الإخوان المسلمون واستقلال القضاء .. رؤى ومواقف

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لم تعد النسخة القابلة للطباعة مدعومة وقد تحتوي على أخطاء في العرض. يرجى تحديث علامات متصفحك المرجعية واستخدام وظيفة الطباعة الافتراضية في متصفحك بدلا منها.
الإخوان المسلمون واستقلال القضاء .. رؤى ومواقف

موقع إخوان ويكي (ويكيبيديا الإخوان المسلمين)

مقدمة

Ikhwan-logo1.jpg

يمثل استقلال السلطة القضائية أحد علامات النهضة بالدول المتقدمة ومظهر لمسار الحياة الديمقراطية بها فالقضاء هو أساس العدل في المجتمع فإذا أصاب هذا الجهاز أي عطب ستنهار بالضرورة أهم الركائز التي يقوم عليها المجتمع لذا كان من أهم مطالب جماعة الإخوان المسلمين في برامجها ورؤاها الإصلاحية المختلفة هي ضرورة استقلال السلطة القضائية وعدم تغول السلطة التنفيذية عليها وكان هناك العديد من المواقف والرؤى التي طرحتها جماعة الإخوان المسلمين لتفعيل استقلال السلطة القضائية وقدم الإخوان الكثير من التبعات والتضحيات تجاه هذه الموقف المبنى على ضرورة الفصل بين السلطات لضمان استقامة أسس الدولة المصرية،ويثور الجدل الآن بين المحامين والقضاة حول قانون استقلال السلطة القضائية، وكان استقلال القضاة والسلطة القضائية من أهم ساحات المواجهة بين الأنظمة الديكتاتورية القمعية والتيار الإصلاحي المجتمعي الذي كان ومازال الإخوان المسلمون أحد عناصره القوية لذا كان موقف الإخوان واضحاً من هذا الجدل بضرورة أن يكون هناك توازن بين عنصري السلطة القضائية (القضاة والمحامين).

لذا كان هذا البحث الذي نستجلى فيه رؤى ومواقف جماعة الإخوان المسلمين تجاه السلطة القضائية منذ مرحلة التأسيس وحتى الآن وقبل أن نتعرض لموقف الإخوان من استقلال السلطة القضائية يجب أن نتعرض لطبيعة المشكلة وكذلك أهم المحطات التاريخية في تاريخ القضاء المصري وهى مذبحة القضاء عام 1969.


تعريف مفهوم السلطة القضائية

السلطة القضائية Judiciary هي سلطة الفصل في المنازعات المعروضة أمامها. وهي ثالث سلطات الدولة. ويشاركها السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية هي فرع الدولة المسؤول عن التفسير الرسمي للقوانين التي يسنها البرلمان وتنفذها الحكومة. وهي المسؤولة عن القضاء والمحاكم في الدولة ومسؤولة عن تحقيق العدالة. كما أنها مسؤولة عن مسيرة وتقاليد القضاء في الدولة ومصداقية القوانين التي تطبقها.


مشكلة استقلال القضاء كما يطرحها المستشار محمود الخضيرى

يشرح المستشار / محمود رضا الخضيري نــــائب رئيس محـــكمة النــــقض ورئيس نادى القضاة بالإسكندريــــة سابقا وأحد رموز تيار الاستقلال بنادي القضاة في مقال له بعنوان: (كيف يضفى القانون الحالي مشروعيه الاعتداء على استقلال القضاء ؟) إشكالية ضرورة استقلال السلطة القضائية وطبيعة المشكلة التى حدثت عام 2005 فكتب يقول:

سلطات الدولة في الدول الديمقراطية – ثلاثة – التنفيذية والتشريعية والقضائية والمبدأ الذي يجب أن يحكم هذه السلطات هو استقلال كل واحدة فيها عن الأخرى فيما يتعلق بوظيفتها والمهام الملقاة على عاتقها والأدوات التي تؤدى بها وظيفتها فيما يسمى الفصل بين السلطات , وهو فصل في إطار التعاون بينهما بما يحقق للدولة أكبر فائدة من وجود هذه السلطات , ولما كانت السلطة التنفيذية بحكم التطور الطبيعي والتاريخي هي أقدم هذه السلطات ولم توجد السلطتان التشريعية والقضائية إلا بعد ذلك بحكم التطور الطبيعي وعدم رغبة الشعوب في تركيز السلطة في يد واحدة وهو ما يؤدى إلى وجود الدكتاتورية التي عانت منها شعوب الأرض لفترات طويلة وما تزال تعانى في كثير من البلاد التي لا تعرف تعدد السلطات واستقلالها استقلالا حقيقياً .

ومنذ وجدت السلطة القضائية وهى تعانى من تدخل السلطة التنفيذية في شئونها لأنها إنما ولدت من رحم السلطة التنفيذية حيث كان من بين مهام الحاكم في الدول قبل تطورها الحكم بين الناس وهو ما يزال سائداً فى المجتمعات البدائية ولذلك فإن السلطة التنفيذية تجد أحياناً من مهامها التدخل في شئون السلطة القضائية وتعتبر أن أي استقلال تتمتع به السلطة القضائية هو انتقاص من سلطها تحارب من أجل عدم إتمامه وتضع أمامه العقبات والعراقيل , فلم يحدث أن حصلت السلطة القضائية على ميزة توفر لها الاستقلال إلا بعد جهد جهيد ومجهود وفير وكفاح مرير يستمر سنوات طويلة , فالحصانة القضائية في مصر حصلت عليها السلطة القضائية على ثلاث مراحل في الأولى كانت الحصانة قاصرة على القضاة فقط بشرط مرور أربع سنوات على التعيين في درجة قاض بحجة التأكد من صلاحية المعين لشغل هذا المنصب قبل التمتع بالحصانة وفى الثانية حصل القاضي على الحصانة فور تعيينه مع حرمان أعضاء النيابة العامة بما فيها النائب العام من الحصانة و أخيراً وبمقتضى القانون رقم 35 لسنة 1984 بتعديل قانون السلطة القضائية حصلت النيابة العامة على الحصانة عدا معاوني النيابة , وفى كل مرة من هذه المرات كان يسبق ذلك كفاح و جدل وحوار ومساومات تنتهي بالحصول على بعض المطالب مع ترك الأخرى إلى مرحلة تالية فيجد القضاة أنفسهم في حالة يصعب معها الإصرار على تحقيق كل المطالب فيقبلون بالبعض مع ترك الباقي لمرحلة مقبلة , وما يحدث هذه الأيام من كفاح في سبيل تحقيق بعض المطالب التي يطالب بها القضاة منذ عام 1991 حتى الآن , والجهاد الذي يقومون به من أجل ذلك في اجتماعاتهم وجمعياتهم العمومية ومساومة الحكومة في ذلك ومحاولة شق صف القضاة للتغلب على مطالبهم باستقطاب بعضهم للوقوف ضد الأغلبية التي تطالب بالمزيد من الضمانات في مشروعها الذي أعدته من 1991 ثم قامت بتطويره أخيراً وتكافح في سبيل استصداره منذ أكثر من عام وحتى الآن لم يتحقق لها ما تريد بل تقوم الحكومة بعرقلة إصداره ومحاولة دفع بعض الجهات لتقديم مشروعات متعارضة مع مشروع القضاة والدس والوقيعة بينهم حتى تتمكن من تنفيذ رغباتها في السيطرة على القضاة ومحاربة سعيهم إلى الاستقلال المالي والإداري عن السلطة التنفيذية وهو ما يقاومه بشدة جموع القضاة ...(1)

مذبحة القضاء عام 1969

لقد كانت أحداث (مذبحة القضاء) عام 1969 أبرز معركة سياسية وفكرية ذات طابع قانوني تدور في بلادنا على امتداد القرن السابق عليها منذ عرفت بلادنا الأفكار القانونية الحديثة في أواسط القرن التاسع عشر حيث إن بعد نكسة 1967 أصبحت هناك فجوه بين القادة الذين تمثلوا في الرئيس جمال عن الناصر و عبد الحكيم عامر و رجال القانون الذين تمثلوا في رجال القضاء.. كانت البداية بعد النكسة عندما تكون التنظيم السري و اشمأزت نفوس القضاة من أعضاءه و عبروا عن مشاعرهم لوزير العدل عصام الدين حسونة الذي نقل بدوره رأيهم إلى الرئيس و لان الرئيس جمال عبد الناصر كان يثق في أعضاء التنظيم السري، فكان يقرأ تقاريرهم السرية بنفسه، ويؤشر عليها بيده، وأوهم التنظيم السري الرئيس أن القضاة يتحرقون شوقا للانخراط في النضال السياسي من خلال الانضمام للاتحاد الاشتراكي، ما عدا قلة في مجلس إدارة نادي القضاة، تتحدث عن تقاليد بالية، وعن استقلال القضاء، والبعد عن العمل السياسي، ولأن أنصار التنظيم السري هي بالآلاف، فقد عزموا علي تحرير النادي من بقايا الرجعية، خلال الانتخابات المحدد لإجرائها يوم 28/3/1968، وأعلن التنظيم أسماء مرشحيه ورفعوا راية السلطان، وحددوا الهدف، وبارك الرئيس عزيمتهم فغير وزير العدل بتاريخ 20/3/1968 وصار محمد أبو نصير قائد التنظيم وزيرا للعدل، وقائدا للمعركة الانتخابية، فهؤلاء هم رجال الثورة، وخصومهم هم بقايا الرجعية المغضوب عليهم.و في يوم وأصدرت الجمعية العامة للقضاة بتاريخ 28/3/1968 بيانا، يمثل رؤية القضاة للقضايا التي طرحها محمد أبو نصير في اجتماعاته بمناسبة انتخابات ناديهم ..

وسنعرض لبعض فقرات هذا البيان التاريخي الذي أعقبه ما أطلق عليه "مذبحة القضاء" يقول البيان:

ومن هنا وجب تأمين الحرية الفردية لكل مواطن في الرأي والكلمة والاجتماع، وفي المشاركة بالنقد والحوار والاقتراح، وفي الإحساس بالمسؤولية والقدرة علي التعبير الحر، ولا يكون ذلك إلا بتأكيد مبدأ الشرعية الذي يعني في الدرجة الأولي كفالة الحريات لكل المواطنين، وسيادة القانون علي الحكام والمحكومين علي سواء.
وتحقيقًا لسيادة القانون، وحتى يكون ـ كما أراده الميثاق ـ خادما للحرية وليس سيفا مسلطا عليها يتعين البدء فورا في إزالة كل البصمات التي شوهت بها أوضاع ما قبل النكسة صورته، ليأمن جميع المواطنين علي حرياتهم وحرماتهم، فلا تسلب أو تمس إلا طبقا لأحكام القانون العام وحده، وبحكم من القضاء العام وحده، وبالإجراءات المتبعة أمامه وحدها.
إن قيام سلطة قضائية حرة مستقلة، ينفرد بها الدستور بتأكيد استقلالها وبيان ضمانات أعضائها، يعد ضمانة أساسية من ضمانات شعبنا، ومن ثم دعامة أساسية من دعامات صلابة الجبهة الداخلية.
وهذا هو جزء من مطالب القضاة في ذاك الوقت:
  • أولا: يؤمن رجال القضاء كسائر أفراد الشعب بأن ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة،. ويرفضون أي تنازلات تحت أي ضغط من الضغوط.
  • ثانياً: إن صلابة الجبهة الداخلية تقوم في الدرجة الأولي علي تأمين حرية المواطن في الرأي والكلمة والاجتماع، وتأكيد مبدأ الشرعية وسيادة القانون في ظل من رقابة السلطة القضائية فحسب، بحيث لا تمس حريات المواطنين، إلا طبقا لأحكام القانون العام وحده، وبحكم من القضاء العام وحده، وبالإجراءات المتبعة أمامه وحدها.
  • ثالثاً: إن القضاء سلطة مستقلة عن باقي السلطات، ورسالة سامية تصل بين القاضي وخالقه، ولا يراعي في قضائه ـ إلا نصفه المظلوم والأخذ بيد الضعيف، ولذلك عنيت جميع الدول مهما اختلفت نظم الحكم فيها ـ برسالة القضاء وعملت علي استقلاله عن باقي السلطات وتوطيد سلطته ورعاية القائمين عليه ـ لا مراعاة لأشخاص القضاء، ولكن لتوفير ضمانة من ضمانات الشعب في أن يعيش في جو من الأمن والعدالة والاستقرار.
  • رابعاً: يري رجال القضاء والنيابة ـ محافظة منهم علي استقلال القضاء وضمانات العدل ـ أن يكونوا جميعا بعيدين عن المشاركة في أي تنظيمات سياسية في الاتحاد الاشتراكي علي كل مستوياته...(2)
وكانت نتيجة هذا البيان فصل عدد كبير من القضاة من مناصبهم وكان من بينهم المستشار محمد المأمون الهضيبى (مرشد جماعة الإخوان المسلمين فيما بعد).

السلطة القضائية كما يراها الإخوان

يطرح د عبد المعز رسلان في دراسته للدكتوراه عن " التربية السياسية عند الإخوان المسلمين في الفترة من 1928 إلى 1954م في مصر "مفهوم السلطة القضائية كما يراها الإخوان المسلمين وأكد على أن نظرة ورؤية الإخوان للسلطة القضائية ترتكز على استقلالها عن السلطة التنفيذية فيقول:

هي سلطة مستقلة عن السلطة التنفيذية مصدرها الأمة برغم أن رئيس الدولة هو الذي يولي القضاء إلا أنه يوليهم بصفته نائبا عن الأمة فالقضاة ومن إليهم نواب عن الأمة ولذلك لا يعزلون عن عملهم بموت رئيس الدولة أو عزله وهذه السلطة تتولاها المحاكم وتصدر الأحكام كما يرون باسم الله وحده.
وأكد الإخوان وقرروا نظرية دستورية القوانين فيرى عودة و مشروع الدستور أن للقضاة أن يمتنعوا من تلقاء أنفسهم عن تطبيق أي قانون مخالف للشريعة ولأحكام الدستور المقترح نصا وروحا وللمتقاضين أن يطالبوا إلى القاضي ذلك في أثناء النظر في النزاع وقد نص مشروع الدستور على أنه لكل مواطن الحق في رفع دعوى يطالب فيها بإبطال قانون مخالف لأحكام الإسلام أو الدستور أو مجاف لها أمام محكمة خاصة ينظمها القانون مادة 63 أي أن السيادة هي للشريعة الإسلامية والدستور المتفق معها...(3)

استقلال القضاء في فكر قيادات الإخوان

كان التركيز على استقلال القضاء والحفاظ على نزاهته وبعده عن تأثير وضغوط السلطة التنفيذية من أهم ركائز الدعوات الإصلاحية لجماعة الإخوان المسلمين وقياداتهم منذ نشأة الجماعة ومن المفارقات اللطيفة أنه كان هناك من مرشدي الجماعة الثمانية حتى الآن مستشارين هما( حسن الهضيبي "المرشد الثاني" ومحمد مأمون الهضيبي "المرشد السادس") ومحاميان (عمر التلمساني "المرشد الثالث"، محمد هلال "فترة انتقالية") لذا نجد في أدبيات مرشدي الإخوان وقياداتهم العديد من المواقف والمطالبات بضرورة استقلال السلطة القضائية وأن لا تقع تحت سيطرة السلطة التنفيذية .

الإمام البنا والقضاء

كان المشروع الحضاري للإمام البنا -رحمه الله- يرى أنَّ الدولة الإسلاميَّة يجب أنْ تقوم على أساس الطاعة والدعم بالأموال والأنفس من جانب المواطنين تجاه الدولة أو الأمة حال قيام الدولة أو الحاكم بواجباته والتزاماته مثل تحقيق العدالة والأمن وصيانة المال العام ونشر التعليم والتنميَّة ونشر الفضيلة، والعمل على اكتساب كافة دعائم القوة الشاملة لتسود الأمة الإسلاميَّة على كل ما عداها من أممٍ أخرى وتُقَدِّم النموذج الذي يُحتذى من الآخرين كأقوى وسيلة لنشر الإسلام في العالم.

وبما أنَّ الإخوان فكرة إصلاحيَّة شاملة كما قال البنا في رسالته إلى المؤتمر الخامس للإخوان المسلمين بمناسبة مرور عشر سنوات على تأسيس الجماعة، فإن مشروع الدولة الإسلاميَّة تم وضع تصور دقيق وشامل له بين شكل سلطات الدولة ومهامها (التشريعيَّة والقضائيَّة والتنفيذيَّة)، وكذلك شكل المشروع الاجتماعي والاقتصادي الذي يجب على الدولة في الإسلام تبنيه، وكيفيَّة الحفاظ على المال العام.

ولعل أهم ما طرحه الإمام البنا في هذا المقام كان مبدأ استقلاليَّة القضاء وسيادته، وكذلك مبدأ الفصل ما بين السلطات، هذا على المستوى السياسي، أمَّا على المستوى الاقتصادي والاجتماعي فقد ركَّز البنا على أهميَّة سيادة الأخلاق الإسلاميَّة في العمل الاقتصادي والبعد الاجتماعي بحيث لا يكون هناك فساد أو احتكار، وتسود قيم العدالة الاجتماعيَّة، والتكافل الاجتماعي، وحمايَّة المال العام.

ويذكر الإمام البنا في رسالته نحو النور وتحت عنوان (بعض خطوات الإصلاح العملي) عدد من النقاط المطلوبة لتحقيق نهضة حقيقية للمجتمع المصري ومن بين هذه الخطوات التي ذكرها الإمام البنا:

إصلاح القانون حتى يتفق مع التشريع الإسلامي في كل فروعه...(4)
كما ذكر في رسالة الإخوان المسلمون تحت راية القرآن أن القضاء الذي يريده الإخوان هو

ونظام عملي للقضاء يستمد من الآية الكريمة: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا في أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾[النساء: 65]...(5)

كما طالب في رسالة المؤتمر السادس بضرورة إصلاح القضاء فيقول: وإصلاح القانون باستمداده من شرائع الإسلام، ومحاربة المنكر، ومقاومة الإثم بالحدود وبالعقوبات الزاجرة الرادعة...(6)

الإمام البنا والدعوة لتوحيد القضاء

كانت نشأة الجماعة في ظل نشأة المحاكم المختلطة وتعدد أنواع القضاء لذا كان مطلب توحيد القضاء من أهم المطالب الرئيسية التي طالبت بها الجماعة في تلك الفترة فكتب الإمام البنا في افتتاحية مجلة النذير تحت عنوان: (الشريعة الإسلامية وتوحيد القضاء في مجلس النواب) كتب يقول:

إن الذين يطالبون بتوحيد القضاء في مصر سيجدون منا معشر الإخوان المسلمين- ونعتقد أننا في ذلك إنما نعبر عن مشاعر الأمة كلها- كل ترحيب بفكرتهم، فنحن نعمل لتوحيد هذا البلد في كل شيء في ثقافته وفى قضائه وفى مشاعره وأهدافه فليس عجيبا أن نفرح بتوحيد القضاء، وأن نرحب (بالمحكمة المصرية) التي ينشدها الأستاذ السنهورى، ويتحدث عنها كثيرا، ولكن ما القانون الذي تحكم به المحكمة المصرية في درجاتها المختلفة؟
لا نرضى أن يكون غير القانون المستمد من تشريع السماء، من كتاب الله تبارك وتعالى من القرآن الكريم، من المبادئ الإسلامية الكفيلة بالعدالة والإنصاف.
إن الإسلام لا يمنع من اقتباس الصالح من كل شيء، ولكن يشترط ألا يتناقض معه فلتتوحد المحكمة المصرية على أساس القانون الإسلامي مدعما بما يعضده ويؤيده ويتفق مع مبادئه وتعاليمه من كل تشريع حديث أو قديم...(7)

كما تعرض الإمام حسن البنا لنفس القضية عام 1940 "قضية توحيد القضاء" في افتتاحية جريدة التعارف فكتب يقول:

تعرض النائب المحترم إسماعيل صدقي باشا في مناقشة ميزانية وزارة العدل لتوحيد القضاء المصري، وقال: إننا إذا كنا نعمل على توحيد القضاء الأهلي والمختلط، وقد أخذنا فعلاً فكرة توحيد القانون المدني والجنائي والتجاري... إلخ فلماذا يظل القضاء الشرعي بعيدًا عن الإدارة العامة للقضاء المصري؟
وعقب فضيلة النائب المحترم الأستاذ الشيخ محمد عبد اللطيف دراز على هذا كله بقوله: إننا نرحِّب بتوحيد القضاء إذا كان القانون سيكون مستمدًّا من الشريعة الإسلامية.
وإذا كانت هذه المعاني تمرُّ على كثير من الناس دون أن يهتموا بها كثيرًا فإننا-نحن الإخوان المسلمين- نرى أن هذه الناحية الحيوية من أهم نقاط منهاج الإخوان المسلمين، فلا يجب أن تمر دون أن نذكِّر أولي الرأي في هذا البلد بواجبهم، ودون أن نلفت أنظار الإخوان إلى واجبهم كذلك.
أما توحيد مظاهر الحياة المصرية من تعليم وعادات وقضاء... إلخ فنحن معشر الإخوان المسلمين نرحب به وننادي به ونعمل له، بل إننا نرى أن أساس نجاح نهضة الأمة هو التوحيد، وبدونه لا يتم هذا النجاح بحال، فنحن لسنا خصومًا لفكرة التجانس بين أبناء الأمة الواحدة؛ حتى يتم تعاونهم على الخير، بل نحن نحب هذا من أعماق قلوبنا ونعمل له ما وسعنا العمل.

ولكن ما قاعدة هذا التوحيد؟!

نحن أمة مسلمة تغلغل في أعماق قلوبها الإسلام بأصوله وفروعه، واحتلَّ منها كلَّ موضع، ولقد برهنَت مصر على أنها معقل الإسلام حقًّا في كل أدوار تاريخها الإسلامي، علمًا وعملاً، فمصر منذ آمنت بالإسلام قد أخلصت له، واطمأنت إليه، واصطبغت بتعليمه صبغةً لا زوال لها، ولا فكاكَ عنها، ولقد أقامت مصر للإسلام المعاهد العلمية التي لا تضارعها معاهد إسلامية أخرى في أية بلاد إسلامية، وحسبنا الأزهر القائم منذ ألف سنة، ولقد دافعت مصر عن الإسلام بدمها ومالها، وفدته بزهرة شبابها، وجردت في سبيله الجيوش المظفرة تحمل لواء الله، وترفع راية القرآن من نصر إلى نصر، وهذا الشعب المصري مهما قيل عن تحلله وضعفه فإن شيئًا واحدًا لا يزال حيًّا في نفسه، قويًّا كل القوة في وجدانه، ذلك هو حبه للإسلام، واعتزازه له، وتقديسه إياه.
وإذا عرفنا هذه الحقائق ووعيناها فإن من واجبنا حينئذٍ أن نقول: إن القاعدة التي يجب أن تتوحَّد عليها مظاهر الحياة المصرية في كل نواحيها لا تكون شيئًا أبدًا غير هذه القاعدة.
"اعتماد كل هذه المظاهر للحياة العملية الفردية والاجتماعية والرسمية والأهلية على تعاليم الإسلام وأحكامه وشرائعه وما لا يتعارض منها من نتائج اليراع والعقول والمظاهر النافعة في حياة الأمم أيًّا كانت".
على هذه القاعدة ندعو إلى : توحيد القضاء، فلا يكون هناك إلا نوعٌ واحدٌ من المحاكم له درجاته المختلفة.
فإذا كان دولة صدقي باشا يقصد هذا، فنحن كما قال الأستاذ الشيخ دراز متفقان.
وإذا كان يريد توحيدًا فحسب على أي لون كان من الألوان فنحن نذكِّره بواجبه كرجل مسلم، وإذا أصرَّ الداعون إلى التقليد الأعمى على موقفهم فنحن لهم بالمرصاد وسننتصر بتأييد الله.. ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُون*بِنَصْرِ اللهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيم﴾ (الروم: 4-5)...(8)

كما أرسل الإمام البنا برقية تأييد لمذكرة القضاة الشرعيين ونشرت جريدة الإخوان المسلمين نص البرقية وجاء فيها:

إلى شيوخ الأمة ونوابها بمناسبة قانون المحاكم الحسبية

صاحب المعالي رئيس مجلس الشيوخ:

يؤيد المركز العام (للإخوان المسلمين) وجهة النظر الواردة بمذكرة القضاة الشرعيين فيما يتعلق بتشكيل هيئة المجالس الحسبية، ويرجو أن يأخذ المجلس الموقر بها صيانة للحقوق ووضعا للأمور في نصابها...(9)

المستشار حسن الهضيبى ومواقف للاستقلال القضاء

كان من مميزات المستشار حسن الهضيبي المرشد الثاني للإخوان رحمه الله قلة كلامه وصمته المعبر عن مواقفه أكثر من حديثه وكانت مواقفه الشامخة والعظيمة دليل واضح على رؤيته لما يجب أن يكون عليه القضاء ورجل القضاء في مصر وسنذكر هنا موقفين للأستاذ الهضيبى يتعلق بالقضاة وهو موقف لقائه مع الملك فاروق والموقف الآخر يتعلق بأحد الأحكام القضائية التي صدرت في عهد عبد الناصر في بدايات الثورة عندما كانت العلاقة جيدة بين الإخوان ومجلس قيادة الثورة:

الموقف الأول: الجبين المرفوع.. أمام الملك فاروق

كان من تقاليد حلف اليمين بالنسبة للقضاة في عهد الملك فاروق أن ينحني القاضي أمام الملك وهو يؤدى اليمين فكان المستشار حسن الهضيبي أول مَن كسر تقاليد الانحناء بين يدي الملك، عند حلفه اليمين القانونية التي يؤديها أمامه قبل تولي مناصب المستشارين، إذ كانت دفعته حوالي عشرة، سبقه منهم خمسة لم يترددوا في الانحناء عند حلف اليمين رغم تهامسهم بالتذمر من هذا التقليد المهين، حتى إذا جاء دور الهضيبي، الواهن البنية الصامت اللسان، فاجأ الجميع بأن مدَّ يده لمصافحةِ الملك وأقسم اليمين منتصب القامة مرفوع الجبين، بصورةٍ أنعشت الإباء فيمن بعده- وأولهم محدثي الباشا (س. ر)- فأدى يمينه قائمًا عالي الرأس، وهو يقول لنفسه: "إذا شنقوا الهضيبي فليشنقوني معه"، وتبعهما سائر المستشارين فصافحوا الملك وأقسموا اليمين دون خضوع أو انحناء.

الموقف الثاني: اعتراضه على الحكم بإعدام إبراهيم عبد الهادي

يسجل التاريخ أن المستشار حسن الهضيبي المرشد العام للإخوان المسلمين في أول قيام الثورة وقبل أن يختلف الإخوان المسلمين مع عبد الناصر وعندما كانت الأمور بينهم كلها بالتشاور مع قادة الإخوان وعبد الناصر .. عندما علم المرحوم الهضبيى أن محكمة الثورة حكمت على إبراهيم عبد الهادي رئيس الوزراء السابق بالإعدام . . ورغم عداوة الإخوان المسلمين لإبراهيم عبد الهادي الذي نكل بالإخوان المسلمين وأعتقلهم وعذبهم واغتال حسن البنا بتدبير حكومته وفي عهده رغم كل ذلك أعترض الهضيبى على هذا الحكم بأسره وأرسل المرحوم حسن العشماوي عضو مكتب الإرشاد إلى عبد الناصر طالبا منه إلغاء حكم الإعدام على إبراهيم عبد الهادي لأنه لم يحاكم أمام قاضيه الطبيعي في المحاكم العادية . . بل حوكم أمام محكمة استثنائية وهذا عدوان صارخ على استقلالية القضاء . . وعلى الحرية.
ولم يهدأ له بال حتى ألغى هذا الحكم وهذا موقف عظيم يحسب للمرحوم المستشار حسن الهضيبي .

وكلا الموقفين بالنسبة للمستشار حسن الهضيبي دليل واضح على رؤيته للقضاء والقاضي وما يجب أن يكون عليه من شموخ للنفس وقوتها وعدم خضوعها حتى لو كان أمام الملك أو الحاكم في ظل قوته وهيبته بل يجب أن يكون القاضي مرفوع الرأس دائماً ولا يخضع لأحد سوى الله سبحانه وتعالى، وكذلك ضرورة أن يٌحاكم الإنسان أمام قاضيه الطبيعي حتى تتوفر كافة الضمانات لمحاكمة عادلة دونما أي ضغوط من السلطة الحاكمة كما شهدنا العديد من تلك المحاكم التي كانت تصدر أحكامها وفقاً لرؤية السلطة التنفيذية.

السلطة القضائية واستقلالها كما يراها الشهيد عبد القادر عودة

كان الشهيد عبد القادر عودة من أهم الرموز القضائية للإخوان المسلمين وكان له العديد من الكتب والدراسات التي تتناول المفاهيم القضائية والجنائية ومن أهم هذه الكتب على الإطلاق (التشريع الجنائي في الإسلام) الذي يعد من أهم المصادر القانونية وكذلك كتابه الرائع (الإسلام وأوضاعنا السياسية) والذي شرح فيه مهمة السلطة القضائية ودورها المجتمعي وشدد في كتابه على ضرورة استقلال السلطة القضائية فيقول عودة عن السلطة القضائية:

مهمة هذه السلطة هي توزيع العدالة بين الناس و الحكم في المنازعات و الخصومات و الجرائم و المظالم , و استيفاء الحقوق ممن مطل بها و إيصالها إلى مستحقيها و الولاية على فاقدي الأهلية و السفهاء و المفلسين , و النظر في الأوقاف و أموالها و غلاتها إلى غير ذلك مما يعرض على القضاء .

والإسلام يوجب على القضاة أن لا يجعلوا لأحد عليهم سلطانا في قضائهم , و أن لا يتأثروا بغير الحق و العدل , و أن يتجردوا عن الهوى و أن يسووا بين الناس جميعا :" إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها و إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل " النساء :58 , " يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق و لا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله " ص : 26 , " يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله و لو على أنفسكم أو الوالدين و الأقربين أن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا " النساء : 135 .

و تاريخ القضاء الإسلامي قاطع في أن القضاة كانوا دائما مستقلين في عملهم لا سلطان لأحد عليهم إلا الله , و لا يخضعون في قضائهم إلا لما يقضي به الحق و العدل .

من ذلك أن إبراهيم بن اسحق قاضي مصر سنة 104هـ اختصم إليه رجلان فقضي على أحدهما فشفع إلى الوالي فأمره الوالي أن يتوقف في تنفيذ الحكم , فجلس القاضي في منزله حتى ركب إليه الوالي و سأله الرجوع إلى عمله , قال لا أعود إلى ذلك المجلس أبدا , ليس في الحكم شفاعة . و وقع بين أم المهدي و بين أبي جعفر المنصور خصومة , فتحاكما إلى غوث بن سليمان قاضي مصر , فحكم لصالح أم المهدي ضد الخليفة .

و قضي خير بن نعيم على أحد الجنود بالحبس فأخرجه الوالي من المحبس , فاعتزل خير بن نعيم وجلس في بيته فلما طلب منه الوالي الرجوع لعمله قال لا حتى يعود الجندي إلى المحبس.

و لقد قضى شريح على عمر بن الخطاب في خلافته , و قضى ضد علي بن أبي طالب في خلافته , و كلاهما ترافع إليه و هو يعتقد أنه على حق , و الأمثلة من هذا النوع كثيرة جدا .

و الإمام هو الذي يولي القضاة بصفته نائبا عن الأمة , و له الإشراف عليهم و عزلهم بهذه الصفة و لا يعتبر القضاة بمجرد تعيينهم نوابا عن الإمام , إنما يعتبرون نوابا عن الأمة , و لذلك لا يعزلون عن عملهم بموت الإمام أو عزله , كما أن الإمام لا يملك عزلهم لغير سبب يوجب العزل .

و على هذا الأساس يعتبر القضاة سلطة مستقلة مصدرها الأمة , و إذا كان الإشراف على هذه السلطة للإمام فإنما يشرف عليها بصفته نائبا عن الأمة .

و يلاحظ أن التقاليد الإسلامية جرت من أول عهد الإسلام على أن يباشر رئيس الدولة القضاء , فقد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقضي بين الناس و كذلك كان الخلفاء الراشدون , و كان المتفقهون من الخلفاء بعدهم يقضون , ثم انتهى الأمر إلى ترك القضاء للقضاة المختصين به , و لعل ذلك راجع إلى عدم إلمام الخلفاء بالفقه أو عدم مرانهم على القضاء...(10)


التلمسانى واستقلال القضاء (قانون العيب كنموذج)

كان للمرشد العام الثالث للإخوان المسلمين الأستاذ عمر التلمساني تعليقاته على بعض الموضوعات القانونية بصفته أولاً كمرشد للإخوان المسلمين ثم صفته كمحامى مارس المحاماة فترة من الزمن فانتقد التلمسانى مشروع قانون العيب الذي قُدم في أواخر عهد الرئيس الراحل أنور السادات واعتبر التلمسانى هذا القانون يمس استقلالية القضاء لما به من عيوب وصفها بالخطيرة وتتجاوز سلطة استقلال القضاء من إنشاء محاكم خارج سلطة القضاء الطبيعي وهو ما عانى منه الإخوان كثيراً سواء في عهد محكمة الشعب الشهيرة أم مؤخراً في عهد المحاكمات العسكرية العديدة التي نظمت للإخوان المسلمين وقادتهم فتحت عنوان (عيوب خطيرة في مشروع قانون العيب!) كتب التلمسانى:

إنَّ الحكم الذي ينادي بسيادة القانون، لا يصح أن يجعل من القانون سلاحًا يمحو سيادته فهو يعد الآن ما يسمى بـ«قانون العيب» تمهيدًا لاستصداره من مجلس الشعب.

وإذا أردنا أن نعرض لما يعتري هذا القانون الغريب من عيوب ومخالفات قانونية ودستورية، فإن صفحات هذه المجلة لا تتسع، ولكن حسبنا أن نبرز أهم هذه العيوب بالقدر الذي يتسع له المقام:

1- خلط المشروع بين مظاهر السلوك التي تكون عادة محلا للتأثير والعقاب وبين قيم الأخلاق التي تترك عادة لضمير المواطن دون ما تدخل من جانب المشرع، النص على عدة قيم أخلاقية مجردة – ثم أورد أفعالا غامضة وغير محددة، واعتبر من يأتي بها خارجًا على تلك القيم، ومن ثم مرتكبًا لجريمة يعاقب عليها بعقوبات بالغة الشدة والغرابة معًا.
2 - لا تقف الغرابة عند مضمون الأفعال المؤثمة، وإنما يمتد إلى إجراءات التحقيق التي تتخذ بشأنها – فالقانون يضع سلطة التحقيق في يد المدعي الاشتراكي، ورغم أنه يصف ذلك التحقيق بأنه "تحقيق سياسي" وهو بدعة لم نسمع عنها من قبل إلا أنه يخول ذلك المحقق السياسي سلطة القبض والتفتيش وهي من إجراءات التحقيق القضائي في القضايا الجنائية، وفكرة المدعي الاشتراكي فكرة دخيلة على بلدنا، ولا مثيل لها في أي بلد آخر، وقد أثبتت التجارب الماضية أن هذا المدعي كان دائمًا مع الحكومة والحزب الحاكم، ينفذ لها أغراضها ولو على حساب الشرعية والقانون، وهذا أمر طبيعي؛ لأنه لا يعدو أن يكون من الجهات القضائية ولا يندرج في إطار السلطة القضائية، وإنما هو يشغل وظيفة سياسية بدرجة وزير أو نائب رئيس وزراء، وليست له أية صفة قضائية، ولا حصانة وبالتالي فولاؤه للحزب الذي وضعه في هذا المنصب.
إنَّ النيابة العامة وحدها -وهي إحدى شعب السلطة القضائية- هي المختصة وحدها بالتحقيقات الجنائية ومباشرة سلطة الاتهام أمام المحاكم، لذلك فإنه من غير المقبول أن ينزع ذلك القانون اختصاصها في أخطر الجرائم – وهي الجرائم السياسية وجرائم الرأي والفكر ليعد به إلى جهاز المدعي الاشتراكي الذي لا بدَّ له من الحيدة والتجرد والاستقلال.
3- أما المحكمة التي تختص بالمحاكمة عن تلك الجرائم، فهي بدورها محكمة عجيبة في عالم القانون والعدالة إذ ليست مكونة من القضاة الطبيعيين الذين أشار إليهم الدستور في المادة 68 منه والتي نصت على كفالة حق كل مواطن في الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي – وإنما نص مشروع القانون على تشكيل تلك المحكمة من أربعة من أعضاء مجلس الشعب وثلاثة من مستشاري محكمة النقض – أي أن الغلبة للعنصر السياسي والحزبي الذي يفتقر إلى خصائص القاضي الطبيعي وهي الحيدة والتجرد والحصانة والاستقلال، وبالتالي فإن الحكم في هذه الخصومة ذات الطبيعة السياسية سوف يكون معروفًا مسبقًا.
بل إنَّ الأمر يزداد غرابة إذا ما علمنا أن الأحكام التي تصدرها تلك المحكمة الفريدة في نوعها بتوقيع هذه العقوبات القاسية، هي أحكام نهائية، لا تقبل الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن!

ويضيف التلمسانى في مقاله ويقول:

وباختصار فإن هذا القانون الخطير يهدد أمن المواطنين الشرفاء جميعًا ويهدد السلام الاجتماعي في هذا البلد، ويمكن الحزب الحاكم من البطش والتنكيل بمعارضيه، بل بكل صاحب رأي أو فكر لا يرضى عنه، ويجعل من أبناء هذا الشعب العريق مجرد آلات لا تملك أن ترفع صوتها باعتراض أو رأي.
وحسب هذا القانون عيبًا ما نشرته جريدة الشعب الصادرة في يوم الثلاثاء 18 ربيع الأول سنة 1400هـ الموافق 5 فبراير سنة 1980م من أن مجلس إدارة نادي القضاة يعلن أن قانون العيب اعتداء صارخ على استقلال القضاة، ويطالب بسحب المشروع احترامًا للدستور.
وليس إذن بعد قول المختصين الذين لا يرقى الشك إليهم من قول، هذا إلى أننا نعارض هذا القانون، لا خوفًا منه، فإننا لا نخاف إلا الله، وما في قدره هو النافذ حقًّا وصدقًا، ولكننا نعارضه؛ لأننا لا نريد أن يصدر من القوانين ما يسيء إلى مصدريه، ذلك لأننا نسأل الله الخير والهدى للناس أجمعين، ﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾ [البقرة:83]...(11)


المستشار مأمون الهضيبى واستقلال القضاء

لم يكن المرشد السادس محمد المأمون الهضيبي رجل تنظيم فقط؛ بل امتد نشاطه إلى الجوانب والنواحي الفكرية والتنظيرية التي أسهم فيها بنصيب كبير استجابة لواقع الحركة وظروف المرحلة التي تطلبت إحداث اجتهادات فكرية تتناسب مع التطورات الحادثة في المجتمع الدولي والمصري.

وكان من أبرز ما طرحه الهضيبي هو ما أسماه بالخمسة عشر مبدأً التي اعتبرها المبادئ الديمقراطية التي تنادي بها الجماعة، ودعا الأحزاب والقوى السياسية في مصر إلى تأييدها كميثاق وطني وكان من بينها:

  • كفالة استقلال القضاء بجميع درجاته وبكل الإجراءات ووضع كل الشروط لإبعاده عن أي مظنة خوف أو طمع، وألا يحاكم أحد إلا أمام قاضيه الطبيعي وأن تلغى جميع أنواع المحاكم الاستثنائية ويقتصر اختصاص المحاكم العسكرية على جرائم ومخالفات العسكريين فقط.
  • الفصل بين سلطتي الاتهام والتحقيق، وأن تكون النيابة العامة مستقلة غير تابعة لوزير العدل ويحق لكل من تحبسه احتياطيًّا أن يتظلم من قرارها أمام جهة قضائية...(12)


المرشد السابع محمد مهدي عاكف واستقلال القضاء

كان الأستاذ محمد مهدي عاكف المرشد السابع لجماعة الإخوان المسلمين دور واضح في دعم استقلال القضاء فتزامن فترته التي قاد فيها الإخوان مع متغيرات عديدة سواء في الداخل أو الخارج وكان من بينها قانون السلطة القضائية التي قدمته الحكومة المصرية في أوائل عام 2006 لإقراره من مجلس الشعب والذي كان يفرض المزيد من القيود على استقلال السلطة القضائية فكان للإخوان دور واضح في دعم موقف نادى القضاة الذي قدم مشروع آخر (وهذا ما سنتعرض له بالتفصيل أكثر في الجزء الثاني من هذا البحث) ولكن الذي يعنينا هنا هو رؤية المرشد السابع الأستاذ محمد مهدي عاكف لاستقلال القضاء وهو ما ظهر من مواقفه ومواقف الجماعة خلال تلك الأزمة كما ظهر من خلال أحد البيانات الصادرة عن الجماعة ومذيله بتوقيعه.

فيقول البيان والذي حمل عنوان (بيان الإخوان المسلمين بشأن قضاة مصر الشرفاء وضرورة استقلال السلطة القضائية):

القضاةُ هم سَدَنةُ العدلِ وصمامُ الأمنِ وضمانُ الاستقرارِ للوطن، وحيثُ يسودُ العدلُ تنتشر الطمأنينةُ ويعمُّ السلامُ على مستوى الفردِ والجماعاتِ والمؤسساتِ والحكوماتِ، وقد كان القضاءُ في مصر دومًا ملاذَ الخائفين وملجأَ الضعفاءِ، وثقةَ الشعبِ المصريِّ على مرِّ الدهورِ والعصورِ.
ولا شكَّ أن توفيرَ الاستقلالِ الكاملِ للسلطةِ القضائيةِ هو أحدُ أهمِّ سماتِ الديمقراطيةِ الحقيقيةِ في المجتمعات المتقدمة، وهو ما تحرصُ عليه هذه المجتمعات ضمانًا لنهضتها ورقيِّها، فضلاً عن قدرتِها على مواجهةِ التحدياتِ الداخليةِ والخارجية، ولا شكَّ أيضًا في أن النُّظُمَ الاستبداديةَ تحرص على النَّيلِ من هذا الاستقلالِ والوقوفِ عقبةً كؤودًا أمامه؛ حتى تتمكنَ من بسطِ سيطرتِها ونفوذِها، وإحكامِ قبضتِها وهيمنتِها على الشعوبِ، وقهرِها وسلبِ حقوقِها وحرياتِها.
لذلك كان من أهم مطالب الإخوان المسلمين والقوى السياسية والوطنية في مصر بالنسبةِ للإصلاحِ السياسيِّ هو ضرورةُ صدورِ قانونِ استقلالِ السلطةِ القضائية، والذي صاغه وطالب به نادي قضاة مصر؛ حتى يتمكنَ السادةُ القضاةُ من الإشرافِ الكاملِ والحقيقيِّ على الانتخاباتِ العامةِ؛ كي تخرجَ معبِّرةً بحقٍّ وصدقٍ عن الإرادةِ الحرةِ للشعب...(13)
كما يذكر الأستاذ عاكف في مقال الإصلاح المنشود.. وتبخر الآمال!

إن الإصلاح الحقيق يقتضي كما يقول الخبراء معايير ثلاثة من بينها:

إحلال سلطة القانون محل سلطة أجهزة الأمن في تنظيم الحقل العمومي والحياة السياسية والمدنية، إن إطلاق يد الأمن بحرية لإحضار الناس وتأديبهم أو تأنيبهم هو الوسيلة الرئيسية للإذلال والترهيب والتقزيم الذي يخلق شروط الإذعان، بل لا يترك للفرد خيارًا آخر سوى الانسحاق والاستسلام أو التمرد والعصيان.


نائب المرشد السابق د. محمد حبيب واستقلال القضاء

كان لنائب المرشد السابق د. محمد حبيب كذلك مواقفه وتصريحاته المعبرة عن موقف الجماعة من استقلال السلطة القضائية ففي أحد تصريحاته الصحفية طالب الدكتور محمد حبيب- النائب الأول للمرشد العام للإخوان المسلمين- بسرعة إصدار قانون السلطة القضائية الذي تقدَّم به نادي القضاة؛ حتى يكون هناك فصلٌ حقيقي بين السلطات الثلاثة, وحتى تُعطى صلاحياتٌ أكثر للسلطة القضائية كدليلٍ على تنفيذ الإصلاح ولو بشكل مرحلي.

وطالب نائب المرشد وزيرَ العدل والمجلسَ الأعلى للقضاة بتبني قانون السلطة القضائية الذي يسعى إليه القضاةُ لتحقيق إصلاحاتٍ حقيقية نحو إقرار العدل، مؤكدًا أن السادة القضاة هم صمام الأمان لهذا الوطن وحماةُ العدل فيه ومقرُّو الشرعية بين أركانه...(14)


السلطة القضائية في البرامج الإخوانية

تمثل البرامج الانتخابية والرؤى الإصلاحية التي طرحتها الجماعة على مدار تاريخها أحد الركائز الأساسية لاستبيان مواقفها تجاه القضايا المختلفة وكان بالتالي موقفها من استقلال السلطة القضائية مطروحاً دائماً في معظم أدبياتها السياسية سواء في البرامج الانتخابية أو أطروحاتها المتعاقبة للمطالبة بالإصلاح السياسي المبنى على استقلال السلطات الثلاثة وسنطرح هنا موقف الجماعة من خلال بعض الرؤى والبرامج التي صدرت عن الجماعة.

أولاً: مشروع دستور إسلامي للدولة المصرية عام 1952م

أصدرت الشعبة القانونية بجماعة الإخوان المسلمين عام 1952 ما أطلقت عليه (مشروع دستور إسلامي للدولة المصرية) وهو مشروع دستور متكامل قدمته الجماعة إلى قيادة الثورة حينها وما يهمنا في هذا الدستور هو نظرة الجماعة للوظيفة القضائية ودور القضاء وسنعرضها كاملة كما جاء في نص الدستور المقترح:
الوظيفة القضائية:
  • مادة 59: السلطة القضائية تتولاها المحاكم وتصدر الأحكام باسم الله جل جلاله.
  • مادة 60: تنظيم القضاء وتعيين القضاة ورجال النيابة العمومية يكون على الوجه المبين بالقوانين.
  • مادة 61: للقاضي أن يمتنع من تلقاء نفسه عن تطبيق أي قانون مخالف لأحكام هذا الدستور نصاً أو روحا.
  • مادة 62: وللمتقاضين أن يطلبوا إلى القاضي ذلك أثناء النظر في النزاع.
  • مادة 63: لكل مواطن الحق في رفع دعوى يطالب فيها بإبطال قانون مخالف لأحكام الإسلام أو للدستور أو مجاف لها أمام محكمة خاصة ينظمها القانون.


ثانياً: برنامج انتخابات عام 1987

مثلت انتخابات عام 1987 احد المحطات التاريخية الهامة في تاريخ جماعة الإخوان المسلمين وخاصة من منطلق مشاركتها السياسية والبرلمانية فقد حقق التحالف الذي ضم إلى جانب الإخوان حزبي العمل والأحرار نجاحاً نسبياً ملحوظاً في إطار المعادلة السياسية المطروحة حينها، وبقراءة بسيطة في برنامج التحالف حينها نجد اهتمام البرنامج بمبدأ استقلال القضاء وهو ما طرحه تحت عنوان (استقلال القضاء) فيطرح البرنامج رؤيته لاستقلال القضاء فيقول:
  • أ- استكمال دعم القضاء يجعل كافة أموره من اختصاص مجلس القضاء الأعلى الذي يرأسه رئيس محكمة النقض وتشترط موافقته على كل ما يتعلق بشئونه وعدم الاكتفاء بأخذ رأيه وإلغاء جميع المحاكم الاستثنائية، وإزالة الازدواج الموجود بين النيابة العامة وبين المدعى العام الاشتراكي بإلغاء هذا المنصب.
  • ب- حظر ندب رجال القضاء والنيابة للقيام بأعمال السلطة التنفيذية حفاظا على استقلال السلطة القضائية...(15)


ثالثاً: مبادرة جماعة الإخوان المسلمين للإصلاح الداخلي في مصر

أصدرت جماعة الإخوان المسلمين في مصر في مارس 2004 مبادرة للإصلاح الداخلي في مصر وتضمنت تلك المبادرة رؤية الجماعة للإصلاح في مصر في ظل تدهور الأوضاع الداخلية بصورة كبيرة وتضمنت تلك المبادرة العديد من النقاط الجديرة بالدراسة والتطبيق ولكن ما يهمنا هو طرح رؤيتهم للإصلاح القضائي:
الإصلاح القضائي:
باعتبار أن السلطة القضائية هي صمام أمن المجتمع وأمان المواطن، وأن استقلالها ضرورة أساسية للقيام بوظائفها الحيوية لإقامة مجتمع الحق والعدل، فإننا نؤمن بأن الإصلاح القضائي من أساسيات الإصلاح الشامل.

والذي يتمثل في نظرنا فيما يلي:

  • كفالة استقلال القضاء بجميع درجاته، وبكل الإجراءات، ووضع كل الشروط لإبعاده عن أية مظنة أو مطمع، واحترام أحكام القضاء وعدم التحايل عليها، وألا يُحاكَم أحد إلا أمام قاضيه الطبيعي، وأن تُلغَى جميع أنواع المحاكم الاستثنائية، ويقتصر اختصاص المحاكم العسكرية على جرائم ومخالفات العسكريين فقط.
  • الفصل بين سلطتَي الاتهام والتحقيق، وأن تكون النيابة مستقلة غير تابعة لوزير العدل، ويحق لكل من تحبسه احتياطيًّا أن يتظلم فورا من قرارها أمام جهة قضائية.
  • تعديل القوانين وتنقيتها بما يؤدي إلى تطابقها مع مبادئ الشريعة الإسلامية، باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع، إعمالاً لنص المادة الثانية من الدستور...(16)


رابعاً: رؤية الإخوان المسلمين للإصلاح الدستوري بمصر

كما أصدرت جماعة الإخوان المسلمين رؤيتها للإصلاح الدستوري بمصر وتضمنت هذه الرؤية ضرورة أن يكون هناك قضاء موحد ومستقل استقلالاً حقيقياً فتقول تلك الرؤية:
  • ثم كانت رؤيتنا لسلطة قضائية مستقلة استقلالاً حقيقيًّا، من خلال قضاء موحد، يختص دون سواه بكل ما يوصف بوصف "منازعة"، بتوحيد جهات القضاء في جهة واحدة وإلغاء كل أشكال القضاء الاستثنائي، كنص المادة 171، وتفعيل نصوص الدستور في كفالة الحقوق والحريات الأساسية بإخضاع كل أشكال النزاع في المجتمع لاختصاص جهة القضاء وحدها أيًّا كانت أسبابها أو أطرافها أو موضوعها. ويهيمن على شئون السلطة القضائية مجلس القضاء الذي يضمن تشكيله هذا الاستقلال ويترجمه، وكذا اختصاصاته بما يقطع ويُنهي صور التدخل الفجّ في شئون السلطة القضائية وذلك بإدخال عنصر الاختيار في أعضاء مجلس القضاء الأعلى من بين أعضاء الجمعية العمومية للنقض واستئناف القاهرة مع ضمان استقلال منصب النائب العام من خلال آلية اختياره من دائرة محددة من رؤساء الاستئناف وبموافقة مجلس القضاء الأعلى.
  • وكذا إعلاء سلطات الجمعيات العمومية للمحاكم وعقد الاختصاص الأصيل لها في كل ما يتعلق بحسن سير العدالة داخل كل محكمة، فضلاً عن نشأة التفتيش القضائي في حضن مجلس القضاء الأعلى وتبعيته له دون سواه.
  • كما نرى أن منظومتنا العقابية كافيةٌ بما تشمله من نصوص كفيلة بمكافحة ظاهرة الإرهاب وبها زيادة، وبهذه المناسبة نحذر من المساس بأي من الحريات العامة والحقوق المقررة بالبابَين الثالث والرابع من الدستور. لا سيما أننا من أوليات الدول التي وضعت قانونًا لمكافحة الإرهاب بموجبه أدخلت تعديلات جوهرية على قانوني الإجراءات الجنائية والعقوبات منذ عام 1992...(17)


خامساً: السلطة القضائية في برنامج حزب الحرية والعدالة

شعار الحرية والعدالة.jpg
كما مثلت رؤية حزب الحرية والعدالة (المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين) للسلطة القضائية أهمية خاصة نظراً لحداثة هذه الرؤية وصدورها في ظروف متغيره عن سابق الرؤى الأخرى فهذه الرؤية صدرت بعد ثورة 25 يناير وسقوط الرئيس حسنى مبارك وترتكز هذه الرؤية بصفة أساسية على ضرورة استقلال السلطة القضائية بصورة كبيرة فيقول الحزب في برنامجه:
السلطة القضائية:
هي الحصن الذي يلجأ إليه أصحاب الحقوق في استقضاء حقوقهم كما يحتمي به الأفراد من تغول أصحاب السلطان وظلم الحكام وأعوانهم ومن ثم فهي التي تقيم الحق والعدل في المجتمع وتبعث الطمأنينة في نفوس المواطنين وتوفر الاستقرار بين جنبات الوطن .
وحتى تستطيع السلطة القضائية تحقيق ذلك لابد أن تحصل على استقلالها الكامل عن السلطة التنفيذية على وجه الخصوص .
ولقد جاهد قضاتنا العدول من أجل الاحتفاظ باستقلالهم، في ظل هيمنة طاغية من الحكومات السابقة المتعاقبة وقدموا تضحيات كبيرة، واقترحوا قوانين عديدة للحصول على هذا الاستقلال، إلا أن معظم هذه القوانين تم تجميدها، وقد آن الأوان أن ينعم القضاء باستقلاله والشعب بأمنه وحريته وحقوقه، لذلك رأى حزب الحرية والعدالة إفراد هذه السلطة بالتأكيد على أسباب تحقيق استقلالها بما يلي :
1. إلغاء كافة أشكال القضاء الاستثنائي، واختصاص القضاء المدني الطبيعي بالفصل في كافة قضايا المدنيين .
2. مجلس القضاء الأعلى هو الذي يختص بكافة شئون القضاة من تعيين وترقية ونقل وندب وتأديب.
3. فصل ميزانية القضاء عن ميزانية وزارة العدل، على أن يتولى مجلس القضاء الأعلى تحديد أوجه الإنفاق بعيدا عن سيطرة السلطة التنفيذية .
4. إلغاء رئاسة رئيس الجمهورية لمجلس القضاء الأعلى ولو شرفيا .
5. تعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا من بين قضاتها وبالأقدمية المطلقة، وكذلك رئيس هيئة مفوضي المحكمة .
6. استقلال منصب النائب العام بإقرار قواعد لانتخابه من مستوى قضائي معين، وأعضاء النيابة العامة مستقلون عن النائب العام في العمل القضائي دون الإداري .
7. تعيين رئيسي محكمة النقض والإدارية العليا من بين قضاتهما وبالأقدمية المطلقة، دون تدخل من السلطة التنفيذية .
8. نقل تبعية التفتيش القضائي للمجلس الأعلى للقضاء .
9. حظر ندب أو إعارة القضاة إلى مواقع بالوزارات وهيئات السلطة التنفيذية .
10. إعلاء سلطة الجمعيات العمومية للمحاكم المختلفة واختيار جميع رؤساء المحاكم الابتدائية، وكذا رؤساء محاكم الاستئناف بمعرفة مجلس القضاء الأعلى .
11. إحالة القضايا للدوائر القضائية بالترتيب، وعدم توجيه قضية بعينها إلى دائرة بعينها .
12. زيادة أعداد القضاة لضمان سرعة القضاء والعمل على احترام الأحكام وسرعة تنفيذها.
13. نادى القضاة هو المعبر عنهم ولا سلطان لأحد عليه إلا جمعيته العمومية، ويجب أن تكون له ميزانية مستقلة ضمن أبواب ميزانية مجلس القضاء الأعلى...(18)


الجزء الثاني

أزمة قانون السلطة القضائية 2006 ودور الإخوان بها

كانت أزمة قانون السلطة القضائية والتي نشبت في عام 2006 أهم المحطات الفاصلة في المواجهة بين القضاة والحكومة المصرية منذ مذبحة القضاة وكان للإخوان المسلمين ونوابهم دور كبير في دعم مطالب القضاة برفض قانون السلطة القضائية المقدم من الحكومة والذي أقرته أغلبية الحزب الوطني في المجلس والذي اعتبره نادى القضاة أو التيار الاستقلال داخل النادي خطوة خطيرة تهدد مستقبل القضاء وحريته وتفرض عليه المزيد من تغول السلطة التنفيذية، وكان تعامل النظام المصري مع المظاهرات التي خرجت مؤيدة للقضاة تعامل عنيف جداً حيث تم الاعتداء بالضرب والسحل على المتظاهرين واعتقال ما يزيد عن الألفين كان كلهم أو معظمهم من الإخوان المسلمين وسنتناول هنا تلك المواقف من خلال رصد لبعض الصحف والمواقع التي تناولت تلك الأحداث وخاصة موقف كتلة نواب الإخوان في تلك الفترة .


الإخوان واستقلال القضاء مواقف وتضحيات

نشرت جريدة المصري اليوم تحت عنوان(«إخوان البرلمان» بدأوا معركة قانون الطوارئ واستقلال القضاء) فيقول الخبر :

قدم نواب الإخوان المسلمين، مذكرتين إلي د. فتحي سرور رئيس مجلس الشعب، الأولي تقترح عقد جلسات استماع قبل مناقشة قانون السلطة القضائية، والثانية تطالب بعدم مد قانون الطوارئ، خاصة أن القانون الحالي تم تجديده في ٢٣ فبراير ٢٠٠٣.

وكشف حسين إبراهيم نائب رئيس كتلة نواب الإخوان المسلمين، في المذكرة الأولي، أن قانون السلطة القضائية من القوانين التي تهم ويتأثر بها كل أفراد المجتمع، خاصة أن هناك جدلاً في وسائل الإعلام حول مشروع القانون، الذي أعده نادي القضاة، ومشروع القانون، الذي انتهت الحكومة من إعداده، لذا اقترح تكليف لجنة الاقتراحات بالمجلس بعقد جلسات استماع قبل مناقشة مشروع الحكومة، يدعي إليها نادي القضاة وأساتذة القانون ورجال القضاء المتخصصون، وبعض مؤسسات المجتمع المدني، علي غرار جلسات الاستماع التي حدثت قبل ذلك بالمجلس..(19)


كتلة الإخوان تتبنى مشروع قانون السلطة القضائية

كما نشر "موقع إخوان اون لاين" خبر يؤكد تبنى كتلة الإخوان بالبرلمان لمشروع جديد للسلطة القضائية أعده نادى القضاة والذي كان يسيطر عليه في ذلك الوقت تيار الاستقلال برئاسة المستشار زكريا عبد العزيز والمستشار أحمد مكي وكان هذا القانون المقدم والذي تبنته كتلة الإخوان يتعارض مع القانون المقدم من الحكومة والتي اعترض عليه نادى القضاة وكذلك اعترضت عليه الجماعة ويقول الخبر:

تقدم صبحي صالح- عضو الكتلة البرلمانية لنواب الإخوان المسلمين بالبرلمان المصري وعضو مجلس نقابة المحامين- بمشروع جديد للسلطة القضائية إلى البرلمان بديلاً عن القانون الحالي الذي يؤكد القضاة ضرورة تعديله لتحقيق استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية؛ حتى يتمكن القضاة من أداء دورهم دون تدخلات أو ضغوط من جانب المسئولين في السلطة التنفيذية؛ حيث يتبع القضاة حاليًا وزارة العدل في كافة شئونهم.. الأمر الذي يتيح للوزير نقل أو ندب أي قاض دون أن يملك حق الاعتراض.

وأكد النائب أن القانون الذي تقدم به إلى المجلس لمناقشته يتفق تمامًا مع كافة مطالب القضاة، مؤكدًا أنه عرض القانون على مجموعة من شيوخ القضاة فأكدوا له موافقتهم على البنود التي وردت فيه.

وقال إن تقدمه بهذا المشروع يُثبت جدية نواب الإخوان في المطالبة بتحقيق استقلال القضاء ويعكس في نفس الوقت عدم اهتمام الحكومة بتلك القضية المهمة، مضيفًا أن الكرة الآن في ملعب الحكومة؛ حيث إنها أمام خيارين: إما الموافقة على القانون الذي يوافق عليه القضاة أو التقدم بمشروع القانون الذي أعدته إلى المجلس بعد إطلاع القضاة على بنوده.

وأشار نائب الإخوان في مذكرة القانون التفسيرية إلى أن القضاة هم أفضل مَن يضع قانونًا ينظم شئونهم ويحقق استقلالهم الذي يؤدي في النهاية إلى تحسن مستوى الأداء والابتعاد عن السيطرة الحكومية ماليًّا واجتماعيًّا ومعنويًّا وإداريًّا، وينص القانون المقترح على أن السلطة الوحيدة التي تملك محاسبة القضاة والنادي هي الجمعية العمومية..(20)

فقد قدَّم النواب د. محمد سعد الكتاتني، حسين محمد إبراهيم، ود. حمدي حسن، وسعد الحسيني، ود. محمد البلتاجي، ود. أكرم الشاعر اقتراحًا بمشروع قانون لتعديل السلطة القضائية الذي أعده نادي القضاة، وقال النواب إنه إيمانًا بدورهم كنواب للأمة بضرورة القيام بما ينهض بها في جميع المجالات ولقناعتهم بضرورة تحقيق الاستقلال الكامل للسلطة القضائية بما يجعلها تؤدي واجباتِها دون أي تدخل من أيةِ جهة كانت ضمانًا للعدالة التي هي أساس للملك وبدونها تضيع الحقوق وتُهدر الواجبات وتشيع الفوضى.. فإنهم يتبنون مشروعَ القانون الذي درسه وارتضاه نادي القضاة، وهو الممثل الحقيقي لقضاة مصر، وأسموه "مشروع قضاة مصر" وذلك لدراسته وإقراره من قِبَل المجلس للوصول إلي الهدف المنشود، وهو استقلال القضاء، وطالبوا بعرضه على اللجنة المختصة في أقرب وقت.

وقال النواب في المذكرةِ الإيضاحيةِ للمشروع إنه بتاريخ 18/1/91 أقرَّت الجمعية العامة لقضاة مصر مشروعَ القانون المرفق والذي أعدته لجنة مشتركةٌ من نادي القضاة ومحكمة النقض ووزارة العدل، وبتاريخ 13/12/2004 أعادت الجمعية العمومية لنادي قضاة مصر تمسكها بالمشروع ذاته، وأكدت ذلك جمعيتهم العامة المنعقدة بتاريخ 13/5/2005.

وأوضحوا أن رئيس الجمهورية فطن إلى أهمية وضرورة استقلال القضاء فتضمن برنامجُه الانتخابي ضرورةَ تحقيقِ استقلالِ القضاء وأيضًا في خطابه في افتتاح دورة المجلس الحالي قوله: "إن الدولةَ ستبادر بإصدارِ تعديلٍ لقانون السلطة القضائية".

وأشاروا إلى أن مواد الدستور 65- 165- 166 أوجبت استقلال القضاء عن السلطتين التشريعية والتنفيذية؛ حيث نصَّت على أن: "استقلال القضاء وحصانته ضمانتان أساسيتان لحماية الحقوق والحريات" وأن: "السلطة القضائية مستقلةٌ وتتولاها المحاكمُ علي اختلاف أنواعها ودرجاتها"، وأن: "القضاة مستقلون لا سلطانَ عليهم في قضائهم لغيرِ القانون، ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضايا أو في شئون العدالة"، وحيث تعظم الحاجة حاليًا إلى تدعيم هذا الاستقلال وتأكيد عدم المساس به وبقدسيته خاصة بعد السلوك الشائن والتدخل المقصود في أعمال القضاء، بل والاعتداء عليهم كما حدث في الانتخابات البرلمانية الأخيرة والتي أبلى فيها جموع القضاة بلاءً حسنًا، وكانوا عند حسن الظن بهم من بني وطنهم الذين أسندوا إليهم شرف الإشراف على الانتخابات فكانوا نموذجًا للنزاهة والشرف خاصة عندما حاسبوا فئةً قليلةً منهم خرجت عن ميثاق الشرف القضائي في العدالة والنزاهة المفترضة في رجال القضاء فكانت هتافات الجماهير للقضاة "إن في مصر قضاةً لا يخشون إلا الله، وهتفت الحناجر بصدق" حيَّا الله قضاةَ مصر".

وأضاف النواب: لقد انتظر قضاة مصر طويلاً، وتحلوا بالصبر الجميل انتظارًا لخروج مشروع قانونهم إلى النور دون جدوى، وذلك منذ احتفال مصر بافتتاح مؤتمر العدالة الأول عام 1986 وحتى الآن إلا أنَّ شيئًا من هذه الوعود لم يتحقق.

وقالوا إن أولى مسئوليات الحاكم هي توفير الاحترام للمنصَّة العاليةِ وتوفير الاستقلال الكامل لها، بل وتوفير الحياة الكريمة الآمنة للجالسين عليها بقدر المستطاع، ولقد رأينا نحن- النوابَ المتقدمين بالمشروع- القيامَ بهذا الدور.. بتبني مشروع نادي القضاة الذي يوفِّر هذه المطالب لجموع القضاة بعد وعود لم تُنفَّذ منذ أكثر من عشرين عامًا. موازنةً مستقلةً تدعيمًا لاستقلال القضاة، وهو من أخطر الأمور وأوجبها، كما يدعم المجلسَ الأعلى هذا المشروع بقانون يوفر ى للقضاة واختصاصاتِه ليكون الحارسَ على استقلال القضاة، كما يتضمن شروطَ الندب والإعارة؛ كي يضمنَ المساواةَ بين القضاةِ، وهي إحدى أهم ضماناتِ استقلالِ القضاةِ، وأدى سوءُ استخدامه إلى شغل كثير من القضاة عن رسالتهم الجليلة، وأدى في بعض الأحيان إلى المساس بمكانةِ القضاءِ والقضاة.

كما مكَّن المشروع الجمعياتِ العموميةَ للمحاكم من أداء مهمتها في الحفاظ على استقلال القضاء والقضاة، كما لبَّى المشروع مطلبًا عزيزًا للقضاة بأن يكون التقاضي في شأن طلبات تأديب القضاة على درجتين وبطريقة ترفع الحرجَ عن القاضي والقُضاة وتناول المشروع معاشاتِ القضاة بما يضمن لهم حياةً كريمةً عند بلوغهم سنَّ التقاعد بما يوفره ذلك من تجرد كاملٍ لا يخشى منه القاضي جور سلطان ولا غدر زمان، وحتى يطمئن الناس لقضاتهم ويثقون في أحكامهم، وأضافوا أن المشروع تضمَّن نصوصًا لتنظيم نادي القضاة باعتباره شأنًا من شئون القضاة ليتلاءم مع استقلال القضاة ووفقًا لما قرَّرته الأمم المتحدة وسائر المؤتمرات الدولية في هذا الشأن، حيث إن إشراف وزارة الشئون الاجتماعية على نادي القضاة حاليًا وضعٌ غريبٌ وشاذٌّ وغير مقبولٍ شكلاً وموضوعًا.

وقال النواب إنه ولكل ما سبق وتدعيمًا لاستقلال القضاء حتى يقوم بدوره الفعَّال في الحكم بين الناس بالحقِّ والعدل، وهما ركنان أصليان لأي دولة متحضرة في الماضي والحاضر والمستقبل، ويشرفنا نحن- نوابَ الشعب- تبني هذا المشروع بقانون والمقدَّم من نادي قضاة مصر..(21)


برقية من كتلة الإخوان البرلمانية لدعم قضاة مصر الشرفاء

وفي 17 / 4/2006 بعثت الكتلة البرلمانية لنواب الإخوان المسلمين برقية إلى المستشار زكريا عبد العزيز رئيس نادي قضاة مصر أكدت فيها أنها تلقت ببالغ القلق نبأ إحالة المستشار محمود مكي ، والمستشار هشام البسطاويسي نائبي رئيس محكمة النقص للجنة الصلاحية ، الأمر الذي نعتبره تصعيداً من الحكومة ممثلة في وزير العدل ضد القضاة الشرفاء وهو ما ينذر بشبح مذبحة جديدة للقضاة.

وأضافت الكتلة إنها إذ نستهجن هذا الأمر لا يسعها إلا استخدام الصلاحيات البرلمانية في إلقاء بيانات عاجلة بالمجلس شاركنا فيها كل أطياف العمل السياسي في مصر كنواب عن الشعب نستنكر قرار الإحالة ونعتبره بمثابة مقدمة لتصفية حسابات من قبل الحكومة مع قضاة مصر الشرفاء الذين تصدوا للتزوير في الانتخابات البرلمانية الأخيرة ن والذين يطالبون بحق الشعب المصري في الاستقلال الحقيقي للسلطة القضائية.

وأكدت الكتلة في برقيتها إن وقوف الشعب المصري مع قضاة مصر الشرفاء في هذه المحنة إنما هو دفاع عن مصر كلها المتمثلة في قضاة مصر الشرفاء الذين يمثلون سدنة العدل ويعتبرون حائط الصد الأخير للحفاظ على كرامة هذا الشعب وحريته.


بيان عاجل بخصوص القضاة

كما تقدم النائب حمدي حسن المتحدث الإعلامي باسم الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين بطلب إلقاء بيان عاجل بخصوص القضاة ويقول البيان:

الأستاذ الدكتور/ رئيس المجلس

بعد التحية:

أرغب في إلقاء بيان عاجل موجه إلي السيد المستشار وزير العدل

استخدام وزير العدل لسلطاته في تحويل بعض القضاة المشهود لهم بالوطنية و الكفاءة للجنة الصلاحية تمهيدا لعزلهم .

إن السلطات الممنوحة للسيد الوزير لعلاج بعض حالات الفساد التي قد تظهر في صفوف القضاة وليس لمعاقبتهم علي وطنيتهم وشرف انتماؤهم للمهنة حيث أن السبب الرئيس للتحويل هو الموقف الوطني و الشريف الذي اتخذه هؤلاء القضاة ضد تزوير الانتخابات و مطالبتهم و تبنيهم لمشروع قانون جديد للسلطة القضائية يحقق استقلالا فعليا لهم.

إن قرار السيد المستشار وزير العدل ليبين بوضوح مدي تغول السلطة التنفيذية ضد السلطات الأخرى بالبلاد وسيطرتها عليها و مدي الحاجة الفعلية لإصدار قانون جديد يحقق استقلالا فعليا للسلطة القضائية وبقية السلطات.

إن هذا القرار أحدث لدى أبناء الأمة كلها فزعا شديدا و خوفا من أن يكون بداية لمذبحة قضاة جديدة كما أن هذا القرار ينبئ أن إدعاءات المسئولين عن إصلاحات سياسية تعبر عن مطالب الأمة وتطلعاتها ما هي إلا أكاذيب لا مردود حقيقي لها ..(22)


انسحاب نواب الإخوان والمستقلين احتجاجًا على "سلق" قانون المد للقضاة

ولم تكتف الكتلة البرلمانية للإخوان بتقديم مشروع القانون فقط بل وعندما تم سلق قانون السلطة القضائية وإقراره من قبل نواب الحزب الوطني انسحبت كتلة الإخوان والمستقلين احتجاجاً على تمرير القانون بهذا الشكل الغير دستوري،وقال النواب: إن هذا التعديل يخدم فئةً محددةً من القضاة الذين سيخرجون إلى المعاش.

وعلَّق د. محمد البلتاجي- الأمين العام لكتلة الإخوان- على ذلك، مؤكدًا أن الانسحاب يأتي كردِّ فعلٍ طبيعيٍّ على أسلوب "سلق" هذا القانون على نحو غير مسبوق، مشيرًا إلى أنه تمَّت المصادرةُ بشكلٍ غريبٍ على تعديلات نواب المعارضة، وتساءل: هل يُعقَل أن يتم "سلق" هذا القانون في 6 ساعات؟! ..(23)


بيان الإخوان المسلمين بشأن قضاة مصر الشرفاء وضرورة استقلال السلطة القضائية

كما أصدرت جماعة الإخوان المسلمين بياناً أدانت فيه ما يحدث من تجاوزات تجاه السلطة القضائية ومناصريها واعتبرت ما يحدث جريمةً كبرى بكل المقاييس في حقِّ شعبِ مصر فيقول البيان:

القضاةُ هم سَدَنةُ العدلِ وصمامُ الأمنِ وضمانُ الاستقرارِ للوطن، وحيثُ يسودُ العدلُ تنتشر الطمأنينةُ ويعمُّ السلامُ على مستوى الفردِ والجماعاتِ والمؤسساتِ والحكوماتِ، وقد كان القضاءُ في مصر دومًا ملاذَ الخائفين وملجأَ الضعفاءِ، وثقةَ الشعبِ المصريِّ على مرِّ الدهورِ والعصورِ.

ولا شكَّ أن توفيرَ الاستقلالِ الكاملِ للسلطةِ القضائيةِ هو أحدُ أهمِّ سماتِ الديمقراطيةِ الحقيقيةِ في المجتمعات المتقدمة، وهو ما تحرصُ عليه هذه المجتمعات ضمانًا لنهضتها ورقيِّها، فضلاً عن قدرتِها على مواجهةِ التحدياتِ الداخليةِ والخارجية، ولا شكَّ أيضًا في أن النُّظُمَ الاستبداديةَ تحرص على النَّيلِ من هذا الاستقلالِ والوقوفِ عقبةً كؤودًا أمامه؛ حتى تتمكنَ من بسطِ سيطرتِها ونفوذِها، وإحكامِ قبضتِها وهيمنتِها على الشعوبِ، وقهرِها وسلبِ حقوقِها وحرياتِها.

لذلك كان من أهم مطالب الإخوان المسلمين والقوى السياسية والوطنية في مصر بالنسبةِ للإصلاحِ السياسيِّ هو ضرورةُ صدورِ قانونِ استقلالِ السلطةِ القضائية، والذي صاغه وطالب به نادي قضاة مصر؛ حتى يتمكنَ السادةُ القضاةُ من الإشرافِ الكاملِ والحقيقيِّ على الانتخاباتِ العامةِ؛ كي تخرجَ معبِّرةً بحقٍّ وصدقٍ عن الإرادةِ الحرةِ للشعب.

ولقد قام قضاةُ مصر العِظامُ بدورِهم الخلاَّق في الإشرافِ على الانتخاباتِ النيابيةِ الماضيةِ، وحاولوا بكل ما أوتوا من طاقةٍ وجهدٍ تحمُّلَ الأمانة والقيامَ بالمسئولية والتبعة على أفضل وجه ممكن.

وقد تعرض عددٌ من هؤلاء القضاة أثناء قيامهم بدورِهم المشرِّف إلى كثيرٍ من العَنَت والإهانةِ والعدوانِ على يدِ أجهزةِ الأمنِ، ثم اندفعت السلطةُ التنفيذيةُ إلى منزلقِ تحويلِ بعضِ السادةِ المستشارين إلى التحقيقِ أمامَ نيابةِ أمنِ الدولة العليا، ثم بعد ذلك إلى لجنةِ الصلاحيةِ، وهو أمرٌ يدلُّ على عُنفِ التحدي والإهانةِ، ليس للقضاةِ فقط ولكن للشعبِ المصري كله.

ثم كانت الطامةُ الكبرى، وهي الاعتداءُ بقسوةٍ ووحشيةٍ على أحدِ السادةِ القضاةِ، وهو المستشار محمود حمزة الذي ساقَه قدرُ اللهِ إلى الوقوعِ في أيدي رجالِ الشرطةِ قبل فجرِ يوم الاثنين 24/4/2006م، وذلك أثناءَ اعتدائِهم على بعضِ المعتصِمين من الحركةِ المصريةِ من أجل التغيير (كفاية)؛ تضامنًا مع السادةِ القضاة.

إن ما حدثَ يُعدُّ جريمةً كبرى بكل المقاييس في حقِّ شعبِ مصر، الذي يقف الآن بكل شرائحِه وفئاتِه وقواه الحيةِ خلفَ القضاةِ الشرفاءِ بكلِّ الصمودِ والثبات والتصدي لنَيْلِ استقلالِ السلطة القضائية مَفخَرَة مصر وأملها..(24)

وتعرضت جماعة الإخوان المسلمين خلال دعمها لاستقلال القضاء لحملة إعلامية لتشويه صورتها أمام الرأي العام وهنا كان رد المرشد العام للتأكيد على أن دعم الإخوان لمطالب القضاة هو واجب وطني وليس له أي توجهات أخرى.

فقد أكد المرشد العام للإخوان المسلمين الأستاذ محمد مهدي عاكف أن الإخوان ينتهجون دائمًا الطريق الشعبي لدعم كل قضايا الإصلاح ولم ولن يكونوا سببًا في وقوع أية أزمات في الشارع المصري.

جاء ذلك في تصريحٍ صحفي صدر عن المكتب الإعلامي لفضيلة المرشد العام الثلاثاء 16/5/2006م؛ ردًّا على ما نُشر في بعض الصحف في إطار حملة على الإخوان بسبب دعمهم للقضاة.

وقال عاكف: إنَّ السببَ في تلك الأزمات التي تعيشها الأمة والدولة بمختلف أجهزتها هو فشل الحكومة والنظام في حل مشاكل المواطنين وتحقيق العدل في المجتمع وإعمال مبدأ الفصل بين السلطات الذي يحقق للقضاة ولكل فئات الشعب مطالبهم.

وأكد أن الإخوان في ذلك لم يفعلوا سوى ما يقتضيه الواجب الوطني، من وقوف إلى جانب المطالب المشروعة لنادي القضاة في احترام السلطة القضائية، واعتماد مشروع القانون الذي قدموه والذي تبناه نوابهم في مجلس الشعب، وهو موقف يؤيده كل شرفاء الأمة.

وتساءل فضيلة المرشد العام عن سبب هذه الضجة الكبرى التي يثيرها أعوان الاستبداد والفساد؟ ولماذا يتم تسخير كل أجهزة الإعلام الأخرى لمهاجمة الإخوان؟ وتساءل قائلاً: ألم يكن الأجدى توظيف تلك الأجهزة لتحقيق الحرية لعموم أبناء الوطن في ظل الدستور والقانون؟!

وأكد الأستاذ عاكف أن الإخوان لن يتخلَّفوا يومًا عن مناصرة الحق وأهله، رغم كل محاولات النظام لتعويق مسيرة الحرية، ومنع رياح الإصلاح والتغيير من أن تعم كافة أرجاء وأبناء الوطن، ومهما اشتدت ضراوة الحملات الإعلامية فإن الإخوان مع باقي الفصائل السياسية التي تعمل لتحقيق الإصلاح المنشود لن تتوقف مسيرتُهم ولن تتراجع حركتُهم..(25)

كما أكد المستشار هشام البسطاويسي نائب رئيس محكمة النقض (والمحال للجنة الصلاحية مع المستشار محمود مكي)- بسبب كشفهما لوقائع تزوير في الانتخابات البرلمانية الأخيرة- أن الإخوان جزءٌ من نسيج المجتمع المصري وكل القوى السياسية الموجودة على الساحة، والمطالِبة باستقلالٍ حقيقيٍّ للقضاء.

واستنكر البسطاويسي- في تصريحٍ مساء الثلاثاء 16/5/2006م- ما نُشر في إحدى الصحف القومية من أن الإخوان يستغلُّون أزمة القضاة ويُقحمون أنفسَهم في الموضوع لتحقيق مصالح شخصية؛ حيث أوضح أن كل الشعب المصري يدعم القضاة، والإخوان مصريون، وبالتالي لا غرابةَ في الموضوع.

وأشار إلى أن كل القوى الوطنية الأخرى أعلنت تضامنَها ومساندتَها لمطالب القضاة، كما زاروا نادي القضاة، مثل الهيئة البرلمانية لحزب (الوفد)، وأعضاء أحزاب (الكرامة) و(الغد) و(التجمع).

وحول التركيز على محاربة الإخوان بالذات قال المستشار البسطاويسي: "بعبع الإخوان وَهْم في خيال الحكومة تريد تخويف الناس به، ولو أن الحكومة تريد إصلاحًا حقيقيًّا فليسحبوا البساط من أسفل الإخوان ويتبنّوا هم مطالبنا"!! مشيرًا إلى أن كل مصري يريد الإصلاح السياسي وليس الإخوان فقط..(26)


دعم وتضامن برسم الإعتقال والضرب

وفى وقائع مناصرة المستشارين محمود مكي وهشام البسطاويسي أثناء التحقيق معهم جرى اعتقال العديد من قيادات وكوادر جماعة الإخوان المسلمين، فقد اعتقلت قوات الأمن حوالي 500 من الإخوان المسلمين من مناطق العباسية (شمال القاهرة) والتي اعتُقل منها حوالي 80 منهم الدكتور محمد مرسي عضو مكتب الإرشاد، و130 من منطقة محاكم الجلاء والتي اعتُقل منها الدكتور عصام العريان القيادي البارز وأمين صندوق نقابة الأطباء، والتي تقع بالقرب من منطقة القضاء العالي وسط القاهرة، والتي تَجري فيها وقائع المحاكمة لاثنين من المستشارِين؛ بسبب تصريحاتٍ صحفيةٍ للإعلام حول تزوير النظام للانتخابات البرلمانية الأخيرة.

كما اعتقلت قواتُ أمن الدولة حوالي 200 من إخوان القليوبية بمناطق العباسية، وعشراتٍ آخرين من منطقة كوبري قصر النيل، ومن أمام دار القضاء العالي بوسط القاهرة.

وحشدت السلطاتُ المصريةُ الآلاف من قوات الأمن المركزي بالإضافة إلى قوات مباحث أمن الدولة؛ للتصدي للمظاهرات التي نظَّمها الإخوان المسلمون اليوم الخميس 18/5/2006م أمام دار القضاء العالي ومجمع محاكم الجلاء بوسط القاهرة ومحكمة شمال القاهرة بالعباسية؛ للتضامن مع المستشارَين محمود مكي وهشام البسطاويسي المحالَيْن للتحقيق.

كما داهمت قواتُ الأمن المتظاهرين في أغلب المناطق المحيطة بمنطقة وسط القاهرة والتي مُنع فيها التظاهر، واعتقلت عددًا كبيرًا من الإخوان واعتَدَت بالضرب المبرّح بالعصيِّ الكهربائية والهراوات والقنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين، كما قامت بسَحْل عددٍ كبيرٍ منهم على الأرض، في محاولةٍ لمنع المظاهرات المؤيِّدة للقضاة.

وفي وسط القاهرة وأمام دار القضاء العالي تجمَّع نواب الإخوان المسلمين ومعهم نواب المعارضة والمستقلين مرتدين أوشحةً مكتوبًا عليها "نواب الشعب مع القضاة" مردِّدين الهتافاتِ المؤيِّدة للقضاة ومعهم مئات الإخوان المسلمين، ومنها "بدأ العد التنازلي لاستعادة الوطن".

وقامت قوات الأمن بحشد عشراتٍ من البلطجية لتهديد المحتشدين حول النواب؛ حيث اعتقلت عشراتٍ من المتظاهرين في سيارات الأمن المركزي..(27)

وأكد الدكتور محمد حبيب- النائب الأول لفضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين - أن المظاهرات التضامنية مع القضاة أمرٌ كفله الدستور المصري.

وشدَّد الدكتور محمد حبيب في تصريحاتٍ خاصةٍ لـ(إخوان أون لاين) اليوم الخميس 18/4/2006م- على أنَّ هذه المظاهرات لا تخالف الدستور المصري الذي كفَل للمواطنين حقَّ الاجتماع والتظاهر والتعبير عن الرأي، موضحًا أن قوات الأمن المصرية تجاهَلت ذلك وقامت باعتقال المتظاهرين ومارَسَت ضدَّهم أقصى درجات العنف.

وضرب النائب الأول لفضيلة المرشد العام نموذجًا على هذا العنف بالاعتداءات التي تعرَّض لها الدكتور محمد مرسي عضو مكتب الإرشاد بالجماعة قبل أن يتم اعتقاله خلال المظاهرات التضامنية.

وحول أسباب استمرار تعامل النظام المصري مع المظاهرات بالعنف- رغم الانتقادات الداخلية والخارجية- أشارَ حبيب إلى أن ممارسات النظام توضح أنه "دار حول نفسه دورةً كاملةً فيما يتعلق بالتعهدات الديمقراطية وأعادنا إلى المربع رقم واحد".

وأكد أن المظاهرات تهدف إلى دعم السادة القضاة في مطالبهم الخاصة باستقلال المنظومة القضائية، بعيدًا عن تدخلات السلطة التنفيذية، مشيرًا إلى أن ذلك سوف يمكنهم من الإشراف الكامل والحقيقي على الانتخابات العامة، وهو ما سيؤدي إلى أن تتحوَّل الانتخابات إلى وسيلة صادقة للتعبير الحرِّ عن إرادة الشعب، موضحًا أن السلطة القضائية تُعتبر "صمام أمان" للمجتمع المصري ككل، الأمر الذي يجعل معاداةَ النظام للقضاة تتحوَّل إلى معاداةٍ مع شرائح الشعب المصري كله...(28)


الكتلة البرلمانية للإخوان ترفض قانون الحكومة للسلطة القضائية

كما أعلنت الكتلة البرلمانية لنواب الإخوان المسلمين بالبرلمان المصري رفضَها رسميًّا مشروعَ قانون السلطة القضائية الذي تقدمت به الحكومة، وأعلنت الكتلة رفضَها في بيان باسمها صدَر الأحد 25/6/2006، وبرَّرت رفضَها بأن المشروع يُعَدُّ التفافًا حول مطلب الاستقلال الكامل للسلطة القضائية، والذي ينادي به شعب مصر، وذلك بإبقائه على الأمور الآتية:

  • تشكيل مجلس القضاء الأعلى على صورته الحالية، والتي يطالب بتعديلها جمهور قضاة مصر.
  • إبقاء اختيار رئيس مجلس القضاء الأعلى والنائب العام كحق لرئيس السلطة التنفيذية.
  • احتفاظ وزير العدل "ممثل السلطة التنفيذية" بتبعية التفتيش الفني له.
  • الإبقاء على محدودية دور الجمعية العمومية للمحاكم، وإبقاء النص على التفويض الكامل في سلطاتها لرئيس المحكمة، وهو ما لا يستقيم دستوريًّا.
  • إبقاء حق وزير العدل في انتداب قاضٍ للتحقيق مع القاضي المُحال لمجلس التأديب أو المساءلة.
  • إشراك وزير المالية مع مجلس القضاء في تقرير الموازنة؛ مما يعد استقلالاً ماليًّا مشوّهًا.
  • إهمال تنظيم (نادي القضاة) جمعية القضاة العمومية الوحيدة في النظام القضائي المصري، رغم الاتفاقات الدولية التي وقَّعت عليها مصر، وأحكام المحاكم العُليا الثلاث والتي توجب جميعها التنظيم الشامل للنادي باعتباره شأنًا من شئون القضاة.
  • الإبقاء على التنظيم المشوّه للندب والإعارة، وهو الأمر الذي نال من استقلال القضاء وكرامته.

وأكد بيان الكتلة- الذي حمل توقيع الدكتور محمد سعد الكتاتني (رئيس الكتلة)- أن مشروع قانون السلطة القضائية الذي تقدمت به الحكومة يكرِّس تغوُّل السلطة التنفيذية على السلطة القضائية.

وأضاف البيان أنه مع رفْضِ الكتلة لهذا المشروع فإنها تؤكد أن المشروع الذي تقدم به رئيس كتلة الإخوان وأربعة من أعضاء الكتلة هو المشروع المعبِّر عن تطلعات القضاة وجموع الشعب المصري في هذه المرحلة.(11)

كما حمَّلت الكتلة البرلمانية لنواب الإخوان المسلمين أغلبيةَ الحزب الوطني وإدارة البرلمان مسئوليةَ ما يترتَّب على إقرار قانون السلطة القضائية، الذي وافق عليه المجلس مساء الاثنين 26/6/2006م.

وأكدت الكتلة- في بيانٍ لها صدر الثلاثاء 27/6/2006م وحَمَلَ توقيعَ الدكتور محمد سعد الكتاتني رئيس الكتلة- أن هذا القانون يُعد انتكاسةً وردةً عن دعاوى الإصلاح السياسي، وطالبت الكتلة كافةَ القوى السياسية ووسائلَ الإعلام الحرة الشريفة بفضح ممارسات الحكومة وأغلبيتها البرلمانية وإصرارها على استمرار مصر في تخلفها السياسي.

وحذَّرت الكتلة من أن ما حدث مع مشروع قانون السلطة القضائية ممكنٌ أن يتكرَّرَ مع مشروع قانون الحبس في قضايا النشر، طالما استمرَّت الحكومة في استغلال أغلبيتها، وحصلت على دعم إدارة المجلس، وهو ما يتطلَّب- كما ترى الكتلة- تضافرَ الجهود الشعبية والسياسية، لكشف وفضح ما يحدث في مجلس الشعب، خاصةً في ظل تعتيم الإعلام الحكومي على حقيقية ما يجري، إضافةً لتشويه التليفزيون المتعمَّد لأداء نواب الإخوان والمستقلين والمعارضة.

وأكد البيان رفضَ الكتلة للقانون وللطريقة التي تمَّ عرضه بها، كما أكد رفضها الأسلوب الذي تعاملت به إدارة المجلس أثناء مناقشة القانون.

وقالت الكتلة: إن موافقةَ أغلبية الحزب الوطني وتكتلَهم ضدَّ أية تعديلات قدَّمناها، إنما يؤكِّد رغبةَ السلطة التنفيذية في إحكام قبضتها على السلطة القضائية، وهو ما تراه تراجعًا واضحًا وانتكاسةً خطيرةً لدعاوى الإصلاح التي تتشدَّق بها الحكومة ليلَ نهار.

وحمَّلت الكتلة نوابَ الأغلبية أوزارَ هذا الثقب الخطير والنقطة السوداء التي أحدثها القانون الحكومي في ثوب استقلال القضاء، كما حمَّلت إدارةَ المجلس مسئوليةَ خروج القانون بهذا الشكل، ودعمها للحكومة في عدم إدخال أي تعديل ولو حتى مجرد حرف واحد على القانون، وهي سابقةٌ برلمانيةٌ تُضاف إلى سوابقِ هذا المجلس، وكأنَّ القانونَ الذي قدَّمته الحكومة "لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه".

وأشارت الكتلة إلى أن استغلالَ الحكومة لأغلبية الحزب الوطني أساء إلى مصر، وبعث برسالةٍ في غايةِ الخطورة، وهي أن الحكومةَ ماضيةٌ في طريق (اللا إصلاح) وأن وعود الإصلاح التي قطعها رئيس الجمهورية في برنامجه الانتخابي والتزمت الحكومة بتنفيذها لم يتحقق منها شيءٌ، ولن يتحقق منها شيء.

وفيما يلي نص البيان:

بيان من الكتلة البرلمانية لنواب الإخوان المسلمين حول إقرار قانون السلطة القضائية

تابع الشعب المصري بكافة فئاته واتجاهاته الأحداثَ الساخنةَ التي شهدها مجلس الشعب أثناء عرض ومناقشة مشروع قانون السلطة القضائية، وكان نواب الإخوان مع النواب المستقلين والمعارضة رقمًا أساسيًّا فيما جرى.

وتعلن الكتلة رفضَها القانون والطريقة التي تمَّ عرضه بها، كما ترفض الأسلوب الذي تعاملت به إدارة المجلس أثناء مناقشة القانون، وتؤكد الكتلة أن موافقةَ أغلبية الحزب الوطني وتكتلَهم ضد أية تعديلات قدَّمناها، إنما يؤكد رغبة السلطة التنفيذية في إحكام قبضتها على السلطة القضائية، وهو ما تراه الكتلة تراجعًا واضحًا وانتكاسةً خطيرةً لدعاوى الإصلاح التي تتشدَّق بها الحكومة ليلَ نهار.

وتُحمِّل الكتلةُ نوابَ الأغلبيةِ أوزارَ هذه الثقب الخطير والنقطة السوداء التي أحدثها القانون الحكومي في ثوب استقلال القضاء، كما تُحمِّل الكتلة إدارةَ المجلس مسئوليةَ خروج القانون بهذا الشكل، ودعمها للحكومة في عدم إدخال أي تعديل ولو حتى مجرد حرف واحد على القانون، وهي سابقةٌ برلمانيةٌ تُضاف إلى سوابقِ هذا المجلس، وكأنَّ القانونَ الذي قدَّمته الحكومة "لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه".

وترى الكتلة أن استغلال الحكومة لأغلبية الحزب الوطني أساء لمصر وبعث برسالةٍ في غاية الخطورة، وهي أن الحكومة ماضيةٌ في طريق (اللا إصلاح) وأن وعود الإصلاح التي قطعها رئيس الجمهورية في برنامجه الانتخابي والتزمت الحكومة بتنفيذها لم يتحقق منها شيءٌ، ولن يتحقق منها شيء، وهو ما يدعو الكتلة إلى مطالبة كافة القوى السياسية ووسائل الإعلام الحرة الشريفة بفضح ممارسات الحكومة وأغلبيتها البرلمانية وإصرارها على استمرار مصر في تخلفها السياسي، وترى الكتلة أن ما حدث مع مشروع قانون السلطة القضائية سيتكرَّر مع مشروع قانون الحبس في قضايا النشر، طالما استمرَّت الحكومة في استغلال أغلبيتها، وحصلت على دعم إدارة المجلس، وهو ما يتطلَّب تضافرَ الجهود الشعبية والسياسية لكشفِ وفضحِ ما يحدث في مجلس الشعب، خاصةً في ظل تعتيم الإعلام الحكومي على حقيقية ما يجري، إضافةً لتشويه التليفزيون المتعمد لأداء نواب الإخوان والمستقلين والمعارضة..(29)


طلب سحب الثقة من وزير العدل

كما لم تكتف الكتلة بمواقفها النيابية المختلفة لمواجهة قانون السلطة القضائية التي أقرته الحكومة بل وقدمت طلب لسحب الثقة من وزير العدل وهذا هو نص الطلب:

بسم الله الرحمن الرحيم

الأستاذ الدكتور / رئيس المجلس

السلام عليكم ورحمة الله وبركات

يقوم نظام الحكم في بلادنا علي مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث .

والتوازن بين هذه السلطات يحقق ضمانا للديمقراطية وعدم تفرد إحداها بالحكم .

وقد دأب السيد المستشار وزير العدل وهو عضو من أعضاء السلطة التنفيذية في إساءة استخدام ما أعطاه له المشرع من صلاحيات بقصد تغول السلطة التي يمثلها وهي السلطة التنفيذية علي السلطة القضائية وإهدار استقلالها بما يهدد المبدأ الذي قام عليه نظام الحكم .

بناء علي نص المواد 245 - 246 – 247 – من اللائحة الداخلية للمجلس نتقدم نحن أعضاء المجلس الموقعون بطلب سحب الثقة من السيد المستشار / وزير العدل وذلك لتدخله في أعمال السلطة القضائية بسوء استخدامه لصلاحياته وبغير ما هو متعارف عليه بما يفقدها استقلالها مما نتج عنه تحويل مستشارين اثنين من كبار المستشارين للجنة الصلاحية تمهيدا لعزلهما وذلك نتيجة لمواقفهما المشرفة ضد تزوير الانتخابات البرلمانية ومطالبتهما بإقرار قانون جديد للسلطة القضائية يتيح لها الاستقلال الفعلي عن السلطة التنفيذية .

لقد صدم نواب الشعب بطلب السيد المستشار وزير العدل تحويل القضاة الشرفاء إلي لجنة التحقيق تمهيدا لعزلهما مما أخل بميزان الشرف والعدالة من جهة الإشراف ممثلة في السيد المستشار وزير العدل مما افقدها الثقة والاعتبار لدينا نحن نواب الشعب .

وخشية من أن يتطور الأمر إلي مذبحة للقضاة الشرفاء الذين تفخر بهم مصر وتفاخر لأنهم الحصن المنيع الذي يأوي إليه كل مظلوم أو ضعيف أو طالب حق مما يهدد بتقويض أركان الدولة وإشاعة الفوضى وهذا ما نرفضه .

لكل هذا نتقدم نحن نواب الشعب بطلب سحب الثقة من السيد المستشار وزير العدل حيث اساء استخدام صلاحياته بما يؤثر في استقلال السلطة القضائية..(30)

نواب الشعب

نص المذكرة الإيضاحية لمشروع تعديل قانون السلطة القضائية المقدم من نواب الإخوان

الأستاذ الدكتور / رئيس المجلس

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اقتراح بمشروع قانون لتعديل السلطة القضائية

ايمانا بدورنا كنواب للأمة بضرورة القيام بما ينهض بها في جميع المجالات

ولقناعتنا بضرورة تحقيق الاستقلال الكامل للسلطة القضائية بما يجعلها تؤدي واجباتها دون أي تدخل من أيه جهة كانت ضمانا للعدالة التي هي أساس للملك وبدونها تضيع الحقوق وتهدر الواجبات وتشيع الفوضي لهذا يسرنا تبني مشروع القانون الذي درسه وارتضاه نادي القضاة وهو الممثل الحقيقي لقضاة مصر وأسموه " مشروع قضاة مصر " وذلك لدراسته وإقراره من قبل المجلس للوصول إلي الهدف المنشود وهو استقلال القضاء.

و نظرا لأهمية الموضوع وسمو الغاية

نرجو التكرم بعرضه علي اللجنة المختصة في أقرب وقت

مع وافر التقدير ...

أعضاء المجلس

المذكرة الإيضاحية:

بتاريخ 18/1/91 أقرت الجمعية العامة لقضاة مصر مشروع القانون المرفق والذي أعدته لجنة مشتركة من نادي القضاة ومحكمة النقض ووزارة العدل .

وبتاريخ 13/12/2004 أعادت الجمعية العمومية لنادي قضاة مصر تمسكها بالمشروع ذاته وأكدت ذلك جمعيتهم العامة المعقودة بتاريخ 13/5/2005 .

ولقد فطن الرئيس إلي أهمية وضرورة استقلال القضاء فتضمن برنامجه الانتخابي ضرورة تحقيق استقلال القضاء وأيضا في خطابه في افتتاح دورة مجلسنا الموقر قوله إن الدولة ستبادر بإصدار تعديل لقانون السلطة القضائية .

إن مواد الدستور 65 - 165 - 166 أوجبت استقلال القضاء عن السلطتين التشريعية والتنفيذية حيث نصت علي أن: " استقلال القضاء وحصانته ضمانتان أساسيتان لحماية الحقوق و الحريات " – وأن : "السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم علي اختلاف أنواعها ودرجاتها " . وأن : " القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون ولا يجوز لأي سلطة التدخل في القضايا أو في شئون العدالة " وحيث تعظم الحاجة حاليا إلي تدعيم هذا الاستقلال وتأكيد عدم المساس به وبقدسيته خاصة بعد السلوك الشائن و التدخل المقصود في أعمال القضاء بل والاعتداء عليهم كما حدث في الانتخابات البرلمانية الأخيرة والتي أبلي فيها جموع القضاة بلاء حسنا وكانوا عند حسن الظن بهم من بني وطنهم الذين أسندوا إليهم شرف الإشراف علي الانتخابات فكانوا نموذجا للنزاهة والشرف خاصة عندما حاسبوا فئة قليلة منهم خرجت عن ميثاق الشرف القضائي في العدالة والنزاهة المفترضة في رجال القضاء فكانت هتافات الجماهير للقضاة " إن في مصر قضاة لا يخشون إلا الله وهتفت الحناجر بصدق " حيا الله قضاة مصر " .

لقد انتظر قضاة مصر طويلا – وتحلوا بالصبر الجميل – انتظارا لخروج مشروع قانونهم إلي النور دون جدوى وذلك منذ احتفال مصر بافتتاح مؤتمر العدالة الأول عام 1986 وحتى الآن إلا أن شيئا من هذه الوعود لم يتحقق .

إن أولي مسئوليات الحاكم هي توفير الاحترام للمنصة العالية وتوفير الاستقلال الكامل لها بل وتوفير الحياة الكريمة الآمنة للجالسين عليها بقدر المستطاع - ولقد رأينا نحن النواب المتقدمين بالمشروع - القيام بهذا الدور بتبني مشروع نادي القضاة الذي يوفر هذه المطالب لجموع القضاة بعد وعود لم تنفذ منذ أكثر من عشرين عاما .

هذا المشروع بقانون يوفر موازنة مستقلة تدعيما لاستقلال القضاة وهو من أخطر الأمور وأوجبها كما يدعم المجلس الأعلى للقضاة واختصاصاته ليكون الحارس علي استقلال القضاة كما يتضمن شروط الندب والإعارة كي يضمن المساواة بين القضاة وهي احدي أهم ضمانات استقلال القضاة وأدي سوء استخدامه إلي شغل كثير من القضاة عن رسالتهم الجليلة وأدي في بعض الأحيان إلي المساس بمكانة القضاء والقضاة .

كما مكن المشروع الجمعيات العمومية للمحاكم من أداء مهمتها في الحفاظ علي استقلال القضاء والقضاة كما لبي المشروع مطلبا عزيزا للقضاة بأن يكون التقاضي في شأن طلبات تأديب القضاة علي درجتين وبطريقة ترفع الحرج عن القاضي والقضاة وتناول المشروع معاشات القضاة بما يضمن لهم حياة كريمة عند بلوغهم سن التقاعد بما يوفره ذلك من تجرد كامل لا يخشى منه القاضي جور سلطان ولا غدر زمان وحتى يطمئن الناس لقضاتهم ويثقون في أحكامهم .

أخيرا تضمن المشروع نصوصا لتنظيم نادي القضاة باعتباره شأنا من شئون القضاة ليتلائم مع استقلال القضاة ووفقا لما قررته الأمم المتحدة وسائر المؤتمرات الدولية في هذا الشأن حيث أن إشراف وزارة الشئون الاجتماعية علي نادي القضاة حاليا وضع غريب وشاذ وغير مقبول شكلا وموضوعا .

لكل ما سبق وتدعيما لاستقلال القضاء حتى يقوم بدوره الفعال في الحكم بين الناس بالحق والعدل وهما ركن أصيل لأي دولة متحضرة في الماضي والحاضر والمستقبل يشرفنا نحن نواب الشعب تبني هذا المشروع بقانون والمقدم من نادي قضاة مصر...(31)

نواب الشعب


أزمة قانون السلطة القضائية 2011

مع سقوط النظام المصري في أعقاب ثورة 25 يناير شرع نادى القضاة برئاسة المستشار أحمد الزند بطرح قانون السلطة القضائية على المجلس العسكري لإقراره والعمل به ورفض معظم المحامين وعلى رأسهم هذه التعديلات وخاصة أنها تنتقص من حصانة المحامى داخل المحكمة وهو ما رفضه محامى الإخوان وخاصة سعى نادى القضاة المحسوب على النظام السابق لإقرار القانون قبل الانتخابات التشريعية وفى ظل غياب مجلس تشريعي وهو ما رآه البعض من تحرك مثير للارتياب والشك في سرعة المطالبة بإقرار هذا القانون في ظل غياب مجلس الشعب.

فقد أعلنت قائمة القوى الوطنية التي شكلتها لجنة الشريعة الإسلامية بنقابة المحامين بدء خطوات تصعيدية غدًا الأحد ضد التعديلات الماسة بحقوق وحصانة المحامي في قانون السلطة القضائية بتسجيل المحامين لتحفظاتهم على التعديلات في جلسات المحاكم.

وقال محمد طوسون المقرر العام للجنة الشريعة وأحد أبرز مرشحي القائمة في مؤتمر صحفي بدار القضاء العالي: "فؤجئنا بمشروع تعديل لقانون السلطة القضائية يهضم حقوق المحامين، استمرارًا للظلم الذي تعرض له المحامون في السنوات الماضية، وهو ما لا نقبل به".

وأضاف أن المحامين كانوا بصدد المطالبة بتفعيل مواد قانون المحاماة التي تعطيهم بعض الحقوق ومنها نسبة الدخول في القضاء، ولكن فوجئوا بمواد تهدر حصانتهم وحقوقهم ومنها المادة 18.

واستنكر طوسون العجلة في إصدار مشروع القانون بمرسوم من المجلس العسكري، وعدم انتظار مجلس الشعب، مؤكدًا أن القائمة تدعم استقلال القضاء، ومن قبله حق المحامي وحصانته لأنه شريك أصيل في ترسيخ العدالة. وأشار محمد الدماطي مقرر لجنة الحريات ومرشح التحالف على قائمة القوى الوطنية إلى أن الأزمة الحالية هي امتداد للاستعلاء والكبرياء القضائي في مواجهة المحامي الذي يجب أن تكسر شوكته في السلطة القضائية.

وأضاف أن مهنة المحاماة بها من الكفاءة على كسر شوكة هذا الاستعلاء الذي استمر بعد الثورة، دون جدوى، قائلاً: "لن نتسامح في حقوقنا، وإذا كان الشعب أسقط السلطتين التنفيذية والتشريعية، فإن المحامين قادرون على كسر شوكة الفساد في القضاء".

وأكد فتحي تميم المرشح على قائمة القوى الوطنية "مستوى عام" أن القائمة تدعم استقلال القضاء وباركته وخرجت في مسيرات في أيام النظام المخلوع لدعم القضاة، لأنها ترى أنه ليس ترفًا، ويجب أن يتم إقرار الاستقلال الكامل للقضاء.

ووصف الاستعجال في إصدار مشروع القانون بالمشبوه، موضحًا أن مطاردة المحامين أثناء الجلسات وتقنين إرهابهم ليس من استقلال القضاء ولكن يكون، وجعل المحامي ورقة لجذب الجمعية العمومية للقضاة لم ولن يكون حلاًّ لاستقلال القضاء.

ودعا عادل منصور المرشح على القائمة "مستوى عام" إلى تأجيل إصدار المشروع حتى يتم انتخاب مجلس شعب، والتركيز على إصلاح البيت القضائي في الوقت الراهن ثم تعديل القانون لصالح المجتمع، وليس لصالح فئة بعينها...(32)

كما أعرب مركز سواسية لحقوق الإنسان ومناهضة التمييز (المقرب من الإخوان المسلمين) عن رفضه لتمرير قانون السلطة القضائية الجديد في غيبة السلطة التشريعية "البرلمان" ودون عرضه على نقابة المحامين ممثلةً في لجانها النقابية، مشددًا على أن القانون ينزع حصانة المحامي أثناء تأدية عمله، ويمثل تهديدًا خطيرًا للمهنة وكرامة المحامي ومكانته ومستقبله.

وأضاف: في بيان له أن قانون السلطة القضائية الجديد يمثل افتئاتًا على إرادة المحامين، وتجاوزًا غير مقبول لحقِّهم المشروع في مراجعة القانون وإدخال التعديلات المناسبة عليه.

وأشار إلى أن نظام المخاصمة والطائفية الذي كان يعتمَّده النظام السابق في إدارته لشئون البلاد وفي سنه للقوانين والتشريعات يخالف روح ثورة 25 يناير؛ التي جاءت لتعميق ثقافة المشاركة بين جميع الفئات والطوائف، واعتماد لغة الحوار وسيلةً بنَّاءة لصياغة القوانين والتشريعات التي تخص كل فئات الشعب المصري، وعلى رأسهم القضاة والمحامون.

وقال المركز: إن سياسة الصوت العالي ومحاولات البعض الاستئثار بصياغة القوانين والتشريعات وفرضها على الآخرين لم تعد مقبولة، ومصيرها الفشل، ولن تجد الأرض الخصبة التي تثمر فيها بعد ثورة 25 يناير.

وأكد أن المحامين كانوا- وسيظلون- الحصن الذي يحمي الحريات في مصر، ولن يكون بمقدور أحد- أيًّا كان- أن يتجاوزهم أو يهمِّش دورهم في صياغة مستقبل مصر الواعد وتشكيله؛ لأنهم صمام الأمان ضد أي نظام أو حكومة تحاول العبث بحقوق الشعب المصري وحرياته.

وطالب المركز مجلس القضاء الأعلى بضرورة إعادة النظر في قانون السلطة القضائية الجديد؛ بحيث يحفظ على المحامي حقَّه ويصون كرامته، ويسهِّل له طرق أداء مهامه بفعالية ونجاح، داعيًا المحامين إلى أن يكونوا يدًا واحدةً في مواجهة القوانين والتشريعات التي تضرُّ بمستقبلهم المهني، والتكاتف من أجل الارتقاء بمهنتهم، والمشاركة في إعداد مشروع قانون السلطة القضائية..(33)


خاتمة البحث

من خلال هذا البحث يتبين الموقف الواضح لجماعة الإخوان المسلمين لدعم استقلال القضاء حتى يكون هناك منظومة قضائية عادلة بعيدة عن تأثير السلطة التنفيذية التي كانت مسيطرة ومتغولة على كافة السلطات الأخرى وهذا ينبع من إيمان جماعة الإخوان بأن استقلال القضاء أول المسارات نحو بناء دولة ديمقراطية حقيقية يتم فيها إعلاء كلمة القانون وفرض المساواة والعدالة الاجتماعية والتي يسعى إليها الإخوان دائماً وقدم الإخوان الكثير من التضحيات لمحاولة دعم استقلال القضاء ولاسيما في مظاهرات دعم القضاة والتي تم على إثرها اعتقال ما يزيد عن ألفين من الإخوان من بينهم د/ محمد مرسى ود/ عصام العريان وغيرهم من كوادر الجماعة، وكما ذكرنا في المبحث الأول أن دعم الإخوان لاستقلال القضاء نابع من رؤية وعقيدة للجماعة وليس لاستغلال الأجواء السياسية لمعارضة النظام كما ردد البعض وإنما هو موقف أصيل منذ نشأة الجماعة على يد الإمام البنا رحمة الله عليه عام 1928 ومن خلفه جميع مرشدي الجماعة ومواقفهم التي وضحناها سابقاً.


المراجع

(1) موقع المستشار محمود الخضيرى

(2) مذبحة القضاء ،موقع حزب الجبهة

(3)كتاب التربية السياسية عند الإخوان المسلمين في الفترة من 1928 إلى 1954م في مصر دراسة تحليلية تقويمية ،إعداد عثمان عبد المعز رسلان ص 149

(4) رسالة نحو النور

(5) رسالة تحت راية القرآن

(6) رسالة المؤتمر السادس

(7) مجلة النذير، العدد (16)، السنة الثانية، 17ربيع الثانى 1358 /6 يونيو 1939، ص(3-6).

(8) مجلة التعارف، العدد (11)، السنة الخامسة، 26 ربيع الأول سنة 1359 /4 مايو سنة 1940، ص1، 11).

(9) جريدة الإخوان المسلمين اليومية، العدد (333)، السنة الثانية، 14 رجب 1366 هـ/3 يونيو 1947م، ص(4).

(10) كتاب الإسلام وأوضاعنا السياسية ،للشهيد عبد القادر عودة (نسخة الكترونية)

(11) مجلة الدعوة – العدد (46) – ربيع آخر 1400هـ / مارس 1980م

(12) قراءة في مسار حركة الإخوان المسلمين ،موقع الإسلام اليوم

(13) بيان الإخوان المسلمين بشأن قضاة مصر الشرفاء وضرورة استقلال السلطة القضائية ،موقع إخوان أون لاين

(14) حبيب يطالب بإصدار قانون السلطة القضائية ومنع حبس الصحفيين ،موقع إخوان أون لاين

(15) برنامج التحالف الإسلامي المصري عام 1987 (الإخوان المسلمون، حزب العمل، حزب الأحرار)

(16) منشورة على أكثر من موقع ومنها موقع "الجزيرة نت"

(17) منشورة على أكثر من موقع ومنها موقع"أون اسلام"

(18) برنامج حزب الحرية والعدالة .

(19) جريدة المصري اليوم

(20) موقع إخوان اون لاين ،07-03-2006

(21) موقع إخوان اون لاين10-03-2006

(22) تقرير للكتلة البرلمانية لنواب الإخوان حول أدائهم عام 2006. (5) موقع إخوان اون لاين 24-04-2007

(23)موقع إخوان اون لاين 26-04-2006

(24)موقع إخوان اون لاين 16-05-2006

(25) موقع إخوان اون لاين 17-05-2006

(26)موقع إخوان اون لاين 18-05-2006

(27) موقع إخوان اون لاين 18-05-2006

(28) موقع إخوان اون لاين 25-06-2006

(29) موقع إخوان اون لاين 27-06-2006

(30) تقرير للكتلة البرلمانية لنواب الإخوان حول أدائهم عام 2006 (غير منشور)

(31) تقرير للكتلة البرلمانية لنواب الإخوان حول أدائهم عام 2006 (غير منشور)

(32) موقع إخوان اون لاين 08-10-2011

(33) موقع إخوان اون لاين 2-10-2011