الإخوان المسلمون ونظرتهم إلى الغرب

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان المسلمون ونظرتهم إلى الغرب

إعداد: ويكيبيديا الإخوان المسلمين

بقلم: السعيد العبادي

تمهيد

مثلت نظرة جماعة الإخوان المسلمون وعلاقتها بالغرب واحدة من أهم الإشكاليات فى تاريخ الجماعة فتوقيت تأسيس الجماعة نفسه كان عاملا هاما جداً فى تحديد مسار هذه العلاقة فالظروف المحيطة بنشأة الجماعة ووجود مصر تحت الاحتلال البريطانى فى ذلك الوقت وللإنصاف لابد أن نذكر أن الظروف السياسية والاجتماعية المحيطة بنشأة الجماعة كانت لها دور كبير جداً فى تشكيل الأفكار والمعتقدات ونظرة الإخوان للغرب

لذا من المهم بمكان عرض سريع للمناخ العام الذى نشأت فيه جماعة الإخوان للوقوف حتى يمكن الوقوف على بعض المنطلقات الفكرية للجماعة تجاه الغرب.


ظروف نشأة الإخوان في مصر

كان واقع الحال في مصر، وفيما حولها من الوطن العربي، والإسلامي ينادي بوجوب دعوة جديدة سماها الإمام الشهيد "حسن البنا" في "رسالة بين الأمس واليوم: دعوة البعث والإنقاذ" (حسن البنا، مجموعة رسائل الإمام الشهيد، رسالة بين الأمس واليوم، الإسكندرية: دار الدعوة، 1990م، ص 159)،

وكما يقول الدكتور "يوسف القرضاوي": " كانت دعوة الإمام "حسن البنا" فريضة وضرورة، فريضة يوجبها الدين، وضرورة يحتمها الواقع (د. يوسف القرضاوي، الإخوان المسلمون، 70 عامًا في الدعوة والتربية والجهاد، القاهرة: مكتبة وهبة، 1999، ص 18)

الدكتور "محمود أبو السعود": أيديولوجية الإخوان المسلمين واقع المجتمع المصري قبل ظهور الإخوان فيقول:

1- وطن باهت اقتطع من أصله بعد أن قطع الحلفاء المنتصرون أوصال الخلافة العثمانية، وبعد أن أطاح "أتاتورك" بالخلافة، وأعلن العلمانية، حينئذ طبق الإنجليز معاهدة سايكس- بيكو السرية التي عقدت في موسكو عام 1915م، وأصبحت مصر داخل نطاق الإمبراطورية البريطانية، ووجدت نفسها منعزلة عن دول العالم الإسلامي، وفي عنقها قيد ثقيل من الاستعمار الذي شجع النعرة الوطنية.

2- شعب مؤمن بالله .. ثم بالإسلام: عقيدة راسخة، لكنه جاهل، الأغلبية الساحقة فيه لا تقرأ، ولا تكتب.

3- مستعمر قوي لئيم ذو دهاء، ومكر شديد، درس أحوال البلاد عن كثب، ومكن لنفسه على أيدي بعض الحكام، كون منهم طبقة من (المستوزرين)

ومهد لتطامن الحكم غيلة عن طريقين:

الأستاذ عبد الرحمن حسب الله من الرعيل الأول من الأسماعيلية

الأول: الاستعمار الفكري حيث عمل على تنحية الشريعة الإسلامية من قانون القضاء، وحصرها في الأحوال الشخصية، وفصل المدارس المدنية عن المدارس الدينية.نتاج المادة الخام التي تنتجها الأرض الزراعية.

4- نظام حكم ظالم حيث فُرض ملك على شعبه، وصيغ دستور يحد من سلطة الحكومة المصرية، وسيادتها، ويعامل الأجنبي بقانون يختلف عن القانون الذي يسري على المواطنين.

5- طبقة حاكمة استصفاها الملك، ورضي عنها المستعمر، غالبيتها من سلالة ألبانية أو تركية، ورثت عن آبائها، وأجدادها القريبين مساحات واسعة من الأرض الزراعية التي أممتها الدولة في عهد "محمد على" الكبير، ووزعها "إسماعيل" على أقربائه وأصفيائه.( د. يوسف القرضاوي، الإخوان المسلمون، 70 عامًا في الدعوة والتربية والجهاد، مرجع سابق ، 1999، ص 21)

في هذا الجو الغائم ولدت دعوة الإخوان المسلمين أحوج ما تكون مصر – والوطن العربي، والإسلامي الكبير– إليها؛ لتكون دعوة البعث والإنقاذ، كما عبر عنها الإمام "حسن البنا" مؤسس الجماعة.

ويشير "محمد شوقي زكي" إلى ما يسميه "تضاريس الحقل"، وهي البيئة التي نشأت فيها جماعة الإخوان المسلمين، فيقول: كان ظهور الجماعة في وقت كان الاستعمار البريطاني يجثم على صدر مصر، وكانت الأحزاب في وادٍ، والشعب في واد آخر.

أما القصر فكان دائمًا يسير حسب أهواء المندوب السامي البريطاني.

(محمد شوقي زكي، الإخوان المسلمون والمجتمع المصري، القاهرة: دار الأنصار، ط2، و ص1980، ص من مقدمة الناشر).


موقف الإسلام من العلاقة مع الغرب كما يراها الإخوان

تعرَّض الأستاذ البنا إلى علاقة الإسلام بالغرب، وبالدول الغربية، فقال في نفس السياق: (وقد يظن الناس كذلك أن نظم الإسلام في حياتنا الجديدة تباعد بيننا وبين الدول الغربية، وتعكِّر صفو العلائق السياسية بيننا وبينها بعد أن كادت تستقر، وهو أيضًا ظنٌّ عريق في الوهم.

فإن هذه الدول إن كانت تسيء بنا الظنون فهي لا ترضى عنا، سواء تبعنا الإسلام أم غيره، وإن كانت صادقتنا بإخلاص وتبودلت الثقة بينها وبيننا فقد صرح خطباؤها وساستها بأن كل دولة حرة في النظام الذي تسلكه في داخل أرضها، ما دام لا يمس حقوق الآخرين، فعلى ساسة هذه الدول جميعًا:

أن يفهموا أن شرف الإسلام الدولي هو أقدس شرف عرفه التاريخ، وأن القواعد التي وضعها الإسلام الدولي لصيانة هذا الشرف وحفظه أرسخ القواعد وأثبتها.

فالإسلام الذي يقول في المحافظة على التعهدات وأداء الالتزامات: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئولاً) (الإسراء:34).

ويقول: (إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شيئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) (التوبة:4), ويقول:

(فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ) (التوبة:7)، ويقول في إكرام اللاجئين وحسن جوار المستجير: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) (التوبة:6)، وهذا بالمشركين فكيف بالكتابيين؟

فالإسلام الذي يضع هذه القواعد ويسلك بأتباعه هذه الأساليب: يجب أن يعتبره الغربيون ضمانةً أخرى، تضمن لهم حقوقهم.. نقول إنه من خير أوروبا نفسها أن تسودها النظريات السديدة في معاملات دولها بعضها لبعض، فذلك خير لهم وأبقى) (من رسالة (نحو النور) صـ 285، 286 من مجموع رسائل الإمام الشهيد).


الموقف الفكرى للإخوان المسلمين من الحضارة الغربية

يقول الأستاذ: محمد فريد عبد الخالق فى بحثه لمحة تاريخية عن المراحل التي مرت بها جماعة الإخوان المسلمين

بداية يوضح محمد فريد عبد الخالق مفهوم الحضارة فيقول:

ان حضارة امة من الامم ليست هى –فى حقيقتها –الاشياء والمعطيات التى تصدر عنها او عن اصحابها سواء اكانت انتاجا فكريا او علميا او فنيا او تنظيميا او عمرانيا او صناعيا او عمليا مما يتعامل معه الناس فى واقع حياتهم اليومية وان كان كل مايصدر عن هذه الامة يحمل فى طياته شيئا ما ينم عن حضارتها ويكشف عن خصائصا ويدل على حظها من الحيوية او الذبول ومن القوة او الضعف كما تدل تصرفات الانسان على استعداداته وميوله وفكره ووجدانهوعلمه او جهله ولعل انسان هذه الحضارة او تللك هو افضل مراة تعكس خصائص هذه الحضارة واتجاهاتها واذواقها فضلا عن قوتها او ضعفها لان الانسان هو الهدف النهائى لحضارة ما وهو فى الوقت نفسه صانعها ومطورها – انها روح تسرى فى الامة وفى كل مايصدر عنها اكثر من ان تكون هذه الاشياء التى تصدر عنها .

وهى كالروح للانسان تولد مع مولده وتقوى وتضعف وتعمر طويلا او قليلا .

واهم مكونات هذه الروح الحضارية هى نوع معتقدات اصحابها وقوتها ونوع نظرتهم الفسفية للانسان والحياة والكون ومجموعة من القيم والمبادئ التى استقرت فى نفوسهم والسلوكيات والعادات التى درجوا عليها ومبلغهم من الرقى الانسانى الادبى والرقى العلمى المادي.

أهم خصائص الحضارة الغربية

أولا:ليس من الصعب ولاهومن التجنى ان يقرر المرء فى حكمه على حضارة الغرب وتقويمها انها حضارة مادية لامكان فيها يعتد به للجانب الروحى فى الانسان ويجرى التعامل فيها بين الناس على اساس مادى عملى وبميزان نفعى واقعى تغلب عليه الانانية التى لايزاحمها صيحة ضمير داخلى او وازع روحى او رادع اخلاقى .

ولذلك تفككت روابطهم الاسرية وتحللت علاقاتهم العائلية واستبد بها الهوى والمصلحة الشخصية والاعتبارات المادية .

وقد اورثهم ذلك المنزع علل نفسية مثل التوتر العصبى والقلق النفسى ولم يجدوا لها علاجا الاالهروب النفسى منها بادمان الخمور وحرية ممارسة الجنس والوان اللهو او التورط فى الشذوذ والعنف والسر فى هذا الشقاء الذى يعانون منه يرجع الى ان استبعاد البعد الروحى من حياتهم مخالف للفطرة الانسانية واطلاق العنان للغرائز واشباعها اخل بتوازن الحياة وحرمهم نعمةالشعور بالامن النفسى والصفاء الداخلى .

ثانيا :اقصاؤها الدين عن الحياة وعن السياسة وعن سائر حركة الحياة فى مجتماعتهم وعزل المجتمع لمن ظل منهم على شئ من الدين فى نطاق الكنيسة الضيق ولايكاد يكون للدين فى واقع حياة اصحاب هذه الحضارة وجود حقيقى له اثره الفعلى فى حياتهم وقد تحول ايمانهم من الدين الى العلم والمادة وفشا فيهم الالحاد والاباحية والاثرة والربا.


موقف الإخوان من الحضارة الحديثة

ويضيف الاستاذ محمد فريد عبد الخالق عن موقف الإخوان من الحضارة الحديثة فيقول:

أولا: لئن كانت حضارة الغرب الحديثة مدينة لحضارة الاسلام يوم اتصلت اوروبا بالاسلام اثناء الحروب الصليبية وفى الغرب بمجاورة عرب الاندلس ومخالطتهم فى توحدها السياسى واكتسابها علوما ومعارف جمة ثم هم قد تفوقوا فى مجال العلم والاختراع والصناعة وقويت شوكتهم واقبلت الدنيا عليهم وقامت حضارتهم واستعمروا الدول العربية والاسلامية واحكموا خطة غزوها فكريا واجتماعيا واستعانوا بدهائهم السياسى وسلطانهم العسكرى حتى تم لهم ماارادوا .

حتى اسقطوا الخلافة ,واعجب كثير من القادة والمفكرين بعلمانية تركيا التى اعلنت انها دولة غير اسلامية وتاثرت البلاد الاسلامية بهذه الحضارة الحالية بنسب متفاوتة بلغت ذروتها فى بلاد كثيرة مثل تركيا ومصر حتى تغيرت فيها الاوضاع والمظاهر الاجتماعية وانحسر ظل الفكرة الاسلامية حينا من الدهر وبلاد اخرى تاثرت بهذه الحضارة الغازية فى اوضاعها ومظاهرها الرسمية ولكنها لم تتغلغل فى القلوب والمشاعر وغيرها وانحصر التاثر فيها بهذه الحضارة فى طبقة المثقفين والحكام دون العامة ومع هذا فالموجة تمتد بسرعة البرق لتصل الى مالم تصل اليه بعد من النفوس والطبقات والاوضاع ولقد استطاع خصوم الاسلام ان يخدعوا بعض عقلاء المسلمين وان يضعوا ستارا كثيفا امام اعينهم بتصوير الاسلام نفسه تصويرا قاصرا فى ضروب من العقائد والعبادات والاخلاق الى جانب مجموعة من الطقوس والخرافات والمظاهر الجوفاء واعانهم على هذه الخديعة جهل المسلمين بحقيقة دينهم حتى استراح كثير منهم الى هذا التصوير واطمانوا اليه ورضوا به وطال عليهم فى ذلك الامد حتى صار من العسير ان نفهم احدهم ان الاسلام نظام اجتماعى كامل يتناول كل شؤون الحياة .

ونستطيع ان نقول بعد ذلك ان الحضارة الغربية بمبادئها المادية قد انتصرت فى هذا الصراع الاجتماعى على الحضارة الاسلامية بمبادئها القويمة الجامعة للروح والمادة معا فى ارض الاسلام نفسه وفى حرب ضروس ميدانها نفوس المسلمين وارواحهم وعقائدهم وعقولهم كما انتصرت فى الميدان السياسى والعسكرى ولاعجب فى هذا فان مظاهر الحياة لاتتجزأوالقوة قوة فيهاجميعا والضعف ضعف فيها جميعا كذلك (وتلك الايام نداولها بين الناس)(ال عمران 140)

وان كانت مبادئ الاسلام وتعاليمه ظلت قوية فى ذاتها فياضة بالخصب والحياة جذابة اخاذة بروعتها وجمالها وستظل كذلك لانها الحق ولن تقوم الحياة الانسانية كاملة فاضلة بغيرها ولانها من صنع الله وفى حياطته(انا نحن نزلنا الذكر وان له لحافظون )(الحجر 9)(ويابى الله الاان يتم نوره ولو كره الكافرون )(التوبة 32)

ولكن اليقظة التى احدثها استعمارهم الغاشم لبلادنا وبروز الفكر العلمانى ودعوة القومية العربية بين مثقفينا نبهت المشاعر وانعشت الفكرة العلمانى ودعوة القومية العربية بين مثقفينا نبهت المشاعر وانعشت الفكرة الاسلامية وتحركت الجماعات الاسلامية فى اكثر من بلد عربى واسلامى لتحد من سطوة الحضارة الغربية والإخوان لايكرهون شعبا من شعوب الارض ولادولة من الدول ولاينكرون على حضارة ما جوانب القوة ولامواطن النفع عنها فان الاسلام يامر ان نحكم بالعدل وعد ذلك من التقوى (ولايجر منكم شنئان قوم على الاتعدلوا اعدلوا هو اقرب للتقوى واتقوا الله ان الله عليم بذات الصدور)(المائدة 8)(ولاتبخسوا الناس اشياءهم ولاتعثوا فى الارض مفسدين )(هود 85)و(الشعراء 183).


مراحل تطور العلاقة بين الإخوان المسلمون والغرب

كما كان لنشأة الجماعة بمدينة الإسماعيلية أحد معاقل الاحتلال فى هذا الوقت دور فى تكوين العقل الجمعى وتفكير الامام المؤسس تجاه النظرة للغرب فى هذا الوقت وتمثل ذلك بوضوح فى مواقف الجماعة من الغرب ممثلاً فى بريطانيا الاستعمارية فى ذلك الوقت وهنا يجب أن نميز بين موقف جماعة الاخوان المسلمون على ثلاث مراحل أو ثلاث مستويات وهى :


المرحلة الأولى (مرحلة الاحتلال)

إن الذي يقرأ رسائل الامام البنا رحمه الله يجد بوضوح لا لبس فيه أنه يحدد الموقف الإسلامي وهو الحكم الشرعي من الدول الغربية المعتدية على بلاد المسلمين ويذكر الدول الاستعمارية كبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وغيرها.

وبعد أن يحدثنا رحمه الله عن جرائم هذه الدول التي ارتكبتها بحق المسلمين في بلاد المسلمين يقرر أنّ الوطن الإسلامي وحدة لا يتجزأ وأن العدوان على جزء من أجزائه عدوان عليه كله، وأن على المسلمين أن يقاتلوا الدول المعتدية ويحرروا أوطانهم منها.

ويوصي شباب الدعوة أن يبينوا للناس اعتداء الدول الكافرة وجرائمها بحق المسلمين وأن يُعلموهم أن الإسلام لا يرضى من أبنائه بأقل من الحرية والاستقلال فضلاً عن السيادة وإعلان الجهاد ولو كلفهم ذلك الدم والمال، فالموت خير من هذه الحياة، حياة العبودية والرق والاستذلال، ويبشرهم بالنصر إن صدقوا الله في جهادهم مستدلاً بقوله تعالى: (كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قويٌ عزيز (21) ) [المجادلة].


الموقف من الاحتلال البريطاني لمصر

لقد تكلم الأستاذ البنا رحمه الله في الرسائل عن مصر التي نشأت فيها الجماعة وذكر ما تعاني من احتلال إنجليزي استذلّ رقاب الناس وسيطر على الإقتصاد والصناعة والتجارة وقناة السويس، وهجم على خيرات البلد وحرم أهلها منها.

وقد بين بوضوح أن الموقف الناجح من هذا الاستعمار هو إلغاء ما بينه وبين مصر من معاهدة، وقتال الإنجليز وإخراجهم من مصر صاغرين بعد تعنتهم ومناوراتهم وخداعهم.

قال رحمه الله: (لم يبق إذاً غلا النبذ على سواء بأن نعلنهم بالخصومة الصريحة السافرة، ونقرر في صريحة إلغاء ما بيننا وبينهم من معاهدات واتفاقات، ونعلن اعتبار أمة الوادي معهم في حالة حرب (ولو سلبية) وتنظيم حياتنا على هذا الاعتبار اقتصادياً واجتماعياً وعملياً بتدريب الشعب كله تدريباً عسكرياً.

ويطالب الحكومة السير في هذا الطريق ويحذرها من استمرارها في ترددها وتراخيها، واضطرابها بأن هذا الموقف منها يؤدي بالشعب إلى الثورة أو الموت.

ويذكر الامام البنا فى مذكراته الدعوة والداعية أن وجود المعسكر الانجليزى فى الإسماعيلية كان يبعث فى نفس كل وطنى غيور الأسى ويدفعه إلى مراجعة الاحتلال وان أوضاع هذا الاحتلال وأفعاله عملت عملها فى نفسه والتى كان لها (أثر كبير فى تكييف الدعوة والداعية) كما يذكر أن شعور ستة من عمال الإسماعيلية بأن العرب والمسلمين فى هذا البلد لايتعدون مرتبة الأجراء التابعين للأجانب ودفعهم إلى مفاتحته فى تكوين جمعية الإخوان التى رأوا أن فهيا حرية الوطن وعزة الأمة.

كما أثر الاستعمار الانجليزى فى أهداف الإخوان إذ رأوا أنه من المستحيل إقامة حكم صالح مادام الاستعمار موجوداَ يخنق الحكومات المصرية فأدخلوا فى برنامجهم (العمل على مقاومة الاستعمار وتحرير أرض الوطن من موبقاته لكى تظفر الأمة والحكومة بحريتها) وأثر ف فكرهم فقد كانت أوضاعه فى مصر عاملاً مباشراً فى تناول الإخوان فكرياً لمفهوم الاستعمار ومفهوم الاستقلال ووسائله..


المواجهة الفكرية والعقائدية

وتمثلت تلك المواجهة على نحو مبكر منذ بداية الدعوة عبر مواجهة أعضاء الجماعة للارساليات التبشيرية وعمليات التنصير التى كانت منتشرة بصورة كبيرة فى أنحاء مصر فى ذلك الوقت.

لم تكن جهود شُعَب (الإخوان) في مقاومة الإرساليات التبشيرية وعمليات التنصير بأقل من أعمال (المركز العام) أو الصحافة؛ بل كانت هي الميدان العملي لهذه الحرب، والتي كانت في احتكاك مباشر مع مراكز التبشير وإرسالياته، وقد استطاع (الإخوان) في الفروع المختلفة والمنتشرة في شمال مصر وجنوبه أن يعتصموا بالحِلم، ويستمسكوا بالحكمة، ويناضلوا بالتي هي أحسن، ويعتمدوا في خُطتهم على دعامتين رئيسيتين، وهما:

إفهام الشعب مستهدفات التبشير وخطورته وخطورة الاتصال بمؤسساته، ثم استخدام نفس الوسائل التي يستخدمها التبشير في أعماله ونشاطه لمحاربته بها، كبناء المدارس والملاجئ والمستشفيات والنوادي.. إلخ.

وقد نجحت هذه الخطة أيَّما نجاح، وتمكنت الشُّعَب من القيام بواجباتها كلٌّ على حِدَة بقدر المستطاع، حتى ذكرت جريدة الإخوان المسلمون الأسبوعية ذلك في عام 1933 م تحت عنوان (جمعيات الإخوان المسلمون والتبشير) قائلةً:

لا ندري أمِن حُسنِ الحظِّ أم من سوئه أن كان بجوار مراكز جمعيات (الإخوان المسلمون) في القطر المصري مراكزُ التبشير، ففي المحمودية وفي المنزلة وفي الإسماعيلية وفي بورسعيد وفي (أبو صوير) وفي القاهرة مراكز للتبشير نشيطة، ودوائر نشيطة لجمعية (الإخوان المسلمون) كذلك، إلا أن جمعيات (الإخوان) استطاعت في النهاية أن تُنهيَ أعمال المبشرين خاصة في الأربعينيات من القرن الماضي في مصر.


المواجهة المسلحة مع الاحتلال البريطانى بالقناة

الإخوان المسلمون وحرب القنال عام 1951م
الإحتلال الإنجليزي في القنال 1951م

أعلن مصطفى النحاس يوم 8 أكتوبر 1951 إلغاء معاهدة 1936م, وقال: "من أجل مصر وقعتها ومن أجل مصر ألغيها" وأعلن عن أن وجود القوات البريطانية في منطقة القناة أصبح غير شرعي وأن الحكومة المصرية لم تعد مسئولةً عن حمايتهم, وأعلن عن دعم الحكومة للفدائيين في منطقة القناة, وبذلك اندلعت الحرب لتحرير منطقة القناة من الإنجليز.

بدأ المسلحون من الضباط والإخوان وغيرهم شن حرب عصابات ضد الإنجليز في منطقة القناة, وكانت الخسائر البريطانية- نتيجة العمليات الفدائية- فادحة، خاصة في الفترة الأولى، وكذلك فإن انسحاب العمال المصريين من العمل في معسكرات الإنجليز أدى إلى وضع القوات البريطانية في منطقة القناة في حرج شديد، وحينما أعلنت الحكومة عن فتح مكاتب لتسجيل أسماء عمال المعسكرات الراغبين في ترك عملهم؛ مساهمة في الكفاح الوطني سجل 90000 عامل أسماءهم في الفترة من 16 أكتوبر 1951م، وحتى 30 نوفمبر 1951م.

انطلق الإخوان يكبّدون الإنجليز الخسائر، وكان على رأسهم الشيخ محمد فرغلي، والشهيد يوسف طلعت، وكامل الشريف، وعبد الرحمن البنان، وعمر شاهين، وغيرهم من المجاهدين حتى أن تشرشل أعلن في لندن أن عنصرًا جديدًا قد نزل إلى ساحة المعركة.

ولقد كان ردُّ الإنجليز عنيفًا للغاية؛ فقاموا بإعادة احتلال مدن القناة, وفي صباح يوم الجمعة 25 يناير 1952 استدعى القائد البريطاني بمنطقة القناة البريجادير أكسهام ضابط الاتصال المصري, وسلمه إنذارًا بأن تسلم قوات البوليس المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية, ورفضت المحافظة الإنذار البريطاني، وأبلغته إلى وزير الداخلية فؤاد سراج الدين الذي أقر موقفها, وطلب منها الصمود وعدم الاستسلام, فقام الإنجليز باقتحام مدينة الإسماعيلية.

وحاصرت الدبابات والمصفحات البريطانية مبنى المحافظة بسبعة آلاف جندي بريطاني مزودين بالأسلحة ومدافع الميدان, بينما كان عدد الجنود المصريين المحاصرين لا يزيدون على 800 في الثكنات و80 في المحافظة لا يحملون غير البنادق، واستخدم البريطانيون كل ما معهم من الأسلحة في قصف مبنى المحافظة, وقاوم الجنود المصريون حتى نفدت آخر طلقة معهم بعد ساعتين من القتال, وسقط منهم خمسون شهيدًا وأصيب نحو ثمانين آخرين وتم أسر الآخرين, وقد أدى القائد الإنجليزي التحية العسكرية لهم تقديرًا لصمودهم.

بعض رجال الإخوان في حرب القنال عام 1951م

وأثناء ذلك تدخّل الإخوان، ويذكر المستشار عبد الله العقيل في كتابه- عن مقالة نقلها من مجلة الدعوة العدد الثالث, السنة الخامسة والعشرون، رمضان 1396هـ، سبتمبر1976م- أنه أثناء توجيه قائد قوات الاحتلال الإنذار للمحافظ وإنزاله إلى الشوارع جنوده ومصفحاته، توجّه الشيخ محمد فرغلي إلى المحافظ في عربة جيب، وفي زيه الأزهري ومعه سلاحه؛ لينذر المنذرين بضرورة الانسحاب، وليساند رجال الحكومة في موقفهم، وليشدّ من أزرهم، وانسحب الإنجليز بالفعل من شوارع الإسماعيلية، وسحبوا إنذارهم.

ويقول الأستاذ كامل الشريف: وفي الإسماعيلية كانت تقوم أقوى تشكيلاتنا السرية، كما توجد القيادة الإدارية الرئيسة لمنطقة القناة، ويرأسها داعية محنك عظيم الخبرة، هو المرحوم الشيخ (محمد فرغلي) كما يساعده مغامر جسور، هو (يوسف طلعت)، وعدد كبير من الشباب الواعي المنبث في مختلف الفئات، والطوائف المهنية.

ويقول الأستاذ أبو الفتوح عفيفي: "لقد تم استدعائي للجهاد من قِبَل إخوانٍ، شاركتهم هذا الأمر، مثل علي نعمان، وحسن الجمل، وعبد الرحمن البنان، ومحمد علي سليم، وغيرهم، واجتمعنا في منزل جمال فوزي؛ حيث التقى بنا كامل الشريف، وأخبرنا بالمهام الموكلة إلينا، ثم اتجهنا إلى أبي حماد بالشرقية، وما إن وصلنا حتى كُلفنا بعمل استكشاف حول معسكر العباسة، وتمت المهمة على خير وجه، ثم انتقلنا إلى القنطرة، حيث شاركنا في صيد الدبابات الإنجليزية.


المرحلة الثانية: مرحلة الصدام ( حرب 1948)

الإمام حسن البنا

ربما تمثل هذه المرحلة امتداد طبيعى للمرحلة السابقة وهى مرحلة الاحتلال والاستعمار ولكن تتميز هذه المرحلة بأنها رسمت سياسة ومواقف طويلة المدى بالنسبة للطرفين سواء الإخوان أو الغرب فالقضية الفلسطينة منذ بداية القرن العشرين كانت ومازالت العقبة الكؤؤد فى أى علاقة أو حوار بين الطرفين وليس بين الطرفين فقط بل بين الشرق والغرب عامة.

كما تناولت هذه المرحلة موقف الجماعة من بعض المواقف السياسية للاحتلال البريطانى وخاصة اتفاقية الجلاء والتى عارضتها الجماعة كما تصف هذه المرحلة بدايات الاتصال بين الاحتلال البريطانى من خلال سفيره ايفانز وقيادات الإخوان المسلمين.

ولن نتعرض لهذه المرحلة لكثرة ماكتب عنها وهناك العديد من المصادر التى تتناول هذه المرحلة ولكن سنتعرض لها سريعاً فى اطار مايخدم هذا البحث وهو العلاقة بين الإخوان والغرب فى اطار المواقف السياسية بعيداً عن المواجهة العسكرية والتى تناولتها العديد من الكتب والدراسات


لقطات سريعة على الأزمة

الإخوان المسلمين في مظاهرات شعبية أمام قصر عابدين ضد قرار تقسيم فلسطين

في عام 1933م اندلعت ثورة المظاهرات في فلسطين، فتجاوبت معها جماعة الإخوان المسلمين بمصر، ونشرت جريدتهم المقالات والأخبار المتعلقة بالقضية، ومن بينها مقال بعنوان "فلسطين الدامية" جاء فيه:

"هل أتاك حديث فلسطين الدامية؟ وهل أتاك ما فعلته بها اليد الطاغية؟ وهل علمت ما قام به العربي الكريم دفاعًا عن حقه الهضيم ووطنه العظيم؟..".

وكتب الأستاذ البنا مقالا مهمًا بعنوان "فلسطين المجاهدة" طالب فيه بوقف الهجرة الصهيونية لفلسطين، وحث العالم الإسلامي على تقديم المعونات العملية ومنها جمع الأموال وإرسالها إلى فلسطين.

وفي 3/8/1933 أرسل الإخوان المسلمون أول وفد لنشر الدعوة خارج مصر، وكان ذهابه أولا إلى فلسطين، ومكث بها ثلاثة أيام، واتصل بزعمائها وقادتها، وكان من بين أعضاء الوفد الأستاذ عبد الرحمن البنا "الساعاتي" شقيق الأستاذ حسن البنا، وبعد عودة الوفد من فلسطين أصدر بيانًا قويًا جاء فيه:

"في العام المقبل يا إسرائيل، بل غدًا إن شاء الله يا شراد الليل ويا شر قبيل، نجعل كيدكم في تضليل، ونرسل عليكم حجارة من سجيل، ونذيقكم أنواع العذاب الوبيل، ولتعلمن نبأه بعد حين"..

- في 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 1937م وجَّه مكتب إرشاد الجماعة مذكرة احتجاج للسفير البريطاني في القاهرة ضد وعد بلفور، مؤكدًا وقوف الإخوان إلى جانب إخوانهم شعب فلسطين.


رد الإخوان على الكتاب الأبيض

إحدى كتائب الإخوان في حرب فلسطين 1948

وأصدرت الحكومة البريطانية ما أسمته بالكتاب الأبيض الذي بيَّن سياسة الإنجليز في فلسطين، وخيب أمل الفلسطينيين والعرب جميعًا..

فكتب الإمام الشهيد حسن البنا خطابًا وجهه إلى رفعة رئيس الوزراء وقتئذ المرحوم محمد محمود باشا بتاريخ 2ربيع الثاني سنة 1358هـ (الموافق 21من مايو سنة 1939) بدأ بالفقرة الآتية بعد أن حمد الله وأثنى عليه:

أما بعد..

"فقد نشرت الصحف نص الكتاب الأبيض الذي أصدرته الحكومة الإنجليزية عن فلسطين، وقرأ الإخوان المسلمون ذلك الكتاب المشئوم في ألم واستنكار وثورة..

أما الألم فلتلك النكبات المتلاحقة التي تحل بفلسطين الأبية المجاهدة ذلك الجزء العزيز الغالي من الوطن الإسلامي العام..

وأما الاستنكار فلذلك التحدي الصريح لشعور المسلمين، وتلك الإهانة القاسية لزعمائهم ورؤساء حكوماتهم.

ولقد كان للحكومة المصرية من هذه الإهانة الحظ الأوفر إذ ساهمت في محادثات لندن والقاهرة بأكبر نصيب..

وأما الثورة فسأكون يا صاحب المقام الرفيع صريحًا معكم في بيانها إلى أبعد حدود الصراحة.. ثم قال الإمام الشهيد رحمه الله:

فمنذ قامت الثورة الإسلامية بفلسطين والإخوان المسلمون يساهمون مع جنود تلك الثورة الرائعة الكريمة بأموالهم..

– وإن قلت – وجهودهم وإن انحصرت في نطاق ضيق، وكنا نحاول دائمًا أن نهدئ من ثائرتهم آملين أن تصل الحكومات العربية إلى حل لقضية الإسلام والعروبة يحقق للمسلمين آمالهم وللعرب حقوقهم، ولقد شجعنا على انتهاج سبيل التهدئة ما كنتم تصرحون به رفعتكم من أن مصلحة القطر الإسلامي الشقيق تقتضي سير المفاوضات في جو هادئ، ولقد كنا متوقعين برغم ذلك طوال تلك الفترة العصيبة من أن الإنجليز واليهود لن يفهموا إلا لغة واحدة هي لغة الثورة والقوة والدم.

ولكن تحاشينا أن نتعجل الحوادث حتى لا يكون لأحد حجة علينا إن اضطرتنا الحوادث فيما بعد إلى أن نسلك السبيل الذي ترضاه ضمائرنا.

والآن وقد جاهر الإنجليز واليهود في كل أنحاء العالم حتى يهود أمريكا التي تتخذ الحياد شعارًا لها في كل مشاكل العالم الآن.

وقد جاهر الإنجليز واليهود المسلمين بالعداء فأصبح لزامًا على كل أخ مسلم أن يؤدي واجبه بما يرضي الله ورسوله وبما يحفظ للإسلام كرامته وللدين قداسته ولذلك الجزء الطاهر من أرض الوطن الإسلامي حريته" كما جاء في فقرة أخرى من الخطاب:

يا صاحب المقام الرفيع

"إن الدماء التي خضبت أرض فلسطين.. إن آلاف الشهداء الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل المثل الإسلامي الأعلى..

إن شباب العرب الذين أرسل بهم الإنجليز إلى المشانق مئات إثر مئات..

إن الشيوخ الذين أنزل بهم المستعمرون ألوانًا وحشية من التعذيب الذي أعاد إلى الأذهان صور محاكم التفتيش في أسوأ عهودها..

إن المسجد الأقصي الذي انتهكت حرمته واعتدى الجنود الإنجليز على قداسته..

إن كرامة زعماء المسلمين وملوكهم وأمرائهم الذين تدخلوا في هذه القضية فلم يسمع لهم مشورة ولم يطع لهم قول بل كرامتكم أنتم شخصيًا وقد كنتم محل أمل كبير في ذلك..

إن كل أولئك ليهيب بك أيها المسلم أن تبذل في سبيل الله ما وهبك الحق تبارك وتعالى من روح ومال لتكون جديرًا بالاسم الذي تحمل وباللواء الذي ترفع وبالزعيم الذي أنت به مؤمن، ويجعل من الواجب على الحكومة المصرية وقد لحقت بها تلك الإهانة البالغة أن تحافظ على كرامتها – وكرامتها من كرامة الشعب – وليس يكفي أن تعلن أنها لا توصي أبناء فلسطين بقبول الكتاب الأبيض، فهناك وسائل كثيرة أقلها استقالة الحكومة حتى لا تتعاون مع الإنجليز في الوقت الذي تلعب فيه السياسة الإنجليزية ببقة غالية من الوطن الإسلامي العزيز.

كما أرسل الإمام الشهيد في نفس التاريخ خطابًا إلى السفير البريطاني في مصر يندد فيه بالسياسة الإنجليزية في فلسطين ويشجب الكتاب الأبيض ويعلن الثورة الإسلامية على تصرفات الإنجليز ويطلب إليه رفع الاعتراض على هذه التصرفات إلى حكومته بلندن.


الإخوان المسلمون والاتفاق المصري – البريطاني لتنظيم جلاء القوات البريطانية

يتناول كتاب أوراق تاريخية للأستاذ إبراهيم زهمول موقف الإخوان المسلمون من أتفاقية الجلاء 19أكتوبر سنة 1954والخاصة بتنظيم جلاء القوات البريطانية عن مصر فيذكر انه تم القاء الضوء على هذه الفترة الحرجة في مصر من خلال وثيقتين تبرزان بوضوح موقف الإخوان المسلمين من الاتفاق المصري – البريطاني لتنظيم جلاء القوات البريطانية.

أما الأولى فهو الحديث الذي أدلى به المرحوم الأستاذ حسن الهضيبي إلى جريدة المنار الدمشقية خلال رحلته للبلاد العربية وقد ذكر فيه « كنت أتمنى أن أجد في الاتفاق الذي وقع أمس الأول في القاهرة بالأحرف الأولى ما يحقق مطالب مصر ، ولكني لم أجد أية مصلحة في عقده ، بل هو يحوي كل أضرار بمصالح مصر والدول العربية عامة.

أما ما نص عليه الاتفاق من جلاء الجنود البريطانيين عن منطقة قناة السويس خلال عشرين شهرا من وقت التصديق على المعاهدة فهذا كان متفقا على أن يتم في عام 1956 بموجب معاهدة سنة 1936 التي ألغتها مصر ، وإذا فرض أن الإنجليز كانوا يأبون الخروج عند نهاية تلك المدة ، فإن بقاءهم يكون بلا سند قانوني ، فما المصلحة في منحهم هذا السند للبقاء والعودة؟

« فقد أعطى الاتفاق المذكور الإنجليز حقا في العودة إلى احتلال القناة إذا هوجمت إحدى الدول الموقعة على معاهدة الدفاع المشترك الذي عقد ضمن نطاق الجامعة العربية أو على تركيا –ولم يكن لهم هذا الحق من قبل- وتركيا كثيرة الأحلاف والأعداء معا مما يربطنا ويربط الدول العربية معنا بالمعسكر الغربي في كل حرب. بل أن الاتفاق حين أباح للإنجليز العودة إلى مصر ، لم يحدد لخروجهم بعد ذل أمدا والإنجليز أصحاب حيل ومكائد لا يعجزون عن أن يجدوا المبررات التي يتذرعون بها لبقاء احتلالهم.

إن الاتفاق قد اعترف للإنجليز بقناة السويس كقاعدة عسكرية ، وأباح لهم احتلال أجزاء منها لم تبين ، فاعترف بشرعية القاعدة مع أن معاهدة 1936 لا تعطيهم الحق في إنشائها حتى يتعللوا الآن بوجودها ، وهكذا أقررنا باحتلالهم بوثيقة لصالحهم دون مصلحة لنا فيها.

ومن الأمور الخطيرة في الاتفاق أن مصر وضعت بموجبه مطاراتها في جميع أنحاء البلاد وفي كل وقت من أوقات السلم والحرب تحت تصرف السلاح الجوي البريطاني – والطيران هو السلاح الرئيسي في هذه الأيام.

أما إدارة القاعدة والأشراف عليها فلا يجوز أن نخدع أنفسنا بالقول بأنه سيكون بواسطة مدنين ، فهم في الواقع عسكريون تابعون للحكومة البريطانية مباشرة ومن قال غير ذلك فقط غالط نفسه.

« لقد كسبت بريطانيا بهذه الاتفاقية امتدادا للمعاهدة الملغاة خمس سنوات أخرى ، ولا تنتهي الأوضاع بعدها ، بل تعود إلى الحلقة المفرغة ، التشاور بشأن التدابير التي ينبغي اتخاذها بعد انتهاء مدة الاتفاق ، وأسلوب التشاور مع بريطانيا أسلوب سبق أن عرفناه ولمسنا نتائجه.

« وبهذه المعاهدة أضافت بريطانيا حلقة جديدة إلى الحلقات التي تطوق بها البلاد العربية بمعاهدات وأحلاف عسكرية ، والتي كان آخرها المعاهدة الليبية ، فقد استغلت بريطانيا في ذلك ضعف بعض الحكومات وعدم تمثيلها لشعوبها فسارت في ذلك على سياسة إغفال إرادة الشعب مما سيلحق بها أفدح الأضرار.

« ولذلك يعلن الإخوان المسلمون رفضهم هذا الاتفاق ويصرون على أن اتفاقا ما بين الحكومة المصرية وأية حكومة أجنبية لا يجوز أن يتم دون أن يعرض على برلمان منتخب انتخابا حرا نزيها يمثل إرادة الشعب المصري أصدق تمثيل ، كما يجب رفع الرقابة عن الصحافة حتى يقول كل إنسان رأيه في هذه الاتفاقية دون حد من إرادته وحريته ، فما كان لأحد أن يتحكم في مصائر الشعب دون الرجوع إليه .

أما الوثيقة الثانية البالغة الأهمية في هذا الصدد ، فهي المذكرة التي أرسلها مكتب الإرشاد على رئاسة مجلس الوزراء متضمنة رأي الإخوان المسلمين في هذا الاتفاق.

وقد ناقش فهيا المكتب بصفته الهيئة التنفيذية للجماعة الخطوط الرئيسية للمعاهدة كما ناقش الملاحق المفصلة بالنصوص.

تقول هذه المذكرة التي تذكرها كاملة وهي بتاريخ 2 أغسطس 1954.

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..

السيد رئيس مجلس الوزراء..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

وبعد ، فقياما بواجب الشورى في الأمر ، والتواصي بالحق والصبر ، والتعاون على البر والتقوى ، وقد اطلع مكتب الإرشاد العام للإخوان المسلمين على الخطوط الرئيسية للاتفاق المقترح عقده بين مصر وانجلترا والذي وقعه رئيس وزراء مصر ووزير حربية انجلترا في يوم 27 /7/ 1954

كما اطلع المكتب على الملحق الذي نشر مع الخطوط الرئيسية في اليوم التالي للتوقيع ، وقد تبين المكتب في دراسة الخطوط الرئيسية والملحق أمورا خطيرة يعرضها فيما يلي عليكم ، ويتقدم بالرأي والنصيحة فيها إليكم ، وهو إذ يفعل يقدر كل التقدير ما بذله المفاوضون المصريون من مجهود كبير ومن محاولات ضخمة للوصول إلى حقوق الأمة :

أولا : الخطوط الرئيسية

1- تحدد المادة الثانية مدة الاتفاق بسبع سنوات من تاريخ توقيعه كما أنها تلزم الحكومتين المصرية والإنجليزية بالتشاور خلال السنة السابعة فيما يتخذ من تدابير عند انتهاء المدة.

وإذا كان الجلاء سيتم كما اتفق في ظرف 20 شهرا فلا محل لجعل مدة الاتفاق 7 سنوات إلا إذا كانت الاتفاقية تستهدف شيئا آخر غير تنظيم الجلاء ، وهو ربط مصر بانجلترا طيلة السبع سنوات بنوع من التحالف أو الارتباط قد يمتد إلى ما بعد السبع سنوات كما يدل على ذلك التزام مصر بالتشاور مع انجلترا فيما يتخذ من تدابير عند انتهاء السبع سنوات.

2- وتعطي المادة الرابعة الحق لانجلترا في العودة إلى قاعدة القنال إذا هوجمت مصر أو أي دولة من دول الجامعة العربية والتي وقعت معاهدة الدفاع المشترك أو إذا هوجمت تركيا ، وتوجب المادة على مصر أن تقدم لانجلترا كل التسهيلات اللازمة لتهيئة القاعدة للحرب وإدارتها إدارة فعالة ، ويدخل في ذلك استخدام جميع الموانئ المصرية وسنبين فيما يلي وجوه الخطر في هذه المادة :

(أ) أعطيت إنجلترا الحق المطلق في العودة إلى القنال واحتلال القاعدة بجنودها لمجرد حدوث هجوم على مصر أو أية دولة عربية أو تركيا ولانجلترا حق العودة للقنال دون استشارة مصر ، ودون حاجة للحصول على موافقتها ، بل ودون رضاها ، ولو كانت الدولة المعتدي عليها قادرة على رد الاعتداء وحدها والدولة المستقلة لا تقبل أن يفرض عليها العون فرضا ، ولا تعرض أرضها للاحتلال بهذه السهولة ، ولا تجعل دخول الأجانب بلادها راجعا لمشيئة الأجنبي.

(ب) وإذا كان الاعتداء على تركيا أمرا يقلق راحة كل مسلم ، وكان الدفاع عن كل بلد إسلامي واجبا فإنا لا نفهم كيف أن اعتداء على تركيا يعطي انجلترا الحق المطلق في احتلال القتال ، ويلزم مصر التزامات مادية وأدبية قبل انجلترا لا قبل تركيا المعتدى عليها إلا إذا كان المقصود تدعيم السياسة الإنجليزية وحماية الإمبراطورية.

(ج) ولقد انتقدت مصر حلف باكستان - تركيا ، ورفضت من قبل أن تدخل في حلف بلقاني ، أو في حلف الأطلنطي ، ولكنها طبقا للمادة الرابعة دخلت في هذه الأحلاف بطريق غير مباشر ، لأن تركيا حليفة لباكستان ، وحليفة لبعض دول البلقان كما أنها مرتبطة بحلف الأطلنطي فإذا هوجمت أي دولة محالفة لتركيا ودخلت تركيا الحرب حق لإنجلترا أن تحتل القنال بحجة مهاجمة تركيا.

ووجب على انجلترا أن تدخل الحرب في صف تركيا طبقا لما بينهما من معاهدات ، وإذا دخلت انجلترا الحرب وهي محتلة فقد اشتركت مصر اشتراكا فعليا في الحرب بمساهمتها باستخدام أراضيها ومطاراتها وموانيها وبما تقدمه من معونة وتسهيلات لانجلترا.

ولا شك أن هذه النتيجة التي وصلت إليها إنجلترا عن التحالف الواقعي الذي فرضته المادة الرابعة هي نفس النتيجة التي طالما حرصت انجلترا على الوصول إليها في المفاوضات السابقة عن طريق التحالف الاتفاقي والدفاع المشترك.

ولعل هذا التحالف الواقعي الذي أقامته المادة الرابعة ولم تصرح به ألفاظها هو الذي دعا رئيس وزراء مصر ووزير حربية انجلترا إلى أن يعلنا في البلاغ المشترك أن الاتفاق ليس له غرض عدواني ، وأنهما يعتقدان أنه سيفضي إلى المحافظة على السلم والأمن.

(د) أعطت المادة الرابعة لانجلترا الحق في استعمال جميع المواني المصرية ويترتب على ذلك أن يكون لها الحق في نقل جنودها وعتادها على الطرق البرية والمائية والسكك الحديدية المصرية التي تصل مختلف الموانئ بالقاعدة ، وأن يكون لها مندوبون في كل ميناء وما كانت انجلترا تستطيع أن تصل لشيء من هذا أو تطلبه قبل أن تقرره لها المادة الرابعة.

3- والفقرة الثانية من المادة الرابعة تلزم مصر أن تتشاور مع انجلترا في حالة قيام تهديد بهجوم على أي بلد من البلاد التي سلف ذكرها في الفقرة الأولى.

ولم تبين هذه الفقرة حالة التهديد بالهجوم ، تلك الحالة التي لا تكاد تختلف في مدلولها عن عبارة خطر الحرب التي طالما حاولت انجلترا إغراءنا بالاتفاق عليها ولم تقابل إلا بالرفض.

4- وتنص المادة السابعة على جلاء القوات الإنجليزية جلاء تاما عن الأراضي المصرية في مدة لا تزيد على عشرين شهرا من تاريخ توقيع الاتفاق.

والجلاء التام الناجز غير المشروط بشرط هو حق الشعب الذي أجمع على المطالبة به وهو المستهدف بالحركة وصرح به رجالاتها ، ولكن الجلاء الذي جاءت به المادة السابعة جاء مع الأسف مسبوقا بالتزامات ومعلقا على شروط تجعله جلاء مشروطا وغير تام وغير ناجز.

وسنرى أن الملحق رقم (1) استبدل بالجنود الإنجليز فنيين وموظفين من الإنجليز يديرون القاعدة ويحافظون عليها ، وهذا يجعل الجلاء صوريا ، ويحل محل الإنجليز الذين يلبسون الملابس العسكرية بانجلترا يرتدون الملابس المدنية ومهمة الفريقين واحدة.

لذلك رأينا أن المادة الرابعة تعطي انجلترا حق إعادة جيشها للقاعدة بمجرد جمة دولة من الدول التي عينتها المادة ، كما تفرض على مصر مخالفة واقعية مع انجلترا وحلفائها.

وإذا كانت مدة الاتفاقية سبع سنوات من تاريخ توقيعها فمعنى ذلك أن تظل القاعدة محتلة بالمدنيين من الإنجليز ومعرضة لدخول الجيش الإنجليزي فيها طيلة سبع سنوات.

وإذا كان هذا هو الجلاء الذي جاءت به المادة السابعة فلن يستطيع منصف أن يقول عنه أنه جلاء تام أو جلاء ناجز غير مشروط.

5- وتنص المادة الثامنة على اعتبار قناة السويس ممرا مائيا له أهميته الدولية ، وعلى أن الطرفين مصممان على احترام اتفاقية 1888 التي تكفل حرية الملاحة في القنال.

والاعتراف باعتبار قناة السويس ممرا مائيا له أهميته الدولية هو تقرير للواقع ، ودليل على بطلان ما كانت تدعيه انجلترا من أهمية القنال لها وحدها ، ولكن النص على احترام إتفاقية 1888 التي تكفل حرية الملاحة كان يقتضي النص على حق مصر في تعطيل هذه الملاحة في حالة الدفاع عن النفس.

والمادة الثامنة بهذا الوضع الناقص لن يستفيد منها إلا إسرائيل .

6- وتلزم المادة التاسعة مصر بأن تقدم التسهيلات الخاصة بالطيران والنزول والصيانة لكل طائرة تابعة لسلاح الطيران الإنجليزي بمجرد الإخطار عنها.

وهذا النص يحمل مصر بالتزامات خطيرة :

(أ) فهو يلزم مصر قبول أي طائرة أخطرت عنها دون أن يكون لمصر حق الاعتراض أو الرفض.

(ب) يلزم مصر أن تنشئ مطارات لنزول الطائرات الإنجليزية ، وأن تنشئ محطات لإصلاح وصيانة هذه الطائرات ، كما يلزم مصر أن تضع مطاراتها الحالية ومحطات الإصلاح والصيانة تحت تصرف الطيران الإنجليزي.

(ج) ويلزم مصر أن تقدم التسهيلات السابقة في أي مكان من القطر المصري لا في منطقة القنال وحدها ، ويكمل هذا الالتزام الجوي التزام بحري هو حق انجلترا في استخدام جميع الموانئ المصرية المنصوص عليه في المادة الرابعة ، ويترتب على هذين الالتزامين التزام بري بنقل الأشخاص والمهمات فيما بين بعض المطارات والموانئ وبعضها الآخر وفيما بين الطائرات والموانئ وبين القاعدة.


ثانيا- الملحق رقم (1)

1- أعطت الفقرة الثالثة لشركة تجارية انجليزية أو أكثر حق حفظ المنشآت البريطانية وإدارتها وأباحت لهذه الشركات أن تستخدم فنيين وموظفين من البريطانيين على أن لا يزيد عدد الفنيين عن حد معين سيتفق عليه ، وهذا النص إذا كان مقيدا لعدد الفنيين فإنه لا يقيد عدد الموظفين ، ويسمح للشركة أن توظف عددا كبيرا من الإنجليز وهم جميعا مجندون ، فيكون هناك جيش من هؤلاء في القنال تحت اسم الموظفين ، ويستطيع هذا الجيش الأجنبي في أي وقت أن يكون خطرا على مصر خصوصا وتحت يده العتاد الكبير ولديه العدد الكافي من الفنيين ، ولا يغير من هذا المعنى ما قد توهم به عبارة النص من جواز أن تكون الشركة مصرية وبين جواز استخدام المصريين مع البريطانيين ، فإن حق اختيار الشركة أو الشركات متروك لانجلترا ،

ولا يعقل أن تختار شركات مصرية وحق اختيار الفنيين والموظفين متروك للشركة ، ولا يعقل أن تختار الشركة الإنجليزية فنيين أو موظفين مصريين إلا إذا كانت أعمالهم تافهة ولم يكن لديها من يقوم مقامهم من الإنجليز.

«ولو صح أن انجلترا لا يهمها أن يشرف على القاعدة مصريون لما كان هناك داع لهذا اللف والدوران ولسلمت القاعدة للحكومة المصرية وتركت في مسؤوليتها.

على كل حال فإن وضع إدارة القاعدة في يد شركة يشرف عليها موظفون بريطانيون يلحقون بالسفارة البريطانية يدل على روح الحكومة البريطانية واتجاهها وحرصها على أن تكون أمور القاعدة في أيدي إنجليزية.

2- وتلزم الفقرة الرابعة الحكومة المصرية أن تقدم المعونة الكاملة للشركة التجارية ، وتعبير المعونة الكاملة تعبير واسع ومن شأنه أن يرتب على مصر التزامات غير محددة تنفرد الحكومة البريطانية بتقديرها.

3- والفقرتان الأولى والخامسة معا تفيدان أن معظم المنشآت الإنجليزية في القتال ستسلم للشركات التجارية لإدارتها وحفظها وصيانتها ، وأي منشآت من نوع خاص كالكباري والمواصلات وأنابيب البترول قد تسلم للحكومة المصرية.

ولكن الحكومة المصرية مع تسلمها هذه المنشآت لن تديرها إلا بواسطة الشركات التجارية.

ولا ندري ما الحكمة التي تدعو لتسليم الحكومة المصرية بعض المنشآت وإلزامها بأن لا تديرها بنفسها.

4- وتجعل الفقرة السادسة للحكومة الإنجليزية حق التفتيش على جميع المنشآت ، ما يسلم منها للحكومة المصرية وما يسلم منها للشركات ، ويتم التفتيش بواسطة موظفين من الإنجليز يلحقون بالسفارة البريطانية في القاهرة ومقتضى هذه الفقرة :

(أ) أن يقوم بالتفتيش عسكريون من الإنجليز ولا يمكن أن يكونوا إلا عسكريين لأنهم سيفتشون على منشآت وأعمال عسكرية.

(ب) أن يكون التفتيش على جميع المنشآت ما سلم منها للحكومة المصرية وما سلم للشركات.

(ج) أن يمنح هؤلاء المفتشون الحصانة الدبلوماسية بحكم إلحاقهم موظفين بالسفارة البريطانية ، الأمر الذي سيترتب عليه تحويل السفارة البريطانية إلى ثكنة عسكرية يتمتع أفرادها بالحصانة الدبلوماسية.

(د) أن يكون لهؤلاء العسكريين حق الإقامة في القاهرة بعد أن جلا العسكريون عن القاهرة منذ 1946.

(هـ) وأخيرا إن قيام شركات انجليزية بإدارة القاعدة ، واستخدامها فنيين وموظفين من الإنجليز ، وجعل التفتيش على أعمال هؤلاء العسكريين بواسطة موظفين ملحقين بالسفارة البريطانية ، كل ذلك معناه أن انجلترا هي التي تدير القاعدة وتحافظ عليها وتتصرف فيها وأن الوضع السابق على هذه الاتفاقية لم يتغير في حقيقته وأن تغير في مظهره.


المعاني التي قامت عليها الاتفاقية

يستخلص من دراسة الخطوط الرئيسية والملحق رقم (1) أن الاتفاقية تقوم على المعاني الآتية :

الأول - ربط مصر بالكتلة الغربية ربطا فعليا ، وذلك بإدخال تركيا في الاتفاق وهذا الرباط يجعل مصر حليفة لدول الكتلة الغربية ، وأن لم تذكر كلمة التحالف ويعرض مصر لويلات حروب لا مصلحة لها فيها ولا فائدة تعود منها عليها ، ويحملها نفقات هي أحق بأن تنفقها في محاربة الاستعمار وتدعيم استقلالها.

الثاني -تقدير الجلاء المشروط بإدخال تركيا في الاتفاق واعتبار هذا الدخول شرطا للجلاء وثمنا له وهذا هو الجلاء المشروط الذي حرص الإنجليز منذ سنة 1945 على أن يتمسكوا به في كل مفاوضة ، وليس هو الجلاء التام الناجز غير المشروط الذي نادت به الأمة المصرية وتعاهدت عليه واستشهد أبناؤها في سبيله.

الثالث -استبدال الاحتلال المدني بالاحتلال العسكري طول مدة الاتفاقية ، الأمر الذي يجعل الجلاء غير تام وغير ناجز ، لأن المدنيين الإنجليز لا فرق بينهم وبين العسكريين الإنجليز إلا الملابس.

الرابع - إعطاء انجلترا الحق في إعادة الاحتلال العسكري إذا هوجمت مصر أو أي بلد من بلاد الجامعة العربية أو تركيا ، وهذا المعنى مع سابقه يجعلان الجلاء جزئيا لا كليا ومؤقتا لا نهائيا وصوريا لا حقيقيا ، وقد يقال أن تقديم مصر التسهيلات لانجلترا لا يجعل مصر حليفة لها ، ويستدل القائلون بما حدث في الحرب الماضية ، وهؤلاء يجب أن يعلموا أن مصر بتقديمها التسهيلات في أراضيها لدولة محاربة تعتبر مشتركة في الحرب فعلا ،

وأن ما حدث من إيطاليا وألمانيا في الحرب الماضية لن يحدث من روسيا مثلا ، ذلك أن ألمانيا وإيطاليا كانتا على علم بحقيقة شعور الشعب المصري نحو الإنجليز ، وكانتا تطمعان في الاستفادة من هذا الشعور لزعزعة مركز الإنجليز ومع ذلك فإن حرصهما على عدم استثارة الشعب المصري لم يمنع من غارات طائراتهما على المدن المصرية مما أدى إلى تخريب المنشآت وهلاك الأنفس.

رؤية الإخوان لعلاج الموقف من إتفاقية الجلاء

أن أول علاج للموقف في رأينا هو أن توقف المفاوضات الدائرة بين الحكومة المصرية والحكومة الإنجليزية وأن يعتبر ما تم منها كأن لم يكن ما دامت المفاوضات أساسها المساومة على الجلاء حتى إذا ما اعترف الإنجليز بالجلاء غير مقيد بقيد ، ولا مشروط بشرط ، ولا مرتبط باتفاق على أمور أخرى ، جاز للحكومة المصرية أن تدخل معهم في مفاوضات لا تتعدى تنظيم الجلاء.

فإذا تم الجلاء ، وانتهت عوامل الضغط وأسباب المساومة ، فإن لمصر أن تفاوض انجلترا وأن تتفق معها على ما تراه في صالحها.

والنقطة الثانية في علاج الموقف هي تحقيق ما أعلنت الحكومة الحالية من إعداد الشعب وتربيته تربية عسكرية ، وبث روح الجهاد فيه ، وتجميع صفوفه وتنظيمها لجهاد كريم هو السبيل الطبيعي لاستخلاص الحقوق ، وإجلاء الغاصبين والمستعمرين ،

ويوم تفعل الحكومة هذا فسيكون الإخوان في الصف الأول ، وسترى الحكومة كيف يبيعون أنفسهم هم وأفراد هذا الشعب الكريم في سبيل الله وتحرير وطنهم ، وأن ذلك الاتجاه لقمين أن يوصلنا إلى الجلاء التام الناجز في أقرب وقت وبأقل كلفة ، ولن نبذل من التضحيات والخسائر في هذا السبيل بعض ما يصيب البلاد من هذا الاتفاق المقترح بيننا وبين الإنجليز.

ولا نحب أن نلزم الحكومة الأخذ برأينا في علاج الموقف ويكفينا أن تعلم الحكومة المصرية أن مشروع الاتفاق ضار بمصر للأسباب التي ذكرناها وأن الأمة لا ترضاه ولا تقبله ولن تسمح بأن تقيد نفسها به وأن على الحكومة أن تراجع موقفها من هذا الاتفاق ،

وأن تتخذ منه الموقف اللائق بوعي الأمة وحيادها الطويل وبأهداف الثورة وما أعلنته منذ قيامها من أنها لا تقبل إلا الجلاء الناجز الطليق من كل شرط أو قيد.

هذا ما يرى الإخوان المسلمون التقدم به إلى الحكومة آملين أن تستجيب لهم ، فإن أبت الحكومة إلا المضي فيما بدأته من مفاوضات ، فإن الأمانة الوطنية تحتم عليها أن تتبين رأي الأمة في هذا الأمر الخطير الذي لا يجوز أن تستأثر به حكومة دون شعب ، وإذا كان قد فات الحكومة أن تتبين رأي الأمة في المفاوضة قبل البدء فيها ، فلا يفوتن الحكومة أن تبين رأي الأمة في اتفاق الخطوط الرئيسية ، ولن يكون ذلك إلا بإطلاق حرية القول والاجتماع وترك الحرية للصحف ولتنشر كل ما يصل إليها عن الاتفاق.

ولا يغني عن تبين رأي الأمة في اتفاق الخطوط الرئيسية أن يعرض الاتفاق النهائي بعد تمامه على ممثلي الأمة لإقراره والتصديق عليه ، فإن تبين رأي الأمة في الاتفاق قبل المضي فيه يوفر على الأمة وقتها وجهدها ، ويجعل الحكومة على بصيرة من أمرها فيما تأخذ وما تدع ، وعلى هذا جرى العمل في كل مشروعات الاتفاقات السابقة فقد عرضت على الأمة لاستطلاع الرأي فيها .

ونوقشت في الصحف وفي الاجتماعات العامة مناقشة حرة لا قيد عليها ولا تثريب على المشتركين فيها.

وما تقدمنا للحكومة في هذا كله إلا بالنصيحة التي يفرضها علينا الإسلام والدين النصيحة ، وما نريد إلى الخير للأمة وللحكومة. أن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

الوكيل العام للإخوان المسلمين

بدايات الاتصـال بين الإخوان و البريطانيين

يذكر الاستاذ محمد العدوي (رحمه الله) فى كتابة حقائق وأسرار الاخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ:

اتصل الإنجليز ببعض الهيئات التى لم تذق طعم الحكم بعد وكان من الطبيعى أن تتطلع أنظارهم إلى الإخوان , وفعلا بدأ أحدهم يتصل بالمرشد العام فى المركز العام الذى انتقل إلى 13 شارع أحمد عمرو بميدان الحلمية الجديدة.وهذا مسلم انجليزى يغار على الإسلام وذلك مستشرق يدرس وغير ذلك كثير.

بدأ الغيورون (كذا) يتحدثون عن الأستاذ وكفاءته وامتيازه والظلم الواقع عليه.

كيف يكون هكذا وقد كان أول دفعته كيف يعمل مدرسا ابتدائيا ومن هو أقل منه أستاذ بالجامعة.

يا سيدى أن مكانك مدرجات الجامعة وليست فصول المدارس الابتدائية. وأفهمهم الأستاذ أنه هو الذى اعتذر عن البعثة لصالح الدعوة.

وقالوا الأمر مازال فى أيدينا ولابد من رفع الظلم الواقع عليك واعتذر الأستاذ وقطع عليهم الطريق.

وجاء آخر معجب بنشاط الإخوان , وأن الإمبراطورية من خططها معاونة الجمعيات الدينية والاجتماعية وهى تقدر كثرة النفقات والأعباء الكثيرة التى تضطلع بها الجماعة , وهى لهذا تعرض خدمتها بدون مقابل ولا بأس فى ذلك, فقد قدمنا معونات لعلان وفلان والجمعية الفلانية والعلانية,....

وهذا شيك بعشرة آلاف جنيه معاونة من الإمبراطورية. ورد الأستاذ بابتسامة ( أنكم فى حالة حرب وأنتم أكثر احتياجا إلى هذه الآلاف).

ظن البعض أن سعر السوق فى هذه الدار أغلى من هذا فرفع المقدار, وكلما امتنع الأستاذ زاد فى المبلغ ولما لم يجد فائدة قال يا فضيلة الأستاذ أنى أريد أن أقدم خدمة لكم لا أكثر من ذلك ويدفعنى إلى هذا حبى وتقديرى, وهذا شيك( على بياض) فاكتب الرقم الذى تريد. وسمع الرجل نفس الجواب.

ويجد ربى أن أنبه إلى أن البعض كان يخالف القائد فى نظرته ومنهم على ما أذكر الأستاذ أحمد السكري وكانت حجتهم فى ذلك لم لا نأخذ المال ونستعين به عليهم.

وكان جواب القائد المسلم... أن اليد التى تمتد لا تستطيع أن ترتد وأن اليد التى تأخذ العطاء لا تستطيع أن تضرب... أننا مجاهدون بأموالنا وليس بأموال غيرنا وبأنفسنا لا بأرواح غيرنا.

طالع : حقائق وأسرار الاخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ محمد العدوي

كما يضيف الاستاذ العدوى فيقول :

فى هذه الفترة الزمنية صحت نية الغرب على التغيير مع اختلاف فى العقلية والأسلوب – أمريكا تريد الاطاحة بالنظام الملكى دفعة واحدة ومن أساسه وانجلترا تريد تغيير استبدال محمد على ولى العهد بدلا من فاروق. وبدأ جس النبض, ففى لقاء تم مصادفة عند احد المصريين تكلم الأمريكان مع أحد الإخوان عن فاروق وقتله لحسن البنا والثأر بين الإخوان والملك فقطع عليه كلامه مذكرا ان هذه أمور داخلية تسويها نحن بيننا, فاعتذر الرجل بأنه لم يقصد أى شىء.


وبخصوص الاتصال مع البريطانين قال الاستاذ عمر التلمسانى فى كتابه (ذكريات لامذكرات)

إن كل موقف وقفه الإخوان المسلمين كان مدروسا . وقد درس الإخوان معاهدة الجلاء وقدموا رأيهم لعبد الناصر قبل أن يعرفه أحد .

وأذكر أنه كان من بين ما اعترضنا عليه فى تلك المعاهدة أن فى بنودها ما يلزمنا بوضع أرضنا كمراكز انقضاض أو تموين إذا ما هوجمت إحدى حليفات بريطانيا كتركيا .

ومعنى هذا أننا قد نجر الى حرب دون أن يكون لنا فيها ناقة ولا جمل .

ولو لم يكن فى هذه المعاهدة إلا هذا الشرط لكان كافيا لرفضها . لقد مر على ذلك ما يقرب من ثلاثين عاما وقد كنت واحدا من بين المشتركين فى وضع أسباب الرفض ولنقرأ شهادة الأستاذ الفاضل " صالح أبو رقيق " متعه الله بالصحة والعافية وحول هذا الموضوع يقول :

هوجموا بانهم يعملون ضد الثورة وأنهم عقدوا اجتماعات مع المستشار الشرقى فى السفارة البريطانية لإقناعه بأن الضباط لا يمثلون الشعب فى مفاوضات الجلاء .

وكنت أنا والمستشار منير الدلة ممن قام بالاتصال بالمستر " إيفانز " المستشار الشرقى للسفارة البريطانية وبطلب جاءنا من السفير البريطانى عن طريق المرحوم محمد سالم السكرتير العام لوزارة المواصلات .

وعندما عرضت على فضيلة المرشد الأستاذ حسن الهضيبي رضى الله عنه وافق على هذا الاتصال من ناحية المبدأ على أن يعتبر من بريطانيا أول اعتراف سياسى بنا ولكن على شرط أن يوافق جمال عبد الناصر وزملاؤه على ذلك .

وطلب الهضيبى عبد الناصر للقاء فى بيته فى الروضة وكانت الاتصالات التليفونية بينهما عادية فى ذلك الحين .

وحضر إليه كل من جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر وصلاح سالم وكمال الدين حسين وعرض عليهم الأستاذ الهضيبى الأمر فوافقوا على هذا الاتصال .

وقال لهم إننا سنوافيكم بما يدور من مباحثات أولا بأول . وفى أول لقاء مع مستر " إيفانز " فى منزل الدكتور محمد سالم فى المعادى وصلت معه الى شروط لم يصل اليها مفاوض مصرى من قبل ببساطة لأنهم كانو عازمين على الجلاء .

ونقلت كل ما دار بالتفصيل لفضيلة المرشد ليقرأ عليهم منه ما يرى . وحضر إليه ثانية جمال عبد الناصر ومن كان معه فى المرة الأولى وقرأ عليهم التقرير بكل تفاصيله . فسروا كثيرا وأظهروا إعجابهم أو هكذا فعلوا وكنا نعطيهم علما بكل مقابلة وما دار فيها .


المرحلة الثالثة: (مرحلة تصحيح المفاهيم وطرح رؤى تقاربيه)

تمهيد

صرح مرشد الإخوان حسن الهضيبي بأنه ( على ثقة من أن الغرب سيقتنع بمزايا الإخوان المسلمين وسيكف عن اعتبارهم شبحاً مفزعاً كما حاول البعض أن يصورهم) ... الإخوان المسلمين .... ريتشارد ميتشل

ربما هذه العبارة والتى قيلت فى منتصف خمسينينات القرن الماضى تكشف عن ثقة واضحة من المرشد العام الثانى لجماعة الإخوان المسلمون بأن الغرب سيتنقع لامحالة بفكر الإخوان المسلمين المعتدل وهو ماتم فعلا أو تحسن بصورة نوعية بعد عشرات السنين حيث بدا هناك نوع من التقارب أو مايمكن أن نطلق عليه محاولة فهم الآخر من كلا الطرفين الإخوان والغرب ولا ينكر أحد أن أحداث الحادى عشر من سبتمبر والتى هزت العالم لم يكن اهتزاز سياسى فقط بل وفكرى .

وربما لايوجد الكثير فى أدبيات وتاريخ الإخوان عن هذه العلاقة وتفتقد التوثيق فى الكثير من مراحلها ولكن من خلال هذا البحث نحاول رصد لبعض المواقف واللقاءات التى تمت.

وتعتبر هذه المرحلة منذ فترة بداية الصعود السياسي والإعلامي للإخوان المسلمون وخاصة عقب أحداث الحادى عشر من سبتمبر والتى هزت أو رسمت لاستراتيجيه جديدة فى العلاقة بين العرب والمسلمين من جهة والغرب من جهة أخرى فعقب الحادث توجهت آفاق الباحثين والمؤسسات الإعلامية وكذلك الأفراد لسبر غور هذا المجهول ناهيك بالطبع عن الإدارت الغربية وخاصة الأمريكية والتى وضعت نفسها فى إطار واحد للتعامل مع هذا المجهول وهو ما أطلق عليه بالحرب على الإرهاب أو الحرب الاستباقية، ثم أعقب هذه الفترة بداية فوز ضخم للإخوان المسلمون بالانتخابات التشريعية المصرية بحصولهم على نسبة 20% كل هذه المؤشرات ساعدت على تغير وجهة نظر الغرب تجاه الإخوان المسلمون فسعت بعض الحكومات لايجاد نوع من التقارب مع هذا الوافد القديم الجديد وكان لطرح الإخوان أنفسهم بشكل جديد للغرب – بالرغم من أنه تأخر بصورة كبيرة – وتمثل هذا الطرح فى وسائل متعددة وإن كان الأكثر تأثيراً فى هذه الفترة- من وجهة نظرى- هو التواصل الاعلامى والأكاديمى.

موقف الإخوان من الحوار مع المؤسسات الرسمية فى الغرب

كان نهج الإخوان الثابت ومنذ نشأتهم عام 1928 أنهم لا يؤيدون الحوار مع المؤسسات الرسمية في الغرب إلا برعاية وزارة الخارجية المصرية بالنسبة للحالة الإخوانية المصرية، إلا أنهم يساهمون في حوارات ثقافية وسياسية وحقوقية مع مراكز حقوقية وبحثية بارزة في الغرب. حيث صدرت تقارير مهمّة في هذا الشأن كبحوث مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي ومجلة الفورين بوليسي ومؤسسة أبحاث الحركات الأصولية وأبحاث بارزة لباحثين كمارك لينش وعمرو حمزاوي.

وفي هذا الصدد يقول القيادى الإخوانى الدكتور محمد جمال حشمت فى حوار له مع موقع (إسلام أون لاين)؛ القيادي بجماعة الإخوان المسلمين: "لاشك أن النظام السابق كان حائلا دون معرفة الحقيقة، وكان يستخدم الإسلاميين عموما والإخون على وجه الخصوص كفزاعة في الداخل والخارج"؛ مشيرًا إلى أن "هناك صورة مبتسرة عن الإسلام والإسلاميين في العقلية الغربية، ساهمت النظم العربية في رسمها، لتبرر سياستها الإقصائية والقمعية للحركات الإسلامية أمام الرأي العام الداخلي والخارجي".

وأضاف الدكتور حشمت؛ عضو مجلس شورى الجماعة؛ "نحن نرحب بمثل هذه الحوارات؛ ولا نستغرب مثل هذه التصريحات، وخاصة بعد سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك، وانكشاف المخطط الذي انتهجه لثلاثة عقود متتالية في إشاعة الصورة السلبية عن [[الإخوان]ي"؛ معتبرًا أن "مثل هذه الحوارات (الرسمية) لابد أن تتم تحت نظر الحكومة المصرية وبعلمها، لأن مثل هذه الحوارات ستترجم في النهاية إلى استثمارات، وأن هذا هو شرط الإخوان قبل الثورة وبعدها للدخول في حوارات من هذا النوع".

كما يقول د. محمد حبيب النائب السابق للمرشد العام للإخوان المسلمون فى حوار له مع (موقع إخوان ويب) بهذا الخصوص فيقول: نحن طبعا لا نثق في الإدارة الأمريكية والتي تتناقض مع نفسها من حيث التصريحات والمواقف بين عشيه وضحاها ولا ننسى المشروع الأمريكي الذي يستهدف السيطرة على المنطقة بما لديه من تفوق ساحق اعلاميا وعسكريا واقتصاديا ولن ننسى أن الأمريكيين لهم مشروع في منطقتنا ولا ننسى أيضا أن الإدارة الامريكية ليست جمعية خيرية وأن لها مصالحها واجندتها وهي الاستيلاء على منابع النفط والتحكم في الموقع الاستراتيجي للمنطقة وضمان التفوق لإسرائيل الساحق على المنطقة كلها، بالتالي على ماذا نتحاور؟! ويضيف د حبيب بقوله من مصلحتنا ومن مصلحة المنطقة العربية أن يتسع هذا وأن يكون هناك حوار بين الشمال والجنوب، بين منطقتنا وأوروبا لصالح الشعوب هنا وهناك، لا شك أيضا أن مراكز البحوث والدراسات سيكون لها الدور الأوفى في توضيح الصورة وبناء الجسور والمعابر وما نريده أن تتوقف سواء كان الإدارة الأمريكية أو الاتحاد الأوربي عن دعم إسرائيل على حساب الحقوق الفلسطينية وعدم دعم الأنظمة الاستبدادية والقمعية في المنطقة.

ويضيف د حبيب فى اجابته عن سؤال: إذا كان رفض الحوار بسبب الإدارات والمواقف والمشروعات، هل اذا تغيرت الإدارات والمواقف والمشروعات سيكون هناك تحاور بدون أخذ موافقة النظام المصري ؟

حبيب: كل ما من شأنه يعزز السلام العالمي الأمن والأمان والاستقرار وكل ما من شأنه يعزز مصالح الشعوب العربية والإسلامية نحن معه وكل ما يعزز مصلحة الشعب المصري نحن معه.

ويقول الأستاذ محمد مهدي عاكف المرشد السابق فى حوار له لجريدة المصور المصرية بتاريخ 20 يوليو 2005 ونشرتها العديد من مواقع الانترنت)قد زارني أحد الأمريكان وعرض زيارة السفير الأمريكي في القاهرة لنا، فاشترطت أن يحضر هذه المقابلة وزير الخارجية المصري، وإذا أراد أي مسئول من الحكومة الأمريكية الاتصال بي فليكن عن طريق الخارجية المصرية، أنا لا استقوي بأية قوة أجنبية علي الشرعية.. أنا رجل وطني.

كما يشير أ عاكف فى حوار آخر لمجلة الأهرام العربى بتاريخ 30 أبريل 2005

فيقول نحن أعلنا موقفنا بمنتهي الوضوح أننا لسنا ضد مبدأ الحوار مع أحد سواء كان من الفضائيات أم الإعلاميين أم من جماعات المجتمع المدني‏,‏ أما الحكومات وخاصة الحكومة الأمريكية أو حكومات الاتحاد الأوروبي‏,‏ فإن أي حوار يكون من خلال وزارة الخارجية المصرية‏.‏

‏*‏ ولماذا وزارة الخارجية المصرية؟

لأننا في دولة لها نظام ومهما اختلفنا معه فإننا نحترم النظام والقوانين ولا يوجد لدينا ما نخفيه عن أحد ولسنا نملك أجندة خفية‏,‏ فنحن لا نطلب أية مطالب من أية قوي أجنبية‏,‏ وإنما مطالبنا هي مطالب وطنية ترتبط بعملية الإصلاح السياسي ولا دخل فيها للقوي الخارجية.‏

لا داعي للخوف منَّا .. منصة انطلاق الحوار مع الغرب

أسس خيرت الشاطر بمقالته (لا داعى للخوف منا )التي نشرت بصحيفة الغارديان البريطانية ، رغبة جماعة الإخوان المسلمين الرسمية في التواصل مع الغرب بمراكزه البحثية ومثقفيه والمهتمين بشئون الحركة الإسلامية، وقد جاء هذا المقال بعد الفوز الكبير لمرشحي الإخوان المسلمين في الانتخابات البرلمانية المصرية في عام 2005، وبروز مخاوف غربية نشرت في كتابات متعددة حول الصعود المقلق لما يسمي بتيار الإسلام السياسي في الشرق الأوسط، وكان لهذه المقالة صدى واسع جداً حيث بدا هناك نوع من الاهتمام الشديد وخاصة المراكز البحثية بالإخوان المسلمين وظهر ذلك جليا فى العديد من اللقاءات الصحفية والبحثية التى قام بها صحفيون غربيون مع قيادات الجماعة.

نص مقال (لا داعي للخوف منَّا)

نشرت جريدة (جارديان) البريطانية في عددها الصادر يوم الأربعاء 23 نوفمبر 2005م مقالاً للمهندس خيرت الشاطر النائب الثاني لفضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين ضمَّن فيها رؤاه ورؤى الإخوان حول الانتخابات التشريعية المصرية والحال السياسي العام في مصر،وهذا هو نص المقال.

العنف الذي شهدته مصر في الأيام الأخيرة يأتي نتيجة الفزع الحكومي من النجاحات السياسية التي حققتها جماعة الإخوان المسلمين، حتى في الدوائر التي تم التلاعب في نتائجها في هذا البلد الذي يعتبر أكبر الدول العربية سكانًا.

فما إن بدأت المرحلة الثانية من الانتخابات التشريعية المصرية يوم الأحد الماضي حتى اعتقلت السلطات 500 من أفراد الجماعة، بينما هاجم البلطجية أنصارنا في الدوائر الانتخابية، إلا أن هذه الاستفزازات التي يقوم بها هذا النظام القمعي- المدعوم من أكبر قوة في العالم- لن تعرقل مسيرة جماعتنا المستمرة منذ 77 عامًا ولن تؤثر على إقبال المواطنين المتزايد علينا.

وعلى الرغم من شعبية الإخوان المسلمين المتزايدة- أو ربما بسببها- فإن الجماعة لا تزال محظورةً في مصر، ومع ذلك فقد نجح مرشحونا المتقدمون كمستقلين (والمعروف بين المواطنين انتماؤهم للجماعة) في الحصول على 17 مقعدًا كأكبر كتلة برلمانية معارضة في المجلس السابق.

وفي ظل الإصلاح السياسي الحالي فإنه من المفترض أن يزيد تمثيلنا في البرلمان إذا ما جرت الانتخابات بصورة نزيهة؛ ولأننا ملتزمون بالديمقراطية فإننا نحترم نتائج الانتخابات مهما تكن، إلا أننا قدمنا 150 مرشحًا فقط للتنافس من بين 444 مقعدًا؛ لأننا ندرك أن تقديم عدد أكبر من المرشحين سيُعتبر استفزازًا للنظام يدفعه لتزوير النتائج، وفي الجولة الأولى من الانتخابات استطاع الإخوان أن يحققوا النصر في 65% من عدد الدوائر التي نافسوا فيها، وذلك على الرغم من التزوير والعراقيل التي شهدها التصويت، وهذا ما أكد تأييد المواطنين لنا.

إلا أننا- وعلى الرغم من الثقة الكبيرة التي يمنحها لنا المواطنون- لا نريد أكثر من مجرد قطعة صغيرة من “الكعكة” البرلمانية، وهذا القرار يستند إلى حقائق السياسة الدولية والداخلية، بمعنى آخر: هذا القرار يضع في الاعتبار ردود فعل النظام والقوى السياسية الأمريكية والغربية التي تدعمه.

ما نريده بالفعل هو إحداث نهضة في مصر تنبع من القيم الإسلامية التي بُنيت عليها الثقافة وكذلك المجتمع في مصر؛ إذ إننا نؤمن بأن هذه القيم تستطيع فعلاً التغلب على كل العراقيل التي حالت بيننا وبين الإصلاح والتنمية، ففي الوقت الحالي تعاني الحياة السياسية المصرية من اللامبالاة والفتور، فهي عبارة عن مجموعة صغيرة من الأحزاب ذات التوجهات الضعيفة والمحدودة.

لذا فإن الأولوية هي الآن لتنشيط الحياة السياسية المصرية مما يمكِّن المواطنين من المشاركة الحقيقية في حل مشكلات الحياة اليومية لمصر واختيار المستقبل الذي نريده لبلادنا.

نحن نؤمن بأن احتكار السلطة من جانب حزب واحد أو جماعة سياسية واحدة- سواءٌ كانت الحزب الوطني الديمقراطي أو جماعة الإخوان المسلمين- ليس أمرًا مناسبًا؛ حيث إنه لن يؤديَ إلا إلى عزل غالبية الشعب المصري عن (الحياة السياسية).

ما نريده من فوزنا بعدد محدود من المقاعد هو:

أولاً: إيجاد كتلة برلمانية فاعلة تتمكن- بمساعدة كتل أخرى- من تفعيل المناقشات حول أولويات الإصلاح والتنمية، فلا يمكن أن يتم إقصاء أية جماعة سياسية أو اجتماعية أو دينية من الحياة السياسية المصرية؛ لذا فإن الهدف يجب أن يكون منع احتكار أي حزب للحكومة وتعزيز مشاركة المواطنين في النشاط السياسي.

ثانيًا: هو أننا نريد المشاركة لتحقيق إصلاحات سياسية ودستورية بارزة، وتحديدًا إزالة المعوقات التي يضعها النظام على العمل السياسي، ومنح البرلمان دورًا أكبر مما يحظى به الآن، فبدون قدرة حقيقية على مساءلة السلطة التنفيذية يتحوَّل البرلمان إلى مجرد واجهة.

ثالثًا: نريد المشاركة من أجل إجراء إصلاحات اقتصادية واجتماعية وثقافية، وهذه الإصلاحات لا يمكن أن تتم إلا إذا تم ضبط السلطة التنفيذية عبر منظومتَين تشريعية وقضائية تتمتعان بالاستقلال.

نجاح الإخوان لا يجب أن يُخيف أحدًا، فنحن نحترم حقوق جميع الجماعات السياسية والدينية، فكثيرٌ من المشكلات التي عانت منها البلاد في القرن الماضي ترجع إلى الديكتاتورية والفساد؛ لذا فإنه من المستحيل أن نقوم بإصلاحاتٍ سياسيةٍ واقتصاديةٍ أوسع قبل إصلاح الدمار الذي تعاني منه مؤسساتنا الرئيسة.

إن انتخابات ديمقراطيةً وحرةً ونزيهةً تُعتبر الخطوة الأولى على طريق الإصلاح من أجل مستقبل أفضل لمصر وللإقليم.. نحن ببساطة لا نملك اليوم خيارًا إلا الإصلاح.


موقع إخوان ويب والتواصل مع الغرب

كان لموقع (إخوان ويب) دور هام ومؤثر فى تقديم الإخوان المسلمون بشكل جديد للغرب فقام موقع إخوان ويب، وهو الموقع الرسمي لـجماعة الإخوان المسلمين باللغة الإنجليزية، بعرض أفكار الجماعة ورؤاها ومشروعها الحضاري وأخبارها. يتابع الموقع مراكز بحثية ومؤسسات دولية وأفراد من أميركا وبريطانيا وألمانيا وتركيا، حيث يقوم الموقع بنشر مقالات الباحثين الغربيين، وآخر التقارير التي تتناول قضايا جماعة الإخوان المسلمين وقضايا التحول الديموقراطي وحقوق الإنسان في العالم العربي والإسلامي ولأهمية موقع إخوان ويب ودوره الفعال فى ملف الحوار مع الغرب سنعرض عرض سريع لبعض أهدافه وتوجهاته.

رسالة موقع إخوان ويب

يقوم موقع إخوان ويب بتقديم رؤيً جديدة وتصورات غير نمطية عن جماعة الإخوان المسلمين للعقل الغربي، حيث قام بإجراء حوارات عديدة مع مراكز بحثية غربية ومع مفكرين وأكاديميين بارزين كمارك لينش وعمرو حمزاوي. كما يقوم بإجراء نقاشات واسعة حول قضايا الإصلاح السياسي في العالم العربي والإسلامي، ونقاشات أخري حول إصلاح الفكر الإسلامي وتجديده.

قضايا فكرية وحركية يتناولها موقع إخوان ويب

ترتكز مناقشات وآراء موقع إخوان ويب علي إيضاح الرؤي في عدة قضايا تأخذ حيزاً كبيراً في العقل الغربي أهمها :

  • القطيعة المعرفية والحركية مع تنظيم القاعدة .
  • مفهوم الدولة الاسلامية في الفكر الإخوانى، حيث يدور الجدل والخلاف حول تصور الدولة، هل تأخذ طابع دولة المسلمين أم الدولة الإسلامية .
  • قضية تداول السلطة واتفاق الإخوان المسلمين علي السلم الديمقراطي المتعارف عليها عالميا.
  • توضيح ونفي بعض رؤوي أدبيات مفكرى وناشطى الجماعة الذين ينظرون لصراع عقائدى دينى مع الغرب.
  • آليات عمل الديمقراطية الداخلية في الحركة و طرق اتخاذ القرار فيها.
  • طرق التعاطي مع الأنظمة الديكتاتورية حيث تتواجد قوي الإخوان المسلمين .
  • المنهج الديني والسياسي في التغيير بالنسبة

أهمية إخوان ويب كنموذج للتواصل مع الغرب

وتنبع أهمية موقع إخوان ويب من أنه كان همزة وصل جيدة بين الإخوان والمراكز البحثية ووسائل الاعلام الغربية واستطاع الموقع أن يفتح قناة اتصال بين الجماعة وعدد ليس بقليل من المراكز البحثية بل وأصبح الموقع مصدر رسمى معتمد للعديد من المؤسسات الاعلامية الغربية الضخمة.

ونظراً لضخامة الحديث عن دور إخوان ويب فى التواصل مع الغرب سيكون هناك بحث خاص مستقل به قريباً على إخوان ويكى.


(نموذج إخوانى آخر) رؤية وموقف جماعة الإخوان المسلمين في سورية من الحوار مع الولايات المتحدة الأمريكية

حول رؤية جماعة الإخوان المسلمين في [[سوريا]ي وموقفهم من الحوار مع الولايات المتحدة نائب المراقب العام للجماعة ورئيس مكتبها السياسي "محمد فاروق طيفور" فى حوار اجراه مع موقع إسلام أون لاين

يقول طيفور أعتقد أن تحرك الولايات المتحدة للحوار مع الحركات الإسلامية المعتدلة ، هو تحرك إيجابي ويشكل تغيرا حقيقيا في السياسة الأمريكية ، حيث لم يكن هذا الحوار موجودا سابقا وكان يقتصر على الأنظمة بعيدا عن الشعوب ومن يمثلها ، أما عن أسباب توجه الغرب والإدارة الأمريكية للحوار مع الحركات الإسلامية المعتدلة فهو لشعورها بأهمية العودة للشعوب أولا ولشعورها بأن الحركات الإسلامية تشكل شريحة هامة في بنية هذه الشعوب . تقول السيدة ( رايس ) وزيرة الخارجية الأمريكية ( لقد أخطأنا بسياستنا سابقا بدعم الأنظمة الديكتاتورية لتحقيق الاستقرار على حساب الحريات ، وها نحن نجد أننا أفقدنا الشعوب حريتها ولم نحقق الاستقرار) .

ويضيف أ / فاروق طيفور فيقول نحن لا شروط لنا في هذا الحوار سوى احترام سيادة وطننا وحرية شعبنا وعدم التدخل بخصوصيتنا الدينية والثقافية والاجتماعية والنموذج العراقي مثال سيئ لما خلفه من دمار وتقتيل وتشريد . نأمل ألا يتكرر في وطننا ، وكذلك كانت المعارضة العراقية نموذجا سيئا قادت بلدها وشعبها إلى الدمار ، فالمقصود هو حوار المصالح المشتركة وليس على حساب المبادئ . نعتقد بضرورة الحوار كذلك بين الأنظمة وشعوبها ، وكذلك نعتقد بضرورة أن يشمل حوار الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي كافة شرائح الشعب السوري وأحزابه وألا يقتصر الحوار على الحركات الإسلامية فقط .

ويقول أ طيفور نعتقد أن الحوار المباشر مع الغرب سيزيل كثيرا من الشكوك التي زرعها الحكام المستبدون وأجهزتهم القمعية عن الحركات الإسلامية وخاصة المعتدلة منها . فعلى سبيل المثال قامت أجهزة القمع في بلدنا "سورية" بتزويد الأجهزة الغربية بملفات آلاف المعارضين الإسلاميين السياسيين السوريين الموجودين في خارج وطنهم . هذه الملفات تتهم هؤلاء المعارضين بصلات خاصة بينهم وبين تنظيم القاعدة. كل ذلك لدفع الأجهزة الغربية لاتهام المعارضين هؤلاء وملاحقتهم، والحادثة معروفة ومفضوحة لدى الجميع.

كذلك فإن الحوار المباشر بين الحركات الإسلامية والغرب سينهي الصورة المفزعة التي تستخدمها الأنظمة المستبدة عن الحركة الإسلامية فيما لو شاركت هذه الحركات الإسلامية في أي انتخابات ديموقراطية مستقبلية في بلادها. إن في هذا كله جدوى كبيرة لكافة الأطراف .

بعض اللقاءات بين الإخوان ودبلوماسيين غربيين لتوضيح المفاهيم عن الإخوان

بعد حصول الجماعة علي عدد ‏17‏ مقعدا في انتخابات مجلس الشعب عام ‏2000‏ وهدوء موجه الغليان التي أعقبت أحداث ‏11‏ سبتمبر لجأت الإدارة الأمريكية إلي تحسين صورتها داخل العالم العربي والإسلامي‏,‏ ومن هنا جاءت اللقاءات التي جمعت بين ثلاثة من رموز الإخوان من أبرزهم عصام العريان ودبلوماسيين أوروبيين في النادي السويسري كان الوسيط فيها سعد الدين إبراهيم‏(‏ مدير مركز ابن خلدون ـ ‏)‏ -ستأتى تفاصيل أكثر عنه لاحقاً-‏.‏

وكان كذلك من اهم اللقاءات التى تمت عقب أحداث الحادى عشر من سبتمبر هو استقبال الدكتور حسان حتحوت‏ (رحمه الله) (‏أحد القيادات الإخوانية بأمريكا‏)‏ وهو أول من استقبل الرئيس بوش بالمركز الإسلامي ‏‏.‏

كما اتخذ التواصل مع الغرب عدة صور‏ وهذه بعض النماذج التى لم يتم الكشف عن الكثير منها :‏

ـ توجه الدكتور محمد مرسي ‏(‏ عضو مكتب الارشاد‏)‏ للسفارة عقب أحداث ‏11‏ [[سبتمبر[[ عام ‏2001‏ لابلاغ السفير برفض الجماعة للعمليات الإرهابية واستهداف المدنيين ‏.‏

ـ مشاركة بعض نواب الإخوان في الأحتفال الذي أقامه نائب السفير الأمريكي بمنزله في ‏2003/3/29‏ بمناسبة زيارة مدير إدارة إفريقيا والشرق الأوسط بوزارة الخارجية الأمريكية‏.‏

ـ مشاركة بعض القيادات الإخوانية مثل د عصام العريان ود جمال حشمت فى القاء بعض المحاضرات والندوات بالجامعة الأمريكية بالقاهرة والمشاركة في مؤتمرها السنوي.

ـ مشاركة كل من د. عبد المنعم أبو الفتوح‏,‏ د. عصام العريان في بعض المؤتمرات التي عقدتها مؤسسات بحثية أمريكية وغربية ببعض الدول العربية خلال عام ‏2004 (‏الكويت ـ اليمن ـ لبنان ـ الأردن ـ البحرين‏)‏ ‏، كما شارك للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح فى مؤتمر عقد بدولة تركيا خلال نهاية شهر أبريل عام ‏2005 ‏ تحت عنوان‏ (‏الجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني‏)‏ والتي شارك فيها ريتشارد ميرفي ‏(‏ المساعد السابق لوزير الخارجية الأمريكي لشئون الشرق الأوسط‏)‏ وجورج تينت‏ ( الرئيس السابق للمخابرات الأمريكية‏)‏ كما التقي أيضا الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وعاكف بالأمريكي جون شانك وهو شخصية بارزة بالكونجرس الأمريكي خلال شهر سبتمبر عام ‏2004‏ والذي أبلغهما استعداد السفير الأمريكي بالبلاد لاستقبال قيادات الجماعة والاستماع لوجهة نظرهم واقتراحه بتشكيل وفد إخواني لزيارة أمريكا والالتقاء بالمسئولين بوزارة الخارجية‏.‏

كما عقد ممثلو الحكومة الأمريكية عدة لقاءات مع العديد من الرموز الإخوانية ونوابها بمجلس الشعب من بينها التقاء عضو مجلس الشعب محمد سعد الكتاتني‏ٍٍ (‏ مسئول الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان‏)‏ بزعيم الأغلبية الديمقراطية بمجلس النواب الأمريكي ستاني هويد بمنزل السفير الأمريكي بالقاهرة في ‏2007/4/4‏ خلال حفل الاستقبال الذي أقامه السفير الأمريكي بالبلاد بمناسبة زيارة وفد الكونجرس للقاهرة‏,‏ ‏.‏


د. عصام العريان يكشف ملابسات النادى السويسرى

كشف د. عصام العريان فى حوار له لموقع شفاف الشرق الأوسط تفاصيل الحوار الذى تم بين الإخوان المسلمون وبعض المسئولين الأوروبيين فيقول د. عصام العريان: ما حدث أنّ الأستاذ مختار نوح قال للدكتور سعد الدين إبراهيم عندما كان في السجن: "لماذا الغرب اهتم بقضيتك ولم يهتم بقضية الإخوان"؟ فقال له الدكتور سعد الدين إبراهيم: "أن العالم يدافع عني لأنه اعتبرني صاحب رؤية ومشارك معه في قيم إنسانية عالمية، بالإضافة إلى أنني أحترم الآخر". فقالوا ونحن أيضاً نشارك في هذه القيم العالمية. وتساءل الإخوان كيف نوصل وجهة نظرنا للعالم الغربي، فرد الدكتور سعد الدين بالحوار. ولذلك قررنا توضيح وجهة نظرنا من بعض القضايا للناس.

  • أيّ ناس تقصد؟
  • الغربيين. ولكن لما أثار هذا اللقاء مع الغربيين ضجة غير طبيعية، واتهم الإخوان بأنهم يلتقون مع جهات أجنبية للتحالف معهم ضد مصر، اضطررنا أن نوازن الأمور وتساءلنا هل المصلحة تقتضى لقاءات أخرى مع الغرب أم نكتفى باللقاء الأول فقط؟ فقررنا الامتناع عن اللقاءات مع الغرب، واخترنا الشارع المصري. ومن يريد التعرف على وجهة نظر الإخوان فليذهب إلى بلده ويسأل الإخوان هناك ولا يأتي ليسأل الإخوان في مصر. فهناك إخوان مسلمين في أمريكا وأوربا.
  • هل ليّ أنّ اعرف ماذا تم في هذا اللقاء؟
  • كما قلت توضيح مواقف الإخوان من بعض الأمور التي كان الأوربيون يريدون التعرف عليها مثل موقفنا من الأقباط والمرآة والديمقراطية، مثل الأسئلة التي طرحتها علىّ الآن.
  • وهل اقترح عليكم الغربيون حلولاً؟
  • لا لم يقترحوا أية حلول، ونحن لا نقبل منهم اقتراحات، فكان اللقاء للرد على استفساراتهم.


الإخوان والحوار مع الغرب فيما بعد الثورة

تغير موقف الإخوان المسلمون من الحوار بعد الثورة فبعد ان كان هناك شرط ضرورى بحضور ممثل من الخارجية المصرية أثناء أى حوار أو لقاء مع مسئوليين غربيين تنافى هذا الشرط بعد سقوط النظام السابق وابدت الجماعة على لسان قياديها ترحيب الجماعة بفتح أى نوع من الحوار مع الغرب فيما يخدم المصلحة الوطنية والاسلامية.


الإخوان يرحبون بالحوار مع الحكومات الغربية دون شروط مسبقة أو وسيط

أبدت جماعة "الإخوان المسلمين" انفتاحًا للحوار مع الحكومات الغربية، دون شروط مسبقة، بعد أن أعرب وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه عن استعداد بلاده للحديث مع أي حركة إسلامية التي تنبذ العنف وتقبل بقواعد الديمقراطية، بعد أن اعترف بأن الغرب وقع ضحية لخداع الأنظمة التي قامت بتصوير تلك الحركات على أنها "الشيطان"، وهو ما يمثل موقفًا لافتًا ومؤشرًا قويًا على اعتراف الأنظمة الغربية بالإسلاميين بعد أن فشلت محاولات إقصائهم، ومحاولة من جانبها لإقامة علاقة مع تلك القوى ذات الثقل الشعبي والتي دأبت الأنظمة الحاكمة على استخدامها "فزاعة" للغرب لتكريس قبضتها على الحكم.

واعتبر الدكتور عصام العريان، عضو مكتب الإرشاد، المتحدث الإعلامي باسم جماعة "الإخوان المسلمين" فى تصريحات لجريدة (المصريون الالكترونية )أن الاعتراف بـ "الخديعة" من جانب الحكومات الغربية "شجاعة"، موضحًا أن الحكومات الغربية في حاجة إلي مقاربة جديدة تجاه المنطقة كلها، ويجب عليها أن تتبع سياسية مختلفة عن السياسيات القديمة.

وأبدى العريان في تعليق ترحيبه بدعوة الوزير الفرنسي للحوار، قائلاً إن الحوار فضيلة إنسانية، وأن الإسلام قد دعا إليه مع كل الأطراف حتي مع غير المؤمنين، وأشار إلى أن الحوار مرحب به في العالم ودون شروط مسبقة.

كما عبر الدكتور كمال الهلباوي القيادي الإخواني ، عن سعادته بما وصفه بالتراجع عن الاتهامات الباطلة والزائفة التي الصقط بالحركات الإسلامية، خاصة من فرنسا والتي كانت تتزعم الإسلاموفوبيا، وكانت مشكلاتها كثيرة في هذا المجال، واصفا تلك المبادرات بالشيء الجيد الذي يتفق مع العقل وأنها قد تنهي عهدا طويلا من المشاكل.

وأوضح أن قنوات الاتصال للحوار مفتوحة وسقفها مفتوح، ولن يشترط أن يكون من خلال وسيط وهي الخارجية المصرية كما كان في السابق، وأن الجماعة اشترطت ذلك في العهد الظالم والفاسد، أما الآن فالثقة قائمة بين الحركات الإسلامية والأحزاب السياسية والمجلس العسكري والثورة في مصر فلماذا يكون الحوار من خلال وسيط؟.

واعتبر الهلباوي أنه إذا جرى حوار لطمأنة الغرب فقط فأنه سيكون "حوارا قاصرا"، أما إذا كان الحوار للتعاون المستقبلي لإقامة الحق ومناصرة الشعوب الضعيفة والقضايا العاجلة "فهذا الذي ينبغي أن يتم التطرق إليه"، لكن إذا قام على وضع الإسلام والإسلاميين في قفص الاتهام ليدافعوا عن أنفسهم فبأس به من حوار.

انتهينا من عرض "الإخوان المسلمون ونظرتهم للغرب" وانتظرونا قريبا فى "نظرة الغرب للإخوان" –باذن الله-


للمزيد عن الإخوان والإنجليز وحرب القنال

كتب وملفات متعلقة

مقالات متعلقة

دور الإخوان في حرب القنال 1951م

الإمام حسن البنا والمحتل الإنجليزي

تابع الإمام البنا والمحتل الإنجليزي

متعلقات أخرى

وصلات فيديو

للمزيد عن جهود الإخوان تجاه فلسطين وحرب 1948م

كتب متعلقة

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة

أحداث في صور

.

تابع أحداث في صور

وصلات فيديو

أقرأ-أيضًا.png
مرشدو الإخوان والقضية الفلسطينية
الإمام حسن البنا والقضية الفلسطينية

الأستاذ محمد حامد أبو النصر والقضية الفلسطينية

الأستاذ مصطفي مشهور والقضية الفلسطينية

الأستاذ محمد المأمون الهضيبي والقضية الفلسطينية

الأستاذ محمد مهدي عاكف والقضية الفلسطينية

تابع الأستاذ محمد مهدي عاكف والقضية الفلسطينية

الدكتور محمد بديع والقضية الفلسطينية