاديش، وتركيا، وأستراليا، ى وكينيا، وقبرص، وألمانيا، وبريطانيا، وأمريكا، وتولى إدارة المركز الإسلامى بميونخ، وشغل منذ عام 1987 عضوية مكتب الإرشاد، وانتخب نائبا فى البرلمان 1987 عن دائرة شرق القاهرة.

عاكف كان عضوا فى التنظيم الخاص للجماعة فترة الأربعينات، وقضى فترات طويلة من عمره فى السجون ، بجانب سنواته الباقية قضاها خارج مصر ،ولكن فى عهده شهدت الجماعة أكبر نجاح لها فى البرلمان 88 نائبا وكذلك تحالفات مع غالبية القوى والأحزاب والحركات الاجتماعية وإن لم تكتمل فى معظمها.

قُدِّم للمحاكمة العسكرية 1996 مع العشرات من أعضاء الجماعة كمسئول عن التنظيم العالمى للإخوان، وحُكم عليه بثلاث سنوات، ليخرج من السجن فى عام 1999.

الوحيد من بين مرشدى الجماعة أعلن وقت تنصيبه وأخذ البيعة كمرشد سابع فى تاريخ الجماعة أنه سيترك المنصب بعد الولاية الأولى 6 سنوات فقط بعد تعديل اللائحة وأصر على عدم التجديد رغم المشكلات التى دخلت فيها الجماعة وما أثاره قراره من خلافات على المنصب لكنه أصر على موقفه كما أصر أن يكون هو صاحب الإعلان عن اسم المرشد الجديد وأن لا يترك الجماعة بلا مرشد وتعهد أمام مكتب الإرشاد بتحمله تبعات هذا على كتفه.

كيف تم اختيار الأستاذ محمد مهدي عاكف لتولي مهمة الإرشاد

يروى الأستاذ محمد هلال عضو مكتب الإرشاد والقائم بمهام المرشد العام بعد وفاة الأستاذ الهضيبي رحمه الله عن ملابسات اختيار المرشد مهدى عاكف فيقول:

تبدأ الحكاية عندما كنتُ في عمرةٍ مع أحد بناتي قبل وفاة الأستاذ المأمون وهناك وجدتُ أمرًا يلحُّ عليَّ ليل صباح، وهو أن الله إذا قضى بوفاة الأستاذ المأمون أصبحتُ حسب اللائحة قائم مقام هذا المرشد لأني أكبر أعضاء المكتب سنًّا، وهو أمرٌ ما كنتُ أحبه ولا أطلبه.
ولم يفارقني هذا الأمر وأنا ساجد بين يدي الله في الكعبة وقلت: "يا رب أنت أعلمُ بحالي وأنا لا أستطيع ولا أملك أن أتعرَّض لهذه المحنة"، واستمرت الأيام وانتهت فترة العمرة وعدتُ إلى مصر وحدث ما كنت أخشاه.
ومن عادتي النوم مبكرًا، وفي يوم الوفاة وإذا أنا في منتصف الليل اتصل بي أحد الإخوة وقال "البقاء لله في الأستاذ المأمون" فاستجمعت كل قواي وقلت "إنا لله وإنا إليه راجعون"، وجهزتُ حقيبة السفر وسافرت على الفور إلى القاهرة وتوجهتُ مباشرةً إلى المركز العام بالروضة، وهناك وجدتُ الأستاذ عاكف الذي قدَّمني لأصلي الفجر بمَن وصل من أعضاء مكتب الإرشاد الذين جاءوا من محافظاتهم، وبالفعل قرر مكتب الإرشاد العام أن أقوم بمهام المرشد العام؛
طبقًا للائحة جماعة الإخوان المسلمين التي تنصُّ على أن يتولى أكبر أعضاء مكتب الإرشاد سنًّا المسئوليةَ في حالة غياب أو وفاة المرشد؛ وذلك لحين الانتهاء من إجراءات انتخاب المرشد العام الجديد.
وكان في نفس هذا اليوم موعد انعقاد مكتب الإرشاد العالمي ومجلس الشورى العالمي، وكانوا قد انتهوا من اجتماعهم في لندن، وبعد إعلان الخبر تم استدعاء الحضور مرةً أخرى بعد أن توجهوا إلى المطارات إلى الاجتماع ثانيةً ليسموا المرشد العام الذي سيختاره جميع الإخوان من كل الأقطار، وفي الواقع إذا قسنا هذا الموضوع نجده ربانيًّا أن يكون في يوم الوفاة اجتماع مكتب الإرشاد العالمي ومجلس الشورى العالمي، فإذا كان الإخوان انصرفوا إلى بلادهم كان الأمر يقتضي مدةً قد تتجاوز الشهر وأكثر أن يسمى المرشد الجديد، ولكنها مشيئة الله عز وجل خففت عنا هذا العبء.
وبعد تشييع الجنازة والعزاء الذي انتهى عند منتصف الليل عاد أعضاء مكتب الإرشاد إلى المركز العام، ولم يكن هناك مَن تأخَّر سوى الدكتور رشاد بيومي الذي كان مريضًا، وكانت الاتصالات بيننا وبين لندن في هذه الأثناء مستمرة نُخطرهم أولاً بأول بظروف اجتماع مكتب الإرشاد، وظلوا منتظرين مَن نرشحه بالإضافة إلى ترشيح باقي الأقطار، وفي اليوم الثاني كان اجتماع مكتب الإرشاد واستمرت المشاورات، وانتهينا إلى أنه لا بد أن نُسرع من العمل والاختيار حتى نستطيع أن نبلغ إخواننا الذين كانوا قد انصرفوا على المطارات برأي القاهرة، وفي حالة تعذر انعقاد مجلس الشورى العام يأخذ مكتب الإرشاد صلاحيات مجلس الشورى العام؛ لأنه في الأصل أن الذي يرشح المرشد هو مجلس الشورى العام وليس مكتب الإرشاد.
وفي أثناء انعقاد المكتب وقف الأستاذ محمد مهدي عاكف وقال يا أخ محمد هلال: "أنا بقول كل مَن تخطَّى السبعين من عمره ينسحب وتجرى الانتخابات على الباقين من الإخوان"، فرددتُ عليه وقلت له: "يا أخ عاكف، هذا ليس بحقنا، ولا نستطيع أن نخالف اللائحة"، ثم وزعت الأوراق على الإخوان لإبداء الرأي وقلتُ لهم "الجميع مطروحون للاختيار ما عدا الذي يجري الانتخابات وهو أنا"، وتمَّت القرعة، وكان ينبغي أن يُعاد الأمر مرةً أخرى؛
لأنه لم يحصل أحد على أكثر من 50%، وأعدنا مرةً ثانيةً فحصل الأستاذ عاكف على أكثر من 50% يليه الدكتور حبيب ثم يليهما المهندس خيرت الشاطر، وبكى عاكف كثيرًا، ودعا له الجميع في هذه المهمة الصعبة الشاقة التي اختاره الله لها، وأخطرنا لندن وجاءت مكالمات باقي الأقطار تؤكد موافقة كل الأقطار على مثل اختيار مصر، برغم أن لائحة الإخوان ليس فيها ما يُفيد أن يتم اختيار المرشد العام من مصر بل من أي قطر، ولكن أعتقد أن جميع الإخوان في كل الأقطار يعلمون أن القاهرة هي بلد نشأة الدعوة، فجرى العمل تفضلاً منهم وعلمًا بأن مصر هي التي قدمت من الشهداء والإخوان الذين عُذبوا وأنها محضن الدعوة ومنشأها.

وكان الثاني في الأصوات هو الدكتور حبيب والثالث المهندس خيرت الشاطر، فبادر الأستاذ عاكف وطلب أن يكونا نائبين له، وسارت الأمور بعد ذلك بصورةٍ طبيعيةٍ، وانعقد مجلس الشورى العالمي مرةً أخرى في بيروت وصدَّق على اختيار الأستاذ مهدي عاكف.

أهم الأحداث فى عهد الأستاذ مهدى عاكف

  1. 3 من مارس 2004م: الإخوان يصدرون مبادرتهم للإصلاح، أكدوا فى بدايتها رفضهم كل صور الهيمنة الأجنبية، وأن الإصلاح الشامل مطلب وطنى وقومى وإسلامي، وأن البداية يجب أن تكون من الإصلاح السياسى الذى هو نقطة الانطلاق لإصلاح بقية مجالات الحياة.
  2. 4 من مايو 2005م: أكثر من 10000 عضو من الإخوان، من مختلف محافظات مصر، يحتشدون أمام مسجد الفتح بالقاهرة؛ دعمًا للإصلاح ورفضًا لقانون الطوارئ. وقد قامت قوات الأمن بفرض طوق أمنى مشدد للحيلولة دون استمرار تدفق الآلاف للمشاركة فى التظاهرة. وقد تجمعت أعداد أخرى قدرت بعشرات الآلاف من أعضاء الجماعة فى سائر المحافظات للغرض ذاته. وقد جرت اعتقالات بالمئات فى صفوف المتظاهرين، واستخدمت قوات الأمن القنابل المسيلة للدموع والهراوات وخراطيم المياه فى تفريق المتظاهرين.
  3. 8 من ديسمبر 2005م: الإخوان يفوزون بـ88 مقعدًا فى البرلمان، بعد معركة شرسة مع الحزب الحاكم الذى استخدم جميع وسائل التزوير والتضييق، وتعاملت أجهزة الأمن بعنف وقسوة شديدين مع الناخبين الذين سقط منهم أربعة شهداء وحوالى 800 مصاب وجريح، إضافة إلى الاعتداء على بعض القضاة والمستشارين، فضلا عما طال الإخوان من ملاحقات واعتقالات ومطاردات، إذ اعتُقل 1370 أخًا فى الجولات الانتخابية الثلاث، وصودرت أموال الكثيرين منهم، وأُغلقت محالهم وشركاتهم.
  4. 10 من فبراير 2006م: خروج عشرات الآلاف من الإخوان المسلمين، فى عدد من المحافظات، فى مظاهرات غضب حاشدة؛ تنديدًا بالإساءة التى تعرض لها الرسول الكريم من قِبل عدد من الصحف الغربية. وقد قابلت قوات الأمن تلك المظاهرات فى غالبية الأماكن بعنف شديد.
  5. 18 من مايو 2006م: البدء منذ صباح هذا اليوم فى اعتقال المئات من قادة وأعضاء الجماعة من شتى أنحاء الجمهورية؛ لتضامنهم مع القضاة. كانت الجماعة قد نظمت مظاهرات شعبية حاشدة نددت بتحويل القاضيين أحمد مكي وهشام البسطويسي إلى المحاكمة لكشفهما عن عمليات التزوير فى انتخابات 2005م. وفى وسط القاهرة وأمام دار القضاء العالى تجمع نواب الإخوان المسلمين، ومعهم نواب المعارضة والمستقلين، مرددين الهتافات المؤيدة للقضاة، وقامت قوات الأمن بحشد عشرات من البلطجية الذين اعتدوا بالضرب المبرح بالعصى الكهربائية على المتظاهرين وسحل عدد كبير منهم على الأرض.
  6. 13 من ديسمبر 2006م: على إثر تصعيد الأحداث ضد طلاب الإخوان بجامعة الأزهر، وقيام الإدارة وسلطات الأمن بتزوير الانتخابات، واحتجاجًا على فصل ثمانية من مؤسسى (اتحاد الطلاب الحر) يوم 10/12/2006م، ظهر عدد من هؤلاء الطلاب وهم ملثمون، يرتدون زيا أسود مشابهًا لزى الميليشيات المسلحة، وعليهم أقنعة كتبت عليها عبارة (صامدون).. وقد قدموا عرضًا تمثيليا يحاكى الأعمال القتالية لحركة حماس. ولم يمض يومان حتى اعتقلت قوات الأمن أكثر من 200 من طلاب الإخوان، وقد عُرفت قضيتهم باسم (ميليشيات الأزهر).كما قامت قوات الأمن باعتقال نائب المرشد وعشرات من قيادة الجماعة، تم تحويلهم فيما بعد إلى المحكمة العسكرية بتهمتى غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وتهم أخرى عادة يتم اتهام الإخوان بها.
  7. 14 من ديسمبر 2006م: قوات مباحث أمن الدولة تشن حملة اعتقالات تشمل عددًا من قيادات الجماعة، على رأسهم خيرت الشاطر وحسن مالك ومحمد علي بشر، وقد تتابعت حملة الاعتقالات على خمس مراحل. وفى 5 من فبراير 2007م صدر قرار رئيس الجمهورية بإحالة المعتقلين إلى القضاء العسكري. استمرت المحاكمات لأكثر من 70 جلسة سرية مُنع عنها الإعلام تمامًا، بدأت فى 26 من أبريل 2007م، وانتهت بصدور الحكم فى جلسة 10 من أبريل 2008م. حكم على 25 من هؤلاء المعتقلين بالسجن لمدد تتراوح ما بين الثلاث والعشر سنوات، بتهم غسيل الأموال والانتماء لجماعة محظورة، وبرئ 15 منهم.
  8. 25 من أغسطس 2007م: الإخوان المسلمون يوزعون على النخبة وأهل الرأى النسخة شبه النهائية للإصدار الأول لبرنامج حزبهم، المزمع الإعلان عنه من قِبل الجماعة.
  9. 4 من ديسمبر 2008م: بدء حملة اعتقالات مسعورة طالت مئات الإخوان فى عدد من المحافظات؛ بسبب قيام الجماعة بتنظيم عشرات المسيرات والوقفات قبلها بأيام تضامنًا مع غزة. وقد اعتقلت قوات الأمن ما يقرب من 3000 متظاهر خلال أيام المظاهرات.
  10. 28 من يونيه 2009م: حملة أمنية شرسة بدأت صباح هذا اليوم أسفرت عن اعتقال 5 من قيادات الجماعة، من بينهم د. عبد المنعم أبو الفتوح. استمرت الحملة أسابيع وأغلقت العديد من الشركات واستولت على الكثير من الخزائن والأموال. وقد تم ضم بعض الشخصيات السياسية والإسلامية من غير المصريين إلى هؤلاء الإخوة لتلفيق ما عُرف بقضية (التنظيم الدولي)، حيث وُجهت إلى المقبوض عليهم تهم غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

المبحث السادس:محمد بديع: المرشد العام الثامن (16 يناير 2010 - حتي الآن)

الدكتور محمد بديع عبد المجيد سامي هو المرشد العام الثامن لجماعة الإخوان المسلمين خلفا لمحمد مهدي عاكف المرشد العام السابق، فى سابقة هى الأولى على مر تاريخ الجماعة فى مصر باختيار مرشد عام للجماعة بالانتخاب فى ظل وجود مرشد عام على قيد الحياة، وليصبح محمد مهدي عاكف صاحب لقب أول مرشد عام سابق للجماعة.

وبديع واحد من أعظم 100 عالم عربي وفقًا للموسوعة العلمية العربية التي أصدرتها الهيئة العامة للاستعلامات عام 1999، و مؤسس المعهد البيطري العالي بالجمهورية العربية اليمنية، وعضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان منذ عام 1993.

ولد بديع في 7 أغسطس 1943 في مدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية، وحصل على بكالوريوس من كلية الطب البيطري بجامعة القاهرة سنة 1965، وفي العام ذاته تم تعيينه معيدًا بكلية طب بيطري أسيوط، حتى حصل على درجة الماجستير عام 1977، وتمت ترقيته إلى مدرس مساعد في العام ذاته لكنه نقل إلى جامعة الزقازيق.

وحصل بديع على درجة الدكتوراه عام 1979 من جامعة الزقازيق، وأصبح أستاذًا مساعدًا عام 1983 في الجامعة ذاتها، ثم أستاذًا عام 1987 بجامعة القاهرة فرع بني سويف، ثم رئيسًا لقسم الباثولوجيا بني سويف سنة 1990 لدورتين، ووكيل كلية الطب البيطري بني سويف لشئون الدراسات العليا والبحوث سنة 1993 لدورة واحدة، ويشغل حاليًا منصب أستاذ متفرغ بقسم الباثولوجيا بكلية الطب البيطري جامعة بني سويف.

وتم تعيين بديع كرئيس مجلس إدارة جمعية الباثولوجيا والباثولوجيا الإكلينيكية لكليات الطب البيطري على مستوى الجمهورية، ورئيس هيئة مجلة البحوث الطبية البيطرية لكلية طب بيطري بني سويف لمدة 9 سنوات، رئيس مجلس إدارة مركز خدمة البيئة بكلية طب بيطري بني سويف.

وأنشأ المعهد البيطري العالي بعاصمة الجمهورية العربية اليمنية صنعاء عام 1982، وأنشأ أيضًا المزرعة الداجنة والحيوانية الخاصة به، وكذلك ترجم المناهج الدراسية للغة العربية، وأنشأ متحفًا علميًا وأقسامًا علمية بالمعهد البيطري.

ونتيجة لعمله السياسي الذي بدأ عقب التحاقه بالجامعة، دخل الدكتور بديع السجن أكثر من مرة، وكانت القضية العسكرية الأولى سنة 1965 مع الأستاذ سيد قطب والإخوان، وحُكم عليه بخمسة عشر عامًا، قَضى منها 9 سنوات، وخرج في 1974، وعاد لعمله بجامعة أسيوط، ثم نُقل إلى جامعة الزقازيق، وسافر بعدها لليمن، وعاد بعدها إلى جامعة بني سويف.

والقضية الثانية السجن لمدة 75 يومًا في قضية جمعية الدعوة الإسلامية ببني سويف عام 1998، حيث كان يشغل منصب رئيس مجلس إدارة جمعية الدعوة ببني سويف بعد اعتقال الحاج حسن جودة.

أما القضية الثالثة فكانت قضية النقابيين سنة 1999م، حيث حكمت عليه المحكمة العسكرية بالسجن خمس سنوات، قضى منها ثلاث سنوات وثلاثة أرباع السنة وخرج بأول حكم بثلاثة أرباع المدة سنة 2003.

أهم الأحداث فى عهد د محمد بديع

  1. 16 من يناير 2010م: اختيار الدكتور محمد بديع مرشدًا عامًا ثامنًا للجماعة، خلفًا للأستاذ محمد مهدي عاكف الذى انتهت فترة ولايته فى التاريخ ذاته.
  2. 1 من يونيه 2010م: مئات الآلاف من الإخوان، فى شتى محافظات مصر، ينتفضون للتنديد بالمجزرة الصهيونية التى نفذها جيش الاحتلال صباح أمس، ضد المتضامنين العرب والأجانب فى قافلة أسطول الحرية لكسر الحصار عن قطاع غزة، والتى راح ضحيتها أكثر من 20 شهيدًا وإصابة 60 آخرين. وندد المتظاهرون بالموقف الرسمى الداعم والمساند للحصار الإجرامى الصهيونى على الشعب.
  3. 7 من يوليو 2010م: الإخوان يدشنون حملة إلكترونية؛ للتوقيع على مطالب سبعة توافقت عليها الجماعة مع الجمعية الوطنية للتغيير لتحقيق الإصلاح المنشود. والمطالب السبعة هي: (إنهاء حالة الطوارئ)، (تمكين القضاء المصرى من الإشراف الكامل). وقد نجحت الحملة إلى حد كبير، حيث بلغت أعداد الموافقين فى 23/10/2010م (790 ألفًا)، وقد توقف الإعلان عن أعداد الموقعين بعد تتابع الأحداث، خصوصًا الانتخابات البرلمانية وما جرى فيها.
  4. 28 من نوفمبر 2010م: مرشحو الإخوان ومناصروهم فى الانتخابات البرلمانية، يتعرضون فى هذا اليوم لشتى صنوف العنف على أيدى رجال الأمن وبلطجية الحزب الوطني.
  5. 1 من ديسمبر 2010م: الإخوان يقررون مقاطعة انتخابات الإعادة لمجلس الشعب التى كان مقررًا لها يوم الأحد 5 من ديسمبر 2010م؛ اعتراضًا على ما لاقته الجماعة فى الجولة الأولى من تزوير وإرهاب وعنف، على أيدى رجال الأمن وبلطجية الحزب الحاكم. جدير بالذكر أن 27 مرشحًا من الإخوان كان لهم حق الدخول فى جولة الإعادة، إلا أن قرارًا صادرًا من مجلس شورى الجماعة (بنسبة 72%) منع دخولهم تلك الجولة.
  6. 19 من يناير 2011م: الإخوان يصدرون بيانًا يحددون فيه عشرة مطالب لتجنب الثورة الشعبية، ولتهدئة الاحتقان داخل الشارع المصرى وهي: إلغاء الطوارئ، حل مجلس الشعب المزور، إجراء تعديلات دستورية للمواد «5، 76، 77، 88، 179»، حل مشكلات المواطنين الحرجة وتحقيق العدالة الاجتماعية، إعادة النظر فى السياسة الخارجية خصوصًا علاقتنا بالصهاينة، الإفراج عن المعتقلين السياسيين، الاستجابة للمطالب الفئوية، حرية تكوين الأحزاب، محاكمة المفسدين، إلغاء تدخل الأمن فى الشئون الداخلية فى الجامعات والمدارس والنقابات والأوقاف والجمعيات الأهلية والمنظمات الحقوقية.
  7. 26 من يناير 2011م: الإخوان يصدرون بيانًا، يوجهون فيه التحية للشعب المصري، وبخاصة الشباب منهم، ولقواه السياسية والوطنية الحية، التى عبرت عن رفضها ممارسات النظام المصرى بشكل حضاري. وأكد الإخوان أنهم مع بقية القوى السياسية: مستمرون فى نضالهم الدستورى والقانونى السلمي؛ لإطلاق الحريات، وإلغاء الطوارئ، وحل مجلس الشعب المزور، وملاحقة الفساد والمفسدين، والدفاع عن حقوق الشعب المنهوبة، مهما كلفهم ذلك من تضحيات.
  8. 27 من يناير 2011م: الإخوان والقوى الوطنية يعلنون غدًا (الجمعة) يوم الغضب المصري، ووجهوا الدعوة إلى الشعب للمشاركة فى هذا اليوم؛ حتى يستجيب النظام الحاكم للمطالب الشعبية، وأولها حل برلمان التزوير، وإنهاء حالة الانسداد والفساد السياسى القائم، وتعديل المواد الدستورية المشبوهة «76، 77، 88»، والإفراج الفورى عن كل المعتقلين وكل سجناء الرأي. وقد أعلن الإخوان رفضهم التهديدات التى أعلنتها الحكومة ووزارة الداخلية، مؤكدين أن الشعب المصرى متحمس للمطالبة بحقوقه، مهما كلفه ذلك من تضحيات، وهو ما سبق أن حذر منه الإخوان فى أكثر من مناسبة.
  9. 28 من يناير 2011م: قوات الأمن تلقى فجر هذا اليوم القبض على 34 من الإخوان، من بينهم 7 أعضاء مكتب إرشاد، ومسئولو مكاتب إدارية، وقيادات إخوانية فى عدد من المحافظات، بعد إعلان الجماعة مشاركتها فى جمعة الغضب، وقد تم ترحيلهم جميعًا إلى سجن وادى النطرون. وهم من حررهم الأهالى ظهر يوم 30 من يناير بعد هروب الأمن وإغلاق العنابر والزنازين على السجناء.
  10. 29 من يناير 2011م: الإخوان يشكلون لجانًا شعبية بعد هروب الشرطة وظهور حالة من الانفلات الأمني؛ للحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة وحمايتها من ميليشيات النهب والسرقة المنظمة، وقد طالبوا الشعب بالتعاون معهم لعودة الحياة إلى شكلها الطبيعي، والعمل على أن تظل المؤسسات تعمل بكامل طاقتها.
  11. 2 من فبراير 2011م: فى هذا اليوم شن مسئولو الحزب الحاكم حربًا حقيقية على الثوار فى ميدان التحرير، دامت 48 ساعة، واستخدمت فيها جميع الأسلحة، النارية والمولوتوف وقطع الرخام والزلط، ثم مجموعة من الخيول والجمال بغرض إنهاء اعتصام الثوار، ومن ثمّ إعادة الأمور إلى ما كانت عليه، ثم الالتفاف على هؤلاء الشباب ومحاكمتهم والتنكيل بهم، وبذلك تنتهى الثورة وينتهى الثوار.. إلا أن الإخوان فى هذين اليومين قاموا بأكبر دور بطولى شهدته الثورة المصرية فيما عُرف بـ (موقعة الجمل)، إذ استطاعوا صد هذا الهجوم البربري، وقد سقط منهم فى الميدان وحده 43 شهيدًا، غير مئات المصابين.. وحشد مسئولو الأحياء القريبة من الميدان أكثر من 12 ألف أخ فى أقل من نصف ساعة، استطاعوا السيطرة على مداخل الميدان ومخارجه.
  12. 11 من فبراير 2011م: الرئيس المصرى حسني مبارك يعلن تخليه عن السلطة بعد مظاهرات شعبية شارك فيها الإخوان بقوة، واستمرت لمدة ثمانية عشر يومًا، ويعدّ هذا اليوم من أسعد أيام الإخوان، ففى ظل هذا النظام تم اعتقال حوالى 50 ألفًا من قيادات وأعضاء الجماعة، منهم 30000 أخ تم اعتقالهم فى العشر سنوات الأخيرة، وقد صاحب هذه الاعتقالات: اقتحامات وانتهاكات لبيوت وشركات أعضاء الجماعة، وعمليات تعذيب بشعة.

المراجع

  1. محمد حبيب،ذكريات محمد حبيب عن الحياة والدعوة والسياسة والفكر، دار الشروق،ص188، 189
  2. موقع المسلم، حوار مع د عبدالمنعم أبو الفتوح
  3. عصام العريان،رجل المواقف الحاسمة،موقع اخوان الشرقية

للمزيد عن الإخوان ومبارك