الإخوان المسلمون وحزب الوسط

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان المسلمون وحزبُ الوَسَط .. العلاقات التاريخية

إعداد: موقع إخوان ويكي (ويكيبيديا الإخوان المسلمين)

بقلم : محمد الصياد

تمهيد

شعار حزب الوسط.jpg

حزب الوسط الجديد الذي هو محسوب علي الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية ، له علاقة تاريخية بالإخوان المسلمين ، ونعني بالعلاقة هنا أنه خرج من عباءة الجماعة ، وينتمي إليها فكريا وأيدلوجيا .

وظل التعاون بينه وبين الجماعة ردحا من الدهر ولا زال ثمة تعاونا بين الجماعة والحزب في أمور كثيرة سوف نقف عليها في هذه الوريقات .

نشأ حزب الوسط الجديد بوساطة مجموعة من شباب جماعة الإخوان المسلمين . ولم يكن مشروعهم بمنأى عن الجماعة الأم وإن أعلنوا استقلالهم التنظيمي فيما بعد .

وقد تقدم أبو العلا ماضي في شهر ديسمبر 1995م ، بأوراق حزب الوسط إلي الجهات المختصة وكان ذلك بعلم ومباركة جماعة الإخوان المسلمين كما قال أبو العلا ماضي نفسه بأن المبادرة بتأسيس الحزب لم تأت منقطعة الصلة بجماعة الإخوان بمعني تنظيمي أو بمعني فكري .

وقال ماضي بأنّ قيادات الجماعة كانت علي علم مسبق بهذه الخطوة.

ويذكر أبو العلا ماضي أن محمد مهدي عاكف –مرشد الإخوان- كان في ذلك الوقت المشرف علي قسم المهنيين وقمنا –شباب الوسط- بزيارة في منزله وأعطيناه فكرة وقال لنا سنناقش الأمر في مكتب الإرشاد وبعد اجتماع المكتب قال لنا : اعملوا حزب أو اثنين أو ثلاثة ، وقرأنا الفاتحة علي ذلك .

ومعنى ذلك أن مكتب الإرشاد أقر الفكرة كما سيأتي بعد قليل.

كذلك كانت ثمة علاقة أيدلوجية تفوح من رفع حزب الوسط الشعار التاريخي والتقليدي لجماعة الإخوان المسلمين "الإسلام هو الحل" ، وقال أبو العلا ماضي تعليقا علي هذا الشعار :

اعتقادنا الراسخ في شعار الإسلام هو الحل ، وأن حزب الوسط هو ترجمة برنامجية للشعار .
وقال بأن مؤسسي الوسط لا يمانعون انضمام أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين للحزب .

وبالفعل قد انضم بعضهم للحزب حتى حدث الخلاف بين الجماعة والحزب فانسحب أعضاء الجماعة من الحزب.

ونري في وضوح لا لبس فيه أن أعضاء الوسط لم يتخلوا عن عقيدتهم الإخوانية ولم يخرجوا من العباءة الفكرية للجماعة أو يتمردوا عليها .

هذا بالنسبة لكلام أبي العلا ماضي في علاقة حزبه الوطيدة التنظيمية والأيدلوجية بجماعة الإخوان المسلمين .

ونسوق بعض الأدلة من كلام الإخوان أنفسهم التي تعضد هذه العلاقة التاريخية بل علاقة التوأمة التي كانت بين الإخوان والحزب .

قال الأستاذ مصطفي مشهور رحمه الله ، عندما سُئل عن علاقة الإخوان بالوسط وسبب إنكار شباب الوسط لهذه العلاقة ، قال :

هذا كلامٌ يقولونه لدرء الشبهات لأن الحكومة تعلن أن جماعة الإخوان جماعة غير شرعية ، وتقول أنه لا يوجد ما يسمي بتنظيم الإخوان المسلمين في مصر وهؤلاء الشباب يريدون أن يدفعوا عن أنفسهم كونهم ينتمون لتنظيم غير شرعي ، حتى يحظي حزبهم بالقبول ، ولكنهم لم ينسلخوا عنا وما زالوا أعضاء في تنظيم الإخوان المسلمين ..جريدة الأهالي 7 فبراير 1996
ويقول: نحن لم نحظر علي الشباب أن يتحرك، وهم قالوا نؤسس حزبا لأن الحكومة لا تعترف بشرعية الجماعة، ونحن كشيوخ داخل الجماعة لم نحظر عليهم تلك الخطوة ، والتزام هؤلاء الشباب بالجماعة أصل وتصرفاتهم مجرد اجتهاد، وهم لا ينوون الانعزال عن الجماعة أو الانشقاق عنها، ورأوا أنها قد تكون وسيلة للعمل لكنها لا تعني الانفصال عن الجماعة ..مجلة المختار الإسلامي 5 مارس 1996م

وقال في تصريح آخر عن علاقة الإخوان بحزب الوسط ، لوكالة الصحافة الفرنسية :

أن بعض الشباب من الإخوان فكروا في إنشاء حزب حتي نتحرك بشكل قانوني، وهذه المرة الأولي التي تنوي فيها جماعة الإخوان المسلمين إنشاء حزب منذ تأسيسها في العام 1928م ..جريدة الشرق الأوسط اللندنية 21فبراير 1996م

وفي شهر فبراير 1996م قال المستشار مأمون الهضيبي المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين حينئذ :

إن شباب الإخوان قد تم لهم الإذن بذلك .. مجلة اليسار عدد فبراير 1996م

وقال الأستاذ عاكف: بأن الجماعة كانت صاحبة فكرة الوسط وقد كلفه مكتب الإرشاد بتأسيس الوسط .

وإذا تأملنا في الأقوال الآنفة لقيادات جماعة الإخوان المسلمين سوف نجد أن جلها كانت في شهر فبراير 1996م ، أي بعد تقديم أوراق الحزب بشهر واحد ، ولم نري أي إنكار رسمي من شباب الوسط علي هذه التصريحات بل وجدنا إقرارا من وكيل المؤسسين كما سبق أن ذكرنا .

لكن بعد هذا التاريخ اشتدت الوطأة الأمنية علي الجماعة وعلي كل من ساهم أو شارك في فكرة حزب الوسط فاضطرت الجماعة بقيادتها التاريخية وخبرتها الحياتية أن تُنقذ هؤلاء الفتيان من قبضة الأمن فأنكرت صلتها بالحزب من الأساس .

فقال المرشد لجماعة الإخوان المسلمين الأستاذ الفاضل مصطفي مشهور في شهر مارس 1996م :

لا علاقة للإخوان المسلمين بالمجموعة التي سعت لإنشاء حزب الوسط وأنه لا تربطهم بالجماعة صلة تنظيمية .. مجلة الحوادث اللبنانية 8 مارس 1996م

وعلي الرغم من نفي المرشد تلك الصلة بين الجماعة والحزب إلا أن جهاز مباحث أمن الدولة قام باعتقال مجموعة من قادة الإخوان والحزب كان علي رأسهم محمد مهدي عاكف ومصطفي الغنيمي وأبو العلا ماضي وعصام حشيش ومجدي فاروق ، بعد اجتماع في بيت حسن مالك ، بتهمة التحايل علي الشرعية وتكوين حزب ليكون واجهة للجماعة ، وقاموا بتغييرها إلي محاولة تكوين تنظيم غير مشروع وأصدر رئيس الجمهورية حسني مبارك آنذاك قرارا بإحالتهم إلي المحكمة العسكرية بعدها بشهر ونصف ، وحصل المؤسسون الثلاثة ورشاد بيومي علي براءة وحُكم علي سبعة آخرين من قادة الإخوان .

ولم تتم الموافقة علي الحزب في بادئ الأمر ، ثم دخل المؤسسون في دوامة لجنة الأحزاب من سنة 1998م ، حتى سنة 2004م ، يقول أبو العلا ماضي عن هذه الفترة :

الأستاذ أبو العلا ماضي رئيس حزب الوسط
كانت الفكرة فى هذا الوقت قد تبلورت واختلفت عن ذي قبل ودخل معنا عدد من الشخصيات مثل عبد الجليل مصطفى وشاركونا فى صياغة برنامج أكثر تطورا وتقدمنا به فى 2004 وكالعادة رفضت لجنة شئون الأحزاب وذهبنا إلى المحكمة وفوجئنا بتقرير يوصى بالموافقة لكنهم للأسف تعاونوا مع بعض رؤساء الكنائس المحليين الذين ضغطوا على مؤسسى الحزب الأقباط حتى سحبوا توكيلاتهم وأرسلوها لصفوت الشريف وهذا الكلام غير قانونى لأنه مافيش حزب يشترط أنه يكون فيه أعضاء مسيحيون وقدمنا توكيلات لشخصيات مسيحية أخرى، وأعلن عدد من الشخصيات تضامنها معنا مثل جورج اسحق وأمين اسكندر، ورأت المحكمة أنه ليس سببا كافيا للرفض وظل رئيس المحكمة يؤجل حتى تمت إحالته على المعاش،، وخلال تداول الجلسات صدر تعديل قانون الأحزاب فى يونيو 2005، الذى قضى بزيادة عدد المؤسسين ورفضت المحكمة الحزب لأن القانون تغير .
ويتابع ماضى: «اضطررنا لإعادة التقديم بنفس الاسم فى مايو 2009، كنا نعلم الأجواء فى ظل هذا النظام ولم يكن لدينا ميل للاستعجال لدرجة أن رئيس المحكمة شعر بأننا نماطل».
«لم نكن نتوقع اندلاع ثورة لكن كان هناك أمل فى القاضى الذى ينظر القضية، وقررنا تنظيم مظاهرة فى الشارع، للاحتجاج وجهزنا لافتات على مداخل المقر استباقا لجلسة الحكم، حتى كانت المفاجأة الكبرى باندلاع ثورة 25 يناير التى غيرت مجرى الأمور وصدر الحكم لصالحنا بعد 15 عاما».


قصة النشأة لحزب الوسط

ويمكننا أن نلخص قصة النشأة لحزب الوسط كالآتي:

  • بدأت فكرة مشروع حزب الوسط نتيجة لتطورات فكرية لمجموعة من شباب الحركة الإسلامية في مصر رأت أنه بات من الضروري تكوين تجربة حزبية سياسية مدنية تترجم المشروع الحضاري العربي الإسلامي، وإلتقت مجموعة من هؤلاء في نهاية عام 1995 على أن يترجموا هذه الفكرة إلى مشروع واختاروا له اسم " حزب الوسط"، وانتهت هذه المجموعة من صياغة البرنامج، وتم جمع عدد من المؤسسين ضم عدد من المسيحيين والسيدات، وتقدمت فعلاً في 10 يناير 1996 بطلب تأسيس الحزب إلى لجنة شئون الأحزاب، وقوبل هذا الطلب بالرفض.
  • في يوم 26/5/1996 قدم الدكتور محمد سليم العوا بصفته المحامي الأصلي لوكيل المؤسسين طعنا في قرار لجنة الأحزاب أمام محكمة الأحزاب.
  • وتم تداول القضية أمام محكمة الأحزاب حتى صدر حكم المحكمة بالرفض في 9/5/1998، بعد أقل من يومين من تاريخ الرفض أي في يوم 11/5/1998 تقدم وكيل مؤسسي حزب الوسط بطلب جديد بمشروع وبرنامج جديد باسمحزب الوسط المصري والذي ضم عدد أكبر من المؤسسين الجدد عن المرة الأولى.
  • نجح المؤسسون في رسم صورة واضحة عن المشروع من حيث استقلاله عن "الإخوان المسلمين" وسعيه لأن يكون حزب مدني ذو مرجعية إسلامية ومستقل ويعبر عن شريحة واسعة من المواطنين المصرين بشكل أوسع من فكرة جماعة دينية دعوية.
  • وتم رفض المشروع أيضا من لجنة الأحزاب وتقدم المؤسسون إلى محكمة الأحزاب التي لم يمهل رئيسها المحامين والمؤسسين الوقت المطلوب للدفاع وأصر على الحكم في أخر جلسة له في المحكمة ليخرج من الخدمة القضائية بعدها وبالطبع كان الحكم رفض قيام الحزب.
  • لم يستكين أو يستسلم مؤسسو فكرة حزب الوسط عقب الحكم. بل ساهموا في كل الأنشطة السياسية والثقافية والفكرية والحوارية سواء على المستوى المحلي (في مصر) أو العربي والدولي وذلك تمهيدا لمرحلة جديدة في مسيرته.
  • تطورت أفكار المؤسسين ونضجت أكثر مع الوقت حتى تم بلورة المشروع الأخير باسم حزب الوسط الجديد" وتم التقدم به رسميا يوم 17 /5 / 2004 وقد ضم عدد أكبر من المؤسسين من المحاولتين الأولتين، المحاولة الأولى 74 مؤسسا والمحاولة الثانية 93 مؤسسا والمحاولة الثالثة 200 مؤسس منهم 7 أقباط و44 فتاه وسيدة.
  • وضم في هذه المرة عدد من الرموز الفكرية والسياسية والثقافية المهتمة أمثال المفكر الكبير د.عبد الوهاب المسيري والسياسي المخضرم فكري الجزار الملقب بشيخ المستقلين في البرلمان المصري لعدة دورات وعدد من أساتذة الجامعات والقضاة والمحامين والمهنيين ورجال الأعمال والعمال والفلاحين 0000 الخ.
  • كعادتها رفضت لجنة الأحزاب الحزب بحجة عدم تقديمه للجديد في برنامجه.
  • وبناء على هذا تقدم حزب الوسط بطعن على قرار اللجنة أمام محكمة الأحزاب بمجلس الدولة.
  • تم تداول الطعن أمام محكمة الأحزاب والتي قامت بدورها بإحالته إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني، وقد انتهت تلك الهيئة برئاسة المستشار/ فريد نزيه تناغو نائب رئيس مجلس الدولة إلى رأى الحق والقانون معاً، إذ أوصى بضرورة إلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية المطعون عليه وما ترتب عليه من أثار أخصها تمتع حزب الوسط الجديد بالشخصية الاعتبارية، وقد رأى سيادته أن برنامج حزب الوسط الجديد متميزاٌ عن سائر الأحزاب القائمة تميزاً ظاهراً.
  • حين فوجئ محامو الحكومة بنتيجة التقرير على الوجه السالف، شككوا فيه وطلبوا إعادته مرة أخرى فلم تستجب لهم المحكمة، وحجزت الدعوى للحكم بجلسة 4/2/2006م.
  • وفي جلسة /4/2006م وفى خطوة غبر متوقعة أعيدت الدعوى للمرافعة لجلسة 3/6/2006م وذلك بسبب ما قدم إليها من طلب الحكومة التي ضغطت على سبعة أقباط مؤسسين لإلغاء توكيلاتهم وانسحابهم من الحزب. ولقد اصدر الحزب بيان بهذا الصدد.
  • وفي يوم السبت الموافق 19 فبراير 2011 قضت دائرة شئون الأحزاب برئاسة المستشار محمد عبد الغنى، رئيس مجلس الدولة، بالسماح بإنشاء حزب الوسط الجديد، وإلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب الصادر في 16 أغسطس 2009 بالاعتراض على تأسيس حزب الوسط الجديد، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها تمتع الحزب الشخصية الاعتبارية وممارسة نشاطه السياسي ، اعتباراً من اليوم من تاريخ صدور هذا الحكم.


الخلاصة

مرت فكرة إنشاء حزب الوسط بمراحل عدة يمكن تلخيصها فيما يلى:

1:1- بدأت فكرة مشروع حزب الوسط نتيجة لتطورات فكرية وخبرات عملية لمجموعة من شباب الحركة الإسلامية في مصر رأت أنه بات من الضروري تكوين تجربة حزبية سياسية مدنية تترجم المشروع الحضاري العربي الإسلامي بعد أن خاضت هذه المجموعة تجارب في العمل العام بدءا من الحركة الطلابية في السبعينيات في الجامعات المصرية مرورا بالعمل النقابي في النقابات المهنية منذ منتصف الثمانينات حتى منتصف التسعينات من القرن العشرين وكذلك الخبرات الأخرى في المجالس المحلية والعمل البرلماني 0000الخ.

2- التقت مجموعة من هؤلاء في نهاية عام 1995 على أن يترجموا هذه الفكرة إلى مشروع واختاروا له اسم "الوسط" من بين خيارات كثيرة .
3- انتهت هذه المجموعة من صياغة البرنامج. وتم جمع عدد من المؤسسين ضم عدد من الأقباط المسيحيين وعدد من الفتيات والنساء وتقدمت فعلا في 10 يناير 1996.
4- قامت ضجة إعلامية كبيرة حول الحزب في كل وسائل الإعلام، و ثارت تساؤلات حول أهداف الحزب ومعنى مرجعيته الإسلامية.
5- في يوم 13/5/1996 أصدرت لجنة الأحزاب بمجلس الشورى قرارا برفض قيام حزب الوسط.
6- في يوم 26/5/1996 قدم الدكتور محمد سليم العوا بصفته المحامي الأصلي لوكيل المؤسسين طعنا في قرار لجنة الأحزاب أمام محكمة الأحزاب.
7- تم تداول القضية أمام محكمة الأحزاب حتى صدر حكم المحكمة بالرفض في 9/5/1998
8- بعد أقل من يومين من تاريخ الرفض أي في يوم 11/5/[1998] تقدم وكيل مؤسسي حزب الوسط بطلب جديد بمشروع وبرنامج جديد باسم "حزب الوسط المصري" و الذي ضم عدد أكبر من المؤسسين الجدد عن المرة الأولى.
9- نجح المؤسسون في رسم صورة واضحة عن المشروع من حيث استقلاله عن "الإخوان المسلمين" وسعيه لأن يكون حزب مدني ذو مرجعية إسلامية ومستقل ويعبر عن شريحة واسعة من المواطنين المصرين بشكل أوسع من فكرة جماعة دينية دعوية .
10- تم رفض المشروع أيضا من لجنة الأحزاب وتقدم المؤسسون إلى محكمة الأحزاب التي لم يمهل رئيسها المحامين والمؤسسين الوقت المطلوب للدفاع وأصر على الحكم في أخر جلسة له في المحكمة ليخرج من الخدمة القضائية بعدها وبالطبع كان الحكم رفض قيام الحزب.
11- لم يستكين أو يستسلم مؤسسو فكرة حزب الوسط عقب الحكم.
بل ساهموا في كل الأنشطة السياسية والثقافية والفكرية والحوارية سواء على المستوى المحلي (في مصر) أو العربي والدولى وذلك تمهيدا لمرحلة جديدة فى مسيرته.
12- تطورت أفكار المؤسسين ونضجت أكثر مع الوقت حتى تم بلورة المشروع الأخير باسم "حزب الوسط الجديد" وتم التقدم به رسميا يوم 17 /5 / 2004 وقد ضم عدد أكبر من المؤسسين من المحاولتين الأولتين، المحاولة الأولى 74 مؤسسا والمحاولة الثانية 93 مؤسسا والمحاولة الثالثة 200 مؤسس منهم 7 أقباط و44 فتاه وسيدة.
وضم فى هذه المرة عدد من الرموز الفكرية والسياسية والثقافية المهتمة أمثال المفكر الكبير د.عبد الوهاب المسيري والسياسي المخضرم فكري الجزار الملقب بشيخ المستقلين في البرلمان المصري لعدة دورات وعدد من أساتذة الجامعات والقضاة والمحامين والمهنيين ورجال الأعمال والعمال والفلاحين 0000 الخ.
13- كعادتها رفضت لجنة الأحزاب "غير الدستورية" الحزب بحجة عدم تقديمه للجديد في برنامجه.
وبناء على هذا تقدم حزب الوسط بطعن على قرار اللجنة أمام محكمة الأحزاب بمجلس الدولة.
14- تم تداول الطعن أمام محكمة الأحزاب والتي قامت بدورها بإحالته إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني، وقد انتهت تلك الهيئة برئاسة المستشار/ فريد نزيه تناغو(القبطي) نائب رئيس مجلس الدولة إلى رأى الحق والقانون معاً، إذ أوصى بضرورة إلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب السياسية المطعون عليه وما ترتب عليه من أثار أخصها تمتع حزب الوسط الجديد بالشخصية الاعتبارية، وقد رأى سيادته أن برنامج حزب الوسط الجديد متميزاٌ عن سائر الأحزاب القائمة تميزاً ظاهراً.
15- حين فوجئ محامو الحكومة بنتيجة التقرير على الوجه السالف، شككوا فيه وطلبوا إعادته مرة أخرى فلم تستجب لهم المحكمة، وحجزت الدعوى للحكم بجلسة 4/2/2006م.
16- في جلسة 4/2/2006 قررت المحكمة مد أجل الحكم لجلسة 1/4/2006م
17- في جلسة /4/2006م وفى خطوة غبر متوقعة أعيدت الدعوى للمرافعة لجلسة 3/6/2006م وذلك بسبب ما قدم إليها من طلب الحكومة التي ضغطت على سبعة أقباط مؤسسين لإلغاء توكيلاتهم وانسحابهم من الحزب. ولقد اصدر الحزب بيان بهذا الصدد .


الخلاف بين الإخوان والوسط

وفي فترة ما بين الإعلان عن الحزب حتى الاعتراف به كانت قد حدثت بعض الخلافات بين شباب الوسط وجماعة الإخوان المسلمين ، وهذه الخلافات ليست أيدلوجية ، لأن أيدلوجية الوسط لا تختلف كثيرا عن أيدلوجية جماعة الإخوان المسلمين كما سبق وأن بينا .

لكن الخلاف كان تنظيميا ليس أكثر بدأ بانسحاب بعض الإخوان المسلمين من حزب الوسط لأسباب كثيرة ربما يختلف المراقبون في رصدها بل وربما تختلف هذه الأسباب من شخص لآخر .

إلا أن مؤسسي الوسط ظنوا أن الجماعة فرضت هذا فرضا علي أعضائها فحدث الخلاف الذي لا يرقي لأن يكون خلافا لتيارين متضادين أو متناطحين ، ولا يرقي كذلك ليوصف بالخلاف الفكري والمنهجي في لب العمل وجذور الأولويات ، بل لا يعدو كونه خلافا حول عما هو أولي في مرحلة ما ، وهو أقرب للخلاف التنظيمي من الخلاف المنهجي الأيدلوجي ، وهذا وارد في أي عمل جماعي ، سيما إذا كان قابل للأخذ والرد والقبول والرفض وقائم في الأساس علي الاجتهادات وتقويم الأولويات وليس فيه نص قاطع كما هو الحال في أي عملية سياسية .

كذلك هناك خلاف بين الوسط والإخوان حول الأولويات فحزب الوسط اعتبر من نفسه حزبا سياسيا لا مجال له في الدعوة وسحب نفسه من ميدان الدعوة تماما .

في حين أن الإخوان المسلمين لا يرون ضيرا ولا تعارضا بين ممارسة الدعوة وممارسة السياسة في ذات الوقت ، بل إن هذا منهجا ومبدأ ثابتا ، أن الدعوة لا تنفصم عن السياسة .

لأن السياسة هي رعاية مصالح الجماهير والدعوة وإرشاد الخلائق من أهم مصالح الجماهير ، كذلك الرعاية المجتمعية والقوافل الطبية وكل ذلك من مصالح الجماهير ولا ينبغي أبدا أن يتنازل الإخوان عنها لصالح العمل الحزبي السياسي المحض ونري أن الوسط قد جانبه الصواب في ذلك .

وإذا تناولنا أنموذج آخر من هذه النماذج التي كانت مثار خلاف بين الفريقين مثل مصطلح الدولة المدنية الذي تحفظ عليه الإخوان في بادئ الأمر ثم استخدموه كما يقول عصام سلطان في اليوم السابع .

والرد علي هذا سهلٌ ميسور ، وهو أن هذه المصطلحات الوافدة علي ثقافتنا وهويتنا والتي تحتمل عدة معان ودلالات في وقت واحد تحتاج إلي دقة وتأن وعدم مسارعة في رفضها أو اعتناقها .

ومصطلح المدنية لا زالوا يختلفون في مدلوله إلي الآن .

وبعض التيارات تجعله والعلمانية أو اللادينية قرينان ، وتيارات أخري تجعل منه رديفا للتنوير والتقدمية والنهضوية ، والبعض يعتبره مركبا من قيم مجتمعية حضارية يشمل في بوتقته الديمقراطية والحرية وما أشبه ، فكان من الطبيعي أن يتوقف الإخوان عن استخدامه حتى اتضحت الأمور وصار يقصد به ما هو ضد الدولة الثيوقراطية الكهنوتية وما هو ضد الدولة العسكرية أو البوليسية .


الالتقاء الأيدلوجي بين الإخوان والوسط

قلنا بأن رواد الوسط ومؤسسيه تربوا ونشئوا في حظيرة الإخوان المسلمين ورفعوا شعار الإسلام هو الحل ، ولم ينفصلوا يوما عن الإخوان في المواقف الثابتة والرؤى الواضحة نعني الأصول والثوابت بل وأقر قادة الوسط بذلك فقال أبو العلا ماضي :

إننا سوف نتعاون مع الإخوان المسلمين في المرحلة القادمة ، فإذا كنت سأقبل بالتعاون مع الاتجاهات الفكرية المختلفة فكيف أرفض التعاون مع التيار الذي ينتمي لنفس الأيدلوجية الخاصة بي.
والتعاون غير الاندماج ، فالتعاون في إطار لعبة الديمقراطية وارد ما دام لن يؤثر علي توجهاتنا واستقلالية كياننا .

وبعد تأسيس حزب الوسط قال الكتاتني –المتحدث الإعلامي باسم الإخوان- في حوار مع اليوم السابع :

إننا نتمني أن يكون الوسط إضافة للحياة السياسية ولا يغير هذا من رصيد الإخوان شيئا رغم الخلفيات الإخوانية لبعض مؤسسي الوسط معتبرا أن الإخوان والوسط ليسا متطابقين وفي ذات الوقت ليسا علي عداء أو تناقض ، واختلافهما اختلاف تنوع ، وإن الساحة تتسع للعديد من الأحزاب ذات الخلفية والتوجه الإسلامي .
وهذا دليل أن أيدلوجية الإخوان والوسط ليست متناقضة وأن الاختلاف القائم بينهما اختلاف تنوع وليس تضاد وهو ما أشرنا إليه .
فالأيدلوجية واحدة كما يقول أبو العلا ماضي ، والعلاقة لم تنفك يوما ما وكيف تنفك علاقة حتمية بالتاريخ والواقع وهي أشبه بعلاقة التبني .
هذه هي العلاقة التاريخية بين الإخوان والوسط وكيف كانوا تنظيما واحدا وأيدلوجية واحدة ، حتى صاروا أيدلوجية واحدة وتنظيمين مختلفين لكن يبقي التعاون بينهما قائما إلي الآن ، وتبقي جماعة الإخوان المسلمين بقادتها المحنكين ورجالاتها المؤسسين تعتبر الوسط ابنا من أبنائها ورسالة من رسائلها التي حملت الخير والهداية للعالمين حتى ولو أنكر المغرضون