الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الإخوان المسلمون والحركة الطلابية في السبعينيات (الجزء الثاني)»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
سطر ١٦٩: سطر ١٦٩:


*[[الإخوان المسلمون والحركة الطلابية فى السبعينيات (الجزء الأول)]]
*[[الإخوان المسلمون والحركة الطلابية فى السبعينيات (الجزء الأول)]]
*[[الإخوان المسلمون والمشاركة البرلمانية (الجزء الثالث)]]
*[[الإخوان المسلمون والحركة الطلابية فى السبعينيات (الجزء الثالث)]]
   
   
[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]]
[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]]
[[تصنيف:أحداث صنعت التاريخ]]
[[تصنيف:أحداث صنعت التاريخ]]

مراجعة ٠٧:٥٢، ٢ يناير ٢٠١٣

الإخوان المسلمون والحركة الطلابية في السبعينيات (الجزء الثاني)

السعيد رمضان العبادى باحث تاريخي

مركز الدراسات التاريخية ويكيبيديا الإخوان المسلمين

مراحل تطور العمل الإسلامي بالجامعات

شهدت الحركة الطلابية في الجامعات المصرية في بداية السبعينات عدد من محاولات إنشاء التيار الإسلامي قبل الاستقرار على الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين

ويمكننا أن نلخص خطوات الحركة الدعوية الإسلامية بالجامعات على النحو التالي:

  1. مرحلة (القطاع الديني) في معسكر النشاط الصيفي العام.
  2. مرحلة (اللجنة الدينية) المنبثقة من اللجنة الثقافية باتحاد الطلاب.
  3. مرحلة (الجماعات الدينية).
  4. مرحلة (الجماعات الإسلامية)–(19731977).

وفيما يلي نلقي الضوء على تلك المراحل:

مرحلة القطاع الديني في معسكر النشاط الصيفي

كان المعسكر الصيفي من الوسائل المتبعة لحشد الشباب حول الفكر الحكومي، وفي كل إجازة صيفية يُعقد هذا المعسكر ويُقسم فيه الطلاب إلى قطاعات منها القطاع الديني إلى جانب القطاع الرياضي والقطاع الفني والقطاع الثقافي والقطاع السياسي ... إلخ.

ووسط هذا الحشد الطلابي المتنوع كان القطاع الديني في عام 1970-1971 يمثل موطن السخرية من ناحية الشكل والمضمون ...

ويقول د. السيد عبدالستار المليجى عن هذه المرحلة:

" في جامعة عين شمس كان المسئول عن القطاع الديني فتاة طالبة بكلية البنات!! تدعى صفاء نقف خلفها كل صباح في الطابور وكانت تتمايل أمامنا في الحركات الرياضية، في هذه المرحلة السنية الخطيرة، ودعك من تفاصيل أخرى حول القطاع الديني وطريقة معاملته بين القطاعات وما يطلق عيه من نكات وتهكمات، لقد كانت حقًا تجربةً قاسيةً على نفوسنا نحن القلة المتدينة التي قدمت إلى المعسكر منخدعة بالاسم (القطاع الديني).
وأما المعسكر فكان صورة للحياة الجامعية في ذلك الوقت فهو معسكر مشترك ومختلط بين فتيات وفتيان الجامعة، يمضون يومهم في البرامج وهم مشغولون عنها، فإذا جاء العصر حيث تنتهي فترات البرامج يجلس الجميع في الحديقة الواسعة على شكل شلل ومجموعات من البنين والبنات يتمازحون باللسان والأيادي والأرجل حتى ساعة متأخرة من الليل فيتوجهون كل إلى حجرته البنين في مبنى والبنات في المبنى الآخر.
وأما المادة الدينية التي كانت تقدم في معسكر القطاع الديني فكانت اجتهادات الطلبة المشتركين لبعضهم ومطالعاتهم الخاصة يتحاورون حولها في خيمة خاصة أعدت لهم وأذكر أننا كنا نتصارح معًا في هذه الخيمة الخاصة ونبدي استياءنا من الحالة العامة للمعسكر؛
وأذكر في هذه المرحلة أيضا أنَّ شابًا من كلية الطب هو الزميل عبد العزيز سويلم كان يتسلل إلى خيمتنا بعد العصر من كل يوم ويعلمنا قراءة القرآن وتجويده وكنا نتشرب المعلومات بسرعة بالغة حتى خرجنا بعد عشرة أيام ومعظمنا يجيد التلاوة بدرجة عالية، وأحسب أنَّ هذه كانت أكبر الفوائد التي تحققت لي شخصيا.ومن الفوائد الهامة أيضًا، أننا تعارفنا وتعاهدنا على أنْ تدوم صلتنا على طول العام المقبل.

وعمومًا تميزت هذه المرحلة بما يلي:

  1. قلة أعداد المتدينين إلى حد الندرة.
  2. لا توجد فتاة واحدة تغطي شعرها ولا شاب ملتحٍ.
  3. لا توجد مطبوعات إسلامية ولا محاضرات إسلامية.
  4. الصلاة لمن أراد ولم يشر إليها برنامج المعسكر.
  5. قيادات المعسكر وإدارته من اليساريين أو الناصريين مع صعوبة التفريق بينهما.
  6. العلاقات السائدة بين الأعضاء من الجنسين تحكمها تصورات ومبادئ غربية أو شيوعية.وكانت حالة الجامعة مطابقة تمامًا للتوصيف السابق على طول فترة العام الجامعي. (1)

مرحلة النشاط الديني المنبثق من اللجنة الثقافية (1972)

شهدت تلك المرحلة سعي الحكومة لمواجهة المد الشيوعي فقد أسست الحكومة خطتها في مقاومة هذا الاتجاه على أساس ضربه باتجاه آخر، وإنفاذًا لهذا المخطط اتخذت الحكومة عدة خطوات كان أهمها:

  1. اتصال الحكومة سرًا بالقلة المتدينة من الطلاب ومثل الدولة في هذه الاتصالات أ. د. أحمد كمال أبو المجد أ. د. صوفي أبو طالب وأ. د. رفعت المحجوب.
  2. رفع شعارات إسلامية والإعلان عنها والدعاية لها بأكبر قدر ممكن في أجهزة الإعلام ومن أشهر هذه الشعارات "دولة العلم والإيمان".
  3. الإفراج عن معتقلي الإخوان المسلمين.
  4. السماح لبعض علماء الإسلام بدخول الجامعة لإلقاء المحاضرات ومن هؤلاء الشيخ محمد الغزالي السقا والشيخ سيد سابق والشيخ إبراهيم عزت، ود. حامد حسين من علماء الأزهر،وترتب على ذلك تنشيط حقيقي للدعوة الإسلامية في الجامعات المصرية بدت مظاهره في المجلات الإسلامية وفي الدعاية الصريحة للعودة للإسلام وإعلان ذلك في المحاضرات العامة واللقاءات الخاصة مع الطلاب؛

وخلال عام 1973 اتسع النشاط الإسلامي ليشمل النواحي التالية:

  1. عقد حلقات تعليمية بالمسجد لتعليم قراءة القرآن ولعل أول ما طُبع بالجامعة في هذا المجال هي مذكرة علم التجويد.
  2. التفكير في إيجاد شكل منظم لإدارة العمل الإسلامي فوجد ما يسمى بمسئول حلقة التجويد ومسئول المسجد ومسئول الطالبات ومسئول الإعلام لعمل مجلات الحائط ... إلخ.
  3. المطالبة بأن تكون للإسلاميين حصة مالية في ميزانية الاتحاد.
  4. عمل قسم خاص بالمسجد كمصلى للطالبات.

مرحلة الجماعة الدينية عام 1973

لم تستغرق هذه المرحلة طويلا، كان عمرها حوالي ستة أشهر بدايةً من عام 1973 ولم تكن سوى مرحلة انتقالية من مراحل العمل الخائف المتوجس الذي لا يشعر بقوته الذاتية إلى مرحلة العمل الصريح للإسلام ومعاداة غيره والجهر بذلك؛

فكان الخروج من عباءة العمل فى إطار اللجنة الثقافية باتحاد الطلاب بمثابة مرحلة لجس النبض تجاه العمل في إطار مستقل بعيداً عن الاتحاد الذي يسيطر عليه اليساريين والحكوميين فكانت الجماعة الدينية تعتبر تلك محطة الانتقال من العمل في إطار الاتحاد لإطارٍ مستقلٍ، ومع الحرية الطلابية المتاحة في ذلك الوقت لم تستمر تلك المرحلة طويلاً فسرعان ما بدأت المجموعات الطلابية تتزايد وتنطوى تحت إطار شبه منظم وهو الجماعة الإسلامية الذى سنتحدث عنه لاحقاً .

وتبلور ذلك في جمع المسئولين عن الأنشطة الإسلامية بالمسجد تحت مسئول واحد أطلق عليه اسم الأمير وسمي هذا التكوين بالجماعة الدينية التي سرعان ما غيرت اسمها إلى الجماعة الإسلامية..

وذلك لعدة أسباب أوردها المليجى منها:

أولاً: أن الحركة التبشيرية في هذا الوقت كانت قد تصاعدت وذلك بتولي البابا شنودة رئاسة الأقباط في مصر، ووقعت أحداث الخانكة المشهورة والتي جرت على أثرها معركة بين المسلمين والنصارى.
ثانيًا: أن أجهزة الإعلام كانت ما تزال تضرب على وتر أن الأديان كلها صحيحة وأن ما عليه النصارى أو اليهود يسمى دينًا وله وجه من الصحة بينما الشباب الإسلامي يعتقد أن الدين عند الله الإسلام.
ثالثًا: رغبة الشبيبة الإسلامية أن تعود الأمة لاسمها الذي أراده الله لها (هو سماكم المسلمين من قبل).
من أجل ذلك لم يكتب لاسم الجماعة الدينية أن يستمر طويلا فتغير بعد ستة أشهر تقريبًا إلى "الجماعة الإسلامية" ذلك الاسم الذي دارت حوله الأحداث بعد ذلك. (2)

ويروي د. عبد المنعم أبو الفتوح "أحد رموز العمل الطلابي في تلك الفترة" عن واقع النشاط الإسلامي بالجامعات فيقول:

في العام نفسه الذي مات فيه ناصر عام 1970 كان التحاقي بالجامعة، كنت قد حصلت على مجموع كبير في الشهادة الثانوية، وكانت رغبة والدي أن أصبح طبيبًا فالتحقت بكلية طب القصر العيني بجامعة القاهرة، وأتذكر وقتها أنها كانت تخلو من أي نشاط إسلامي.
في هذه الفترة كانت التيارات القومية والناصرية واليسارية هي التي تسيطر على الجامعة واتحادات الطلاب فيها، وكانت أفكار هذه التيارات خاصة اليسارية بمثابة الصدمة لي ولأمثالي من الشباب البسيط المتدين.

ويضيف د.أبو الفتوح:

وقد حفزنا ذلك على أن نقرأ في القضايا التي كانوا يثيرونها مثل ادعائهم أنَّ الإسلام غير صالحٍ للحكم، فبدأنا نبحث عن الكتب التي تناقش هذه القضية، وكنا إذا أعيانا البحث توجهنا إلى العلماء والشيوخ نطلب منهم النصيحة وكان أقربهم إلينا الشيخ محمد الغزالي الذي كان يوجهنا وينصحنا بقراءة كتب إسلامية معينة يرى أنها تساعدنا على الرد على الشبهات التي تنال من الإسلام؛
وفي هذه الفترة عرفنا الطريق إلى المكتبات الإسلامية، فكنَّا نذهب للبحث عن الكتاب الإسلامي في مكتبات شارع الجمهورية مثل مكتبة المتنبى ومكتبة وهبة ومكتبة التراث الإسلامي، لكن كانت دائمًا تصادفنا في اقتناء هذه الكتب عقبة أوضاعنا المادية الصعبة، فغالبيتنا من أصول فقيرة أو متوسطة ليس لديها «ترف» اقتناء الكتب، فكنا نلجأ إلى التعاون والتنسيق حيث كان الثلاثة منا يشتركون معا ويشترون كتابا واحدًا.
ومع الوقت بدأنا نتجه إلى تنظيم حلقات قراءة القرآن الكريم وحفظه في مسجد الكلية، تعرفت وقتها على مجموعة من الطلبة المتدينين صاروا فيما بعد رموزًا وقيادات للعمل الإسلامي في الجامعة أذكر منهم: محمد يوسف وحسن عبدالفتاح وسناء أبو زيد وعبد الرحمن حسن... وفي هذه الفترة بدأ ينمو لدينا الاتجاه إلى تنظيم العمل بيننا.
وفي أول إجازة صيف بعد السنة الإعدادية بكلية الطب اجتمعنا معًا لنتناقش فيما ينبغى أن نعمله في العام الدراسي المقبل وكانت أهم العقبات أننا من مدن ومحافظات مختلفة ومتباعدة، بعضنا من أقصى الصعيد وبعضنا من شمال البلاد فتراسلنا بيننا للقاء فى القاهرة لبحث قضية العمل الإسلامي وأذكر أننى اضطررت وقتها لأن أرسل بخطاب للأخ سناء أبو زيد وكان من مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية في دلتا مصر لكى يلحق بنا في ذلك الاجتماع.
وكان أول اجتماع لنا فى جمعية رعاية مرضى القلب والروماتيزم التي كان يرعاها أستاذنا الدكتور عبد المنعم أبو الفضل الذي يمكن أن نعده من دون أي مبالغة من أهم من تولوا رعاية الحركة الإسلامية الوليدة، فقد كان بمثابة الأب الروحي لنا، وكانت اجتماعاتنا كلها بعلمه وبإذنه.

ويضيف أبو الفتوح:

كنا دائمًا ما نصطدم في نشاطنا هذا باتحاد الطلاب وقيادته المنتخبة التي كانت ترفض هذا الشكل البسيط من أشكال النشاط الديني في الجامعة وكانت تريد احتكار النشاط الطلابي وقد سعينا وقتها إلى الالتزام بالشكل القانوني فصرنا نعمل تحت لافتة (لجنة التوعية الدينية) التي أسسها أستاذنا الدكتور عبد المنعم أبو الفضل وكانت تابعة للجنة الثقافية في الاتحاد.
لم يكن لدى أي منا وقتها تصور معين أو رؤية دينية محددة... كنت وكل مجموعتنا تقريبًا من المتدينين بالفطرة وبحكم النشأة الاجتماعية المتدينة نزعتي للتدين كانت تأثرًا بوالدي رحمه الله الذي كان متدينًا بفطرته، وكذلك أمي التي كانت مثل أمهاتنا جميعًا بسيطة أمية لا تقرأ ولا تكتب لكنها متدينة بفطرتها، وعنهما ورثت التدين الفطري كالتزام الحلال واجتناب الحرام والمحافظة على الصلاة والعبادات والتمسك بالعادات والقيم الطيبة. (3)

مرحلة الجماعة الإسلامية

تمثل مرحلة "الجماعة الإسلامية" المرحلة الأخيرة قبل تحول الطلاب للعمل تحت جماعة الإخوان المسلمين وإن استمر الاسم ملازمًا لهم حتى الثمانينات تقريباً، وتمثل هذه المرحلة أحد أهم المراحل في تاريخ العمل الطلابي حيث أخذ العمل يتجه للشكل التنظيمي والتنسيقي بين الجامعات المختلفة

ففي عام 1974 قرر الشباب تغيير الاسم من الجمعية الدينية أو الجماعة الدينية إلى "الجماعة الإسلامية " ويقول د. عبد المنعم أبو الفتوح بخصوص اختيار اسم الجماعة الإسلامية

وكان سبب التسمية بسيطًا جدًا يعنى ليس له خلفية أكثر من أننا كنا نقرأ في كتب الأستاذ المودودي،وهو كان عامل مايسمى بالجماعة الإسلامية في باكستان، قلنا نأخذ اسم الجماعة الإسلامية، هذا اسم جميل ، أخذناه من كتب المودودي، ليس نتيجة تفكير عميق ولاحاجة، فلماذا نقول الجمعية الدينية؟ مانسميها الجماعة الإسلامية.. فأواخر 1973 سميت الجماعة الإسلامية. (4)

ويقول م. أبو العلا ماضي حول تلك المرحلة:

منذ انتشار وتنامي قوة الجماعة الإسلامية الطلابية الأولى قام قياديون من جماعة (الإخوان المسلمين) بمحاولات دؤوبة لضم رموز وقيادات مهمة من الجماعة الإسلامية إلى الإخوان،وقد حدث هذا تباعًا وفي السر حتى نهاية عام 1979م،
وقد كان أغلب وأهم رموز الجماعة الإسلامية الطلابية الأولى قد انضم للإخوان من قيادات القاهرة والإسكندرية،ووجه بحري والصعيد،وفي عام 1980م أعلن بعض رموز الإخوان قيامهم بضم قيادات مهمة من الجماعة الإسلامية إلى الإخوان ومن أهمهم د. عبد المنعم أبو الفتوح ود. عصام العريان ود. حلمي الجزار ود. محمد عبد اللطيف في القاهرة ود. محيي الزايط ود. السيد عبد الستار في جامعة عين شمس ود. إبراهيم الزعفراني والمهندس خالد داوود في الإسكندرية؛
والدكتور أنور شحاته (رحمه الله) (جامعة طنطا) والمهندس خيرت الشاطر (جامعة المنصورة) د. هشام الصولي (الإسماعيلية) ، والمهندس محي الدين عيسى وكاتب هذه السطور في المنيا بالصعيد؛
وقد نتج عن ذلك الإعلان شروع جناح من الجماعة الإسلامية الأولى في الصعيد يقوده كرم زهدي بالإسراع في تأسيس تنظيم حقيقي له جناح عسكري باسم "الجماعة الإسلامية"، وهي التي أسميها الجماعة الإسلامية الثانية أي تلك التي مارست العنف منذ نشأتها في نهاية عام 1980 م حتى وقوع حادثة الأقصر الشهيرة عام 1997 م وبعدها توقفت نتيجة مبادرة وقف العنف والمراجعات. (5)

ويشير أبو الفتوح إلى تميز تلك المرحلة بوضع إطار تنظيمي للعمل الطلابي الإسلامي فيقول:

في هذه الفترة بدأ الحديث في مسألة السمع والطاعة لأمير الجماعة الإسلامية، وهو المسؤول الأعلى في الجماعة؛ إذ لم نكن نسمي مسئول الجماعة الإسلامية بالرئيس بل بالأمير، وفي قضية الأسماء مثل غيرها من القضايا كانت تصرفاتنا عفوية وفطرية إلى حد كبير؛
فقد برز مصطلح (الجماعة الإسلامية) لأول مرة عام 1973 وكنت وقتها رئيس اتحاد طلاب كلية الطب، وكان اختياره عفويًا ومن دون قصد وكنا متأثرين في اختياره بقراءة كتب الأستاذ أبي الأعلى المودودي وكتب السيرة القديمة وما أتذكره أننا كنا نوقع على السبورة التي نكتب عليها الآيات والأحاديث باسم الجمعية الدينية..
وأذكر ذات مرة أنني وعبد الرحمن حسن كنا نكتب على السبورة آيةً أو حديثًا بتوقيع الجمعية الدينية فسألنا أنفسنا وكانت السنة الثالثة من العمل الإسلامي لماذا نكتب الجمعية الدينية ولا نكتب الجماعة الإسلامية؟وقررنا مباشرة تغيير الاسم وكنا متأثرين كما أسلفت بأبي الأعلى المودودي الذي كان يعرف بـ "أمير الجماعة الإسلامية" بباكستان، ثم سرى الاسم في بقية كليات الجامعة كلها بعد ذلك. (6)

ويضيف أبو الفتوح:

في عام 1974 أو 1975 قررنا أن نكوّن مجلسًا واحدًا لكل أمراء الجماعة الإسلامية في كليات جامعة القاهرة وننصب لهذا المجلس أميرًا، وقد جرت انتخابات بين أمراء الجماعة في جامعة القاهرة أسفرت عن اختيار أول أمير لمجلس أمراء الجامعة وهو الأخ عصام العريان من كلية طب قصر العيني، وهو ما جرى اتباعه في الجامعات الأخرى.
بعد ذلك وفي عام 1977 تجمع كل أمراء الجماعة الإسلامية في جامعات مصر كلها تحت اسم الجماعة الإسلامية في مصر، وانتخبت أول أمير لها وهو الأخ حلمي الجزار من كلية طب قصر العيني أيضا فقد كانت معقلا للحركة الإسلامية الجديدة.
كنا لا نتوقف عن التنقل بين الجامعات للتواصل بين القيادات، وكنا نقضي الصيف كله في التنظيم لهذه اللقاءات أما تمويل تحركنا الشخصي لكي ننتقل ونرى بعضنا فكان بالتبرع فيما بيننا، حتى أننا كنا في بعض الأحيان لا نجد ما ندفع به أجرة الدرجة الثانية في القطار فنضطر لركوب الدرجة الثالثة، وإذا لم تكفِ النقود لسفر ثلاثة اكتفينا بأن يسافر اثنان ويبقى الثالث. (7)

ويقول د. عصام العريان القيادي الإخواني وأحد الرموز الطلابية لمرحلة السبعينيات:

دخلت كلية الطب بالقصر العيني في عام 1971م، وبدأت مع عدد من زملائي ترتيب أماكن الصلاة، وكان هناك بالجامعة بعض الطلاب المتدينين الذين سبقونا في النشاط، وكان يرعاهم الدكتور محمد عبد المنعم أبو الفضل؛
وكان يطلق على تلك المجموعة الجماعة الدينية، وكان نشاطها يقتصر على إقامة الندوات، إلا أننا لم نكتفِ بذلك بل بدأنا تداول الكتب والمذكرات الدينية، وساهم وجودنا في القصر العيني في الاحتكاك بالمعتقَلين السياسيين، الذين كانوا يقيمون في معتقل المرضَى خلال هذه الفترة، وحينما تبلور تفكيرنا في عام 1972-1973م بدأت الحاجة لوجود نشاط أوسع، وكان الاسم هو المشكلة، وجلسنا نتباحث حيث وجدنا اسم الجماعة الإسلامية أكثر تقاربًا مع فكرنا.
وكان الدكتور عبد الرحمن حسن هو أول رئيس لتلك الجماعة، وبدأنا التفكير نتيجة اتساع النشاط في استضافة طلاب من جامعات أخرى، وكان التوافق الأكبر مع جامعة الإسكندرية التي سارت في نفس اتجاهنا دون اتفاق مسبق، وبدأنا تنسيق نشاطنا، وكان هناك توجه في أن يتولى اللجنة الثقافية لاتحاد الطلاب أحد المتدينين؛
ولأن إدارة الجامعة كانت تتعنَّت مع الطلاب خاصةً فيما يتعلق بالميزانية فكرنا في الترشح على مقاعد الاتحاد كله، وفي نفس التوقيت أرادت اللجنة الثقافية في عدد من الكليات إقامة معسكرات، وكان ذلك في صيف عام 1971م على مستوى الجامعة كلها، ومن هنا بدأ نوع من تبادل الخبرات واصطدمنا بالشغب الذي حدث في الجامعة وقتها، ولكننا لم نتدخل فيه. (8)

وإجمالاً فقد مارس الإسلاميون خلال تلك المرحلة كل ماهو مألوف من أنشطة تضمنت مثلاً:

معرض الكتاب الإسلامي، معرض الزي الإسلامي، إقامة صلاة الجماعة في مسجد أو مصلى الكلية، الدعوة الإسلامية، توزيع أوراق من القطع الصغير بها آيات قرآنية وأحاديث ومواعظ موجزة، الدعوة للحجاب والنقاب وكل ماشمله في نظرهم تعبير "لباس المرأة في الإسلام" والتوجيه نحو تغيير طابع الجامعة المختلط إلى الطابع "الإسلامي".
ومارسوا كذلك أنشطة أقل انتشاراً في العقود الأخيرة وكانت على ما يبدو أكثر رواجاً في السبعينيات ومن ذلك كانت مجلات الحائط الإسلامية، والجدل المستمر مع الطلبة اليساريين وغيرهم في انتخابات اتحاد الطلاب، والمشاركة في مظاهرات مناهضة لسياسات الدولة، كانت أشهرها وأعنفها المظاهرات المناهضة لمعاهدة السلام؛
واستضافة مصر لشاه إيران ومنها ماهو موروث من الستينيات وماقبلها مثل إقامة المخيمات الإسلامية في الصيف ودعوة كبار رموز الإسلاميين وعلماء الأزهر للخطابة في مناسبات وندوات متعددة، وتفاوتت كثرة الأنشطة ونوعيتها وفقاً لتفاوت حجم الحرية المسموح به في كل عام وكذلك حسب التغيرات السياسية.
وتشابهت الأنشطة في جامعات القاهرة والجنوب في معظم الأحيان ولكنها اختلفت في نوعيتها وآثارها في أحيان أخرى، فبينما كانت المواجهات مع اليساريين في القاهرة محدودة في نطاق المعارك الكلامية وعلى صفحات مجلات الحوائط ، مؤدية إلى تمزيق متبادل لمجلات الإسلاميين واليساريين على السواء، كان الخلاف فى الجنوب يصل إلى حد الضرب أحياناً.

المراجع

  1. د. السيد عبد الستار المليجي، تجربتي مع الإخوان من الدعوة إلى التنظيم السري، الزهراء للإعلام العربى،ص 126
  2. السيد عبد الستار المليجي، تجربتي مع الإخوان من الدعوة إلى التنظيم السري، الزهراء للإعلام العربى،ص 128
  3. عبد المنعم أبو الفتوح شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية فى مصر 1970-1984، حسام تمام، دار الشروق ص 34
  4. د. سلوى العوَّا ، الجماعة الإسلامية في مصر ، مكتبة الشروق الدولية ، القاهرة ،2006 صـ 68.
  5. أبوالعلا ماضي، دور القرضاوي في ترشيد الصحوة الإسلامية في أوساط جيل السبعينات
  6. عبد المنعم أبو الفتوح شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية فى مصر 1970-1984 ، حسام تمام، دار الشروق ص 47
  7. عبد المنعم أبو الفتوح شاهد على تاريخ الحركة الإسلامية فى مصر 1970-1984 ، حسام تمام، دار الشروق،ص 49
  8. شهادة دكتور عصام العريان عن نشأة التيار الإسلامي بالجامعات المصرية

إقرأ إيضا