الإخوان المسلمون ... من المعارضة إلى الدولة (الجزء الثاني)

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١١:٥٣، ٩ أكتوبر ٢٠١٢ بواسطة Ahmed s (نقاش | مساهمات) (حمى "الإخوان المسلمون ... من المعارضة إلى الدولة (الجزء الثاني)" ([edit=sysop] (غير محدد) [move=sysop] (غير محدد)))
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان المسلمون ... من المعارضة إلى الدولة (الجزء الثاني)

أسامه مرسي

ويكيبيديا الإخوان المسلمين

برلمان 2005 فكرة البديل

مع حالة "الحراك السياسي" الذي عمَّ كل مصر، وخروج مظاهرات الإصلاح عام 2005، وتعديل المادة 76 الدستور بما يسمح بانتخابات رئاسية تعددية في مصر لأول مرة، رغم فقدان التعديل لجدواه وتفريغه من مضمونه بوضع شروط تعجيزية للمرشحين للرئاسة؛

فقد ظهر الإخوان بقوة في الشارع المصري، وأعلنوا مشاركتهم في انتخابات 2005، تحت شعار "مشاركة لا مغالبة"، فلم يدفعوا بنسبة كبيرة من مرشحيهم في الانتخابات، حيث حرصوا على ترشيح 150 عضوًا فقط بنسبة ثلث أعضاء البرلمان تقريبًا، رغم أن معنى هذا أن يفسح الطريق للحزب الوطني الحاكم للحصول على أغلبية الثلثين اللازمة للسيطرة على قرارات المجلس.

وخرج مرشحو الجماعة في مسيرات انتخابية بطول وعرض البلاد يشارك فيها الآلاف وهم يهتفون بشعارات الجماعة واسمها وسط التفاف شعبي كبير أذهل المراقبين، وأثار في نفس الوقت فزع الكثيرين في الداخل والخارج.

ورغم أن عدد مرشحي جماعة الإخوان المسلمين في انتخابات 2005 بما يعادل أقل من 3% تقريبًا من إجمالي المرشحين (161 من 5400 مرشح)، فقد مثلت أخبار الجماعة ومرشحيها ونسب المقاعد المتوقع فوزها بها فاكهةَ الساحة السياسية والإعلامية المصرية بصورة غير عادية، وأصبحت مثار العديد من الجدل والشائعات والاتهامات التي أبرزها الحديث عن "تربيطات" انتخابية بينها وبين "إصلاحيين" أو "غاضبين" من الحزب الوطني الحاكم، أو اتهامها باستخدام شعارات دينية تثير الفتنة الطائفية.

ومع نفي قادة الجماعة كل هذه الشائعات والاتهامات، وتفجير الجماعة كل يوم تقريبًا لدعاية انتخابية جديدة لم تعتدها الانتخابات المصرية تزيد من شعبيتهم، ازداد الجدل حول قوة الإخوان في الانتخابات ومستقبل الجماعة السياسي بعدما أصبحت تستقطب مؤيدين جددًا من السياسيين والمثقفين المصريين لحقها في تشكيل حزب سياسي شرعي يعبر عنها، وبات الاعتراف بوجودها وحضورها البارز في الساحة السياسية أمرًا يؤكده المسئولون الحكوميون قبل المعارضين.

وقد أثار تصريح "محمد مهدي عاكف" المرشد العام للإخوان المسلمين لصحيفة الأهرام آنذاك بأن "هناك بداية تغيير أحس به كرجل تعرض للاضطهاد والظلم، وأنا الآن أشعر أن التعامل أفضل، وأدعو الله أن يستمر هذا الاتجاه"، تساؤلات حول أسباب فتح الباب أمام رموز الجماعة للحديث بحرية في الصحف الرسمية، وهو ما أثار نظرية "التنسيق الانتخابي" بين الإخوان والوطني.

بيد أنه لوحظ أنه سرعان ما اختفت تصريحات الإخوان من الصحف الرسمية وبدأت على العكس حملةَ نقد شديدة لهم واتهامات بالتسبب في فتنة بسبب شعاراتهم الانتخابية، وأكدت صحف مستقلة أن هذا جاء في أعقاب توجيهات من رئيس الوزراء المصري لرؤساء تحرير الصحف بتجاهل أخبار الإخوان في الانتخابات، وهو ما نفى فكرة التنسيق الانتخابي.

وقد أثار الموقف الرسمي والأمني الأكثر تسامحًا مع مرشحي الجماعة وعدم اعتراض مسيراتهم الانتخابية، أو اعتقال أنصارها كما كان يجري في انتخابات سابقة تساؤلات أخرى، بيد أن قادة الإخوان قالوا: إن هذا التسامح الحكومي الذي يجري الحديث عنه لا علاقة له بشائعات التنسيق الانتخابي، وإنه شيء طبيعي ومنطقي في ظل الحراك السياسي بحيث يسعى النظام إلى تجميل الصورة وتحسين الوجه، خاصة وهو مقبل على انتخابات برلمانية، وأضاف أن الدعوات الأجنبية لإجراء مزيد من الإصلاح السياسي في مصر زادت من صعوبة إقدام الحكومة على ممارسة الضغط على المعارضة قبل الانتخابات.

وتطلعت الجماعة إلى الفوز بحوالي (50-70) مقعدًا وفق تقديرات قادتها، وأشارت تقديرات أخرى لمركز الدراسات الإستراتيجية بالأهرام (أشار إليها د. عبد المنعم سعيد مدير المركز حينئذ في ندوة منتدى مصر الاقتصادية- 30 أكتوبر 2005) إلى احتمالات فوز الجماعة بقرابة 30-45 مقعدا في البرلمان باعتبار أن قوتها تعادل (15-20%) من الشارع المصري.

أما أبرز ملاحظات المراقبين على أداء الإخوان في انتخابات 2005 فكانت على النحو التالي:

  1. حرصت الجماعة على ترشيح حوالي 161 عضوًا من أنصارها فقط، أي ثلث عدد أعضاء البرلمان تقريبًا، وقالت: إنها تتوقع الفوز بحوالي (50-70) مقعدًا، في إشارة واضحة وذات مغزى لتهدئة مخاوف النظام وأنها لا تستهدف السيطرة على البرلمان أو تهديد أغلبية الحزب الوطني الحاكم (ثلثي المقاعد) اللازمة لتمرير التشريعات التي ترغب فيها الحكومة، وقد برر هذا محمد مهدي عاكف المرشد العام الجماعة بقوله لجريدة (طوكيو) اليابانية: إن "الظروف المحلية لا تسمح بذلك؛ فما زالت مصر تُحكم بعقلية استبدادية"، وقوله: إن "الإخوان يتوقعون الفوز بنحو 50 مقعدًا، والحكومة لا تحتمل أكثر من ذلك".
  2. نزلت الجماعة ولأول مرة منذ 53 عامًا بشعارها الرسمي (المصحف والسيفين)، و(الإخوان المسلمين)، و(معًا من أجل الإصلاح) بدلاً من عبارة "مرشح التيار الإسلامي" التي لجأت لها في انتخابات سابقة، وخرجت مسيرات انتخابية بطول وعرض البلاد تهتف باسم الجماعة ومرشحيها، على الرغم من أنها لا تزال "محظورة" في العرف الرسمي، واتبعت تكتيكات انتخابية متنوعة بداية من المسيرات بالآلاف والإنترنت والراديو، وحتى مسيرات الدراجات والسيارات وشرائط الكاسيت والأغاني، وهو ما دفع مرشحين آخرين لاقتناص بعض ألوان الدعاية الإخوانية.
  3. ردًا على الاتهامات المتكررة للجماعة أنها ترفع شعارات وليس لديها برامج، اهتمت الجماعة هذا العام بوضع وتوزيع برنامج انتخابي سياسي واضح يقع في 7701 كلمة يركز على "المرجعية الإسلامية والآليات الديمقراطية في الدولة المدنية الحديثة"، ويرفض فكرة "الدولة الدينية"، ويحدد هدفه في "الإصلاح" والتغيير وتطبيق شرع الله عبر "الوسائل السلمية المتاحة وعبر المؤسسات الدستورية"، وينقسم هذا البرنامج لثلاثة محاور هي: (النهضة- الإصلاح- التنمية) يندرج تحت كل محور منها برامج سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية ونسائية وإعلامية وصناعية وإستراتيجية وتربوية وصحية وغيرها بالتفصيل.
  4. حرص الإخوان على الرد على ما نُشر عن إثارتهم الفتنة أو استخدام شعارات دينية في الدعاية الانتخابية باتخاذ مواقف عملية تتلخص في إصدار بيانات توضح ما يثار من شائعات، وحقيقة دور الإخوان في "الوساطة" لإنهاء أزمة فتنة الإسكندرية، كما حرصوا في مسيراتهم خاصةً في الأحياء ذات الكثافة السكانية القبطية على ترديد شعارات صريحة تطمئن الأقباط، بهدف نفي ما يثار حول شعار الإسلام هو الحل وأن معناه استبعاد الأقباط، مثل شعار: "نصون العهد ونرعى الذمة للأقباط أبناء الأمة".
  5. تعامل الإخوان بهدوء مع الضجة التي أثيرت حول اعتبار شعار (الإسلام هو الحل) شعار انتخابي ديني مخالف، وعلى العكس سعوا لترسيخ شعار (الإخوان) بدلاً منه، بحيث يمكن القول إن الحملة ضد الشعار أفادتهم في تثبت اسم (الإخوان المسلمين) وتعريف الشارع المصري بهم؛ حيث رفعوا شعارات وهتافات تعبر عن الإخوان مباشرة في محاولة للالتفاف على الشعار الذي أصبح مرفوضًا رسميًا، ومع هذا فلم يتخلَّ الإخوان عن شعار الإسلام هو الحل.

وأكد قادة الجماعة أن هذا الشعار الذي تخوض به الجماعة الانتخابات منذ ربع قرن هو:

"شعار دستوري صدرت بشأنه أحكام قضائية من مجلس الدولة في الدورة البرلمانية عام 2000 تفيد أنه يتسق مع الدين الرسمي للدولة والدستور المصري".

وفاقت النتائج توقعات كافة المراقبين، وحصد الإخوان 88 مقعدًا أي خمس مقاعد البرلمان، في انتصارٍ تاريخي ما زال دويه يتردد هنا وهناك، وليصبحوا ثاني أكبر كتلة برلمانية بعد الحزب الوطني، رغم التدخلات الأمنية التي لجأ إليها النظام في المرحلتين الثانية والثالثة من الانتخابات لوقف تقدم الإخوان والحيلولة دون حصد مقاعد أخري، تمكنهم مع بقية أحزاب المعارضة من الوصول إلى نسبة الثلث التي يحق لها عرقلة أية قوانين أو قرارات تسعى الحكومة لتمريرها.

وارتكب الحزب الحاكم جريمةً بشعة في حق المصريين خلال هاتين الجولتين؛ حيث قُتل وأصيب العشرات على يد جيوش البلطجية التي استعان بها لإرهاب الناخبين، واستهدف رصاص قوات الأمن أعينَ المواطنين مما أفقد العديد نعمة البصر!!

واضطر الناخبون في مشهدٍ جذب أنظار العالم إلى استخدام السلالم الخشبية للوصول إلى اللجان الانتخابية بعدما قامت الأجهزة الأمنية بتقفيل اللجان؛ للحيلولة دون وصول أنصار مرشحي الإخوان إلى صناديق الاقتراع؛

فضلاً عن ضغوط مكثفة مورست من جهات عليا على رؤساء اللجان لإعلان نتائج مخالفة لأرقام الفرز، وهو ما أطاح بالكثير من مرشحي الإخوان كان أبرزهم رئيس الكتلة البرلمانية عام 2000 الدكتور محمد مرسي، وأيضًا مرشح دمياط المهندس صابر عبد الصادق، والدكتور جمال حشمت، والدكتورة مكارم الديري والشيخ حازم أبو إسماعيل، وغيرهم من رموز الإخوان.

واعتبر المراقبون فوز الجماعة بهذا العدد الكبير من المقاعد لأول مرة والذي يفوق العدد الذي فازوا به في انتخابات 1987 (38 مقعدًا)، تصاعدًا في نفوذ وقوة الجماعة يستتبع ضرورة تغيير نمط التعامل الرسمي معهم والاعتراف بوجودهم والسعي لخلق نمط أو شكل سياسي معين لاستيعابهم في المنظومة السياسية سواء من خلال حزب رسمي مدني أو أشكال أخرى.

و توقع الخبراء أن ينعكس هذا على المستقبل السياسي للجماعة وعلى نمط التعامل الرسمي معها سواء بنقل ملف التعامل معها من القوى الأمنية للفعاليات السياسية أو بترسيخ وجودها وقوتها السياسية كثاني أكبر تيار سياسي في مصر بعد الحزب الوطني.

وقالوا إن أبرز دلالة لفوز الإخوان على الساحة السياسة المصرية:

  • أن القوى غير الحزبية وغير المعترف بها رسميًا هي الأكثر تأثيرًا وشعبية في الشارع المصري.
  • أن فوز الإخوان بهذه النسبة من المقاعد دليل على اتساع قاعدة المعارضة للأحزاب الموجودة على الساحة عمومًا، وعدم القناعة بالتغيير الذي أحدثه الحزب الوطني على نفسه أو الوعود التي أطلقها لتحسين أحوال معيشة الشعب.
  • أن الإخوان باتوا لاعبًا رئيسيًا رسميًا على الساحة السياسية يؤخذ في اعتبار الحكومة والمعارضة معًا، وهذا يحتم إدخالهم المعادلة السياسية وعدم إقصائهم.

أبرز مساجلات النظام "الاعتراض على شعار الإسلام هو الحل" :

من الأسلحة التي استخدمها النظام للحد من مد الجماعة على مدى البرلمانات سالفة الذكر القول بأن شعار الإسلام هو الحل يكرس للطائفية ويهدر المساواة ويؤثر على الأصوات باستخدام الدين إلا أن الجماعة لم تتوان عن الدفاع عن شعارها مرارا وتكرارا بالأساليب القانونية والقضائية
نورد منها:
حصل الشعار في أكتوبر عام 2000م على حكم حاسم؛ حيث قضت محكمة القضاء الإداري (الدائرة الأولى، أفراد) برئاسة المستشار رأفت السيد يوسف، بتمكين مرشح الإخوان المرحوم حسين علي الدرج بدائرة قسم أول شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية من نشر دعايته ولافتاته بالشعارين "الإسلام هو الحل" و"معًا لنصلح الدنيا بالدين".
وجاء في حيثيات المحكمة أن قرار وزارة الداخلية جاء مخالفًا للقانون؛ حيث إن حق الترشح حق دستوري ويتطلب قيام المرشح بدعايته الإنتخابية ونشر برنامجه والذي رشَّح نفسه على أساسها، وارتأت المحكمة أنه لم يخالف القانون أو أطر المبادئ العامة؛
وأن المرشح التزم الصواب في دعايته والتزم المبادئ الثابتة التي يقوم عليها نظام الحكم من عدم الكراهية أو الازدراء أو منهاضة انتماء مصر، وبالتالي على الجهة الإدارية أن تمتنع عن التعرض له ومنعه من القيام بدعايته؛ لأن شعاره يدعو لتطبيق الشريعة الإسلامية ويتوافق مع المادة 2 من الدستور، ولا يتضمن العنف أو الفتنة.
كما حصل ناصر الحافي عضو مجلس نقابة المحامين الأسبق ومرشح الإخوان بدائرة مركز القناطر الخيرية على ذات الحكم في شهر ديسمبر عام 2000م.
وفي 25 أكتوبر عام 2007م حصل المواطن سامح السيد على حكم قضائي من محكمة جنح مركز إمبابة ببراءته من التهم المنسوبة باستخدامه شعارات دينية في الدعاية الانتخابية في انتخابات مجلس الشوري.
وأكدت المحكمة في حيثيات حكمها أن مصر منذ بزوغ فجر الإسلام عليها على يد الفاتح عمرو بن العاص قد تعايش شعبها بكل طوائفه الدينية في محبة وسلام وود وأخوَّة في وطن واحد وتحت مظلة دين الإسلام والتسامح، منذ ذاك الزمان وحتى يومنا هذا والشعب كله يسمع الآذان 5 مرات في اليوم والليلة، ويدرسون الشريعة الغراء والقرآن الكريم في كلياتها، لا فرق بين مسلم وغير مسلم، وهو ما أكده الدستور المصري في مادته الثانية، وحيث إن مضمون عبارة الإسلام هو الحل إنما هو ترديد وجيز لمضمون الرسالة المحمدية التي جاء بها كتاب الله، فضلاً عن أن الشعار ما مس يومًا وحدة الوطن؛ الأمر الذي معه لم يتوافر للمحكمة أركان الجريمة فقضت ببراءة المتهم.
وفي عام 2007م حصل وائل حفناوي صوابي على حكم لصالحه من محكمة كرداسة برئاسة المستشار أحمد صلاح بتمكينه من استخدام الملصقات التي تحمل شعار حملته الانتخابية "الإسلام هو الحل"، وأوضحت في حيثياتها أنَّه لما كان الشعار محل الاتهام يدعو لتطبيق الشريعة الإسلامية ويما يتفق مع صحيح القانون والدستور، فضلاَ عن المنحى الذي يتخذه من لغة خطاب موجهة لكل المذاهب والطوائف دون تفرقة بين حريات العقيدة والرأي أو تهديد للوحدة الوطنية فلم ترَ المحكمة بدًّا من براءة المتهم.
وفي 30 أكتوبر 2007م حصل محمود عباس محمود على حكم قضائي لصالح من محكمة جنح مركز كرداسة برئاسة المستشار أشرف الجميل ببراءته أيضًا لتعليقه ملصقًا يحمل شعارًا دينيًّا، وهو "الإسلام هو الحل"، وأوضحت في أسباب حكمها أن ما قام به من فعل مادي يكون خارج نطاق التجريم؛
حيث إن الفعل الذي أتاه لا يهدد الوحدة الوطنية أو يسيء لأية شعارات دينية أخرى، فلا يجوز التوسع في تفسير نصوص المادة 24 من القانون 120 لسنة 1980م بشأن مجلس الشوري والمعدل بالقانون رقم 10 لسنة 1989م، والمادة 11/2 من قانون مجلس الشعب رقم 38 لسنة 1972 والمعدل بالقانون 175 لسنة 2005م؛
لكون ذلك يصطدم مع مبادئ دستورية تكفل حرية العقيدة وحرية التعبير ويعد مساسًا بالحرية الشخصية؛ الأمر الذي ترى معه المحكمة انتفاء ركن تحقق الجريمة.
وفي 3 يناير 2008م حصل محمد شحاتة عبد الرازق عمر على حكم قضائي من محكمة جنح مركز كرداسة، برئاسة المستشار خالد ياسين، ببراءته من تهمة لصق ملصقات دعائية دينية تخالف الدستور والقانون.
وأكد محمد غريب، المحامي بالنقض، أن هذه أحكام تثبت بالدليل القاطع أن شعار "الإسلام هو الحل" هو شعار دستوري لا غبار عليه ولا يخالف مبدأ المواطنة أو يهدد الأمن العام أو الوحدة الوطنية كما لا يزدري الأديان الأخرى.
وأن الشعار اتفق مع كل من المادة 2 و46 و47 من الدستور "دستور 71".
فالأولى تنص على أن:
"الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع"
والثانية تنص على أن:
"تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية".
والثالثة تنص على:
"حرية الرأى مكفولة، ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير في حدود القانون، والنقد الذاتي والنقد البنَّاء ضمان لسلامة البناء الوطني".

برلمان 2010 ورقة التوت الأخيرة

علي طول تاريخها تعرضت جماعة الإخوان المسلمين لكثير من الانتقادات بسبب العمل السياسي ، وتحدث الكثير من المثقفين عن خلط الجماعة بين الدعوي والسياسي وأصبحت مشكلة تؤرق الباحثين والدارسين لتاريخ الجماعة وأدبياتها ، واتهم آخرون نوايا الجماعة وأنها لا تمتلك رؤية واضحة للعمل السياسي ، وأنها تهدف لدولة دينية بحتة لا تعترف بالأحزاب ولا تملك برنامجا ، أي أنها دخلت مجال العمل السياسي بالخطأ وأساءت إليه؛

وأشار آخرون إلي أن الجماعة تكوين بشري يتحرك بعاطفته الدينية ولا يفقه كثيرا في العملية السياسية ، وكان هناك منصفون أثبتوا للإخوان حقهم التاريخي في العمل السياسي والمجتمعي وفندوا تلك الاتهامات وردوها علي أصحابها ، وأكدوا علي ان دور الإخوان في عملية الإصلاح نابع من شمولية الرسالة التي يحملونها والتي لا تفرق بين الدعوي والسياسي.

في هذا التحليل نبحث نموذج حي لأداء الإخوان المسلمين في العملية السياسية والذي أثبت أن الإخوان لديهم من الكوادر والبرامج ما يتيح لهم قيادة وريادة لم ولن يصل إليها غيرهم ، ويتمثل هذا النموذج في "الانتخابات البرلمانية الاخيرة " ، تلك الانتخابات التي سبقها جدل واسع من حيث المقاطعة والمشاركة ، وخرجت دعاوي كثيرة تطالب الإخوان بمقاطعة الانتخابات لانها بمشاركتها تضفي شرعية علي النظام ، ما بين هذه الدعاوي وغيرها كان للإخوان رؤية أخري مرسومة المعالم محددة الأهداف.

ما قبل سباق الانتخابات

في الفترة السابقة للانتخابات البرلمانية المصرية كان هناك محاولات إقصاء واضحة وتحجيم للتواجد الإخواني ، وعمل النظام الحاكم بكافة الوسائل علي تشويه صورة الإخوان لدي الجماهير ، وقامت الاداة الإعلامية بتفعيل حملة شرسة ضد الإخوان كان اهم أبطالها مسلسل الجماعة والكثير من البرامج الحوارية والتحقيقات والمقالات الصحفية في الصحف القومية والمحسوبة علي النظام ، واستغل رجال النظام منابر مختلفة للهجوم علي الإخوان ، وبدأت عمليات قمع واسعة قبيل الانتخابات وصلت لاعتقال المئات من الإخوان من مختلف محافظات مصر.

ومن اتجاه آخر كانت الجماعة علي استعداد لموجة الإقصاء بتفاعل أكثر مع الشارع ووجودها بين الجماهير وشعبيتها الواسعة وتجربتها الإصلاحية في البرلمان السابق لـ 88 من أعضائها ، استطاعوا أن يوجدوا لأنفسهم ولجماعتهم مكانا في قلوب الناس بانجازاتهم وخدماتهم ، وكانت الظروف رغم صعوبتها تخدم جماعة الإخوان المسلمين من كل اتجاه وتصب في رصيدها لدي الشارع؛

فمع توالي كوارث رجال النظام الحاكم وفسادهم وانتشار فضائحهم ، ومع الوعود الزائفة من حكومات الحزب الوطني المتعاقبة ، وانتشار تقارير الفساد وتأخر ترتيب مصر عالميا في كافة مؤشرات التنمية وتصدرها مؤشرات الفساد والبطالة والفقر والمرض .. كل ذلك دفع الجماهير للبحث عن بديل لحكومة الكوارث والحزب الوطني.

وسط كل هذا الصراع أحداي الجانب من النظام تجاه الإخوان ، كانت الأحزاب الأخري مترددة بشأن المشاركة أو المقاطعة ومع دعوة د.محمد البرادعي للمقاطعة زادت تلك البلبلة ، وأصبحت المشاركة والمقاطعة خيارين رئيسيين للقوي السياسية العاملة علي الساحة.

الانتخابات البرلمانية وقمة العمل السياسي

طالب الكثير من المثقفين جماعة الإخوان وحزب الوفد مقاطعة الانتخابات كأكبر فصيلين سياسيين علي الساحة ، وانتشرت اتهامات كثيرة للإخوان بأنهم يركبون الموجة وأنهم يتيحون فرصة للنظام لإضفاء الشرعية مقابل صفقة ببعض مقاعد المجلس ، ولكن الإخوان لم يعبأوا كثيرا بتلك الاتهامات ، وكانت ضربة الانسحاب والمقاطعة من جولة الإعادة صدمة للكثيرين علي رأسهم النظام الحاكم بالطبع ومن اتهم الجماعة بعقد صفقات مع النظام ومن خرج عليها.

أثبت الإخوان انهم قادورن علي إدارة دفة عملية سياسية حقيقية وناجحة ولها نتائجها التي تقلب الموازين وتغير دفة الامور وتشتت حسابات القوي المختلفة ، استطاع الإخوان أن يضعوا أنفسهم علي قمة العمل السياسي بتلك الخطوات المحسوبة ، والتي كانت لها تداعياتها وستكون لها آثارها فيما بعد ، أصبح هناك اقتناع تام بأن القوي السياسية بغير الإخوان ليس لها وزن ، وأن الجماعة ليست بالخفة التي توقعها الكثيرون.

بين المشاركة والمقاطعة

اختلفت القوي السياسية في اتخاذ قرار واحد وحاسم في المفاضلة بين المشاركة والمقاطعة ، قوي قاطعت واخر شاركت وكل منهما كان له أسبابه التي اقتنع بها وبرر بها موقفه وكلاهما مصيب لأن الهدف واحد وهو مصلحة الوطن "مصر" ، وكان الإخوان من القوي التي أخذت بمبدأ المشاركة ، وأعدت نفسها ودفعت بعدد تصل نسبته إلي 30% من إجمالي المقاعد بين 130 و140 مقعد لإتاحة الفرصة للقوي السياسية الأخري للمشاركة.

هل استفاد الإخوان من المشاركة من الانتخابات؟، وما جدوي المقاطعة في جولة الإعادة؟، ولماذا لم يقاطع الإخوان العملية كلها منذ البداية؟، وماذا خسر الإخوان من المشاركة؟ ، وبماذا خرجت مصر من العملية الانتخابية؟ ، وما واقع المجلس الجديد علي الحياة السياسية؟.

أثبت الإخوان انهم قادورن علي إدارة دفة عملية سياسية حقيقية وناجحة ولها نتائجها التي تقلب الموازين وتغير دفة الامور وتشتت حسابات القوي المختلفة، استطاع الإخوان أن يضعوا أنفسهم علي قمة العمل السياسي بتلك الخطوات المحسوبة، والتي كانت لها تداعياتها وستكون لها آثارها فيما بعد، أصبح هناك اقتناع تام بأن القوي السياسية بغير الإخوان ليس لها وزن، وأن الجماعة ليست بالخفة التي توقعها الكثيرون.

مكاسب الإخوان من المشاركة في العملية الانتخابية

استطاع الإخوان المسلمون تحقيق الكثير من المكاسب في الانتخابات الاخيرة، و حققت الانتخابات كافة الاهداف التي سعي الإخوان لها منذ البداية؛

فمشاركة الإخوان كانت محسوبة لأسباب معينة منها:

  1. وقوف ضد رغبة النظام الحاكم فى إخراج المعارضة الحقيقية من الساحة السياسية لصالح معارضة مصطنعة ضعيفة ومستأنسة ومكونة من أحزاب ورقية ضعيفة تشارك من أجل مقاعد بسيطة مثل التجمع.
  2. فضح النظام وتعريته أكثر ونزع عمليات النزاهة والديمقراطية التي كان يدعيها، وان الانتخابات نزيهة وتأتي بنتيجة شفافة ونزيهة وليست كما تدعي المعارضة.
  3. ان إصلاح النظام السياسى القائم وإمكانية تغييره تعتمد أساسا على تكوين قاعدة جماهيرية مطالبة بالإصلاح ومستعدة للتضحية ومستعدة لدفع تكاليف المطالبة لذا فان المشاركة تهدف أساساً إلى تحريك الجماهير لممارسة قوتها الضاغطة تدريجياً على النظام .
  4. ان النزول للشارع وحشد الجماهير للدفاع عن حقوقها يشكل عاملاً مهماً فى الحفاظ على روحها وطاقاتها حية فى مواجهة حالة اليأس والإحباط التى يراد لها السقوط فيها.
  5. أن الإخوان نجحوا بعد سنوات طويلة في تحريك الشارع وأصبحت هناك عملية ايجابية جيدة، واصبحت حركات الاحتجاج المختلفة في كافة المؤسسات شئ طبيعي وايجابي بشكل لم يعتده الشارع في السابق.

وعلي المستوي الداخلي:

  1. استطاع الإخوان إعادة هيكلة الصف الإخواني كما يحدث في كل انتخابات بحيث تكون هناك حالة من النشاط الموزون والعالي داخل الصف، الجميع يوظف ويجد له مكاناً للعمل ومتسع الحركة وتوظيف إمكانياته وقدراته.
  2. اكتشاف المواهب الجديدة في مختلف المجالات خاصة في مجالات الإدارة والإعلام والسياسة وغيرها، وتأهيلها وتوظيفها فيما بعد، وإكساب الصف مهارات إدارية جديدة.
  3. تأهيل قيادات جديدة للعمل المؤسسي داخل الصف، وتأهيل رموز للعمل السياسي والعام والمجتمعي.
  4. الاحتكاك بالشارع والجماهير، وشرح رسالة الإخوان وفكرتهم والتواصل معهم.
  5. إكساب صف الإخوان و جمهور المواطنين مهارة الدفاع عن الحقوق ونزع رهبة الامن والتعامل مع النظام.

وفي سياق متصل أدي الإخوان آداءً متميزا أثناء المشاركة وفضحوا النظام، وكشفوا عمليات التزوير الفجة التي اعترت عمليات الاقتراع في مختلف محافظات الجمهورية.

المقاطعة والصدمة

ثم كانت الصدمة الكبري التي تلقاها النظام في مفاجأة من العيار الثقيل أصابت توازن النظام وافقدته القدرة علي التركيز خاصة قياداته التي رسمت عمليات التزوير وتقفيل الانتخابات، والامر الواضح من خلال الجولة الاولي للانتخابات أن القيادة التي أجرت الصفقات المختلفة مع الأحزاب لم تكن هي التي ادارت العملية الانتخابية، فبعد تحدث خبراء عن صفقة بين النظام والوفد يخرج بها الوفد بـ 30 إلي 50 مقعد ليقود الاغلبية للمعارضة في البرلمان الجديد مع عدد بسيط من المقاعد للاحزاب الاخري، إلا ان قيادة الحزب الوطني التي أدارت العملية الانتخابية لم تهتم كثيراً بالصفقة فخرج الوفد والناصري من الجولة الثانية بعد مهزلة واسعة فقد فيها الوفد الصفقة مع الحزب الوطني.

وبالتالي كانت ضربة موجعة للنظام الذي فقد جبهة معارضة قوية كان الوفد قادراً علي قيادة معارضة تجمل وجه النظام أمام العالم، لكن فجاجة التزوير وعدم احترام العهود أدي وتخبط الإدارات داخل النظام ورجالاته كل ذلك أدى لفقد تلك المعارضة لصالح بعض المعارضين الذين ظهرت صورتهم في انتخابات رئاسة المجلس حيث فاز أحمد سرور بكل الاصوات عدا صوت منافسه أي ان المعارضة نفسها اختارت مرشح الوطني وفضلته علي مرشحها !!

أثبت الإخوان أنهم قادرون علي إدارة العملية السياسية بقرارهم المشاركة في الانتخابات إبتداءً وأثبتوا قدرتهم ومهارتهم بمقاطعتهم لجولة الإعادة إنتهاءً، المقاطعة التي أربكت حسابات النظام وحاول ضرب الإخوان في أحد مرشحيه واختطافه وادعاء اختطاف الإخوان له، ومن ناحية أخري التخلص من جبهة المعارضة داخل الحزب الوطني والمتمثلة في د.حمدي السيد.

من هنا فإن الإخوان قدا أصابوا في المشاركة ثم المقاطعة، وأكد الذين طالبوا الإخوان بالمقاطعة منذ البداية أن الإخوان لديهم رؤية واسعة ولديهم قدرة علي التفاعل والتواصل مع الجماهير وإحراز تقدم في نفوس الناس وتكوين رصيد شعبي حقيقي عميق، وفي نفس الوقت ظهرت أخاديع وكذبات الحزب الوطني وقياداته.