الإخوان المسلمون وشبح المحاكمات العسكرية المستمر

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٧:٤٥، ١٦ أبريل ٢٠١٠ بواسطة Rod (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب'<center>'''الإخوان المسلمون وشبح المحاكمات العسكرية المستمر'''</center> *'''بقلم : عبده مصطفى دسوقي''' [[مل…')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان المسلمون وشبح المحاكمات العسكرية المستمر
  • بقلم : عبده مصطفى دسوقي
إعتقالات جديدة ومحاكمات جديدة

في مثل هذه الأيام من شهر أبريل من عام 2008م أصدرت المحكمة العسكرية المصرية حكمها على رجالات مصر الشرفاء الذي عملوا من اجل الإصلاح والتغيير والذين تصدوا للفساد بالمنهج السلمي، فما كان جزاءهم إلا الاعتقال ومصادرة أموالهم وشركاتهم وتقديمهم للمحاكمات العسكرية الغير قانونية لتصدر حكمها على عدد منهم بعشر سنوات وبعضهم بسبع سنوات وآخرين ما بين خمس وثلاث سنوات دون تهمة واضحة أو ذنب اقترفوه سوى العمل من أجل هذه البلاد.

لقد حكمت المحكمة على المهندس خيرت الشاطر – النائب الثاني للمرشد العام للإخوان المسلمين- وإخوانه ومنهم من يحمل درجة الدكتوراه وبعضهم علماء في مجالهم وبعضهم رجالات أعمال عملوا على استثمار أموالهم داخل هذا الوطن المسكين في وقت تهرب فيه الأموال لتوضع في بنوك سويسرا وغيرها.

إن ما يحدث الآن في مصر من اعتقال قيادات ورموز الإخوان المسلمين وتهديدهم بالمحاكمات العسكرية بين الحين والآخر، يُعَدُّ جريمةً في حق القانون والبشرية جمعاء، ولم يستطع النظام ورجاله تقديم سبب مقنع لاعتقال الإخوان وإحالتهم بين الحين والأخر للمحاكمات العسكرية وهم المشهود لهم بالسُّمعة الحسنة!.

إن هذه الاعتقالات المتكررة والمستمرة، واستمرار زوار الفجر لتهديد وترويع الآمنين في منازلهم يؤكد عدم جديَّة النظام في تطبيق برنامجه الإصلاحي، ومحاولة التأثير على الشارع المصري لتحجيم المعارضة وتمرير أي تعديلات دستورية تصب في مصلحته الشخصية ومصلحة التوريث، وكرسالةِ إنذارٍ حول أي انتخابات قادمة، ومحاولة توريث الحكم بدون إزعاج.

إن مسلسل المحاكمات العسكرية مستمر في صفوف الإخوان منذ مطلع تاريخ هذه الجماعة حتى الآن ليس بسبب أفراد الجماعة أو بسبب أفراد معينين داخل الصف لكن بسبب ما يحملونه من منهج إصلاحي يتعارض مع المخططات الاستعمارية الغربية، والاستبداد الذي يسيطر على فكر الحكام العرب، وهو منهج استمد من القرآن والسنة، وأصبح من الثوابت لدى هذه الجماعة ولذا كان لابد أن تتعرض هذه للمحن والاضطهاد من قبل الحكومات المتتالية في مصر وخارجها.

لقد صدقت فراسة الإمام الشهيد حسن البنا حينما حدد معالم الطريق لإخوانه منذ البداية حتى يكن كل فرد منهم على نور إذا سار وحمل هذه الدعوة، عندما قال: "أحب أن أصارحكم أن دعوتكم لا زالت مجهولةً عند كثير من الناس، ويوم يعرفونها ويدركون مراميَها، ستلقون منهم خصومةً شديدةً وعداوةً قاسيةً، وستجدون أمامكم كثيرًا من المشقَّات، وسيعترضكم كثيرٌ من العقبات، وفي هذا الوقت وحدَه تكونون قد بدأتم تسلكون سبيل أصحاب الدعوات، أما الآن فلا زلتم مجهولين، تمهِّدون للدعوة، وتستعدون لما تتطلَّبه من كفاح وجهاد.. سيقف جهل الشعب بحقيقة الإسلام عقبةً في طريقكم، وستجدون من أهل التديُّن ومن العلماء الرسميين مَن يستغرب فهمَكم للإسلام، وينكر عليكم جهادكم في سبيله، وسيحقِد عليكم الرؤساء والزعماء وذوو الجاه والسلطان، وستقف في وجهكم كلُّ الحكومات على السواء، وستحاول كلُّ حكومة أن تحدَّ من نشاطكم وأن تضع العراقيل في طريقكم"، ولقد استلهم ذلك من خلال سيرة الأنبياء والسلف الصالح.

إن شبح المحاكمات العسكرية الذي يهدد به النظام كل مصلح في هذه البلد –خاصة الإخوان المسلمين- يعد نقطة سوداء في جبين أى نظام حاكم لبلد ما، ودليل على ضعف هذا النظام، وعدم صلاحه لقيادة بلد ما. لقد تعرض الإخوان لمسلسل وشبح المحاكمات العسكرية منذ عام 1942م حينما قدم اثنين منهم للمحاكمة العسكرية والتي سميت "الجناية العسكرية العليا 883 لسنة 1942م قسم الجمرك"، غير أن القضاء كان نزيها شريف وكانت السلطة التنفيذية في هذا الوقت –بالرغم من تواجد المحتل الانجليزي- شريفة في خصوماتها فما كادت المحكمة تصل لحقيقة الأمر وتتعرف على كذب المدعى العام إلا وقد حكمت ببراءة الأخوين من التهم التي وجهت إليهم بالتعاون مع الألمان وهي تهمة تعد خيانة للوطن لو صحت، غير أن القضاء كان قويا نزيها في حكمه والسلطة التنفيذية كانتا جريئة في تنفيذ القرار.

وتوالت المحاكمات العسكرية على هذه الجماعة لكن للأسف في ظل الحكم الجمهوري الذي يدعي انه قد جاء ليخلص البلاد من الاستبداد الملكي لكنه حول البلاد لإقطاع لرجاله وبعض رجال الأعمال المحسوبين عليه على حساب المواطن الفقير أو الذين وقفوا في وجه فساد هذا النظام فتوالت المحاكمات العسكرية من بعد حادثة المنشية عام 1954م ثم 1965م ثم 1995م وانتهاء بمحاكمة 2008م الذي كانت قاسية في حكمها على الأفراد.

سيظل النظام يرفع عصا التهديد بالمحاكمات العسكرية لكل من واجهه وتصدى لفساده، وسيظل شبح الاعتقال المتكرر للإخوان مستمر ما دام يوجد فساد واصطلاحيون يريدون التغيير والإصلاح لهذا البلد.

إن الشرائع السماوية كفلت للفرد الحياة الكريمة، والحفاظ على النفس والمال والعِرض، كما أن بعض القوانين الوضعية قد نصَّت على هذه البنود التي تحفظ للإنسان كرامتَه.

لقد جاء في توصيات مؤتمر العدالة الذي عُقِدَ في أبريل 1986م، والذي نص على "أن كل قانون يحرم مواطنًا أو مجموعةً من المواطنين من الحق في الالتجاء لقاضيهم الطبيعي، وذلك بإنشاء قضاء استثنائي، هو بالضرورة قانون غير دستوري".

فمتى تنتهي هذه المأساة؟